وضع داكن
16-04-2024
Logo
الدرس : 55 - سورة الأعراف - تفسير الآية 188 ، النفع والضر بيد الله وحده
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين، أمناء دعوته، وقادة ألويته، وارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.


الكاذب من ادعى معرفته بالغيب وأنه يملك للآخرين نفعاً أو ضراً :


أيها الإخوة الكرام، مع الدرس الخامس والخمسين من دروس سورة الأعراف، ومع الآية الثامنة والثمانين بعد المئة، وهي قوله تعالى: 

﴿  قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلَا ضَرّاً إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ(188)﴾

[ سورة الأعراف  ]

أيها الإخوة، هذه الآية لها دلالات كبيرة جداً، ذلك أن الله يأمر النبي عليه الصلاة والسلام أن يبين للناس أنه رسول هذه الأمة، وأنه نبي هذه الأمة، ومع أنه سيد ولد آدم، ومع أنه سيد الأنبياء والمرسلين، ومع أنه حبيب الحق، وسيد الخلق، لا يعلم الغيب، ولا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً.

ماذا أراد الله من هذه الآية؟ أي إنسان كائناً من كان من آدم إلى يوم القيامة يدّعي أنه يملك للآخرين نفعاً أو ضراً فهو كاذب، وأي إنسان من آدم إلى يوم القيامة يدّعي أنه يعلم الغيب فهو كاذب، هذا مقام النبي -عليه الصلاة والسلام-، مقام النبي وهو فوق كل المقامات، وهو رسول فوق كل الرسل، ومع ذلك لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً، فلأن لا يملك لغيره من باب أولى، وهو لا يعلم الغيب.


النبي عليه الصلاة والسلام لا يعلم الغيب و لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً :


هل تصدقون أن هذه الآية وحدها يمكن أن تنفي نفياً قاطعاً ملايين القصص التي لا أصل لها؟ هذا الدين دين الله، هناك مبادئ في هذا القرآن الكريم، أي إنسان يدّعي أنه يعلم الغيب، أي إنسان يدّعي أنه يقدم لك شيئاً، يستطيع أن ينفعك، أو أن يضرك، فهو كاذب، هذا أعلى مقام في بني البشر، هناك أخطاء كبيرة جداً يقع بها الناس، مثلاً:

إنسان يسأل شخصاً يعمل في الحقل الديني -إمام مسجد، خطيب مسجد- سؤالاً يعطيه فتوى، يظن هذا السائل أن هذه الفتوى تعفيه من المسؤولية، ولو علم مقولة النبي -عليه الصلاة والسلام- في الحديث الصحيح : 

((  ولعل أحدكم أن يكون ألحن بحجته من أخيه فمن قضيت له من حق أخيه شيئاً فإنما أقطع له قطعة من النار))

[ أخرجه الطبراني عن عبد الله بن عمر  ]

لو كنت في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام-، وانتزعت من فمه الشريف فتوى منه -وهو المعصوم- لصالحك، ولم تكن محقاً لا تنجو من عذاب الله .

إذاً النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يملك لنا نفعاً ولا ضراً : 

﴿ وَاتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لَّا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا (3) ﴾

[  سورة الفرقان ]

لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً، النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يعلم الغيب. 

﴿  قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ(13)﴾

[  سورة الأنعام  ]


التوحيد أن تتجه إلى الله وحده بمعية رسول الله :


النبي -عليه الصلاة والسلام- يخاف أن يقع في خطأ، حينما تعرف ما معنى مقام النبوة والرسالة، مقام الطاعة، مقام الخضوع، مقام الاتباع، لا مقام أن للنبي إرادة مستقلة عن إرادة الله، ينفع ويضر، ويعطي ويمنع، لا، هذا الدين دين التوحيد.

سيدنا الصديق من أقرب الناس إلى رسول الله، من أشدهم حباً له، من أشدهم طاعة لتوجيهاته، لما توفي النبي عليه الصلاة والسلام ماذا قال؟ قال: من كان يعبد محمداً، فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت، فَقالَ:

(( أَمَّا بَعْدُ، فمَن كانَ مِنكُم يَعْبُدُ مُحَمَّدًا صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فإنَّ مُحَمَّدًا صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قدْ مَاتَ، ومَن كانَ يَعْبُدُ اللَّهَ، فإنَّ اللَّهَ حَيٌّ لا يَمُوتُ.  ))

[ صحيح البخاري عن عبد الله بن عباس ]

 أراد أن يؤكد التوحيد، الله وحده ينفع ويضر، الله وحده يعلم الغيب، الله وحده ينفع، الله وحده يُعلي، الله وحده يخفض، هو المانع، هو المعلي، هو الخافض، هو المعز، هو المذل، هو الرزاق، التوحيد أن تتجه إلى الله وحده بمعية رسول الله. 

﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلً ا (27) ﴾

[  سورة الفرقان  ]

التوحيد أن تعبد الله وحده، أن تعقد الأمل على الله وحده، التوحيد أن تثق بالله وحده، التوحيد أن تطيع الله وحده، وأن تطيع رسوله أيضاً؛ لأنه أمرك أن تطيع رسوله. 

﴿ مَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ ۚ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (7)﴾

 

[ سورة الحشر  ]

التوحيد: أن توقن أن طاعة رسول الله هي عين طاعة الله، وأن طاعة الله هي عين طاعة رسول الله.


التوحيد ألا ترى مع الله أحداً :


﴿ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ إِن كَانُوا مُؤْمِنِينَ (62) ﴾

[  سورة التوبة  ]

بضمير المفرد، فلذلك آية دقيقة جداً، وآية فاصلة ترد بها مليون قصة لا أصل لها، مليون شطحة، مليون بدعة، التوحيد ألا ترى مع الله أحداً، التوحيد أن تعلم علم اليقين أنه وحده هو الرافع، وحده هو الخافض، وحده هو المعز، وحده هو المذل، وحده هو المانع، ولكن لأن النبي عليه الصلاة والسلام معصوم، ولأن الله سبحانه وتعالى أمرك أن تطيعه. 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59)﴾

[  سورة المائدة  ]

استقلالاً،

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ(20) ﴾

[ سورة الأنفال ]

لها معنى، أما ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ﴾ أي أنك تطيع رسول الله لكن الذي يعطي ويمنع هو الله، والذي يرفع ويخفض هو الله، والذي يعز ويذل هو الله، والذي يحيي ويميت هو الله .


إعلام الله عز وجل نبيه ببعض الغيب :


الله -عز وجل- يبين مقام العبودية الذي كان النبي -عليه الصلاة والسلام- في قمة هذا المقام 

﴿قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلَا ضَرّاً إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ أنا لا أملك النفع لكم، ولا لنفسي، لا أملك الضر لكم ولا لنفسي، ولا أعلم الغيب، إلا إذا أعلمني الله هذا الغيب. 

﴿  عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً(26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا(27)﴾

[  سورة الجن  ]

أحاديث قيام الساعة لا تعني أن النبي يعلم الغيب، ولكن تعني أن الله -سبحانه وتعالى- أعلم نبيه ببعض عالم الغيب، هذه عقيدة، هذا هو التوحيد.

فلذلك هؤلاء الدجاجلة، والمشعوذون، والكذابون، والذين يسحرون الناس، ويسلبون عقولهم، ويربطونهم بذواتهم، أساساً ليس هناك على وجه الأرض فرقة ضالة إلا ولها هذه الخصائص، تأليه الأشخاص، شيخ يعلم الغيب! إذا كان سيد الخلق، وحبيب الحق لا يعلم الغيب أنّى له أن يعلم الغيب؟ شيخ ينفع ويضر! مستحيل! إذا كان سيد الخلق، وحبيب الحق لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً، فلأن لا يملك أي إنسان النفع والضر من باب أولى، هذه العقيدة، (من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات) ، أنا لا أتصور على وجه الأرض إنساناً أشد حباً لرسول الله من الصديق، ومع ذلك الصديق موحد، (من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت) .


التوحيد يلغي دور المشعوذين والمتسكعين الذين يبتزون أموال الناس بالباطل :


هذا التوحيد يلغي دور المشعوذين، والدجاجلة، والمتسكعين، الذين يبتزون أموال الناس بالباطل، فضلاً عن السحرة والمنجمين وما إلى ذلك، أنت مؤمن، الله وحده يعلم، الله وحده قادر، وأنت ذائب في محبة رسول الله، أحبّه ما شئت، قدّره ما شئت، تمثّل أخلاقه ما شئت، بالغ في محبته ما شئت، الباب مفتوح هنا، أما أن تعتقد أن له إرادة مستقلة عن إرادة الله؟ ينفع ويضر؟ مستحيل! . 

﴿قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلَا ضَرّاً﴾ طبعاً من باب أولى فلأن لا أملك لكم نفعاً ولا ضراً من باب أولى .

مثل للتوضيح: يقول لي شخص: أرجوك أن تؤمن لي عملاً لابني، أقول له: هل لديك فرصة عمل لابني أنا؟ إذا كنت أنا لا أملك لنفسي أن أؤمن عملاً لابني، من باب أولى أني لا أستطيع أن أؤمن عملاً لابنك، طبيعي جداً .

هذا هو مقام النبوة، مقام العبودية لله .

﴿ وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا (19) ﴾

[  سورة الجن  ]

وحينما بلغ : 

﴿ عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَىٰ (14) ﴾

[  سورة النجم  ]

﴿  فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى(10)﴾

[  سورة النجم  ]

هذه نقطة دقيقة جداً، هذه الآية فاصلة، هذه الآية مركزية، هذه الآية بإمكانك أن تعتمد عليها، لنفي ملايين القصص الباطلة التي لا أصل لها.


العاقل من ابتعد عن المشكلات التي تسبب شرخاً بين الفئات الإسلامية :


شيء آخر، الشيء بالشيء يُذكَر : 

﴿  تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ(134)﴾

[  سورة البقرة  ]

كن واقعياً، هناك من ينبش في التاريخ لعداوة قديمة بين فئتين، ويجلبها ليثيرها الآن، هؤلاء الآن سبقوا أمرهم إلى الله ﴿تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ﴾ وفر وقتك ﴿وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ .

هذا الذي يستورد من التاريخ المشكلات ويثيرها الآن؛ لإيقاع شرخ بين الفئات الإسلامية، آن الأوان أن ننتهي من هذا، هذا التاريخ دعه للاختصاصيين فقط، أما أن تقحم نفسك في رواية تاريخية لم تثبت، ولم تقع .

   فلذلك أكثر أعداء الدين يأتون بروايات باطلة لا أصل لها، من وضع الزنادقة في التاريخ الإسلامي ليشوهوا صورة الإسلام في عصر ازدهاره .


على كل إنسان ألا يقبل أية رواية تتناقض مع الفطرة والعقل و كمال الصحابة :


يجب أن تسأل: من لم يأخذ العلم عن الرجال فهو ينتقل من مُحال إلى مُحال، لا تستطيع أيها الطالب طالب العلم بمعلوماتك المحدودة أن تكتفي بالكتاب، في الكتاب الغث والسمين، في الكتاب الحق والباطل، أي كتاب مؤلَّف فيه صح وفيه خطأ، فيه غث وفيه سمين، فيه ثغرات، فهؤلاء أعداء الدين يتصيدون هذه الثغرات، ويجمعونها، ويقولون هذا هو الدين، غير صحيح هذا الكلام، اعتقد اعتقاداً جازماً أنه لم يُتَح للتاريخ الإسلامي رجال ثقات، علماء كبار دققوا ومحّصوا في رواياته كما أُتيح للحديث الشريف، إذاً: لا تقبل أية رواية، تتناقض مع الفطرة، ومع العقل، ومع كمال الصحابة الكرام .

لماذا عزل سيدنا عمر سيدنا خالد؟ قيل: هناك عداوات في الجاهلية قديمة، فلما تملّك السلطة شفى حقده من هذا الصحابي الجليل فعزله، هكذا بعض الروايات، اركلها بقدمك، خالد أية معركة يقودها فهو ينتصر، أراد عملاق الإسلام عمر أن يبين للأمة أن الناصر هو الله، وأن سيدنا خالد على علو مقامه عبدٌ لله، فعزله والنصر استمر .


التاريخ يحتاج إلى تمحيص و تدقيق و مراجعة كثيرة لمعظم الروايات التاريخية :


لا تستطيع أن تفهم التاريخ إلا إذا كنت في مستوى أبطاله، بعضهم من يفسر أنه عزله خوفاً منه، يعمل عليه انقلاب مثلاً، إياك أن تفهم التاريخ تاريخ الصحابة بمنطق العصر، إياك، حسن الظن بالله، وبأنبياء الله، وبأصحاب رسول الله من الإيمان، نحتاج إلى تمحيص كثير، نحتاج إلى مراجعة كثيرة لمعظم الروايات التاريخية، وحسبكم أن مؤلف أكبر كتاب تاريخ: الطبري يقول: أنا أدرجت في هذا الكتاب الغثَّ والسمين، والصحيح وغير الصحيح، وأيها القارئ محّص أنت، كان هناك ثقة بطلاب العلم، جمع لك في هذا الكتاب كل ما وقع تحت يده من روايات، أما الآن يقول لك: بالطبري موجودة هذه ؟ اقرأ مقدمة الطبري لذلك: ﴿قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلَا ضَرّاً إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ﴾ .

والله هناك آلاف القصص لا أصل لها إطلاقاً، من وضع الزنادقة، والإنسان حينما يكتفي بالنقل من دون تدقيق، من دون تمحيص، من دون بحث، من دون درس، من دون أن تأخذ العلم على أيدي علماء كبار لن تستفيد شيئاً.

يعني حينما نصل إلى مثل هذه الروايات نرى الصحابة أشخاصاً عاديين جداً، وأقل من عاديين.

رواية ثانية: أراد شخص أن يخطب ابنة سيدنا علي رفع ثوبها إلى الأعلى، معقول؟! هل يجرؤ خطيب الآن أن يفعلها؟ أمام أبيها، قالت له: لولا أنك أمير المؤمنين لثملت عينيك.

ما هذه الروايات يا أخوان؟ صدقوا والله الذي لا إله إلا هو الصحابة الكرام في مستوى رفيع جداً، والله المؤمن العادي الآن في مستوى رفيع .


الله عز وجل عطاؤه نعمة وأخذه نعمة :


أيها الإخوة الكرام ﴿قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلَا ضَرّاً إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ﴾ إذا الله -عز وجل- مكنني من شيء وانتفعت، هذا من فضل الله -عز وجل-، وأحياناً الله -عز وجل- لحكمة بالغة يمنعني من شيء، أنا أتوهم ذلك ضر، هو في الحقيقة منع، منع رحمة بي، إن الله ليحمي صفيه من الدنيا، كما يحمي أحدكم مريضه من الطعام،

(( إنَّ اللهَ لَيَحْمي عَبدَه المُؤمِنَ مِن الدُّنيا، وهو يُحِبُّه كما تَحْمون مَريضَكُم مِن الطَّعامِ والشَّرابِ تَخافونه عليه. ))

[ المسند لشعيب عن محمود بن لبيد الأنصاري ]

 أحياناً الله -عز وجل- يعطيني، فهذا الخير من الله، الله مكنني منه، وأحياناً الله -عز وجل- يمنعني من شيء، أما الكلمة الرائعة: ربما أعطاك فمنعك، وربما منعك فأعطاك، وإذا كشف لك الحكمة في المنع عاد المنع عين العطاء، فالمؤمن كما قال النبي -عليه الصلاة والسلام- : 

((  عَجَبا لأمر المؤمن ! إنَّ أمْرَه كُلَّه له خير ، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن ، إن أصابتْهُ سَرَّاءُ شكر ، فكان خيراً له ، وإن أصابتْهُ ضرَّاءُ صَبَر ، فكان خيراً له  ))

[ أخرجه مسلم عن صهيب الرومي  ]

﴿قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلَا ضَرّاً إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ مِنَ الْخَيْرِ﴾ أو ما اقتضت حكمته من ضر، وهذا الضر في ظاهره ضر، أما هو نعمة باطنة، نعمة باطنة من نعم الله -عز وجل-، عطاؤه نعمة وأخذه نعمة . 

﴿إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ﴾ مثلاً: يقول لك عرضوا عليّ أرضاً (25 دنم) بخمسة و عشرين ألف ليرة، اليوم ثمن الدنم خمسة ملايين، لو أن هذا الذي عُرض عليه الأرض يعلم الغيب يوافق على الشراء فوراً، لا أحد يعلم الغيب، التجار لهم كلمة لطيفة يقول لك: تاجر ومنجم لا يوجد، لو أنك تعلم ما سيكون بعد حين، الذي اشترى فرضاً بمئة مليون حديد، الطن بتسعة و ستين ألفاً على أمل أن يبيعه بمئة ألف، اليوم بستة و عشرين ألفاً طن الحديد، لو كان يعلم الغيب لما فعل هذا، خسر أربعة أخماس ماله . 

﴿وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ﴾ إنسان يموت أثناء السفر لا يسافر، يعني للتعبير عن حقيقة التوحيد.

يُروى أن فرعون رأى أن طفلاً من بني إسرائيل سيقضي على ملكه، فأمر بقتل أبناء بني إسرائيل جميعاً. 

﴿ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ ۚ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (4)﴾

[  سورة القصص  ]

أما الطفل الذي سيقضي على ملكه رباه في قصره، أنت تريد وأنا أريد والله يفعل ما يريد.


مهمة النبي عليه الصلاة والسلام نذير و بشير و الإنسان مخير :


﴿وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ الآن الله -عز وجل- حدد لك مهمة النبي: نذير وبشير فقط. 

﴿ إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ ۚ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (56)﴾

[  سورة القصص  ]

الإنسان مخير . 

﴿ لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ ۗ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنفُسِكُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (272) ﴾

[  سورة البقرة ]

لست مسؤولاً إن لم يؤمنوا كما أنك لا تستطيع أن تهديهم ﴿لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ﴾ أي أنت لست مسؤولاً إن لم يهتدوا ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ﴾ أنت لا تستطيع هداية عمك، قل يا عم لا إله إلا الله، أبداً ما قالها ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ﴾ .

﴿  تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ(1)﴾

[  سورة المسد  ]

عمه ﴿لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ﴾

﴿ وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا ۚ مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَٰكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا ۚ وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (52) ﴾

[  سورة الشورى  ]


لا ينتفع من سنة النبي إلا من أراد الآخرة و سعى لها :


أيها الإخوة ﴿إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ﴾ يعني ما من قضية مهما دقت تقربكم من الله إلا بينتها لكم، وما من قضية مهما دقت تبعدكم عن الله إلا بينتها لكم، هذه مهمتي، أما هناك قضايا، ملايين ملايين القضايا لا تقرب ولا تبعد، هل يعقل أن يعرف النبي الجهاز الهضمي للضفدع مثلاً؟ ليس له علاقة فيها، هناك من يظن علماً مطلقاً، العلم المطلق علم الله -عز وجل-، أما النبي الكريم أي جزئية مهما دقت تقرب من الله يبينها، أية جزئية مهما دقت تبعد عن الله يبينها ﴿إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ﴾ لكن لمن؟ ﴿لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾

﴿  ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ(2)﴾

[  سورة البقرة  ]

لمن أراد الإيمان، أما الذي لم يرد الإيمان لا يصغي إلى أقوال النبي الكريم. 

﴿  لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً(21)﴾

[  سورة الأحزاب  ]

إنسان ليس له علاقة بالعلم إطلاقاً، ولا طلب العلم، ولا قرأ، ولا كتب، لو وقف أمام مكتبة هل تعنيه الكتب؟ إطلاقاً، لا يقف أمامها أصلاً، لكن طالب دكتوراه مرّ أمام مكتبة، فيها كتب متعلقة باختصاصه، يقف، يدخل، الكتاب الفلاني، الكتاب الفلاني، لا ينتفع من سنة النبي إلا من أراد الآخرة .


من أراد الإيمان بالله عزّ وجل كل شيء في الكون يدله عليه :


لذلك: ﴿إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ .

﴿  ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ(2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ(3)﴾

[  سورة البقرة  ]

يؤمنون بالغيب، فلذلك هناك فكرة دقيقة جداً، هذه الفكرة أن الله -عز وجل- يقول: 

﴿ وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَىٰ وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (248)﴾

[  سورة البقرة ]

كأنه فيما يبدو القضية معكوسة، ليست معكوسة، هذا هو الأصل، الذي اتخذ قراراً أن يؤمن أي شيء يدله على الله، والذي اتخذ قراراً ألا يؤمن لو كان يعمل في مرصد فلكي يرى المجرات بعينيه، أو في مجهر إلكتروني يرى الخلية بعينيه، لا يؤمن .

حينما تتخذ قراراً أن تؤمن كل شيء في الكون يدلك على الله، وحينما تتخذ قراراً داخلياً بعدم الإيمان لو رأيت الآيات صارخات، واضحات، جليات لا تؤمن، يعني الذي أراد الإيمان يشبه آلة تصوير، فيها فيلم، فكل هذه المناظر طُبعت على هذا الفيلم، أما الذي لم يرد الإيمان يشبه آلة تصوير لكن بلا فيلم، كل هذه اللقطات لأنه ما أراد الإيمان لا تنطبع على قلبه، هذا السؤال المشهور أن هؤلاء علماء الغرب الذين تفوقوا في العلوم لماذا هم غير مؤمنين؟ إنهم ما أرادوا الإيمان أصلاً، أرادوا الشهادة، أرادوا الشهرة، أرادوا التألق الاجتماعي، أرادوا الثروة الطائلة، وقد حصّلوها، أما هذا العلم إن أردته لله عندئذٍ تكشف لك الحقائق، حقائق الدين الدقيقة .


خيار الإنسان مع الإيمان ليس خيار قبول أو رفض بل هو خيار وقت :


يعني كل الذين يأتيهم ملك الموت يرون الحقيقة التي جاء بها الأنبياء، أكبر دليل على ذلك أن فرعون عندما بدأ يغرق آمن بالذي جاء به سيدنا موسى، لكنه آمن بعد فوات الأوان، الآية الكريمة: 

﴿ لَّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَٰذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22)﴾

[  سورة ق  ]

جميع الحقائق التي جاء بها الأنبياء الذين يأتيهم ملك الموت، يرونها ناصعة جلية واضحة، ولكن بعد فوات الأوان .

لذلك أيها الإخوة، خيارك مع الإيمان ليس خيار قبول أو رفض، بل هو خيار وقت، لماذا؟ إما أن تؤمن في الوقت المناسب، فتنتفع بإيمانك، أو أن تؤمن بعد فوات الوقت المناسب ولن تنتفع بهذا الإيمان . 

﴿ هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَن تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ ۗ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا ۗ قُلِ انتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ (158)﴾

[ سورة الأنعام  ]

فأنت خيارك مع الإيمان خيار وقت، إما أن تؤمن في الوقت المناسب، وإما أن تؤمن بعد فوات الأوان، الآية الكريمة دقيقة جداً، وبإمكانك أن تعتمدها في كل قصة وردت في الكتب تتناقض مع كمال الله، تتناقض مع رحمته، تتناقض مع علمه، تتناقض مع كمال الأنبياء، تتناقض مع كمال سيد الأنبياء والمرسلين، تتناقض مع الصحابة الكرام، هذه القصص من وضع الزنادقة.


على الإنسان ألا يقبل شيئاً في الدين من دون دليل من كتاب الله أو سنة رسوله :


قال أحد وضّاعي الحديث: وضعت فيكم مئة ألف حديث، حرمت فيها الحلال وحللت فيها الحرام، إما من أجل التيئيس .

كل الناس هلكى إلا العالمون، والعالمون هلكى إلا العاملون، والعاملون هلكى إلا المخلصون، والمخلصون على خطر عظيم.

حديث للتيئيس وضعه الزنادقة، هذا الدين علم . 

لا تقبل شيئاً في الدين من دون دليل من كتاب الله، أو مما صحّ من سنة رسول الله ولا ترفض شيئاً في الدين إذا كان معه دليل من كتاب الله، ومما صحّ من كتاب رسول الله، أما أن تقرأ أي كتاب، أن تستمع إلى أي إنسان، أقول لك كما قال النبي الكريم لابن عمر: 

(( ابن عمر، دينك دِينك، إنه لحمك ودمك، خذ عن الذين استقامواـ استقاموا في عقيدتهم ـ ولا تأخذ عن الذين مالوا ))

[ الألباني عن عبد الله بن عمر وهو ضعيف  ]

مالوا منحرفين

هذه الآية يمكن أن تنفي بها مليون قصة باطلة، فيها باطل، فيها انحراف، فيها موازين خاطئة.


قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلَا ضَرّاً : هذه الآية ميزان أي إنسان على وجه الأرض :


لذلك أقول لكم أيها الإخوة، لَأَن تخطئ في الوزن أفضل ألف مرة من أن تخطئ في الميزان، الخطأ في الميزان لا يصحح 

إذا الميزان غلط هذه مشكلة، أما الخطأ في الوزن لا يتكرر، يعني ممكن ميزان دقيق جداً لكن ما انتبه البائع ظن الكيلو كيليين، هذا خطأ في الوزن لا يتكرر، أما إذا أصل الميزان خطأ يعني في كفة فيها مئة غرام زائد، لو استخدمته مليون مرة المليون مرة غير صحيحة، لأن تخطئ في الوزن أفضل ألف مرة من أن تخطئ في الميزان .

هذه الآية ميزان أي إنسان على وجه الأرض كائن من كان من آدم إلى يوم القيامة مهما لمع نجمه إذا أوهمك أنه يعلم الغيب قل له أنت كذاب أشر، لأن هذا لم ينله رسول الله، قال: لا أعلم الغيب . 

﴿وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ﴾ أي إنسان يقول لك: أنا أملك أن أنفعك أو أن أضرك، قل له: كذبت، الذي يملك النفع والضر هو الله، الذي يملك الموت والحياة هو الله، الذي يملك الرزق هو الله، هذه الآية أصل في التوحيد، وما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد، هذه الآية يمكن أن تكون آية مركزية، آية فاصلة، آية يمكن أن تنفي بها مليون قصة.

والآية التي ذكرتها من باب الشيء بالشيء يذكر: ﴿تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ أي رواية تاريخية لقوم مضوا، وقعت أو لم تقع هذا ليس من شأني، أنا معي كتاب، معي منهج، معي منهج تفصيلي، عليّ أن أعرف الله، وأن أتبع هذا المنهج وانتهى الأمر، لا تقحم قضية تاريخية تستوردها من التاريخ، وتسهم في شقّ صفوف المسلمين، التاريخ دعه لخبرائه ﴿تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ .

هناك من المسلمين من يحرص على الغوص في أعماق التاريخ؛ ليقرأه قراءة مغلوطة حتى يقيم شرخاً في العالم الإسلامي، هذا خطأ كبير.

هاتان الآيتان تنفي بهما ملايين القصص التي ربما أعاقت الطريق إلى الله. 

والحمد لله رب العالمين 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور