وضع داكن
24-04-2024
Logo
الأسماء الحسنى - الدرس : 08 - اسم الله الغفار
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
أيها الإخوة الكرام، مع درس جديد من دروس أسماء الله الحسنى، والاسم اليوم هو ( الغفار )،

الصيغ التي ورد فيها مادة غفر:

 لكن مادة غفر في المعجم وردت بصيغ ثلاث , وردت بصيغة غافر.

 

غافر:لمن ظلم نفسه

 

 

﴿ غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ ﴾

( سورة غافر الآية: 3 )

غفور: للظلّوم

 ووردت بصيغة غفور، على وزن فعول.

 

﴿ وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ ﴾

 

( سورة البروج )

غفار:للظلاّم

 ووردت بصيغة غفار.

 

﴿ وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى ﴾

 

( سورة طه )

 لماذا وردت كلمة غافر، وغفور، وغفار ؟ لأن هناك إنسانًا ظالم لنفسه، فالظالم الله عز وجل له غافر، والظلّوم الله عز وجل له غفور، والظلاّم الله عز وجل له غفار، فإن كنت ظالماً فالله غافر، وإن كنت ظلوماً فالله غفور، وإن كنت ظلاماً فالله عز وجل غفار .

 

مغفرة الله ليست متناهية:

 

 

﴿ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ﴾

( سورة الأعراف الآية: 156 )

 وأنت أيها الإنسان، وكل ذنوبك شيء،

﴿ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ﴾

، لذلك:قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ

( سورة الزمر )

 النقطة الثانية أيها الإخوة، أن الذنب متناهٍ محدود، لكن مغفرة الله ليست متناهية، لا يحدّها حد، مهما كان الذنب كبيراً له حدود، إنسان أكل مالًا حرامًا مئة ألف في مئة مليون، لكن في النهاية رقم، إنسان قتل، إنسان قتل خمسة، بالنهاية رقم، هتلر قتل خمسين مليون إنسان، خمسون مليون إنسان رقم محدود، لكن مغفرة الله عز وجل ورحمته لا حدود لها.
لكن هناك نص للإمام علي كرم الله وجهه رائع جداً، يقول: " فاعل الخير خير من الخير ".
 لأن أي عمل خير محدود، أطعمت ألف مسكين، زوجت ألف شاب، وزعت مليون بيت، لكن فاعل الخير يسعد بهذا العمل إلى أبد الآبدين، ففاعل الخير خير من الخير ، والذي ألقى قنبلة ذرية على هيروشيما قتل 300 ألف في ثوان معدودة، العدد محدود، لكن الذي ألقى هذه القنبلة سيخلد في النار إلى أبد الآبدين، العمل محدود، لكن العقاب غير محدود ، لذلك فاعل الخير خير من الخير، وفاعل الشر شر من الشر.

 

الصيغ التي ورد فيها كلمة المغفرة:

 

 الشيء اللطيف أن الله سبحانه وتعالى أورد كلمة المغفرة بكل صيغها، أوردها بصيغة

الماضي:

 

﴿ فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ ﴾

( سورة ص)

المضارع:

 وأوردها بصيغة المضارع:

﴿ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ ﴾

( سورة آل عمران الآية: 129 )

المستقبل:

 وأوردها بصيغة المستقبل:

﴿ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ

( سورة نوح الآية: 28 )

المصدر:

 

 وأودرها بصيغة المصدر:

﴿ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ﴾

( سورة البقرة )

سبب اختلاف الورود:

 يغفر في الماضي، ويغفر الآن، ويغفر في المستقبل، ويغفر بالمعنى المصدري في كل زمان ومكان، هو غفار، وما أمرك أن تستغفر إلا ليغفر لك، وما أمرك أن تدعو إلا ليستجيب لك، أما الفرق بين غافر وغفار، وبين غفار وغفور فالفرق بين الصيغة العادية وصيغة المبالغة، حينما تأتي بعض أسماء الحسنى بصيغة المبالغة يغفر لستة آلاف مليون إنسان عدداً، ويغفر لأكبر ذنب يرتكبه الإنسان، مبالغة كمًّا أو نوعًا.

موجبات المغفرة: التوبة

 لكن هناك حقيقة خطيرة، أنه مادام الإنسان مقيماً على ذنبه فلا مغفرة له:

 

﴿ نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ ﴾

 

( سورة الحجر )

 إن لم تتب،

 

﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ ﴾

 

( سورة الزمر )

 وأدق من ذلك أن هناك عددًا من الآيات أظنها ثماني آيات:

 

﴿ وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِهَا وَآمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾

 

( سورة الأعراف )

 لا يغفر إلا إذا تبت من الذنب،

 

وأركان التوبة:

 

 وأركان التوبة الإقلاع فوراً، وإصلاح ما مضى، والعزم على ألا يعود إلى الذنب، أركان التوبة علم، وحال، وعمل، وإقلاع، وعزيمة وإصلاح، علم، وحال، وعمل،

العلم ضروري لمعرفة حدود الذنب:

كيف تعالج نفسك من ارتفاع الضغط إن لم تعلم أن ضغطك مرتفع ؟ لا بد من أن تطلب العلم حتى تعلم أخطاءك، أوضح لكم هذه القصية:
 ائتِ بإنسان أمي، واقرأ أمامه نص صفحة، وتعمد تغلط بكل كلمة، الفاعل منصوب، المفعول به مرفوع، المجرور منصوب، بكل كلمة، يقول لك: ما شاء الله، ما هذه القراءة ؟ لأنه جاهل، أما اقرأ النص أمام دكتور في النحو، واغلط بحركة واحدة يقول لك: قف، لو أخطأت بحرف داخلي، ضبط الكلمة، يَحصَلُ أو يَحصُلُ، ضبط الكلمة، يكشف لك غلطك.
فلذلك متى تتوب من الذنب إن لم تعرف حدود الذنب ؟ لذلك الذي لا يطلب العلم يرتكب أكبر الذنوب، ويقول ماذا فعلت ؟.
 مرة قال لي طالب: أنا لا أخاف من الله، قلت له: أنت بالذات معك الحق ، فاستفززته، قال: لماذا أنا بالذات ؟ قلت له: لأن الفلاح يذهب إلى الحصيد، ومعه طفل صغير عمره سنة أو سنة ونصف، يضعه بين القمح، قد يمر أمامه ثعبان طوله عشرة أمتار، لا يخاف منه، بل يضع يده عليه، لأنه لا يملك الإدراك، والذي لا يدرك لا يخاف، طبعاً، إذا تعطل إدراك إنسان لا يخاف، إذا أخذ ما أوهب أسقط ما أوجب.

البقاء على المعصية يلغي المغفرة

 إذاً البقاء على المعصية يلغي المغفرة، الآن العوام يقولون لك: الله غفور رحيم، هذه سذاجة، وبلاهة، وغباء، غفور إذا تبت من الذنب.

 

((يَا ابْنَ آدَمَ، إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً ))

 

[الترمذي عن أنس]

 بشرط أن تأتيني تائباً

 

ماذا تفعل لتكون بمأمن من العقاب

 هناك نقطة ثانية، نحن في مأمن في إحدى حالتين، أو في بحبوحة، في مأمن إذا أطعنا الله، أو طبقنا منهجه، أو بتعبير آخر اتبعنا سنة ن ة: 33 )
 أنت انتقلت إلى الرفيق الأعلى، ما معنى أنت فيهم ؟ يعني سنتك فيهم، الحلال يعرفونه، والحرام يعرفونه، وأحكام الاختلاط يعرفونها، والعورة، والمشروبات الممنوعة وكسب المال الممنوع، إذا طبقوا سنتك، ووقفوا عند حدود الله فهم في مأمن من عذاب الله

 

﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ﴾

 وفي مأمن آخر

 

﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾

 

( سورة الأنفال )

 إذاً الاستغفار يمنع عنك العقاب.
 مثلاً: طالب نال صفرًا بالرياضيات، وأبوه عالم، وشديد، ويخطط له مستقبلا كبيرًا جداً، فالأب هم أن يعاقبه عقاباً شديداً، نظر إلى ابنه رأى وجهه مصفراً،ولم يأكل الطعام ، وركبه هم شديد، وعنده مبلغ جمعه خلال سنة، أراد أن ينفقه على دروس خاصة للرياضيات، فلما وجد الأب ابنه قد ركبه هم شديد، واصفر لونه، وترك الطعام والشراب، وأزمع أن ينفق كل ما يملك لدروس خاصة، هل يضربه ؟ لا، مادام ندم، واهتم، وتألم، ولعله بكى، انتهى.
إذاً:

 

﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾

 

ماذا تفعل عندما ترى ذنب

 آخر فكرة، ورد في بعض الأحاديث أن:

 

(( الذنب شؤم على غير فاعله ))

 

[أخرجه الديلمي في مسند الفردوس عن أنس ]

 صاحبه عليه شؤم وعقاب، دعك من صاحبه، دعك من الذي ارتكب الذنب، الآن صديق من ارتكب الذنب، قال:

 

(( إن ذكره للناس فقد اغتابه، وإن عيره ابتلي به، وإن رضيه شاركه في الإثم ))

 إنسان ارتكب معصية كبيرة، وإن تكن مالية، أنت قلت: شاطر، شاطر وحل مشكلته، معناها أنت أعجبت به، وأكبرته، شاركته في الإثم، أنت بدمشق، والذي أكل المال الحرام في الألسكا، قلت: والله شاطر، وحل مشكلته، وطلع رجال، الإثم الذي يتحمله تتحمل مثله أنت، إن رضيت به شاركته في الإثم، وإذا عيرته، واستعليت عليه، وتكبرت، واعتديت بنفسك، وأنت إرادتك قوية، وأنت لا يمكن أن تغلط هذه الغلطة الله عز وجل يؤدبك، ويضعف لك مقاومتك، وتنهار، وترتكب حماقة أكبر منه، وإن عيرته ابتليت به ، وإن ذكرته فقد اغتبته.
إذاً الموقف الأديب إذا كان أخوك، أو صديق، أو جار، أو زميل ارتكب ذنبًا ينبغي أن تشكر الله فيما بينك وبين الله على أنه عافاك من هذا الذنب، وينبغي أن تنصحه بينك وبينه، دون أن تفضحه، ودون أن تشمت به، ودون أن ترضى عنه.

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور