وضع داكن
24-04-2024
Logo
صلاح الأمة - الدرس : 01 - سعادة الإنسان بعلو همته
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.

فجوة وخلل: معرفة الحق وعدم العمل وفقه:

 أيها الإخوة الكرام، هناك حالة تكثر الشكوى منها ؛ أن الإنسان يعرف الحقيقة، لكن لا يشعر بقوة في العمل وفقه، هناك فجوة، مع أنّ الحق واضح، الأمور ناصعة، الحق أبلج، الحلال بين، الحرام بين، و مع ذلك فهناك تقصير في العمل وفق هذه القناعات، أين الخلل ؟ في الإرادة، هناك إنسان ضال ما عرف الحقيقة، إذاً لم يعمل بها، لكن المغضوب عليه هو الذي عرف الحقيقة، و عمل بخلافها.

 

علوً الهمة من الأيمان:

 إذاً: سلسلة هذه الدروس إن شاء الله تحت عنوان صلاح الأمة بعلو الهمة، وقد قال عليه الصلاة والسلام:

 

 

(( علو الهمة من الإيمان ))

 

[ورد في الأثر ]

 الواقع العملي للطالب الذي يريد النجاح فقط لا ينجح، أما الذي يريد التفوق ينجح
والشاهد الآخر:

 

﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾

 

[ سورة الملك: 2]

 الامتحان لا من أجل فرز الناجحين عن الراسبين، لا، الامتحان من أجل تقييم الناجحين وفق درجات، الأصل أن تنجح، الأصل أن تكون لك همة عالية، لذلك هذا الكلام ورد في قوله تعالى:

 

﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ﴾

 

[ سورة الواقعة ]

مقام العبد في الأخرة بحسب واقعه في الدنيا:

 السابقون في الدنيا إلى الخيرات سبقوا في الآخرة إلى الجنات، الآخرة مكانك فيها، أو مقامك فيها بحسب واقعك في الدنيا، وقالوا:

 

﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ﴾

 

[ سورة الزمر: 74]

 لولا أن الإنسان جاء إلى الدنيا، و دعي إلى معرفة الله، وهناك عبادات، هناك ضوابط، هناك عبادات تعاملية، لولا أن الإنسان في الدنيا استطاع أن يتعرف إلى الله، وأن يتقرب إليه لما كان له مكان في الآخرة، لذلك الآخرة تُقيم بواقعك في الدنيا، والسابقون السابقون في الدنيا أولئك المقربون، وهناك فرق كبير بين المتقرب إلى الله والمقرَّب من الله، المتقرب بسعيه، أما المقرب فبفضل الله، وهذا فرق دقيق.
لذلك في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة، والدليل:

 

﴿وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ﴾

 

[ سورة محمد: 6]

 في الدنيا، لولا أنهم ذاقوا طعمها لما عرفوا عظمة هذه الجنة، لذلك يقول بعض العارفين: " إنه لتمرُّ بالقلب أوقات يرقص فيها القلب طرباً ".
أقول: إنْ كان أهل الجنة في مثل هذا العيش إنهم لفي عيش طيب، أي في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة.

 

قوة الأنسان علمية وعملية:

 

1 ـ السعادة في استكمال القوتين العلمية والعملية:

 أيها الإخوة الكرام، الإنسان عنده قوتان قوة علمية نظرية، وقوة عملية إرادية، وسعادته التامة موقوف على استكمال قوتيه العلمية والعملية، وكلامها شرط لازم غير كاف.
هناك قوة علمية نظرية، وهناك قوة عملية تطبيقية، إذا اكتفى الإنسان بواحدة لا يفلح، لماذا ؟

 

2 – طريق استكمال القوة العلمية:

 استكمال القوة العلمية إنما يكون:
1 ـ بمعرفة فاطره، وبارئه.
2 ـ ومعرفة أسمائه وصفاته.
3 ـ ومعرفة الطريق التي توصل إليه.
4 ـ ومعرفة آفاتها.
5 ـ ومعرفة نفسه، ومعرفة عيوبها.
 فبهذه المعارف الخمس يحصل للإنسان كمال قوته العلمية، فينبغي أن تعرف الله، وأن تعرف أسماءه الحسنى وصفاته الفضلى، وينبغي أن تعرف الطريق إليه، و ينبغي أن تعرف الصوارف في هذا الطريق، والعقبات في هذا الطريق، وينبغي أن تعرف نفسك أين أنت من هذا القرآن ؟ أين أنت من السنة ؟ هل أنت مطبق لها أو مقصر ؟ و ينبغي أن تعرف عيوب نفسك، بهذه المعارف الخمس تكتمل القوة العلمية، لذلك قال تعالى:

 

 

﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾

 

[ سورة الأنبياء: 25]

 العلماء قالوا: " نهاية العلم التوحيد، و نهاية العمل التقوى ".
دائماً هناك جانب نظري وجانب عملي:

 

﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾

 

[ سورة الأنبياء: 25]

 ( لاَ إِلَه إلا الله ) الجانب العلمي، . فَاعْبُدُونِ . الجانب العملي.

 

3 – طريق استكمال القوة العملية:

 إن القوة العملية الإرادية لا تحصل إلا بمراعاة حقوق الله سبحانه وتعالى، والقيام بها، إخلاصاً وصدقاً، ونصحاً وإحساناً، ومتابعة وشهوداً لمنته وفضله، وشهوداً لتقصير العبد في أداء حق ربه، فالعبد المؤمن يستحيي دائماً من أن يشهد عمله، إنه يشهد فضل الله عليه، المشكلة ـ وأتمنى أن أضع يدي عليها ـ هناك معرفة جيدة جداً، إنسان حضر دروس علم ثلاثين سنة، سمع تفسير القرآن بأكمله، قرأ أحاديث رسول الله آلاف المرات، واستمع إلى تفسيرها، قرأ سير الصحابة الكرام، امتلأ هذا الإنسان علماً، الآن أين عمله ؟

 

 

حقيقة التلاوة:

 لذلك القرآن الكريم يصف الله عز وجل المؤمنين بأنهم . يَتْلُونُه حَقَّ تِلاَوَتِهِ .، وحق تلاوة القرآن كما قال العلماء: " أن تقرأه قراءة صحيحة وفق قواعد اللغة أولاً، ثم أن تقرأه إن أمكن، والأفضل أن تقرأه وفق قواعد علم التجويد، ثم أن تفهمه، ثم أن تتدبره، التدبر كلما قرأت آية تسأل نفسك أين أنا من هذه الآية ؟ هل أنا مطبق لها ؟ مع من ؟ ثم أن تطبقه، قراءة وفق قواعد علم اللغة، وقراءة وفق قواعد علم التجويد، ثم فهم القرآن، ثم تدبره، ثم تطبيقه، فلذلك لله عز وجل آيات كونية، وآيات تكوينية، وآيات قرآنية، والإيمان بآيات الله هي الطريق الوحيدة السالكة إليه، فتعرفه من خلقه، وتعرفه من أفعاله، وتعرفه من كلامه.

 

 

ماذا فعلت فيما علمت ؟!!

 النقطة الدقيقة بعد أن عرفت ماذا فعلت ؟ ماذا عملت ؟ ما ربط الله فضله إلا بالعمل:

 

﴿ وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا﴾

[ سورة الإسراء: 19]

 لذلك التمنيات بضائع الحمقى:

﴿ لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ﴾

[ سورة النساء: 123]

 والعلم في الإسلام ليس هدفاً بذاته، إنما هو وسيلة، والعلم ما عُمل به، فإن لم يُعمل به كان الجهل أولى:

 

و عالم بعلمه لم يعملن  مُعذب من قبل عباد الوثن
***

 فأنت بحاجة إلى قوة علمية، أن تعرف الله، أن تعرف أسماءه، أن تعرف صفاته، أن تعرف الطريق إليه، أن تعرف الصوارف في هذا الطريق، وأن تعرف العقبات في هذا الطريق، وأن تعرف نفسك، وأن تعرف عيوبها، ودائماً الحقيقة المرة أفضل ألف مرة من الوهم المريح.
أيها الإخوة الكرام، ورد في بعض الآثار القدسية: " إني لا أنظر إلى كلام الحكيم وحكمته، ولكن أنظر إلى همّه وهمّته.
الكلام سهل، إنسان آتاه الله ذاكرة قوية، قرأ، وحفظ، وتكلم، ونال مكانة في المجتمع، الكلام سهل جداً، ولكن أين أنت من هذا الكلام ؟ لذلك أكثر الناس الذين ينصرفون عن الدين بسبب أناس لهم مظهر ديني، ولهم انتماء ديني، وأساؤوا العمل، من هنا ورد في الأثر:

 

 

(( استقيموا يُستقم بكم ))

 

[ الطبراني في الكبير والأوسط والصغير عن سمرة ]

 إني لا أنظر إلى كلام الحكيم وحكمته، ولكن أنظر إلى همه و همته.

 

قيمة المرء ما يطلب لا ما يحسن:

 لكن الشيء الدقيق جداً أنه حينما يقال: قيمة كل امرئ ما يحسن، الحقيقة أن قيمة كل امرئ ما يطلب، لأن الفضل بيد الله، الله عز وجل ذو الفضل العظيم، لا تُكلف إلا أن تطلب، إلا أن تطلب فقط:

 

﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾

[ سورة العنكبوت: 69]

 من هو البخيل ؟ الذي يعجز عن أن يسأل الله عز وجل.
أيها الإخوة الكرام.

 

﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ﴾

 

[ سورة التوبة: 111]

الناس يعيشون الواقع الملموس لا الخبر القراّني:

 ثمة مشكلة، أن الدنيا محسوسة ملموسة، والآخرة خبر في القرآن، ومشكلة الناس أن هناك واقعاً، وأن هناك خبراً، يعيشون الواقع، تمرّ أمامه امرأة جميلة، يرى بيتاً عظيماً، يرى مركبة فارهة، يرى بناء شامخاً، يرى طعاماً طيباً، هذه الدنيا محسوسة تحت سمعك وبصرك، أما الآخرة فهي خبر في القرآن:

﴿ وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى﴾

[ سورة الضحى: 4]

العاقل تحكمه الأخبار القرآنية لا الواقع الملموس:

 فأنت كإنسان آتاك الله عقلاً يجب أن يحكمك الخبر، لا أن يحكمك الواقع، هذا شيء دقيق جداً، كإنسان راكب دراجة وجد طريقين، طريقا هابطا، وطريقا صاعدا، كل شيء في الطريق الهابط يدعوه إلى السير فيه، وراكب دراجة ليس معه محرك، النزول مريح جداً، والطريق جميل، ومعبَّد، وفيه أزهار ورياحين، فيه أطيار، والطريق الصاعد متعب لراكب الدراجة، وبه حفر، وأكمات، وعقبات، فالإنسان من دون أن يقرأ، ومن دون أن يقرأ خبر عن الله عز وجل يختار الطريق الهابط، وهذا حال أهل الدنيا جميعاً، يعيش أحدُهم الواقع، يعيش ظرفه، هناك لوحة عند مفترق الطريقين كتب عليها: " الطريق الهابط ينتهي بحفرة مالها من قرار، فيها وحوش كاسرة وجائعة، والطريق الصاعد ينتهي بقصر منيف هو لمن دخله "، هذه اللوحة الصغيرة عبارة عن أربع كلمات تعكس لك قرارك، فتأخذ قرارا مئة وثمانين درجة خلاف الأول، فتسلك الطريق الصاعد، وتَدَع الطريق الهابط، هذا هو الفرق.
 هناك مركبة عامة، والقصة قديمة، تنطلق من ساحة المرجة، وتتجه إلى المهاجرين، تقف باتجاه الشرق، في أيام الصيف الجانب الأيمن فيه شمس محرقة، والجانب الأيسر ظل ظليل، الإنسان يصعد إلى هذه المركبة، فإذا عطّل عقله يجلس في الظل بداهة، وإذا أعمل عقله يجلس في الشمس، لأن هذه المركبة باتجاه الشرق خلال دقيقة واحدة تدور حول النصب التذكاري في المرجة، فتنعكس الآية، فبين أن تستمتع بالظل دقيقة، وتحترق عشرين دقيقة، وبين أن تتحمل الشمس دقيقة، وتستمتع بالظل عشرين دقيقة فرق كبير.
كنتُ أضرب مثلاً كثيراً، إنسان ذاهب إلى حمص ليأخذ مبلغاً ضخماً له عند أحد الناس، في أيام الشتاء الطريق مقطوعة، بعد أن خرج من دمشق قرأ لوحة كتب عليها: " الطريق إلى حمص مقطوعة بسبب تراكم الثلوج في النّبك "، أربع كلمات يعطونه قراراً معاكساً للسفر، فيرجع، لو أن دابة تمشي لا تقف إلا عند الثلج، ما الذي يحكم الإنسان ؟ إما أن يحكمه الواقع فهو كالدابة، وإما أن يحكمه النص فهو الإنسان.
أنت إنسان مؤمن معك نص.

 

من أهم صفات المؤمنيين: الإيمان بالغيب:

 أيها الإخوة الكرام، مرة ثانية الدنيا محسوسة ملموسة تحت سمعك وبصرك، بينما الآخرة وعد، لذلك أول صفة للمؤمنين قال تعالى:

 

 

﴿ الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ﴾

 

[ سورة البقرة ]

 فالذي يؤمن بالواقع مصيره إلى الهلاك، والذي يؤمن بالغيب يؤمن بإخبار الله له، فلذلك هذه الدنيا تغر، وتضر، وتمر، هذه الدنيا دار من لا دار له، و لها يسعى من لا عقل له، و الدليل أن الإنسان يسعى، و يسعى، و يسعى، فإذا توقف قلبه فَقَدَ كل ما يملك في ثانية واحدة، هذه الدنيا سباق الأحمق.
 تصور ألف سيارة في تسابق شديد، أول سيارة وصلت للهدف فوقعت في حفرة، والثانية وقعت، والأخيرة وقعت، والكبيرة وقعت، والصغيرة وقعت، والقديمة وقعت، والحديثة وقعت، ما هذا السباق، الموت ينهي قوة القوي، وضعف الضعيف، ينهي غنى الغني، وفقر الفقير، ينهي ذكاء الذكي، وغباء الغبي، ينهي وسامة الوسيم، ودمامة الدميم، ما لم يكن لك هدف فهذا الطريق لا يقود إلى السعادة، ولا إلى السلامة.

 

يجب أن يكون لك هدف نبيل في الحياة:

 يجب أن يكون لك هدف، ومع الأسف الشديد أجري استبيان فكانت النتيجة مؤلمة جداً، أن سبعة وتسعين بالمئة من الناس ليس لهم هدف، إما أن تخطط، وإما أن يُخطط لك، إما أن يكون لك هدف واضح، وإلا خسرتَ، والآية واضحة جداً:

 

 

﴿أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبّاً عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيّاً عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾

 

[ سورة الملك: 22]

 الإنسان كله بضربات قلبه، كل مكانة الإنسان بقطر الشريان التاجي، كل مكانته وهيمنته وقوته بسيولة دمه، كل مكانته بنمو خلاياه، إذا نمت نمواً عشوائياً انتهت حياته، إذا تجمد الدم في عروقه انتهت حياته، إذا توقف قلبه انتهت حياته.
لذلك أيها الإخوة الكرام، الذي يجعل كل أهدافه في الدنيا مقامر ومغامر، والذي نقل أهدافه إلى الآخرة هو العاقل، لذلك قالوا: من قدّم ماله أمامه سَرَه اللحاق به.
قد تجد إنساناً كل إمكاناته سخرها في الدنيا، كلمة الموت ينخلع لها قلبه، أما إذا كان لإنسان أعمال صالحة كثيرة فإنه لا يخشى شيئا، وا كربتاه يا أبت، قال: لا كرب على أبيك بعد اليوم، غداً نلقى الأحبة محمداً وصحبه.

 

الموت عرس المؤمن:

 كل بطولتك أن يكون الموت عرساً لك، أن يكون الموت عيداً، أن يكون الموت تحفة.
حدثني طبيب قلب قال لي: و الله لما يأتيني مريض معه آفة قلبية أحس أنه مات قبل أن يموت من شدة الهلع، لأن وضعَ البيض كله في سلة واحدة، بينما المؤمن نقل اهتماماته إلى الآخرة، فعنده شيء إذا لقي الله عز وجل، لذلك أنا قرأت ودرست سبعين صحابياً، والله الشيء الذي يلفت النظر أن هناك قاسماً مشتركاً واحداً بينهم، وهو أنهم كانوا في أسعد لحظات حياتهم عند ملاقاة ربهم.
 سيدنا سعد بن الربيع تفقده النبي عقب معركة أحد، فلما أرسل بعض الصحابة إلى مكان المعركة الصحابي الجليل رآه بين القتلى، لكنه يتحرك، قال له يا: سعد، أنت مع الأموات أم مع الأحياء ؟ قال له: مع الأموات، ولكن أبلغ رسول الله مني السلام، وقل له: جزاك الله خير ما جزى نبياً عن أمته ، في أعلى درجات سعادته، وأبلغ أصحابه الكرام أنه لا عذر لكم إذا خُلص إلى نبيكم و فيكم عين تطرف، كان في أعلى درجات سعادته.
لذلك أيها الإخوة الكرام، هذه السلسلة من الدروس متعلقة بعلو الهمة:

 

 

﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾

 

[ سورة الأنعام: 162]

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور