وضع داكن
28-03-2024
Logo
الخطبة : 1012 - قوة الإنسان بقوة معتقده - قوة الجنس يجب ضبطها بمنهج الله
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الخطبة الأولى
 الحمد لله نحمده، ونستعين به، ونسترشده، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إقراراً بربوبيته، وإرغاماً لمن جحد به وكفر، وأشهد أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله، سيد الخلق و البشر، ما اتصلت عين بنظر، أو سمعت أذن بخبر، اللهم صلِ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه، وعلى ذريته ومن والاه ومن تبعه إلى يوم الدين، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين، أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.

قوة الحق

 أيها الإخوة الكرام، موضوع الخطبة الماضية كانت مستوحاة من القهر الذي يلقاه المسلمون في عدة بلاد من العالم الإسلامي، وتحدثت في الأسبوع الماضي عن قوة الحق التي كان يملكها النبي عليه الصلاة والسلام في مكة المكرمة، لكن أصحابه كانوا يعذبون أمامه فلا يملك إلا أن يقول:

 

(( صبراً آل ياسر ))

 

[ السيرة النبوية ]

 ولكنه حينما انتقل إلى المدينة أضيف إلى قوة الحق حق القوة، المسلمون اليوم لا ينجيهم من الأخطار المحدقة بهم بعد إيمانهم إلا أن يطبقوا هذه الآية الكريمة:

 

﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ ﴾

[ سورة الأنفال: 60]

 لا بد من أن يجمع المؤمن اليوم بين قوة الحق، وهو وحي السماء، وبين حق القوة، لأن الذين يملكون حق القوة لا يعبئون بحق السماء، ولا بكل المقدسات، سمحت لهم فرصة أن يبنوا مجدهم على أنقاض الآخرين، وأن يبنوا حياتهم على موت الآخرين، وأن يبنوا غناهم على إفقار الآخرين، وأن يبنوا عزهم على ذل الآخرين.
 أيها الإخوة الكرام، وبينت أيضاً في الخطبة السابقة أن هناك جهاداً أساسياً، كما أن في التعليم تعليماً أساسياً، فالمهزوم أمام نفسه لا يستطيع أن يواجه نملة.

 

قوة الإنسان

 وهاأنذا اليوم أتابع الموضوع، ولكن لو تساءلنا عن أعظم قوة عرفها الإنسان منذ فجر التاريخ إلى هذا العصر لا شك أن كل من يسأل هذا السؤال يقول: هي القنبلة النووية التي تدمر الملايين بلمح البصر، من لم يمت حرقاً مات بفعل الضغط، لا تبقي حياة في المكان الذي تلقى فيه، لا تبقي حياة، لا حياة نبات، ولا حياة حيوان، ولا حياة إنسان، ولكن السؤال الآخر: هل من قوة على مستوى الأرض أقوى من هذه القوة ؟ الجواب: نعم، الإنسان الذي صنعها، الإنسان اليوم أرسل مركبة إلى المشتري بقيت تطوف في الفضاء الخارجي ست سنوات بسرعة أربعين ألف ميل في الساعة، غاص إلى أعماق البحار، استخرج النفط من قيعان البحار، نقل الصورة إلى كل أنحاء العالم، نقل الصوت إلى كل أنحاء العالم، لذلك الإنسان الذي صنع القنبلة النووية بالمنظور العلمي هو أقوى من القنبلة النووية، الذي أرسل المركبات إلى الفضاء الخارجي لذلك أخوتنا الكرام كاستطراد اقتصادي عند الاقتصاديين تعد الموارد البشرية أضخم شيء في ميزان الاقتصاد هذا الإنسان حينما يعمل جهده وعقله هو أربح شيء في ميزان الأرباح والخسائر لذلك العالم الذي تفوق مادياً يعتني بالإنسان لأنه أكبر مورد بشري، الإنسان إذا علمته وأطلقت يده وحصنته بالقيم هو أقوى شيء في الكون.
 أيها الإخوة الكرام، إلى هذا المعنى من زاوية أخلاقية أشار الإمام علي كرم الله وجهه فقال: << فاعل الخير خير من الخير >>.
 لو أسست ميتماً، وجهزته بكل وسائل الراحة للأيتام، وانتهى الميتم، أما الذي أسس هذا الميتم يسعد به إلى أبد الآبدين، إذاً هو خير من الخير، والذي ألقى قنبلة ذرية على هيروشيما، وقتل ثلاثمئة ألف في ثلاث ثوان، فالذي لم يمت وقتها مات الآن، انتهى أثرها، ولكن الذي أمر بإلقائها، والذي ألقاها سيعذب في جهنم إلى أبد الآبدين، لذلك فاعل الخير خير من الخير، وفاعل الشر شر من الشر.

 

 

قوة الإيمان

 أيها الإخوة الكرام، سؤال ثالث: إذا كان الإنسان أقوى من أي شيء في الأرض فهذه القوة التي توجهه، وتجعله يتقد كالمرجل تجعله يندفع كالصاروخ تجعله يضحي بأثمن ما يملك، هذا الذي يدفعه هو أقوى منه إنه الإيمان.
 أيها الإخوة الكرام، بادئ ذي بدء المؤمن بأي شيء أقوى من الذي لا يؤمن بشيء، الذي لا يؤمن بشيء قال تعالى عنهم:

 

 

﴿ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً ﴾

[ سورة الفرقان: 44]

 أناس شاردون بلا هدف، إلههم الجنس والمال فقط، هؤلاء جبناء، هؤلاء ترتعد فرائصهم من مؤمن، مبدئياً الذي يؤمن بأي شيء أقوى من الذي لا يؤمن بشيء.

 

أهمية الأيمان بالله وأثره في الإنسان

 نتابع الموضوع، إنّ الإيمان بأي معتقد يعطي صاحبه قوة وصلابة، كما يظهر في الصراع بين الأفراد والجماعات، فالفرد الذي يؤمن بعقيدة ينتصر لها على الفارغ الذي لا عقيدة له، وهذا شيء واضح جداً، ولكن الإيمان الحقيقي الذي هو مناط القوة هو الإيمان بالله، هو الإيمان بالله واهب الحياة، الإيمان بالله خالق الأرض والسماوات، الإيمان باليوم الآخر، يوم الحساب، يوم الديمومة، يوم تسوية الحسابات، الإيمان بحياة باقية ينسى فيها المؤمن كل متاعب الحياة الفانية، الإيمان بحياة باقية ينسى فيها الكافر كل لذائذ الحياة الفانية، لولا الإيمان باليوم الآخر كانت الحياة لا تعاش، والله الذي لا إله إلا هو لولا الإيمان باليوم الآخر لكان بطن الأرض خيرًا من ظهرها، قال تعالى:

 

 

﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ ﴾

[ سورة إبراهيم: 42]

﴿ وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى ﴾

[ سورة الأنعام: 94]

 ليس هناك تحالفات، ولا جيش كبير، ولا قهر، ولا طيران، ولا قصف، ولا إذلال، قال تعالى:

 

﴿ وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ﴾

[ سورة الأنعام: 94]

 وأسماء الله الحسنى كلها محققة في الدنيا إلا اسم العدل فإنه محقق جزئياً بدليل، قوله تعالى:

 

﴿ إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى ﴾

 

[ سورة طه: 15]

 لذلك كل بني البشر واردون النار، المؤمنون لا ليعذبوا، ولكن ليروا عدل الله، ليروا مكان الطغاة في النار، ليروا مكان الذين أذلوا البشر، وقهروا البشر، وابتزوا أموال البشر، وتغطرسوا وتعجرفوا:

 

﴿ وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا ﴾

 

[ سورة مريم: 71]

 وليرى المؤمن إذا ورد النار، وقد قال بعض المفسرين: ولا يتأذى بوهجها ليرى مكانه في النار لو لم يكن مؤمناً.
 أيها الإخوة الكرام، الإيمان بالله خالق السماوات والأرض، مَن بيده ملكوت كل شيء واهب الحياة خالق الكون والسماوات، الإيمان بالجزاء والخلود في حياة باقية:

 

﴿ وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾

 

[ سورة النحل: 111]

 

الإيمان بالملائكة والأنبياء

 الإيمان بعالم فسيح غير منظور مليء بجند الله، لا يحصى لهم عدد، إنهم الملائكة المقربون، الإيمان بالوحي الإلهي الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه إنه الصلة بين السماء والأرض إنه مظهر هداية الخالق للمخلوق، الإيمان بالنماذج البشرية، بقمم البشر الأنبياء والمرسلين، الإيمان بالنماذج الإنسانية العليا، أولئك هم النبيون الذين أنزل الله عليهم وحيه ليخرجوا الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد، الإيمان أسّ الفضائل، ولجام الرذائل، وقوام الضمائر، وبلسم الصبر عند الشدائد،

 

(( صبراً آل ياسر فإن موعدكم الجنة ))

 لا نملك لمن كان مؤمناً صحيح العقيدة مستقيماً على أمر الله، وقد قُهِر إلا أن نقول له كما قال النبي عليه الصلاة والسلام لآل ياسر:

 

 

(( صبراً آل ياسر فإن موعدكم الجنة ))

 

الإيمان بكرامة الإنسان

 الإيمان بكرامة الإنسان الذي استخلفه الله في الأرض، قال تعالى:

 

﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾

[ سورة الذاريات: 56]

﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ ﴾

[ سورة الأحزاب: 72]

 أيها الإخوة الكرام، الإيمان الذي دعا إليه النبيون والمرسلون، وجاهد في سبيله الصديقين والشهداء والصالحون هو المعنى الفذ الذي نريده من كلمة إيمان، أقوى من القنبلة النووية، وأقوى من الذي صنعها، ويمكن أن نواجه القنبلة النووية بقنبلة الذُّرية، الورقة الرابحة الوحيدة في أيدينا، علموا أولادكم علموهم الإيمان، أرشدوهم إلى نهج الله الواحد الديان، حببوهم بسيد المرسلين، وبأصحابه الغر الميامين، لا بلاعبي الكرة، حتى أصبح الولاء والبراء لا إلى الله ورسوله، بل إلى لاعبي الكرة، وهذا من ضعف المسلمين، ومن سقوطهم في ثقافات لا يعلمها إلا الله.
 أيها الإخوة الكرام، هذا الإيمان هو القوة التي أقوى من الإنسان، هذا الإيمان قوة تسند الضعيف من أن يسقط تمسك القوي من أن يجمح، الإيمان قيد الفتك.
 لما دخل الفرنجة إلى القدس ذبحوا في يومين سبعين ألفاً، فلما فتح صلاح الدين القدس لم يُرِقْ قطرة دم، لأن الإيمان قيد الفتك، المؤمن مقيد بمنهج الله عز وجل، وله قلب رحيم، تمسك القوي من أن يجمح تعصم الغالب من أن يطغى، وتمنع المغلوب من أن ييأس، قال تعالى:

 

﴿ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ ﴾

 

[ سورة آل عمران ]

 المعصية والصبر بمعنى القهر ليس بعدها إلا القبر، بينما الطاعة والصبر طريق إلى النصر، قال تعالى:

 

﴿ وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً ﴾

 

[ سورة آل عمران: 120]

قوة الغريزة

 أيها الإخوة الكرام، هذا الموضوع يجرنا إلى قوة في الإنسان تبدو لضعاف الإيمان قوة عاتية جبارة إنها قوة الغريزة، غريزة حب البقاء، غريزة الشهوة الجنسية، غريزة الغضب والمقاتلة، غريزة حب المال، قال تعالى:

 

﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾

 

[ سورة آل عمران: 14]

الغرائز في خدمة الإيمان

 أيها الإخوة الكرام، في جانب من هذا الكلام فيه صحة الغرائز البشرية لها سطوتها وقوتها، ولكن بجوار الإيمان تنحل عقدتها، وتنحني مطواعة لقوة الإيمان، فالإيمان عند المؤمن هو السيد المطاع الآمر، والغرائز في خدمته، وتنقاد له، لذلك قال عليه الصلاة والسلام:

 

(( تعس عبد البطن، وتعس عبد الفرج، وتعس عبد المال، وتعس عبد الخميصة ))

 

[ البخاري ]

 وسعد عبد الله.

 

قصة يوسف عليه السلام شاهد لقوة الغريزة

 إنّ أفضل شاهد لقوة الغريزة هذا النبي الكريم سيدنا يوسف، أنا أقول هذا الكلام لأن أناساً كثيرين يظنون أن الاستقامة في هذا العصر مستحيلة، وأن النساء الكاسيات العاريات اللواتي يخطرن في الطرقات، واللواتي صورهن في المجلات، وفي الفضائيات، وفي المواقع المعلوماتية، وفي كل الصحف، وفي كل طريق، وفي كل مكان، وفي الدائرة، وفي الجامعة، أن الاستقامة مستحيلة، أؤكد لهؤلاء الإخوة الذين توهموا هذا الوهم أن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها، ولولا أن النجاة من هذه الفتنة في وسع الإنسان لما سمح الله لها أن تكون.
 أيها الإخوة الكرام، سيدنا يوسف شاب مؤمن، أخضع غريزته لإيمانه، فخلد الله ذكره، وسجل قصته لتكون هدى ونبراساً للآخرين، شاب في ريعان الشباب، وفي مقتبل العمر، أوتي من الجمال، وامتلأ فتوة ونشاطاً، وأذن الله أن يبتلى بخدمة امرأة في بيت العزيز، ولكن شبابه وجماله أغرى به هذه المرأة التي هي ذات منصب، وجمال السيدة الأولى زوجة عزيز مصر راودته عن نفسه، وغلقت البواب، وقالت: هيت لك، كان الموقف دقيقاً، ولا ريب أن الفتنة التي تعرض لها هذا النبي الكريم لم تكن من الفتن التي تعرض للمرء ساعة من حياته، هي فتنة تصاحبه صباح مساء في روحاته وغدواته، لم تكن فتنة امرأة من بنات الليل وبائعات الهوى، بل كانت فتنة امرأة ذات منصب وجمال، هي سيدة البيت، وامرأة العزيز، وهو غلام شري بثمن بخس دراهم معدودة، لم يعرف له أهل، ولا بيت، مجرد خادم في بيتها، من شأنه أن يؤمن فيأتمر، فماذا صنع هذا الفتى الأعزب الغريب شديد الجمال مع سيدة ينبغي أن يطيعها، وليس من صالحها أن يفشو الخبر ؟
 أيها الإخوة الكرام، كان الامتحان عسيراً، ولكنه انتهى بنجاح، هذا النبي الكريم قال:

 

﴿ مَعَاذَ اللهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴾

 

إنه مجرد راعي غنم !!!

 أيها الإخوة الكرام، هذا الموقف ينقلني إلى موقف راعٍ ليس عنده مكتبة كبيرة جداً، ولا عنده كومبيوتر، وليس عنده وسائل اتصال، ولا حضر محاضرات، ولا ألقى ندوات، ولا حضر مؤتمرات، إنه راع امتحنه ابن عمر، قال له: بعني هذه الشاة، وخذ ثمنها، قال: ليست لي، قال: قل لصاحبها: ماتت، قال: والله إنني لفي أشد الحاجة إلى ثمنها، ولو قلت لصاحبها: ماتت، أو أكلها الذئب لصدقني، فإني عنده صادق أمين، ولكن أين الله ؟
 هذا الراعي إن صحّ التعبير محدود الثقافة وضع يده على جوهر الدين، لمجرد أن تقول: أين الله ؟ فأنت عند الله كبير، وأنت مؤمن، وأنت مسلم، وأنت عالم، ولمجرد أن تبحث عن الرخص، وأن تجمع كل الرخص، وحينما تخلو بنفسك، ولا يعنيك أن الله يشاهدك، ولو تحمل أعلى شهادة، ولك مئتا مؤلف، أنت عند الله صغير، ركعتان من ورع خير من ألف ركعة من مخلط، ومن لم يكن له ورع يصده عن معصية الله إذا خلا لم يعبأ الله بشيء من عمله.
 أيها الإخوة الكرام:

 

﴿ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونَنْ مِنَ الصَّاغِرِينَ ﴾

 

[ سورة يوسف ]

إنه امتحان صعب

 إنه أمام امتحانين، إما أن يلبي رغبتها فيسقط من عين الله، وإما أن يمتنع فمصيره السجن، هذا الامتحان درس لكل شاب الآن، لكل شاب يسمعني، نبي عظيم كان خادماً، فأصبح عزيز مصر، رأته خادمة في القصر، وقد أصبح عزيز مصر، قالت: سبحان من جعل العبيد ملوكاً بطاعته، وسبحان من جعل الملوك عبيداً بمعصيته !!!
 بطولتك أن تكون مستقيماً.
 أيها الإخوة الكرام، شيء آخر، كأن قصة أصحاب الأخدود فيها تعزية لكل مؤمن قهر وقتل، ولا يوجد في القرآن كله، وقد تحققت هذا، كلمة فوز وصفت بالفوز الكبير إلا لأصحاب الأخدود،

 

﴿ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الفَوْزُ الكَبِيرُ ﴾

 أن تموت طائعاً، فإذا كان في قصة أصحاب الأخدود تسلية لكل من قتل، وهو مؤمن قهراً، ففي قصة يوسف تسلية لكل من سجن ظلماً، نبي كريم أراد الله أن يدخل السجن.
 أيها الإخوة الكرام، ماذا قال هذا النبي الكريم ؟

 

 

﴿ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ ﴾

 

[ سورة يوسف: 33]

 لو عرضنا هذا الخيار على مليون شاب الآن، مئة مليون شاب الآن، ألف مليون شاب، خمسمئة مليون شاب، بين أن يقضي شهوته من امرأة بارعة الجمال، وبين أن يدخل السجن، لكن الإيمان قيد الفتك، قيد عظيم، قيد أخلاقي، قيد داخلي، الإيمان مبني على الوازع الداخلي، قال تعالى:

 

﴿ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ﴾

 

[ سورة يوسف: 33]

 لكن هناك من يستقيم، ويعتد باستقامته، أنا إرادتي قوية في شرك:

 

﴿ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ ﴾

 

[ سورة يوسف: 33]

 في أعلى درجات القوة والامتناع، وفي أعلى درجات الافتقار إلى الله عز وجل، وهذا ينقلنا إلى أن المؤمن عليه أن يأخذ بكل الأسباب، وكأنها كل شيء، ثم يتوكل على الله، وكأنها ليست بشيء، وهو في السجن دعا إلى الله فقال لمن حوله:

 

﴿أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ * مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا﴾

 

[ سورة يوسف ]

 الآن إذا قلّ الربح ينقم على الله، هو في السجن، ودخله لأنه أبى أن يعصي الله، وفي أعلى معنويات، وفي ثقة بأن الله يحبه.

 

﴿ يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ * مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾

 

[ سورة يوسف ]

العاقبة للمتقين

 أيها الإخوة الكرام، العاقبة دائماً للمؤمنين المتقين، هذه سنة الله، ولن تجد لسنة الله تبديلا، ولن تجد لسنة الله تحويلا.
 أيها الإخوة الكرام، هؤلاء إخوته الذين ائتمروا عليه، وضعوه في غيابه الجب، مصيره الموت، فلما جعل الله عز وجل حاجتهم عنده، هو عزيز مصر بيده توزع المواد الغذائية، فجاءوا إليه، وعرفوا أنه يوسف، قال تعالى:

 

﴿ قَالُوا أَئِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ ﴾

 

[ سورة يوسف: 90]

 ما ذكرهم بجريمتهم، بل قال:

 

﴿ وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ ﴾

 

[ سورة يوسف: 100]

 أرأيتم إلى هذا الأدب،

 

﴿ لاَ تَثْرِيبَ عَلَيْكُمْ اليَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ ﴾

 

﴿ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي ﴾

 فجعل الموضوع مشتركًا بينه وبينهم.
 أيها الإخوة الكرام، الذي كان، وطبعاً جعل حاجة الملك عندهم، جعل حاجة الملك إليه كحاجة الجاهل إلى العالم، والمريض إلى الطبيب، والملاح التائه إلى النجم الهادي، فلم يجدوا بداً من أن يذهبوا إليه صاغرين، ويطلقوا سراحه، فأبى أن يخرج من السجن، قال تعالى:

 

﴿ وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ * قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ﴾

 

[ سورة يوسف ]

 معنى ذلك إذا عرض عليك منصب، وأطلقت يدك، وأرادوا منك أن تكون أميناً محسناً فلا تستنكف، لأنه لو كان إنسان آخر مكانك لعمّ الفساد فيمن حولك.
 أيها الإخوة الكرام، بطولة إذا أطلقت يدك اقبل المسؤولية، وأرِ الناس من هو المؤمن، من هو المؤمن العفيف، المؤمن المتقد المؤمن الورع.
 أيها الإخوة الكرام، وفي هذا المنصب الرفيع كما قال الله عز وجل:

 

﴿ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ﴾

 

[ سورة الأنبياء: 35]

 إن بعض الناس قد يملك نفسه عند الشدائد، فيصبر، فإذا امتحنه الله بالنعمة يستكبر، قال تعالى:

 

﴿ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ﴾

 

[ سورة الأنبياء: 35]

 إذا امتحنت بامتحان الصبر ينبغي أن تمتحن في امتحان النعمة.
 أيها الإخوة الكرام، هذه قصة تبين أن هناك قوة طاغية، وأن الإنسان الذي صنعها هو أقوى منها، وأن الإيمان الذي يدفعه هو أقوى من الاثنتين، وأن الشهوة قوة طاغية مع غير المؤمن، لكن مع الإيمان منقادة للإيمان مطواعة له، لذلك الإيمان هو أكبر شيء نحرص عليه، ما قولكم إذا قال النبي عليه الصلاة والسلام:

 

(( لن تغلب أمتي ـ لن لتأبيد النفي ـ من اثني عشر ألف من قلة ))

 

[ ورد في الأثر ]

 هذه هي حال المسلمين اليوم

 أما المليار وخمسمئة مليون فليست كلمتهم هي العليا، وليسوا قادرين على أن يفعلوا شيئًا، وهم يرون إخوتهم يذبحون، ويقتلون،

 

(( لن تغلب أمتي من اثني عشر ألف من قلة ))

 المؤمن أيها الإخوة الكرام، واحد كألف، وغير المؤمن كنت أقول: ألف كأف، الآن مليون كأف.
 سيدنا خالد طلب من سيدنا الصديق المدد، طلب خمسين ألفًا، فأرسل له واحدًا، هو القعقاع، فلما وصل القعقاع قال: أين المدد ؟ قال: أنا، قال: أنت واحد ؟! معه كتاب قرأ الكتاب، يقول سيدنا الصديق: يا خالد، والذي بعث محمداً بالحق إن جيشاً فيه القعقاع لا يهزم، وانتصر الجيش.
 الآن مليون كأف غارقون بالمونديال، لأن إخوتهم يذبحون، ويقتلون، ويشردون وتبكي نساءهم، هم ولاءهم لإيطاليا، وقد انتصرت على ألمانيا، هذا ولاءهم للمغنين والمغنيات، الأحياء منهم والأموات، للاعبي الكرة، وقد يكونوا شاذين، ومنحرفين، هذه أمة خاسرة.
 أيها الإخوة الكرام، الشيء الذي لا يصدق أن بعض المفسرين وجه كلمة الملك قال تعالى:

 

 

﴿ رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ ﴾

 

[ سورة يوسف: 101]

 بعضهم وجهها أنه سيطر على شهواته، ملِك عظيم، أن تكون سيد نفسك، أن ينقاد هواك لك، لا أن تخضع له، قال تعالى:

 

﴿ رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ﴾

[ سورة يوسف: 101]

 أيها الإخوة الكرام، هذه سورة شبابنا، سورتهم الأولى، كيف أن الشاب المؤمن الذي عفّ عن الحرام، وغض بصره عن الحرام كيف أن الله يحفظ له كل هذه التضحيات، ويرفعه إلى أعلى عليين، ويوسف عليه السلام قدوة لكل شاب.
 أيها الإخوة الكرام، حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم، واعلموا أن ملك الموت قد تخطانا إلى غيرنا، وسيتخطى غيرنا إلينا، فلنتخذ حذرنا، الكيس من دان نفسه، وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني، والحمد لله رب العالمين.

 

* * *

 الخطبة الثانية
 الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله صاحب الخلق العظيم، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

ليس مطلق الشهوة معصية

 أيها الإخوة الكرام، قد يتوهم الإنسان أن مطلق الشهوة معصية، الجواب: لا، قال تعالى:

 

﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ﴾

 

[ سورة آل عمران: 14]

 ليس مطلق الشهوة معصية، لأن الشهوة أودعها الله فينا، لكن قال تعالى:

 

﴿ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ ﴾

 

[ سورة القصص: 50]

 هنا المشكلة، شهوة أودعها الله فينا جميعاً، وجعل لها قناة نظيفة، بل بضع قنوات نظيفة تسري خلالها أبداً، لكن الذي غفل عن الله يتحرك بغير منهج من الله، وهو عند الله من أضل الناس، قال تعالى:

 

﴿ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ ﴾

 

[ سورة القصص: 50]

 أيها الإخوة الكرام، أنا أرى أن أعظم عمل يقوم به المحسنون، وقد يفوق بناء المساجد هو تزويج الشباب، وقد يفوق بناء المساجد، تحصين الشاب والشابة عمل عظيم، يسهم في بناء المجتمع، لذلك الشرع العظيم أمر الرجل بغض البصر، وأمر المرأة أن تتحجب، والذي يظن أنه إذا أطلق بصره يألف هذه المناظر يقول له بعض الشعراء المحبين:

 

فلا ترن بالمعاصي كثر شهوتها  إن الطعام يقوي شهوة النهي

 

نصيحة مهمة: ابتعدوا عن المثيرات وأسباب المعصية

 أيها الإخوة الكرام، موضوع دقيق، لم يبقَ وقت طويل لمعالجته، أنصح إخوتي الشباب أن يبتعدوا عن كل المثيرات، وأن يجتهدوا في غض البصر، وإن عرضت لهم الفتنة فليذكروا حساب الله لهم، وأن يحافظوا على الصلوات في أوقاتها.

 

﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ﴾

[ سورة العنكبوت: 45]

 وأن يصوموا يوم الاثنين والخميس إن أمكن، وأن يجعلوا ذكر الله ملازماً لهم، قال تعالى:

 

﴿ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾

 

[ سورة الرعد: 28]

 وأن يجعلوا لهم ورداً من القرآن الكريم يومياً، وإذا زلت القدم قال تعالى:

 

﴿ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ ﴾

[ سورة آل عمران: 135]

 وأن يكثروا من الدعاء، وأن يدعوا فراغ النفس، الفراغ سبب أي مفسدة، املأ وقتك بعمل عظيم، بعمل جليل، يجعل لك رفقة صالحة، صحبة الصالحين أحد الحصون، قال تعالى:

 

﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً ﴾

 

[ سورة الطلاق]

 ويكفيك أنك من أحباب رسول الله، اشتقت لأحبابي، قالوا: لسنا أحبابك ؟ قال: لا، أنتم أصحابي، أحبابي أناس يأتون في آخر الزمان القابض منهم على دينه كالقابض على الجمر، أجرهم كأجر سبعين، قالوا: منا أم منهم ؟ قال: بل منكم، لأنكم تجدون على الخير معواناً ولا يجدون.

 

خطورة الغزو الفضائي والقوة الناعمة

 أيها الإخوة الكرام، أنا مهتم جداً بالشباب، وحريص على أن يكونوا أبطالاً، لعلهم يعيدون لهذه الأمة دورها القيادي بعد أن كبا بها الجواد، والمعول عليه في الدرجة الأولى، وأعداؤنا يراهنون عليهم، يريدونهم منحلين شاذين زناة، هؤلاء الشباب إذا انحرفوا كالخرقة لا قوام لها، ولا يفعلون شيئاً، لذلك المراهنة الآن بالتعبير المعاصر بين قوى البغي على الشباب، لذلك أكبر غزو غزوه للمسلمين بالفضائيات، كانوا يجبروننا بالقوة المسلحة على أن نفعل ما يريدون، الآن القضية أسهل بكثير، وأقل تكاليف، فضائية واحدة، والآن يجبروننا بالقوة الناعمة على أن نريد ما يريدون بهذا الغزو الثقافي صنعوا الجماهير كلهم كما يتمنون، أناس يعبدون شهواتهم من دون الله، أناس يعبدون الجنس، هذا الذي أثمرته الثقافة، بعض الفلاسفة في شرق آسيا يقول: أنا أفتح نوافذ غرفتي لأجدد هواءها، لكن لا أسمح للرياح العاتية أن تقتلعني من جذوري.
 وكأن رياح الثقافة الغربية مع ضعف إيمان المسلمين اقتلعتهم من جذورهم.

 

 

الدعاء

 اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا واصرف عنا شر ما قضيت، فإنك تقضي بالحق، ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت، ولك الحمد على ما قضيت، نستغفرك و نتوب إليك، اللهم اهدنا لصالح الأعمال لا يهدي لصالحها إلا أنت، اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر، مولانا رب العالمين، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك، اللهم بفضلك ورحمتك أعل كلمة الحق والدين، وانصر الإسلام وأعز المسلمين، وأذل الشرك والمشركين خذ بيد ولاة المسلمين لما تحب وترضى يا رب العالمين، إنك على ما تشاء قدير، وبالإجابة جدير.

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور