وضع داكن
24-04-2024
Logo
تربية الأولاد إصدار 1994 - الدرس : 29 - التربية الإجتماعية -16- الأمر بالمعروف
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

  الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
 أيها الأخوة الكرام مع الدرس التاسع والعشرين من دروس تربية الأولاد في الإسلام، ولعلّنا في هذا الدرس ننهي التربية الاجتماعيّة وننتقل بعدها إلى موضوعٍ آخر.

الفريضة السادسة هي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

 اليوم الموضوع الأخير من مسؤوليّة الآباء في تربية أولادهم التربية الاجتماعيّة غرس روح الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عند الأولاد.
 الشيء الذي يلفت النظر أنّ علماء كثيرين سمّوا هذه الفريضة الفَريضة السادسة، كيف أنّ هناك صلاةً، وصياماً، وحجاً، وزكاةً، وشهادةً، هناك أمرٌ بالمعروف ونهيٌ عن المنكر، وفي اللحظة التي يتخلّى المسلمون عن هذه الفريضة السادسة يستحِقُّ عقاب الله عزَّ وجلَّ، حتى أنّ بعض العلماء يقول إنّ قوله تعالى:

﴿ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (25) ﴾

( سورة الأنفال )

 أي أنّ الصالحين إذا تخلَّوا عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أصابتهم الفتنة، والسبب تقاعُسُهم عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
 نذكر مثلاً يقرِّب الحقيقة، أرض كُلُّها مستنقعات، وفي هذه المستنقعات بعوض، وحشرات، ومياه آسنة، وتفسُّخ، وحشائش متفسِّخة، وروائح كريهة، وتوجد بقعة خضراء غير مبتلّة وفيها حشائش خضراء نضرة، هذه البقعة ينبغي أن تتوسّع وينبغي أن تتقلَّص مساحة المستنقعات، فحينما لا ننمي هذه المساحة الخضراء تنمو مساحة المستنقعات، وقد تطغى المستنقعات على هذه المساحة الخضراء الصغيرة.
 لذلك يجب أن نعتقد كلُّنا كباراً وصغاراً، آباءً وأبناءً، أنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو عِلَّة خيريَّة هذه الأمّة، حينما قال الله عزَّ وجلَّ:

 

﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110) ﴾

 

( سورة آل عمران )

 ما علّة هذه الخيريّة ؟ تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر.

 

التواصي بالحقِّ أحد أركان النجاة:

 

 لاحظ لو كان في البيت مسلمٌ واحد، وإسلامه حقيقي، وكلّما رأى منكراً نبّه إليه ففي الأعمِّ الأغلب ينضبط كلَّ البيت، أو وجود موظف مسلم في دائرة ما وكلَّما رأى منكراً نبّه إليه بشكل لطيف وحكيم، فيصبح كلَّ من أراد فعل المنكر يحسب حساباً لهذا المسلم الذي سوف يبدي ملاحظة بأدب.
 التواصي بالحقِّ أحد أركان النجاة، أي أن الإنسان لو رأى منكراً فلم يتمعَّر وجهه استحقَّ بلاء الله عزَّ وجلَّ، وقد ورد في الآثار النبويّة:

(( أن الله تعالى أوحى إلى جبريل أن اخسف بقرية كذا وكذا قال: يا رب إن فيهم فلاناً العابد، قال: به فابدأ، إنه لم يتمعر وجهه فيّ يوماً قط ))

[رواه البيهقي عن جابر رضي الله عنه ]

 الآية التي تعرفونها جميعاً:

 

﴿ وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ (117) ﴾

 

( سورة هود )

  إذا كانوا صالحين يهلكهم الله عزَّ وجلَّ لأنّه صالح، أمّا إذا كانوا مصلحين فينجون من عذاب الله.
 أنت ابن وتعمل مع والدك، وقد يرتكب الوالد خطأً في البيع والشراء، والله لم يكلِّفك أن تكون فظاً أو غليظاً ولكن بأدب جمّ قل له: يا أبتِ هذا العمل حرام ولا يجوز فعله، يجوز أن لا يلقي لكلامك بالاً، أو ربما ينهرك، ولكن مرة تلو المرة يحسب لك حساب، فإذا لم يتواجد إنسان يدافع عن الحق، تستحقُّ الأمّة كلُّها عذاب الله عزَّ وجلَّ.

 

على المؤمن أن يربّي أولاده على الأمر بالمعروف والنهي عن المنك

 

 ما معنى قوله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7) ﴾

( سورة محمد )

  هذا هو المعنى، أي أنّك حارسٌ لدين الله، إذا رأيت منكراً اجتماعياً، أو منكراً بالعلاقات الاجتماعيّة، أو بالعلاقات الماليّة، أو رأيت منكراً باحتفالات معيّنة، ونبّهت له بلطف وبأدب وبحكمة بالغة، معنى ذلك أنّك نصرت دين الله عزَّ وجلَّ، لقوله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ ﴾

( سورة محمد الآية: 7 )

  آخر فكرة نذكرها هي أنّ المؤمن ينبغي أن يربّي أولاده على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الله سبحانه وتعالى يقول:

﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ (110) ﴾

( سورة آل عمران )

  هناك آية أخرى يقول الله تعالى فيها:

 

﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (71) ﴾

 

( سورة التوبة )

 ما معنى بعضهم أولياء بعض ؟ أي يتناصحون، ويتعاونون، ويسدي بعضهم لبعضٍ كلَّ الخير، هكذا المجتمع المؤمن.

 

مبايعة الصحابة للرسول الكريم:

 

 ورد في الحديث الشريف:

(( دَخَلْنَا عَلَى عُبَادَةَ بـْنِ الصَّامِتِ وَهُوَ مَرِيضٌ قُلْنَا: أَصْلَحَكَ اللَّهُ، حَدِّثْ بِحَدِيثٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهِ سَمِعْتَهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: دَعَانَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَايَعْنَاهُ فَقـَالَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا: أَنْ بَايَعَنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي مَنْشَطِنَا، وَمَكْرَهِنَا، وَعُسْرِنَا، وَيُسْرِنَا، وَأَثَرَةً عَلَيْنَا، وَأَنْ لا نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ إِلا أَنْ تَرَوْا كُفْراً بَوَاحاً عِنْدَكُمْ مِنَ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ ))

[ البخاري عَنْ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيــَّةَ]

  على السمع والطاعة في العسر واليسر، أحياناً تجد أخاً ما دام فارغاً من الأعمال ونشيطاً ويمتلك المال تجده يرتاد بيوت الله، ولكن ولأتفه سبب ولأقلِّ مشكلة تنشأ تجده قد اختفى، ويقول لك: مهموماً اتركني وحيداً، أما الصحابي الكريم قال: بايعنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على السمع والطاعة في العسر واليسر، والمنشط والمكره. في حال نشاطك وفي حال مشكلة ألمّت بك، في حال عسرك، وفي حال يسرك، وعلى أثرةٍ علينا أي على أن نؤثر أخواننا، فالمؤمن دائماً ينطلق من إيثار أخيه في كلِّ شيء، وألا نُنازع الأمر أهله، إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان، وعلى أن نقول الحق أينما كُنّا، وألا نخاف في الله لومة لائم. هكذا كانت بيعة أصحاب رسول الله.

 

المعنى الموسّع للهجرة:

 أيّها الأخوة هناك آية كريمة دقيقة جداً ونحن في أمسِّ الحاجة إليها، يقول الله عزَّ وجلَّ:

 

 

﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (72) ﴾

 

( سورة الأنفال )

﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾

 الهجرة تعني مطلق الحركة، أي أنّك آمنت ولك مصلحة لا ترضي الله فينبغي عليك أن تتركها، وأنت آمنت ولك من الرفقاء من لا يرضي الله أن تبقى معهم فيجب أن تهجرهم، وأنت آمنت وتعيش وسط مجتمع فاسد يجب أن تبتعد عنه، فأنا أقول لكم المعنى الموسّع للهجرة، فهي حركة فلا تظلّ ساكناً، فقد آمنت فلا بدَّ من التحرُّك نحو الحقِّ ومن التحرُّك في هجرة الباطل.

 

﴿ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا ﴾

 أي أن تعاون أخوانك فأنت عضو نافع في الجماعة، فكن إيجابياً خيّراً ومعطاءً، دائماً تبحث عن إنسان تخدمه ابتغاء مرضاة الله.

 

 

﴿ أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ﴾

 

 آمن، وهاجر، وجاهد بماله ونفسه، وآوى، ونصر، قال: أولئك بعضهم أولياء بعض.
﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا ﴾

 إذا لم يأخذ موقفاً فهذا لم يقدِّم شيئاً، وهو إنسان وعضو مشلول، إنسان سلبي، إنسان هارب من الحياة، بل إنسان انعزالي وقد نمت فيه الروح الفرديَّة الطاغية.

﴿ وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾

ائتمار الكفار على إضعاف المسلمين وإيقاع العداوة والبغضاء فيما بينهم:

 الآن دققوا في الآية التي بعدها قال تعالى:

﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ (73) ﴾

( سورة الأنفال )

 هم يتعاونون ضدّكم، ويأتمرون على إفقاركم، ويتعاونون على إفساد العلاقة بينكم، ويتعاونون على إضعافكم وعلى إيقاع العداوة والبغضاء فيما بينكم، يخططون ويعملون ليلاً ونهاراً للإيقاع بالمسلمين، ولتفتيت وحدة المسلمين، ولإيقاع العداوة بين المسلمين، يعملون ليلاً ونهاراً لإفقار المسلمين، ولأخذ الأموال من بين أيديهم، وذلك بنقل الكتل النقديَّة الكبرى من بلاد المسلمين إلى بلاد الغرب، ويفتعلون كلّ الأزمات من أجل أن تنقل هذه الأموال، ومن أجل أن يعيشوا وحدهم ونفتقر نحن فقد قال تعالى في الآية الكريمة:

 

﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ (73) ﴾

 

( سورة الأنفال )

 الآن أعيروني انتباهكم فقد قال تعالى بعد المقطع الأوّل من الآية

﴿ إِلَّا تَفْعَلُوهُ ﴾

 يوجد هاء في كلمة تفعلوه، هذه الهاء على أيّ شيءٍ تعود ؟ هذه الآية تعود على الآية السابقة:

 

﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ (72) ﴾

 

( سورة الأنفال )

 أي إذا لم تتعاونوا هم يتعاونون عليكم

﴿ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ ﴾

الحدّ الأدنى للإسلام أن تنطق بالحق:

 يقول أحدهم لك: لا أستطيع أن أربّي أولادي، أحياناً أصدِّقه فهناك أكثر من خمسين مفسدة في الطريق، وأينما ذهب مفاسد، فهناك المناظر المثيرة، والأفلام الساقطة، والمجلاَّت الداعرة، فأكثر المجتمعات غرقت في الانحراف عندما تخلّى المسلمون عن التعاون والتناصر والتناصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، دخل الفساد إلى كلِّ بيت ويسميه العلماء غزو ثقافي.
 غزو ثقافي أي أنّك لا تملك شيئاً، فالفكر الملحد العلماني والاتجاه الإباحي يصل إلى كلّ بيت،

﴿ إِلَّا تَفْعَلُوهُ ﴾

 تفعلوا ماذا ؟ التعاون والتناصر أن يكون أحدكم ولياً للآخر، الجهاد بالمال، إنفاق المال، جهاد النفس والهوى، الإيمان، الهجرة

﴿ إِلَّا تَفْعَلُوهُ ﴾

 إلا تفعلوا هذا كلّهُ

﴿ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ ﴾

  أي تنتشر المخدِّرات، وتنتشر بيوت الدعارة، وينتشر المنكر، بل يؤمر بالمنكر وينهى عن المعروف.
 القضيّة قضيّة بالغة الخطورة، فإذا المسلم لم ينصر الإسلام ولم يؤيِّد الدين ولم يأمر بالمعروف ولم ينصح، فالحدّ الأدنى أن تنطق بالحق، فهذه الفتاة التي تمشي في الطريق أليس لها أبٌ أو أخٌ أو عمٌ أو خالٌ ؟ وهي مسلمة، فكيف سمح لها أن تمشي هكذا ؟!! ألا يوجد في رأس أبيها نخوة أو برأس أخيها أو خالها أو عمّها.
 أردتُ من هذه الآية

﴿ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ ﴾

أحياناً يبحـث الإنسان عن شيء محسِّن لحياته، ولكن هناك أشياء مصيريّة لو لم تفعلها لانتهت حياتك ؛ نحو الفرائض، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ليسا شيئاً تحسينياً ولكنهما شيء أساسي إن لم نفعله تنامت دوائر الباطل وحاصرت دوائر الحق وقضت عليه، ونحن ـ والحمد لله ـ في أعظم بلد إسلامي وهذا ليس كلامي بل كلام سيّد الأنبياء والمرسلين:

(( إني رأيت عمود الكتاب انتزع من تحت وسادتي فاتبعته بصري فإذا هو نور ساطع فعمد به إلى الشام ألا وإن الإيمان إذا وقعت الفتن بالشام ))

[الطبراني والحاكم وتمام وابن عساكر عن ابن عمر]  

(( عليكم بالشام ))

[ ابن عساكر عن أبي هريرة]

   لا يوجد إنسان إلا ويعرف نعمة هذه البلدة، بمجالس العلم فيها، وبصلاح أهلها، ومع ذلك نشكو الفساد، فكيف لو ذهبت إلى بيروت ؟ أو إلى أي بلد آخر فستجد شيئاً غير معقول على الإطلاق، مثلاً في قبرص تجد امرأة تدخل للمحل التجاري بلباس السباحة، لا يوجد حياء على الإطلاق.

 

المبادئ الهدّامة والنظريّات الملحدة والاتجاه العلماني ينتشر لأنّه مؤيِّد للشهوات:

 

 أيُّها الأخوة يجب عليك أن تربي أولادك على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإذا فعلت هذا تنامت دوائر الحق على حساب دوائر الباطل، وكم أتمنى أن تتناصح الأسر، فإذا وجد بكل أسرة شاب مؤمن فأقول له: إنّ لك مهمّة خطيرة في البيت، عليك أن ترعى أخواتك بناتاً وذكوراً، من كان أصغر منك عليك بالإحسان واللطف، والأكبر منك بالإقناع الهادئ، يجب إن كنت في أسرة أن تجرّها كلّها إلى المسجد، وتأتي بها كلّها، ولو كنت تعمل في دائرة من الدوائر فأخوانك الموظفون قم بتنبيههم إلى عظمة هذا الدين وبيّن لهم فضل الإسلام، ونبههم إلى سعادة المؤمن حينما يستقيم على أمر الله، نبّههم ولا تظلّ ساكتاً:

(( بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً ))

[البخاري عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو]

  هذا هو محور درسنا اليوم يجب أن تُرسِّخ عادة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في نفوس أولادك، وأنت في الأساس ينبغي أن تفعل هذا.
 هناك تعبير حديث أسمعه وأقرؤه كثيراً، فنحن كلُّنا في بحر وفي قارب واحد، فأي خطر يصيب هذا القارب سيصيب المجموع، والنبي عليه الصلاة والسلام عبَّر عن هذا المعنى بأعلى مثل قال:

 

(( مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا ؛ كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاهَا، وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكـَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقاً وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا. فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعاً وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعاً ))

 

[البخاري عن النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رَضِي اللَّهم عَنْهمـَا]

  هذا التعبير " نحـن في سفينةٍ واحدة "، فمن يريد القيام بعمل طائش كأن يخرق مكاناً بالسفينة حتى يستجلب الماء لنفسه من غير تعب إن أخذنا على يده نجونا جميعاً، وإن تركناه هلكنا جميعاً، فالباطل ينتشر وقد قال الله عزَّ وجلَّ:

 

﴿ وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ (26) ﴾                       
( سورة إبراهيم )
 الباطل يتنامى ويتوسّع، فالمبادئ الهدّامة والنظريّات الملحدة والاتجاه العلماني والفكر الإباحي ينتشر لأنّه مؤيِّد للشهوات، والإنسان حينما تُلبّي فكرة ما شهواته تجده يؤمن بها إيمان تملُّق لا إيمان قناعة.

إذا كثر الخبث يستحقُّ القوم الهلاك:

  يقول الله سبحانه وتعالى:

﴿ لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ داود وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) ﴾

( سورة المائدة )

  في الآية الثانية لماذا لعنهم الله عزَّ وجلَّ ؟

﴿ كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (79) ﴾

( سورة المائدة )

  استحقوا لعنة الله، أي أن أي أمّة إذا لم تتناهَ عن المنكر تستحقُّ لعنة الله عزَّ وجلَّ لذلك كما قلت في بداية الدرس حينما وصف الله جلَّ جلاله أمّتنا بأنّها خير أمّة لأنّها تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، حديثٌ آخر:

 

(( اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نَوْمِهِ وَهُوَ مُحْمَرٌّ وَجْهُهُ وَهُوَ يَقُولُ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ، فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ. وَعَقَدَ بِيَدَيْهِ عَشَرَةً قَالَتْ زَيْنَبُ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ ؟ قَالَ: إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ ))

 

[ابن ماجه عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ رٍ رَضِي اللَّه عَنْهَا]

  إذا تركتم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فسيتوسّع الخبث، وإذا كثر الخبث يستحقُّ القوم الهلاك كما قال عليه الصلاة والسلام.

 

(( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَاباً مِنْهُ ثُمَّ تَدْعُونَهُ فَلا يُسْتَجَابُ لَكُمْ ))

 

[الترمذي عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ رَضِي اللَّه عَنْه]

الحديث التالي يدفع على الاستقامة:

 أحياناً أسمع أدعية رائعة جداً، وصوتاً وصياحاً، وفصاحة وسجعاً، وأدعية منتقاة ومختارة، ولكن ليس هناك استجابة لأنّ النبيّ الكريم قال:

(( أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة ))

[الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنه]

  أي أن تخلص في عملك مـع عدم الغش ولا الكذب ولا التدليس ولا الإيهام وأن يكون بيعك بيعاً شرعياً، إذا ربحك شرعي ومالك حلال اشتريت به طعاماً والطعام طيّب وأكلته فأصبحت مستجاب الدعوة، هذا هو معنى الحديث.
 صدِقوني أيها الأخوة ما من حديثٍ يدفع على الاستقامة كهذا الحديث، فإذا كان بعملك مخالفات شرعيّة كالغش والكذب والاحتقار والتدليس والإيهام والجهالة وفيه شبهة، أصبح ربحك من العمل فيه شبهة، فإذا اشتريت به طعاماً فالطعام ليس طيّباً وعندئذ لا تستجاب دعوتك، أما إذا كنت مستقيماً بعملك ولا سيّما بكسب المال، أصبح مالك حلالاً وطعامك طيّباً ومستجاب الدعوة.

 

(( دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَرَفْتُ فِي وَجْهِهِ أَنْ قَدْ حَفَزَهُ شَيْءٌ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ خـَرَجَ فَلَمْ يُكَلِّمْ أَحَداً فَدَنَوْتُ مِنَ الْحُجُرَاتِ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجـَلَّ يَقُولُ: مُرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَدْعُونِي فَلا أُجِيبُكُمْ وَتَسْأَلُونِي فَلا أُعْطِيكُمْ وَتَسْتَنْصِرُونِي فَلا أَنْصُرُكُمْ ))

 

[أحمد عَنْ عَائِشَةَ رَضِي اللَّه عَنْهـَا]

  هذا شيء خطير، والعلماء معهم الحق أن يقولوا الأمر بالمعروف والنهيُ عن المنكر هو الفريضة السادسة.
 كيف تُصلّي، كيـف تصوم، كيف تَحُجّ البيت، كيف تشهد أنّ لا إله إلا الله إذا لم تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ! فلا تخجل فهذا الخجل شيطاني والناس يسمون المنافق لبقاً أو مرناً، وهذا نفاق وخجل لا يرضي الله عزَّ وجلَّ، فكن جريئاً.

بعض القواعد في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

 نحن يكفينا أنّ الله سبحانه وتعالى يقول في محكم القرآن الكريم:

﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104) ﴾

( سورة آل عمران )

﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ ﴾

 هو الدين

﴿ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ﴾﴿ وَلْتَكُنْ ﴾

 اللام لام الأمر.
 أيها الأخوة الآن بعض القواعد في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

 

1ـ عليك تطبيق ما تقوله حتى يستمع الناس إليك:


 لا تصدِّق أن يسمع لك إنسان كلمة أو حرفاً إن لم تكن أنت سبّاقاً إلى تطبيق ما تقول، وهذا هو أول شرط.
  إذا أنت لم تكن مطبّقاً لما تقول فالأفضل أن تسكت لأنّك إذا تكلَّمت سخر الناس منك واستهزؤوا بدعوتك وشهَّروا بك، ولم تزدهم عن الدين إلا بُعداً، يا طبيب طُبَّ لنفسك.

 

 

لا تنهَ عن خُلُقٍ وتأتي مثلـه               عارٌ عليك إذا فعلت عظيم
فهناك يُسمع ما تقول ويُرتجى               بالقول منك ويَنفعُ التعلي

***

 الشرط الأول قبل أن تطبِّق ما تقول إيّاك أن تقول كلمة، يروى ـ قصّة مشهورة ـ أنّ شيخاً جليلاً له تلميذ من كبار أغنياء البلدة وعند هذا التلميذ عبد، فعندما زار الشيخ تلميذه وكان التلميذ قد دعا شيخه إلى طعام، قال العبد لشيخ سيِّده: يا سيّدي لو لفتّ نظر سيّدي كي يُعتقني، فقال له الشيخ: خيراً إن شاء الله، مضى شهر وشهران وثلاثة أشهر ولم يعتقه سيّده، والدليل أنّ الشيخ لم يقل للسيّد كلمة واحدة، فزار الشيخ تلميذه مرّةً ثانية، فتقدّم هذا العبد بأدبٍ جم إلى الشيخ وقال: يا سيّدي لو لفتّ نظر سيّدي كي يُعتقني فأنت عنده ذو قدرٍ عظيم، فقال له: خيراً إن شاء الله يا ولدي، كذلك مضى ثلاثة شهور ولم يعتقه والدليل ما تكلَّم الشيخ، وفي المرّة الثالثة زاره وقال لهذا العبد: إن شاء الله آن الأوان وطلب من سيّده أن يُعتقه فأعتقه، ظلّ سؤال كبير في ذهن هذا العبد فقال للشيخ: يا سيدي كلمة وتسعة أشهر وأنا أنتظر، وما دام بكلمة من فمك يعتقُني فلِمَ أخّرت هذا ؟!! قال له: يا ولدي لقد أتعبتني كثيراً، فإنني قد وفّرت من مصروف البيت مبلغاً أعتقت به عبداً قبل أن أطلب من سيِّدك أن يُعتقك.

أن تبحث عن المال من خلال الدين فهذا لعبٌ بدين الله عزَّ وجلَّ:

 لا تأمر بالمعروف وتنهَ عن المنكر قبل أن تكون سبّاقاً إلى ما تقول، إذا كنت سبّاقا فلكلامك فعل السحر، إذا كنت سبّاقاً فإنّك تستطيع أن تؤثِّر في الآخرين، أما أن تتخذ الدعوة إلى الله حرفة لترتزق منها فهذا أسوأ شيء تفعله، قال الإمام الشافعي:" والله لئن أرتزِق بالرقص أهون من أن أرتزِق بالدين ".
إيّاك أن تلعب بدين الله، إذا أردتّ المال فابحث عنه من مصادره فهناك زراعة، وصناعة، وتجارة، أو أي عمل آخر، فإذا أردت المال فابحث عنه من مصادره المشروعة أمّا أن تبحث عن المال من خلال الدين فهذا لعبٌ بدين الله عزَّ وجلَّ فقد قال تعالى:

﴿ وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20) اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ (21)﴾

( سورة يس )

  أول شيء قال تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3) ﴾

( سورة الصف )

أدلة من القرآن والسنة على ضرورة تطبيق ما تقوله:

 قال تعالى:

﴿ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (44) ﴾

( سورة البقرة )

(( يُؤْتَى بِالرَّجُلِ يـَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ فَتَنْدَلِقُ أَقْتَابُ بَطْنِهِ فَيَدُورُ بِهَا كَمَا يَدُورُ الْحِمَارُ بِالرَّحَى فَيَجْتَمِعُ إِلَيْهِ أَهـْلُ النَّارِ فَيَقُولُونَ يَا فُلانُ مَا لَكَ أَلَمْ تَكُنْ تَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ فَيَقُولُ بَلَى قَدْ كُنْتُ آمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَلا آتِيهِ وَأَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ وَآتِيهِ ))

[مسلم عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ]

(( رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي رِجَالاً تُقْرَضُ شِفَاهُهُمْ بِمَقَارِيضَ مِنْ نَارٍ. فَقُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ، مَنْ هَؤُلاءِ ؟ قَالَ: هَؤُلاءِ خُطَبَاءُ مِنْ أُمَّتِكَ يَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَيَنْسَوْنَ أَنْفُسَهُمْ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا يَعْقِلُونَ ))

[أحمد عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِي اللَّه عَنْه]

  قبل أن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر فعدَّ للمليون هل أنت في مستوى هذا الأمر ؟ هل أنت في مستوى هذا النهي ؟

 

(( أوحى الله إلى عيسى بن مريم: عظ نفسك بحكمتي فإن انتفعت فعظ الناس، وإلا فاستحيى منى ))

 

[رواه الديلمي عن أبى موسى]

  كان سيّدنا عمر إذا أراد إنفاذ أمرٍ جمع أهله وخاصّته وقال: إنّي قد أمرت الناس بكذا ونهيّتُهم عن كذا، والناس كالطير إن رأوكم وقعتم وقعوا، وأيمُ الله لأوتينّ بواحد وقع فيما نهيتُ الناس عنه إلا ضاعفت له العقوبة لمكانه منّي.
 كانت القرابة من عمر مصيبة، فمصيبةٌ كبرى أن تكون قريب عمر، لأنّك إذا فعلت شيئاً مخالفاً لأمره عُوقبت مرّتين، مرّةً لأنّك قريبه ومرّةً لأنّك خالفت الأمر.

 

2ـ أن يكون المنكر الذي تنهى عنه مجمعاً على إنكاره:

 أول شرط أن تكون مطبّقاً لما تقول والشرط الثاني أن يكون المنكر الذي تنهى عنه مجمعاً على إنكاره.
 أي أنت شافعي وأحد الأخوة الأحناف صلّى على مذهبه فتقوم بإنهائه بالمعروف وتنهاه عن المنكر ؟ فهذه القضيّة قضيّة خلافيّة في المذاهب، فلا تنه إلا عن المنكر المجمع على إنكاره، فليست القضيّة مِزاجيَّة وكل شيء لم يعجبك تنهى عنه، فما دام هذا الشيء مغطّى بأحد المذاهب فلا شيء في ذلك، شيء قد أجمع العلماء على صحَّته فهو صحيح، ولا تخترع أنت المنكر، فالمنكر هو المنكر المجمع على إنكاره.
 لو قصر في الصلاة فهو حنفي والقصر في الصلاة واجب، فلو قلت: هذا ذاهب إلى نزهة وليس في سفر ؟ فليس على مزاجك فمطلق السفر عند الأحناف يجب فيه القصر. فما دام العمل على المذهب المعتمد وعلى رأس المذهب إمام كبير عدَّ القصر في الصلاة في السفر واجباً، وهو قصر فلا شيء عليه ولا يدخل هذا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فاختلاف المذاهب ليس له علاقة بذلك.
 لا تنكر إلا المنكر المتَّفق على أنّه منكر، الربا متّفق عليه، إطلاق البصر في الحرام متّفق عليه، الكذب متّفق عليه، أما قضيّةٌ خلافيّة بين المذاهب نقول فيها: نتعاون فيما اتفقنا، ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا.

 

 

3ـ أن يكون المُنكِر للمنكر متدرِّجاً في إنكار المنكر:

 الآن أن يكون المُنكِر للمنكر متدرِّجاً في إنكار المنكر،أي أن يكون هناك حكمة، إذا ارتكب صديق أمامك عشرة منكرات فذكره باثنين فقط، لأن العشرة دفعة واحدة يقول لك ما هذا الدين الذي تعتنقه، المفروض أن تكون حكيماً بإنكار المنكر، فدائماً عندنا قاعدة:
 إذا نتج عن إنكار المنكر فتنةٌ أشدُّ وأخطر من المنكر الذي تنهى عنه فأصبح الإنكار غلطاً وأنت بهذا لست حكيماً، وأحياناً إنكار المنكر يجرّ إلى كارثة، فالله عزَّ وجلَّ لم يكلِّفك فوق ما تطيق، فإذا أنكرت المنكر فعليك أن تنكره بحكمة، وبالتدرُّج.

 

 

4ـ أن تكون لطيفاً رفيقاً حسن الخُلُق في إنكار المنكر:

  شيء أخير بإنكار المنكر قال: أن تكون لطيفاً رفيقاً حسن الخُلُق.

 

 

(( من أمر بمعروف فليكن أمره بمعروف ))

 

[رواه البيهقي عن عمرو بن شعيب رَضِي اللَّه عَنْه]

  أنا لا يؤلمني شيء أكثر ممن ينهر طفلاً في المسجد بقسوة، فأنت المفروض أن يحبَّك الطفل، ممكن أن تنهاه عن عمل، فالنبي الكريم صلى الله عليه وسلم عندما رأى صحابياً يركض في المسجد ليلحق الركعة مع رسول الله قال له:

 

(( زادك الله حرصاً ولا تعُد. ))

 

[رواه البخاري عن موسى بن إسماعيل عن همام]

  يجب عليك أن تختار أجمل عبارة من أجل أن تُنكر بها منكراً رأيته في المسجد، لا أن تكون فظاً غليظ القلب، فالنبي الكريم على ما فيه من الكمال، وعلى أنّه نبيُّ هذه الأمّة وهو الرسول الأمين، وسيِّد الأنبياء والمرسلين، والمعصوم الذي يوحى إليه، والمؤيّد بالمعجزات، النبي الكريم على كلّ هذه الخصائص الفريدة خاطبه ربه فقال تعالى:

﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159)﴾

( سورة آل عمران )

﴿ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾

 فما بال الآخرين ؟!!

 

(( إِنَّ الرِّفْقَ لا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلا زَانَهُ وَلا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلا شَانَهُ ))

 

[مسلم عَنْ عَائِشَةَ رَضِي اللَّه عَنْها]

  أنا ضد العنف، كن لطيفاً وأمر بالمعروف وانهَ عن المنكر ولكن بأدب وباحترام وبترفُّق وبتدرُّج وبحكمة ومن دون فظاظة ولا قسوة ومن دون نهر، ومن دون سُباب.

 

(( يَا عَائِشَةُ إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ وَمَا لا يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ ))

 

[البخاري عَنْ عَائِشَةَ رَضِي اللَّه عَنْها]

بعض الأحاديث الشريفة عن الرفق واللين في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

 أنت حين تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر يجب أن تكون رفيقاً ولطيفاً ومؤنساً.

(( قَامَ أَعْرَابِيٌّ فَبَالَ فِي الْمَسْجِدِ فَتَنَاوَلَهُ النَّاسُ فَقَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: دَعُوهُ وَهَرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ سَجْلاً مِنْ مَاءٍ أَوْ ذَنُوباً مِنْ مَاءٍ فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ ))

[البخاري عَنْ أبي هريرة رَضِي اللَّه عَنْه]

  هل هناك عملٌ فيه تحدٍّ وغلظة وفظاظة وقلّة ذوق كأن يبول في المسجد أمام الصحابة ومع ذلك حلم النبيّ وَسِعَه وقال للصحابة: دعوه.
  الذي قال للنبي:

 

(( يَا رَسُولَ اللهِ ائْذَنْ لِي بِالزِّنَا ؟ فَأَقْبَلَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ فَزَجَرُوهُ وَقَالُوا: مَهْ مَهْ، فَقَالَ: ادْنُهْ فَدَنَا مِنْهُ قَرِيباً، قَالَ: فَجَلَسَ، قَالَ: أَتُحِبُّهُ لأُمِّكَ ؟ قَالَ: لاَ وَاللهِ جَعَلَنِي اللهُ فِدَاكَ، قَالَ: وَلاَ النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لأُمَّهَاتِهِمْ ))

 

[البخاري عَنْ أبي هريرة رَضِي اللَّه عَنْه]

  بالمنطق، فخرج من عنده وما شيءٌ أبغض إليه من الزنا.

 

(( بَيْنَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ فَقُلْتُ: يَرْحَمـُكَ اللَّهُ فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ فَقُلْــتُ: وَا ثُكـْلَ أُمِّيَاهْ مَا شَأْنُكــُمْ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصَمِّتُونَنِي، لَكِنِّي سَكـَتُّ، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي مَا رَأَيْتُ مُعَلِّماً قَبْلَهُ وَلا بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيماً مِنْهُ فَوَ اللَّهِ مَا كَهَرَنِي وَلا ضَرَبَنِي وَلا شَتَمَنِي قَالَ: إِنَّ هَذِهِ الصَّلاةَ لا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلامِ النَّاسِ إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّم ))

 

[البخاري عَنْ مُعَاوِيَةَ ابْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ رَضِي اللَّه عَنْه]

  هكذا النبي اللهمّ صلِّ عليه، فلم يكفِ هذا الصحابي أن شمّت العاطس ولكنّه تكلّم في الصلاة، ولكن النبيّ وجّهه بلطف.
 دخل واعظٌ على أبي جعفر المنصور أغلظ عليه في الكلام ولكن ظهر أنّ أبا جعفر المنصور أكثر فهماً منه فقال له: يا هذا ارفُق بي، أرسل الله سبحانه من هو خيرٌ منك إلى من هو شرٌ مني ـ أي أنّك لست موسى وأنا لست فرعون ـ فقال الله تعالى له:

 

﴿ فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44) ﴾

 

( سورة طه)

  ظهر أنَّ المنصور أي الموعوظ أكثر فهماً وعقلاً من الواعظ.
 على الإنسان أن يوطِّن نفسه على الصبر على من يؤذيه إذا أمر بالمعروف ونهى عن المنكر:
 شيء آخر، عندما يأمر الإنسان بالمعروف وينهى عن المنكر يجب أن يوَطِّن نفسه على المتاعب ؟ لذلك قال تعالى:

 

﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ (214)﴾

 

( سورة البقرة )

  وقال تعالى:

 

﴿ يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (17) ﴾

 

( سورة لقمان )

 من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فحينما تأمر بالمعروف هناك من يُعاديك، وحينما تنهى عن المنكر هناك من يُعاديك، فيجب أن توطِّن نفسك على أن تصبر على من يؤذيك إذا أمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر.

﴿ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ ﴾

(( أشدُّ الناس بلاءً الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه إن كان دينه صُلباً اشتدَّ بلاؤه، وإن كان في دينه رِقَّةٌ ابتلاه الله على حسب دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه من خطيئة. ))

 

[ متفق عليه عَنْ سعد بن أبي وقاص رَضِي اللَّه عَنْه]

 

الإنسان يُبتلى على قدر دينه والبلاء ينتهي بالإنسان إلى الطهارة التامّة:

 الإنسان يُبتلى على قدر دينه، والبلاء ينتهي بالإنسان إلى الطهارة التامّة، من مغادرة الدنيا إلى الجنّة مباشرةً.

(( حُفَّتِ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ وَحُفَّتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ ))

[ مسلم عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِي اللَّه عَنْه]

  بقيـت فقرةٌ واحدة في الدرس، يُروى أنّ أبا غياث الزاهد كان في بُخارى فدخل المدينة ليزور أخاً له وكان غِلمان الأمير معهم المُغنّون والملاهي يخرجون من داره وكان يوم ضيافة الأمير، فلمّا رآهم الزاهد: قال: يا نفسُ وقع أمرٌ إن سكتِّ عليه فأنت شريكةٌ فيه، فرفع رأسه إلى السماء واستعان بالله وأخذ العصا فحمل عليهم حملةً واحدة، فولوا منهزمين مدبرين إلى دار السلطان، وقصّوا على الأمير ما حدث، فدعا به وقال له: أما عَلِمتَ أنّه من يخرُج على السلطان يتغذَّ في السجن ؟ فقال له أبو غياث: أما علمت أنّه من يخرُج على الرحمن يتعشَّ في النيرانِ ؟ فقال له: من وَّلاك الحسبة ؟! قال: الذي ولاك الإمارة، فقال الأمير: ولاني الخليفة، فقال أبو غياث: أنا ولاني ربُّ الخليفة، فقال الأمير: ولّيتُك الحُسبة بسمرقند، قال: عزلت نفسي عنها، قال الأمير: العجـب في أمرك تحتسِبُ حين لم تؤمر، وتمتنع حينما تؤمر !! قال: لأنّك إن وليتني عزلتني، وإذا ولاني ربي لن ليعزلني أحد، فقال الأمير: سل حاجتك، قال: حاجتي أن ترُدَّ عليّ شبابي، قال: ليس ذلك لي، فهل لك من حاجة أُخرى ؟ قال: أن تكتُب إلى مالك خازن النار ألا يُعذِّبني، فقال: ليس ذلك لي، فهل لك من حاجة أخرى ؟ قال: أن تكتُب إلى رضوان خادم الجنان أن يدخُلني إلى الجنّة، ـ ما هذه الطلبات !! ـ قال: ليس ذلك لي، قال أبو غياث: فإنّها مع الربِّ الذي هو مالك الحوائج كلِّها ولا أسأله حاجةً إلا أجابني إليها، فأخلى الأمير سبيله وتخلَّص منه.

 

الأمر بالمعروف من أخطر الأوامر التي تأتي بعد الفرائض:

 بالطبع يوجد في تاريخنا الإسلامي كثير من القصص تؤكِّد أنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كان فريضة سادسة، وأرجو الله سبحانه وتعالى أن يُلهمنا الحكمة.

 

 

(( كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ))

 

[ متفق عليه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا]

  زوجتك، بناتك، أولادك، أولاد أخيك، وأولاد أختك، فأنت خالهم أو عمّهم، شريكك بالعمل، زميلك بالوظيفة بجوارك في العمل وهو رجلٌ صالح ولكنّه مقصِّر فلا يصلّي مثلاً، فأنت مكلَّف أن تأمره بالمعروف وأن تنهاه عن المنكر، وأن تنَشّئَ أولادك على ذلك، فإذا أمرنا بالمعروف ونهينا عن المنكر توسَّعت دوائر الحق على حساب دوائر الباطل، أما إذا تقاعسنا نستحقُّ عندئذِ لعنة الله، وندعوه فلا يستجيب لنا، وقد ذكرنا في النصوص التي هي كثيرة الدقة، فقضيّة الأمر بالمعروف هي من أخطر الأوامر التي تأتي بعد الفرائض.
 مرّة ثانية الأمر بالمعروف يحتاج إلى تطبيق أولاً، وثانياً إلى حكمة وإلى تدرُّج وإلى تلطُّف، ويحتاج إلى أن تعتقد أنّك إذا رأيت في إنكار هذا المنكر فتنةٌ أشدَّ من المنكر ينبغي أن تصمت، لأنّه يجب عليك أن تختار أهون الشرّين.

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور