وضع داكن
29-03-2024
Logo
ومضات إيمانية لرمضان 1425 - الدرس : 04 - الإسلام متهم
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الإسلام متهم :

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين .
أيها الإخوة الكرام ؛ في سورة آل عمران آية تحل إشكالاً كبيراً ظهر في السنوات العشر الأخيرة ، الإسلام متهم ، وهي أن الله عز وجل يقول :

﴿ وَاضْرِبُوهُنَّ ﴾

[ سورة النساء الآية : 34 ]

وأن شهادة المرأة نصف شهادة الرجل ، وأن قطع اليد سلوك همجي .
أسوق لكم التهم التي يتهم بها الإسلام ، الحقيقة هذه الآية يقول الله عز وجل :

﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ ﴾

يعني واضحات نيرات .

﴿ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ﴾

[ سورة آل عمران الآية: 7 ]

آية العدو يتخذها حجة للنيل من الإسلام ، والمؤمن يعرف الوجه الإيجابي لها ، مثلاً طبيب نسائي لمجرد أن المرأة ولدت ، وصار هناك نزيف لا يتردد ثانية في استئصال الرحم ، لماذا ؟ لأن الله هيأ الرحم حينما يخرج الجنين منه ينقبض انقباضًا كالصخر بهذا ، الانقباض تلتئم ألوف الأوعية ، فإن لم ينقبض فلا بد من أن تموت المرأة من النزيف ، فلابد من استئصال الرحم .
فإذا كان الإنسان طالب طب لم يتبحر في علم الطب يقول : تسرع الطبيب ، واستأصل الرحم ، وحرمها من الذرية ، لكن الطبيب أنقذ حياتها ، فاستئصال الرحم فجأة من دون تردد من طبيب جراح نسائي خبير متمكن ، السلوك هذا يشبه التسرع ، ويشبه اليقين العلمي ، فالطبيب المتخصص يقول : نِِعمَ ما فعل ، والطبيب غير المتبحر يتهم الطبيب الذي استأصل الرحم بأنه تسرع ، سقت هذا المثل لأوضح ما معنى متشابهان .

حد السرقة :

الآن العالم الإسلامي أو معظم بلاد العالم ، المشكلة الأولى هي السرقة ، أما حينما تقطع اليد ينجو مجتمع بأكمله من السرقة ، بعض الإحصاءات الفيدرالية في أمريكا في كل ثلاثين ثانية ترتكب جريمة سرقة ، أو قتل ، أو اغتصاب ، كل ثلاثين ثانية . 

يد بعشــــر مئين عسجد وديت مـا بالها قطعت في ربع دينار
عز وجل الأمانة أغـلاها وأرخصها ذل الخيانة فافهم حكمة الباري
***

في بلد إسلامي يوم كان يطبق هذا الحكم الصراف في أيام الحج يضع العملات الباهظة في صندوق خشبي ، ويدخل ليصلي ، من يجرؤ أن يأخذ شيئاً منها ؟
على كلٍ في القرآن الكريم أشياء صاحب الفتنة العدو اللجوج يتخذها حجة للنيل من الإسلام ، الآية تحل إشكال كبير :

 

 

﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ ءَايَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ ﴾

 

الخيانة الزوجية :

أما : 

﴿ وَاضْرِبُوهُنَّ ﴾

امرأة نشزت ، أي اتجهت إلى غير زوجها ، بداية خيانة زوجية ، ولها أولاد من هذا الرجل ، وهي يتيمة لا أب لها ولا أم يردعها ، وبإمكان الزوج أن يطلقها ، أو أن يفضحها ، أو أن يطردها وهي أم أولاده ، فإذا أدبها وأبقاها زوجة له ، وتابت على يديه ، أيهما أفضل ؟ لكن الطرف الآخر ينال من الإسلام بكلمة :

﴿ وَاضْرِبُوهُنَّ﴾

﴿وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ﴾

أولا ً:

﴿وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ﴾

[ سورة النساء الآية: 34 ]

فآية :

﴿ وَاضْرِبُوهُنَّ ﴾

شهادة المرأة :

المرأة شهادتها بنصف شهادة الرجل ، لكن المرأة وحدها ممكن أن تدخل مليار وثلاثمئة مليون مسلم في ثاني أكبر عبادة ، وهي الصيام بشهادتها وحدها أيهما أبلغ ؟ والمرأة التي تولد ، إن أنجبت المرأة مولوداً ذكراً إذا بكى هناك مسألة مواريث ، وإن لم يبكِ فهناك مسألة مواريث أخرى ، قد يدع الأب مليارات أو ملايين ، فإذا بكى هذا الطفل الذي ولد ، ومات يرث ويورث ، وإن لم يبكِ فلا يرث ولا يورث ، فبينما تعطى المرأة شهادة وحيدة في موضوع الإرث ، وفي موضوع رؤية الهلال ، وفي موضوعات نسائية كثيرة جداً ، لكن في جرائم جنسية ، في قضايا مالية ، هي هذه الموضوعات لا تهتم لها ، فالشارع أعفاها من أن تكون وحدها مسؤولة حول هذا .
فإذًا هناك آيات في القرآن الكريم يستطيع الطرف الآخر أن يتخذها حجة لينال من هذا الدين هذه الآية ، وضحت الحكمة ، مثل أوضح من ذلك :
أنا أقول لإنسان : أعط فلان 1500 درهم ، هذا الأمر لا يحتاج إلى تفسير ، ولا إلى تأويل ، ولا يختلف في العالم العربي ممن ينطقون بلغة الضاد ، اثنان في معنى هذا النص أعط فلاناً 1500 درهم ، أما إن أردت أن أمتحن شخصين الأول كريم، والثاني بخيل أعطيت أمراً لهما أعط فلاناً ألف درهم، ونصفه، فالبخيل يرجع الهاء على الدرهم، يقول لك ألف ونصف درهم، والكريم يقول لك يرجع الضمير على الألف لأنه سبق 1500، فهذا النص احتمالي يمتحن به الناس .
السيدة عائشة رضي الله عنها ضاع عقدها فبحثت عنه ، فتأخرت عن ركب النبي عليه الصلاة والسلام ، وكانت في الهودج ، فحملوا الهودج ، وكانت خفيفة الوزن فلم ينتبهوا إلى أن الهودج فارغ ، بقيت وحدها ، وعادت مع صفوان ، فاتهمت بالزنا ، لو لم يضع عقدها لما كانت قصة الإفك إطلاقاً ، لكن المؤمنين امتحنوا ، المؤمنون ظنوا بأنفسهم خيراً ، بينما المنافقون روجوا في المدينة أنها على علاقة بصفوان ، وهي زوجة سيد الخلق ، وحبيب الحق ، هذا امتحان .

المحكم والمتشابه :

وآيات في القرآن الكريم هدفها الامتحان ، فالمؤمن يرى الوجه الإيجابي لها يرتاح ، لكن غير المؤمن يتخذها تكهة لينال من هذا الدين إذاً :

﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ ءَايَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ﴾

يعني من جانب تشبه الحق ، ومن جانب آخر تشبه ما لا يرضي الذوق العام عند الناس .

﴿فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ﴾

الوجه الآخر :

﴿ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ﴾

[ سورة آل عمران الآية: 7 ]

يقول لك:

﴿يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ (17) ﴾

[ سورة الواقعة ]

فالمنحرفون أخلاقياً يتخذون هذه الآية حجة لسلوكهم الشائن مثلاً ، ليس هذا هو المعنى إطلاقاً ، الله عز وجل يقول :

﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) ﴾

[ سورة الشمس ]

المنحرف والعاصي يتخذ هذه الآية حجة على أن هذا الفجور خلقه الله في الإنسان لا ، فطر هذه النفس فطرة سليمة بحيث لو فجرت علمت أنها فجرت ذاتياً، هذه الفطرة .
إذاً : في القرآن آيات متشابهات أراد الله عز وجل منها أن يمتحن الناس ، يمتحن حسن ظنهم ، يمتحن ولاءهم ، يمتحن فهمهم العميق ، أو أن يكشف حقدهم ، أو بعدهم عن حقيقة هذا الدين .

﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ﴾

أي : يفتنوا الناس عن دينهم .

﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾

[ سورة آل عمران الآية: 7 ]

لذلك :

(( إنَّ الحَلالَ بَيِّنٌ وَإنَّ الحَرَامَ بَيِّنٌ ، وَبَيْنَهُما مُشْتَبِهاتٌ لا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهاتِ اسْتَبرأ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ ، وَمَنْ وَقَعَ في الشُّبُهاتِ وَقَعَ في الحَرَامِ كالرَّاعي يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى يُوشِكُ أنْ يَرْتَعَ فِيهِ ، ألاَ وإنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمىً ، ألاَ وَإنَّ حِمَى اللَّهِ تَعالى مَحَارِمُه ))

[ ورواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن النعمان بن بشير ]

أيها الإخوة ؛ حكمة الله تتجلى أن في القرآن آيات متشابهات ، هذا المتشابهات العلماء الراسخون بالعلم يعرفون وجهها الإيجابي ، لكن أعداء الدين يتخذونها حجة للنيل من هذا الدين ، والله عز وجل أرادها أن تكون كذلك :

﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ ﴾

وأما المعنى المخالف ، وأما الذين في قلوبهم يقين وإيمان وولاء ومحبة لهذا الدين فيرون وجهها الإيجابي .
أنت حينما ترى رجلا يضرب طفلا ، قد يكون رجلا جبارًا ، ظالم وقد يكون هذا الرجل أباً لهذا الطفل ، والطفل ارتكب سرقة ، وحرص الأب على أخلاق ابنه دفعته إلى تأديبه ، العمل متشابه ، يشبه إنسانًا جبارًا حاقدًا ، ويشبه إنسانًا أبًا رحيمًا ، الآن ما يجري في العالم من زلازل أحياناً ، من فيضانات ، من خسوف أحياناً ، من جفاف ، من مصائب ، من اجتياح ، من حروب أهلية ، في الظاهر قسوة بالغة ، لكن المؤمن يعلم علم اليقين أن هذا لخير العباد لا في دنياهم بل في أخراهم .

الدعاء :

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم أعطنا ولا تحرمنا ، أكرمنا ولا تهنا آثرنا ولا تؤثر علينا أرضنا وارضى عنا ، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم .

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور