وضع داكن
18-04-2024
Logo
حياة المسلم 2 - إذاعة حياة إف إم - مدارج السالكين : الحلقة 18 : حسن النية
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

 السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، حياكم الله مستمعينا الكرام على الهواء مباشرة في حلقة جديدة، ومجلس علم وإيمان، مع فضيلة العلّامة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، حياكم الله شيخنا وأستاذنا.
الدكتور راتب :
 بارك الله بكم، ونفع بكم، وأعلى قدركم.
المذيع:
 أمد الله بعمركم، ونفعنا بعلمكم شيخنا الحبيب، أهلاً وسهلاً بفضيلتكم، حديثنا مستمعينا الكرام اليوم تحت عنوان:" حسن النوايا " هذه الحلقة نتحدث فيها عن النوايا الطيبة، وإن رافقتها سوء الأعمال فأيهما يغلب على الآخر؟ نبدأ حلقتنا بقول الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم:

(( إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى))

[ متفق عليه عن عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ]

 شيخنا الحبيب حديثنا عن حسن النوايا هل لنا أن نوضح هذا المصطلح وهذا المفهوم لمستمعينا الكرام ما هي النية الحسنة؟

النية الحسنة :

الدكتور راتب :
 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
 العمل يقيم بالنية أولا
النبي عليه الصلاة والسلام في حديث متواتر جامع مانع يقول:

(( إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ))

[ متفق عليه عن عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ]

 إنما أداة قصر وحصر، أي العمل يقيّم فقط بالنية أولاً، بمعنى: لو أنك تعلم أن هذا الطعام يضر هذا الإنسان، وقدمته له ضيافة، مع ابتسامة، وترحيب، وتكريم، النية أن يكون أثر هذا الطعام عليه سلبياً، تحاسب حساباً سلبياً، ولو أنك لم تنتبه وقدمت له شيئاً يضره وأنت لا تعلم، شراب معين مثلاً يضر صحته، أردت إكرامه فقط، تثاب على هذا العمل، فإنما - أداة قصر وحصر- الأعمال بالنيات، العمل يقيّم بنيته أولاً.
 لكن ثانياً: لابد أن يكون العمل خالصاً وصواباً، خالصاً ما ابتغي به وجه الله، وصواباً ما وافق السنة.
 لكن لابد من التنويه لأخوتنا المستمعين، والمشاهدين، أن علة وجود الإنسان الوحيدة في الدنيا هي العمل الصالح، وما سمي العمل صالحاً إلا لأنه يصلح للعرض على الله، ومتى يصلح؟ إذا كان خالصاً وصواباً، خالصاً ما ابتغي به وجه الله، وخالصاً ما وافق السنة.
 إذاً في هذا اللقاء الطيب ينبغي أن يعلم الأخوة المستمعون والمشاهدون أن العمل يحتاج إلى شقين أو إلى جناحين: جناح النية، وجناح الصواب، النوايا طيبة، ويبتغي به الإنسان وجه الله.

﴿ قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ * اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْراً ﴾

[ سورة الطلاق : 20-21]

 يبتغي بهذا العمل وجه الله وحده، ولا يطلب عليه أجراً، ولا مديحاً، ولا ثناءً، ولا تصفيقاً، ولا إشارة، ولا تنويهاً، وهو في الأصل وفق السنة، لا يوجد عمل منكر له غلاف إسلامي.
المذيع:
 إذاً حسن النية سيتوافق مع حسن العمل أن يكون خالصاً وصواباً.
الدكتور راتب :
 جناح، وصواب العمل جناح ثان، خالصاً، وصواباً.
المذيع:
 السؤال الجوهري شيخنا الكريم: هل تشفع حسن النوايا للقيام بالأعمال المرفوضة؟

حسن النوايا لا تشفع للقيام بالأعمال المرفوضة :

الدكتور راتب :
 لا، أبداً، لابد من توافق شرطين، هذا يسمى عند المناطقة شرط لازم غير كافٍ، شرط لازم حسب النية، غير كافٍ يحتاج إلى صواب، خالصاً النية، صواباً السلوك، والعمل ينطلق من القلب.
المذيع:
 أضرب لفضيلتكم مثالاً: لو أن دكتوراً استحدث قصة من عقله، لا وجود لها على أرض الواقع، وقدمها للناس، ولم يقل إنها قصة رمزية، ادعى أنها حقيقة، وأوهم الناس أنها حقيقة، لكنه يحاسب على النية، يشجع الناس على الخير، على أبواب العلم، هل هذا مقبول؟
الدكتور راتب :
 يوجد خطأ، لو اكتشف الناس أن القصة لا أصل لها، ضعف مركزه، ضعفت مصداقيته، لكن إذا قال: ورد، بين أن يتحقق، هناك كلمات مقبولة، ورد في الأثر، هذه لا يوجد بها مسؤولية.
المذيع:
 أما إذا كانت شيخنا يعرف مئة بالمئة أنها غير مثبتة هنا تصبح كذباً.
الدكتور راتب :
 كثير من الكلمات تضعف الرواية، لا تجعلها حديثاً صحيحاً، يوجد أحاديث ضعيفة، مثلاً:

((أحِبُّوا الله لما يَغْذوكم من نعمه، وأحِبُّوني لحُبِّ الله، وأحِبُّوا أهلَ بيتي لحُبِّي))

[الترمذي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما]

 هذا الحديث لا يوجد به شيء، لا يوجد به حكم شرعي، لا يوجد به نقض لحكم شرعي، لا يوجد به إحداث لحكم شرعي، إنما هو دعوة إلى محبة بعضنا بعضاً، وأن نحب الله لنعمه، لكن الأصل أن تقول: ورد في الأثر، يروى، كلمات موهمة تضعف مصداقية النص.
المذيع:
 من يحدث شيخنا في الدين نصاً، بعض الأشخاص يأتون بعبرات من عندهم، أو عبارات دارجة، ويقول لك: النبي عليه الصلاة والسلام قال كذا، عندما تراجعه بها، يقول لك: نحن تكلمنا من باب الخير، لا يعرف هل هذا حديث أم لا.
الدكتور راتب :
 هذه معصية كبيرة سيدي.

(( من روى عني حديثاً يروى أنه كذب فقد باء بأحدهما))

 روى حديثاً، علماء الحديث قالوا: هذا كذب، حديث ولو كان بالأخلاق، لا يجوز أبداً، قال النبي، يجب أن يكون كلامك موثقاً.
المذيع:
 حسن النية هنا لا يشفع أبداً.
الدكتور راتب :
 لابد من جناحين.
المذيع:
 نربط هذا الكلام شيخنا بحديث النبي عليه الصلاة والسلام:

((مَنْ تَقَوَّلَ عليَّ ما لم أقُلْ فليتبؤأ مقْعدَه من النَّار))

[البخاري عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه]

 لهذه الدرجة دكتور الأمر خطير؟

الدين توقيفي :

الدكتور راتب :
 لأن هذا الدين توقيفي، عندما تفتحه تدخل الفرق الضالة، إذا فتحنا هذا الباب على مصراعيه، دخلت فرق ضالة لا يعرفها إلا الله، هي ضالة مضللة، ما لم نتأكد من التوثيق.
 بالمناسبة الأمة الإسلامية الأمة الوحيدة في العالم تملك موضوع الرواية، لا يوجد علم ظهر، ونما، وتوثق، وأصبح مرجعاً كبيراً كعلم الرواية في إسلامنا.
المذيع:
 الدين الإسلامي توقيفي
جمع الأحاديث، ألا وهو علم التجريح والتعديل، علم الأحاديث النبوية الشريفة، إذاً حسن النوايا التي تكون موجودة لدى البعض أن تختلق حديثاً أو قصة هذا شيء مرفوض، المطلوب أن يتوثق، وأن يعود إلى النصوص الصحيحة، إذا أراد أن يقول كلمة خير فليقلها لكن لا ينسبها لحديث، ولا لشيء.
الدكتور راتب :
 إنسان عمل قصة من عنده، لكن هي لطيفة فليحكها.
المذيع:
 يقول: من عندي، لكن لا يدعي أنها واقع ويضع لها عاماً وأسماء، هنا دخل في إطار الكذب، حتى لو كانت نيته طيبة.
 شيخنا الكريم، بعض الأشخاص الذين يقتصر دورهم في هذه الحياة أن يكون ناسخاً أو ناقلاً، دوره فقط أن يعيد إرسال ما وصل له، يأتي خبر شيخنا أن الموز يفيد في فيتامين كذا يقوم بإعادة نشره، لا يتوثق منه، ما رأي فضيلتك؟

ضرورة التوثق من الخبر قبل نشره و إشاعته :

الدكتور راتب :
 والله أنا أقيس شيئاً على شيء، يؤجر في الوليمة صاحب البيت لأنه هو من دفع الثمن، والأهل طبخوا، والأولاد خدموا، والضيوف حضروا، معنى هذا هناك أعمال صالحة يشترك في أجرها عدد كبير، إذا شخص كان له طرف من هذا العمل، نقل، والنقل صحيح، والفكرة صحيحة.
المذيع:
 شيخنا أن نساهم في نقل الخير متفقين على ذلك، لكن إذا لم يتوثق، حضرتك قلت: دقق، أو وثق، إذا لم يتوثق.
الدكتور راتب :
 الآخر لا يجوز أن ينقل له، أعان على نقل الباطل.
المذيع:
 لكن أنا إذا كنت لا أعرف هل هذا النص صواب أم لا حتى لو كان غير شرعي، مرات شيء طبي دكتور، يوهمون الناس أن هذا الحل السحري لمرض كذا فالناس تستخدمه.
الدكتور راتب :
 والله يوجد خبر، ومعلومات دقيقة جداً، أحياناً يروجون للعالم الثالث أدوية ممنوعة ببلدهم.
 أنا مرة كنت بالشام، سافرت لألمانيا، طبيب عزيز عليّ طلب مني دواء من ألمانيا، دخلت لأول صيدلية، قال: لا يوجد عندنا، بألمانيا لا يوجد من هذا الدواء؟ لم أستوعب ذلك، الصيدلية الثانية لا يوجد أيضاً، والثالثة لا يوجد، أنا استغربت يبدو أن صاحب الصيدلية يتكلم اللغة العربية، أخذني إلى خارج المكتب، فتح الكمبيوتر وفتح اسم الدواء،

((غير موجود))

 هذا خاص للشرق الأوسط، هم عندهم أشياء محرمة، لكن يبيعوننا إياها.
 والله أذكر مرة كنت بديترويت- وهذه كلمة مؤلمة جداً أتكلم عنها- يوجد معمل أدوية كبير جداً لا أسميه، طبخة كلفت الملايين، فسدت، جاء من همس في أذن مدير المعمل أن تصدر للشرق الأوسط، وصُدرت، هم منضبطون بالقوانين فقط.
 عندنا بالإسلام شيء أعمق من هذا، مضبوط من الخوف من الله، عندك رادع، و عندك وازع، الوازع عند المسلمين عال جداً، عند غيرهم ضعيف جداً، يوجد رادع، رادع قوي جداً، لكنه لا يطهر النفس.
المذيع:
 جميل، شيخنا الكريم، نواصل حديثنا عن حسن النوايا، وسنبقى في هذه القضية دكتور لمن يكون دوره دائماً بإعادة نشر ما يوصله دون أن يتثبت إن كان شيئاً علمياً، أو شيئاً سياسياً.
الدكتور راتب :
 هذا خطأ كبير جداً.
المذيع:
 خاصة شيخنا الكريم الإشاعة التي قيلت عن فضيلتكم بأنه ربنا سبحانه وتعالى كتب لحضرتكم الوفاة قبل أيام، هذا الخبر كم وصلكم دكتور.
الدكتور راتب :
 خمس مرات، عشر مرات، له دخل كبير بالفيس بوك، له دخل كبير.
المذيع:
 نسأل بصراحة وفي هذا الموضوع مع فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي مباشرة.
 حديثنا اليوم عن حسن النوايا نواصل النقاش فيه، أبدأ بالإشاعة التي أطلقت على فضيلتكم أن ربنا سبحانه وتعالى قدر على الدكتور محمد راتب النابلسي الوفاة، شيخنا نفسياً كيف تلقيت هذه الإشاعة المغرضة؟

التفكر بالموت جزء من الدين :

الدكتور راتب :
 والله أنا أتلقاها أن يا رب الحمد لك على نعمة البقاء في الحياة، البقاء في عمل صالح، البقاء في كسب، البقاء في خدمة للناس، البقاء في نمو للأعمال الصالحة، ونعمة البقاء نعمة كبيرة، والموت حق. كل مخلوق يموت، ولا يبقى إلا ذو العزة والجبروت:

والليل مهما طال فلا بد من طلوع الفجر  والعمر مهما طال فلا بد من نزول القبر
***

 و:

كل ابــن أنثى وإن طالت سلامــته  يـــوماً على آلة حدبـــاء محمول
فإذا حمــــلت إلى القبور جنـــــــــازة  فاعــــلم بأنــــك بعدهـــــــا محمول
***

 الموت حق
كنت مرة بالمغرب، مشيت بمدينة فاس، بشارع تراثي قديم، لقيت محلاً تجارياً مكتوباً عليه أربع كلمات، صلّ قبل أن يُصلى عليك، أحدنا يدخل إلى بيته قائماً، عامودياً مدة ست و ثمانين سنة، لكن يوجد مرة سيخرج أفقياً، بطولتك، وذكاؤك، وعقلك، ونجاحك، وتوفيقك، أن تعد لهذه الساعة.

(( عبدي رجعوا وتركوك، وفي التراب دفنوك، ولو بقوا معك ما نفعوك، ولم يبقَ لك إلا أنا، وأنا الحي الذي لا يموت ))

 بل أنا أتمنى على كل مستمع أن يفكر كل يوم صباحاً أنه توفي، وأن أجله غداً ماذا يفعل؟ ألا يعد العدة؟ من استقامة، من ترك دخل حرام، من لقاء لا يرضي الله، من رحلة لا ترضي الله، من كسب غير مشروع، يتصور حاله أنه يموت.
 أحد الصالحين في الشام عنده بيت كبير، له حديقة كبيرة، حفر قبراً، كان يجلس كل خميس يتلو قوله تعالى:

﴿ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً ﴾

[ سورة المؤمنين:99 - 100]

 يخاطب نفسه: قد أرجعناكِ، التفكر بالموت جزء من الدين، هذا التفكر يعمل صدمة، يعمل مكابح، السيارة لماذا صنعت في الأصل؟ للسير، لماذا يوجد بها مكبح؟ هذا المكبح مهم جداً لسلامتها، إذا أنت تمشي بمكان مكتوب: ممنوع التجاوز موجود حقل ألغام، بربك هل تعد هذه اللوحة حداً لحريتك أم ضماناً لسلامتك؟ في اللحظة التي نفهم فيها أحكام الدين أنها ضمان لسلامتنا لا حدّ لحريتنا، نكون فقهاء.
المذيع:
 الله يفتح عليكم دكتور، الموت حق شيخنا يقيناً، لكن الإنسان أحياناً ينزعج إذا هنالك افتراء، و إطلاق لشائعات غير صحيحة، ماذا تقول شيخنا للأشخاص الذين أطلقوا هذه الإشاعات وتعمدوا ترويجها؟

من ينشر الإشاعات ويفتريها هو آثم لا محالة :

الدكتور راتب :
 والله إن كان الإنسان يعلم أنها غير صحيحة فهو آثم، وأحياناً يكون إثمه من عدم التحقق.

﴿ إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا ﴾

[ سورة الحجرات: 6]

المذيع:
 أي إذا جاءتني رسالة من صديق أو قريب لا أنشرها.
الدكتور راتب :
 لا أنقلها أبداً.
المذيع:
 حتى أتأكد، هذا شيخنا الرسائل الدينية أم كل الرسائل؟
الدكتور راتب :
 مطلقة، عندنا قاعدة شرعية، المطلق على إطلاقه، المطلق لا يقيد.

﴿ إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا ﴾

[ سورة الحجرات: 6]

 من ينشر الإشاعات آثم لا محالة
مهما كان الخبر، وقد يكون إيجابياً، إيجابي يشعر الإنسان بالفرح، لكن هذا الفرح يعقبه نكسة .
المذيع:
 والإشاعات ما أكثرها دكتور في هذه الأيام.
الدكتور راتب :
 بالعقل الباطن لو أن شابين قرر كل واحد منهما أن يشتري سيارة، الأول اشترى، و الثاني لم يشتر، سرى في البلد إشاعة قوية جداً أن هناك مشروع قرار لتخفيض الجمرك خمسين بالمئة، الذي اشترى يكذبه دون أن يشعر، يكذبه بعقله الباطن، إذا كذبه يرتاح، والذي لم يشتر يصدقه من دون دليل، بعقله الباطن.
 أحياناً نحن أحكامنا أكثرها بعقلنا الباطن، من دون وعي، يوجد خبر يريح نروجه، خبر مزعج لا نتكلم عنه، الاصطفائية بالنقل فيها خطأ كبير.

﴿ إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ﴾

[ سورة الحجرات: 6]

المذيع:
 إذاً من ينشر هذه الإشاعات ويفتريها هو آثم لا محالة، من يقوم فقط بإعادة نشرها ونقلها بين الناس الواجب الشرعي أن يتثبت قبل أن ينشر، مرات قد تكون طبية، دوائية، أحياناً تتسبب بأذى للناس.
الدكتور راتب :
 لها مضاعفات خطيرة.
المذيع:
 أو تعلقه بالوهم، ولا يوجد شيء فيحبط الإنسان.
 معنا اتصال من ملك، أهلاً وسهلاً.
المستمعة:
 السلام عليكم، ويعطيكم العافية.
المذيع:
 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أهلاً وسهلاً.
المستمعة:
 الله يعطيك الصحة والعافية دكتور، أكيد الإشاعات كثيرة أحياناً تجد في معظم الأوقات أنها مبينة على التلفيق، لكن بصراحة الحمد لله أنها مجرد إشاعة.
الدكتور راتب :
 الله يبارك فيكِ، ويعلي قدرك.
المستمعة:
 الله يسلمك، دكتور وجودك بيننا يذكرنا أن الحياة مازال فيها خير.

الحياة بخير مادام فيها أناس طيبون :

الدكتور راتب :
 أطمئنك:

((الخير فيَّ وفي أمتي إلى يوم القيامة))

[ البيهقي عن جابر]

((أمتي كالمطر لا يُدرى أوله خير أم آخره))

[صحيح عن أنس]

المذيع:
 بارك الله بك، شكراً لك ولاتصالك.
 منذر باتصال جديد تفضل.
المستمع:
 السلام عليكم ورحمة الله، يعطيك العافية دكتور محمد.
الدكتور راتب :
 الله يعافيك.
المستمع:
 بارك الله بك، ونفع بك، إنسان يحتاج إلى مساعدة، يطلب مني أن أحسن الظن به، قال لي: أنا أسافر مسافات طويلة في سيارة أجرة، أنا بحاجة لمساعدة على الطريق.
المذيع:
 السؤال واضح، شكراً لك أخي منذر. دكتورنا.

التحري عن الناس قبل مساعدتهم :

الدكتور راتب :
 إذا كان المبلغ بسيطاً جداً لا تندم عليه، ممكن أن تدفعه مباشرة، أما إذا كان المبلغ كبيراً و لم تتحقق فهناك ندم شديد، قد يكون هناك كذب، أو ذكاء بالإقناع.
المذيع:
 بعض الأشخاص دكتور يقولون لك: في عمل الخير عليك ألا تتحرى، أي أنت عندما تعمل خيراً إن كان الشخص صادقاً أو كاذباً، أنت نيتك لله، وأجرك وقع على الله.
الدكتور راتب :
 إذا كان المبلغ ذهب إلى عمل الخير، أحياناً يذهب لغير عمل الخير.
المذيع:
 إذاً المطلوب أن نتحرى.
الدكتور راتب :
 يجب أن يكون هناك إيصال، إذا كان جمعية معها إيصال، أين الوصل؟ عمل خير، بناء جامع، لكن أين الإيصالات؟ أين الجمعية؟ أين المقر؟
المذيع:
 طلب الوصل لا يعتبر تخويناً دكتور؟
الدكتور راتب :
 لا، توثيق، التوثيق غير التخوين.
 يوجد ترتيب ثان: أنا عليّ ضرائب للمالية، بين مصاريفي أريد وصلاً أنني أنا أدفع مبلغاً للجامع الفلاني وهو مبلغ كبير، لكن أعطني إيصالاً رسمياً من جمعية رسمية، مرخصة حتى أبرزها للمالية لتعتبرها من مصاريفي.
المذيع:
 شيخنا الكريم، في قضية حسن النوايا في مساعدة الناس، هل يغلب الإنسان نيته الطيبة أم فراسته أم يستوثق، جاء إنسان بالليل وطلب مئة دينار، عنده التزامات مالية، من باب حسن النوايا دكتور.

الإنسان الصادق كلامه مؤثر أما غير الصادق فكلامه غير مؤثر :

الدكتور راتب :
 الحقيقة أنا لي رأي لكن لا يوجد معه دليل، الإنسان عندما يكون صادقاً، يلقى في روعك أنه صادق، تشعر أنه صادق، وإذا كان هناك كذب فتشعر بالضيق، كأن الكاذب يكشف نفسه دون أن يشعر، والصادق واضح، هذا ليس جواباً قطعياً، لكن أغلب الظن الصادق كلامه مؤثر، والكاذب كلامه غير مؤثر.
المذيع:
 والله بعض المحتالين أساتذة في احتيالهم، أي يحبكها حبكة غريبة.
الدكتور راتب :
 معنى هذا أنه مختص بذلك، لكن الله كبير، الله يفضح.
المذيع:
 إذاً أنا فهمت من فضيلتكم شيخنا، إذا أنا كنت أريد أن أقوم بعمل خير عليّ أن أتحرى وأن أتثبت، عليّ ألا أكتفي بحسن النوايا، إن لم أستطع فحدس الإنسان وفطرته يدله على ذلك، لو أنا شيخنا لم أرتح لإنسان، ولم أعطه هل أنا آثم؟
الدكتور راتب :
 لا.
المذيع:
 لست آثماً، شيخنا الكريم، في قضية العقود، سواء كانت عقود البيع، أو عقود قرض بين إنسان وإنسان، كثير من الناس من باب حسن النوايا لا يوثقها، وبعدها تسمع مشاكل، بعد سنوات فلان اشترى أرضاً من فلان، لكن لم يكتبوا ذلك، هذا ينكر شيئاً، وهذا يحق شيئاً.

الجهالة تفضي إلى المنازعة :

الدكتور راتب :
 هناك قاعدة فقهية أساسية جداً، الجهالة تفضي إلى المنازعة.
المذيع:
 ما المقصود بالجهالة دكتور؟
الدكتور راتب :
 لابد من الوضوح حتى لا تنتهي العلاقات بالمنازعات والقطيعة
محل تجاري، الجار طلب من جاره أن يضم هذا المحل لمحله، قال له: خذه، لن نختلف، الذي أخذه يوجد بباله رقم، والذي أعطاه يوجد بباله رقم، ما دام السعر فيه جهالة ففيه منازعة قطعية، الجهالة تفضي إلى المنازعة.

﴿ وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلَى أَجَلِهِ ﴾

[ سورة البقرة: 282]

 هذا قرآن، كل شيء موثق مريح، و إن لم يكن موثقاً فهذا فيه مشكلة كبيرة، وتحت هذه المظلة الجهالة طريقة الدفع، حجم المبلغ، المقابل، التسجيل العقاري، ما دام هناك جهالة فهذه تفضي حتماً إلى المنازعة، وضح كل شيء.
 نبي كريم، سيد الخلق وحبيب الحق، سيد ولد آدم، يمشي مع زوجته ليلاً، مرّ صحابيان، قال: على رسليكما، هذه زوجتي، قالوا: أفيك نشك؟ قال: لئلا يدخل الشيطان بينكما.
 وضح، بيّن، هذه زوجتي، فالإنسان أحياناً لا يوضح أدخل الشك على الحاضرين.
 أذكر مرة كنت أجلس عند بائع أقمشة، دخلت امرأة، رحب بها صاحب المحل ترحيباً غير طبيعي، وهناك ضيف من بلد بعيد، تغير وجهه، الترحيب كان غير معقول لإنسانة محجبة، قلت له أنا: يغلب على ظني أنها أخته، ما دام قد رحب بها هذا الترحيب، نحن مشتاقون لكم، لماذا لا نراكم؟ هذا لا يقال لزبونة، قلت له أنا: يغلب على ظني أنها أخته، فلما ذهب، قال: هذه أختي، أنا أحسنت الظن، لكن الغريب قد يسيء الظن، امرأة جاءت تشتري قطعة قماش، لماذا هذا الترحيب الزائد؟ لذلك بيّن، البيان يذهب الشيطان.
المذيع:
 إذاً التوجيه من فضيلتك دكتور في قضايا العقود النقطة الأولى: أن يكون هناك توضيح دقيق للتفاصيل الصغيرة، وثانياً أن يكون مكتوباً.
الدكتور راتب :
 أن يكون هناك عقد مكتوب وواضح مع التفاصيل.
المذيع:
 جميل.
الدكتور راتب :
 لأن الجهالة تفضي إلى المنازعة.
المذيع:
 يبدو أن كثيراً من الناس دكتور من حسن الظن، ومن الحياء، وهذا قريبنا، وهذا أخونا الكبير، ونحن نعرفه، لا يوثقون، لا يكتبون، وبالنهاية هذا يؤدي إلى كثير من المنازعات والخصومات.
 شيخنا، كنا نتحدث مع فضيلتك عن العقود، ويبدو أن هناك نوعاً من أنواع الخجل بين الناس بتوثيق الأرقام، أخ ممكن أن يشتري من أخيه قطعة أرض وبعد سنوات ينسى أحدهما، يقولون له: لماذا لم توثق؟ يجيب: والله لقد استحيت.

الخجل أمر سلبي ومنهي عنه في الشريعة :

الدكتور راتب :
 أنت أجبت بكلمة خجل، الخجل غلط، أما الحياء فصواب، الحياء فضيلة، الخجل رذيلة، الخجل أن تستحي أن توثق العقد، لأنه علاقتك ليست معه بل مع أولاده، لو مات بحادث هناك مشكلة كبيرة جداً، فالخجل أخلاق سلبية، أما الحياء فأخلاق إيجابية.
المذيع:
 جميل، حتى ولو كانوا أخوان دكتور؟ أخوة من نفس الأم والأب، يوجد بيع وشراء بينهما عليهما أن يوثقا؟
الدكتور راتب :
 أبداً، كله موثق.

﴿ وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلَى أَجَلِهِ ﴾

المذيع:
 الله يفتح عليكم دكتور، وهنا الخجل في هذه القضايا هو أمر سلبي، ومنهي عنه في الشريعة.

الدين المعاملة :

الدكتور راتب :
 لي صديق يبيع قطع مرسيدس، قال لي: عندي قطعة منذ خمس سنوات، سعرها مرتفع- القصة قديمة - حوالي عشرين ألفاً، بعد خمس سنوات جاء من يطلبها، قال لي: كاد توازني يهتز من الفرح، لأنني سأنتهي منها، صعدت لأنزلها له- يوجد قسم مصنوع بألمانيا وكالة، سعره مرتفع جداً، وقسم ثان مصنوع بالصين- قال لي: أصلية؟ قلت له: لا، قال: هاتها، كلمة واحدة، لو قال له: نعم، صارت البيعة حراماً.
 الدين دقيق جداً، أنت تعامل خالق الأكوان، ليست أصلية، قال له: هاتها.
المذيع:
 الله يفتح عليكم يا دكتور.
 عاطف مرحباً بك معنا.
المستمع:
 رفع الله قدرك في الدنيا وفي الآخرة، أنت والسامعون، وجعلنا منهم يا رب العالمين.
الدكتور راتب :
 بارك الله بكم.
المستمع:
 سيدنا الشيخ، أنا أريد أن أستشيرك، أنا أوجه مشكلة في الحياة، عندما يأتي شخص يطلب من شخص آخر عملاً معيناً، أو نقوداً، بغض النظر من باب الشفقة والرحمة، الشخص يعطيه، أنا أتفاجأ كثيراً أن الناس لا تصدق بكلامها، مثلاً يتواعد شخصان على سبيل المثال أن أحدهما يريد أن يصلح شيئاً ما في بيت الثاني، عندما يكلمه يقول له: كم تحتاج من الوقت؟ يقول: أسبوع، تمضي حوالي ستة شهور مثلاً و لا ينتهي، فيصاب بخسارة في ماله، لأنه يكذب عليه، ينافق عليه، يحضر شخصاً آخر لا يعرف هل هو صادق أم كاذب، المشكلة يا شيخ أنني أواجه كثيراً من الناس و كانوا غير صادقين معي و قد خسرت كثيراً من النقود بسبب هذه الأمور، لا يعرف الإنسان كيف عليه أن يتعامل مع الناس.
المذيع:
 واضح تماماً أخي عاطف بارك الله بك.
 أبو مصعب باتصال جديد، تفضل.
المستمع:
 السلام عليكم، أخوك في الله أبو مصعب سعادة، أكرمك الله، دكتور أنا أحبك في الله قبل كل شي جزاك الله كل خير.
 سيدي أنا لم أستطع أن أتغلب على المعاصي.
المذيع:
 تسمح لي أبو مصعب نحن اليوم أخذنا موضوع حسن النوايا فقط حتى نبقى ضمن هذا الإطار، وتبقى الفكرة واضحة عند الجميع، أكرمك الله و جزاك كل خير، نعتذر منك.
 ننتقل إلى الأخ يوسف باتصال جديد، تفضل يا يوسف.
المستمع:
 السلام عليكم، أريد أن أسأل النية في القلب تكون موجودة، والمشاعر والقصص موجودة في القلب أم في العقل.
المذيع:
 سؤال مهم أخي يوسف، شكراً جزيلاً لك، ولاتصالك معنا.
 شيخنا الكريم، نعود إلى اتصال أخينا عاطف، يكون هناك اتفاق بينه وبين أحد من الأشخاص، فهذا الشخص لا يلتزم بالاتفاق معه و هو يكون قد دفع له الأجرة فيتولد عن هذا مضار كبير، ماذا تنصحه؟

المسلمون عند شروطهم :

الدكتور راتب :
 الحل تعمل عقداً تفصيلياً، مع مدة محددة للإنجاز، والتأخير فيه خسارة، تحل قضيته، المسلمون عند شروطهم.
المذيع:
 المسلمون عند شروطهم
إذا تأخر مثلاً العامل يخصم من الأجر.
الدكتور راتب :
 طبعاً هذه مصلحة.
المذيع:
 وهذا ألا يوجد به إثم دكتور؟
الدكتور راتب :
 أبداً، عقد تفصيلي، المسلمون عند شروطهم، هذا مشروع يحتاج إلى شهر، أنا سأعطيك شهراً ونصف كاحتياط، بعد هذا التاريخ أنا أتضرر كثيراً، والقاعدة الفقهية، لا ضرر ولا ضرار، الضرر معروف، الضرار أن ترد على الضرر بضرر مثله.
 أنت تضررت وهناك بضاعة هي له أنت أتلفتها، رددت على إضراره لك بهذه البضاعة، بإتلافها، هذا مال.
المذيع:
 موظف في شركة فصل فصلاً تعسفياً، عندما خرج حرق الملفات، هذا يعتبر ضراراً، لا يجوز، يأخذ حقه لكن لا يقوم بضرر؟

الابتعاد عن المخاصمة بكتابة كل شيء و توضيحه :

الدكتور راتب :
 طبعاً، يقيم دعوى.
المذيع:
 إذاً دكتور أنت تنصح الشخص عندما يريد أن يعمل مثلاً عقد صيانة، أو شراء، أو صفقة، أو كذا، يكون هناك اتفاق، وله شروط جزائية.
الدكتور راتب :
 بالغ في التفاصيل، أقول لك كلمة دقيقة: الخلافات كلها بالتفاصيل، اكتب كل شيء، ووضح، بيّن، وعندئذٍ النص يلغي كل المخاصمة.
المذيع:
 إذاً هذه قاعدة دكتور محمد راتب النابلسي: وضح، ووثق، هاتان قضيتان مهمتان أكرمك الله دكتور.
 يوسف يقول: النية هل هي شيء قلبي أم عقلي؟

السلوك مكانه الجوارح والنوايا مكانها القلب :

الدكتور راتب :
 لا، قلبي.
المذيع:
 مكانها القلب، أكرمك الله دكتور.
الدكتور راتب :
 السلوك مكانه الجوارح، والنوايا مكانها القلب.

﴿ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً ﴾

[ سورة الزمر: 2]

 الإخلاص بالقلب، والعبادة بالجوارح.

﴿ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً ﴾

[ سورة الزمر: 2]

 صلّ، وصم، وحج، وكن صادقاً وأميناً، ووفيّاً بعهدك، هذا كله سلوك، من الداخل مخلصاً، هذا عمل القلب.
المذيع:
 الله يفتح عليكم دكتور، محمود تفضل باتصال جديد.
المستمع:
 السلام عليكم، أول شي طبعاً شيخنا الفاضل أحبك بالله، بارك الله بعمرك، شيخنا أنا أحياناً يصدر مني كلاماً من داخلي إساءة لبعض الناس، أو إساءة لشيء معين إن كان في الدين، لكن أنا لا أقصد أن أتكلم بهذا، يكون هذا بعقلي الباطني، هذه تعتبر نية.

المحاسبة على الأعمال لا على الخواطر :

الدكتور راتب :
 لا تحاسب مبدئياً على خواطرك، تحاسب على أعمالك فقط، لكن الخواطر إن استرسلت بها في الأعم الأغلب تنتقل إلى أعمال.
المذيع:
 دكتور إنسان خطر في قلبه شيء عليه ألا يقوم بتطبيق هذا الكلام.
الدكتور راتب :
 لا يحاسب به أبداً، لا تحاسب إلا على السلوك، لكن هذه الخواطر إن استرسلت بها في الأعم الأغلب تنقلب إلى عمل.
المذيع:
 جميل، الله يفتح عليكم دكتور، شيخنا الكريم، نعود إلى حلقتنا، وإلى النقاط التي كنا نطرحها، من باب حسن النوايا.
 دكتور بعض الأشخاص يقول لك: أنا نيتي حسنة، و يتكلم كلمات يتهم بها إنساناً ما.

ضرورة مطابقة الأفعال للأقوال :

الدكتور راتب :
 لا تكفي.
المذيع:
 هل حسن نيته تشفع له هذا الاتهام؟
الدكتور راتب :
 أبداً، لا يشفع.
المذيع:
 يقول: أنا ما قصدت عندما قلت عنه إنه لص، لم أقصد أنه لص، لكن أنا قصدت أنه ممكن أن يكون لصاً.
الدكتور راتب :
 تحاسب على ما فُهم منك، لا على ما قصدت، كلامي دقيق جداً، تحاسب أنت على ما فُهم، لا على ما قصدت، القصد أنت تعرفه، أما نيتك فلا يعرفها الآخرون، يعرفون أن فلاناً ليس نظيفاً، يده ممتلئة بالمال الحرام، يحاسب على ما فُهم، لا على ما قصدت.
المذيع:
 جميل، إذاً هنا حسن النوايا لا يشفع بسوء الكلمات إذا القضية حسنة.
 حتى عند الأذى دكتور، أو القتل، الإنسان يقول لك: أنا لم أكن أقصد هذا، لكنه هو تسبب بإهمال شديد، وأدى إلى أذية إنسان.
الدكتور راتب :
 هذه عند القضاء تدعى سبباً مخففاً، القتل المتعمد مدروس، لكن يوجد أسباب مخففة.
المذيع:
 لكن بالنهاية هذه قضية خطيرة، لا يتكل الإنسان على حسن نيته عند قيامه بأي شيء، عليه أن يتحرى أيضاً أفعاله أن تكون مطابقة لهذه النية الحسنة.
 شيخنا الكريم، في موضوع أيضاً النوايا الحسنة الموجودة عند الإنسان، إذا إنسان كان يحمل في قلبه العكس، لم يحمل نية حسنة، لكن سلوكه جيد، ذهب ليصلي لكن نيته ليست حسنة، لغاية معينة.

الله ينصر الأمة الكافرة العادلة على الأمة المسلمة الظالمة :

الدكتور راتب :
 هذا ذكاء فقط وليس عبادة، الغرب أقوى من الشرق بذكائه لا بعبادته. إن الله ينصر الأمة الكافرة العادلة على الأمة المسلمة الظالمة.
 يوجد ذكاء إذا كان واضحاً يكون ذكياً، عمل تكافؤ فرص يكون ذكياً، عمل فرص عمل للناس يكون ذكياً، عمل تأميناً صحياً يكون ذكياً، الله يقوي هذا البلد، لأن الدنيا تصلح - وإن كان هناك بعض الإشكال - بالكفر والعدل، ولا تصلح بالإيمان والظلم.
المذيع:
 شيخنا سؤالنا الأخير في حلقة اليوم: إذا كان هناك إنسان أنا أعوله، ابني، شخص يعمل عندي وأنا مسؤول عنه، وقام بسلوك خاطئ لكن من نية حسنة، توجيه فضيلتكم هل تحاسبه أم تعفو عنه؟

النية الحسنة مع السلوك الخاطئ تخفف من العقاب :

الدكتور راتب :
 نيته الحسنة تشفع له ألا يكون العقاب قاسياً، ولكن لا تكفي نيته الحسنة صار هناك سلوك.
المذيع:
 جميل هذا المنهج، نلخص سيدي الأفكار التي بدأنا فيها الحلقة:
 النية هي شيء قلبي مكانه القلب، والأعمال التي تقبل عند الله نيتها حسنة خالصة لله، وأعمالها الصالحة تتوافق مع شرع الله.
 أكدتم شيخنا كثيراً في العقود، في المعاملات، في البيوع، في الديون، التوضيح والتوثيق.

تلخيص لما سبق :

الدكتور راتب :
 البيان يطرد الشيطان.
المذيع:
 بالتوضيح، وذكرتم بالتفصيل، وأن يوثق بعقد عند كاتب العدل حتى يكون على بينة.
الدكتور راتب :
 الجهالة تفضي إلى المنازعة.
المذيع:
 وهذا لا يعتبر من باب التخوين، ولا خجل فيه، بل هذا أصل المنهج القرآني.
الدكتور راتب :
 أحياناً تكون الثقة بالشخص مئة بالمئة، و لكن هذا الشخص قد يموت بحادث، ومعه مبلغ ليس له، أي إذا شخص معه مبلغ أمانة يكتب في صندوقه الحديدي: هذا المبلغ ليس لي، لو مات بحادث يتوهم أولاده أن المبلغ لأبيهم، هذا يسمونه الفرز، هذا المبلغ فرزه بصندوق خاص، هذا المبلغ ليس لي.
المذيع:
 وكتب عليه لمن، الله يفتح عليكم يا دكتور، نختم هذه الحلقة بالدعاء، ونسأل الله القبول.

الدعاء :

الدكتور راتب :
 اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحةً لنا من كل شر مولانا رب العالمين، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك، اللهم لا تؤمنا مكرك، ولا تهتك عنا سترك، ولا تنسنا ذكرك، أعطنا ولا تحرمنا، أكرمنا ولا تهنا، آثرنا ولا تؤثر علينا، اجعل هذا البلد آمناً سخياً رخياً وسائر بلاد المسلمين، واحقن دماء المسلمين في كل مكان.

خاتمة و توديع :

المذيع:
 الحمد لله رب العالمين، بارك الله بكم فضيلة العلّامة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي لكلماتكم الطيبة، كانت هذه الحلقة عن حسن النوايا، ونسأل الله أن يجعل نوايانا وأعمالنا حسنة مقبولة بين يديه، اللهم آمين يا رب العالمين.
 سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور