وضع داكن
29-03-2024
Logo
فقه السيرة النبوية - الدرس : 21 - الرحلة إلى الطائف - المحن قبل المنح
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

دلائل وعِبر رحلة النبي صلى الله عليه و سلم إلى الطائف

أيها الإخوة الكرام، توقفنا في دروس فقه السيرة النبوية عند مكان سبق رحلة النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف، هذه الرحلة لها دلالات كثيرة، أنا لا أعتقد مسلماً واحداً لا يعرف مجمل هذه الرحلة، ولكن درسنا متعلق بفقه السيرة، فماذا نستفيد من رحلة النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف ؟

1. كل محنة وراءها منحة

أيها الإخوة، ما من محنة تصيب المؤمن مطلقاً إلا وراءها منحة، وما من شِدة يقع بالمؤمن إلا وراءها شَدة إلى الله، المحنة تنتهي بمنحة، الشِدة تنتهي بشَدة، ذلك لأن هذه الدنيا في الأصل دار ابتلاء لا دار استواء، ومنزل ترح لا منزل فرح، فمن عرفها لم يفرح لرخاء ولم يحزن لشقاء، لأن الرخاء مؤقت، والشقاء مؤقت، قد جعلها الله دار بلوى.

﴿ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ﴾

( سورة المؤمنين )

ويوم توطّن نفسك على أن هذه الدنيا دار ابتلاء لا تفاجَأ بالابتلاء، وفي الحديث عَنْ سَعْدٍ قَالَ: قُلْتُ:

(( يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلَاءً ؟ قَالَ: الْأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الْأَمْثَلُ، فَالْأَمْثَلُ، فَيُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَإِنْ كَانَ دِينُهُ صُلْبًا اشْتَدَّ بَلَاؤُهُ، وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَمَا يَبْرَحُ الْبَلَاءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ مَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ))

[الترمذي]

فكلما زاد إيمانك اشتد بلاؤك الدعوي، وهناك بلاء عقاب.

أنواع الابتلاء:

أيها الإخوة، هذا الموضوع لا بد من أن نعرج على أنوع الابتلاء

1.مصيبة ردع أو مصيبة قصم:

هذه تنزل بالكفار والمشركين والشاردين. 

﴿ وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾

( سورة هود ).

الذي شرد عن الله عز وجل، والذي ابتعد عن الدين بُعداً كبيراً هذا إن كان فيه بقية خير يردعه الله، وإن لم يكن فيه خير يقصمه الله، لا علاقة لنا في هذا الدرس بمصائب القصم أو الردع،

2. ابتلاء دفع إلى الله:

لكن نحن إن شاء الله كمؤمنين علاقتنا بآية ثانية:
كل يوم تهديدات: 

﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾

( سورة البقرة ).

إذاً يبتلى المؤمن، ولكن هناك حقيقة، أن لك عند الله مرتبة، فإما أن تبلغها بالعمل الصالح، وإما أن تبلغها بالصبر على مصيبة، أيهما أهون ؟ إما أن تبلغها بعمل صالح تتألق به، وإما أن تصبر على مصيبة.
أنا أنصح الإخوة المؤمنين أنهم إذا شمروا لخدمة الخلق يبلغون مرتبتهم عند الله بعمل لا بصبر، وإلا فلا بد من أن يرحمنا الله عز وجل، هذه الدنيا ليست دار نعيم، لكنها دار ابتلاء، فالمؤمن مبتلى، والآية تقول:

﴿ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ ﴾

لكن المؤمن بلاءه بسبب ضعف سيره إلى الله أحياناً، فيكون الابتلاء ابتلاء دفع إلى الله.
حدثني أخ أنه في زلازل تركيا لم تتسع المساجد في الأوقات الخمسة للمصلين، ولا الصحن، حتى أوجدوا ملحقات للمساجد عقب الزلزال.
أيها الإخوة، بين أن تخاف بعقلك وأن تخاف بعينك فرق كبير جداً، فكلما ارتقى عقل الإنسان خاف بعقله، وكلما هبط عقل الإنسان خاف بعينه، فالإنسان ضعيف التفكير عند الخطر يخاف، أما العاقل فيتوقع الخطر، فيستعد لعدم بلوغه بطاعة الله عز وجل، 

﴿ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ ﴾

فالمؤمن مصيبته مصيبة دفع، عنده سرعة بطيئة، وتهاون، فيجعل الله عز وجل له شبح مصيبة فيغدو إلى الله.
مرة سألني أحدهم سؤالا في دعابة فأجبت عليه بإجابة لطيفة، قال لي: ما ملخص دعوتك في الأعوام الثلاثين ؟ قلت له: إما أن تأتيه مسرعاً، وإما أن يأتي بك مسرعاً، اختر واحدة، إما أن تأتيه طواعية برغبتك وبمبادرة منك، وإما أن يأتي بك مسرعاً.
لي أخ التحق بالمسجد من سنوات عدة، قال لي: قبل أن اصطلح مع الله كنت أعمل في عمل تجاري درّ علي مبالغ كبيرة جداً، والله قال لي بالحرف الواحد: وضعت في جيبي 500 ألف، وتوجهت إلى بلد بعيد كي أستمتع، ولم آخذ معي أحداً، وصل إلى هذا البلد البعيد، وهو يحلم بأن يمضي شهراً كما يحب من دون قيد، من دون ضابط، من دون رقابة، من دون محاسبة، من دون تكليف، وإذ آلام في ظهره، قال: فدخلت إلى المستشفى، وأجريت الفحوص، نتائج التشخيص سرطان في العمود الفقري، قال لي: عدت أدراجي إلى الشام أتنقل من مسجد إلى مسجد، ومن شيخ إلى شيخ، وتاب الله عليه.
فإما أن تأتيه مسرعاً، وإما أن يأتي بك مسرعاً، عند الله أساليب تدع الحليم حيران.

﴿ إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ﴾

( سورة البروج ).

هناك فتاة تحب أن تتوظف في التدريس، وهي متفلتة، سافرة، لا تصلي، قدمت أوراقها الثبوتية فطولبت بشهادة صحية من مشفى المجتهد، ذهبت إلى المشفى، وأجرت فحصاً شاملاً، فكان الجواب سلّ رئوي، وهو مرض مُعدٍ، فعلم أهلها بذلك، وابتعدوا عنها، وجعلوها تقبع في غرفتها، واستخدموا لها أدوات خاصة بها، وبقيت تبكي، وتبكي، وتَبكي، وقد رأت مصيرها الأسود، ثم خطر لها أن تتوب إلى الله، وأن تصطلح معه، وأن تبدأ بالصلاة، وأن تبدأ بالحجاب، وبعد أن تابت إلى الله عز وجل ذهب أخوها إلى المستشفى ليتأكد من النتيجة، فإذا بالنتيجة ليست لها، بل لغيرها، لكن الله سبحانه وتعالى أتى بها مسرعة، فإما أن تأتيه مسرعاً، أو يأتي بك مسرعاً.
إذاً الكفار والمشركون مصائبهم مصائب ردع أو قصم، أما المؤمنون فمصائبهم مصائب دفع أو رفع.

2. مصيبة الطائف كانت مصيبة كشف

درسنا السيرة النبوية، ما نوع مصيبة الطائف للنبي عليه الصلاة والسلام ؟ قال العلماء: هي مصيبة كشف، لأن النبي صلى الله عليه و سلم ينطوي على كمال لا يمكن أن يظهر إلا بهذه الطريقة.
للتقريب: عندك مركبة قوة محركها ألف حصان، هذه المركبة لا تبدو ميزاتها في الطريق السهل، ولا في الطريق النازلة، ولا في الطريق الصاعدة صعوداً بطيئاً، تبدو ميزاتها في طريق يكاد يكون حائطاً.
فالنبي عليه الصلاة والسلام ينطوي على كمال لا يظهر إلا بهذه المصيبة، لذلك كانت مصائب الأنبياء والمرسلين مصائب كشف، لأنها كشفت لهم عن كمالهم.
لو أن إنسانًا يحمل دكتوراه، وأخطأ المتكلم، وقال له: أستاذ، يقيم عليه الدنيا ولا يقعدها، فكيف إذا لم يرفق بأية صفة علمية !؟ فكيف إذا تهجمتَ عليه !؟ فكيف إذا نظرت إليه نظرة قاسية !؟ فكيف إذا شتمته !؟ فكيف إذا ضربته !؟ .
سيد الخلق وحبيب الحق أغرى أهل الطائفُ صبيانهم أن يضربوه، ماذا فعل ؟ الآن إذا كانت زوجة أحدهم أكبر منه بخمس سنوات يندب حظه طول حياته، يقول: غلطت !؟ وأخذتها كبيرة، سيدنا الصديق كان مما يؤثر عنه أنه ما ندم على شيء فاته من الدنيا قط، والدعاء المعروف !؟ والله يحتاج الآن كل مسلم وكأنه معنا:

(( اللهم إليكَ أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس ))

[الجامع الصغير عن عبد الله بن جعفر]

عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

(( يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا، فَقَالَ قَائِلٌ: وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ ؟ قَالَ: بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ ـ مليار وأربع مئة مليون ـ وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، وَلَيَنْزَعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمْ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ، وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ الْوَهْنَ، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الْوَهْنُ ؟ قَالَ: حُبُّ الدُّنْيَا، وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ ))

[أبو داود وأحمد]

النبي عليه الصلاة والسلام نصِر بالرعب مسيرة شهر، وأمته حينما تركت سنته التزمت بالرعب مسيرة عام.

(( إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي ))

3. مصيبة للمؤمنين هي دفع أو رفع

أحدهم أصابه الله بمرض، وأنا والله لا أزكي على الله أحدا، لكنني أحسبه مستقيماً استقامة تامة، وأحسبه بذل كل ما في وسعه لتعليم النشء الجديد وهدايته، وهو ملتزم، وصالح، وزوجته محجبة، دخله حلال، أصيب بمرض، قلت له: أشد الناس بلاء الأنبياء، والنبي أشدهم بلاء، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على قدر إيمانه.

﴿ وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا﴾

( سورة الطور الآية: 48 ).

من الخطأ الكبير الشنيع أن تتوهم أن المصائب كلها من نوع واحد، هناك مصيبة قصم والعياذ بالله.
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ مِنْ دُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

(( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ ))

[مسلم]

فالمصيبة لأهل الدنيا الشاربين، الكافرين، المشركين، مصيبة قصم أو ردع، لكن للمؤمنين هي مصيبة دفع أو رفع.
إذا وصلنا إلى القبر، وقد طهرنا الله من أدران الدنيا، من شهوات الدنيا، من شبهات الدنيا، فنحن في خير كبير، أخطر مرض لا أعراض له، كالسرطان، فإذا كان لمرض أعراض فهذا نعمة كبيرة، في البدايات يتحرك المريض، أما الأمراض الوبيلة التي ليس لها أعراض كقوله تعالى:

﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ﴾

( سورة الأنعام ).

4. المؤمن يرضى بكل الشدائد إذا كان الله راضىٍ عنه

من دون أعراض، موت مفاجئ، أما المؤمن فهو مبتلى، مذنب تواب، إذاً يقول عليه الصلاة والسلام:

(( إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي ))

أيْ: يا رب إن كانت هذه الشدة التي أنا فيها لا علاقة لها بمحبتك لي ورضاك عني فأنا لا أبالي.

فليتك تحلو و الحياة مـــريرة و ليتك ترضى والأنام غِضـابُ
و ليت الذي بيني و بينك عامـر و بيني وبين العالمين خــرابُ
وليت شرابي من ودادك سائـغ وشربي من ماء الـفرات سرابُ
إذا صح منك الوصل فالكل هيّن و الكل الذي فوق الـتراب تراب

هذا المؤمن يرضى بكل شيء، لكنه يقلق أشد القلق أن يغضب الله عليه.

أطع أمرنا نرفع لأجلك حــجبنا فإنا منحنا بالرضا من أحـــبنا
ولذ بحمانا و احتمِ بجـنـــابنا لنحميك مما فيه أشرار خـــلقنا
وعن ذكرنا لا يشغلنك شاغــل وأخلص لنا تلق المسرة و الــهنا
وسلم إلينا الأمر في كل ما يكـن فما القرب والإبعاد إلا بأمـــرنا
فلو لاح من أنوارنا لك لائــح تركت جميع الكائنات لأجلـــنا
فما حبنا سهل وكل من ادعــى سهولته قلنا له:قد جهلـــــتنا

لذلك:

 

(( إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي ))

إذا كان هذا الذي أصابني لا علاقة له بمحبتك، ولا برضوانك فلا أبالي.
سيدنا عمر رضي الله عن عمر له كلمة رائعة، كان إذا أصابته مصيبة قال: " الحمد لله ثلاثًا ـ كلمة رائعة جداً ـ كان إذا أصابته مصيبة قال: الحمد لله ثلاثًا، الحمد لله إذ لم تكن في ديني ـ صلاتك، صيامك، غض بصرك، دخلك، إنفاقك، بيتك، زوجتك، بناتك، سهراتك، لقاءاتك، كلامك، كله وفق منهج الله ـ الحمد لله إذ لم تكن في ديني، كل شيء في الدنيا يعوَّض، بل إن أكبر مرض في الدنيا ينتهي عند الموت، وموته على الإيمان خير من الدنيا وما فيها.
جاءتني خاطرة، قبل أيام كنت في الطريق فرأيت جنازة، حدثت نفسي لو أن هذا الذي في النعش مات على الإيمان، مِمَّ استراح ؟ استراح من ارتفاع الدولار، واستراح من الضغوط، واستراح من القلق، واستراح من شبح حرب أهلية، أليس كذلك ؟ واستراح من مكر الأعداء، عددت أكثر من ثلاثين بندًا، استراح منها لو أنه مات على الإيمان طبعاً.

الموت راحة كل المؤمن


لذلك عَنْ أَبِي قَتَادَةَ بْنِ رِبْعِيٍّ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرَّ عَلَيْهِ بِجِنَازَةٍ فَقَالَ:

(( مُسْتَرِيحٌ وَمُسْتَرَاحٌ مِنْهُ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الْمُسْتَرِيحُ وَالْمُسْتَرَاحُ مِنْهُ ؟ قَالَ: الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ يَسْتَرِيحُ مِنْ نَصَبِ الدُّنْيَا وَأَذَاهَا إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ، وَالْعَبْدُ الْفَاجِرُ يَسْتَرِيحُ مِنْهُ الْعِبَادُ وَالْبِلَادُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ ))

[ متفق عليه ].

العبد المؤمن إذا مات استراح من عناء الدنيا، انتهى التكليف، انتهت الفتن، انتهت النساء الكاسيات العاريات، انتهى عقوق الأبناء، انتهت الزوجة السيئة، انتهى الشريك الصعب، إذا مات العبد المؤمن استراح من عناء الدنيا، دققوا الآن:

(( وإذا مات َالْعَبْدُ الْفَاجِرُ يَسْتَرِيحُ مِنْهُ الْعِبَادُ وَالْبِلاَدُ وَالشّجَرُ وَالدّوَاب ))

البلاد الجماد، والعباد البشر، والشجر النبات، والدواب الحيوانات.

الفرق بين الأنبياء و الأقوياء

لذلك أيها الإخوة، في الأرض زمرتان: أقوياء وأنبياء، الأقوياء ملكوا الرقاب، والأنبياء ملكوا القلوب، الأقوياء أخذوا، ولم يعطوا، الأنبياء أعطوا، ولم يأخذوا، الأنبياء عاشوا للناس، والأقوياء عاش الناس لهم، الأقوياء يمدحون في حضرتهم، والأنبياء يمدحون في غيبتهم، وبعد موتهم ، وبعد 1400 عام من موتهم، اذهب إلى المدينة المنورة، ملايين، من الهند، من باكستان، من الصين، من بنغلادش، من الشرق الأوسط، من المغرب، الكل يبكي أمام قبره، ما التقوا معه، ماذا أعطاهم ؟ والله هذا شيء لا يكاد يصدق، يا رب، ما هذا الإنسان ؟ يقف الإنسان أمام قبره بكل أدب، ويقول له: السلام عليك يا سيدي يا رسول الله، السلام عليك يا سيدي يا حبيب الله، أشهد أنك بلغت الرسالة، وأديت الأمانة، ونصحت الأمة، وكشفت الغمة، وجاهدت بالله حق الجهاد، وهديت العباد إلى سبيل الرشاد.

نحن الآن ماذا قدمنا للإسلام ؟

النبي صلى الله عليه و سلم ذهب إلى الطائف، وكذبه أهلها، وسخروا منه، واستهزؤوا به، وقال أحدهم له: والله لو أنك صادق فيما تقول لمزقت ثياب الكعبة، ثم ضربوه، حتى سال الدم من أعضائه، ماذا قدمت أنت ؟ الرحلة بالطائرة من المدينة إلى جدة أو بالعكس تستغرق خمسا وثلاثين دقيقة، المقاعد مريحة ووثيرة، والطائرة مكيفة، مع طعام، مع ضيافة، أما النبي صلى الله عليه و سلم فقد قطعها في الهجرة في اثني عشر يوماً، ودمه مهدور، ومئة ناقة لمن يأتي به حياً أو ميتاً، يقول عليه الصلاة والسلام:

(( لَقَدْ أُخِفْتُ في الله، وَمَا يَخَافُ أَحَدٌ مثلي ))

[ أخرجه الترمذي عن أنس رضي الله عنهما ]

إنه بشر، ولأنه بشر وتجري عليه كل خصائص البشر كان سيد البشر.
عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

(( لَقَدْ أُخِفْتُ فِي اللَّهِ، وَمَا يُخَافُ أَحَدٌ، وَلَقَدْ أُوذِيتُ فِي اللَّهِ، وَمَا يُؤْذَى أَحَدٌ، وَلَقَدْ أَتَتْ عَلَيَّ ثَلَاثُونَ مِنْ بَيْنِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَمَا لِي وَلِبِلَالٍ طَعَامٌ يَأْكُلُهُ ذُو كَبِدٍ إِلَّا شَيْءٌ يُوَارِيهِ إِبْطُ بِلَالٍ ))

[ أخرجه أحمد في مسنده والترمذي وابن ماجة وابن حبان في صحيحه عن أنس ].

سيدنا خالد هذا الذي فتح هذه البلاد، قال: " خضت مئة معركة، وليس في بدني موضع إلا وفيه ضربة سيف، أو طعنة برمح، وها أنا ذا أموت على فراشي كما يموت البعير، فلا نامت أعين الجبناء ".
بماذا أنت مطالب اليوم ؟ بحضور مجلس علم فقط في مسجد فيه سجاد، وتدفئة، وصوت ، بماذا أنت مطالب اليوم ؟ بأداء الصلوات، بصيام رمضان، بغض بصرك، بتربية أولادك.
سيدنا ابن رواحة عينه النبي عليه الصلاة والسلام القائد الثالث في مؤتة، أول قائد كان زيد بن حارث، حمل الراية، وقاتل بها حتى قتل، جاء بعده سيدنا جعفر، أمسك الراية، وقاتل بها حتى قتل، جاء دور ابن رواحة، وكان شاعراً، أنا عددت كم يستغرق الوقت لبيتين من الشعر، قال:

يا نفس إلا تقتلي تموتي هذا حمام الموت قد صليت
إن تفعلي فعلهما رضيت وإن توليت فـــقد شقيت

تردد عشر ثوانٍ، لا بتقديم ماله، بل بتقديم نفسه، قال عليه الصلاة والسلام:
أخذ الراية أخوكم زيد، فقاتل بها حتى قتل، وإني لأرى مقامه في الجنة، ثم أخذ الراية أخوكم جعفر، فقاتل بها حتى قتل، وإني أراه يطير في الجنة بجناحين، وسكت، فلما سكت النبي صلى الله عليه و سلم قلق أصحاب رسول الله على أخيهم عبد الله، قالوا: يا رسول الله، ما فعل عبد الله ؟ قال: ثم أخذها عبد الله، فقاتل بها حتى قتل، وإني لأرى في مقامه ازورارا عن صاحبيه ، هبط مقامه، لماذا ؟ لأنه تردد عشر ثوان بتقديم روحه لله.
بماذا أنتم الآن مكلفون ؟ فقط بحضور درس علم، من أجل أن تعرفوا ربكم، بماذا انتم مطالبون ؟ بخمس صلوات، كل صلاة ثلث ساعة، بماذا أنتم مطالبون ؟ ماذا قدمنا ؟
موضوع الطائف أيها الإخوة امتحن الله به سيد الخلق وحبيب الحق، فكشف هذا الامتحان كماله صلى الله عليه و سلم، قلت قبل قليل: إن واحدًا يحمل لقب دكتور، وإذا قال له أحدهم: أستاذ، لا يتحمل، تعاتبه، فكيف إذا لم يقل لك شيئًا ؟!
بالمناسبة، يمكن ما من إنسان على وجه الأرض فيما أعتقد يحب إنساناً كحب الصدِّيق لرسول الله صلى الله عليه و سلم، لكن العجب لما توفي النبي عليه الصلاة والسلام، ما قال: رسول الله، وما قال: نبي الله، كان يقول: يا حبيبي يا رسول الله، قال:

(( أَمَّا بَعْدُ ؛ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ] وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ... إِلَى الشَّاكِرِينَ))

[متفق عليه]

ليرسخ التوحيد، العبادة لله وحده، من كان يعبد محمداً، فالنبي عليه الصلاة والسلام ضُرب، وكُذب، واستهزأ به، وأعلن أن يا رب، إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي، ولك العتبى حتى ترضى، وإن كان بك عليّ غضب يا رب فإني أستسمحك عذراً، فاغفر لي يا رب، يا ترى أنت لك مناجاة مع الله ؟ تخاطبه، جلست صباحاً بعد الصلاة، قبل أن تنام، تستغفره، تعلن عن محبتك له، في الصلاة يقول لك الإمام: سمع الله لمن حمده، يعني أنا يا عبدي استمع إليك، إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي، وإن كان في غضب لك العتبى حتى ترضى، لكن عافيتك أوسع لي، أنا ما رأيت دعاء بليغًا جامعًا مانعًا شاملا عميقًا كهذا الدعاء، ما هذا الموقف، يا رب، هذه المصيبة إن عبرت عن غضبك فأنا أقلق لها أشد الغضب، ولك العتبى حتى ترضى، وإن لم يكن لها علاقة برضاك عني ومحبتك لي فلا أبالي، أنا أتحملها، لكن الأدب، لكن عافيتك أوسع لي أريد لي، لا تسأل الله الابتلاء، قد لا تحتمل، قل: لكن عافيتك أوسع لي، تأدب مع الله، نحن في محنة كهذه المحنة.

الحزن خلاق

إخوانا الكرام، الحزن خلاق، الحزن يجعل للإنسان يتألق، أنا رأيت ماسة في استنبول بمتحف مشهور جداً اسمه ( توبي كبي )، بلغوني أن ثمن الماسة 150 مليون دولار، والماس فحم، لو أتينا بفحمة سوداء بحجم هذه الماسة كم ثمنها ؟ ولا ليرة، كيف تحول الفحم إلى ماس ؟ من شدة الضغط، ومن شدة الحرارة.
معنى ذلك لما يبتلي الله المؤمن، ويخوفه، يفقره أحياناً، يخوفه من عدو ، ويلجأ إلى الله، ويراجع نفسه، ويتوب، ويناجي ربه يتألق، لأن المصائب محك الرجال، والحزن خلاق، الحزانى في كنف الله، الحزانى معرضون للرحمة.

(( إن الله تعالى يحب كل قلب حزين ))

[ أخرجه الطبراني في الكبير والحاكم في المستدرك عن أبي الدرداء ]

ادخل إلى مسجد تجد عددًا كبيرًا من الناس، أنا والله لا أبالغ، لكن بحسب رغبتي 90% من الحاضرين تألقوا مع الله بسبب شدة أصابتهم سابقاً.
أعرف رجلا بعيدًا عن الدين بُعد الأرض عن السماء، يحمل شهادة عليا بفرع نادر، وجميل الصورة، ومتفلت في مزاحه، وفي لسانه، وفي عقيدته، يستهزأ، تزوج فتاة تروق له، فأنجبت له بنتاً صغيرة، كاد عقله يذهب بحبها، فإذا هي تصاب بمرض عضال في دمها، أنا أعرفه شارداً، أعرفه غارقاً في المعاصي والآثام، أعرفه بعيداً عن الدين، فجأة وجدته في حال لا يصدق من الإنابة والتوبة والخشوع، سألته: ما الذي حصل ؟ قال: هذه البنت الصغيرة أصابها مرض عضال، لم أبقِ طبيباً إلا وعرضتها عليه، ثم باع بيته، وذهب بها إلى بريطانيا، ولم تشفَ من مرضها، بعد هذه المحاولات اليائسة ألهم أن إذا تبت إلى الله أنا وزوجتي لعل الله يشفيها، بدأ يصلي، وحجب زوجته، والتزم في مسجدي، ثم شفاها الله، وبعد حين دُعيت إلى عقد قران من قِبله لابنته، وألقيت كلمة، ولما انتهت الكلمة سألته: هيَ هي ؟! قال: هيَ هي، والله بكيت، قلت: يا رب، هذا المرض الخبيث جاء كضيف فهدى الأب والأم، وانصرف بسلام، هذا فعل الله عز وجل.

﴿ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾

( سورة السجدة ).

لكن البطولة أن تأتيه طائعاً، أن تأتيه مسرعاً، قبل أن يأتي بك مسرعاً، هذه بطولة كبيرة، وأنت معافى صحيح، ليس عندك مشكلة، آمن في بيتك، عندك زوجة وأولاد، وعندك عمل، وتصلي، وتدعو، وتناجي.

(( اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين، وأنت ربي، إلى من تكلني ؟ إلى بعيد يتجهمني، أم إلى عدو ملكته أمري، إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي، ولكن عافيتك أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تنزل بي غضبك، أو أن يحل علي سخطك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بالله ))

الإسراء والمعراج مكافأة لمحنة الطائف:

أيها الإخوة، محنة الطائف أوصلت النبي الكريم إلى الإسراء والمعراج.

﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾

( سورة الإسراء ).

لو أنك تتغتع في حفظ القرآن تقول: إنه على كل شيء قدير،

﴿ إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾

يعني يا محمد سمعتك في الطائف، وهذه المكافأة، أنت سيد الخلق، وحبيب الحق، الإسراء والمعراج هي المنحة بعد المحنة، الإسراء والمعراج هي الشَدة إليه بعد الشِدة ، فاطمئن، ما من محنة تبتلى بها كمؤمن إلا وراءها منحة من الله، ما من شِدة تقع بك إلا وراءها شَدة إلى الله.

الأحداث التي وقعت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم مقصودة لذاتها

أيها الإخوة، الأحداث التي وقعت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم مقصودة لذاتها، ليقف النبي منها الموقف الكامل، ضُرب، وهذا شيء لا يصدقه العقل، وهو سيد الخلق، من أجل ماذا، إذا دعا إنسان إلى الله في بلد صعب، وحقِّق معه، وتلقى بعض الكدمات فإن له برسول الله صلى الله عليه و سلم أسوة حسنة، له بالنبي عليه الصلاة والسلام أسوة حسنة، إذا اتهمت امرأة في أعلى درجة من الشرف والطهر والعفاف في عفافها فلها بالسيدة عائشة أسوة حسنة، إذا كان لأب بار بأبنائه ابن عاق فله بسيدنا نوح أسوة حسنة، إذا كان لإنسان زوجة سيئة فله بسيدنا لوط أسوة حسنة، إذا كان لإنسان أب سيئ جداً فسيدنا إبراهيم أسوة حسنة، إذا كان الإنسان عقيمًا فمَن أسوته الحسنة ؟ سيدنا زكريا، إذا كان الإنسان مريضًا فأسوته سيدنا أيوب، هؤلاء قمم البشر، وكل نبي يغطي مشكلة في المجتمع، حتى تحب الله وأنت في هذه المشكلة.
ماذا أثر عن سيدنا عمر ؟ كان إذا أصابته مصيبة قال: " الحمد لله ثلاثاً، الحمد لله إذ لم تكن في ديني، والحمد لله إذ لم تكن أكبر منها، والحمد لله إذ ألهمت الصب عليها ".
أحيانا يقع حادث سير، لكن ليس ثمة جروح، الضرر في المركبة فقط، وتصليحها سهل، وقد تكلِّف مالاً، أما لو قطعت إصبع فشيء صعب، فكل لمصيبة مصيبة أكبر منها، وأكبر المصائب أن تكون المصيبة في الدين، كشارب خمر، أو زان، أو مَن ينكر ما علم بالدين للضرورة، هذه مصيبة، بنت منحرفة، هذه مصيبة، ابن عاق، هذه مصيبة، دخل حرام، هذه مصيبة، ألِف المعصية والإثم، هذه مصيبة، " الحمد لله إذ لم تكن في ديني، والحمد لله إذ لم تكن أكبر منها، والحمد لله إذ ألهمت الصبر عليها ".
أيها الإخوة، محنة الطائف كانت سبب الإسراء والمعراج، وفي الإسراء والمعراج أعلم الله نبيه أنه سيد الخلق، وسيد الأنبياء والمرسلين، وسيد ولد آدم، وكان عليه الصلاة والسلام يقول:

(( سَلُوا اللّه لِي الوَسِيلَةَ، فإنها مَنْزِلَةٌ في الجَنَّةِ لا تَنْبَغِي إلاَّ لِعَبْدٍ مِنْ عِبادِ اللّه، وأرْجُو أنْ أكُونَ أنا ))

[ رواه مسلم عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص ].

هذا هو المقام المحمود، ولا يكون إلا لواحد من الخلق، 

(( وأرْجُو أنْ أكُونَ أنا ))

كما قال عليه الصلاة والسلام:

(( سَلُوا اللّه لِي الوَسِيلَةَ، فإنها مَنْزِلَةٌ في الجَنَّةِ لا تَنْبَغِي إلاَّ لِعَبْدٍ مِنْ عِبادِ اللّه، وأرْجُو أنْ أكُونَ أنا ))

وفي درس قادم إن شاء الله ننتقل إلى فقرات السيرة النبوية العطرة. 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور