وضع داكن
20-04-2024
Logo
صلاح الأمة - الدرس : 45 - مؤمن فرعون
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
أيها الإخوة الكرام، مع درس جديد من دروس صلاح الأمة في علو الهمة.

مع ايات من سورة غافر: استنباطات وعبر:

الاية الأولى: قَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ

1 – في عصر الضيق اجعل مضمون العلم إسلاميا:

 في سورة غافر شيءٌ يَلفت النظر، ماذا قال مؤمن فرعون ؟
أولاً: وصف الله هذا الرجل فقال:

﴿ وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ ﴾

[ سورة غافر: 28]

 إذا كنت في عصر الطرح الديني فيه مرفوض، والدين محارب في كل بقاع الأرض، ولن يستطيع إنسان أن يقيم عملاً له إطار إسلامي مثلاً، وأرجو الله سبحانه وتعالى ألا نصل إلى هذا المستوى، لكن إذا وصلنا إليه أليس هناك عمل إيجابي يمكن أن تبلغ به أعلى درجات الجنة ؟ اجعل مضمون العلم إسلاميا، ولا مانع من ألا يكون الإعلام عنه إسلامياً.

 

2 – المؤمن الواحد يحقق أضعاف ما يحققه الإطار الإسلامي:

 ماذا أقول لكم ؟ قد تكون المناهج الدراسية أسوأ المناهج، والكتب أسوأ الكتب، فإذا كان المدرس جيدا ومؤمنا وواعيا يلغي سوء المنهج وسوء الكتاب.
إذاً: حينما تعتمد على إنسان مؤمن، إدراكه واسع، عنده حكمة، يمكن أن تحقق عن طريق المؤمن أضعاف ما تحقق عن طريق الإطار إسلامي، هذه لفتة في القرآن دقيقة جداً، فقد يقوى أعداء الدين، وقد يقوى المؤمنون، قال تعالى:

 

 

﴿ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ ﴾

[ سورة آل عمران: 140]

 لو أن الله عز وجل جعل أهل الحق هم المسيطرون دائماً لظهر النفاق في الأرض، ولو أن أهل الباطل تسلموا القوة بشكل مستمر ليئس المؤمنون، فلحكمة أرادها الله عز وجل جعل الحق والباطل يتناوبان في تسلُّم زمام الأمور، فإذا كنت في وضع صعب جداً، والطرح الديني الإسلامي مرفوض، ولا يوافق على أي عمل إسلامي، ألا تستطيع أن تقيم عملاً إطاره عادي، أما مضمونه فإسلامي ؟ هذا يبدو في التعليم، في الطب ، في المستشفيات، في التأليف، يمكن أن تصل إلى كل أهدافك بحنكة وذكاء، كما في هذه الآية:

 

﴿ وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ ﴾

[ سورة غافر: 28]

3 – نريد السلوك الإسلامي لا المظاهر:

 أحياناً المظهر الديني الصارخ قد يكون حاجزاً بينك وبين الناس، فالعبرة أن تحقق شيئاً، أن تحدث شيئاً في الحياة، أن تقنع الناس بهذا الدين العظيم، أما المظاهر فأنا والله أتمناها، وأحترمها، وأقدسها، لكن إذا وقفت حاجزاً بينك وبين الناس فلا، قال تعالى:

 

﴿ وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ ﴾

[ سورة غافر: 28ئ

 لا داعي للوحات قرآنية في البيت، ومصحف معلق، وآية الكرسي، وفي المحل التجاري تعلِّق الآية:

﴿ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً﴾

 ، استقم في البيع والشراء، أعط الناس سلعة جيدة بسعر معتدل، عندئذ يقدسون دينك، الناس يؤخذون بالمظاهر، نحن أحياناً نبالغ بالمظاهر، نعلق المصحف على السيارة، هذا شيء جيد، لكن نطلق البوق لدرجة غير معقولة، فإذا وجدوا مصحفاً على السيارة، يأتي الساعة الواحدة بالليل، يريد أن يأخذ زوجته من بيت أهلها إلى بيته، لا داعي أن يصعد أربعة أدراج، يبقى واضعا يده على البوق حتى يوقظ كل الجيران، وهو يضع المصحف في السيارة، لا نريد إطاراً إسلامياً، نريد سلوكاً إسلامياً، لا نريد إنساناً مظهره صارخ، البس لباساً عادياً، لكن كن متواضعاً، كن محسناً، أنا أعلق على كلمة واحدة:

 

﴿ وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ ﴾

[ سورة غافر: 28]

4 – قد تحتاج يومًا إلى كتمان إيمانك !!!

 قد تحتاج أحياناً إلى أن تكتم إيمانك، وقد لا تحتاج، وأسأل الله جل جلاله ألا نحتاج إلى وضع لا نستطيع أن نعلم إسلامنا، لكن الحياة صعبة جداً، وهناك أماكن الآن في العالم لا تستطيع أن تعلن إسلامك، لا تستطيع الفتاة أن تتحجب، إذاً: المؤمنات الطاهرات قبعن في البيوت، لو أنها نزعت الحجاب، وارتدت ثيابا محتشمة فقط تعد محجبة بلا شيء على رأسها، اللباس الطويل، والثياب السابغة، بذلك تكون إسلامية !!! نحن بخير، نحن بخير كبير، وفي بعض البلاد لا تستطيع أن تدخل المسجد إلا وتسأل، الحمد لله المساجد عامرة، والدروس عامرة، ونحن في بلد وصفه النبي عليه الصلاة والسلام بالخير، فعَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:

 

(( بَيْنَا أَنَا فِي مَنَامِي أَتَتْنِي الْمَلَائِكَةُ، فَحَمَلَتْ عَمُودَ الْكِتَابِ مِنْ تَحْتِ وِسَادَتِي، فَعَمَدَتْ بِهِ إِلَى الشَّامِ، أَلَا فَالْإِيمَانُ حَيْثُ تَقَعُ الْفِتَنُ بِالشَّامِ ))

 

[ أحمد ]

 أيها الإخوة الكرام، قد يحتاج الإنسان في ظرف صعب جداً في بلد غير هذا البلد أن يكتم إيمانه، فالعبرة بالمضمون لا بالشكل، والعبرة بإنسان مؤمن واعٍ مدرك مستقيم، العبرة أن تقرب الناس من الله عز وجل.
 مثلاً: قال تعالى:

 

﴿ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ﴾

 

[ سورة المائدة: 8]

 حينما تعدل تقرّب البعيد.
هناك جماعة في تركيا تسلموا الحكم، والفضل لله، حينما رفعوا مستوى المعيشة، وحينما خفضوا الديون، وحينما ارتفعت العملة، وحينما ألغِيَت الرشوة مَن ملكوا ؟ ملكوا الطرف الآخر، نريد مضموناً، نريد إنساناً إيمانه قوي جداً يحدث تغيراً في المجتمع، لن تحدث التغيير في المظهر الإسلامي فقط، لن تحدث التغيير إلا بالمضمون الإسلامي، قال تعالى:

 

﴿ وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ ﴾

[ سورة غافر: 28]

الأية الثانية: يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ

1 – الدنيا متاع قصير زائل:

 ماذا قال هذا الرجل المؤمن ؟

﴿ وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ * يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ ﴾

[ سورة غافر: 28]

 ألست إذا قرأت القرآن الكريم تقول: صدق الله العظيم ؟ طبعاً، يقول الله لك:

 

﴿ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً ﴾

[ سورة النساء: 77]

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ ﴾

[ سورة التوبة: 38]

﴿ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ ﴾

[ سورة النساء: 77]

 سيدنا عمر بن عبد العزيز كان إذا دخل مجلس الخلافة له آية يقولها كلما دخلها:

﴿ أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ ﴾

[ سورة الشعراء ]

﴿ يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ ﴾

2 – الحياة مليئة بالتناقضات:

 أيها الإخوة الكرام، لا تستطيع أن تأكل ما تشتهي، الجسم لا يحتمل هذا الطعام الطيب اللذيذ، هذه الحياة فيها تناقضات الاستمتاع بالحياة يحتاج إلى وقت وإلى مال وإلى صحة، في البدايات الصحة موفورة، والوقت موفور، لكن ليس هناك مال، وفي منتصف الحياة الصحة موفورة، والمال موفور، لكن ليس هناك وقت، وفي خريف العمر المال موفور، والوقت موفور، لكن ليس هناك صحة.

 

2 – الحياة مبنية على الابتلاء:

 إن الحياة مبنية على الابتلاء إن هذه الدنيا دار التواء لا دار استواء، ومنزل ترح لا منزل فرح، فمن عرفها لم يفرح لرخاء، ولم يحزن لشقاء، قد جعلها الله دار بلوى، وقد جعلها دار عقبى، فجعل بلاد الدنيا لعطاء الآخرة سببا، وجعل عطاء الآخرة من بلوى الدنيا عوضا، فيأخذ ليعطي، ويبتلي ليجزي.
لذلك قال تعالى:

 

 

﴿ وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ * يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ ﴾

[ سورة غافر: 28]

حديث يقصم الظهر:

 أيها الإخوة الكرام، بربكم حينما قال النبي عليه الصلاة والسلام وأنا أقول: هذا الحديث يقصم الظهر، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

 

(( بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ سَبْعًا، هَلْ تَنْتَظِرُونَ إِلَّا فَقْرًا مُنْسِيًا ؟ أَوْ غِنًى مُطْغِيًا ؟ أَوْ مَرَضًا مُفْسِدًا ؟ أَوْ هَرَمًا مُفَنِّدًا ؟ أَوْ مَوْتًا مُجْهِزًا ؟ أَوْ الدَّجَّالَ ؟ فَشَرُّ غَائِبٍ يُنْتَظَرُ، أَوْ السَّاعَةَ ؟ فَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ ))

 

[ رواه الترمذي وقال: حديثٌ حسن ]

هل تنتظرون إلا...

1 – فَقْرًا مُنْسِيًا أَوْ غِنًى مُطْغِيًا:

 فقر مفاجئ، أو اغتنى غنىً مطغياً، اغتنى وصار معه عشرات الملايين، وعنده زوجة صالحة مؤمنة محجبة، اتصل بها، وقال لها: إن لم تأتني بالبنطال، وبإبراز كل مفاتن المرأة فلست زوجتي، هذا ما اسمه ؟ إنه الغنى المطغي، ويا ليته بقي فقيراً.

 

2 – أَوْ مَرَضًا مُفْسِدًا أَوْ هَرَمًا مُفَنِّدًا:

 هناك أمراض تشوه حياة الإنسان.
والهرم حين يخرف الإنسان، فيعيد القصة مئة مرة، ويصير حشريا يثقل عند أولاده، كلما جاءهم ضيف يشكوهم للضيف، ويقول: ما يطعمونني، هذا خرف مفند.

 

 

3 – أَوْ الدَّجَّالَ:

 أو الدجال صاحب الحرية والديمقراطية، يتفنن بإبادة الشعوب، وإذلالها، وقهرها، ونهب ثرواتها، وجئنا من أجل حريتكم وديمقراطيتكم، وهو الدجال.
أعيد الحديث:

 

 

(( بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ سَبْعًا، هَلْ تَنْتَظِرُونَ إِلَّا فَقْرًا مُنْسِيًا ؟ أَوْ غِنًى مُطْغِيًا ؟ أَوْ مَرَضًا مُفْسِدًا ؟ أَوْ هَرَمًا مُفَنِّدًا ؟ أَوْ مَوْتًا مُجْهِزًا ؟ أَوْ الدَّجَّالَ ؟ فَشَرُّ غَائِبٍ يُنْتَظَرُ، أَوْ السَّاعَةَ ؟ فَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ ))

 

[ رواه الترمذي وقال حديثٌ حسن ]

﴿ يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ ﴾

[ سورة غافر]

 لذلك قال سيدنا علي بن أبي طالب: << الغنى والفقر بعد العَرض على الله >>.

﴿ مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ * وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ ﴾

[ سورة غافر]

الأية الثالثة: وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ:

1 – دعوة هدّامةٌ إلى تقليد الأجانب:

 هناك دعوة إلى النار، إلى التفلت، إلى السفور، إلى تقليد الأجانب.
والله زارني شاب، آلمني أشد الألم أن بنطاله فيه ثقوب كثيرة، قلت: كم هو فقير مظهره أمام الناس، كتبته في دفتري الخاص، أن أقدم له ألبسة يستر بها جسمه، وما كنت أظن أن هذا من أحدث صرعات الأزياء.
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

 

(( لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ...))

 

[ متفق عليه ]

 شيء لا يحتمل، أن مصمم الأزياء للرجال والنساء، الآن على الصفر، شخص محترم مدير مؤسسة حلق شَعره على الصفر، كنا صغاراً إن أردنا أن نعاقب إنساناً عقاباً أشد أنواع العقاب أن نحلق له شعره على الصفر، الآن هي موضة، والبنطال الذي فيه رقع وثقوب أحدث صرعات الأزياء، إنه التقليد الأعمى، فلذلك:

﴿ وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ ﴾

[ سورة غافر]

2 – دعوة هدّامةٌ إلى المعصية والسفور:

 لم يبق للزوج شيء من زوجته، كل مفاتنها في الطريق أليس كذلك ؟ دعوة إلى النار إما بثياب المرأة، أو بثياب الرجل، أو بالاختلاط، أو بانتشار الغناء، حتى شهر رمضان صار شهرا فلكلوريا، فيه خيام رمضانية تبدأ بالإفطار، وتنتهي بالرقص والموسيقى والغناء، قال تعالى:

﴿ وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ * تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ * لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ ﴾

[ سورة غافر]

الأية الرابعة: لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ

1 – الدنيا لها منهج:

 الدنيا لها منهج، إن طبقته سعدت في الدنيا والآخرة، إنها استمتاع عابر.
للتوضيح: إذا كنت تحب أن تغمر جسمك بماء فاتر في حمام البيت، لو جلست ساعة أو ساعتين أو ثلاثا، هل تصبح طبيباً بهذه الطريقة ؟ هل تصير تاجراً كبيراً ؟ هل تصير معك شهادة عليا ؟ الاستمتاع ليس له أثر مستقبلي، أما العمل الصالح، وطلب العلم فله أثر مستقبلي.
إذاً: أيها الإخوة الكرام:

﴿ لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ ﴾

[ سورة غافر]

2 – تفكروا في يوم له خروج بلا عودة إلى الدنيا:

 إذا فكر الإنسان في ساعة المغادرة، أن كل يوم يدخل إلى البيت، ويخرج منه على قدميه، لكن مرة واحدة يخرج من بيته في نعش، كل يوم يقرأ مئات من النعي، وفي يوم واحد سيقرأ الناسُ نعيَه، كل يوم يخرج، ويعود، فإذا تأخر يقلق أهله، إلا إذا مات، خرج من البيت الساعة الواحدة ثم لم يعُد، لم يأت أبداً، انتهى، هذه خروج بلا عودة، هذه كلمة مخيفة جداً، في بعض البلاد إذا وضعوا له على الجواز: خروج بلا عودة، انتهى، فقد طردوه، وكل واحد منا عنده خروج بلا عودة عند الموت.

﴿ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ * فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ ﴾

[ سورة غافر]

الأية الخامسة: فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ

1 – العبرة بمعرفة الحق في الوقت المناسب:

 البطولة أن تعرف الحق في الوقت المناسب.
إن فرعون عرف الحق بعد فوات الأوان، لما أدركه الغرق قال:

﴿ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ ﴾

[ سورة يونس: 90]

 إذاً: كلمة

﴿ فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ ﴾

[ سورة غافر]

 البطولة أن تعرف الحقيقة قبل فوات الأوان.

﴿ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ * فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ * النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً ﴾

[ سورة غافر]

الأية السادسة: يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً

1 – عذاب القبر قبل عذاب النار:

 الجماعة ميتون منذ ستة آلاف سنة، وكل يوم مرتين عرض على النار والخير إلى الأمام، قال تعالى:

﴿ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً ﴾

[ سورة غافر]

 اسأل شخصاً محكوما عليه بالإعدام، كلما وُضع المفتاح في الباب يقول: جاءوا ليأخذونني إلى المشنقة، أحيانا يؤخَّر إعدامه سنتين، فيُعدم كل يوم مرتين، فآل فرعون، قال تعالى:

﴿ النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ ﴾

[ سورة غافر]

خلاصة نصائح مؤمن أل فرعون لقومه:

 لذلك أيها الإخوة الكرام، هذا مؤمن فرعون له شأن كبير عند الله، فقد عرف الحقيقة، وبلغها لقومه، وكان يكتم إيمانه.
يستفاد من هذه القصة القصيرة أنه أحياناً إذا كان المظهر الديني الصارخ، أو الإطار الإسلامي، أو الإعلام الإسلامي مرفوضا ليس معنى هذا أن تلغي عملك، لا، أدخل بمضمون إسلامي، وبإطار عادي، هذا ممكن، ولك في هذه القصة أسوة حسنة.
أسال الله عز وجل مرة ثالثة ألا نصل إلى هذا المستوى، أن نقيم شعائر إسلامنا في بيوت الله، ونحن في مظهر ديني، وقد يكون صارخا، لكن الحياة فيها مفاجآت، والبطولة أن تعد لكل مفاجئة عدتها.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور