وضع داكن
20-04-2024
Logo
أسماء الله الحسنى - إصدار 2008 - الدرس : 059 ب - اسم الله القهار 2
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.

من أسماء الله الحسنى: ( القهار):

 أيها الأخوة الأكارم، لازلنا في اسم "القهار" والقهر في اللغة يعني الغلبة قهره: أي غلبه، أو صرف الشيء عن طبيعة قوية فجعله ضعيفاً مقهوراً، قال تعالى:

﴿ فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ ﴾

( سورة الضحى )

  واسم "القهار" له علاقة وشيجة بالتوحيد، فما تعلمت العبيد كعلم التوحيد.
 الحقيقة ينبغي أنه ما من شيء إلا وهو مقهور لله جلّ جلاله، تحت أعلام عزته، ذليلاً في ميادين صمديته.

 

المعاني الإيجابية لاسم "القهار":

 المعاني الإيجابية لاسم "القهار":
 لو عرفت الله عز وجل لقهرك جماله، ولقهرك كماله، و القاهر هو الذي قهر نفوس العابدين، فحبسها على طاعته.
  والقاهر هو الذي قهر قلوب الطالبين فآنسها بلطف مشاهداته.
  القاهر هو الذي حبس نفوس العابدين على طاعته، العباد لما أقبلوا على الله وصلوا وسعدوا، فحبسوا أنفسهم على طاعته، فالله قهرهم بجماله، وقهرهم بكماله، وقهرهم بتجليه، فالمحب لم يعد يريد من الدنيا شيئاً، هذه المعاني التي يجب أن يتمثلها المؤمن من اسم "القهار".
 أيها الأخوة، هناك أسماء كثيرة، إذا تمثلها الإنسان يُذم، إنسان متكبر مذموم، إنسان قاهر مذموم، أما إذا وصفت بها الذات العلية فهي أسماء حسنى، وصفات فضلى.

القهر نوعان: قهر أداء وقهر منع:

 الحقيقة القهر نوعان: قهر أداء، وقهر منع، كيف ؟ الآية الكريمة:

﴿ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا ﴾

( سورة فاطر الآية: 41 )

 أمرها أن تكون على مسارها، ومنعها من أن تخرج عن مسارها.

﴿ اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ﴾

( سورة الرعد الآية: 2 )

﴿ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ ﴾

( سورة فاطر الآية: 41 )

  أي الأرض تدور حول الشمس في مسار إهليلجي (أي بيضوي)، ولهذا المسار طبعاً مسار مغلق، شكله بيضوي أو إهليلجي، وهذا الشكل له قطر أصغر و قطر أطول، فإذا اتجهت الأرض في مسارها حول الشمس إلى القطر الأصغر ضاقت المسافة بينها وبين الشمس، وقانون الجاذبية متعلق بالكتلة والمسافة، فكلما كبرت الكتلة ازدادت الجاذبية وكلما صغرت قلّت، وكلما قلّت المسافة بين الكتلتين ازداد الجذب، فإذا طالت المسافة قلّ الجذب، هذا ملخص القانون.
  الأرض حينما تقترب من القطر الأصغر المسافة بينها وبين الشمس تقل، فإذا قلّت هناك احتمال أن تجذبها الشمس إليها، فإذا جُذبت إليها تبخرت في ثانية واحدة،

﴿ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا ﴾

 قهر السماوات والأرض أن تميل، وأن تنحرف عن مسارها، قوة من ؟ علم من ؟ حكمة من ؟.

 

الله تعالى قهر الأرض أن تبقى على مسارها و منعها أن تخرج من مسارها:

 عندما تقترب الأرض من القطر الأصغر، وتقلّ المسافة بينها وبين الشمس، وهناك احتمال أن تنجذب الأرض إلى الشمس تتبخر في ثانية واحدة، ترفع الأرض سرعتها، يتأتى من رفع هذه السرعة أن تنشأ قوة نابذة تكافئ القوة الجاذبة، فتبقى في مكانها.
  فالله قهر الأرض على أن تبقى في مسارها، لا تحيد لا يمنة ولا يسرة، لو تابعت الأرض سيرها، ووصلت إلى القطر الأطول، المسافة زادت، والجذب قلّ، هناك احتمال أن تتفلت من جاذبية الشمس، فإذا تفلتت سارت في الفضاء الكوني وعندئذٍ تصبح الحرارة في الأرض270 تحت الصفر، هذا الصفر المطلق تنتهي الحياة فيه.
  فالأرض معرضة إلى أن تتبخر في ثانية واحدة لو انجذبت إلى الشمس، وإلى أن تدخل في الصفر المطلق إذا تفلتت من جاذبية الشمس، ماذا يحدث في القطر الأطول ؟
  يخفض الله سرعة الأرض، فإذا خفضت السرعة ظهرت قوة نابذة أقل تكافئ القوة الجاذبة الأقل فتبقى في مكانها

﴿ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا ﴾

 إذاً الله عز وجل قهر الأرض أن تبقى على مسارها حول الشمس، هذا قهر أداء ومنع الأرض أن تخرج من مسارها حول الشمس، فالقهر قهران، قهر أداء وقهر منع.

 

الله سبحانه وتعالى واجب الوجوب و ما سواه ممكن الوجود:

 شيء آخر: السماوات والأرض مصطلح قرآني، يعني ما سوى الله، فعند بعض علماء العقيدة أن الله سبحانه وتعالى واجب الوجوب، لكن ما سوى الله يمكن الوجود، معنى يمكن الوجود يعني سبقه عدم، وينتهي إلى عدم، فممكن أن يكون، وممكن ألا يكون، ممكن أن يكون على ما هو كائن، ممكن أن يكون على خلاف ما هو كائن، فالله سبحانه وتعالى قهر العدم، العدم ما سوى الله، لأنه سبقه عدم، وسيؤول إلى عدم، وأي شيء ما سوى الله قائم وموجود بإناب الله له، فإذا قطع الله إمداده عن هذا الشيء تلاشى.
 تماماً كمصباح الكهرباء تأتيه قوة كهربائية، تمده فيتألق، فلو انقطع عنه التيار الكهربائي لانطفأ، وانتهت وظيفته.
 ما سوى الله هو السماوات والأرض، هو الكون، ما سوى الله بكلمة موجزة هو العدم، لأن كل شيء ما سوى الله سبقه عدم، وهو موجود وقائم بإمداد الله له، هذا معنى قوله تعالى:

﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ﴾

( سورة البقرة الآية: 255 )

 مصدر الحياة الكون وقيامه، حي قيوم.

 

إمداد الله تعالى الشمس بالطاقة الهائلة:

 أيها الأخوة:

﴿ قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى * قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ﴾

( سورة طه )

﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ﴾

 مثلاً: الشمس عمرها خمسة آلاف مليون عام، وعلماء الفلك يقدرون أنها ستبقى خمسة آلاف مليون عام قادم، من أمدها بهذه القوة ؟ نحن في الأرض تضع صفيحة بنزين في مركبة بعد مئتي كم ينتهي، تملأ خزان الوقود السائل في البيت بعد شهرين ينتهي، الطاقة تنتهي، من أمدّ الشمس بهذه القوة ؟ الشمس ألسنة اللهب يزيد طولها عن مليون كم، والحرارة في سطح الشمس ستة آلاف درجة، أما في مركزها تصل إلى عشرين مليون درجة، من أمدّ الشمس بهذه الطاقة ؟ الله جلّ جلاله.

 

من دلائل اسم القهار:

1 ـ تلاؤم المواد المتنافرة بقدرة الله عز وجل:

  الآن عندنا معنى آخر من معاني "القهار" بعض العلماء يقولون: في الأرض أربع مواد أساسية، هي الماء، والهواء، والنار، والتراب، هذه كلها متنافرة، يعني الماء مثلاً مؤلف من أوكسجين، وهيدروجين، الأوكسجين غاز يعين على الاشتعال، أكبر غاز يعين على الاشتعال هو الأوكسجين، والدليل أنت حين تشوي اللحم تحرك الهواء فيتألق الفحم والهدروجين غاز مشتعل، غازان الأول يعين على الاشتعال، والثاني يشتعل، كلاهما يشكل الماء، وبالماء تطفأ النار، والماء فيه غاز شديد الاشتعال، وغاز يعين على الاشتعال.
 لذلك حينما فهم بعض العلماء قوله تعالى:

﴿ وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ ﴾

( سورة الطور )

 يمكن بأمر من الله عز وجل أن تكون البحار كتلاً من اللهب

﴿ وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ ﴾

  معنى "القهار" أي قهر المواد المتنافرة، فتلاءمت، أوكسجين وهدروجين، الأول غاز يعين على الاشتعال، بل هو الغاز الأول، والثاني غاز شديد الاشتعال منهما يتشكل الماء، وبالماء تطفأ النار.

 

2 ـ توافق النفس مع الجسم:

  الآن النفس جوهر لطيف، والبدن جوهر كثيف، يوجد هيكل عظمي، في عضلات، في وزن، في حركة، في حيز، أما النفس جوهر لطيف، فكيف وفق الله بينهما ؟ كيف جعل هذا الجسم في داخله النفس، فتوافق النفس مع الجسم أيضاً من دلائل اسم "القهار".

3 ـ الله عز وجل يسري إمداده في كل الخلائق فتقوم بمهمتها:

 هناك معنى آخر: أن الخلق جميعاً مقهورون في مشيئته، والدليل:

﴿ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ﴾

( سورة البقرة الآية: 255 )

  أي اكتشاف يظهر سمح الله له أن يظهر،

﴿ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ﴾

﴿ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ﴾

( سورة البقرة الآية: 255 )

  للتقريب: يوجد بالبيت عشرون جهازاً كهربائياً، من ثلاجة، إلى مكيف، إلى مروحة، إلى مكواة، إلى مكبر، إلى جهاز راديو، كل هذه الأجهزة من دون كهرباء لا معنى لها إطلاقاً، كتل تعد عبئاً عليك، فإذا سرت الكهرباء فيها المسجلة صدحت بالقرآن الكريم، والثلاجة بردت، والمكيف قدم لك الهواء البارد، والمكواة سخنت وحميت واستخدمتها.
 إذاً "القهار" يسري إمداده في كل الخلائق فتقوم بمهمتها.

 

أصل الجمال في الكون هو الله:

 لذلك القهر قهر أداء وقهر منع، فكل ما سوى الإنسان مقهور بمشيئة الله، ما سوى الإنسان، أهل الأرض جميعاً الكائنات، الجماد، النبات، الحيوان، الإنسان مقهورون بمشيئة الله.
 فما في الكون مسير إلا أن الإنس والجن وحدهما مخيران، الآن هناك مثل آخر:
 أحياناً يوجد لعبة السيارات الكهربائية في مدينة الألعاب، تجد مئة سيارة يركبها الصغار، يصطدمون، يصيحون، يتحركون، صاحب هذا المكان عنده قاطع إذا قطع التيار عن هذه الساحة كله جمد، فكل هذه المركبات وحركتها مقهورة بضغطة من زر صاحب هذا المكان.
 الآن حينما قال الله عز وجل:

﴿ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا ﴾

( سورة البقرة الآية: 165 )

 يعني إنسان ظلم نفسه، وأحبّ ما سوى الله، أحبّ امرأة ساقطة، أحبّ بيتاً فخماً، كسب المال الغير مشروع، قال:

﴿ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً ﴾

( سورة البقرة الآية: 165 )

 أصل الجمال هو الله، أصل الكمال هو الله، أصل النوال هو الله، فالإنسان من أجل شيء جميل طارئ فانٍ عصى ربه ؟ من أجل عطاء قليل ينتهي بالموت عصى ربه ؟ يوم القيامة يكتشف أن أصل الجمال في الكون هو الله، وأن أصل النوال هو الله، وأن أصل الكمال هو الله، تعلق بالفرع ونسي الأصل، فضيع الأمل،

﴿ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً ﴾

  لذلك قيل: إذا أردت أن تكون أغنى الناس فكن بما في يدي الله أوثق منك بما في يديك.

 

على الإنسان أن يشتق كمالاً من كمال الله يتقرب به إليه:

 الآن المؤمن ما حظه من اسم "القهار"، الله قهار، قهر أداء، وقهر منع،

﴿ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ﴾

  أنت كمؤمن ما علاقتك بهذا الاسم ؟ نحن قلنا سابقاً: أن الإنسان ينبغي أن يشتق كمالاً من كمال الله، يتقرب به إلى الله، ما علاقتك أنت بهذا الاسم، أنت حينما تعرف الواحد "القهار" تتحجم، تتواضع، تتطامن، تكون مفتقراً إلى الله عز وجل، ودائماً وأبداً عندنا حالتان إذا قلت الله تولاك، فإذا قلت أنا تخلى عنك فأصحاب النبي الكريم في بدر قالوا الله:

﴿ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ ﴾

( سورة آل عمران الآية: 123 )

  وفي حنين تخلى الله عنهم لأنهم قالوا:

(( ولن يُغْلَبَ اثنا عَشَرَ ألفا مِنْ قِلَّةٍ ))

[أخرجه أبو داود والترمذي عن عبد الله بن عباس ]

 هذا درس بليغ، في أي لحظة تقول أنا، أنا ابن فلان، خبراتي متراكمة، معي شهادة عليا، أحتل منصباً حساساً جداً، حينما تقول أنا وتنسى الله عز وجل يتخلى الله عنك أما إذا قلت الله هو أكرمني، هو أعطاني، هو مكنني، هو وفقني، يتولاك الله عز وجل.

 

ورود اسم القهار في القرآن الكريم صريحاً أو ضمنياً:

 الآن اسم "القهار" قد يرد مباشرة، صريحاً، والدليل:

﴿ وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ ﴾

( سورة الأنعام الآية: 18 )

﴿ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ﴾

( سورة غافر )

  ورد هذا الاسم صريحاً في آيات كثيرة، وقد يأتي هذا الاسم ضمنياً في آيات مثلاً:

 

﴿ صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ ﴾

 

( سورة الشورى )

الأمور بيد الله كانت ولا تزال وستبقى إلى أبد الآبدين:

 هناك سؤال كبير: بيد من كانت ثم صارت إليه ؟ الحقيقة أن الأمور بيد الله كانت ولا تزال، وستبقى إلى أبد الآبدين، لكن أهل الأرض حينما شردوا عن الله عز وجل توهموا أن الأمر بيد زيد، أو عبيد، أو بيد فلان، أو علان، فعبدوا الأشخاص من دون الله والآن العالم الإسلامي يتوهم الأمر بيد هذه القوة، فإذا رضيت عنك سلمت، وإذا غضبت عليك دمرتك، هذا شرك، شرك كبير جداً، الله عز وجل قال:

﴿ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ ﴾

  كانت ولا تزال وسوف تبقى هكذا عند أهل الإيمان، أما عند أهل الشرك والكفران كانت بيد الأقوياء، أما يوم القيامة رأى كل الناس مؤمنهم وكافرهم أن الأمر بيد الله

﴿ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ ﴾

 عند من شردوا عن الله عز وجل، أما المؤمن وهو في الدنيا يرى أن الأمر بيد الله، كان ولا يزال، وسيبقى.

 

ورود اسم القهار في القرآن الكريم بشكل غير مباشر:

 هذا الاسم أيضاً ورد بشكل غير مباشر مثلاً والله:

﴿ وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾

( سورة يوسف )

 ماذا أراد إخوة يوسف ؟ أن يضعوه في الجب ليموت، ويستريحوا منه، ويبقى لهم أبوهم وحدهم، ما الذي حصل ؟ أن هذا الذي وضعوه في الجب جعله الله عزيز مصر، ماذا أراد فرعون حينما قتل بني إسرائيل ؟ أراد أن يرتاح من هذه الرؤيا، أن طفلاً من بني إسرائيل سوف يقضي على ملكه، لكن

﴿ وَالله غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾

 فالطفل الذي سيقضي على ملكه رباه في قصره، مع الله لا يوجد ذكي أبداً، يؤتى الحذر من مأمنه.
  في بعض الآثار القدسية:

 

(( عبدي خلقت لك السماوات والأرض ولم أعيَ بخلقهن، أفيعييني رغيف أسوقه لك كل حين، لي عليك فريضة، ولك علي رزق، فإذا خالفتني في فريضتي لم أخالفك في رزقك، وعزتي وجلالي إن لم ترضَ بما قسمته لك فلأسلطن عليك الدنيا تركض فيها ركض الوحش في البرية، ثم لا ينالك منها إلا ما قسمته لك ولا أبالي، وكنت عندي مذموماً، أنت تريد وأنا أريد، فإذا سلمت لي فيما أريد كفيتك ما تريد، وإن لم تسلم لي فيما أريد أتعبتك فيما تريد ثم لا يكون إلا ما أريد ))

 

[ورد في الأثر]

 هذا هو التوحيد، وما تعلمت العبد أفضل من التوحيد.

 

أمر الله عز وجل  هو النافذ في كل مكان و زمان:

 "القهار" أمر الله هو النافذ، الأمور تدور وتدور، وفي النهاية أمر الله هو النافذ فعال لما يشاء

﴿ وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ ﴾

﴿ وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾

 يعني من السلبيات التي ينبغي أن نجتنبها: هناك أناس يقرؤون في بعض كتب الأقوام القوية، أنهم يخططون للبشرية كلها، ينسون الله عز وجل، يرون أن هذه الأمم القوية بيدها كل شيء، بيدها مصائر الشعوب، فهؤلاء ضعاف الإيمان يعبدونها من دون الله، يقول لك كل شيء يخططونه يتحقق، ينسى أن الله موجود، أنا أقول دائماً: استمع إلى الأخبار لا يوجد مانع، واقرأ التحليلات، ولا تنسى للحظة واحدة أن الله موجود، وأن الله قادر على أن يغير الموازين كلها، وأن الله عز وجل كن فيكون، وزل فيزول، فأي بحث في موضوع خطير دون أن تدخل أن الله موجود، وأن الله على كل شيء قدير، وأن الله قادر على تغيير موازين القوى، هذا بحث أعرج لا يستقيم، الله قال:

﴿ وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً ﴾

( سورة الأنعام الآية: 129 )

 القوي أحياناً يخطط ويفعل ما خطط، لكن خطته استوعبتها خطة الله عز وجل أحياناً القوي يخطط، ويبدو لك على الشبكية أن الذي خطط له نفذه، وقهر الشعوب، لكن يجب أن تعتقد اعتقاداً جازماً أن هذه الخطة التي وضعها هذا الطرف استوعبتها خطة الله عز وجل ، لا يليق بألوهية الإله أن يقع في ملكه ما لا يريد، فكل شيء أراده الله وقع، وكل شيء وقع أراده الله، بمعنى سمح به، وإرادة الله متعلقة بالحكمة المطلقة، والحكمة المطلقة متعلقة بالخير المطلق.

 

المؤمن الحق يقهر شهوته ومصلحته وطموحه إذا تناقضت مع منهج الله عز وجل:

 الآن المؤمن ما عليه من هذا الاسم ؟ عليه أن يقهر شهوته.

﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾

( سورة النازعات )

  يجب أن تقهر شهوتك إذا تعارضت مع منهج الله، يجب أن تقهر مصلحتك إذا بني عليها فساد للآخرين، يجب أن تقهر طموحك إذا حملك على ظلم الناس، يجب أن تقهر شهوتك، أن تقهر مصلحتك، أن تقهر طموحك إذا سار في طريق لا يرضي الله.
 لذلك أقول:

 

(( المؤمن القويُّ خيْر وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلّ خير ))

 

[أخرجه مسلم عن أبي هريرة ]

  يعني إذا كان طريق القوة سالك وفق منهج الله لا مانع، كن قوياً، إذا كان طريق الغنى سالك وفق منهج الله لا مانع كن غنياً، أما إذا كان طريق القوة، أو طريق الغنى على حساب مبادئك، وقيمك، ضعفك وسام شرف لك، وفقرك وسام شرف.
  أي المؤمن يقهر شهوته، يقهر مصلحته إذا خالفت منهج الله، المؤمن يقهر طموحه إذا أدى به إلى معصية، فالمؤمن كما أنه يعبد الواحد "القهار" يقهر هو شهوته ومصلحته وطموحه إذا تناقضت هذه كلها مع منهج الله عز وجل.

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور