وضع داكن
24-04-2024
Logo
ومضات إيمانية لرمضان 1425 - الدرس : 43 - الصدق من لوازم الإيمان
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.

من ألزم لوازم الإيمان :

 أيها الأخوة الكرام، من ألزم لوازم الإيمان الصدق، هو المنزل الأقوم والأعظم، الذي منه تنشأ جميع المنازل، والطريق الأقوم الذي من لم يسر عليه فهو من المنقطعين الهالكين، وبه تميز أهل النفاق من أهل الإيمان، وسكان الجنان من أهل النار، هو سيف الله في أرضه الذي ما وضع على شيء إلا قطعه، ولا واجه باطلاً إلا أرداه وصرعه، من صان به لم ترد صونته، ومن نطق به على الخصوم كلمته، هو روح الأعمال، ومحك الأحوال، والحامل على اقتحام الأهوال، والباب الذي دخل منه الواصلون إلى حضرة ذي الجلال، وهو أساس بناء الدين، وعمود اليقين، ودرجته تالية لدرجة النبوة، التي هي أرفع درجات العالمين، ومن مساكنهم في الجنات، تجري العيون والأنهار إلى مساكن الصدقين, كما كان من قلوبهم إلى قلوبهم في هذه الدار مدد متصل ومعين.
 هذه كلمات بليغات قيلت في الصدق.

ما الشيء الذي يريد ربنا أن يعلمنا إياه من خلال هذه الآية؟ :

 أيها الأخوة، آيات الصدق كثيرة:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾

[سورة التوبة الآية: 119]

 كأن الله عز وجل يريد أن يعلمنا أنك لن تستطيع أن تتقي الله إلا إذا كنت في بيئة صادقة، لذلك لا بد من حمية، هذا الذي يعيش مع كل إنسان، ويلتقي مع كل إنسان، ويقيم علاقة حميمة مع كل إنسان، هذا لن يستطيع أن يتقي الله عز وجل إلا إذا عاش مع المؤمنين الصادقين، المؤمن الصادق يعطيك دفقة روحية عالية، المؤمن الصادق يحيطك بأجواء الآخرة ، يحيطك بحسنات الطاعات، بينما أهل الدنيا يحيطونك بالمعاصي والآثام، يحببون الدنيا إليك ، يبغضون الآخرة إليك، يزهدونك في طاعة الله، يحببونك في المعصية وفي طريق النار، لذلك: آية في أصل هذا الباب:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾

[سورة التوبة الآية: 119]

 فإن لم تكن معهم لا تستطيع أن تتقي الله عز وجل، وهذه مشكلة المشاكل.
 الإنسان قد يأتي إلى المسجد فيصفو، يعاشر زيداً أو عبيداً يتعكر، لأنه عاشر من لا يليق أن يعاشر، فهذه الآية أصل في قضية الصدق.

قف هنا :

﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً﴾

[سورة النساء الآية: 69]

 قضية المعية قضية أساسية في حياة المؤمن، قل لي من تصاحب أقل لك من أنت؟ قل لي مع من تقيم علاقة حميمة أقل من أنت؟:

﴿فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ﴾

[سورة محمد الآية: 21]

 قضية الصدق: أن تنعدم المسافة بين الأقوال والأعمال، أن يستوي الظاهر مع الباطن :

﴿لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ

-شكليات العبادات ليست هي الهدف، ولكن البر-:

 مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾

 

[سورة البقرة الآية: 177]

﴿لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً﴾

[سورة الأحزاب الآية: 24]

 أيها الأخوة، لعل من ألزم لوازم الإيمان: أن تكون صادقاً مع الله، وصادقاً مع نفسك، وصادقاً مع الخلق.

في أي الدارين ينفع الصدق وفي أيهما لا ينفع؟ :

 أيها الأخوة، الله عز وجل حينما سأل السيد المسيح -عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام-:

﴿أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ﴾

[سورة المائدة الآية: 116]

 يقول الله بعدها:

﴿قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾

[سورة المائدة الآية: 119]

 لكن بعض العلماء قال: الصدق في الدنيا ينفع، أما في الآخرة فلا ينفع.
 الشيطان ماذا قال في الآخرة؟:

﴿إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ﴾

[سورة إبراهيم الآية: 22]

 هذا كلام صدق، لكن هذا الكلام قيل في دار ليست دار تكليف، دار جزاء فقط، فلذلك: لا ينفعك إلا أن تكون صادفاً في الدنيا.

أنواع الصدق :

1-صدق الأقوال :

 عندنا صدق الأقوال: أن تأتي أقوالك مطابقة للواقع، لذلك: الصادق لا يكذب، لا يدلس، لا يوهم، أنت تأتي أقوالك مطابقة للواقع، هذا صدق الأقوال، فإذا حدثت الناس ينبغي أن تكون صادقاً معهم، لكن في عصور التخلف الديني يكون الكذب هو الأصل، لا أحد يصدق ، الناس منافقون، يتكلمون بما ليس هم مقتنعون به، يتكلون كلاماً كذباً إرضاءً لقوي، أو خوفاً منه، ويصبح الكذب ديدن الناس، لذلك الناس يضيعون، شخصيات مهمة تكذب، فإذا كذبت, اضطرب الناس فيما يصدقون ولا يصدقون.
 والحقيقة: أن ثمة ظاهرة خطيرة جداً، بينما تعتقد أن هذا الإنسان قمة في البطولة، هو في روايات أخرى في حضيض الخيانة، شيء يدع الحليم حيران، كيفما فسرت الأمور تأتي على خلاف الحقيقة، من كثرة الكذب والتمثيل والنفاق, أي وصف، وأي تقييم ترى أن الرأي الآخر المعاكس قد يكون صحيحاً، لذلك: بفقد الإنسان مصداقيته فيما يقول، وفيما يسمع.

2-صدق الأعمال :

 أما صدق الأعمال: فأن تأتي أعمالك مطابقة للوحيين؛ الكتاب والسنة، قد تنطق بالحق من كتاب الله, أو من سنة النبي -صلى الله عليه وسلم-، لكنك إذا خلوت في نفسك, فعلت ما لا يرضي الله، فأعمالك ليست مطابقة لأقوالك، وأعمالك ليست مطابقة لما ينبغي أن تكون عليه، فكما أن هناك صدق الأقوال, هناك صدق الأعمال.

ما أعلى مرتبة يصلها الإنسان دون النبوة؟ :

 بالمناسبة: أعلى مرتبة يصلها إنسان دون النبوة: الصديقية، وهذه المرتبة محجوزة لسيدنا الصديق.

((ما طلعت شمس ولا غربت على أحد بعد النبيين والمرسلين أفضل من أبي بكر))

 مرتبة الصديقية، قال بعضهم في تفسيرها: كمال الانقياد للرسول -صلى الله عليه وسلم-، مع كمال الإخلاص لله.

نقطة دقيقة :

 لكن أريد -أيها الأخوة- أن أنوه إلى قضية دقيقة وهي: أنه قد تدخل في مجال صادقاً، ولا تخرج منه صادقاً، الآية الكريمة:

﴿رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ﴾

[سورة الإسراء الآية: 80]

 أحياناً تؤسس مستشفى بقصد الخدمات الإنسانية، فإذا هي تذبح المرضى من الوريد إلى الوريد بمبالغ فوق طاقتهم، بدأت عملاً خيرياً، ثم انقلبت إلى عمل ابتزازي، دخلوا صادقين، وخرجوا كاذبين، قد تبدأ الدعوة إلى الله صادقة، فإذا تمكن الداعية قد يخرج منها كاذباً، البطولة لا بالدخول، بل بالخروج، سهل جداً أن تصل إلى القمة، ولكن البطولة أن تبقى فيها، لأنه قد يصاب الإنسان وهو في قمة المجتمع بالغرور، فيهوي إلى أسفل السافلين.
 الآية دقيقة جداً، كان من الممكن أن تكون الآية: رب اجعلني صادقاً، لا:

﴿رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ﴾

[سورة الإسراء الآية: 80]

 أعمال كثيرة جداً, في الدخول: كان أربابها صادقين، لكن في الخروج: لم يكونوا صادقين.
 أيها الأخوة، إضافة إلى مَدخل الصدق ومَخرج الصدق، أو مُدخل ومُخرج، كيف؟ أي دخل مدخل، اسم مكان من دخل، مَدخل، اُدخل مدخلاً، الرباعي بضم الميم، والثلاثي بفتح الميم:

﴿رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ

 -ما دام أدخلني الفعل رباعي مُدخل صدق، قال تعالى-:

وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ﴾

[سورة الإسراء الآية: 80]

 دخل مدَخل صدق، وخَرج مَخرج صدق.

ما معنى قدم صدق؟ :

 الآن هناك لسان صدق لا يتلكم إلا بالصدق، هناك قدم صدق، فسر بالجنة، وفسر بمحمد -صلى الله عليه وسلم-، وفسر بالأعمال الصالحة، ماذا قدم لله عز وجل؟ قدم لله محبة سيد البشر، أو قدم لله الأعمال الصالحة، فله عند الله قدم صدق، والذي لا ينطق إلا بالحق, له عند الله لسان صدق، ومدخل صدق، ومخرج صدق، وهناك مقعد صدق:

﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ﴾

[سورة القمر الآية: 54-55]

 هذا الصادق قريب من الله عز وجل، له عند الله مقعد صدق.

من علامات الصدق والكذب :

 أيها الأخوة، من علامات الصدق: طمأنينة القلب إليه، ومن علامات الكذب: حصول الريب، الكاذب مرتاب، الكاذب قلق، أما الصادق فتحسه ملكاً مطمئناً، حتى في الحِرف: الطبيب الصادق الذي ما ابتز مرضاه أبداً، ولا غشهم، ولا أوهمهم، ولا وجههم إلا لصالحهم، لا لصالحه، هذا الطبيب يحس وكأنه ملك، مكانة الصادق مكانة علية، أما إذا أوهمهم، أو بالغ في تخويفهم، أو ابتز أموالهم، يشعر بانهدام داخلي، هذه فطرة، الصدق طمأنينة, والكذب ريبة .

قصة :

 حدثني أخ كريم ممن يعملون على الحدود لتفتيش الركاب والقادمين والمغادرين: الذي يتاجر بالمخدرات عنده قلق، فمن خبراتهم المتراكمة: أن المسافر البريء يبدو على وجهه علامات الطمأنينة، وأن المسافر الذي يحمل مواد ممنوعة يبدو مضطرباً، من كثرة الممارسة عندهم فراسة صادقة، فالذي يحمل مخدرات قلق، والإنسان حينما يكون مستقيماً عنده طمأنينة وتوازن.
 فالإنسان لمجرد أن يستقيم على أمر الله, تراه مطمئناً.

قف عند هذه الكلمة :

 كلمة نقولها كثيراً، ولا نعرف أبعادها.
 لما جاء النبي -عليه الصلاة والسلام- الوحي، وعاد إلى السيدة خديجة، وذكر لها ما الذي لقي في غار حراء، وكان قلقاً, هذه السيدة التي لم تستمع إلى كلمة واحدة من الوحي، قالت:

((فَوَ اللّهِ لاَ يُخْزِيكَ الله أَبَدا، وَاللّهِ إِنّكَ لَتَصِلُ الرّحِمَ، وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الْكَلّ، وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقّ))

 صاحب هذه الأعمال الطيبة مطمئن، لن يُراعى.

 

ما معنى الحديث؟ :

 لذلك: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:

((قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ، فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ, حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا، وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ، فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ, حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا))

 الحديث دقيق جداً، لمجرد أن تكون صادقاً في نشر الحق, يلهمك الله الأساليب الفعالة والمؤثرة، والأفكار النيرة، والتصرفات الحكيمة، هذا من عند الله، ماذا تملك أنت؟ نيتك الصادقة في نشر الحق، القضية لا تحتاج إلى مهارات عالية جداً، هذا الذي تنجزه وهو شيء عظيم لا يتناسب مع قدراتك، إنما يتناسب مع نواياك, إذاً: لا تملك أنت إلا أن تكون صادقاً في فعل شيء، صادقاً في نشر الحق, صادقاً في تخفيف متاعب المسلمين، صادقاً في مدِّ يدِ العون إليهم، عندئذٍ يحبك الله عز وجل، و:
 إذا أحب الله عبداً, خلق الفضل ونسبه إليه.
 من الممكن لأي واحد منكم أن يحقق إنجازًا يفوق حد الخيال، لا لأنه متفوق، ولا لأنه يملك قدرات عالية جداً، قد يكون أقل من العادي، ولكن نياته الطيبة، وصدقه في هداية الخلق، وصدقه في نشر الخير, هو الذي جعل الله عز وجل يخلق هذا الخير وينسبه إليه:
 إذا أراد ربك إظهار فضله عليك, خلق الفضل ونسبه إليك.

((عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ، فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ, حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا، وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ، فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ, حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا))

مما قيل في الصدق :

 أيها الأخوة الكرام، مما قيل في الصدق: الوفاء لله بالعمل، موافقة السر النطق، استواء السر والعلانية، الصدق القول بالحق في مواطن الهلكة.
 ما تقول يا أحنف؟ أُحرج، والجلسة جلسة مديح ليزيد، قال: أخاف الله إن كذبت، وأخافكم إن صدقت.
 فكان تلميحاً أبلغ من تصريح, كلمة الحق عند من تخافه وترجوه، الصادق يتقلب في اليوم أربعين مرة، والمرائي يثبت على حالة واحدة أربعين سنة، من شدة صدق الصادق, هو قلق, يتقلب في اليوم الواحد في أربعين حالة.

خاتمة القول :

 أيها الأخوة الكرام، الصدق من ألزم لوازم الإيمان، وما لم تكن صادقاً فلست على شيء، لأن الكلام سهل، ونحن في عصر النفاق، وعصر الكذب، فبينما تسمع من إنسان أحلى الكلام، لكن لو عاملته لكان في أسوأ حال، لذلك نحتاج إلى صدق، نحتاج إلى علم قليل مع صدق وفير، نحتاج إلى كلام قليل مع عمل كثير، أما الآن فالكلام يطغى على العمل، وعندئذٍ يصاب الناس بخيبة الأمل.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور