وضع داكن
16-04-2024
Logo
صلاح الأمة - الدرس : 09 - من علامات علو الهمة التمسك بالكتاب والسنة
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
أيها الإخوة، مع درس جديد من دروس صلاح الأمة في علو الهمة.

التمسك بالكتاب والسنة يتناقض مع الإنسان:

من صفات الإنسان الذي أكرمه الله بعلو الهمة أنه يتمسك بالكتاب والسنة، ولكن شاءت حكمة الله أن يكون التمسك بالكتاب والسنة أحياناً متناقضاً مع مصلحة الإنسان، هنا المشكلة، لذلك قال عليه الصلاة و السلام:

(( ثلاثة من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان ))

[ متفق عليه عن أنس ]

الفرق بين حلاوة الإيمان وحقائق الإيمان:

لابد من التفريق بين حلاوة الإيمان وحقائق الإيمان.
حقائق الإيمان أيّ إنسان على مستوى جيد في الإدراك يقرأ أركان الإيمان، أركان الإسلام، العقائد، العبادات، المعاملات، الآداب، و يفهم شيئاً عن الدين كثيراً، هذه حقائق الإيمان، ولكن حلاوة الإيمان شيء آخر، بينهما كما بين أن تنطق بمليار دولار، أو أن تملكها، المسافة نفسها، بين أن تمتلك خارطة لقصر، وبين أن تمتلكه وتسكنه، بين أن تمتلك صورة لمركبة فارهة، وبين أن تمتلك هذه المركبة، وأن تنتفع بها، لذلك فرق كبير بين حقائق الإيمان وحلاوة الإيمان، يقول الواحد الديان:

﴿ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ﴾

[ سورة الفتح: 18]

هذه السكينة يسعد بها الإنسان ولو فقد كل شيء، ويشقى بفقدها ولو ملك كل شيء.

بنود حلاوة الإيمان:

البند الأول: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

(( ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ ـ البند الأول: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا....))

[ البخاري، مسلم، الترمذي، النسائي، ابن ماجه، أحمد ]

معنى حب الله ورسوله:

أنا لا أصدق أن في العالم الإسلامي كله مسلم واحد لو سألته: ألا تحب الله ورسوله أكثر من أي شيء آخر ؟ لقال: بلى، أحب الله ورسوله، ليس هذا هو المعنى إطلاقاً، المعنى أن يكون الله في قرآنه، والنبي في سنته، أي الأوامر القرآنية، والنواهي القرآنية، والأوامر النبوية، لأن كلام النبي وحي غير متلو، ولأن الله عز وجل يقول:

﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾

[ سورة الحشر: 7]

أن يكون الله في قرآنه، والنبي في سنته، توجيهات الله، وتوجيهات النبي حينما تتعارض مع مصلحتك، وتؤثر طاعة الله وإرضاءه، ونيل رضاه، وتضع مصلحتك تحت قدمك الآن دفعت ثمن حلاوة الإيمان.
هذا الذي ظهر من الصحابة شيء عجيب، المؤاثرة، التضحية، الإخلاص، بذل الغالي والرخيص، النفس والنفيس، لأنهم ذاقوا حلاوة الإيمان، ولأنهم ذاقوا حلاوة الإيمان، باعوا كل شيء، واشتروا مرضاة الله عز وجل:

﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ﴾

[ سورة التوبة: 111]

الحياة من دون سعادة جحيم لا يطاق:
فلذلك أيها الإخوة، من دون حلاوة إيمان الدين عبء، أوامره ثقيلة، كله محرمات فيما يتوهم الإنسان البعيد عن الله:

﴿وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ ﴾

[ سورة البقرة: 45]

الصلاة:

﴿إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ﴾

[ سورة البقرة: 45]

أما إذا قذف الله في قلبك السكينة، أو أذاقك حلاوة الإيمان تعيش حياة والله الذي لا إله إلا هو تنطوي على سعادة لو وزعت على أهل بلد لكفتهم.
أنا أصدق ملكاً واحداً اسمه إبراهيم بن الأدهم، كان ملكاً، ثم أصبح عارفاً بالله، قال: " والله لو يعلم الملوك ما نحن عليه لقاتلونا عليها بالسيوف "، لأنه كان ملكاً، ولأنه يعلم ما عند الملك، الدنيا كلها بين يديه، فلذلك:

(( ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ ))

أن يكون الله في أوامره ورسوله في أوامره إذا تعارضت مع مصالحه آثر جانب طاعة الله، ولم يعبأ بمصالحه، عندئذ دفع ثمناً باهظاً، وسلعة الله غالية، عندئذ يذوق حلاوة الإيمان، وإن لم تقل: أنا في جنة ففي الإيمان خلل.
" في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة ".
إذا لم تقل: أنا أسعد الناس في كل الظروف ؛ مع إقبال الدنيا، مع إدبارها، قبل الزواج، بعد الزواج، قبل أن يكون لك بيت، بعد أن يكون لك بيت، فإذا وصلت إلى الله وصلت إلى كل شيء.
" ابن آدم اطلبني تجدني، فإذا وجدتني وجدت كل شيء، و إن فتك فاتك كل شيء، وأنا أحب إليك من كل شيء، عبدي أنت تريد، وأنا أريد، فإذا سلمت لي فيما أريد كفيتك ما تريد، وإن لم تسلم لي فيما أريد أتعبتك فيما تريد، ثم لا يكون إلا ما أريد ".
أيها الإخوة الكرام:

(( ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ، أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا.... ))

بين قوانين الحياة والقوانين الإلهية:

لكن ما الذي يحصل ؟ أنت حينما تعيش مع الناس تستنبط من حركة الحياة قوانين و قواعد، هذه القواعد و القوانين مستنبطة من حركة الناس، هذه القواعد و القوانين تتناقض مع قوانين الله عز وجل، فإذا كنت في منصب، إذا أرضيت مَن هم فوقك، ولم تعبأ بمن هم تحتك تتوهم أن مركزك يقوى، هذا قانون مستنبط من حركة الحياة، فإذا مدحت مديحاً كاذباً، ولم تكن صادقاً فيما تقول، ولم تنصح، ولم تذكر الحقيقة المُرة التي هي أفضل ألف مَرة من الوهم المريح، تتوهم أن مركزك في هذا العمل يقوى، والحقيقة عكس ذلك، وحينما تؤثر طاعة الله، و طاعة رسوله، ولا تعبأ بمصالحك، بل تعبأ برضوان الله يخضعك الله لقوانين لا تعرفها إنها العناية الإلهية، يزداد مركزك قوة، وتزداد عند الله رفعة، وتزداد عند الناس تألقاً، فلذلك ما ترك عبد شيئاً لله إلا عوضه الله خيراً منه في دينه ودنياه.
حينما تؤثر إرضاء الله على مصالحك، أولاً: أذاقك الله حلاوة الإيمان، هذه الحلاوة سمها سعادة، سمها سكينة، سمها رضا، سمها سرورا، هذه تسعد بها و لو فقدت كل شيء، و تشقى بفقدها ولو ملكت كل شيء، و يا رب، ماذا فقد من وجدك ؟ و ماذا وجد من فقدك ؟
وإذا كان الله معك فمن عليك ؟ وإذا كان عليك فمن معك ؟
قال عليه الصلاة والسلام:

(( إني قد تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما: كتاب الله وسنتي، ولن يتفرقا حتى يَرِدَا علي الحوض ))

[ الحاكم عن أبي هريرة ]

إذا توهمت أن التعامل الربوي أربح، وأن التأمين على المركبة الكامل أكثر راحة، وأن التقسيط الربوي أيسر لحكمة بالغة هناك تسهيلات محرمة، فالظاهر تحقق المصلحة، تذهب إلى بلاد بعيدة، إن اشتريت بيتاً بالتقسيط فأنت معفى من ضرائب كثيرة، والبيت ملكك، لا تدفع أجرة له، بل تدفع من ثمنه، وأنت مالك البيت لأربعين سنة، أو لثلاثين سنة، فكل المنطق والمصلحة يدعوك إلى أن تشتري بيتاً بتقسيط ربوي، بينما لو استأجرت بيتاً فعليك ضرائب كثيرة، والبيت ليس لك، وفي أي لحظة قد يخرجك صاحب البيت منه، تجد الواقع والمصلحة والمنطق أن تشتري بيتاً بتقسيط ربوي، ومن عدم الحكمة ومن عدم المرونة في الحياة لا تستأجر بيتاً.
لو أن إنساناً أراد طاعة الله، ولم يعبأ بمصلحته، الآن يُعامل معاملة خاصة، يعامل بقانون العناية الإلهية، يعامل بتوفيق يفوق حد الخيال، واحفظوا هذا الحديث:

(( ما ترك عبد شيئاً لله إلا عوضه الله خيراً منه في دينه و دنياه ))

[الجامع الصغير عن ابن عمر بسند فيه مقال]

حينما تترك شيئاً يحقق لك مصلحتك، قد ترفض منصباً رفيعاً، لكن أن تكون في هذا المنصب لابد من أن تفعل شيئاً لا يرضي الله، فتقول: معاذ الله، الله هو الغني، الآن تخضع لقانون العناية الإلهية، فيعوضك الله خيراً من هذا المنصب.

(( ما ترك عبد شيئاً لله إلا عوضه الله خيراً منه في دينه و دنياه ))

[الجامع الصغير عن ابن عمر بسند فيه مقال]

والله الذي لا إله إلا هو لزوال الكون أهون على الله من أن يضيع عبداً آثر طاعته، سبحانك إنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، هذه أول نقطة.

(( ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ، أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا.....))

لذلك الصحابة وضعوا الدنيا تحت أقدامهم فكانوا أعلاماً فيها، اسمعوا هذه الكلمة: إذا آثرت آخرتك على دنياك ربحتهما معاً، و إن آثرت الدنيا على الآخرة خسرتهما معاً، لذلك كما قلت: " أنت تريد، وأنا أريد ـ كما جاء في الأثر القدسي ـ فإذا سلمت لي فيما أريد كفيتك ما تريد، وإن لم تسلم لي فيما أريد أتعبتك فيما تريد، ثم لا يكون إلا ما أريد ".

البند الثاني: وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ

الآن:

((...وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ..... ))

من ثمن حلاوة الإيمان الولاء والبراء، أن تحب المؤمنين، ولو كانوا فقراء، ولو كانوا ضعافاً، وأن تتبرأ من غير المؤمنين، ولو كانوا أقوياء، وكانوا أغنياء، قضية الولاء والبراء هي الدين، يجب أن توالي المؤمنين، لكن لمجرد أن تلتقي مع أهل الدنيا، تثني على أناقتهم، وأذواقهم، ولباقتهم، وحكمتهم، ودماثتهم، ولا ترى معاصيهم، وخرقهم لحدود الله، واستهانتهم بكتاب الله، وعدم اهتمامهم بكلام الله، ترى بيوتهم، وأناقتهم، ونعومتهم، وتجد المؤمن فقيرا، أحياناً بيته غير جميل، بيته صغير، دخله محدود، لأنه شريف ما قَبِل أن يأكل درهماً حراماً، عندما يترفع إنسان عن الحرام لن يكون غنياً، سيكون فقيراً، لذلك ولاءك أيها المؤمن للمؤمنين، تحبهم، تقدرهم، تقدر استقامتهم، تقدر نزاهتهم، تقدر فقرهم أحياناً، لماذا هو فقير ؟ والله آلاف المؤمنين لو أنهم تساهلوا في تطبيق دينهم لكانوا من كبار الأغنياء، لكن دينهم يمنعهم، الإيمان يمنعك.
إذاً:

(( وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ ))

الولاء والبراء، لذلك قال العلماء: هناك حب في الله، وهناك حب مع الله، الحب في الله عين التوحيد، والحب مع الله عين الشرك.
تحب الله إذاً تحب رسول الله، تحب الله إذاً تحب أصحاب رسول الله جميعاً من دون استثناء، تحب الله إذاً تحب المؤمنين، تحب الله إذاً تحب المساجد، بيوت الله.
مرة سألوا امرأة عن رأيها في التعدد، وهي مؤمنة، وأستاذة جامعية، قالت: كيف أدلي برأيي في التعدد، وقد سمح الله به ؟ ولاءها للشرع، أما هي كأنثى فينبغي أن تكره التعدد، ولاءها أقوى من كراهيتها، ولاءها أقوى من أنوثتها، الولاء والبراء.

(( وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ... ))

هل أنت مستعد أن تحب في الله ؟ أما أن تحب مع الله إنسانا غنيا قويا، ومعه الدنيا بين يديه، لمجرد أن تقترب منه، وأن تعلن ولاءك له يغدق عليك فتحبه، هذا حب مع الله، هذا الحب مع الله عين الشرك.

البند الثالث: وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ:

((... وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ ))

ثمة مؤمنون لا يعدّون ولا يحصون على حَرْف، مادامت أموره ميسرة، مادام دخله جيدا، مادام يبجَّل، و يعظَّم، ويحترم، ويوضع في الصف الأول فهو مؤمن، أما إذا انتقص من مكانته عن غير قصد يدَع كل دروس العلم، هذا الذي يعبد الله على حرف، مادام هناك تعظيم، وتكريم، وتبجيل، وفي كل دعوة دُعي، وفي كل نزهة دعي، فهو مؤمن، أما إذا انتقصت من كرامته من دون أن تشعر، من دون قصد يقيم الدنيا ولا يقعدها، هذا يعبد الله على حَرف.
لذلك الله عز وجل قال:

﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ﴾

[ سورة الأحزاب: 23]

بينما ضعيف الإيمان الذي يعبد الله على حرف، لمجرد أن رأى قريشاً، والعرب قد أحاطت بالمدينة في معركة الخندق، وقد قال الله عز وجل:

﴿إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا ﴾

[ سورة الأحزاب: 10]

قال تعالى:

﴿هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً﴾

[ سورة الأحزاب: 11]

فلذلك:

((... وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ ))

أي هو في الأعماق لا تصرفه عن منهجه سبائك الذهب اللامعة، ولا سياط الجلادين اللاذعة، أَحَد أَحَدٌ، هذا المؤمن، لذلك هذا المؤمن ذاق حلاوة الإيمان، يقول بعض العلماء: " في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة "، إنها جنة القرب، يؤكد هذا المعنى القرآن الكريم:

﴿وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ﴾

[ سورة محمد: 6]

حينما أدعوك إلى أن تتمسك بالكتاب والسنة، الربا حرام، التأمين حرام، أنت حينما تتمسك بالكتاب والسنة، وتتوهم أن هذا التمسك قد يضر بمصلحتك، لكن الله أولى أن تطيعه، ما الذي يحصل ؟ تكسب الدنيا والآخرة، تكسب الدنيا، لأن الله يخضعك لقوانين لا تعرفها، قوانين العناية الإلهية، والآخرة تبقى مع الله قريباً منه، لذلك لا تظن القضية سهلة، أنه سأتمسك بالكتاب والسنة، يوجد أشياء محرمة، وهي عند الناس بديهية لابد منها، وهناك معاملات تجارية، معاملات ربوية، معاملات اقتصادية، كلها تخضع للحرام، يقول لك: الناس كلهم هكذا، بلوى عامة، عندئذ أنت وضعت يدك على حقائق الإيمان، ولم تذق حلاوة الإيمان، أصبح الدين عبئاً وقيوداً وحدوداً، يا أخي لا بأس، لست مرتاحاً، أما حينما تطيع الله طاعة كما أراد الله تذوق حلاوة الإيمان:

فليتك تحلو و الحياة مـريــرة و ليتك ترضى و الأنام غضاب
و ليت الذي بيني و بينـك عامر و بيني و بين العالمين خـراب
إذا صحّ منك الوصل فالكل هين و كل الذي فوق التراب تراب
أطع أمرنا نرفع لأجلك حـجبنا فإنا منحنا بالرضا مَـن أحبنـا
و لذ بحمانا واحـتم بجنابنــا لنحميك مما فيه أشرار خـلقنا
***

حينما تنعقد صلتك بالله عز وجل، وتذوق حلاوة الإيمان تعلم كم كنت شقياً قبل أن تؤثر طاعة الله على حظوظ نفسك.
أما ماذا نفعل، وهذا الأمر بلوى عامة، ونحن مضطرون، وهذا الأمر فيه فتوى مِن شخص بمصر.
مرة سئلت عن هذه الفتوى، قلت لهم: لا تجدون عالماً في العالم الإسلامي من القطاع الخاص يفتي بالربا، قد يكون قطاعاً عاماً.
أيها الإخوة عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

(( ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ، أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا،وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ ))

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور