وضع داكن
27-04-2024
Logo
ومضات قرآنية - الدرس : 05 - التفكر
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .

أية آية في القرآن الكريم ينبغي أن يكون للإنسان منها موقف :

 أيها الأخوة الأكارم : يقول الإمام علي رضي الله عنه : "أصل الدين معرفة الله".
 كيف نعرفه ؟ نعرفه من آياته الدالة على عظمته ، نعرفه من آياته الكونية ؛ خلقه ، نعرفه من آياته التكوينية ؛ أفعاله ، نعرفه من آياته القرآنية ؛ كلامه ، إذا عرفنا الآمر ثم عرفنا الأمر تفانينا في طاعة الآمر ، أما إذا عرفنا الأمر ولم نعرف الآمر تفننا في التفلت من الأمر .
 أيها الأخوة الكرام ، المؤمن حينما يقرأ القرآن لا شك أن له موقفاً من كل آية ، فإذا قرأ آية فيها أمر موقفه أن يأتمر بما أمر الله ، وإذا قرأ آية فيها نهي ينبغي أن ينتهي عما عنه نهى الله ، وإذا قرأ آية فيها مشهد من مشاهد يوم القيامة ينبغي أن يسعى إلى الجنة ، وأن يفر من النار ، مثلاً :

﴿ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (38)إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ (39)فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ (40)عَنِ الْمُجْرِمِينَ (41)مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42)قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43)﴾

(سورة المدثر)

 إذا قرأ آية فيها حديث عن الدار الآخرة ، وعن حال أهل النار ، وعن حال المؤمنين في الجنة ، ينبغي أن يسعى إلى العمل من أجل الجنة ، وأن يتقي النار ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم :

(( اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقّ تَمْرَةٍ ))

[متفق عليه عن عديّ بن حاتم رضي اللّه عنه ]

 وإذا قرأ آية عن قصص الأمم والشعوب السابقة ينبغي أن يتعظ ، فإذا قرأ آية كونية ـ وفي القرآن الكريم ما يقترب من ألف وثلاثمئة آية كونية ـ ماذا عليه أن يفعل ؟ هل يعقل أن تكون هذه الآيات الكثيرة لا موقف لك منها ؟ أية آية في القرآن الكريم ينبغي أن يكون لك منها موقف ، إما أن تأتمر ، أو تنتهي ، أو أن تسعى إلى الجنة ، أو أن تفر من النار ، أو أن تتعظ .

 

على كل إنسان أن يتفكر في خلق السماوات و الأرض :

 أما أن تقرأ آية كونية ولا علاقة لك بها فالله عز وجل يقول :

﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190)الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191)﴾

( سورة آل عمران )

 في الآية ملمح دقيق هو أن التفكر جاء بصيغة الفعل المضارع ، والفعل المضارع يدل على الاستمرار ، أي من شأن المؤمن أنه يتفكر في خلق السماوات والأرض ، والله عز وجل يقول :

 

﴿ قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ﴾

( سورة يونس الآية : 101 )

مسار الأرض حول الشمس من آيات الله الدالة على عظمته :

 كما نعلم أن الأرض تدور حول الشمس في مسار إهليلجي (أي بيضوي) وهذا المسار له قطران أكبر وأصغر ، وتعلمون أن العلاقة بين النجوم والكواكب في الكون يحكمها قانون الجاذبية ، هذا القانون من عوامله الكبرى الكتلة والمسافة ، الأرض حينما تنتقل من القطر الأطول في مسارها حول الشمس إلى القطر الأصغر المسافة قلّت ، إذاً هناك احتمال أن تنجذب الأرض إلى الشمس ، فإذا انجذبت إليها تبخرت في ثانية واحدة ، لأن الحرارة في جوف الشمس تقترب من عشرين مليون درجة ، فلو أن الأرض تحركت نحو الشمس والمسافة بينها وبين الشمس قلّت إذاً الجاذبية زادت ، فاحتمال أن تنجذب إلى الشمس قائم ، ما الذي يحصل ؟ الأرض مادة والمادة غير عاقلة ، الذي يحصل أن الأرض ترفع سرعتها لينشأ من رفع السرعة قوة نابذة تكافئ القوة الجاذبة ، فتبقى في مسارها ، فإذا فتحنا القرآن الكريم :

﴿ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا ﴾

(سورة فاطر)

 من الذي جعل الأرض على مسارها لا تحيد يمنة ولا يسرى ؟ هذه الآلية المعقدة التي تبدأ من رفع السرعة لينشأ من رفع السرعة قوة نابذة تكافئ القوة الجاذبة الجديدة ، فتبقى في مسارها:

 

﴿ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا ﴾

(سورة فاطر)

 نتابع الحركة ، الآن تنتقل الأرض من القطر الأصغر إلى القطر الأطول ، المسافة زادت قوى التجاذب ضعفت ، هناك احتمال معاكس ، الاحتمال الأول أن تنجذب الأرض إلى جوف الشمس فتتبخر في ثانية واحدة ، الاحتمال الآخر أن تتفلت من جاذبية الشمس فإذا تفلتت من جاذبية الشمس سارت في الفضاء الكوني ، فتصبح الحرارة على سطح الأرض ـ الصفر المطلق ـ مئتين وسبعين تحت الصفر ، تنتهي الحياة احتراقاً أو تنتهي الحياة تجمداً ، ما الذي يحصل ؟ في أثناء حركة الأرض نحو القطر الأطول تخفض الأرض من سرعتها لينشأ من خفض هذه السرعة قوة نابذة أقل تكافئ القوة الجاذبة الأقل فتبقى على مسارها :

 

﴿ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا ﴾

(سورة فاطر)

 هذه من آيات الله الدالة على عظمته .

 

اللَّه يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا

 من آيات الله الدالة على عظمته :

﴿ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا ﴾

(سورة فاطر)

 أحد العلماء الكبار يرى أن الأرض لو افتراضنا تفلتت من جاذبية الشمس و أردنا أن نرجعها للشمس قال : نحتاج لمليون مليون كبل فولاذي ، والفولاذ المضفور كما تعلمون أمتن شيء في الكون ، لذلك المصاعد والتل فريك يستخدم فيه الفولاذ المضفور .
 لو أردنا أن نعيد الأرض إلى جاذبية الشمس قال : نحتاج لمليون مليون كبل فولاذي ، وقطره خمسة أمتار أي يحمل مليوني طن . فالأرض مرتبطة بالشمس بقوة تساوي مليون مليون ضرب مليوني طن من أجل أن تحرف الأرض ثلاثة ميلي كل ثانية ، ليكون هذا الانحراف مؤدياً لمسار مغلق حول الشمس ، لولا هذا الانحراف لكان المسار مستقيماً ، إذاً كل هذه القوى الجاذبة مليون مليون ضرب مليوني طن ، هي قوة جذب الشمس إلى الأرض من أجل أن تحرف الأرض ثلاثة ميلي كل ثانية .
 فلذلك هذه الحبال لو زرعناها على سطح الأرض المليون مليون كبل لفوجئنا أن بين الحبلين مسافة خمسة أمتار فقط ، نحن أمام غابة من الفولاذ لا يوجد ملاحة ، ولا بناء ، ولا طيران ، ولا زراعة ، ولا شيء ، وانتهت الحياة على وجه الأرض ، نفتح القرآن الكريم لنقرأ قوله تعالى :

 

﴿ اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ﴾

(سورة الرعد)

 هذه آية من آيات الله الدالة على عظمته .

 

التفكر في خلق السماوات والأرض أوسع باب ندخل منه على الله وأقصر طريق إلى معرفة الله :

 لذلك حينما يقول الله عز وجل :

﴿ قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ﴾

( سورة يونس الآية : 101 )

 هناك آيات مبهرات ، فلذلك أنت حينما تتفكر في خلق السماوات والأرض تضع نفسك وجهاً لوجه أمام عظمة الله ، وكأن التفكر في خلق السماوات والأرض يجعلك في أوسع باب ، تدخل منه على الله ، بل يجعلك على طريق هو أقصر طريق إلى معرفة الله ، فلذلك :

 

﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190)الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191)﴾

( سورة آل عمران )

إذا أردت الدنيا فعليك بالعلم وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم :

 أقرب نجم ملتهب إلى الأرض يبعد عنا أربع سنوات ضوئية ، أقرب نجم إلينا عدا الشمس ، الشمس تبعد عنا ثماني دقائق ، هناك نجم ملتهب يبعد عنا أربع سنوات ضوئية ماذا تعني أربع سنوات ضوئية ؟
 الضوء يقطع في الثانية الواحدة ثلاثمئة ألف كيلو متر ، كم يقطع بالدقيقة ؟ ضرب ستين ، كم يقطع بالساعة ؟ أيضاً ضرب ستين ، كم يقطع في اليوم ؟ ضرب أربع وعشرين ، كم يقطع في السنة ؟ ضرب ثلاثمئة وخمسة وستين ، كم يقطع في أربع سنوات ؟ ضرب أربعة ، هذه الرقم الكبير لو تصورنا أن لهذا النجم طريقاً ، إن أردنا أن نصل إليه بمركبة أرضية ، وانطلقنا إليه بسرعة مئة ، قسم هذه المسافة على مئة ، فالناتج كم ساعة نحتاج لنصل لهذا النجم ، قسّم على أربع وعشرين كم يوم ، قسم على ثلاثمئة وخمسة وستين يوم كم سنة ، من أجل أن نصل إلى أقرب نجم ملتهب إلى الأرض نحتاج إلى خمسين مليون عام ، الآن السؤال متى نصل إلى نجم القطب الذي يبعد عنا أربعة آلاف سنة ضوئية ؟ متى نصل إلى مجرة المرأة المسلسلة التي تبعد عنا مليونا سنة ضوئية ؟ الآن هناك نجم اكتشف يبعد عنا أربعة وعشرين مليار سنة ضوئية ، الأربع سنوات ضوئية تحتاج إلى سير لهذا النجم أكثر من خمسين مليون عام ، متى نصل إلى هذا النجم الذي يبعد عنا أربعة وعشرين مليار سنة ضوئية ، الآن إذا قرأت القرآن الكريم :

﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (75)وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (76)﴾

(سورة الواقعة )

﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ (28)﴾

( سورة فاطر : الآية 28)

 العلماء وحدهم ولا أحد سواهم يخشى الله :

 

﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ (28)﴾

( سورة فاطر : الآية 28)

 لذلك : إذا أردت الدنيا فعليك بالعلم ، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم ، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم ، والعلم لا يعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كلك ، فإذا أعطيته بعضك لم يعطك شيئاً.

 

التفكر في جسم الإنسان من آيات الله الدالة على عظمته :

 لو نزلنا من السماوات إلى المرتفعات إلى الأرض إلى أقرب شيء إلى أجسامنا ، لو نزلنا إلى جسم الإنسان ، في جسم الإنسان جهاز بالغ الدقة هو حديث العالم اليوم ، جهاز المناعة المكتسب ، هذا الجهاز يتألف من كريات دم بيضاء كأنها جنود ، وهذا الجهاز يشبه الجيش بكل ما لهذه الكلمة من معنى ، لماذا انتقلت فجأة من السماوات إلى جسم الإنسان ؟ لأن الله عز وجل يقول :

﴿ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ ﴾

( سورة فصلت الآية : 53 )

 فهذا الجسم فيه جهاز المناعة المكتسب ، عناصر هذا الجهاز الكريات البيضاء ، هذه الكريات هي خمس فرق تماماً كما لو كان الجيش مؤلفاً من خمس فرق :
 الفرقة الأولى : فرقة الاستطلاع مهمتها معلوماتية فقط ، هذه الكرية البيضاء تقترب من الجرثوم ، تأخذ شيفرته الكيماوية فقط ، وتأخذها إلى معامل السلاح ، فهذه الفرقة الأولى فرقة الاستطلاع وهي في الجيش من أهم الفرق ، هذه الفرقة تأخذ المعلومات الدقيقة عن الجرثوم ، وتدفعها إلى معامل السلاح كي تصنع هذه المعامل مصلاً مضاداً لهذا الجرثوم.
 الفرقة الثانية : فرقة تصنيع السلاح مهمتها تصنيع السلاح ، تصنع هذا المصل المضاد للجرثوم ، لكن الذي لا يصدق أن هذه الفرقة الثانية تتمتع بذاكرة عجيبة لو جاء جرثوم الكوليرا مثلاً وصنع هذا المعمل مصلاً مضاداً لهذا الجرثوم ، وعاد الجرثوم بعد سبعين عاماً ، في ملف الجهاز هذا المصل المضاد وترتيبه ، فلذلك لولا هذه الذاكرة القوية لما كان هناك من معنى للمناعة وللتلقيح إطلاقاً .
 الفرقة الثالثة : فرقة قتالية هم سلاح المشاة تقريباً ، حينما يأتي الجرثوم هذا السلاح يحمل المصل المضاد ، ويقاتل هذا الجرثوم ، وتنشأ معركة طويلة وحادة ، بقايا المعركة من جثث ، تأتي فرقة رابعة تنظف أرض المعركة هي فرقة الخدمات ، فبين فرقة استطلاع إلى فرقة تصنيع سلاح إلى قسم يقاتل إلى فرقة تنظف أرض المعركة ، بقي فرقة خامسة اكتشفت عام 1967م " اسمها فرقة المغاوير " هذه قادرة على اكتشاف الجرثوم السرطاني في الإنسان والتهامه فوراً ، ولولا هذه الفرقة لكان معظم الناس مصابين بالسرطان.
 أيها الأخوة الكرام ، شيء دقيق جداً أن الخلية السرطانية لها قامع يقمعها أن تكون فعالة ، هذا القامع متى يفك ؟ يفك بالشدة النفسية ، الخوف ، القلق ، الحقد ، هذه الشدة النفسية التي هي مظهر لهذا العصر هي وراء ارتفاع نسب الأورام الخبيثة ، لأن هذه الشدة النفسية تضعف الجسم ، بمعنى أنها تزيل القامع الذي يقمع الخلية السرطانية من أن تفعل في الجسم ، فلذلك التوحيد راحة نفسية ، التوكل على الله راحة نفسية ، الطاعة لله راحة نفسية ، الوصول إلى الله راحة نفسية ، وكأن التوحيد هو صحة بالمعنى المادي بالضبط ، وما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد .
 شيء آخر : يفك هذا القامع الذي يقمع الخلية السرطانية من أن تفعل هو مشتقات البترول ، ومشتقات البلاستيك مع الحرارة والحموضة ، وآخر الأشياء الإشعاع النووي ، هذه أربعة أسباب تفك قامع الخلية السرطانية فتفعل الفعل الذي ينتهي بالإنسان إلى الموت .

 

آيات الله الكونية و التكوينية :

 أيها الأخوة الكرام :

﴿ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ ﴾

( سورة فصلت الآية : 53 )

 في النفس آيات كثيرة ، كما قلت هناك آيات كونية ، وهناك آيات تكوينية أفعاله :

 

﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنْ الْمُرْسَلِينَ(7)﴾

( سورة القصص )

 في الآية ، أمران ، ونهيان ، وبِشارتان ،

﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ ﴾

 الأمر الأول ،

﴿ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ ﴾

 الأمر الثاني .

﴿ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي ﴾

 النهيان .

﴿ إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ ﴾

 البشرى الأولى .

﴿ وَجَاعِلُوهُ مِنْ الْمُرْسَلِينَ﴾

 معنى ذلك أن هذه الأم الرحيمة حينما ألقت بابنها الوليد في صندوق في النيل من الذي يُسيّر هذا الصندوق ؟ من ساقه إلى قصر فرعون ؟ من جعله يقف أمام عود على شاطئ هذا القصر ؟ من ألهم امرأة فرعون أن تنزل إلى ساحل النهر ؟ من جعلها تتعلق بهذا الغلام ؟ هذا فعل الله ، هناك آيات تكوينية هي أفعاله ، وهناك آيات كونية هي خلقه :

 

﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنْ الْمُرْسَلِينَ(7)﴾

( سورة القصص )

 هذه من آيات الله الدالة على عظمته كآية تكوينية ، كآية أفعاله .

 

أروع ما في الآية التالية أن الله عزّ وجل قلبها إلى قانون :

 الآن لو أردنا أن نأخذ آية ثانية ، سيدنا يونس حينما رأى نفسه فجأة في بطن الحوت ، قال تعالى :

﴿ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ ﴾

 قال علماء التفسير : في ظلمة بطن الحوت ، وفي ظلمة الليل ، وفي ظلمة البحر :

 

﴿ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87)فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ (88)﴾

( سورة الأنبياء)

 أروع ما في الآية أن الله عز وجل قلبها إلى قانون قال تعالى :

﴿ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾

 أيها الأخ المؤمن ، هل من مصيبة أكبر من أن تجد نفسك في بطن حوت ، في ظلمة بطن الحوت ، وفي ظلمة الليل ، وفي ظلمة البحر :

 

﴿ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87)فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ (88)﴾

( سورة الأنبياء)

 ثم قلبت إلى قانون :

 

﴿ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88)﴾

( سورة الأنبياء)

 هذا عن آياته التكوينية أفعاله ، فماذا عن آياته القرآنية ؟

 

الآية التالية من آيات الله عز وجل القرآنية :

 سيدنا يوسف هذا النبي الكريم الذي ائتمر أخوته على قتله عن طريق وضعه في الجب ، ما الذي حصل ؟ الذي حصل أن هذا الطفل الوديع الصغير ، الذي وجد نفسه في الجب ، استخرج من الجب وفي النهاية صار عزيز مصر ، في السورة وهي أطول قصة في القرآن الكريم آية واحدة تقول :

﴿ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾

( سورة يوسف )

 فهناك آيات كونية ، و هناك آيات تكوينية ، و هناك آيات قرآنية .
 أيها الأخوة الكرام ، أرجو الله سبحانه وتعالى أن ننتفع جميعاً بهذه الحقائق الناصعة ، التي تهدي الإنسان إلى طريق سلامته وسعادته ، وإلى لقاء آخر إن شاء الله تعالى.

 

 والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور