وضع داكن
19-04-2024
Logo
تربية الأولاد إصدار 1994 - الدرس : 07 - التربية الصحية -2- الدخان
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيِّدنا محمدٍ الصادق الوعد الأمين، اللهمَّ لا علم لنا إلا ما علَّمتنا، إنَّك أنت العليم الحكيم، اللهمَّ علِّمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علَّمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحقَّ حقاً وارزقنا اتِّباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
 أيّها الأخوة الكرام لازلنا مع الدرس السابع من دروس تربية الأولاد في الإسلام.

قيمة الصحة في حياة المؤمن:

 لقد وصلنا في التربية الصحية أو مسؤولية الآباء عن تربية أبنائهم الجسميّة والبدنية إلى موضوع الظواهر الخطيرة المتفشِّية بين الشباب، ومن هذه الظواهر ظاهرة التدخين، وقبل أن نمضي في الحديث عن هذه الظاهرة التي ينبغي أن نكافحها جميعاً، لا بدَّ من وقفةٍ قصيرةٍ عند قيمة سلامة الجسم وقيمة الصحة في حياة المؤمن.
 أيّها الأخوة يجب أن نعلم أنَّ أثمن نعمةٍ على الإطلاق بعد نعمة الهدى هي نعمة الصحة، ولأنّ النبيّ عليه الصلاة والسلام في أكثر أدعيته كان يقرنها مع الهدى:

(( اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ ))

[ الترمذي عن الحسن بن علي ]

 وقال:

 

(( اللَّهمَّ إني أسألُكَ العَافِيَةَ في الدنيا والآخِرةِ، اللَّهمَّ إني أَسألُكَ العَفو والعَافِيَةَ في دِيني ودُنيايَ ))

 

[أبو داود عن عبد الله بن عمر]

  يجب أن نعلم أنّ هناك ثلاثة مرتكزات في حياتنا: نعمة الهدى، ونعمة الصحة، ونعمة الكفاية، فإذا حصّلتها فقد حصّلت كلّ شيء، ولا تلتفت إلى ما فاتك من الدنيا، لكنّ الصحة أيّها الأخوة ليست مقصودةً لذاتها بل مقصودةٌ لغيرها لأنّ الجسم أداة العمل الصالح، فإذا كان صحيحاً حقق الهدف من وجوده.

 

اتقاء الأمراض التي تسببها أخطاؤنا:

 

 الآن هناك أمراض تأتي من نوع القضاء والقدر، هذه الأمراض لله حكمةٌ بالغة في سوقها للإنسان، لكن نحن حديثنا عن الصحة ليس من هذا النوع، ليس من نوع الأمراض التي تأتي قضاءً وقدراً ولحكمةٍ بالغة يريدها الله عزَّ وجلَّ، حديثنا عن الصحة كيف نتّقي الأمراض التي تسببها أخطاؤنا ؟ لأنّ الله سبحانه وتعالى حينما قال:

﴿ الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) ﴾

( سورة الشعراء )

   لم يقل الله تعالى والذي أمرضني فهو يشفين، أو والذي يمرضني ويشفين، فلو قالها فليس لنا علاقة بالصحة ولكنّه قال عزَّ وجلَّ:

﴿ الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) ﴾

( سورة الشعراء )

 عُزي المرض إلى الإنسان، إذاً أصل المرض خروجٌ عن منهج الله، والآية الكريمة:

﴿ وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (195) ﴾

( سورة البقرة )

  والآية الثانية:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29) ﴾

( سورة النساء )

  والحديث الشريف:

 

(( من أكل الطين فكأنما أعان على قتل نفسه ))

 

[ رواه الطبراني عن سلمان ]

من يفعل أشياء قد تودي به إلى التهلكة فقد عصى:

 والنبيّ علّمنا أشياء كثيرة، علّمنا من خلال بعض أوامره لأصحابه أنَّ الذي له جملٌ حرون ينبغي ألا يصحبنا في الجهاد، الجمل الحرون خطر، فبعض أصحابه ركب جملاً حروناً فقتله، والنبيّ أبى أن يصلّي عليه لأنّه عاصٍٍ، يقاس عليه أن تركب مركبة مكابحها غير منتظمة، غير جيّدة، أن تركب مركبة لا تراجعها قبل السفر، قد يكون خطأ في الميزان فلو اضطرب الميزان أثناء السرعة العالية ربما يقتل صاحبه ! وقد نهى النبيّ أن ننام على سطحٍ لا سور له.
 الآن من يفعل أشياء ربما أودت به إلى التهلكة فقد عصى، فإذا وجد عندك تيارٌ كهربائيٌ مئتان وعشرون فولطاً وفيه أسلاك مكشوفة، وعندك أولاد، فلو حدث فيها ماسٌ وصدمةٌ كهربائيّة ومات أحدهم فأنت محاسب، محاسب حساباً شديداً وعليك دِيَّة !!
 أردت من هذه المقدّمة أن أؤكد لكم أنّه ما من نعمةٍ على الإطلاق بعد نعمةِ الهدى من نعمة الصحة، تليها نعمة الكفاية لا الغنى، هدى، صحة، كفاية، فإذا حصّلتها فعلى الدنيا السلام.
 ومرةً ثانيةً أقول لكم: أنا لا أتحدّث عن الأمراض التي يسوقها الله عزَّ وجلَّ محض رحمةٍ، والله محض ودٍ، ومحض فضلٍ، الإله يكون منعه أحياناً هو عين العطاء.
 حدّثني أخ أعرفه قبل سنواتٍ عدّة، أعرف هذا الإنسان أبعد شيءٍ عن الإيمان، يكاد يكون غير مؤمن إطلاقاً، قريباً من الإلحاد، جاءته الدنيا كما يشتهي، عاش في بحبوحة وفي مرح، من مكان إلى آخر، من ندوة إلى أخرى، من نادٍ إلى آخر، من ملهى إلى آخر، إلى أن أصيبت ابنته الوحيدة التي يحبُّها حباً  جمّاً بمرضٍ خبيث في الدّم، ولشدّة حبّه لها أنفق كلَّ شيءٍ يملكه حتّى إنّه باع بيته، قال لي مرّةً وقد وجدْته في مكان: أنا أصلّي عندك منذ أشهرٍ كثيرة، وقد فوجئت بهذا الخبر، وله سمتٌ حسن، فسألته عن سرِّ مجيئه للمسجد ؟ فحدّثني بهذه القصّة:
 أنّه له فتاة يحبُّها حبّاً جمّاً أصيبت بمرضٍ عضالٍ في دمها، أنفق كلّ ما يملكه حتّى اضطرّ إلى بيع بيته، قال لي: ثمَّ جاءني خاطرٌ يا ترى لو أنني رجعت إلى الله أنا وأمّها هل يشفيها ربنا عزَّ وجلَّ ؟ خاطر، فكأنّه شعر بوجود القبول أي تفضّل وتب إليّ، فبدأ يصلّي هو وزوجته، وحجّب زوجته، والتزم خطب الجمعة، وبدأ يسعى إلى الله كما وعده، ثمّ قال لي: شيئاً فشيئاً تراجع هذا المرض، وبعد سنواتٍ عدّة دعاني إلى عقد قرانٍ ابنته، وأنا في عقد القران ـ وقد ألقيت كلمة ـ سألته: هي هي ؟ فقال لي: هي هي، هي التي أصيبت بمرض عضال وشفاها الله.

 ما من مرض يسوقه الله لعباده إلا من أجل أن يقربهم إليه:

 أخواننا الكرام، يوم القيامة هذا الإنسان حينما يرى هذا المرض الخبيث الذي ألمَّ بابنته، كان سبب هدايته إلى الله، ألا يرى هذا محض فضلٍ ؟ والله الذي لا إله إلا هو فإنني أجزم أنّه ما من مرض يسوقه الله لهذا الإنسان إلا هو محض فضلٍ ولو كشف الغطاء لذابت نفسه شكراً لله عزَّ وجلَّ، لأنّ ربنا عزَّ وجلَّ رب يربّي فهو يعلم كيف يجلب العبد، وكيف يحمله على التوبة، ويعلم كيف يجعله يقف على بابه متأدّباَ عابداً، فهو سبحانه وحده قد يكون منعه عين العطاء، فأنا الآن لا أتحدّث عن هذه الأمراض التي يسوقها الله عزَّ وجلَّ لعباده من أجل أن يقرِّبهم منه.
 أحد كبار العلماء في قطر عربي له سمعة كبيرة في العالم الإسلامي، اضطرّ أن يجري عمليّة في المرارة وضعت تحت تصرّفه أربع طائرات في المطار مع الطاقم الطّبي الكامل، وأخذ إلى بريطانيا وأجريت له العمليّة بنجاح، سأله صحفي: ما هذه المكانة العلية التي تتمتع بها في العالم الإسلامي ؟ فقال بمنتهى الأدب: لأنني محسوبٌ على الله، أنا لست محسوباً على جهةٍ أرضيّة. وكلمة محسوب فيها أدب أيضاً، قد أكون لست أهلاً لكنني محسوب على الله عزَّ وجلَّ.
 قبل أيام قرأت لقاءً صحفياً معه أنه ما الحكمة من هذا المرض الذي ألمّ بك ؟ فقال: لأزداد قرباً من الله عزَّ وجلَّ.

للمصائب عدة أنواع منها مخالفة النظام الدقيق الذي نظّمه الله لنا:

 فأنا أحب أن أُطَمئِن كل أخواننا لأنّ الحديث القدسي دقيق جداً:

(( يا ابنَ آدمَ مَرِضْتُ فلم تَعُدْني، قال: يا رب كَيْفَ أعُودُكَ وأنتَ ربُّ العالمين ؟ قال: أمَا علمتَ أنَّ عبدي فلاناً مَرِضَ فلم تَعُدْهُ ؟ أما علمتَ أنَّكَ لو عُدْتَهُ لوجَدتني عنده ؟ ))

[مسلم عن أبي هريرة]

  أي أنّ ربنا عزَّ وجلَّ عندما يسلب الصحّة من الإنسان يعوّضه من تجلّيه ومن سكينته ومن النور يقذفه في قلبه أضعافاً كثيرة، فإذا زار الإنسان مريضاً يشعر بالصفاء لماذا ؟ لأنّ المريض زاده مرضُه قرباً من الله عزَّ وجلَّ.
 مرّة ثالثة أنا لا أتحدّث عن هذه الأمراض، فهذه الأمراض محض فضل، محض رحمة، محض تربية، أنا أتحدَّث عن مرض سببه خطأ منا، وهذا درسنا اليوم، فأنا لا أقبل أبداً من مسلم يرتكب أخطاء بجسمه وعندما يدفع الثمن باهظاً يقول لك: هذا ترتيب سيدك، هذه حماقة، صدقاً لا أقبل أحداً يقصّر في التعامل مع جسمه ويرتكب أخطاء كثيرة في غذائه في حركته في أنواع طعامه ثمّ يقول: هكذا قدّر الله لي !!
 لا، هذا ليس قضاءً وقدراً، هذا جزاء مخالفة النظام الإلهي، ذكرت مرة في خطبة جمعة: أنّ المصائب أنواع منوّعة منها مصائب مخالفة النظام الدقيق الذي نظّمه الله لنا فمثلاً إذا قلنا لشخص خفف من تناول الملح وهو يحبُّه جداً، فهو لا يُسرُّ إذا لم يوجد الملح وكل لقمة يغمسها فيه وإذا لم توجد المملحة على طاولة الطعام، قلنا له: إنّ الملح يحبس السوائل في الجسم ويرفع الضغط، وبارتفاع الضغط يجهد القلب، فارتفع ضغطه، وأصيب بخثرة دمويّة وانتقلت للدماغ وأصبح معه شبه شلل فيقول لك: هكذا الله يريد، لا الله لا يريد ذلك فهذا جزاء الخطأ.
 فمثلاً قال لك الطبيب: إيّاك أن تدع حبَّ الضغط إلا بعد استشارتي وبالتدريج، كثير من الأشخاص يتناولون حبوب الضغط ويجد أن ضغطه قد نزل فيرتاح ويقول: لا أريد وأبعدوه عنّي. هل هذا حسب ما تريد ؟ طبيب قلبيّة مثّل لي الحادثة فقال: هذا الضغط مثل النابض وحبّة الضغط أنزلته، وإذا تركته فجأةً يرجع لمكان أعلى مما كان سابقاً، وإن زاد قياسه عن ثمانية عشر فهناك احتمال أن ينفجر شريانٌ بالدماغ فوراً، واحتمال خثرة وفالج.
 فدرسنا اليوم ليس له علاقة بالأمراض التي يسوقها الله من أجل أن يقرِّب هذا العبد، درسنا اليوم متعلّق بأمراض أسبابها أخطاء منّا، قال عليه الصلاة والسلام:

 

(( الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ ))

 

[ رواه مسلم عن أبي هريرة]

ربنا عز وجل جهز الإنسان بجهاز عالي المستوى لدرء الأخطار:

 الآن إلى ظاهرة التدخين، أخواننا الكرام كلُّكم يعلم أنَّ هذا الجسم مزوّد بآليّة عجيبة جداً، أي أنّ جسمك وحده كونٌ ينطق بعظمة الله، والحديث عن الجسم لا ينتهي، لا تكفيه سنوات ولا مجلّدات، ولكنني سأتناول من الجسم ما له علاقة بالتدخين.
 ربنا عزَّ وجلَّ جهّز الإنسان بجهاز لدرء الأخطار ولكنّه عالي المستوى، فمثلاً: لو شاهد الإنسان أفعى في بستان، أو شاهد عقرباً، أو إنساناً يشهر عليه السلاح، أو وهو يقود سيارته شعر بأنّ هناك حادثاً مميتاً، تجاوز سيّارة فوجد أمامه سيّارة وبسرعة عالية، ماذا يحدث في جسمه خلال ثوانٍ ؟
 أولاً: هذه العين تنطبع على شبكيّتها صورة خطيرة، هذه الصورة تنتقل إلى الدماغ إدراكاً (إدراك الخطر) والدماغ يوجد عنده مفاهيم، فلو رأى أفعى وهو قد درس عنها في سنين دراسته وكيف أنّ لدغتها قاتلة، ودرس عن بعض أنواع الأفاعي الشرسة التي تقفز قفزاً، وشاهد أفعى مصبّرة في مدرسته، وسمع عدداً من القصص في بعض المعسكرات عن أفعى لدغت مثلاً مجنّداً، فتوجد لديه مجموعة مفاهيم عن الأفعى، فعندما شاهدها فهذه الصورة انتقلت إلى الدماغ عن طريق العين، فبالعين إحساس وبالدماغ إدراك، والدماغ هو ملك الجهاز العصبي، وتوجد بداخله ملكةٌ صغيرة اسمها الغدّة النخاميّة وهي ملكة الجهاز الهرموني، الجهاز العصبي أوامره كهربائيّة، والجهاز الهرموني أوامره كيميائيّة.
 فالدماغ يعطي أمراً للملكة عن طريق جسم تحت السرير البصري هذا ضابط اتصال بين الملك والملكة، الملكة أي الغدّة النخاميّة تعطي أمراً هرمونياً إلى الكظر وهما غدّتان فوق الكليتين (وهما من أخطر الغدد) تعطي أمراً إلى الكظر بمواجهة الخطر، فماذا يفعل الكظر ؟

ما الذي يحدث عند مواجهة الإنسان للخطر ؟

 عند مواجهة الإنسان للخطر يحتاج إلى جهد عضلي، أوّل أمر يذهب إلى القلب لرفع ضرباته، كانت ضرباته ثمانين، فترتفع للتسعين ثمّ المئة، ثمّ المئة والعشرين، ويمكن أن تصل ضربات القلب للمئة والثمانين ضربة بالدقيقة.
الهرمون الثاني يذهب إلى الرئتين من أجل أن تسرعا في وجيبيهما بحيث تتوافق مع ضربات القلب السريعة، فالخائف دقّات قلبه مئة وثمانون ويلهث.
 أمراً ثالثاً يذهب للأوعية الدمويّة، فالإنسان أزهر اللون ومورَّد الخدّين وهذه لا يحتاجها الخائف، فهو يريد الخلاص من الأفعى ولا يريد الوجنات الموردة المحمرّة، فيذهب أمر إلى الأوعية المحيطيّة لتضيق لمعتها، فالخائف يصبح أصفر اللون، فما الذي حدث ؟ كلُّ هذه الأوعية تضيق لمعتها.
أمرٌ رابعٌ يذهب إلى الكبد، طبعاً الإنسان يحتاج إلى طاقة، فالكبد يقوم بطرح كميّة إضافية من السكر بالدم.
 وأمر خامس يذهب للكبد فيطرح مزيداً من هرمون التجلّط، فالخائف دمه لزج، و أغلب الظّن عند وجود مشادة أو قتال أو مشكلة قد يصاب بجرح فينزف كل دمه فيميل الدم للزوجة، هذا الأمر يحدث في ثوانٍ، وهذه أشياء مسلّم بها طبيّاً وليست غريبة.

الأخطار التي يسببها النيكوتين لجسم الإنسان:

 ماذا يفعل النيكوتين في الجسم ؟ النيكوتين هو المادة السامّة في الدخان، هذه المادّة السامة لو أخذت محصّلة دخينة واحدة من النيكوتين وحقنته في الوريد لمات الإنسان فوراً، ماذا يوجد في الدخينة الواحدة ؟ النيكوتين، لو حقنته في جسم الإنسان لمات فوراً ! ماذا تفعل هذه المادّة السامة في الجسم ؟
تقوم بحثِّ الكظر على إعطاء كلِّ هذه الأوامر طوال التدخين، الإنسان أحياناً يضطرب في الشهر أو في السنة مرة أو في الخمس سنوات اضطراباً شديداً ويخاف، وتوجد لديه آليّة عالية المستوى يواجه بها الخطر، أمّا المدخن هذه الجاهزيّة العالية من ضربات سريعة إلى وجيب سريع إلى هرمون التجلّط إلى السكر الزائد إلى سكّر إلى ضيق الأوعية المحيطيّة، عندما يضيق الوعاء المحيطي يتعب القلب، فالقلب مضخّة فإذا ضاق المجرى يحتاج إلى جهد أكبر.
فأوّل شيء بالدخان أنّ المادة السامة في الدخينة تفعل فعل الشدّة النفسيّة في الإنسان، والحقيقة أن هذه المادة تؤثّر على الكظر وتجعله يفعل ما يفعله حينما يخاف الإنسان هذه واحدة.
 الشيء الثاني عندما تضيق شرايين الإنسان، ويصبح دمّه لزجاً فلا يستطيع الدّم الدخول إلى الأوعية الدقيقة جدّاً، لذلك احتمال أن يصاب المدخن بالغرغرين يصبح قائماً ـ وهو هذا المرض الموات ـ عندما تمتنع التروية ببعض الأطراف تسود، وإذا اسودّت يجب قطعها فوراً، وبالمناسبة أخواننا لا أحد يستعمل حذاءً ضيّقاً فهو خطر جداً، ولا يهمّك أنّ الضيّق موضة، هذا كلام فارغ، استعمل الأحذية الواسعة المريحة، لأنّ الحذاء الضيّق له مفعول خطير يشد على الأوعية الدمويّة وربما أصيبت قدمه بالموات.

الأضرار المادية والمعنوية التي يسببها التدخين:

 درسنا اليوم درسٌ صحيحٌ لأنّه عن التربية الصحيّة، فقم بتربية أولادك، هذه واحدة.
 الثانية أنّ هذه الرئة كما تعلمون، خمسة وثلاثون مليون حويصل رئوي، لو نشرنا هذه الحويصلات تصبح مساحتها سبعين متراً مربّعاً، القصبة الهوائية تتفرع لثلاثة وعشرين فرعاً، وكل فرع إلى فروع، إلى أن تصل هذه الفروع إلى خمسة وثلاثين مليون حويصل رئوي، في كل المجاري التنفسيّة أهداب تتحرّك نحو الأعلى باستمرار، فكل المواد الغريبة تنطلق نحو الأعلى، وأحياناً يشعر الإنسان أن بحنجرته قشع، اسمها النخامة، ويقوم بلفظها، المادة السامة في الدخان تشلُّ حركة الأهداب شلاً كاملاً، كل إنسان يستخدم الدخان يشكل تلاقي هذه الأهداب مثلثاً، إذاً احتمال أن يحدث إنتان بالرئتين، وهذه الحالة الثانية، وأنا لا أقول عن أخطار الدخان سوى واحد بالألف.
 قبل أن آتي إليكم اطلعت على كتاب صدر حديثاً عن إحدى دور النشر ـ وهي لأحد أخواننا ـ اطلعت على الكتاب فوجدت أنّ مستوى الكتاب أعلى من درسٍ يلقى في المسجد، فالأمور تحتاج إلى شرح صور، سليدات، وصعب أن تُشرَح شرحاً نظرياً، فبقيت على المعلومات البسيطة التي أعرفها، ووجدت أنه من غير المناسب طرح الموضوع المعقّد العلمي في المسجد، وأنا والله لا أتكلّم عن أضرار الدخان سوى واحدٍ بالألف.
 ذلك فضلاً عن موضوع الرائحة التي لا يقبلها الإنسان، وعن الإنفاق الزائد، دعني من أنه حرامٌ أم حلالٌ، فأنت إنسان رأسمالك صحّتك، وإن كنت شاباً في ريعان الشباب، فالمفروض أن يكون لديك إرادة قويّة وقوّة إدراكيّة عالية لتختار ما هو صالح لنفسك، أمامي بعض المعلومات عن أضرار الدخان.
قيل إن نسبة الوفيّات بين المدخنين الذكور تزيد ثمانية وستين بالمئة عنها من بين غير المدخنين، أي لو أخذنا مئة شخص لا يدخنون ومئة يدخنون، فإن مات واحد من المئة الذين لا يدخنون يموت ثمانية وستون من المدخنين.

بعض الإحصائيات عن نسبة الوفيات في صفوف المدخنين بالمقارنة مع غير المدخنين:

 توجد لدينا إحصائيات أجرتها مجلّة ألمانيّة متخصّصة في هذا الموضوع، وتقول هذه الإحصائيّات أن نسبة الوفيّات في صفوف المدخنين من الأمراض التالية بالمقارنة مع غير المدخنين:
 سرطان الرئة: ( 10.8) أي عشرة أضعاف، أي الذين يصابون بسرطان الرئة من بين المدخنين عشرة أمثال غير المدخنين.
 التهابات الأغشية المخاطيّة والمجاري التنفّسيّة وتورُّمها وانتفاخها: ستة أضعاف وواحد بالعشرة.
 سرطان الحنجرة: خمسة أضعاف وأربعة بالعشرة.
 سرطان تجويف الفم: أربعة أضعاف وواحد بالعشرة.
 سرطان المري: ثلاثة أضعاف وأربعة بالعشرة.
 أمراض المعدة: ضعفان وأربعة بالعشرة.
 أمراض دوريّة أخرى: ضعفان وستة بالعشرة.
 أمراض الدّسامات القلبية: ضعف وسبعة بالعشرة.
 هذه إحصائيّة والذين أجروها لا علاقة لهم بحرمة الدخان ولا بحلِّه، وكذلك جمعيّة مكافحة السل أصدرت نشرة تقول فيها إنّ سنوات عديدة من البحث العلمي أثبتت الوقائع التالية: عندما يدخن شخصٌ ما دخينةً (أنا أقول دخينةً عوضاً عن سيجارة لأنها كلمةٌ عربية) فإنّه يبتلع الدخان ويحتفظ الجسم بثمانين إلى تسعين في المئة منه، كما يحتفظ ببقايا احتراق التبغ الذي هو القطران الذي يتجمّع في الطرق التنفُّسيّة، والقطران نوعٌ من عدّة مركبات كيماويّة يستطيع بعضها إحداث السرطان بينما بقيّة العناصر الأخرى تحدث التخريش أيضاً.

التدخين يهيئ لعدة أمراض خطيرة:

 المدخنون أشدُّ تعرُّضاً للإصابة بالسل والسرطان من الذين لا يدخنون، والتدخين هذه العادة تؤدّي إلى الآفات الرئويّة المزمنة كالتهاب القصبات وانتفاخ الرئة والربو والسل.
 التدخين يهيئ لأمراض القلب، يعني أوضح قضيّة بالقلب، عندما يكون الدم لزجاً فاحتمال تجلُّطه أكبر، لذلك أول سؤال يسأله طبيب القلب للمريض: هل تدخّن ؟ وأحيانا يوجد طبيبٌ لا يسأل بل يضع يده على صدر المريض ويتحسس هل يحمل في جيبه علبة من الدخان، لوجود علاقة علميّة بينهما.
 وأنا أقسم لكم لم أتحدّث وليس في إمكاني أن أتحدّث أكثر من ذلك، لأنّ الأمور أعقد بكثير، كتب بأكملها بعضها صدرت في أربعمئة صفحة عن أضرار التدخين، وقد اكتشفت اليوم شيئاً لم أكن أعرفه من قبل، يوجد مرض خطير اسمه فقر الدم اللامُصنّع، فقد وضع الله عزَّ وجلَّ بنقي العظام الموجودة داخل عظم الساق أو الفخذ ـ يحبّها الأطفال كثيراً وهي لب العظم (النخاع ) وهي طيبة الطعم ـ وهي معمل لإنتاج كريات الدم الحمراء، وهي تسمّى نقي العظام، هذا المعمل لو توقّف لصار الموت محققاّ، وحتى الآن لا يدري أحدٌ لِمَ يتوقف هذا المعمل، المرض اسمه فقر دم لا مصنِّع، واليوم اكتشفت في هذا الكتاب الجديد أن الدخان يسهم في تقليل إنتاج كريات الدّم الحمراء، فالمواد السميّة بالدخان تفعل فعلها في معامل نقي الدم، النبيّ أمرنا بالحجامة، فماذا تفعل الحجامة ؟
 قال عليه الصلاة والسلام:

((احتجموا لسبع عشرة وتسع عشرة وإحدى وعشرين لا يتبيغ بكم الدم فيقتلكم))

[الترمذي عن عبد الله بن عباس]

  وتوجد أحاديث كثيرةٌ جداً وصحيحة عن الحجامة ولا سيّما في هذه الأيام ـ أيام الربيع ـ فالحجامة تقلل كميّة الدم بالجسم، حينما تقلُّ هذه الكميّة في الجسم تنشط معامل كريات الدم الحمراء، فكأنّ الحجامة صيانة مستمرّة لمعامل كريات الدم الحمراء في الجسم.

 

  الإرشادات الطبيّة النبويّة تعدّ من تعليمات الصانع لا من كلام النبيّ:

 أخواننا الكرام، الذي قاله النبي عن الصحّة وحيٌ من الله، لأنّ المعطيات العلميّة في عصر النبيّ لا تسمح له أبداً أن يعرفها، أشياء في منتهى التعقيد لكنّ النبيّ نطق بها، لأنّه:

﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) ﴾

(سورة النجم)

  الإرشادات الطبيّة النبويّة يجب أن تعدّ من تعليمات الصانع، لا من كلام النبيّ، ألم يقل سيّدنا سعد بن أبي وقّاص: وما سمعت حديثاً من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلا علمت أنّه حقٌ من الله تعالى.
 طبعاً أخطر شيء السرطانات بدءاً من الفم للحلق للبلعوم للمريء للرئتين، أمراض الموات كالغرغرين والجلطات الدمويّة، أي الأمراض القلبية والوعائية، هذه من نتائج الدخان الطبيعيّة.

 

بعض الدلائل من الكتاب والسنة عن العناية بالصحة وعدم إهمالها:

 

 الآن أضع بين أيديكم هذه الآيات قال تعالى:

﴿ وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (195) ﴾

( سورة البقرة )

  قد يكون في الإنسان أعلى درجات العناية بصحته، ويبعث الله له مرضاً هذا يسمّى قضاءً وقدراً، وهذا موضوع آخر، لكن باختيارك وسعيك وبخطأ منك، قال تعالى:

﴿ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ (195) ﴾

( سورة البقرة )

  وقال:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29) ﴾

  وقال عليه الصلاة والسلام:

 

(( لا ضَرَرَ وَلا ضِرَارَ ))

 

[رواه مالك وابن ماجة والدار عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ]

 هذا الحديث يعدُّ أحد القواعد الكبرى في الشرع، لا ضرر ولا ضرار، قال تعالى:

﴿ وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا (2) ﴾

( سورة النساء )

الخبيث يبقى خبيثاً ولو كثر:

 عندما يشرب الإنسان كأساً من الشاي، أو كأساً من العصير، أو يأكل تفّاحة ماذا يقول ؟ يقول: بسم الله الرحمن الرحيم، وعندما ينتهي يقول: الحمد لله، يا ترى هل من الممكن أن يقولها قبل أن يدخّن ؟! إذا أراد أن يدخّن يقول: بسم الله الرحمن الرحيم !! وعندما ينتهي منها: الحمد لله، الله يديمها علينا، مستحيل أن يفعل ذلك لأنّها ضارّة قال الرسول الكريم:

(( لا ضَرَرَ وَلا ضِرَارَ ))

[رواه مالك وابن ماجة والدار عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ]

  قال تعالى:

﴿ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ(2) ﴾

(سورة النساء)

 وقال الله عزَّ وجلَّ:

﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157) ﴾

( سورة الأعراف )

 ويقول أيضاً:

﴿ قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (100) ﴾

( سورة المائدة )

  لو كان الأكثر مبيعاً في العالم:

﴿ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ(100) ﴾

( سورة المائدة )

 لو كثر ولو تسعين بالمئة يبقى الخبيث خبيثاً، هذه كلها آيات قرآنيّة.
 الدخان أيضاً يخدّر العقل ويفتّر الجسم وهذا أمر يشعر به المقدم على تناوله والمبتدئ بشربه، وقد نهى النبيّ عليه الصلاة والسلام عن كلّ مفتّر، كما نهى عن كلّ مسكر ومخدّر وذلك في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام أحمد في مسنده وأبو داود في سننه بسندٍ صحيح عن أمّ سلمة رضي الله عنها قالت:

 

(( نهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن كل مسكر ومُفْتِر ))

 

[أبو داود عن أم سلمة]

التدخين يسبب الإدمان فتضعف سيطرة الإنسان على جسمه وتقوده إلى الهلاك باختياره:

 ربما قال لي أحدكم: إنّ بعض العلماء أفتوا به. هذا الكلام غير مقبول إطلاقاً، لأنّ العلماء الذين أفتوا بالدخان أفتوا به يوم لم تكن بين أيديهم هذه المعطيات، واعتمدوا على مقولةٍ وقاعدةٍ شرعيّةٍ أساسيّةٍ هي: أنّ الأصل في الأشياء الإباحة.
 فلا أحد يحتجّ بقول عالم عاش قبل خمسمئة سنة، لم تكن هذه المعطيات العلميّة موجودة بين يديه، والأصل في الأشياء الإباحة، فإذا ذهبت إلى السعوديّة بالحج ووجدت فاكهةً لا تعرفها، ولكنّها فاكهة فهل هي حرامٌ ؟ لا ليست حراماً، فما هو الدليل ؟ أقول لك إنّ الأصل في الأشياء الإباحة، ولكن بعدما ثبتت هذه الأخطار الوبيلة، وهذه المضاعفات الخطيرة، فأصبح الأمر له وضع آخر.
 طبعاً ناهيك عن الضرر المالي، فالمدخّن يحتاج إلى مبلغ، فإذا كان دخله محدوداً يقترب من ربع دخله، طبعاً فلو أطعم أولاده فاكهةً لو أطعم أولاده طعاماً مغذّياً بهذا الثمن لكان خيراً له أي: " أن أرجحكم عقلاً أشدّكم لله حباً."
 مشكلة التدخين أنّه يسبب الإدمان والإنسان مع الإدمان تضعف سيطرته على جسمه، تجده يقود نفسه إلى هلاكه باختياره.

بعض الأمثلة المتعلقة بالتربية الصحية والتربية الجسمية:

 توجد موضوعات كثيرة جداً في التربية الصحيّة لكن سأشير إليها إشارة سريعة فهمكم كفاية: إذا وجد في البيت مجلات أو أشياء فيها صور فهي لا تجوز ولا تليق ببيت المسلم، وهي أشياء تنقل الشاب إلى عادات لا ترضي الله عزَّ وجلَّ، وتفريغ طاقاته، وقد يفرغ طاقته بعادات تحطّم جسمه وأعصابه وتجعله في دوّامة لا نهايةَ لها، والأسباب هي المثيرات، فكل شيء ممكن أن يحرّك المشاعر الغريزيّة في الإنسان فيه ضرر كبير، يجوز أن يكون الأب والأم القضيّة محلولة معهم أمّا الأبناء فلا حلّ لهم، أي أن الطريق للزواج طويل، بعد ثلاثين سنة وهذه المثيرات الموجودة في البيت كالمجلات والكتب وأجهزة اللهو مثلاً الشاب والشابّة ماذا يفعلون ؟ فهذه نقطةٌ دقيقة جداً ولا أحد يتكلّم بها ولكنّها واقعة وأسبابها التساهل في هذه الأشياء قال تعالى:

 

﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7) ﴾

 

( سورة المؤمنون )

  معتدٍ، أي أنّ أيّ أسلوب أو أيّ طريق لتفريغ هذه الطاقة غير الطريق المشروع الذي أمر الله به وسمح به هذا عدوان، وهذا محرّمٌ بنصّ هذه الآية.
 هناك أشياء أخرى متعلّقة بالتربية الجسميّة، فمثلاً تجد بعض الأدوية بين يدي الأطفال ويكون بعضها ساماً، الطفل دون سن الخمس سنوات لا يعرف، وأي شيء يضعه في فمه، فيجب أن تكون جميع الأدوية في معزل عن أيدي الأطفال، توضع في خزانة عالية لأنّه لو حدث خطأ ما فالأب مسؤول عند الله عزَّ وجلَّ، فهذا الإهمال تنجم عنه تسممات أحياناً، وفي بعض الأحيان يسبب عللاً دائمةً، فأول شيء موضوع الأدوية يجب أن تكون في البيوت في حرزٍ حريزٍ وفي مكانٍ بعيدٍ عن تناول أيدي الأطفال.

 

من أهمل في عمله وتسبب بمقتل شخص ما يحاسب كقاتل:

 

 أحياناً نأتي بدواء للقوارض وهو سامٌ ويقوم بوضعه في مكان غير آمن، فيظنونه دواء آخر، ويضعه في بخاخ مثلاً تستعمل للكوي، وهو سام فيقومون برشه على الثياب عند كيّها، أو ترش في أماكن في البيت فيسبب مضاعفات خطيرة، في أحد المرّات بالأردن قاموا بحل دواءٍ زراعيٍ بوعاء كبير في حلّة، وقاموا برشّه، وقاموا بغسيلها وجليها سبع مرّات ثمّ قاموا بالطبخ فيها، فمات سبعة أشخاص منها، توجد أدوية زراعيّة ذات سميّة شديدة جداً.
 فأخواننا الذين يملكون مزارع أو من عنده محلات تجاريّة متعلّقة بهذه الأدوية فيجب أن يراعوا ذلك، فالأمور دقيقةٌ جداً، الإنسان أيّاماً يحاسب كقاتل عند الله عزَّ وجلَّ، فلا تقل لي: قضاءً وقدراً، إذا كان هناك إهمال يحاسب كقاتل.
 حدثني أحد الأخوة بأنّه جاء من بلاد الحجاز بسيارةٍ أيام الحر الشديد، وأراد صاحبها أن يغير زيت علبة السرعة، ويظهر أنّ الصانع لم يشد البرغي لعلبة الزيت، وعلى الطريق تسرّب الزيت منها وحدث بعلبة السرعة خللٌ فتوقّفت السيّارة، فنزل منها صاحبها وفتح غطاءها وبحث في المحرّك فأصيب بضربة شمس فمات.
 هل يا ترى هذا الذي قام بشد هذا البرغي يحاسب عند الله هو أو معلّمه ؟ أدّى إلى قتل نفس والدليل:

﴿ إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ (12) ﴾

( سورة يس )

  أحياناً يكون خطأ مثلاً بالبيت يسبب عاهة دائمة لطفلة صغيرة، ثلاثين أربعين خمسين ستين سنة، وكلّما وقعت عين الأم على ابنتها يحترق قلبها، قضيّة خطيرة، مثلاً مصادر الاحتراق كالمواقد والمدافئ لها ترتيب خاص، مثلاً الأسلاك الكهربائيّة المكشوفة هذه خطيرة جداً، كثير من الناس ماتوا بالحمام بسبب أنّ الغسّالة تعمل وهو حافي القدمين، وحدث ماس كهربائي، فالتيار البالغ 220 فولطاً مع الماء مميت، حوادث وفاة كثيرة ويقولون: قضاء وقدر، هي صحيح قضاء وقدر ولكن فيها مسؤوليّة، أحياناً إبريق من الشاي يوضع على طرف المائدة وينسكب على وجه الفتاة أو الفتى فأصبح بعاهة دائمة طوال حياته.

 

الأب مسؤول أمام الله عن تربية ابنه الجسميّة فالأبوّة مسؤوليّة:

 المقصّات والسكاكين يجب وضعها في أماكن بعيدة عن الأطفال، أحياناً تنام الأم وتضع طفلها بجانبها لينام فيموت بالاختناق من أمّه وتحدث كثيراً هذه الحوادث، يجب أن ينام الطفل في سريره، الشرفات أطفال كثيرون يسقطون منها، وقد سمعنا بالهامة أنّ شاباً وقف فوق الجسر فوقع من فوقه ميّتاً، فلو وجدت طوابق عالية وفيها شرفات والطفل لا يقدّر وهي خطيرة جداً، فاستدن واعمل لها حاجزاً، لا تقل لا يحدث شيء، بل ممكن أن يحدث ويظل القلب محترقاً إلى يوم القيامة.
 كثيرٌ من الأطفال أدخلوا أيديهم في مفرمة اللحوم فقطعت أو فرمت أصابعهم وهذه نقطة مهمة جداً، فعلى الأم أن تكون ذات وعي أكثر في تنبيهاتها وتوجيهها لأولادها فهم أمانةٌ عند والديهم، فإذا لم توجد التعليمات المشدّدة والتحذيرات فتقع العاهات الدائمة ويصبح الابن مصدر شقاء لوالديه، على كلٍ الموضوع طويلٌ وننتهي عند هذا الحد.
 فالأب مسؤول أمام الله عن تربية ابنه الجسميّة، عن غذائه، عن سلامته، عن صحّته، عن قوّة بنيته، فالأبوّة مسؤوليّة، وعندما يجد الإنسان أولاده أمامه بصحّة جيّدةٍ ونشاطٍ وأخلاقٍ وعلمٍ وجسمٍ جيِّدٍ هذا مما يسعده، وننتهي في هذا الوقت بهذا القدر عن مسؤوليّة الآباء عن تربية أولادهم التربية الجسميّة، وننتقل في درسٍ قادم إن شاء الله تعالى إلى مسؤولية التربية العقليّة.
 الأب يقوم بتربية ابنه تربيةً إيمانيّة وتربية أخلاقيّة وتربية جسميّة، غداً والأسبوع القادم التربية العقليّة، كيف ينمّي مدارك ابنه ؟ فابنك زادك إلى الله، زادك إلى الجّنة، وإذا كنت قد اعتنيت به فهذا استمرار لك، هذا صدقة جارية، هذا به تستمر ولا ينقطع ذكرك عند الموت.

 

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور