الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
أيها الإخوة الكرام، موضوعنا اليوم نعيم الدنيا والآخرة .

تعريف اللهو

 قال تعالى:

﴿ َلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ ﴾

( سورة التكاثر )

 اللهو دائماً عن شيء نفيس بشيء خسيس، الشيء النفيس معرفة الله، والشيء النفيس طاعته، والشيء النفيس العمل الصالح، والشيء النفيس الدعوة إلى الله، والشيء الخسيس هو الدنيا، قال تعالى:

﴿ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ﴾

( سورة التكاثر )

 قال تعالى:

﴿ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾

( سورة آل عمران )

 قد ينتقل الإنسان أحياناً من درجة كسب الرزق إلى درجة الجمع، معه أموال لا تأكلها النيران، همه الأوحد أن تزداد ثروته ليباهي بها قرناءه،

أكبر مرض طول الأمل

 قال الله عز وجل:

﴿ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ﴾

 أحياناً لو زرت مقبرة تأكد أنه ما من ميت في قبر إلا كان عنده جدول أعمال، ومات قبل أن ينجزه، ما من إنسان يموت إلا يتوهم أنه سيعيش عشرين أو ثلاثين سنة قادمة، فيتفاجأ بالموت، عنده مشاريع، عنده أعمال،  عنده خطط، عنده طموحات، ما تحقق منها شيء، قال:

﴿ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ ﴾

 ، لذلك أكبر مرض طول الأمل.
 كان أحدهم يكسو بيته، فتحدث أحد مَن كلفهم بكسوته، يعمل في التمديدات الصحية، قال له: ستة أشهر، ونحن ننتظر قراره، ( الشوفاج ) تمديد داخلي أم خارجي ؟ محتار، خاف إن ركَّبه داخليًّا تفسد الأنابيب، ويضطر إلى تكسير الرخام، وخاف إن ركّبه خارجيًّا أن يكون منظره مشينًا، قال له ستة أشهر ونحن يفكر، ثم أصدر قرارًا بأن يكون داخلياً، فإذا عطبت الأنابيب تركه، ومدد أخرى خارجية، ولا يكسر البلاط، كان يفكر إلى عشرين سنة قادمة، وقد يكون أجله بعد يومين.
 اشترى أحدهم بيتين، مكسوين، لم يعجبه الكساء، فكسر البلاط، وقلع النوافذ، ما ترك شيئًا، أعاد البيتين على العظم، وكلفته الكسوة مبالغ فلكية، أما الجهد فقد استغرق سنتين، والبيت في الطابق 12، وليس هناك مصعد، الرخام ( أونكس ) شفاف، والألمنيوم برونز، والسقف جبس، شيء مدهش، بعد أن انتهى بأسبوع وافته المنية،

﴿ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ﴾

 حدثني أخ عنده مرض الأثاث، جاءه رجل يريد شراء غرفة نوم، بدأ من شراء الخشب، اشترى الجوز، وأبقاه سنتين حتى يجف، بعد سنتين طلب ( الكتلوكات ) الأنواع، أكثر من شهرين وهو يختار، حتى وجد غرفة نوم نادرة، جميلة جداً، بدأ التصنيع، غرفة نوع تعمل بأزرار، قال لي: والله مرة انبطح على الأرض حتى يرى أنه يوجد عقدة بالتخت من الداخل، انبطح، بقيت الغرفة سنة حتى انتهت، النتيجة جاءت الغرفة بعد عناء كبير على الصالة جميلة جداً، جاء الزبائن فقال الصانع: هذه بيعتْ، ما يصدقونه، جاؤوا بأشخاص مهمّين، أشخاص أقوياء، فقال له: إذا لم تأخذها أبيعها، قال له: أمهلنِي أسبوعين، فأمهله أسبوعًا، وفي الأسبوع الثاني جاء الخبر، قيل له: واللهِ مات صاحبها،

﴿ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ﴾

 ما مِن إنسان يموت إلا وعنده قائمة أعمال لم ينجزها،

عند الموت يعلم الإنسان

 قال تعالى:

﴿ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴾

( سورة التكاثر )

 تعلمون عند الموت.

﴿ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴾

( سورة التكاثر )

 يوم القيامة، تعلمون مرتين.

﴿ كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (5) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ﴾

( سورة التكاثر )

 السير في الدنيا، والانغماس في ملذاتها، وتجميع حطامها، والغفلة عن الله، والغفلة عن منهجه:

﴿كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (5) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ﴾

 لترونّ أن عملكم ينتهي بكم إلى الجحيم.

﴿ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ ﴾

 أما أدق ما في الآية:

﴿ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ﴾

( سورة التكاثر )

 النعيم عندكم، وقت الفراغ نعيم، كفاية الدخل نعيم، الأمن نعيم، لست ملاحقاً، اسمك ليس على الحدود، تنام ناعم البال، هذا نعيم، ومعك ما يغطي إنفاقك، هذا نعيم ، وصحتك نعيم ثالث، ووقت فراغك نعيم رابع، هذا النعيم كيف وظفته في الحق أم في الباطل ؟

﴿ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ﴾

 هذه السورة مهمة جداً، اجعلها أيضاً منهجاً لك.