وضع داكن
19-04-2024
Logo
أحاديث متفرقة - الدرس : 029 - أحاديث تبدأ بحرف الخاء.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
 أيها الإخوة الأكارم، كتب الحديث كثيرة جداً، من كتب الحديث ما رتبت فيها الأحاديث وفق حروف المعجم، فتصنف الأحاديث وفق أوائل حروفها، وأردت في هذا الدرس أن نقرأ، ونشرح بعض الأحاديث الشريفة من باب حرف الخاء، فالنبي عليه الصلاة والسلام فيما رواه أبو نعيم الأصبهاني يقول:

((خاب عبد وخسر - النبي عليه الصلاة والسلام يقول هذا الكلام - خاب عبد وخسر - يعني أخفق في مسعاه، وخسر آخرته - خاب عبد وخسر من لم يجعل الله تعالى في قلبه رحمةً للبشر))

[أبو نعيم في الحلية عن عمرو بن حبيب، وذكره السيوطي في الجامع الصغير]

  هذا مقياس أيها الإخوة دقيق جداً، لو حصلت كل الدنيا، وكان قلبك قاسياً ممتلئًا قسوة على البشر فقد خبت، وخسرت، لو أصبحت أغنى أغنياء الدنيا، وكان قلبك ممتلئاً قسوةً على البشر فقد خبت وخسرت، لو حققت أعظم البطولات، وكان قلبك ممتلئاً قسوةً على البشر لم يقل على المؤمنين، على البشر،

((خاب عبد وخسر من لم يجعل الله تعالى في قلبه رحمةً للبشر))

  فهذا مقياس أيها الإخوة: ليكن بين أيديكم في كل نشاطات حياتكم، في بيعكم، إن لم ترحم هذا المشتري بنوع البضاعة وسعرها فليس في صلاتك قيمة، ولا لصيامك، ولا لحجك، ولا لزكاتك، إن لم ترحم الصغير، وتعطف على الكبير، إن لم تبك للأرملة والمسكين، إن لم يذب قلبك ألماً لجوع الفقير، فهذه الصلاة والصيام والحج والزكاة لا قيمة لها عند الله، إن كل هذه العبادات من أجل هذه المشاعر الإنسانية، فإن لم تكن فلا قيمة لهذه العبادات،

((خاب عبد وخسر من لم يجعل الله تعالى في قلبه رحمةً للبشر))

 فكيف إذا تلذذ الإنسان بآلام البشر ؟ فكيف إذا تلذذ الإنسان بإيقاع أكبر الأذى بالبشر ؟

((خاب عبد وخسر من لم يجعل الله تعالى في قلبه رحمةً للبشر))

  هل في هذا الحديث ما يقابله في القرآن الكريم، أنا أسألكم ؟ هل في القرآن الكريم آية تؤكد هذا الحديث ؟ قال تعالى:

 

﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾

 

[ سورة الأنبياء: 107]

﴿وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً﴾

[ سورة الحديد: 27]

  فإن كان في قلوب هؤلاء لؤماً وقسوة فهؤلاء ليسوا متبعين للسيد المسيح.

 

﴿وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً﴾

 

[ سورة الحديد: 27]

 قال تعالى:

 

﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً﴾

 

[ سورة الكهف: 103-104]

﴾ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ﴿

[ سورة الزمر: 22]

  إذاً مقياس دقيق جداً، مقياس النجاة، مقياس رضاء الله عز وجل، مقياس الفوز، مقياس الفلاح، أن يمتلئ قلبك رحمةً بالبشر كائنًا من كانوا، هذا حديث في حرف الخاء.
 حديث آخر في باب حرف الخاء، عن سيدنا أنس رضي الله عنه قال عليه الصلاة والسلام:

((خذ الأمر بالتدبير ))

[البيهقي في شعب الإيمان عن أنس، والسيوطي في الجامع الصغير]

  أنت إنسان عاقل، أعطاك الله عقلا، ميزك بالعقل على سائر البشر، منحك هذه النعمة التي لم يمنحها إلا لك أيها الإنسان،

((خذ الأمر بالتدبير، فإذا رأيت في عاقبته خيراً فامض، وإن خفت غياً فأمسك))

 وفي حديث آخر يؤكد هذا الحديث:

((إذا أردت إنفاذ أمر فتدبر عاقبته))

[الزهد لابن المبارك، والسيوطي في الجامع الصغير عن عبد الله بن مسور]

  العاقل يحسب حسابًا لما سيكون، لما هو حاصل لو فعل هذا الأمر، لذلك يقولون: إن سيدنا معاوية كان من الدهاة، وكان سيدنا عمرو بن العاص من الدهاة أيضاً، فمرة تذاكرا، ولا شيء أمتع من مذاكرة الأذكياء، أو مذاكرة العلماء، قال: يا عمرو، ما بلغ من دهائك ؟ قال: والله ما دخلت مدخلاً إلا أحسنت الخروج منه، فتبسم سيدنا معاوية وقال: لست بداهية، قال: أمّا أنا فوالله ما دخلت مدخلاً أحتاج أن أخرج منه.
 أيها الإخوة: بعملك، بحرفتك، بمهنتك، بصناعتك، بتجارتك، بعداوتك، قبل أن تقدم تدبر عاقبة الأمر،

((إذا أردت إنفاذ أمر فتدبر عاقبته))

[الزهد لابن المبارك، والسيوطي في الجامع الصغير عن عبد الله بن مسور]

  هكذا يقول عليه الصلاة والسلام.

 

((خذ الأمر بالتدبير، فإذا رأيت في عاقبته خيراً فامض، وإن خفت غياً فأمسك))

 

[الزهد لابن المبارك، والسيوطي في الجامع الصغير عن عبد الله بن مسور]

  إياك أن تمضي، أمسك، هذا هو العقل، لو فرضنا رجلا أعطاك مبلغًا من المال كبيرًا جداً، ثمن بيت، بعد أن قبضت المال عداً ونقداً، وذهبت كي تضعه في موضع ما، إذا بهذا المبلغ مزور كله، أليس هناك خيبة أمل كبيرة جداً ؟ طبعاً، لو كان معك جهاز في جيبك يكشف لك العملة المزورة من الصحيحة، وقبضت هذا المبلغ الكبير، ولم تستعمل الجهاز، وبإمكانك أن تضع يدك في جيبك، وأن تخرج الجهاز، وأن تضع العملة عليه فيكشف لك زيف هذه العملة من صحيحها، هذا العمل البسيط ما فعلته، قبضت هذا المبلغ الكبير ثمن بيت، وذهبت كي تضعه في مكان ما، فإذا هو مزور، هل في الدنيا كلها من هو أحمق من هذا الإنسان ؟ معك الجهاز فاستعمله، تشتري ذهباً على أنه كذا غرام، ومعك ميزان، زنه، يا أخي غشّني، الذهب كان نصف وزنه، معك ميزان حساس.
 يا أيها الإخوة الأكارم، الإنسان قيمته بعقله، كنت أقول لكم دائماً: الجماد له حيز، والنبات له حيز مع النمو، والحيوان له حيز مع النمو والحركة، والإنسان له حيز مع النمو والحركة والعقل، لذلك أرجحكم عقلاً أشدكم لله حباً، إذا أردت إنفاذ أمر فتدبر عاقبته في كل قضية، قبل أن تزوج ابنتك من فلان، سألت عنه سؤلاً كافياً، عرفت مدخله ومخرجه، عرفت تربيته، عرفت دينه، عرفت دخله، عرفت تربيته،، عرفت أهله، عرفت مستواه، قالوا عنه: آدمي، أين تمشي بعد أن زوجته، كل يوم في مشكلة، يوم ضربها فيه، ويوم أجاعها، ويوم أهانها، ويوم طردها، هل سألت عنه ؟

((إذا أردت إنفاذ أمر فتدبر عاقبته))

[الزهد لابن المبارك، والسيوطي في الجامع الصغير عن عبد الله بن مسور]

   حتى في التجارة، حتى في شراء بضاعة، قبل أن تعقد الصفقة، قبل أن تقول: قبلت، قبل أن تشتري هذا البيت، قد يكون تحت التنظيم، قد يكون في أساسه عطل، قد يكون عليه إشارة رهن، قبل أن تعطي هذا المبلغ أخذت إيصالا منه، هذا توجيه النبي عليه الصلاة والسلام، وتقول: أنا مؤمن، وعلى الله متوكل، هذه سفاهة.
  النبي عليه الصلاة والسلام دخل أعرابي عليه، وترك ناقته خارج المسجد غير مقيدة، فَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ يَقُولُ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَعْقِلُهَا وَأَتَوَكَّلُ، أَوْ أُطْلِقُهَا، وَأَتَوَكَّلُ ؟ قَالَ:

((اعْقِلْهَا وَتَوَكَّلْ))

[الترمذي]

   والمؤمن كيس فطن حذر في كل شؤون حياته، سهل أن تدخل مدخلا، لكن الخروج منه صعب، الدخول في الشيء سهل، أما الخروج منه قد يكون ليس من اختيارك، فالنبي عليه الصلاة والسلام فيما رواه سيدنا أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

((خذ الأمر بالتدبير، فإذا رأيت في عاقبته خيراً فامض، وإن خفت غياً فأمسك))

[الزهد لابن المبارك، والسيوطي في الجامع الصغير عن عبد الله بن مسور]

  عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:

((خَصْلَتَانِ مَنْ كَانَتَا فِيهِ كَتَبَهُ اللَّهُ شَاكِرًا صَابِرًا، وَمَنْ لَمْ تَكُونَا فِيهِ لَمْ يَكْتُبْهُ اللَّهُ شَاكِرًا وَلَا صَابِرًا، مَنْ نَظَرَ فِي دِينِهِ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَهُ فَاقْتَدَى بِهِ، وَمَنْ نَظَرَ فِي دُنْيَاهُ إِلَى مَنْ هُوَ دُونَهُ فَحَمِدَ اللَّهَ عَلَى مَا فَضَّلَهُ بِهِ عَلَيْهِ كَتَبَهُ اللَّهُ شَاكِرًا صَابِرًا، وَمَنْ نَظَرَ فِي دِينِهِ إِلَى مَنْ هُوَ دُونَهُ، وَنَظَرَ فِي دُنْيَاهُ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَهُ فَأَسِفَ عَلَى مَا فَاتَهُ مِنْهُ لَمْ يَكْتُبْهُ اللَّهُ شَاكِرًا وَلَا صَابِرًا))

[ الترمذي ]

  هذا حديث مريح جداً:

((خَصْلَتَانِ مَنْ كَانَتَا فِيهِ كَتَبَهُ اللَّهُ شَاكِرًا صَابِرًا))

  الإيمان نصف صبر، ونصف شكر،

((خَصْلَتَانِ مَنْ كَانَتَا فِيهِ كَتَبَهُ اللَّهُ شَاكِرًا صَابِرًا، وَمَنْ لَمْ تَكُونَا فِيهِ لَمْ يَكْتُبْهُ اللَّهُ شَاكِرًا وَلَا صَابِرًا))

  ما هما هاتان الصفتان والخصلتان ؟ قال عليه الصلاة والسلام:

((مَنْ نَظَرَ فِي دِينِهِ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَهُ))

  أكبر خطأ عند إخواننا أن أحدنا يوازن نفسه مع رجلٍ عاص، أنا الحمد لله ملك أمامه، يوازن نفسه مع واحد أكل مالا حرامًا، مع مرتكب كبيرة، مع شارب خمر، مع من لا يصلي، طبعاً أنت ملك أمامه، أما البطولة في الدين أن توازي نفسك مع من هو فوقك، مع أصحاب رسول الله، مع هؤلاء الرجال الذين أحبوا رسول الله الذين، وفدوه بأرواحهم، وأنفقوا مالهم، وبذلوا الغالي والرخيص، والنفس والنفيس.

 

((مَنْ نَظَرَ فِي دِينِهِ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَهُ فَاقْتَدَى بِهِ، وَمَنْ نَظَرَ فِي دُنْيَاهُ إِلَى مَنْ هُوَ دُونَهُ فَحَمِدَ اللَّهَ عَلَى))

  نظرتان رائعتان تجعلانك أسعد الناس في أمر دينك، انظر إلى أصحاب رسول الله، إلى المؤمنين الصادقين، إلى العلماء العاملين، إلى المخلصين، إلى المضحين، إلى الباذلين في أمر الدين، لا توازن نفسك مع سوقة الناس، مع دهماء الناس، مع عامة الناس، مع المنحرفين، مع العصاة، مع الفاسقين، مع الفاجرين، إنك إذا وازنت نفسك معهم بقيت في مكانك، ولا ترقى.
 مثلاً طالب اجتهاده وسط، اجعله مع طلاب أغبياء جداً، مع طلاب بله، مع طلاب متخلفين عقلياً، يجد نفسه عبقريًا، فلتة زمانه، أدخله في شعبة متفوقة يكون آخر واحد، إذا جلس هذا الطالب مع طلاب متخلفين عقلياً لا يجتهد إطلاقاً، يبرك، أما إذا دخل إلى شعبة متفوقة، ورأى ضعفه في اللغة، وضعفه في الرياضيات، وضعفه في كذا يجتهد، فأنت إذا أردت التفوق فلا ينبغي أن توازن نفسك مع من هم دونك في الدين، بل وازن نفسك مع من هم فوقك.
 مثلاً اقرأ عن أصحاب رسول الله، اقرأ عن ورعهم، اقرأ عن بذلهم وتضحيتهم، اقرأ عن بذلهم لرسول الله، اقرأ عن حفظهم للقرآن، اقرأ عن دعوتهم إلى الله عز وجل، اقرأ عن المودة التي بينهم، اقرأ عن كل ذلك تر نفسك صغيراً، اجتهد، أما إذا وازنت نفسك مع أناس عصاة من عامة الناس، من دهماء الناس كيف ترقى ؟ هذه نصيحة رسول الله، في أمر دينك انظر إلى من هو فوقك، أما في أمر دنياك، ساكن في بيت، هناك شخص ليس عنده بيت، بيتك ملك، غيرك بيته بالأجرة، بيتك يكفيك، غيرك بيته لا يكفيه، عندك قوت يومك، وهناك من ليس عنده قوت يومه، أجهزتك سليمة، غيرك يريد غسيل الكلية كل أسبوع مرتين، صحتك طيبة، غيرك صحته ليست طيبة، بصرك حاد، غيرك بصره فيه ضعف.
 في أمر الدنيا انظر إلى من هو دونك تر نفسك مغموراً في النعم، غارقاً بها، يمتلئ قلبك امتناناً لله عز وجل، الأعضاء سليمة، الحركة سليمة، البصر سليم، السمع سليم، النطق سليم، العقل سليم، عندك أولاد، عندك زوجة، عندك أهل، عندك قوت يومك.

 

 

((خَصْلَتَانِ مَنْ كَانَتَا فِيهِ كَتَبَهُ اللَّهُ شَاكِرًا صَابِرًا، وَمَنْ لَمْ تَكُونَا فِيهِ لَمْ يَكْتُبْهُ اللَّهُ شَاكِرًا وَلَا صَابِرًا ؛ مَنْ نَظَرَ فِي دِينِهِ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَهُ فَاقْتَدَى بِهِ، وَمَنْ نَظَرَ فِي دُنْيَاهُ إِلَى مَنْ هُوَ دُونَهُ فَحَمِدَ اللَّهَ عَلَى مَا فَضَّلَهُ بِهِ عَلَيْهِ...))

  الإنسان أحياناً إذا زار مستشفى فلا مانع، انظر إلى أجنحة الأمراض الجلدية، كل منظر ينفر، أمراض الأعصاب، أمراض جهاز الهضم، أمراض الجهاز الدوران، أمراض القلب، إذا أكرمنا الله عزوجل بصحة، ونحن بين أهلينا، ليس أحدنا مضطرًا للتحاليل فهذه نعمة، الإنسان يضطر أن يسافر خارج القطر ليعالج، يجد الصعوبات والمشقات، والأجر الكبير، فإذا عافى الله الإنسان يكون قد أكرمه إكرامًا كبيرًا

 

، ((... وَمَنْ نَظَرَ فِي دِينِهِ إِلَى مَنْ هُوَ دُونَهُ، وَنَظَرَ فِي دُنْيَاهُ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَهُ فَأَسِفَ عَلَى مَا فَاتَهُ مِنْهُ لَمْ يَكْتُبْهُ اللَّهُ شَاكِرًا وَلَا صَابِرًا))

 هذه نصيحة ثانية، النصيحة الأولى:

((خاب عبد وخسر، من لم يجعل الله تعالى في قلبه رحمةً للبشر))

 هذا أول مقياس، النصيحة الثانية:

((خذ الأمر بالتدبير، فإذا رأيت في عاقبته خيراً فامض، وإن خفت غياً فأمسك))

  النصيحة الثالثة:

((... خَصْلَتَانِ مَنْ كَانَتَا فِيهِ كَتَبَهُ اللَّهُ شَاكِرًا صَابِرًا، وَمَنْ لَمْ تَكُونَا فِيهِ لَمْ يَكْتُبْهُ اللَّهُ شَاكِرًا وَلَا صَابِرًا ؛ مَنْ نَظَرَ فِي دِينِهِ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَهُ فَاقْتَدَى بِهِ، وَمَنْ نَظَرَ فِي دُنْيَاهُ إِلَى مَنْ هُوَ دُونَهُ فَحَمِدَ اللَّهَ عَلَى مَا فَضَّلَهُ بِهِ عَلَيْهِ كَتَبَهُ اللَّهُ شَاكِرًا صَابِرًا، وَمَنْ نَظَرَ فِي دِينِهِ إِلَى مَنْ هُوَ دُونَهُ، وَنَظَرَ فِي دُنْيَاهُ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَهُ فَأَسِفَ عَلَى مَا فَاتَهُ مِنْهُ لَمْ يَكْتُبْهُ اللَّهُ شَاكِرًا وَلَا صَابِرًا))

  بالمناسبة سيدنا علي رضي الله عنه صنف النعم ثلاثة أصناف، جعل في رأسها نعمة الهدى، فالذي عرف الله أيها الإخوة ما فاته شيء، ينبغي ألاّ يندم على شيء، من عرف الله، وعرف أمره، وطبق أمره، هذا لا ينبغي أن يندم على شيء فاته من الدنيا، لأنك إذا وجدت الله فماذا فقدت ؟ وإذا فقدت الله فماذا وجدت ؟ يا ربي ماذا فقد من وجدك ؟ وماذا وجد من فقدك ؟.
 النعمة الثانية نعمة الصحة، ما دمت تتمتع بصحة جيدة أنت وأهلك وأولادك فعلى الدنيا السلام، كل الدنيا لقمتان تملأ بهما معدتك، بيت يؤويك، ولقمتان تملأ بهما معدتك، هذه الدنيا كلها، وكل هذا الصراع، وكل هذا الشقاء، وكل هذا الحسد، وكل هذه البغضاء، وكل هذه المشكلات إنما من أجل شيء تافه زائل، ولا تنافسوا في شيء أنتم عنه زائلون.
 النعمة الثالثة الكفاية، أن يكون عندك قوت يومك، لهذا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مِحْصَنٍ وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

((مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا))

[الترمذي]

 الآن هناك حديث رواه الإمام الطبراني عن ابن عباس، وهو حديث خطير، يقول عليه الصلاة والسلام كلمة خطيرة إذا ذكرتها، تقول: القمح مادة خطيرة في حياة الإنسان، يعني مادة مهمة، ليس معنى أنها مادة مؤذية، هذا معنى خطير، أمر خطير، شيء خطير، وهكذا.
يقول عليه الصلاة والسلام:

((ما نقض قوم العهد إلا سلط عليهم عدوهم))

[الطبراني في الكبير عن ابن عباس، والبيهقي في الشعب]

 أيّ عهد هذا ؟ عهد الناس مع الله عز وجل، أنت عاهدت الله على أن تستقيم على أمره، عاهدته أن تعرفه في الدنيا، عاهدته أن تعبده، عاهدته أن تفعل الصالحات،

((ما نقض قوم العهد إلا سلط عليهم عدوهم))

 وربنا عز وجل قال:

 

﴿وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً﴾

 

[ سورة النساء: 141]

  وقال تعالى:

 

﴿إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا﴾

 

[ سورة الحج: 38]

  وقال تعالى:

 

﴿إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ﴾

 

[ سورة آل عمران: 160]

﴿إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ﴾

[ سورة محمد: 7]

﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً﴾

[ سورة النور: 55]

 قال تعالى:

 

﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً﴾

 

[ سورة النحل: 97]

  آيات كثيرة جداً تؤكد أن المؤمن إذا آمن حقيقةً فله عند الله مكافأة في الدنيا قبل الآخرة، لذلك:

((ما نقض قوم العهد إلا سلط عليهم عدوهم، وما حكموا بغير ما أنزل الله إلا فشا فيهم الفقر))

 إذا حكموا بغير ما أنزل الله، إذا اتخذوا شيئاً من صنع أنفسهم، إذا اتخذوا شيئاً هم صنعوه بجهلهم، أو بنزواتهم، أو لمصلحتهم، أو لأنانيتهم.

 

((وما حكموا بغير ما أنزل الله إلا فشا فيهم الفقر، ولا ظهرت فيهم الفاحشة إلا فشا فيهم الموت ))

  والموت هنا كناية عن المرض العضال، كمرض الإيدز الآن، في العالم عشرة ملايين إنسان يحملون هذا المرض، وهذا مرض مميت، مرض عضال.

 

 

((ولا ظهرت فيهم الفاحشة إلا فشا فيهم الموت، ولا طففوا المكيال إلا منعوا النبات، وأخذوا بالسنين، وما منعوا الزكاة إلا حبس عنهم القطر))

  مطر السماء له قوانين، العاقل من يبحث عن العلة الخفية، لا عن العلة الظاهرة، مثلاً الزلزال له علة ظاهرة، يقول لك: تموت في طبقات الأرض الدنيا، انزلاق طبقة عن طبقة، هذه علته الظاهرة، أما علته الخفية أن الله عز وجل أراد إهلاك هذه البلدة، فدائماً الإنسان العاقل يتجاوز الشيء الظاهر إلى الشيء الخفي، يضربون مثلا لذلك: أنك إذا دخلت بيتًا صاحبه قد اغتصبه من إخوته، لو أن أبًا ترك بيتًا وأحد الإخوة اغتصب هذا البيت من بقية إخوته، وزينه، وفرشه، واعتنى به، فإذا دخلت هذا البيت أنت أمام عاطفتان، عاطفة إعجاب باتساع هذا البيت، وأناقة هذا الفرش، وذوق صاحب البيت، وبين احتقارٍ لعدوانه على إخوته، كان يجب أن يبيع هذا لبيت، وأن يوزع الثمن بين إخوته جميعاً، فالإنسان السطحي يعجب بذوق صاحب البيت، واختيار هذا الفرش الأنيق، وتمتعه بالذوق، بينما صاحب العاطفة العميقة يرى أن هذا الإنسان ظالم، وأنه مغتصب، وأنه أخذ ما ليس له، فالإنسان لا ينبغي أن يبقى في ظواهر الأمور، بل عليه أن يعود إلى خلفياتها، إلى الأسباب الخفية، فإذا رأيت أن المطر لا ينزل، وأن السماء قد حُبست، و أن النبات لا ينبت، أو أن الموت قد فشا، فمن علامات قيام الساعة كما ذكر النبي عليه الصلاة والسلام:

 

((موت كعقاص الغنم، لا يدري القاتل فيم يقتل، ولا المقتول فيم قُتل))

[رواه مسلم بلفظ: يأتي على الناس يوم لا يدري القاتل فيم قَتَل، ولا المقتول فيم قُتل]

 لا القاتل يعرف لمَ يقتل، ولا المقتول يعرف لماذا قُتل، هذا من علامات قيام الساعة، لذلك الحديث الذي رواه ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: خمس بخمس هذه بتلك هذه المصيبة، الكبيرة بهذا الذنب الكبير، هذه الجائحة بهذا الظلم، هذا الفقر بهذا العصيان، خمس بخمس، لما تقرأ قوله تعالى:

 

﴿وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً﴾

 

[ سورة الإسراء: 71]

  الفتيل خيط في شقي النواة، ولما تقرأ قوله تعالى:

 

﴿وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيراً﴾

 

[ سورة النساء: 124]

  نتوء مدببة في طرف النواة، غشاء رقيق يغلف النواة.
 أيها الناس أنتم لا تظلمون لا بقدر النقير، ولا بقدر الفتيل، ولا بقدر القطمير، والله سبحانه وتعالى قال:

 

﴿فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ﴾

 

[ سورة العنكبوت: 40]

((خمس بخمس - ربَّ قد عصيتك، ولم تعاقبني، قال: عبدي لقد عاقبتك، ولم تدر - خمس بخمس - إذا قرأت القرآن، وقرأت حديث النبي العدنان))

 ورأيت كيف أن الله سبحانه وتعالى يضعك أمام الأسباب الحقيقية لكي تطمئن نفسك، هناك إله عظيم بيده كل شيء - خمس بخمس - هذه بتلك - ما نقض قوم عهد الله عز وجل - هان على الناس اكتساب المال، حلالا أو حرامًا، يقول لك ليست بينهما فرق، لا تدقق، حط بالخرج، بيضة اليوم، ولا دجاجة غداً، ضع رأسك بين الرؤوس، وقل: يا قطّاع الروس.
 هذه كلمات الناس، أنا عندي أولاد، ماذا أفعل ؟ من هنا إلى يوم الله يفرجها الله، تفضل وتحمّل، قال: يا رسول الله عظني، ولا تطل، أنا طبعي ضيق، قال عليه الصلاة والسلام: قل آمنت بالله، ثم استقم، قال: أريد أخف من ذلك، هذه ثقيلة، قال: أريد أخف من ذلك، قال: فاستعد للبلاء، لا تريد الاستقامة التامة، تحمّل

((خمس بخمس - هان الله عليهم، فهانوا على الله، شربوا الخمر مثلاً، إنسان شارب للخمر، إنسان زان، إنسان ماله حرام))

 يا أخي قسوة الدهر أجبرتني على هذا، قلب لي ظهر المجنّ، القدر يسخر مني، تفضل، هذا الله عز وجل.
 يسبني ابن آدم، وما كان له أن يسبني، يسبني إذا سب الدهر، وأنا الدهر، أقلبه كيف أشاء.

((ما نقض قوم العهد إلا سلط عليهم عدوهم، وما حكموا بغير ما أنزل الله إلا فشا فيهم الفقر))

 يعني إذا حكموا بغير ما أنزل الله، قال تعالى:

 

﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾

 

[ سورة المائدة: 44]

  في سورة واحد، وفي صفحة واحدة، قال تعالى:

 

﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾

 

[ سورة المائدة: 47]

﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾

[ سورة المائدة: 45]

  فاسقون، وظالمون، وكافرون،

((ولا ظهرت فيهم الفاحشة إلا فشا فيهم الموت، ولا طففوا المكيال))

 يعني سلبوا أموال بعضهم، أكلوا أموال بعضهم بالباطل، إن كان في وزن غير صحيح، وإن كان ببيان للبضاعة غير صحيح، وإن كان باحتكار، وإن كان بتدليس، وإن كان باستغلال، وإن كان في ربح بأضعاف مضاعفة.

 

((ولا طففوا المكيال إلا منعوا النبات، وأخذوا بالسنين، وما منعوا الزكاة إلا حبس عنهم القطر))

  فأنت كونك مؤمنًا تقرا القرآن، وتقرأ أحاديث النبي عليه الصلاة والسلام لا تدهش، لا ينبغي أن تندهش لظواهر الأشياء، ابحث عن خلفياتها، ابحث عن الأسباب البعيدة.
 أول حديث:

 

((خاب عبد وخسر من لم يجعل الله تعالى في قلبه رحمةً للبشر))

 والحديث الثاني:

((خذ الأمر بالتدبير، فإذا رأيت في عاقبته خيراً فامض، وإن خفت غياً فأمسك))

  والحديث الثالث:

((خَصْلَتَانِ مَنْ كَانَتَا فِيهِ كَتَبَهُ اللَّهُ شَاكِرًا صَابِرًا، وَمَنْ لَمْ تَكُونَا فِيهِ لَمْ يَكْتُبْهُ اللَّهُ شَاكِرًا وَلَا صَابِرًا ؛ مَنْ نَظَرَ فِي دِينِهِ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَهُ فَاقْتَدَى بِهِ، وَمَنْ نَظَرَ فِي دُنْيَاهُ إِلَى مَنْ هُوَ دُونَهُ فَحَمِدَ اللَّهَ عَلَى مَا فَضَّلَهُ بِهِ عَلَيْهِ كَتَبَهُ اللَّهُ شَاكِرًا صَابِرًا، وَمَنْ نَظَرَ فِي دِينِهِ إِلَى مَنْ هُوَ دُونَهُ، وَنَظَرَ فِي دُنْيَاهُ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَهُ فَأَسِفَ عَلَى مَا فَاتَهُ مِنْهُ لَمْ يَكْتُبْهُ اللَّهُ شَاكِرًا وَلَا صَابِرًا))

 والحديث الخامس :

((خمس بخمس ؛ قيل: يا رسول الله وما خمس بخمس ؟ قال: ما نقض قوم العهد إلا سلط عليهم عدوهم، وما حكموا بغير ما أنزل الله إلا فشا فيهم الموت، ولا منعوا الزكاة إلا حبس عنهم القطر، ولا طففوا المكيال إلا حبس عنهم النبات، وأخذوا بالسنين))

[الطبراني في الكبير عن ابن عباس]

  الحديث السادس: يقول عليه الصلاة والسلام فيما رواه البزار عن ابن عمر:

((خمس من الإيمان، من لم يكن فيه شيء منهن فلا إيمان له...))

[ البزار عن ابن عمر]

  مقياس دقيق:

((خمس من الإيمان، من لم يكن فيه شيء منهن فلا إيمان له، التسليم لأمر الله...))

  شيء وقع، وقع إذاً أراده الله، سمح الله به، سمح الله به إذاً هو عين الحكمة، وعين الرحمة، وعين اللطف، وعين العدالة، وعين الخير، ما دام قد وقع فهو خير، لكن الشر بمفهوم الناس إذا سلبهم دنياهم، هذا شر عندهم، أما الخير عند الله إذا عرفوا ربهم، وإذا رجعوا إليه، وإذا ضمنوا آخرتهم، من هنا يأتي الفرق بين الخير والشر، الشر نسبي، الشر بنظر طفل صغير أخذت منه اللعبة وديست بالأقدام، ودفعه أبوه للدراسة، ونال أعلى المراتب، حينما أخذت منه، وبكى فهذا في نظره شر، لكن في نظر الأب الذي ينظر إلى مستقبل ابنه كيف دفعه للدراسة، وتأمين مستقبله، وتحقيق مرتبة في المجتمع عالية، لذلك إذا نظر الإنسان إلى الدنيا فكل شيء حرم منه شر، إذا قل ربحه شر، إذا فلس شر، إذا تجارته لم تكن رائجة شر، إذا أصابه مرض شر، إذا أصابته مشكلة شر، أما إذا نظر إلى الآخرة فكل هذه المصائب قد تكون محض خير، لهذا كنت أقول: لو كشف الغطاء، ورأيت المصاب الذي ينزل بالإنسان يجب أن يذوب الإنسان حباً لله عز وجل على أن ساق له هذه الشدة، لأن كل شِدّة وراءها شَدّة، وكل محنة وراءها منحة، وكل بلية وراءها دفع إلى الله عز وجل، لابد من أن ترى شيئاً تخافه فتلجأ إلى الله عز وجل، والمصيبة أحياناً مهمتها أن تزداد بها معرفة بالله، وأن تزداد حباً به، لذلك:

((خمس من الإيمان، من لم يكن فيه شيء منهن فلا إيمان له، التسليم لأمر الله...))

  هذا أمر الله، هكذا يريد الله عز وجل، هذا قراره، كما يقولون، هذا تصرفه، هذا فعله، هذه مشيئته، هذه إرادته، هذا قضاؤه، هذا قدره، هكذا يريد الله عز وجل، هل أنت أشد رحمة من الله عز وجل ؟ أشد حكمةً منه ؟ لا، ففي أعماق المؤمن لا ينتقد أفعال ربه أبداً، حسن الظن بالله ثمن الجنة، في أعماق المؤمن لا ينتقد أفعال الله عز وجل.

 

((التسليم لأمر الله والرضا بقضاء الله))

  أحياناً عندك أمر تكويني، وعندك أمر تكليفي، الله عز وجل نهاك عن الربا، أقرضت إنسانًا قرضًا حسنًا، وبعد سنة أعطاك عليه فائدة، تقول: لا، يا أخي، أنا لا آخذ هذا المبلغ، أنا أقرضت قرضاً حسناً، قد يقال لك: خذه، أنت بحاجة ماسة له، هذا أمر الله، هذا أمر تشريعي، أنا وقاف عنه، والأمر التكويني الله عز وجل أراد شيئًا، نقصًا في الأموال، في الأنفس، في الثمرات، في الأمن، خوف مثلاً، هذا أمره التكويني، وذاك أمره التشريعي، فمن علامات إيمانك أن تسلم لأمره التشريعي والتكويني، قال تعالى:

 

 

﴿لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ﴾

 

[ سورة النساء: 11]

  هذا أمر الله عز وجل، إذا قال رجل: الذكر كالأنثى فهذه الأنثى تضج تشمئز، تنقم، لا، قال تعالى:

 

﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُبِيناً﴾

 

[ سورة الأحزاب: 36]

 هذا أمر الله عز وجل، إما أن أمره التشريعي هكذا، فأنا مستسلم، إني لا أصافح النساء، يا أخي حُرجت أمام الناس، صرت صغيرًا مثل الطفل، كأني خائف، هكذا قال النبي عليه الصلاة والسلام:

((إِنِّي لاَ أُصَافِحُ النِّسَاءَ))

[ابن ماجه عن أميمة بنت رقيقة]

  هذا أمر الله عز وجل، يجب أن تسلم له، إذا حرم الله شيئًا فهو حرام، وإذا أحله فهو حلال، لا تدخل عقلك في المحرمات، عقلك متعلق بمصلحتك، أما الأمر الإلهي فمتعلق بمصلحة آخرتك، لذلك:

((خمس من الإيمان، التسليم لأمر الله، والرضا بقضاء الله...))

  قال رجل: يا رب هل أنت راض عني ؟ قال: عبدي هل أنت راض عني حتى أرضى عنك ؟ هذا الإمام الشافعي رضي الله عنه سمع رجلا يطوف حول الكعبة يقول: يا رب هل أنت راض عني ؟ قال له: يا هذا، هل أنت راض عن الله حتى يرضى عنك ؟ قال: وكيف أرضى عنه، وأنا أتمنى رضاه ؟ قال له: إذا كان سرورك بالنقمة كسرورك بالنعمة فقد رضيت عن الله.
 عندك إمكانية أن ترضى بمكروه القضاء، ببر القضاء، فأنت مؤمن، أما على الإكرام فقط فهذا كمن يعبد الله على حرف، فإن أصابه خير اطمأن به، وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه، خسر الدنيا والآخرة.
 والتفويض لأمر الله، العوام يقولون: سلمت أمري إلى الله عز وجل، الله بيده كل شيء، سلمت أمرك لحكيم، لقدير، لغني، لرحيم، لعادل، سلم أمرك إلى الله.
 كن عن همومك معرضاً وكل الأمور إلى القضا

كن عن همومك معرضاً     وكل الأمور إلى القضا
و أبشر بخير عاجــل      تنسَ به ما قد مضـى
فلرب أمر مسخـــط      لك في عواقبه رضـا
ولربما ضاق المضيـق      و لربما اتسع الفضـا
الله يفعل ما يشـــاء       فلا تكن  معترضــا
الله عودك الجميـــل      فقس على ما قد مضى

 نحن في أمسّ الحاجة لهذا الحديث، التسليم لأمر الله، والرضا بقضاء الله، والتفويض لأمر الله، والتوكل على الله، قال تعالى:

﴿فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ﴾

[ سورة النمل: 79]

﴿وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾

[ سورة آل عمران: 139]

﴿إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ﴾

[ سورة آل عمران: 140]

﴿إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ﴾

 

[ سورة النساء: 104]

  والتوكل على الله، والصبر عند الصدمة الأولى، بين الصابر والفاجر زمن فقط، إذا أصابت أحدَنا مصيبةٌ فالشقي الجاهل غير المؤمن، الشقي يضج، يتبرم، يتكلم كلمات قاسية، يتهجم على عدالة الله عز وجل، بعد ثلاثة أيام تراه كنّ وانطفأ، وقال: ماذا نفعل، لا حول ولا قوة إلا بالله، بعد ما أزبد وأرغد، وظهر معدنه، وظهر جهله، وظهرت نقمته على الله عز وجل، وظهر ضيق أفقه، وظهر جهله، البطولة الصبر عند الصدمة الأولى، عند تلقي الخبر، هذه البطولة، أما أي واحد غير صابر بعد ثلاثة أيام ليس أمامه إلا الصبر، لذلك، عَنْ ثَابِتٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

 

((الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الْأُولَى))

[ متفق عليه ]

  عند أول تلقي الخبر تقول: الحمد لله رب العالمين، الحمد لله إذ لم تكن في ديني، هذه قاعدة، هكذا علمنا سيدنا عمر، كل مشكلة مهما كانت كبيرة، أنت مستقيم، لم تأكل مالاً حراماً، لم تشرب خمراً، لم تجترئ على الله، لم تخرق حدود الله، تعرف الله، تعمل لآخرتك، أي مصيبة هينة، أول شيء قل: الحمد لله الذي لم تكن في ديني، والحمد لله إذ لم تكن أكبر منها، الصحة طيبة، حديد بحديد يُحَلّ بالمال، والحمد لله إذ ألهمت الصبر عليها، هذا كلام يأتي على قلب الإنسان برداً وسلاماً، الحمد لله إن لم تكن في ديني، والحمد لله إذا لم تكن أكبر منها، والحمد لله إذا ألهمت الصبر عليها.

 

((خمس من الإيمان، من لم يكن فيه شيء منهن فلا إيمان له، التسليم لأمر الله، والرضا بقضاء الله، والتفويض إلى الله، والتوكل على الله، والصبر عند الصدمة الأولى))

  كلمة (لو) يجب أن تحذفوها من قاموسكم، ليس في الإسلام (لو)، لا تقل: لو أني فعلت كذا وكذا، ولكن قل قدر الله، وما شاء فعل، إلا أن الإسلام استثنوا (لو) واحدة، لو الإيجابية، قال تعالى:

 

 

﴿وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً﴾

 

[ سورة الجن: 16]

  لو ما أكلتُ مالا حرامًا ما دُمّر مالي، نعم، لو ما أكلت ربا ما حدث معي هكذا، صحيح، لك أن تقول هذا ألف مرة، لو ما تجاوزت حدود الله ما ابتليتُ بكذا، هذه قولها مفيد جداً، هذه من علامة إيمانك، لو الإيجابية مسموح بها، إذا جاءتك مشكلة بسبب معصية قلت: لولا هذه المعصية لما أصابني ما أصابني، هذه الكلام منتهى الإيمان، أما لو ذهبت من هذا الطريق لما أصبت بهذا الحادث، لا، كل شيء بقضاء من الله وقدر.
 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ...:

((إِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ: لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ قَدَّرَ اللَّهُ، وَمَا شَاءَ فَعَلَ، فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ))

[ مسلم، أحمد، ابن ماجه ]

  الحديث الذي بعده، وما زلنا في حرف الخاء، هذه الخاء مباركة:

((خياركم من ذكركم بالله رؤيته، وزاد في علمكم منطقه، ورغبكم بالآخرة عمله))

[مسند أبي يعلى الموصلي عن ابن عباس]

  خيار الناس يعني إذا تعلمت القرآن الكريم، وعلمته فأنت مستقيم بين أهلك، بين جيرانك، إذا أطللت عليهم أحبوا الله من خلالك، تجد المؤمن المنيب إلى الله إذا زار أهله ذكرهم بالله، لو بقي ساكتًا فسمته حسن، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام، أعجبه سمتنا، وزينا، سمته حسن، وجهه منير، نيته طيبة، صدره سليم، فإذا دخل إلى قوم، زار أناساً يذكرون الله عز وجل حينما يرونه.

 

((خياركم من ذكركم بالله رؤيته، وزاد في علمكم منطقه))

  علمك قضية، علمك تفسير آية، علمك قضية في العقيدة، علمك حديثًا شريفًا صحيحًا، علمك توجيهًا نبويًا، علمك شيئًا عن أصحاب رسول الله e.
 اليوم ذكرت لأخ من إخواننا زارني في البيت، قلت له: كل درس من الدروس يصبح لبنة، أنت لا تشعر كم من حديث شُرِح، أما أنت فبعد ستة أشهر تجد عندك بناء، لبنة فوق لبنة، اجلس مع واحد جاهل تعرف أن لك موقفًا صحيحًا، هذه حلال، هذه حرام، مرحلة ثالثة أصبحت سعيدًا، صار لك مستوى نفسي راق، وسببه عملك الصالح، وعملك الصالح سببه العلم الذي تعلمته، الإنسان لا يشعر في جلسة واحدة ماذا صار معه، ولكن على المداومة والاستمرار، يضع لبنة فوق لبنة، ودرسًا فوق درس، حقيقة فوق حقيقة، في القرآن، في الحديث، في الفقه، عندئذ يشعر أنه إنسان آخر، امتلأ علماً، امتلأ قرباً، امتلأ حكمةً، عنده كلام لطيف، عنده مواقف لطيفة، عنده مشاعر عالية، هكذا المؤمن، فلذلك، إن بيوتي في الأرض المساجد، وإن زوارها هم عمارها، فطوبى لعبد تطهر في بيته، ثم زارني، وحق على المزور أن يكرم الزائر.
 في المساجد ليس عندنا شاي، وكعك، ولكن فيها حديث تسعد به إلى الأبد، فيها آية قرآنية تفهمها تجعل في حياتك انعطافاً، تقول: أنا منذ أن حضرت هذا الدرس، وفهمت هذه الآية صار عندي انعطاف في حياتي، الإنسان قد يسعد بفكرة، قد يسعد بالتفاتة إلى الله عز وجل، قد يسعد بإشراق في قلبه، فهذه المساجد بيوت الله، وربنا عز وجل يرزق كل من دخلها، قال تعالى:

 

 

﴿قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾

 

[ سورة آل عمران: 37]

  حتى الإنسان لا يقلق إذا أغلق دكانه، مشكلة، جمده، جاء إلى الجامع، هم في مساجدهم والله، في حوائجهم، تحل أمورك.
 هناك قصة للتسلية، واحد ضاع حماره، والطحنة في الطاحون، ويريد أن يسقي أرضه، وجاء وقت الدرس، هذه يرويها بعض العلماء، فترك الطحنة في الطاحونة، والدابة ضائعة، وأرضه لم يسقها، جاء وحضر مجلس العلم، جاء الخبز بالخطأ إلى البيت، أعطوه خبز جاره، وجاره نسي الأرض، نام فطفا الماء على أرضه وسقاها، هذه من باب الطرف، هم في مساجدهم، والله في حوائجهم، والدابة عادت وحدها.

 

((خياركم من ذكركم بالله رؤيته، وزاد في علمكم منطقه، ورغبكم بالآخرة عمله))

  الخير الأول: من ذكركم بالله رؤيته.
 الحديث الآخر:

 

(( خيركم من لم يترك آخرته لدنياه، ولا دنياه لآخرته، ولم يكن كلاً على الناس))

[ رواه الديلمي ]

  أقبل على آخرته، على معرفة الله، ودنياه أخذ منها بنصيب،

((ولا دنياه لآخرته))

 أقام موازنة، المال قوام الحياة، قيمة المرء ما يحسنه، لك مصلحة، لك حرفة تخدم الناس بها، عندك حرفة مثلاً، لك وظيفة تنفع الناس بها، وتكسب منها قوت يومك، وتنفق بها على أهلك،

((خيركم من لم يترك آخرته لدنياه، ولا دنياه لآخرته، ولم يكن كلاً على الناس))

 يده عليا، وليست سفلى، لم يكن كلاً على الناس، وخُيِّر سليمان بين المال والملك والعلم، ثلاث قوى في الحياة، قوة المال، وقوة الملك، وقوة العلم، سيدنا سليمان خيِّر بين المال والملك والعلم، فاختار العلم، فأعطي الملك والمال.
 اختار العلم، قال تعالى:

 

﴿وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً﴾

 

[ سورة البقرة: 269]

  أنت بالحكمة تجلب المال، وبالحمق تبدده، أنت بالحكمة تجعل العدو صديقاً، وبالحمق تجعل الصديق عدواً، أنت بالحكمة تجعل من الزوجة السيئة صالحةً، وبالحمق تجعل الصالحة سيئةً، فلما قال تعالى:

 

﴿وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً﴾

 

[ سورة البقرة: 269]

  هذا أثمن عطاء، سيدنا سليمان خيّر بين المال والملك والعلم، فاختار العلم، فأعطي الملك والمال.
 هذا مصداق قول النبي عليه الصلاة والسلام:

((من آثر دنياه على آخرته خسرهما معاً ومن آثر آخرته على دنياه ربحهما معاً))

[ورد في الأثر]

  والخير كثير وقليلٌ فاعله، شيء يعصر القلب أبواب الخير مفتحة على مصاريعها، أهلك باب للخير، الاعتناء بالزوجة وتعليم الزوجة، والاعتناء بالبنات الصغار، وتعليم البنات الصغار فروض الدين والصلاة والقرآن، والتفقه بالدين بمحلك التجاري باب للخير، تنصح المسلمين، تكون صادقًا معهم، تعطيهم بضاعة جيدة بسعر معتدل، في علاقتك مع الأقارب، مع الجيران، مع إخوانك، أبواب الخير مفتحة على مصاريعها، أن تعتني بهرة، أن تعتني بحيوان ليس له من يرعاه مثلاً، أن تنفق من مالك، أن تنفق من جاهك، أن تنفق من وقتك، أن تنفق من عضلاتك، ربنا عز وجل ركب الحياة كلها على العمل الصالح، زواجك عمل صالح، إنجاب الأولاد عمل صالح، تربية الأولاد عمل صالح، تزويج الأولاد عمل صالح، تزويج البنات عمل صالح، تأمين عمل لابنك عمل صالح، كيفما تحركت فأبواب العمل الصالح مفتحة، إذا قرأت القرآن، إذا علمت القرآن، إذا حضرت مجلس علم، إذا نصحت الناس، إذا علمت العلم، إذا أمرت بالمعروف، إذا نهيت عن المنكر، إذا سخرت جاهك لخدمة المظلومين، كيفما تحركت فعندك العمل الصالح مفتحة أبوابه على مصاريعها.
 الخير كثير، وقليلٌ فاعله، والحديث الأخير:

((خير الصداق أيسره))

[الحاكم في المستدرك عن عقبة بن عامر، والبيهقي في السنن الكبرى]

  هذا الحديث خاص بالنساء، إذا كانت المرأة صالحة مؤمنة تقية، كان صداقها قليلا فلا ينبغي أن تخجل به، بل ينبغي أن تفتخر به، لأن النبي عليه الصلاة والسلام يذكر في أحاديث كثيرة أن أعظم النساء بركة أقلهن مؤنةً، طلباتها قليلة، أعظم النساء بركة أقلهن مهراً، وخير الصداق أقله.
 هذا الحديث رائع جداً، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

((إِذَا أَرَدْتِ اللُّحُوقَ بِي فَلْيَكْفِكِ مِنْ الدُّنْيَا كَزَادِ الرَّاكِبِ، وَإِيَّاكِ وَمُجَالَسَةَ الْأَغْنِيَاءِ، وَلَا تَسْتَخْلِقِي ثَوْبًا حَتَّى تُرَقِّعِيهِ))

[ الترمذي ]

  ليس هناك امرأة فيما أعلم تلبس الآن ثوبًا مرقعًا، أيّ امرأة عندها من الثياب أضعاف أضعَاف ما هي بحاجة إليه، الكلمة الشائعة: شاهدوا علي هذا الثوب مرة واحدة، إذاً ينبغي أن تجهد زوجها فوق ما يطيق، ينبغي أن تدفعه إلى كسب المال الحرام، ينبغي أن تجعله صغيراً بين الناس، ينبغي أن تدفعه إلى ما لا يرضي الله، لذلك الصحابية الجليلة كانت تقول لزوجها: يا فلان اتق الله فينا، نصبر على الجوع، ولا نصبر على الحرام، فالمرأة التقية التي تطمح بالجنة، وأن تكون مع رسول الله، وأن تكون في جنة عرضها السماوات والأرض لا ينبغي أن تثقل على زوجها، ولا سيما في الأيام العصيبة، في الأيام عصيبة ينبغي أن تكون عوناً لزوجها.
 عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

((إِذَا أَرَدْتِ اللُّحُوقَ بِي فَلْيَكْفِكِ مِنْ الدُّنْيَا كَزَادِ الرَّاكِبِ، وَإِيَّاكِ وَمُجَالَسَةَ الْأَغْنِيَاءِ، وَلَا تَسْتَخْلِقِي ثَوْبًا حَتَّى تُرَقِّعِيهِ))

  طبعاً الأغنياء غير المؤمنين، ل

إخفاء الصور