وضع داكن
18-04-2024
Logo
الخطبة : 0739 - الرأي - الفتنة.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الخطبة الأولى:

الحمد لله نحمده، ونستعين به ونسترشده، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشدا.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إقراراً بربوبيته وإرغاماً لمن جحد به وكفر.
وأشهد أنَّ سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلَّم، رسول الله سيِّد الخلق والبشر، ما اتصلت عينٌ بنظرٍ أو سمعت أذنٌ بخبر.
اللهمَّ صلِ وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه، وعلى ذريَّته ومن والاه ومن تبعه إلى يوم الدين.
اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علما، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
أيها الإخوة المؤمنون... يقول عليه الصلاة والسلام:

الإعجاب في الرأي

((ائتمروا بالمعروف، وتناهوا عن المنكر، حتى إذا رأيت شُحاً مطاعاً، وهوىً متبعاً، ودنيا مؤثرة، وإعجاب كل ذي رأيٍ برأيه، فعليك بخاصة نفسك ودع عنك أمر العامة ))

[أخرجه ابن ماجه وابن حبان عن أبو ثعلبة الخشني]

لهذا الحديث الشريف شرحٌ يطول، ولكن آخذ منه كلمتين فقط كمقدمةٍ لخطبة أرجو الله سبحانه وتعالى أن ينفع بها المسلمين، آخذ من هذا الحديث:

(( وإعجاب كل ذي رأيٍ برأيه ))

كأن أمور الدين وهي توقيفيةٌ في الأصل كلٌ مباحٌ لكل الناس، كلٌ يدلي برأيه كل يحلل ويحرِّم، كل يدعي ما ليس عنده.

ظاهرة أشار إليها النبي:

الاحتكام للدين وليس للرأي
فهذه الظاهرة التي أشار إليها النبي عليه الصلاة والسلام قبل ألف وأربعمئة عام "إعجاب كل ذي رأيٍ برأيه" رأيه هو الدين، فإذا تشبَّث به بحث عن الأدلّة، بحث عن دليلٍ يؤيّده ولو كان ضعيفاً، وردَّ دليلاً يعارضه ولو كان قوياً، آفةٌ خطيرة جداً أن يكون الرأي هو الدين، أن يحتكم الإنسان إلى رأيه وعقله لا إلى وحي ربِّه، بل إن الفتنة الكُبرى التي يتعرَّض لها المسلمون مِن عهد النبي عليه الصلاة والسلام، وإلى يوم القيامة؛ أن يبحثوا عن بديل الوحيين الكتاب والسُنَّة.

 

(( ائتمروا بالمعروف، وتناهوا عن المنكر، حتى إذا رأيت شحاً مطاعاً، وهوىً متبعاً، ودنيا مؤثرةً، وإعجاب كل ذي رأيٍ برأيه، فعليك بخاصة نفسك ودع عنك أمر العامة فإن مِن ورائكم أياماً الصبر فيهن مثل القبض على الجمر، للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلاً يعملون مثل عملكم، قيل يا رسول الله: أجر خمسين منا أو منهم؟ قال: بل أجر خمسين منكم ))

لذلك ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم:

(( كن جليس بيتك وعليك بخاصة نفسك ))

[ الجامع لأحكام القرآن]

وقد ذكر علماء الحديث أن هذا في عصر الفتن، في عصر إعجاب كل ذي رأيٍ برأيه، في عصر إذا أنكرت منكراً نشأ عن إنكار المنكر فتنةٌ أكبر مِن المنكر الذي تُنكره لعلها حالةٌ خاصة.

 

أيها الإخوة الكرام، ما قال النبي عليه الصلاة والسلام هذا الكلام إلا لأن الله كشف له أن هذا بسبب تغيِّر الزمان وفساد الأحوال، هذه مقدمة أيها الإخوة.
الآن قبل أن أمضي في الحديث عن موضوع الخطبة، بربِّكم لو أن واحداً منكم أدمن مطالعة مجلاتٍ طبية، هل يغدو طبيباً ؟ لو قرأ مئة مجلةٍ في الشهر فيها نُتَف، وفيها طُرَف، وفي لُمَع، وفيها فِكَر، أيكون طبيباً ؟ ماذا يدرس الطبيب؟ يدرس الأصول، في عامٍ يدرس العلوم، وفي عامٍ يدرس التشريح، وفي عامٍ يدرس الأمراض، وفي عامٍ يدرس الأدوية، ثم يجرِّب، هذا يسمى طبيباً، أما الذي يقرأ المجلاّت الطبية لا يمكن أن يكون طبيباً.

منهج التلقي أفضل من الفكر والمعارف

المنهج هو الميزان لرد رأي أو قبوله
كذلك الذي يُدْمِن على الفضائيات لا يمكن أن يكون فقيهاً، لأن فيها ما خَبُثَ وفيها ما صَحَّ، لابد من مقياسٍ تقيس به كل شيء، لو عرض عليك ثوب قماش، وقد كتب عليه أربعون يرداً، كيف تتأكد من ذلك ؟ لابد لك مِن مقياسٍ تقيس به. فالمؤمن لابد مِن أداةٍ يقيس بها الأشياء قد أقول لأحدكم: في الدين مقولاتٌ لا نهاية لها، كيف تردُّ وكيف تقبل؟ ما المنهج الذي تعتمده كي ترد أو تقبل ؟ كي ترضى أو تغضب، لابد من منهجٍ قبول، سمّه العلماء "منهج التلقي" لماذا رفضت هذه القصة؟ ولماذا رددت هذا النص، ما المنهج ؟ منهج التلقّي أهمُّ مِن المعارف والفِكَر.
أيها الإخوة الكرام... أنا لا أنطلق مِن فراغ، أحاول أن أضع يدي بتوفيق الله عز وجل على جُرح بعض المسلمين، كلٌ يعد نفسه قطباً مِن أقطاب الدين، كلاً يظن أن رأيه هو الصواب، وهو الدين، وقد يفتقر هذا الرأي إلى دليلٍ من كتاب الله ومن سُنَّة رسوله.

مخاطبة الله تعالى للناس

أيها الإخوة الكرام... قال علماء الأصول: الله جلَّ جلاله يخاطب الناس بأصول الدين، لكنَّه يخاطب المؤمنين بفروع الدين، فالقرآن بين أيدينا، وأنتم طُلاَّب عِلم، وأنتم مِن روّاد المساجد، وأنتم من المؤمنين إن شاء الله عز وجل، ما الذي يقنعكم؟ كتاب الله وسُنَّة رسوله، قال تعالى:

﴿فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾

[ سورة القصص الآية: 50 ]

ربنا عز وجل قَسَّمَ الأمر إلى أمرين لا ثالث لهما؛ إما الاستجابة لله وللرسول وما جاء به، وإما اتّباع الهوى، طريقان لا ثالث لهما، إن لم تكن على أحدهما فأنت على الآخر قطعاً،

﴿ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ ﴾

إما أن تستجيب للوحيين، الكتاب والسنة، وإما أنك مُتَّبع الهوى، ومتبع الهوى وصفه الله عز وجل وقال:

﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ﴾

ولعل علماء التفسير استنبطوا استنباطاً آخر، هو المعنى المخالف: مَن يتبع هواه وفق منهج الله فلا شيء عليه، اشتهى المرأة فتزوَّج، واشتهى المال فكسب كسباً مشروعاً واشتهى العلو فضاعف جهده في طاعة الله له، وفي خدمة الخلق، فرفع الله له ذكره، قال تعالى:

﴿ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ * وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ * الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ * وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ﴾

[سورة الشرح الآيات: 1ـ3]

دوافع الإنسان في الحياة

هذا مطلبٌ أساسيٌ في الإنسان، الإنسان عنده دوافع ثلاث: دافعٌ إلى الطعام والشراب حفاظاً على وجوده هو، حفاظاً على الفَرد، ودافعٌ إلى الجِنس، حفاظاً على النوع، ودافعٌ إلى العلو وتأكيد الذَّات حفاظاً على الذِكْر، كل هذه الدوافع تُرَوَّى في حيّز الإيمان، وأنت مع الواحد الديان، وأنت مطمئنٌ إلى رضوان الله وطاعته، هذه الآية الأولى:
إن لم تستجب لله وللرسول، أي إن لم تستجب لله في كتابه، وللرسول في سنته فأنت على خط الهوى بنص هذه الآية، خطَّان لا ثالث لهما إن لم تكن على أحدهما فأنت على الآخر..
آيةٌ ثانية:

﴿يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ﴾

[سورة ص الآية: 26]

قَسَّمَ سبحانه وتعالى طريق الحكم بين الناس إلى الحق، وهو الوحي الذي أنزله على رسوله، وإلى الهوى وهو ما خالفه، حتى لو احتكمت إليك ابنتك في مشكلةٍ مع زوجها إما أن تحكم بينهما بالوحي، وإما أن تحكم بينهما بالهوى، وفي الحُكْمِ خطَّان لا ثالث لهما، إن لم تكن على أحدهما، فأنت على الآخر.
كل من حكم بين متخاصمين فهو قاض
وقد يتوهَّم الناس أن القضاء هم الذين يجلسون في قصر العدل، ومَن أدراك أن كل واحدٍ منكم يكون قاضياً في يومٍ مِن الأيام؛ قاضٍ بين زوجته وبين أولاده، بين صهره وبين ابنته، بين شريكه وشريكه، بين جاره وجاره، تسعون بالمئة مِن الناس يحتكمون إلى بعضهم بعضاً، وهؤلاء الذين يحتكمون إليهم هم قضاةٌ فعلاً، شاءوا أم أبوا.
وفي آيةٍ ثالثة:

﴿ ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ* إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ﴾

[ سورة الجاثية الآية: 18ـ 19]

قسَّم سبحانه الأمر بين الشريعة التي جعله هو سبحانه وتعالى عليها، وأوحى إليه العمل بها، وأمر الأمة بها، وبين إتباع أهواء الذين لا يعلمون، فأمَرَ بالأول ونهى عن الثاني.
فأنت إما أن تكون على شريعةٍ من الأمر أو على خط الهوى، هو محور الخطبة خطان لا ثالث لهما إن لم تكن على أحدهما فأنت على الآخر.
آيةٌ رابعة:

﴿اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ﴾

[سورة الأعراف الآية: 3 ]

فأَمَرَ الله جل جلاله بإتباع المُنْزَل منه خاصةً، وأعلم أن من اتبع غيره فقد اتبع من دونه أولياء.
آيةٌ خامسة:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً﴾

[ سورة النساء الآية: 59]

وهذه الآية دقيقةٌ جداً، أمر تعالى بطاعته وطاعة رسوله، وأعاد الفِعل مع رسوله، إعلاماً بأن طاعة الرسول تجب استقلالاً مِن غير عرضها على الكتاب، بل إذا أمَرَ الرسول عليه الصلاة والسلام وجبت طاعته مطلقاً، سواءً ما كان الذي أمر به في الكتاب أو لم يكن فيه،

﴿أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ﴾

استقلالاً، لأن الله عز وجل يقول:

 

﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾

[سورة الحشر الآية:7 ]

لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق

لأن النبي عليه الصلاة والسلام أوتي الكتاب ومثله معه، ولم يأمر بطاعة أولي الأمر استقلالاً بل حذف الفعل وجعل طاعتهم مِن ضمن طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، إيذاناً بأنَّهم إنما يطاعون تبعاً لطاعة رسول الله، فمَن أَمَرَ منهم بطاعة الرسول وجبت طاعته، والأمر على خلاف ذلك، لو أمرك مَن تعمل معه في محلٍ أو في مكانٍ بما يخالف الكتاب والسنة فلا طاعة له عليك، لقول النبي عليه الصلاة والسلام:

(( لا طاعة لمخلوقٍ في معصية الخالق))

[الجامع لأحكام القرآن]

ولقوله أيضاً:

((إنما الطاعة في معروف))

[الدر المنثور في التفسير المأثور ]

أي في الدين، والدين متطابقٌ مع الفطرة، بمعنى أن النفوس على فطرتها الطيِّبة تعرف الحق مِن الباطل، المعروف ما عرفته الفِطَر السليمة، والمُنكر ما أنكرته الفطر السليمة وقد قال عليه الصلاة والسلام:

(( من أمركم بمعصية الله فلا تطيعوه))

[الدر المنثور في التفسير المأثور]

هذا الذي يقول: أمرني أبي، وهذه التي تقول: هكذا يريد زوجي، مع أن الله عز وجل:

﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾

[ سورة التحريم الآية: 11 ]

مثلٌ لا ينسى أن الطاغية الأكبر فرعون، الذي قال:

 

﴿ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى ﴾

[ سورة النازعات الآية: 4]

والذي قال:

﴿ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي ﴾

[ سورة القصص الآية: 38]

والذي ذبَّح أبناء بني إسرائيل واستحيا نساءهم، لم يستطع أن يجبر امرأته على أن تطيعه، فالمرأة مستقلةٌ في دينها عن زوجها.
أيها الإخوة الكرام، القصَّة التي وردت في الصحيحين وهي أن النبي عليه الصلاة والسلام أرسل بعض أصحابه في مهمةٍ وأمَّر عليهم أنصارياً، وصف في بعض الروايات بأنه ذو دعابة، فهذا الأنصاري الأمير أمر بإضرام نارٍ عظيمة، وأمر أصحابه أن يقتحموها وقال لهم: ألست أميركم؟ أليست طاعتي طاعة رسول الله حكماً؟ آمركم أن تقتحموها، فقد وقفوا وترددوا وقال بعضهم: كيف نقتحمها وقد آمنا بالله فراراً منها، وهَمَّ بعضهم أن يدخلها، ثم عرضوا الأمر على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " والله لو اقتحمتموها، لا زلتم فيها إلى يوم القيامة إنما الطاعة في معروف، هكذا ربى النبي أصحابه.

(( إنما الطاعة في معروف))

حل الخلاف من الكتاب والسنة

أيها الإخوة الكرام...

﴿ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ ﴾

[ سورة النساء الآية 59]

إذا تنازعتم مع علمائكم، مع بعضكم بعضاً، أولو الأمر هم العلماء عند الشافعية والأمراء، العلماء يعلمون الأمر، والأمراء ينفِّذون الأمر،

﴿ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ﴾

أي ردوه إلى الله في كتابه، وإلى الرسول في سُنَّته، فهل يعقل أن يحيلنا الله عز وجل على شيئين لا نجد فيهما حاجتنا في التشريع ؟!.
استنبط بعض كبار العلماء أن هذه الآية دليل قطعيٌ على أن هذا التشريع كامل وعلى أن هذا التشريع فيه كل حاجات البشر إلى يوم القيامة..

 

﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِيناً ﴾

[ سورة المائدة الآية: 3]

أيها الإخوة المؤمنون...

﴿ إن تنازعتم في شيءٍ ﴾

قال علماء الأصول: شيءٍ نكرةٌ في سياق الشرط، فهي تدل على العموم، أي في أي موضوعٍ كان؛ دقيقه وجليله، جليِّه وخفيِّه ولو لم يكن في كتاب الله وسنة رسوله بيان حكم ما تنازعتم فيه، أو لم يكن كافياً، لم يأمر بالرد إليه، إذ مِن المُمتنع أن يأمر الله تعالى بالرد عند التنازع إلى شيءٍ ليس فيه فصلٌ في هذا التنازع.
أيها الإخوة الكرام... أجمع علماء التفسير على أن الله عز وجل حينما يقول:

﴿ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ ﴾

أي إلى قرآنه، ردوه إلى الرسول: أي إلى سنته، إليه في حياته وإلى سُنَّته بعد ممات.
استنباطٌ آخر ولكنه خطير: الرد إلى الله والرسول من موجبات الإيمان من لوازم الإيمان، فمن لم يرد الأمر إلى الله في كتابه، وإلى النبي في سنته، فقد أبعد عنه الإيمان وانتفى عنه الإيمان، وخرج مِن الإيمان، هذا استنباطٌ خطيرٌ جداً، مَن فكَّر في حل مشكلةٍ بعيداً عن شرع الله وشرع رسوله فقد انعتق مِن الإيمان، وانسلخ مِن الإيمان، وأكَّد أنه يؤمن بمَن في الأرض ولا يؤمن بإله السماء ولا رسول هذا الإله العظيم.
أيها الإخوة الكرام...
آيةٌ سادسة:

﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ﴾

[ سورة النساء الآية: 61]

المنافقون يعرضون ولم يستجيبوا لهذه الدعوة، قال:

 

﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ﴾

[سورة المائدة الآية: 49]

أي إذا دُعِيَ المسلمون إلى تحكيم كتاب الله وتحكيم سنة رسوله، فأبوا وأرادوا المقاييس الغربية، والحضارة الغربية، وما جاءنا عن أهل الكفر والفسوق، إن أرادوا نمط الحياة الذي رأوه في هذه الإعلاميّات، إن أرادوا أن يعيشوا كما يعيش أهل الغرب بعيدين عن سنة نبيهم، فليهيِّئوا أنفسهم لسلسةٍ مِن المصائب لا نهاية لها،

﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ ﴾

آيةٌ سابعة:

﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ﴾

[ سورة الأحزاب الآية: 36]

ممنوع، أن تَعْرِض قضيةً على بساط البحث لتقبلها أو لترفضها وقد ورد فيها حُكْمٌ شرعي، وقد وردت في كتاب الله، حينما تُفَكِّر، لك أن تفهمها، مِن حقك، لك أن تستوضح جوانبها، لك أن تطلب الدليل، أما حينما تعرضها على بساط البحث لتقبلها أو لترفضها والمقياس عقل الإنسان القاصر، فهذا ليس مؤمناً..

﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ﴾

وآيةٌ ثامنة:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾

[سورة الحجرات الآية: 1 ]


قال علماء التفسير: لا تقولوا حتى يقول، ولا تأمروا حتى يأمر، ولا تفتوا حتى يُفتي، ولا تقطعوا أمراً حتى يكون هو الذي يحكم فيه ويرضيه، روي عن عليٍ بن أبي طلحة عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: " لا تقولوا خلاف الكتاب والسنة، قال: نهوا أن يتكلموا بين يدي كلامه شيئا،ً أنت مؤمن، وهذا الشرع الذي بين يديك، هو مِن عند خالق الكون، مِن عند الخبير، مِن عند العليم، ثم إن الله عز وجل يقول:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ ﴾

[ سورة الحجرات الآية: 2]

إذا كان رفع أصواتهم فوق صوت النبي سبباً لحبوط أعمالهم، فكيف إذا قدموا آراءهم، وعقولهم، وأذواقهم، ومعارفهم على ما جاء به النبي عليه الصلاة والسلام ورفعوها عليه ؟ أليس هذا أولى أن يكون محبطاً لأعمالهم ؟!
لذلك ورد عن ابن عباسٍ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

(( من قال في القرآن برأيه فليتبوَّأ مقعده في النار))

﴿ الْمَالُ وَالْبَنُونَ ﴾

[ سورة الكهف الآية: 46]

قال: البنون بناء، المال والأبنية، هكذا قال بعضهم.

(( من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده في النار))

قول الصديق:

وسيدنا الصديق، وهو صديق هذه الأمة، وما طلعت شمسٌ على رجل بعد نبيٍ أفضل من أبي بكر، قال: " أي أرضٍ تقلني، وأي سماءٍ تظلني إن قلت في آيةٍ من كتاب الله برأيي أو بما لا أعلم عنها شيئاً ".
وقال بعض الصحابة: " لم يكن أحدٌ أهيب بما لا يعلم مِن أبي بكر، ولم يكن أحدٌ بعد أبي بكر أهْيَب بما لا يعلم مِن عمر.
وقد نزلت به قضيةٌ فلم يجد في كتاب الله منها أصلاً، فاجتهد فقال:" هذا رأيي إن يكن صواباً فمن الله، وإن يكن خطأً فمني وأستغفر الله.
أرأيتم إلى هذا الأدب مع الله عز وجل، سيدنا عمر وهو على المنبر ماذا قال ؟ قال: " يا أيها الناس، إن الرأي إنما كان مِن رسول الله صلى الله عليه وسلم مصيباً، إن الله كان يريه، وإنما هو منا الظن والتكَلُّف" وتلى قوله تعالى:

﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ ﴾

[سورة النساء الآية:105 ]

إن الرأي من رسول الله إراءةٌ مِن الله، وإن الرأي منا وهمٌ وظن.
كاتبٌ لسيدنا عمر كتب: هذا ما رأى الله ورأى عمر فقال: "بئسما ما قلت، قل: هذا ما رأى عمر، فإن يكن صواباً فمن الله، وإن يكن خطأً فمن عمر ".
ويقول هذا الخليفة رضي الله عنه: " السُنَّة ما سنها الله ورسوله، ولا تجعلوا خطأ الرأي سنةً للأمة ".
وعن عبد الله بن عمر عن أبيه أنه قال: " اتقوا الرأي في دينكم " لا تجعل دينك رأياً، أنت معك الوحيان الكتاب والسنة، فالدين ما جاء به الوحيان، أما الرأي هذا الذي تجعله ديناً هم ضلالٌ في ضلال.
وعن عبد الله بن عمر كان يقول: " أصحاب الرأي أعداء السُنَن، أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها، وتفلَّتت منهم أن يعوها، واستحيوا حين سئلوا أن يقولوا: لا نعلم. فعارضوا السنن برأيهم، فإياكم وإياهم ".

 

قول بعض أصحاب النبي:

أيها الإخوة الكرام.. يقول بعض أصحاب النبي: " لا يأتي عليكم عام إلا وهو شر مِن الذي قبله، ويجيء قومٌ يقيسون الأمور برأيهم ".
وقد قال بعضهم: "ما علَّمك الله في كتابه فاحمد الله عليه، وما استأثر به عليك مِن علمٍ فكله إلى عالمه، ولا تتكلف، لأن الله عز وجل يقول:

﴿ قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ ﴾

[ سورة ص الآية: 85 ]

وقال ابن مسعودٍ رضي الله عنه: " إياكم وأرأيت، أرأيت، فإنما هلك مَن كان قبلكم بأرأيت أرأيت، لا تقيسوا شيئاً فتزلَّ قدمٌ بعد ثبوتها، وإذا سئل أحدكم عما لا يعلم، فليقل: لا أعلم، فإنه ثلث العلم ".
وعن بعض أصحاب النبي قال: " أقول فيها برأيي، فإن يكن صواباً فمن الله، وإن يكن خطأً فمني ومِن الشيطان، والله ورسوله بريءٌ منه ".
وقال بعض أصحاب النبي وهو ابن عباس: " من أحدث رأياً ليس في كتاب الله، ولم تمض به سنةٌ مِن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يدرِ على ما هو منه إذا لقي الله عز وجل ".

 

العودة إلى حكم الله عز وجل

أيها الإخوة الكرام... هذا موضوعٌ دقيقٌ جداً المؤمن الحق:

﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ﴾

[ سورة الأحزاب الآية: 36 ]


كان سيدنا عمر وقَّافاً عند كتاب الله، ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أوّلها، في أية قضيةٍ عُد إلى حُكم الله عز وجل، أو إلى سنة رسول الله..

﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾

[ سورة النحل الآية: 43]

مَن هم أهل الذِكر؟ الذِكْر هو القرآن الكريم، هو الوحي، اسأل مَن له خبرةٌ في الوحي، عن أي موضوعٍ تعاني منه،

﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾

وفي آيةٍ أخرى:

﴿ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً ﴾

[سورة الفرقان الآية: 59]

ومفتاح العلم السؤال، ومَن استشار الرجال استعار عقولهم.
عن عبد الله بن عمر أنه قال إذا كان لم يجد في الأمر الذي يسأل عنه شيئاً قال: "إن شئتكم أخبرتكم بالظن" سمى كل كلامٍ يقوله من دون دليلٍ هو ظن.
وعن جابر بن زيد قال: لقيني بن عمر فقال: " يا جابر إنك من فقهاء البصرة وتستفتى، فلا تفتين إلا بكتابٍ ناطق أو سنةٍ ماضية".
وقال مالك بن نافع: العلم ثلاث ؛ كتاب ناطق، وسنةٌ ماضية، ولا أدري.
جاء وفدٌ من الأندلس إلى بلاد المشرق، ومعهم سبعةٌ وثلاثون سؤالاً، والتقوا بأعلم علماء المشرق الإمام أحمد بن حنبل، عرضوا عليه الأسئلة، فأجاب عن سبعة عشر سؤالاً وعن الأسئلة الباقية قال: لا أدري. قالوا: الإمام أحمد بن حنبل لا يدري ‍؟! قال: قولوا لهم أن الإمام أحمد بن حنبل لا يدري.
العلم ثلاث: كتاب ناطق، وسنةٌ ماضية، ولا أدري.

الصحابة الكرام أنصح الأئمة للأمة

أيها الإخوة الكرام... هؤلاء الصحابة ؛ أبو بكرٍ الصديق، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وزيد بن ثابت، وسهل بن حنيف، ومعاذ بن جبل، وأبو موسى الأشعري، هؤلاء جميعاً جئت بأقوالهم ومواقفهم مِن الوحيين الكتاب والسُنَّة، وهم رفضوا الرأي، فهؤلاء أعمدة الإسلام، وعصبة الإيمان، وأئمة الهدى، ومصابيح الدجى، وأنصح الأئمة للأمة، أعلمهم بالأحكام وأدلتها، أفقههم في دين الله، أعمقهم علماً، أقلهم تكلُّفاً، عليهم دارت الفُتي، عنهم انتشر العلم، أصحابهم هم فقهاء الأمة.
ومَن كان مقيماً بالكوفة كعليٍ وابن مسعود، وبالمدينة كعمر بن الخطاب وابنه وزيد بن ثابت، وبالبصرة كأبي موسى الأشعري، وبالشام كمعاذ بن جبل، وبمكة كعبد الله بن عباس، وبمصر كعبد الله بن عمر بن العاص، وعن هذه الأمصار انتشر العلم في الآفاق وأكثر مَن روي عنه التحذير مِن الرأي من كان بالكوفة إرهاصاً بين يدي ما علم الله سبحانه أنه يحدث فيها بعدهم مِن الفتَن.
أيها الإخوة الأكارم... حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم، واعلموا أن مَلَكَ الموت قد تخطَّانا إلى غيرنا، وسيتخطَّى غيرنا إلينا فلنتخذ حذرنا، الكيس مَن دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز مـَن أتبع نفسه هواها، وتمنَّى على الله الأماني.
والحمد لله رب العالمين

* * *

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله رب العالمين، وأشهد ألا إله إلا الله وليّ الصالحين، وأشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله صاحب الخُلق العظيم، اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أيها الإخوة الكرام... لعل آيةً واحدةً جامعةً مانعةً تُلَخِّص الخطبة بأكملها، وقد ربّى الله الأمة بعظيمها فقال تعالى:

﴿وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً * وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً * إِذاً لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ﴾

[سورة الإسراء الآية: 73ـ 74]

الفتنة التي يتعرض لها المسلمون

أي أنَّ الفتنة التي يتعرَّض لها المسلمون مِن بعثة النبي إلى يوم القيامة أن يبحثوا عن بديل الوَحْيين، عن نظامٍ آخر، عن تشريعٍ آخر، عن تفلُّتٍ مِن بعض الأحكام الشرعية استجابةً لضبط المجتمع، استجابةً لمسايرة العصر، إرضاءً للطرف الآخر، تيسيراً على الأمة في زعمهم، حينما نبحث عن بديلٍ للوحي، حينما نبحث عن تشريعٍ آخر، عن ترتيبٍ آخر عن حلٍ لمشكلاتنا بعيداً عن كتاب الله، هذه هي الفِتنة الكُبرى التي بدأت من عهد النبي عليه الصلاة وتستمر إلى يوم القيامة.

﴿وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً * وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً * إِذاً لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً﴾

الدعاء:

اللهمَّ اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولَّنا فيمن توليت، وبارِك اللهمَّ لنا فيما أعطيت، وقنا واصرف عنا شرَّ ما قضيت، فإنك تقضي بالحق ولا يُقضى عليك، وإنه لا يذل مَن واليت، ولا يعز مَن عاديت، تباركت ربنا وتعاليت، ولك الحمد على ما قضيت، نستغفرك ونتوب إليك، اللهم هب لنا عملاً صالحاً يقربنا إليك.
اللهمَّ أعطنا ولا تحرمنا، أكرمنا ولا تُهنا، آثرنا ولا تؤثر علينا، أرضنا وارض عنا.
أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردُّنا، واجعل الحياة زاداً لنا مِن كل خير، واجعل الموت راحةً لنا مِن كل شر، مولانا رب العالمين.
اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمَّن سواك.
اللهم لا تؤمنا مكرك، ولا تهتك عنا سترك، ولا تنسنا ذكرك يا رب العالمين، يا أكرم الأكرمين.
اللهمَّ بفضلك ورحمتك أعليِ كلمة الحق والدين، وانصر الإسلام وأعزَّ المسلمين وخذ بيد ولاتهم إلى ما تحب وترضى، إنك على ما تشاء قدير، وبالإجابة جدير.

تحميل النص

إخفاء الصور