وضع داكن
20-04-2024
Logo
أسماء الله الحسنى - إصدار 2008 - الدرس : 084 ب - اسم الله الحسيب 2
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.

من أسماء الله الحسنى:(الحسيب):

 أيها الأخوة الكرام، بشكل ملخص الحسيب معناه

الاعتماد على غير الله مذلة:

 الاعتماد على غير الله، من اعتمد على ماله ضلّ، من اعتمد على من حوله ذلّ، من اعتمد على الله لا ضلّ ولا ذلّ.
 مرة إنسان أحسبه مؤمناً ولا أزكي على الله أحداً، لكنه أخطأ، فقال: الدراهم مراهم، يعني أنت بالمال تصنع كل شيء، يقسم لي بالله وهو عندي صادق أنه بعد حين اتهم تهمة هو بريء منها، هذه التهمة أودت به إلى المنفردة لأربعة وستين يوماً، وفي هذه الأيام الطويلة التي مضت عليه كالسنوات الطويلة، يأتيه هذا الخاطر، الدراهم مراهم ؟!.
 الذي يوفق هو الله، الذي يحفظ هو الله، إن اعتمدت على المال في مشكلة، إن اعتمدت على من حولك، قد يخيبون ظنك.

(( لو كنتُ متخذاً من أُمَّتي خليلاً لاتَّخذتُ أبا بكر، ولكن أخي وصاحبي ))

[ أخرجه البخاري عن عبد الله بن عباس ]

الله عز وجل محاسب و مكافئ كل إنسان على عمله:

 أيها الأخوة، "الحسيب" المحاسب، يوجد أخ مرة التقيت به في لقاء خاص فحدثني عن القصة التالية:
 كان محامياً بجريمة قتل، قال لي: بعد سنوات عديدة صدر الحكم على هذا المتهم بالإعدام، قال لي: لما أبلغته الحكم تلقاه بأعصاب باردة، وهو يؤكد لي طوال هذه المحاكمة أنه بريء من هذه الجريمة، قال لي: هذا الوضع أثار فضولي، فأردت أن أحضر إعدامه، الآن بدأت القصة، صعد إلى الخشبة التي سوف يعدم عن طريقها، وقال: أنا بريء من هذه الجريمة، ولكني قتلت رجلاً قبل ثلاثين عاماً، كنت رئيس مخفر في أحد أحياء دمشق في الميدان، وجاء ضابط فرنسي أيام الاستعمار الفرنسي، أعطاني رجلاً ليحكم غداً بالإعدام، أودعته في الإسطبل وقفلت الباب، صباح ذلك اليوم افتقدته، هرب، من شدة خوفه من هذا الذي أعطاه هذا الإنسان، أخذ بدوياً من الطريق وباع ناقته، وأودع ثمنها في جيبه، ووضعه محل هذا الرجل، في اليوم الثاني أخذوه وأعدموه، مضى على هذا الحادث ثلاثون عاماً، واتهم بجريمة هو منها بريء وانتهت هذه التهمة بإعدامه، والقصة طويلة.
 الله عز وجل حسيب أي محاسب، حسيب أي مكافئ، حسيب أي كافٍ.

من أكبر أفضال الله على الإنسان أنه سمح له أن ينتسب إليه:

 الآن الله حسيب يعني ذو شرف، عظيم معنى رابع، لذلك من أكبر أفضال الله علينا أنه سمح لنا أن ننتسب إليه.

﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ ﴾

( سورة الزمر الآية: 53 )

 أنت عبد من ؟ عبد خالق السماوات والأرض، ما قولك أن هناك أناساً في العالم يعبدون الشجر، أن هناك أناساً يعبدون الشمس والقمر، أن هناك أناساً يعبدون النار، أن هناك أناساً يعبدون بعض الحيوانات، هناك جماعات كثيرة جداً في آسيا يعبدون الجرذان والحديث طويل، في اليابان يعبدون ذكر الرجل، وقد شرفنا الله عز وجل بأن نعبد الله، بأن نعبد خالق السماوات والأرض، بأن نعبد من له ملكوت كل شيء، أن نعبد من إليه يرجع الأمر كله، أن نعبد من هو في السماء إله وفي الأرض إله، أن نعبد خالقنا، الرحمن، الرحيم، القوي ، الغني، الحكيم.

عبد القهر و عبد الشكر:

 أيها الأخوة، لذلك قال العلماء: فرق كبير بين العباد وبين العبيد، العبيد جمع عبد القهر، والعباد جمع عبد الشكر، العبد الذي عرف الله ابتداءً، وأقبل عليه، وأحبه ، واستسلم لأمره، وسعى لخدمة خلقه، وتقرب إليه بالعمل الصالح، يجمع على عباد.

﴿ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ﴾

( سورة الحجر الآية: 42 )

﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً ﴾

( سورة الفرقان الآية: 63 )

 أما العبد الذي قلبه بيد الله، وحركته بيد الله، وسمعه بيد الله، وبصره بيد الله ، ومن فوقه بيد الله، ومن تحته بيد الله، وهو في قبضة الله، وفي أية لحظة سكتة دماغية ، في أية لحظة احتشاء في القلب، في أية لحظة من أهل القبور، هذا العبد المقهور ببقائه ، وباستمرار بقائه، المقهور بصحته، المقهور بأجهزته، هذا اسمه عبد القهر ويجمع على عبيد.

﴿ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ﴾

( سورة فصلت )

 فشتان بين أن تكون عبد القهر، وبين أن تكون عبد الشكر، بين أن تكون عبداً أحبّ الله.

إرادة الله عز وجل في أن تكون العلاقة بيننا و بينه علاقة حب لا علاقة إكراه:

 لذلك الذي يلفت النظر أن الله سبحانه وتعالى ما أراد أن تكون العلاقة بيننا وبينه علاقة قهر، ولا علاقة إكراه.

﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾

( سورة البقرة الآية: 256 )

 أراد الله جل جلاله أن تكون العلاقة بيننا وبينه علاقة حب، قال:

﴿ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ﴾

( سورة المائدة الآية: 54 )

من اعتمد على غير الله فقد أشرك:

 أيها الأخوة، الآن لو دخلنا في بعض التفاصيل، من الشرك أن تعتمد على غير الله، يعني صحابة رسول الله وهم قمم البشر، ومعهم سيد البشر، في حنين اعتمدوا على كثرتهم، فقالوا:

(( ولن يُغْلَبَ اثنا عَشَرَ ألفا مِنْ قِلَّةٍ ))

[ أخرجه أبو داود والترمذي عن عبد الله بن عباس ]

 فتخلى الله عنهم، ولو أنه نصرهم لسقط التوحيد، وفي أحد عصوا الله، هم قمم البشر، وفيهم سيد البشر، فهم لم ينتصروا، لأنهم لو انتصروا لسقطت طاعة رسول الله فإذا كان الصحابة الكرام هكذا، فما بال المسلمين اليوم، وهم واقعون في مئات المعاصي والآثام ؟
 فلذلك من الشرك أن تعتمد على غير الله، لا تعتمد لا على مالك، ولا على مكانتك، ولا منصبك، ولا على صحتك، ولا على من حولك، ولا على من يلوذ بك، اعتمد على الله وحده.
 أما إذا قلت حسبي الله ونعم الوكيل يعني يكفيني الله عز وجل، يرزقني، يوفقني، ينصرني، يحفظني، يكفيني الله عز وجل، يعطيك الدنيا والآخرة، من أحبنا أحببناه، ومن طلب منا أعطيناه، ومن اكتفى بنا عن مالنا، كنا له ومالنا، الله يكفيني، لأنه قوي.

الله سبحانه وتعالى إذا أعطى وفى وكفى:

 أخوانا الكرام، لا يجوز إعطاء الزكاة لابن الغني (الابن فقير)، لكن العلماء قالوا: هو غني بغنى أبويه، غني بغنى أبيه، والمؤمن قوي بقوة الله، وغني بغنى الله ، وحكيم بحكمة الله، أن يكفيني الله لأنه قوي، ولأنه رزاق، ولأنه غني، ولأنه عليم، ولأنه كريم، ولأنه سميع، ولأنه مجيب، ولأنه رؤوف، ولأنه رحيم، هو المعطي، هو المانع ، هو الرافع، هو الخافض، هو المعز، هو المذل.
 لذلك حسبي الله ونعم الوكيل أي أن الله يكفيني، هو "الحسيب" لا تحتاج حين سؤاله إلى سؤال أحد، أحياناً إنسان يتكرم عليك بوظيفة دخلها قليل، لا يكفي، مع أنك بذلت ماء وجهك له، ورجوته أعطاك هذه الوظيفة، الدخل قليل جداً تبحث عن وظيفة أخرى، عن عمل بعد الظهر، عن عمل قبل الدوام، عن محاسبة أحياناً، لأنه سألته وأعطاك العطاء غير كافٍ، لكن الله سبحانه وتعالى إذا أعطى وفى، إذا أعطى كفى، لأنه حسيب.
 لذلك العلماء قالوا: حسبي الله ونعم الوكيل هذه الكلمة من أفضل الأذكار، حسبي الله ونعم الوكيل، يكفيني.
 وهي من أذكار النبي عليه الصلاة والسلام، والسنة أن تذكر الله بأذكار النبي عليه الصلاة والسلام، ومن أبرز أذكار النبي حسبي الله ونعم الوكيل.

عدم قبول كلمة حسبي الله و نعم الوكيل منك إلا إذا بذلت ما في وسعك:

 لكن نقطة دقيقة جداً الآن، النقطة الدقيقة أن هذه الكلمة قد تقال في غير موضعها يعني طالب ما درس أبداً، وما نجح يقول للناس: حسبي الله ونعم الوكيل، هذه مشيئة الله ماذا أفعل ؟ هكذا أراد الله ! لا، هذا كذب، أنت لم تدرس، لذلك لم تنجح، فعدم النجاح جزاء التقصير، لا تقال كلمة حسبي الله ونعم الوكيل، معنى ذلك كل كسول، كل مقصر، كل مهمل، كل مرجئ، يغطى بهذه الكلمة ؟ لا، تقول حسبي الله ونعم الوكيل إذا درست الدراسة التي في وسعك ولم تقصر، ولم تضيع الوقت إطلاقاً جاء عارض صحي حال بينك وبين الامتحان، عندئذٍ تقول حسبي الله ونعم الوكيل.
 إنسان فقير، لأنه كسول، لا يتقن عمله، لا يؤدي واجبه، لا ينجز وعده، لا يعتني بعمله، لا يطوره، فأصبح فقيراً، هذا الإنسان ليس له الحق أن يقول حسبي الله ونعم الوكيل، هذا الذي يعيشه جزاء التقصير، أما إذا بذل كل وسعه، ولم يدع مجالاً إلا فعله، وشاءت حكمة الله أن يكون بدخل محدود الآن يقول حسبي الله ونعم الوكيل، المؤمن من علامة إيمانه أنه يرضى بقضاء الله وقدره، إذا كان مستقيماً على أمر الله، وسلك طريقاً وهو مستقيم، وأخذ بالأسباب وتوكل على رب الأرباب، ورأى الطريق مسدوداً، عندئذٍ يقول حسبي الله ونعم الوكيل، أنت حينما تأخذ بالأسباب، وكأنها كل شيء، ثم تتوكل على الله وكأنها ليست بشيء، وتقتضي حكمة الله ألا تكون في مصاف من نجح في هذا الموضوع هذه حكمة الله، عندئذٍ تقول حسبي الله ونعم الوكيل.

حسبي الله ونعم الوكيل تقال لمن بذل كل الجهد وشاءت حكمة الله ألا يحقق مراده:

 لذلك مرة قضى النبي صلى الله عليه وسلم بين رجلين، فالذي عليه الحق والذي قضى النبي لخصمه قال: حسبي الله ونعم الوكيل فعاتبه النبي، لا تقل هذه الكلمة أنت مقصر، كأن حسبي الله ونعم الوكيل ينبغي أن تقال لمن بذل كل الجهد، وشاءت حكمة الله ألا يحقق مراده، يقول عندئذٍ حسبي الله ونعم الوكيل تأدباً مع الله عز وجل، أما الذي يقصر، لا يأخذ بالأسباب، لا يعتني.
 مثلاً، طبيب إسعاف يأتي المريض الخطر، يجري حديثاً مع ممرضة، يحتسي كأس شاي، يقول: دعوه الآن، بعد حين مات، هذا الطبيب مقصر لأنه ما أسعفه، الذي آثر على إسعافه حديثاً ممتعاً مع ممرضة، إذا قال حسبي الله ونعم الوكيل، تعد هذه الكلمة ذنباً من ذنوبه، لا تقل حسبي الله ونعم الوكيل، انتهى أجله، سبحان الله ! مات بأجله، لا أنت قصرت في حقه، قال عليه الصلاة والسلام:

(( مَنْ تَطَبَّبَ ولا يُعْلَمُ منه طِبّ، فهو ضامِن ))

[أخرجه أبو داود والنسائي عن عبد الله بن عمرو بن العاص ]

 عليه مسؤولية جزائية، علمنا النبي عليه الصلاة والسلام أنه إذا جاءت الأمور كما تتمنى فاشكر الله عز وجل، وإذا جاءت الأمور بعكس ما تريد فقل حسبي الله ونعم الوكيل، وقد بذلت كل الجهد، وأخذت بكل الأسباب عندئذٍ لك أن تقول حسبي الله ونعم الوكيل.

من ابتعد عن الله عز وجل فهو في فقر دائم:

 الحقيقة لا يوجد على وجه الأرض جهة غير الله تغني، علم الله هو كل شيء ، يعطيك منصباً، يعطيك مساعدة، يعطيك دفعة، أما يغنيك، يكفيك، لا تحتاج معه إلى أحد، هو الله وحده، فإما أن تكون مع الله فأنت المكتفي، وإما أن تبتعد عنه فأنت في فقر دائم ، لذلك أنت من خوف الفقر في فقر، خوف الفقر فقر، أنت من خوف المرض في مرض، توقع المصيبة مصيبة أكبر منها، لذلك قل حسبي الله ونعم الوكيل، وليس في الوجود حسيب سواه.
 يروى أن امرأة سألت أميراً أن يعطيها من ماله، أعطاها وأجزل، أعطاها فوق ما تتمنى، فقال له من في حضرته من أتباعه: أيها الأمير لقد كان يكفيها القليل، فهي لا تعرفك، فقال هذا الأمير: إذا كان يرضيها القليل فأنا لا أرضى إلا بالكثير، وإن كانت لا تعرفني فأنا أعرف نفسي، هذا إنسان كريم، هذه أخلاقه، فكيف بأكرم الأكرمين ؟ إذا أعطى أدهش.
 لذلك، لا تقل يا رب ارحمني إن شئت، هو يشاء ربك الرحمة، يا رب ارحمني، يا رب وفقني، يا رب أغنني عمن سواك.

عطاء الله عز وجل يبدأ بعد الموت:

 أخوانا الكرام، لساعة غفلة عن الله، نتوهم أن الدنيا كل شيء، هي ليست بشيء، لأن عطاء الدنيا ينقطع عند الموت، ولا يليق بكرم الله أن يعطيك عطاءً ينقطع عند الموت، هذا ليس عطاء إله، هذا عطاء إنسان يعطيك بيتاً، ما دمت حياً تستمتع به، فإذا وافته المنية انتهى البيت، يعطيك منصباً، أما الإله يعطيك الآخرة، يعطيك سعادة الدنيا والآخرة.

﴿ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ﴾

( سورة الرحمن )

 لا تصدق أن يكون عطاء الله منقطعاً، لا تصدق أن يكون عطاء الله ينتهي عند الموت، هذا عطاء أهل الدنيا لكن عطاء الله عز وجل يبدأ بعد الموت، لذلك:

(( لو كَانت الدُّنيا تَعْدِلُ عند الله جَناحَ بَعُوضَةٍ ما سقَى كافراً منها شَرْبَة مَاءْ ))

[أخرجه الترمذي عن سهل بن سعد الساعدي ]

 الدنيا هينة على الله.

عطاء الله عز وجل عطاء أبدي لا ينتهي:

﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ ﴾

( سورة الأنعام الآية: 44 )

 ليس باباً واحداً، بل أبواب، ليس باب شيء

﴿ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ ﴾

﴿ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ﴾

( سورة الأنعام )

 لذلك هناك كلمة رائعة جداً للإمام علي رضي الله عنه يخاطب ابنه يقول له: يا بني ! " ما خير بعده النار بخير ".
 قد تصل إلى أعلى منصب، قد تمتلك أكبر ثروة، قد تتمتع بأعلى مكانة، قد تقترن بأجمل زوجة، قد تبلغ أموالك مبلغاً لا يصدق.
 " يا بني ! ما خير بعده النار بخير، وما شر بعده الجنة بشر ".
 قد تكون فقيراً، قد يموت الإنسان في السجن، بعض العلماء الكبار ماتوا في السجن، لكن لأن هذه الحياة المتعبة انتهت بجنة عرضها السماوات والأرض فهذا الذي كانوا فيه ليس شراً.
 " ما خير بعده النار بخير، وما شر بعده الجنة بشر، وكل نعيم دون الجنة محقور، وكل بلاء دون النار عافية ".
 فلما إنسان الله يعطيه الدنيا وهو لا يحبه هذا العطاء منوط بدقات قلبه، إذا توقف القلب انتهى كل شيء، هذا العطاء منوط بقطر شريانه التاجي، فإذا ضاق هذا الشريان دخل في متاهات لا تنتهي، هذا العطاء منوط بنمو خلاياه، فإذا نمت نمواً عشوائياً (ورم خبيث) انتهى، لكن الله سبحانه وتعالى يعطيك جنة عرضها السماوات والأرض، فيها:

(( ما لا عين رأتْ ولا أذن سمعتْ، ولا خطَر على قلبِ بَشَرْ ))

[أخرجه البخاري ومسلم والترمذي عن أبي هريرة ]

من حاسب نفسه في الدنيا حساباً عسيراً كان حسابه يوم القيامة يسيراً:

 أيها الأخوة، دقق في هذه الآية، الله عز وجل حدثنا عن قارون، قال:

﴿ فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ ﴾

( سورة القصص الآية: 79 )

 الإنسان أحياناً يدهشك بمركبته، ببيته الواسع، بإطلالته الرائعة، بدخله الوفير ، بحجمه المالي، بمكانته الاجتماعية، بمنصبه الرفيع، يترنم بكلمة مسؤول كبير، والله لو علم معنى مسؤول كبير لارتعدت فرائصه.

﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾

( سورة الحجر )

 فاطمة دخلت على زوجها رأته يبكي، مالك تبكي ؟ قال: دعيني وشأني، قال ويحك يا فاطمة، إني رأيت المريض الضائع، والفقير الجائع، والشيخ الكبير، والأرملة الوحيدة، وذي العيال الكثير، والرزق القليل، والمأسور، والمظلوم، وابن السبيل ، وأمثالهم، بطول البلاد وعرضها فعلمت أن الله سيسألني عنهم جميعاً، وأن خصمي دونهم رسول الله، فخفت ألا تثبت حجتي فلهذا أبكي.

﴿ فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ * وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ ﴾

( سورة القصص )

العاقل من حاسب نفسه قبل أن يلقى الله عز وجل:

 الآن هناك معنى فرعي من معاني اسم "الحسيب" أن الله هو المحاسب، فإذا كنت بطلاً، حاسب نفسك قبل أن تحاسب، زن عملك قبل أن يوزن عليك، من حاسب نفسه في الدنيا حساباً عسيراً كان حسابه يوم القيامة يسيراً، ومن حاسب نفسه في الدنيا حساباً يسيراً كان حسابه يوم القيامة عسيراً.
 أيها الأخوة، كان سيدنا عمر يقول: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم، واعلموا أن ملك الموت قد تخطانا إلى غيرنا، و سيتخطى غيرنا إلينا فلنتخذ حذرنا.

(( الكَيِّس مَنْ دانَ نفسَه، وعَمِلَ لما بعد الموت، والعاجِزُ مَنْ أتْبَعَ نَفَسَهُ هَواهَا وتمنَّى على الله الأماني))

[أخرجه الترمذي عن شداد بن أوس ]

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور