وضع داكن
28-03-2024
Logo
الخطبة : 0977 - حقائق عن مرض الإيدز - عليك بخاصة نفسك .
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الخطبة الأولى:
 الحمد لله نحمده، ونستعين به، و نسترشده، ونعوذ به من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إقراراً بربوبيته، وإرغاماً لمن جحد به وكفر، وأشهد أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله، سيد الخلق والبشر، ما اتصلت عين بنظر، أو سمعت أذن بخبر، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه، وعلى ذريته ومن والاه، ومن تبعه إلى يوم الدين.
 اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

حقائق عن مرض الإيدز:

 أيها الإخوة الكرام، قبل عشرة أعوام، ألقيت خطبة عن مرض الإيدز، وفي نهاية الخطبة ذكرت العبارة التالية:
 " ولكن ينبغي أن ننوِّه بفضل الله علينا، وبسببٍ من تمسك مجتمعنا بمبادئ الدين القويم، فإن هذا المرض الخطير، الذي يعدُّ الخطر الأول في العالم كله، لا يعد مشكلة في بلاد العرب والمسلمين، فالإصابات لا تزيد عن حد محدود جداً، وأكثر هذه الإصابات من الوافدين من البلاد الأجنبية ".
 هذا الذي ذكرته قبل عشر سنوات، ثم وقع تحت يدي كتاب لمنظمة الصحة الدولية فيه حقائق عن العالم العربي مرعبة مرعبة، والحقيقة المرة، أفضل ألف مرة من الوهم المريح.

 

عدد المصابين بالإيدز في العالم والمنطقة العربية:

 أول شيء في هذه الإحصائيات، أن عدد المصابين بفيروس الإيدز في العالم يقترب أو يزيد على أربعين مليون مصاب، وعندهم حقيقة خطيرة، هي أن هذا الرقم هو الذي تناهى إلى الجهات الرسمية من خلال التحاليل الطبية، أو من خلال حل مشكلة صحية، ولكن منظمة الصحة العالمية تؤكد أن الأرقام المعلن عنها في بعض البلاد ينبغي أن تضرب بعشرين !!!.
 العدد المعلن هو أربعون مليون إصابة، أكثر من ثلثي الأشخاص المصابين هم في إفريقيا، وعددهم يقترب من ستة وعشرين مليونًا، من النساء والرجال والأطفال، معظم المصابين في مرحلة الشباب، مرحلة العطاء، فأكثر من ثمانين بالمئة من الإصابات بين أعمار من خمس عشرة سنة، إلى خمسة وثلاثين سنة.
 الحقيقة المرعبة، أن المنطقة العربية لا تشكل استثناءً من هذه الإحصائيات، فعدد المصابين في العالم العربي يزيد على خمسمائة ألف مصاب، والرقم يضرب بعشرين، فمن أتى من الخارج يجب أن يفحص دمه، والذي يتقدم بمعاملة معينة ليفحص دمه، وحينما يضطر الإنسان لمعالجة نفسه عليه أن يفحص دمه، قد يكتشف أنه مصاب بهذا المرض.

 

التوعية الصحية تقلل الإصابات بالإيدز:

 أيها الإخوة، لكن الشيء المؤسف، أن العالم الغربي المتفلت، الذي لا تحكمه القيم، ولا يخضع لمنهج رباني، تتناقص فيه الإصابات بفضل الوعي، إلى أن تصل الآن في أوربا تقريباً إلى مليون إصابة، أوربا بأكملها، وفي أمريكا أيضاً مليون إصابة فقط، وفي العالم العربي نصف مليون مضروبة بعشرين.
 أيها الإخوة الكرام، ماذا يعني هذا ؟ يعني أن نصف مليون أسرة مهددة بفقد العائل، والحبيب، والممول، والراعي، وأن هناك ملايين الأطفال معرضون لهذا المرض العضال، وملايين من النساء والرجال معرضون للترمل بعد وفاة أحد الزوجين، هذه هي الحقيقة المرعبة، أنا ذكرت ـ وكنت واثقاً من كلامي ـ أن العدد في العالم العربي قليل جداً، ولا يشكل مشكلة، هذا قبل عشر سنوات، يظن بعض الناس أن أخلاقنا وقيمنا تحمينا حماية كافية، ولكن الدلائل تشير إلى أن هناك أعداداً من شبابنا يقعون في الفحشاء، وهذا المرض أساسه الإباحية، وأساسه الفحشاء، ولكن إنصافاً للحقيقة، فإن زوجة المصاب تصاب مثله، وأولاد المصاب يصابون مثله، هم لا علاقة لهم بالخطأ، الخطأ من أبيهم.
 أيها الإخوة الكرام، ثم تبين أن كل عشرة مصابين بهذا المرض، تسعة منهم عدوى بالانتقال، وليس بالممارسة، ليس لهؤلاء التسعة ذنب، كالزوجة والأولاد، أنا أبين لكم الحقيقة، لأن هذا المرض خطير جداً، وبدأ يتفاقم في بلاد العرب تفاقماً كبيراً جداً.

 

سر انتشار مرض الإيدز:

 أيها الإخوة الكرام، المشكلة بدأت من أن امرأة مسلمة محجبة، كانت في مستشفى التوليد، فأصابها نزيف حادّ، فاضطرت أن تأخذ دماً مفحوصاً، ومصرحاً عليه بأنه خال من فيروس الإيدز، ثم أصيبت بهذا المرض، وهي لا علاقة لها لا بالخطأ، ولا بالانحلال الخلقي، ولا بالإباحية، ولا بالفاحشة، هي إنسانة مصونة محترمة محجبة، ثم اكتشف أن هذا المرض عنده ما يسمى بالصمت المخبري، يعني بعد أن يصاب الإنسان أو الشاب بهذا المرض، وخلال ستة أشهر، لا تظهر في التحاليل أية آثار لهذا الفيروس.
 من أحسن ما قرأت في صحيفة تشرين اليومية أنه صدر بيان، يبين أن هناك عمليات حارة، وعمليات باردة، العملية الباردة، كإنسان يريد بعد حين أن يستأصل مرارته، هذه عملية باردة، ينصح هذا الإنسان بأن يعطي من دمه، وأن يحفظه في مكان في مستشفى، أو في بنك الدم إلى حين حاجته إليه، هذه عملية باردة، هكذا البيان جاء من مدير بنك الدم، وقد نشر في جريدة تشرين، أما العملية الحارة، كحادث سير مثلاً، لا بد للمصاب فيه أن يأخذ الدم، قال: تنصح إدارة بنك الدم أن يأخذ الإنسان المصاب الذي هو مضطر إلى أخذ الدم، من إنسان مستقيم أخلاقياً !!.. أرأيتم إلى عظمة الاستقامة ؟
 أيها الإخوة الكرام، المشكلة الخطيرة أن الشخص قد يكون مصاباً بهذا المرض، ولا تبدو عليه أية أعراض مرضية، فلا يمكن معرفة إصابته إلا من طريق الاختبار، وهذا الاختبار يبقى ستة أشهر، الاختبار لا يكشف المرض، هذا المصاب حامل هذا المرض، قد تستمر حالة المرض عنده عشر سنوات قبل أن تظهر الأعراض، يمكن أن يعدي مئات الأشخاص قبل أن تظهر الأعراض، يسمى هذا الشخص خازناً لهذا الفيروس، لذلك، أيها الإخوة الكرام، هذا الذي يحمل الفيروس، بسبب أنه سافر إلى بلد غربي، ووقع في الفاحشة، وعاد، قد يعيش مع زوجته عشر سنوات، وكل الأولاد الذين تنجبهم هذه الزوجة في هذه المرحلة مصابون بهذا المرض، أخطر ما في هذا المرض أن مرحلة الحضانة تمتد إلى عشر سنوات، ولا يبدو على هذا الذي يحمل الفيروس أي عرض، يتمتع بصحة تامة، لكنه قنبلة تنفجر مع كل من يلتقي بهم.

 

 

بعض طرق انتقال الإيدز وبعض أعراضه:

 أيها الإخوة الكرام، علة هذا المرض الأولى، أن هذا الفيروس لا ينتقل بالأصل إلا عن طريق الاتصال الجنسي، أو ينتقل إلى الزوجة، وإلى الأولاد، عن طريق انتقال دمه، أو مفرزاته إلى إنسان آخر، مثلاً:
 عند الحلاق، هناك مشكلة كبيرة، لو أنه حلق رأس إنسان مصاب بالفيروس، وتلوث الموس من دمه، ولم يعقمه، واستخدم هذا الموس مع شخص آخر، فقد ينتقل هذا المرض إلى الشخص الثاني.
 عند طبيب الأسنان، أو أي مفرزات للإنسان إذا انتقلت من إنسان إلى آخر، هذا من أخطار انتقال هذا المرض.
 كما قلت قبل قليل: تظل هذه الفيروسات كامنة مدةً تصل إلى أكثر من عشر سنوات، دون أن تظهر الأعراض، وإذا ظهرت تنهار مناعة الجسم فتحدث التهابات وأمراض خطيرة، قد تظهر من خلال الدرن الرئوي، أو السل، أو أنواع من السرطانات، أو فقدان شديد للوزن، أو التهابات في الجلد، هذه الأعراض التي تظهر بعد عشر سنوات.

 

جهاز المناعة عند الإنسان:

 أيها الإخوة الكرام، ما هو جهاز المناعة ؟ هنا الروعة، أودع الله في الإنسان جهازاً ذا كفاءة مذهلة، اسمه جهاز المناعة، هو في الحقيقة كجيش بكل معاني هذه الكلمة، هذا الجيش له قيادة، وله فرق، هذا الجهاز عناصره كريات بيضاء، لكن هذه الكريات تتوزع على شكل فرق في الدم:

 

 

الفرقة الأولى: الاستطلاع:

 فرقة الاستطلاع، فإذا دخل إلى الجسم جسم غريب أو جرثوم، تتجه كرية بيضاء إلى هذا الجرثوم، فتأخذ شيفرته الكيماوية فقط، لها مهمة استطلاعية فقط، هذه الكرية لا تقاتل، تأخذ الشيفرة، وتعود إلى فرقة ثانية موكلة بتصنيع المصل المضاد.

 

 

الفرقة الثانية: تصنيع السلاح:

 

 تتوضع في العقد اللمفاوية في الجسم، تتسلم هذه الفرقة تلك الشيفرة، وتصنّع مصلاً مضاداً لهذا الجرثوم، ويحفظ تركيب هذا المصل في ذاكرة هذا الجهاز، ولولا ذاكرة هذا الجهاز لما كان من جدوى للتلقيح إطلاقاً، وقد تصل هذه الذاكرة إلى سبعين أو ثمانين عاماً، في كل مرة يصاب الإنسان بمرض معدٍ، يصنع جهاز المناعة مصلاً مضاداً له، ويحفظ تركيبه في الذاكرة، فإذا جاء المرض بعد خمسين عاماً فالدواء جاهز، والسلاح جاهز

الفرقة الثالثة: المقاتلون:

 فرقة المقاتلين، عناصر هذه الفرقة تحمل هذا السلاح الفتاك الذي صنعته فرقة معامل الأسلحة بناءً على تقديم المعلومات من فرقة الاستطلاع، تحمل هذه الكريات هذا السلاح الفتاك، وتهاجم هذا الجرثوم، وتنشب معركة، وينتصر فيها الجيش، جيش المناعة على هذا الجرثوم.

 

الفرقة الرابعة: الخدمات:

 

 مهمتها تنظيف أرض المعركة من الجثث والأشلاء.
 فرقة الاستطلاع، وفرقة تصنيع السلاح، وفرقة المقاتلين، وفرقة الخدمات..

الفرقة الخامسة: المغاوير:

 فرقة استثنائية في هذا الجيش الجرار، هي فرقة المغاوير، هذه تكتشف ظهور المرض في وقت مبكر، فتلتهم الخلية السرطانية.
 هذه بعض الحقائق عن جهاز المناعة عند الإنسان.

 

سبب الإصابة بالورم الخبيث ( السرطان ):

 السؤال الخطير الآن: ما الذي يعيق عمل الفرقة الخامسة ( فرقة المغاوير ) ؟
 ثبت أن في الجسم ملايين الخلايا السرطانية في كل واحد منا، وأن هذه الخلية السرطانية عليها قامع يمنع فعاليتها، السؤال هو: ما الذي يزيل القامع عن هذه الخلية السرطانية ؟ قالوا: المواد البلاستيكية، وقالوا: المواد البترولية، والإشعاع النووي،وقالوا: الشدة النفسية، والشدة النفسية  وردت في القرآن الكريم، قال تعالى:

 

 

﴿ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ ﴾

( سورة آل عمران: الآية 119)

 الشدة النفسية البالغة قد تميت، وقد تضعف جهاز المناعة، لذلك، المؤمن الموحّد يتمتع بصحة عالية، سببها أنه يرى أن الأمر كله بيد الله، والشدة النفسية العالية جداً تكون عند المشرك، أما الموحّد فيستسلم لقضاء الله، ويرضى بقضاء الله، ويصطلح مع الله عقب الشدة.
 لذلك، يجب ألا نستخدم البلاستيك مع المواد الحارة، و المواد الحامضية، وينبغي ألا نتساهل في البلاستيك إذا دخل في طعامنا، بعض الأواني فيها مادة بلاستيكية تمنع التصاق الطعام بالوعاء، هذه المادة البلاستيكية بعد حين تختفي، أين ذهبت ؟ إلى بطوننا، فلذلك أي مادة بلاستيكية تصل إلى البطون، أو تتفاعل مع المادة الحارة، أو المادة الحامضية، فهناك احتمال كبير أن يصاب الإنسان بالورم الخبيث.
 أيها الإخوة الكرام، نسب المصابين بالأورام الخبيثة ارتفعت عشرة أضعاف عما كانت عليه من قبل.

كيف نقوي جهاز المناعة ونوقف زحف الإيدز إلينا:

 في الدرجة الأولى، التوحيد والثقة بالله عز وجل تقوي هذا الجهاز، والخوف والقلق والحقد يضعف هذا الجهاز، هذه الحقيقة الخطيرة، التوحيد والثقة بالله، والتوكل على الله، والأمن الذي يبثه الإيمان بالقلب، هذه كلها تقوي جهاز المناعة، والقلق والحقد والخوف الشديد يضعف جهاز المناعة، لكن فيروس الإيدز يدمر جهاز المناعة تدميراً كاملاً، وآلية تدميره أنه يدخل إلى الجسم بشكل يشبه هذا الفيروس، وبعد حين ينقض عليه ويتلفه.
 أيها الإخوة الكرام، هذه بعض الحقائق التي يمكن أن تعيننا على الوقاية من هذا المرض.
 في دولة إفريقية نسبة المسلمين تصل إلى أربعين بالمئة، والإصابة بمرض الإيدز كانت عشرة بالمئة، قبل عقد ونصف دفنوا الرأس بالرمال، كما تفعل النعامة، وانفجر الوضع، ومضى الوبال ينتشر، خلال بضع سنوات ارتفعت النسبة إلى ثلاثين بالمئة، ثم قاموا بحملة كبيرة جداً خفضت هذه النسبة إلى اثنين وعشرين بالمئة.
 وقال أحد المواطنين العرب في دولة عربية في تصريح رسمي: نحن في مأمن من الإيدز، فنسب الإصابة عندنا فقط واحد بالمئة، وعندكم ستة عشر بالمئة، فقال الرجل الثاني، وهو يبتسم: قبل عشر سنوات كانت النسبة عندنا واحد بالمئة، فلما غفلنا قفزت إلى عشرة بالمئة.

 

وصف المصاب بالإيدز:

 أيها الإخوة الكرام، أنا أقول لكم كلاماً خطيراً، دققوا: هذا المصاب بمرض الإيدز خزان لهذا الفيروس، وخلال عشر سنوات لا تبدو عليه أية أعراض، تكون زوجته ضحية، وأولاده ضحية، هذا إذا كانت ممارسته الجنسية ضمن إطار الزواج، أما إذا كان متفلتاً، فإن فتاة واحدة نقلت هذا المرض إلى سبعة وعشرين طالباً جامعياً خلال أسبوع، شيء خطير، والحقيقة المرة أفضل ألف مرة من الوهم المريح.
 بعضهم يصف هذا المريض، يقول:

 

 

هذا الفتى بالداء صار إلى   رجلٍ هزيلِ الجسمِ منجردِ
متلجلجِ الألفاظِ مضطربٍ   متواصلِ الأنفاسِ مطّـردِ
عيناه غارقتان في نفقٍ   كسراجِ زيتٍ نصفِ متقـدِ
تهتزُّ أنملُه ُ فتحسبُها   ورقَ الخريفِ أصيبَ بالبَرَدِ
ويمجُّ أحياناً دماً فعلى   منديلِهِ قِطَع مـن الكَبِـدِ
قِطع تقول له تموتُ غداً   وإذا ترِقُّ تقولُ بعدَ غـدِ
مات الفتى فأقيمَ في جَدَسٍ   مستوحشِ الأرجاءِ منفرِدِ
كتبوا على أحجارِهِ بـدمٍ   سطراً به عِظة لذي رشدِ
هذا قتيلُ هوىً ببنتِ هوى   فإذا مررْتَ بأختِـها فَحِدِ

الخوف من المرض يفوق الخوف من الله عند ضعاف الإيمان:

 لكن الشيء الذي يعتصر قلبي، أن الإنسان المسلم قديماً، قبل انتشار هذا المرض، إذا سافر إلى بلد أجنبي، وطرقت بابه ليلاً امرأة مومس، كان يقول: معاذ الله، إني أخاف الله رب العالمين، فهو يمشي على خطا سيدنا يوسف عليه السلام، لكنه الآن يمتنع، لا خوفاً من الله، ولكن خوفاً من هذا الفيروس، وشتان بين الامتناعين، امتناع ترقى به إلى أعلى عليين، وامتناع لا قيمة له في ميزان الأعمال الصالحة، الذين يمتنعون عن الزنا، إذا سافروا إلى بلاد بعيدة، يمتنعون خوفاً من هذا المرض فقط، إلا من رحم ربك.

 

الفواحش والانحرافات هي السبب الأول للإيدز:

 أيها الإخوة الكرام، كأن النبي عليه الصلاة والسلام معنا، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: أقبل علينا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال:

 

(( يَا مَعشَرَ المُهَاجرين، خَمْسٌ إذا ابتُليتُم بهنَّ، وَأعوذُ باللَّه أنْ تُدْركُوهُنَّ، لمْ تَظهر الفَاحشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعلنوا بها، إلا فَشَا فيهم الطَّاعونُ، وَالأوْجاعُ الَّتي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أسلَافهم الَّذينَ مَضَوا، وَلَمْ يَنقُصُوا المكْيَالَ وَالْميزَانَ، إلا أخذُوا بالسِّنينَ، وشدَّة المئونة، وَجَوْر السلْطَان عَلَيْهمْ، وَلَمْ يَمنعوا زَكَاةَ أمْوَالهمْ، إلا مُنعُوا القَطْرَ من السَّمَاء، وَلَولا الْبَهَائمُ لَمْ يُمْطَرُوا، وَلَمْ يَنقُضُوا عَهْدَ اللَّه وَعَهْدَ رَسُوله، إلا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهمْ عَدُوّاً منْ غَيْرهمْ، فَأخَذُوا بَعضَ مَا في أَيْديهمْ، وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أئمتُهُمْ بكتَاب اللَّه، وَيَتَخَيَّرُوا ممَّا أنْزلَ اللَّهُ، إلا جَعَلَ اللَّهُ بَأسَهُمْ بَينَهُمْ ))

حديث حسن، أخرجه ابن ماجه

 أيها الإخوة الكرام، لقد عمّ هذا المرض العالم كله، ولم يكن معروفاً من قبل، طبعاً أسبابه كثيرة، ولكن تتمركز في الإباحية، وفي الشذوذ، في الدرجة الأولى، ثم تأتي العدوى عن طريق الزواج للزوجة والأولاد، أو عن طريق اللقاء المحرم، ثم تأتي عن طريق مفرزات الإنسان، ولا سيما دمه.
 لذلك قال تعالى:

﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾

( سورة الروم: الآية 41 )

 ليذيقهم، لا كل الذي عملوا، بعض الذي عملوا.. لعلهم يرجعون.

الوقاية خير من العلاج:

 أيها الإخوة الكرام، حتى الآن قد مات بسبب هذا المرض اثنان وعشرون مليون إنسان في العالم، وهذا الرقم لو قسم على الثواني، فكل عشر ثوانٍ هناك إنسان يموت بسبب هذا المرض، لكن الذي لا يصدق، وسأضرب مثلاً، بلدة تشرب ماءً ملوثاً، فانتشرت فيها الأمراض، لو سألت مليون طفل: ماذا نفعل ؟ يقول هؤلاء الأطفال: امنعوا الماء الملوث، العالم كله مُصرّ على بقاء الفساد، ويريد أن يبحث عن مصل مضاد لهذا المرض، أليس الطريق مسدوداً ؟ هو عقاب للفساد، لذلك، المشكلة التي لا تصدق، أن هناك حالات يمكن أن نعرف نوعية المرض بدقة، تكلف تقريباً عشرة آلاف ليرة، فإذا بحثنا عن مضاد لهذا المرض، وكلفتنا هذه الأبحاث مئات المليارات من الدولارات، فلهذا المرض أكثر من مئة سلالة، كل هذه الأبحاث تنتهي لو جاءت سلالة ثانية.
 الله عز وجل أراده عقاباً، والعالم كله بكل تقدمه العلمي، وبكل إمكاناته، وبكل جامعاته، وبكل مؤسساته، عاجز عن شفاء هذا المرض، ولكن أسهل طريقة للوقاية منه الاستقامة على أمر الله، الوقاية من هذا المرض بيد كل إنسان، لكن هذا الذي يصرّ على الفساد يدفع الثمن باهظاً.
 بعضهم أنشأ قصيدة في هذا الموضوع يقول:

 

يا بناة الجيل هيــــا   حصِّنوا هذا البنــــاء
احفظوا جيل الشبــاب   أرشدوهـم للصـــواب
إنه النبـع الغزيـــر   معطياً عذب الشـــراب
حصنوا كل الشبـــاب   لينيــروا كالبـــدور
يسروا أمـــر الزواج   لا تغالوا بالمهـــــور
واحذروا داء التبــاهي   بالأثاث والقصـــــور
إنما نبع السعـــــادة   كامن ضمن الصـــدور
احذروا الفيروس جمراً   يختفي تحــت الرماد
إن تجاهلنا الحقيقة   لاكتوى كل العباد
بددوا الجهــــل بعلم   أيقظوا الأهــل الرقــاد
توجوا العلم بطهــــر   صادق فهـــو العمــاد
ها هو الفيروس آتٍ   قاصداً كل البـلاد
و هو أعمى عن شبــاب   طاهـــر يأبى الفســاد

 بقدر استحالة علاج هذا المرض، نجد سهولة الوقاية منه، والأمر بيد كل واحد من الشباب، يكفي أن يستقيم على أمر الله:

 

إنما العفة مــــاءٌ   بارد عــذب زلال
يطفئ الجمر و يروي   كل من طلب الحلال

 لذلك أيها الإخوة الكرام، لا شيء في الأعمال الصالحة يعلو على تزويج الشباب، وتيسير أمورهم، وعدم المغالاة بالمهور، وعدم الخضوع للمظاهر الصارخة، كل إنسان يسهل على خاطب ابنته الطريق، فهو يعبد الله عز وجل، و يسهم في مكافحة هذا المرض.

وأخيراً:

 أيها الإخوة الكرام، هذه الحقائق أتمنى عليكم أن تنشروها..
 أيها الإخوة الكرام، حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم، واعلموا أن ملك الموت قد تخطانا إلى غيرنا، وسيتخطى غيرنا إلينا، العاقل من دان نفسه، وعمل لما بعد الموت، والجاهل من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني، و الحمد لله رب العالمين.

* * *

 الخطبة الثانية:
 الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله صاحب الخلق العظيم، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

الاهتمام بالأهل والمقربين:

 أيها الإخوة الكرام، ورد في بعض الأحاديث:

((عليك بخاصة نفسك، ودع عنك أمر العامة ))

[من حديث صحيحة الإسناد، أخرجه ابن حبان والحاكم]

 من هم ( خاصة النفس ) ؟
 بحسب ما ورد في شرح الحديث، هم أهلك، زوجتك، أولادك، بناتك، أصهارك، أقرباؤك، أصدقاؤك، جيرانك، زملاؤك، هؤلاء جميعاً تحت كلمة:

(( عليك بخاصة نفسك ))

 أهلك، زوجتك، أولادك، بناتك، أصهارك، ثم أقرباؤك، ثم جيرانك، ثم أصدقاؤك، ثم زملاؤك.
 فلذلك، حينما تستمع إلى موضوع خطير، ينبغي أن تنقله إلى من حولك، فإن لم تحسن فخذ الشريط، لأن هذه الحقائق لعل الله عز وجل يلهمنا بحملة يقوم بها كل علماء دمشق، أو كل علماء المحافظات لعلها أن تخفف من نسب تفاقم هذا المرض.

 

المرض يحوم حولنا:

 أنا ذكرت لكم قبل عشر سنوات، أن النسب لا تعدو في القطر مئة حالة، الآن العدد مخيف، نصف مليون ضرب عشرين، هذه نسبة بين الواقع، وبين المعلن عنه في العالم الإسلامي، هذه نسبة خطيرة جداً، وكل إنسان، ولو كان بريئاً، يتوقع أن يصاب.
 لو أن إنسانًا خطب فتاةً، وهذا الخاطب كان في بلاد الغرب فرضاً، وأخطأ مع الله عز وجل، ومضى على خطئه عامان أو ثلاثة، مدة حضانة المرض عشر سنوات، فهذه البنت بسبب أنها تزوجت من هذا الشاب ستصاب، والأولاد سيصابون بهذا المرض، وينتهي أمر الأسرة.. فالقضية خطيرة !
 أنا والله لا أرى مانعاً من طلب تحليل عند الخطبة، والله، من حق الفتاة الشرعي فهي بريئة، إنسانة محجبة طاهرة بريئة، ما ذنبها أن تصاب بهذا المرض هي وأولادها ؟
 لا يوجد له دواء حتى الآن، فلا يوجد مانع إذا جاء إنسان يشك في ماضيه، أن يطالب بوثيقة تعلن براءته من هذا المرض، ولا يوجد مانع بحالات العملية الحارة، أن نبحث عن إنسان مستقيم معروف بالصلاح والاستقامة، لكي نأخذ منه الدم.

 

بعض حوادث انتشار المرض بيننا:

 وأنا قبل عدة سنوات، كنت أذكر في كل خطبة قصة تنشرها جريدة تشرين، عن أحد ضحايا هذا المرض:

أم بريئة تصاب بسبب ابنها:

 إنسان أخذ أمه إلى ألمانيا، وأمه إنسانة محترمة جداً، محجبة مسلمة طاهرة، وأخطأ هناك، وبعد يومين اضطروا إلى دم لأمه، فجأة أعطاهم من دمه، فعادت الأم إلى الشام مصابة بهذا المرض.

 

عائلة بريئة تصاب بسبب الزوج:

 قصة أخرى، شاب ذهب بمهمة إلى أمريكا، وله زوجة يحبها حباً جماً، وأولاد، وقد أخطأ هناك، وعاد فاكتشف أنه سبب لزوجته وأولاده هذا المرض.

 

سائق تكسي يصاب بسبب امرأة مشبوهة:

 ذكرت بعض الصحف اليومية، أن سائق سيارة عمومي أشارت له امرأة أن تركب معه، فوقف، وأركبها، سألها: إلى أين يا أختي ؟ قالت: خذني إلى أي مكان تشاء، فهم قصدها، فحقق حاجته منها، وحققت حاجتها منه، وأعطته رسالتين، الأولى فيها خمسة آلاف دولار، والثانية فيها رسالة، قرأ الرسالة، سطر واحد:
 ( مرحباً بك في نادي الإيدز)
 والدولارات مزورة، فدخل السجن مصاباً بالإيدز !
 لو أن هذا الإنسان حضر مجلس علم، وقالت له: خذني إلى أي مكان تريد، ففتح الباب، وركلها بقدمه، لنجا من هذا المرض العضال، فالعلم خير من المال.
 قصص رويتها على المنبر لا تصدق، لذلك: " يا بني، العلم خير من المال، لأن العلم يحرسك، وأنت تحرس المال، والمال تنقصه النفقة، والعلم يزكو على الإنفاق ".

 

أحد الأثرياء يصاب بسبب ليلة حمراء:

 ذهب إنسان غني كبير إلى إيطاليا، نزل في بعض الفنادق، وأراد أن ينام مع امرأة، طبعاً بشكل غير شرعي، استيقظ صباحاً فلم يجدها، لكنها كتبت بالأحمر الذي تستخدمه لشفاهها: ( مرحباً بك في نادي الإيدز )، فانتحر في الغرفة نفسها.

 

 

احذروا الغزو الآتي من الصحون اللاقطة:

 بلّغْ مَنَ حولك أخطار هذا المرض، أقول لكم مرة ثانية: خمسمائة ألف مصاب ضرب عشرين، يعني عشرة ملايين مصاب في العالم الإسلامي، بأمريكا مليون شخص، بأوربا مليون، عن وعي فقط، لا عن دين إطلاقاً، فهذا الشيء وصمة عار بحقنا، ومعنا الكتاب، معنا السنة، معنا وحي السماء، معنا منهج الله عز وجل، ويتفاقم المرض بهذا الشكل ؟ هذا من نتائج الغزو الثقافي بهذه الصحون التي ترونها على السطوح.

الدعاء:

 اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا واصرف عنا شر ما قضيت، فإنك تقضي بالحق، ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت، ولك الحمد على ما قضيت، نستغفرك و نتوب إليك.
 اللهم اهدنا لصالح الأعمال، لا يهدي لصالحها إلا أنت، اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلا أنت.
 اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر، مولانا رب العالمين.
 اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك، وصلى اللهم على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور