وضع داكن
25-04-2024
Logo
برنامج بيت المسلم – الحلقة : 19 - التربية العقلية1 - العقل ما هو غذاؤه وكيف نغذيه؟
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

الدكتور بلال:
  بسم الله الرحمن الرحيم، أحمد الله تعالى رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبيه الأمين، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
 أستفتح معكم بعون الله تعالى وتوفيقه حلقة جديدة من برنامجنا "بيت المسلم" نحن في بيت المسلم نتحدث عن قضايا الأسرة المسلمة، وعن قضايا تربية الأولاد في الإسلام، وعن كل ما يهم الأسرة المسلمة.
 ضيفنا الدائم في هذه الحلقات فضيلة شيخنا الدكتور محمد راتب النابلسي فرحبوا به معي، السلام عليكم سيدي.
الدكتور راتب :
 عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الدكتور بلال:
 سيدي انتهينا في اللقاء السابق الحديث عن التربية الصحية، اليوم ننتقل إلى النوع الآخر التربية العقلية، بعد التربية الإيمانية، الأخلاقية، الصحية، اليوم العقلية، تربية العقل، والإنسان كما تفضلتم في اللقاء السابق عقل يدرك، وقلب يحب، وجسم يتحرك.
 نعود اليوم إلى العقل، العقل الذي يدرك، ما غذاء العقل؟ وكيف نغذيه؟

العقل أعظم شيء بالإنسان و غذاؤه العلم :

الدكتور راتب :
 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
 العقل غذاؤه العلم، والقلب غذاؤه الحب، والجسم غذاؤه الطعام والشراب، هذا العقل أعقد جهاز في المخلوقات، بل هو عاجز عن فهم ذاته، مئة و أربعون مليار خلية سمراء استنادية لم تعرف وظيفتها بعد حتى الآن، القشرة يوجد بها مئة و أربعون مليار خلية، فيها الذاكرة، فيها المحاكمة، إلخ.. مركز الرؤية، شيء لا يصدق، أي أعقد ما في الكون هذا الدماغ، بل هو عاجز عن فهم ذاته.
 مثلاً: الذاكرة حجمها كحجم حبة العدس، فيها سبعون مليار صورة، شيء لا يتصور، وهو عاجز عن فهم ذاته، المحاكمة، التصور، التخيل، الإدراك، شيء دقيق جداً.
 فلذلك العقل أعظم ما في الإنسان، هذا العقل أداة معرفية، هذا العقل يكفي أن تعرف أصول الدين، أن تعرف أن لهذا الكون خالقاً، والفطرة تكفي أن تكشف أخطاءك، نفسياً أي خطأ خلاف منهج السماء تنكره النفس، والدليل:

﴿ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ ﴾

[ سورة الحجرات: 7]

 إذاً عندك عقل، وعندك فطرة، العقل مقياس علمي، والفطرة مقياس نفسي، فالعقل له ثلاثة مبادئ، مبدأ السببية، والغائية، وعدم التناقض، هذا العقل البشري متوافق مع الكون، أي لا يفهم شيئاً بلا سبب.
 إنسان سافر إلى بلد، أغلق كل الكهرباء في البيت من أصلها، عاد بعد أسبوعين وجد إضاءة بالبيت، يحكم بعقله قطعاً أن هناك من دخل البيت، أما أن تتألق وحدها فمستحيل.
 مبدأ السببية يحل كل مشكلة، وعن طريق هذا المبدأ نؤمن بالله، هذه الدجاجة من بيضة، البيضة من الدجاجة، من خلق أول دجاجة؟ الله، هذا مبدأ السببية بالعقل.
 مبدأ الغائية: البقرة يحتاج وليدها إلى ثلاثة كيلو حليب، تعطيك أحياناً سبعة و ستين كيلو، معنى هذه أن البقرة صنعت خصيصاً للإنسان، والدليل:

﴿ وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ ﴾

[ سورة النحل: 5]

 من أجلكم، كلمة لكم بالقرآن يوجد ثماني عشرة آية فيها لكم، هذا الشيء صنع لكم خصيصاً.
الدكتور بلال:
 سخرها لكم، هذا مبدأ الغائية.
الدكتور راتب :
 إذا كان هناك شخص متهم بقتل إنسان في مدينة، وأثبت إثباتاً حقيقياً عن طريق مؤسسة حكومية أنه كان بمدينة أخرى بالوقت نفسه يخرج براءة، لا يوجد عقل يقبل بأن يكون بآن واحد هنا وهناك.
 فمبدأ السببية، والغائية، وعدم التناقض، في خدمة الحق، وهذا الكون فيه سببية، وغائية، وعدم تناقض.
الدكتور بلال:
 إذاً العقل غذاؤه العلم، أي علم ينبغي للأب أن يغذي به عقل ابنه؟

تعليم الأبناء أحكام الإيمان و الإسلام ثم أحكام العبادات :

الدكتور راتب :
 أولاً بادئ ذي بدء يوجد مصطلح دقيق؛ هناك علم يجب أن يعلم بالضرورة، أي هذا المظلي قد لا يعلم شكل المظلة، قد يكون دائرياً، أو بيضوياً، لا يعلم نوع قماشها، لا يعلم لونها، لا يعلم كم حبل، ألوان الحبال، عدد الحبال، خيط الحبال، قد يجهل خمسين معلومة، إلا معلومة واحدة إذا جهلها نزل ميتاً طريقة فتحها.
 هذا سماه العلماء العلم الذي ينبغي أن يعلم بالضرورة، هي في الإسلام أركان الإيمان، أركان الإسلام، الأحكام الشرعية المتعلقة بحرفة الإنسان، هذا لا بد منه، لمتعلم، لغير متعلم، لتاجر، لحاكم، لعالم، لقاض، لا بد منها، ما ينبغي ما يعلم بالضرورة.
الدكتور بلال:
 إذاً ينبغي للأب أن يعلم ابنه أحكام الإيمان، والإسلام، ثم أحكام العبادات، الصلاة، والصيام.
الدكتور راتب :
 طبعاً أركان الإسلام، والصلاة من أركان الإسلام.
الدكتور بلال:
 أن يعلمه أحكامها، هذا من واجبات الأب أو المربي.
الدكتور راتب :
 عفواً، يقول لك: أنا مختص بالفيزياء، هذه لا علاقة لها، أنت كإنسان عندك دنيا وآخرة، ومنهج تفصيلي، وشرع، افعل ولا تفعل، ليس له علاقة بالاختصاص، إذا إنسان معه اختصاص نادر، أنا مختص بالفيزياء النووية، هذه لا علاقة لها بالدين، العلم الديني فرض عين على كل مسلم، مهندس، طبيب، نووي، غير متعلم، لابد منه.
الدكتور بلال:
 بعد العلوم الدينية ألا ينبغي أيضاً للأب أو الأم أن يحرصا على العلوم الدنيوية لأبنائهم.

الحرص على تعليم الأبناء العلوم الدينية و الدنيوية :

الدكتور راتب :
 والله نحن كأمة يوجد فرق كبير بيننا وبين الأمم القوية، فأنا أرى أنه لا أن نتفوق في العلوم التي تفوق بها الآخرون، هندسة، طب، هندسة زراعية مثلاً، إدارة أعمال، يوجد أشياء كثيرة تنقصنا، والغرب تفوق علينا بها.
الدكتور بلال:
 علوم الإعلام مهمة جداً.
 إذاً يعلم ابنه أحكام الشريعة، ويعلمه أيضاً علماً دنيوياً.
الدكتور راتب :
 الأمة بحاجة إليه، الإعلام فن.
 الحقيقة اجتهادي الشخصي كان هناك سلطة تشريعية، وتنفيذية، وقضائية، الآن يوجد سلطة إعلامية فقط، ألغت كل هذه السلطات، إذا الإعلام صبّ على شيء جعله بمليون ضعف عن حجمة، وإذا تعامى عن شيء قزمه.
الدكتور بلال:

﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ﴾

[ سورة الأنفال: 60]

 هذا يدخل في القوة؟
الدكتور راتب :
 طبعاً، الإعلام قوة كبيرة جداً.
 أنا مرة سألت شخصاً سؤالاً محرجاً: هل يوجد آية بالإعلام؟ قال: لا، قلت له: بل يوجد آية:

﴿ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى ﴾

[ سورة غافر: 29]

 هذا الإعلام المسيس.
الدكتور بلال:
 إذاً سيدي يعلمه العلوم الدنيوية، ويعلمه العلوم الشرعية قبلها طبعاً.
 أيضاً سيدي في كتاب الله تعالى أول ما نزل قوله تعالى:

﴿ اقْرَأْ ﴾

[ سورة القلم: 1]

 ما دلالة ذلك؟

طلب العلم فرض على كل مسلم :

الدكتور راتب :
 الحقيقة أول كلمة في أول آية في أول سورة:

﴿ اقْرَأْ ﴾

[ سورة القلم: 1]

 هذه الطاولة من الخشب، وهي جماد، النبات يزيد عليها بالنمو، والحيوان يزيد عليهما بالحركة، والإنسان يزيد على الثلاثة بالتفكير، الله أعطى الإنسان قوة إدراكية، هذه القوة الإدراكية لا بد من أن تلبى بطلب العلم، فإن عزف الإنسان عن طلب العلم هبط عن مستوى إنسانيته إلى مستوى لا يليق به، صار:

﴿ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ ﴾

[ سورة النحل:21]

 عند الله ميت، صار:

﴿ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ ﴾

[ سورة المنافقون:4]

 جماد، صار:

﴿ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً ﴾

[ سورة الفرقان: 44]

 صار:

﴿ كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً ﴾

[ سورة الجمعة: 5]

 إذا عزف الإنسان عن طلب العلم هبط عن مستوى إنسانيته، لذلك الإنسان خياره مع العلم خيار تنفس لا خيار وردة حمراء، إن لم يتنفس هبط عن مستوى إنسانيته.
 فإذا أردت الدنيا فعليك بالعلم، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم، والعلم لا يعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كلك، فإذا أعطيته بعضك لم يعطك شيئاً.
الدكتور بلال:
 إذاً سيدي الآباء والأمهات يحرصان كما تفضلتم على تغذية عقول أبنائهم بالعلوم النافعة.
الدكتور راتب :
 أنا سأقول كلمة أرجو أن أسامح بها: الأب الذي لا يعلم ابنه يرتكب بحقه جريمة.
الدكتور بلال:
 لكن أحياناً يحرص الأب على مدرسة لابنه تعلم اللغة الإنكليزية بطلاقة، لكنها مدرسة بعيدة كل البعد عن تعاليم الدين فما قولكم؟

الموازنة بين الإيجابيات و السلبيات عند تعليم الأولاد في مدارس أجنبية :

الدكتور راتب :
 دائماً يجب أن نوازن بين الإيجابيات والسلبيات، فإذا غلبت السلبيات ينبغي أن نضحي بالإيجابيات، الأولويات، إذا فقد دينه، يوجد أشخاص أحياناً لا يوجد عندهم دين قوي، يرسلون لبلاد الغرب يرجعون منحرفين انحرافاً شديداً جداً، فلابد من أولويات بحياتنا، الإيمان أولوي، شيء أول، والاستقامة شيء أول.
الدكتور بلال:
 القراءة نعود إلى قوله تعالى:

﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴾

[ سورة القلم: 1]

 هذه قراءة الإيمان.

أنواع القراءات :

الدكتور راتب :
 قراءة بحث وإيمان، ابحث عن الحق، اقرأ قراءة بحث وإيمان، لماذا؟

﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾

[ سورة القلم: 1]

 يوجد قراءة ثانية؛ قراءة شكر وعرفان.

﴿ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾

[ سورة القلم: 5]

 وهناك قراءة بحث وإذعان، وقراءة عدوان وطغيان، الأسلحة الفتاكة، الجرثومية، أسلحة النابالم، أسلحة كثيرة جداً تحتاج إلى علم عميق جداً جداً، هذه قراءة عدوان وطغيان.
 يوجد قراءة بحث وإيمان:

﴿ اقْرَأْ ﴾

[ سورة القلم: 1]

 من أجل أن تؤمن.

﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ ﴾

[ سورة القلم: 1]

 وقراءة عدوان وطغيان، وقراءة شكر وعرفان.

﴿ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ﴾

[ سورة القلم: 3-4]

الدكتور بلال:
 إذاً عندما نعلم أبناءنا ينبغي ألا يغيب عن بالنا أن هذه القراءة، وذاك العلم ينبغي أن يكون موجهاً لخدمة الحق.

العناية بضبط المناهج لأنها أخطر شيء بحياة الأمة :

الدكتور راتب :
 لابد من ضبط المناهج، أخطر شيء بالأمة المناهج، يأتي بعدها الكتب المنفذة لهذه البرامج، لا بد من أيدٍ أمينة، مؤمنة، تؤمن ببلادنا، بأصالتها، بثقافتها، بدينها، شيء خطير جداً، أنت توجه أمة بالمناهج.
الدكتور بلال:
 أيضاً سيدي هناك من يغذي عقول أبنائه بما يسمى علماً، لكن هو علم غير نافع ولا ممتع.
الدكتور راتب :
 النبي استعاذ من علم لا ينفع، وقلب لا يخشع.

خاتمة و توديع :

الدكتور بلال:
 إذاً علم لا ينفع، اليوم يوجد علوم حديثة وجديدة لا تقدم ولا تؤخر، أن يعلم العلوم النافعة التي تخدم مستقبله، ودينه، وأمته.
 جزاكم الله خيراً سيدي، وأحسن إليكم.
 أخوتي الأكارم، أخواتي الكريمات؛ أشكر لكم طيب المتابعة، بعد أن شكرت لشيخنا ما تفضل به من حسن الكلام، أسأل الله تعالى أن نلتقيكم دائماً على خير، إلى الملتقى أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه.
 والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الاستماع للدرس

00:00/00:00

إخفاء الصور