وضع داكن
19-04-2024
Logo
موضوعات في التربية - الدرس : 079 - الذكر .
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علماً و أرنا الحق حقاً و ارزقنا إتباعه، و أرنا الباطل باطلاً و ارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، و أدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
أيها الأخوة الكرام: عقد الإمام البخاري في صحيحه كتاباً عنونه بالدعوات، ومن أبواب هذا الكتاب فضل ذكر الله جل جلاله، وفي هذا الباب حديثان الأول قول النبي صلى الله عليه وسلم:

(( عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِي اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي لا يَذْكُرُ رَبَّهُ مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ ))

 في باب فضل ذكر الله عقد الإمام البخاري باباً فيه حديثان الأول، وشتان بين الحي والميت وليس هناك نسبة تجمع بينهما الحي والميت، الذي يذكر الله حي والذي لا يذكره ميت، هذا الحديث محور هذا الدرس ولكن لابد من تفصيلات دقيقة في معنى الذكر، إذا كان ينقل الإنسان من الموت إلى الحياة، من موت القلب إلى حياة القلب، من الضلال إلى الهدى، من الشقاء إلى السعادة.
 أيها الأخوة: أولاً المراد بالذكر من معاني الذكر أن تأتي بالألفاظ التي ورد الترغيب في قولها وأن تكثر منها، هناك ألفاظ وردت عن رسول الله، الترغيب في لفظها وفي ذكرها وورد أن تكثر منها، كالباقيات الصالحات، سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولكن لابد من التنويه إلى هذه الباقيات الصالحات التي قال بعض العلماء إنها سبحان اله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ليس القصد أن تلفظها لفظاً بلسانك، لكن القصد أن تعقل معناها، يعني أن تسبح الله حقيقةً، وأن تكبره حقيقةً وأن تحمده حقيقةً وأن توحده حقيقةً، ويلحق بهذه الباقيات الصالحات الحوقلة، أن تقول لا حول ولا قوة إلا بالله، يعني لا حول عن معصية الله إلا بالله ولا قوة على طاعته إلا به، ومنها البسملة، إن سميت معنى ذلك أنني أتحرك في هذا الباب باسم الله أي بمنهج الله، الله سبحانه وتعالى له منهج، فإذا أكلت وفق منهج الله، إذا شربت وفق منهج الله، إذا تاجرت وفق منهج الله، إذا فتحت دكانك وفق منهج الله، بسم الله، بسم الله أتحرك وفق منهجه وبسم الله أشكره على نعمه، هذا معنى البسملة، الحوقلة لا حول ولا قوة إلا بالله لا حول عن معصيته إلا به ولا قوة على طاعته إلا به.
والحسبلة، أن تقول حسبي الله ونعم الوكيل، يعني إذا كنت طائعاً لله وفاتتك الدنيا، حسبي الله ونعم الوكيل، انتصر خصمك عليك ولكنك في طاعة الله، حسبي الله ونعم الوكيل، فاتتك هذه الصفقة لأن فيها شبهة وفيها أرباح طائلة، حسبي الله ونعم الوكيل، فاتتك هذه السفرة لعل فيها مضرةً لك حسبي الله ونعم الوكيل، يعني يكفيني الله.
سيدنا الصديق من مظاهر تفوقه أنه ما ندم على شيء فاته من الدنيا قط العبرة أن لا تقصر في الآخرة، أما في الدنيا كيف ما كان الحال إن أقبلت أهلاً وإن أدبرت مرحباً، والاستغفار، قال تعالى:

 

﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً (10)﴾

 

 

( سورة نوح )

 فالاستغفار، والحسبلة، والبسملة، والحوقلة، والباقيات الصالحات سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، من الذكر أن تكثر من هذه العبارات التي ورد الترغيب في كثرة ذكرها، والدعاء من الذكر، الدعاء مخ العبادة، الدعاء يدور مع المؤمن في كل أحواله، دخلت إلى البيت، خرجت من البيت، دخلت إلى السوق، خرجت من السوق، دخلت إلى المسجد، خرجت من المسجد، واجهك قوي، واجهك شبح مصيبةٍ، إنسان يكيد لك، الدعاء يدور من المسلم حيث دار، فصار ذكر الله الباقيات الصالحات، وذكر الله الحوقلة، والبسملة، والحسبلة، والاستغفار، والدعاء بخيري الدنيا والآخرة، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا.
 الآن من معاني ذكر الله إضافة أن تلفظ بلسانك سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله واله أكبر، من معاني ذكر الله أن تواظب على العمل بما أوجبه الله، يعني إذا تلوت القرآن فأنت في ذكر الله دخلت التلاوة الآن، وإذا قرأت حديث النبي العدنان فأنت في ذكر، وإذا درست العلم أحكام الصلاة، أحكام الحج، أحكام البيوع، أحكام الزكاة، أحكام الشركة، أحكام الحوالة، أنت في ذكر، وإذا صليت صلاة نفل فأنت في ذكر، الصلاة ذكر، ومدارسة العلم ذكر، وقرأت حديث رسول الله ذكر، وتلاوة القرآن ذكر، والدعاء ذكر، والحسبلة والبسملة والحوقلة والتكبير والتهليل وسبحان الله والحمد لله ذكر، هذا معنى.
قال: الذكر يقع تارةً باللسان ويؤجر عليه الناطق ويقع تارةً بالجنان، بالقلب والأولى أن تجمع بين ذكر اللسان وبين ذكر القلب، قال: ذكر اللسان أن تقول بلسانك سبحان الله، أما ذكر القلب أن يتفكر القلب في ملكوت الله، الآن موضوع جديد التفكر في خلق السماوات والأرض من الذكر، التفكر في كأس الماء من الذكر، التفكر في هذا الخروف الذي خلقه الله لنا وذلله لنا من الذكر، التفكر في طعامنا وشرابنا، التفكر في أخلقنا من الذكر.
أيها الأخوة: إذا أضيف ذكر القلب إلى ذكر اللسان جمع المجد من طرفيه، ذكر القلب بالتفكر، وذكر اللسان بلفظ هذه الأذكار التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم، الآن إذا أضيف إلى ذكر اللسان وهو اللفظ بهذه الكلمات المأثورات، وأضيف إلى ذكر اللسان ذكر القلب وهو التفكر في ملكوت الأرض والسماوات، وإذا استحضرت معاني هذه الألفاظ، إذا قلت سبحان الله فمجدته، وقلت الحمد لله استحضرت نعم الله، وإذا قلت الله أكبر استحضرت قوته وقدرته، وإذا قلت لا حول ولا قوة إلا بالله استحضرت وحدانيته، الآن إذا ذكرت بلسانك واستحضرت معاني هذه الأذكار بقلبك فقد جمعت ذكر القلب وذكر اللسان، الآن إذا أضيف إلى ذكر اللسان وذكر القلب القيام بالطاعات هذا أكمل، الأمر أن تذكر الله بلسانك، الأمر الثاني أن تستحضر هذه المعاني بجنانك، الأمر الثالث أن تبادر إلى الطاعات بأعضائك، الأمر الرابع أن تتوجه إلى الله بقلبك، صار الذكر لفظ واستحضار معنى القيام بطاعة وتوجه إلى الله، هذا الذكر الذي ينقلك من الموت إلى الحياة، من الشقاء إلى السعادة، من الضياع إلى الوجدان، من التشتت إلى الجمع، من السأم والضجر إلى الروح والريحان.
الإمام الرازي يقول: المقصود بالذكر الألفاظ الدالة على التسبيح والتحميد والتمجيد، هذا رأي الإمام الرازي، والذكر بالقلب التفكر في أدلة الذات والصفات، يعني إذا أردت أن تعرف الله وفكرت في خلقه فهذا ذكر القلب وعند بعض الأئمة إذا قلت سبحان الله واستحضرت بقلبك عظمة الله وقلت لا إله إلا الله واستحضرت وحدانيته، قلت الحمد لله واستحضرت نعمه، قلت الله أكبر واستحضرت قوته، فأول معنى أن تذكر الله بلسانك وأن تستحضر معاني هذه الأذكار بقلبك وأن تبادر بجوارحك إلى الطاعات وأن تتوجه إلى رب الأرض والسماوات.
الإمام الراوي يقول: ذكر القلب التفكر في ملكوت السماوات والأرض قال: ومن ذكر القلب البحث في أدلة التكاليف، أنت مكلف، إذا الإنسان حريص على القرب من الله يسأل نفسه ماذا أراد الله مني، ماذا ينبغي أن أفعل من أعطي من أمنع من أصل من أقطع مع من ألتقي مع من أبتعد.
وقال بعضهم ذكر الجوارح أن تنطلق إلى الطاعات والذي يلفت النظر أن الله سبحانه وتعالى سمى الصلاة ذكراً، قال تعالى:

 

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9)﴾

 

 

( سورة الجمعة )

﴿إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14)﴾

 

( سورة طه )

 أيها الأخوة: هذا الموضوع دقيق جداً، عندما النبي عليه الصلاة والسلام في أصح أحاديثه فيما رواه الإمام البخاري في صحيح يقول:

 

(( عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِي اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي لا يَذْكُرُ رَبَّهُ مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ ))

 فرق شاسع كبير، ليس هناك مسافة تجمع بينهما، أن تذكر الله، لكن التفاصيل أن تذكره بلسانك وأن تستحضر معاني هذا الذكر بقلبك، وأن تنطلق بأعضائك إلى طاعته وأن تتوجه إليه بقلبك.
قال بعض العارفين: الذكر على سبعة أنحاء، ذكر العينين بالبكاء، إذا بكت العين من خشية الله فهذا ذكرها:

 

 

(( عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: عَيْنَانِ لا تَمَسُّهُمَا النَّارُ عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ))

 فالعين التي تبكي من ذكر الله هي عين ذاكرة وليست غافلة، وذكر الأذنين الإصغاء، أن تجلس في مجلس وتستمع إلى علم يقربك من الله عز وجل، الإصغاء إلى الحق ذكر، وذكر اللسان بالثناء على الله، العين تذكر والأذن تذكر واللسان يذكر، وذكر اليدين العطاء، وذكر البدن الطاعة في كل ما أمر، وذكر القلب بالخوف والرجاء، في القلب ثلاث مشاعر، قال: يا رب أي عبادك أحب إليك حتى أحبه بحبك، قال: أحب عبادي إلي تقي القلب نقي اليدين لا يمشي إلى أحد بسوء أحبني وأحب من أحبني وحببني إلى خلقه، قال: يا رب إنك تعلم إنني أحبك وأحب من يحبك، فكيف أحببك إلى خلقك، قال: ذكرهم بآلائي ونعمائي وبلائي، ذكرهم بآلائي من أجل أن يعظموني، وذكرهم بنعمائي من أجل أن يحبوني، وذكرهم ببلائي من أجل أن يخافوني.
فذكر القلب أن يجتمع فيه خوف، و تعظيم، ورجاء، خوف، ومحبة، وتعظيم.
 ذكر النفس، التسليم والرضا، النفس إذا استسلمت، كل إنسان له واقع الناس رجلان راضٍ وساخط، المؤمن راض عن الله، راض عن الله في رزقه، في زوجته، في أولاده، في كل أحواله، ليس في الإمكان أبدع ما كان، هذه حكمتك وهذه رحمتك، وأنا راض بقضائك وقدرك، مشاعر الرضى أيها الأخوة لا توصف، الإنسان أحياناً يكون في أعلى درجات الغنى وهو ساخط على الله، يكون في أعلى درجات القوة وهو ساخط على الله، يكون في أعلى درجات القوة وهو ساخط على الله، ويأتي مريض وقد أصيب بمرض عضال ويقول يا رب أنا راض عليك فهل أنت راض عني ؟ فالبطولة أن ترضى عن الله حتى يرضى عنك، أن ترضى عن الله يعني أنك تعرفه، وأنك تحبه، وأنك واثقاً به وأنك تثق برحمته وحكمته ومن عدالته، ومحبته.
الآن هذا الموضوع دقيق ومن أهم موضوعات العبادات، الصلاة من أجل الذكر، الصيام من أجل الذكر، الحج من أجل الذكر، الصدقة من أجل الذكر، لذلك قال الله تعالى في الحديث القدسي:

 

 

(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً ))

 والله أيها الأخوة: لا يوجد إنسان لا يمر بالشدائد، إنسان يقطع رجاءه من الناس ويقول يا رب ليس لي إلا أنت، فربنا عز وجل يريه من آياته يريه كيف أن الله سبحانه وتعالى يسير الأمور كلها لصالحه، قال لي شخص قبل أيام، دفع مبلغ إلى إنسان وهذا الإنسان لم يكن مستقيماً، واحتمال أن يذهب المبلغ وهو مبلغ كبير مائة في المائة، فقال لي: صليت قيام الليل وناجيت الله يا رب هذا المال جمعته من طريق حلال وتعلم أنت ذلك، يا رب أتوسل إليك أن ترد لي هذا المبلغ، قال لي: والله من آيات الله الدالة على عظمته أن هذا الإنسان المتلاعب، المنحرف، الذي لا يحلل ولا يحرم رد له المبلغ كاملاً ولن يعطي أحد غيره، يقول لا أعلم كيف تم الأمر، أنت في صلاة الليل قلت يا رب ليس لي أحد إلا أنت، وهذا المبلغ جمعته من طريق مشروع فاحفظه لي و رده لي، إن الله يحب أن تسأله حاجتك كلها، إن الله يحب أن يسأله ملح طعامه، أن يسأله شسع نعله إذا انقطع، أقول لكم هذا الحديث أيها الأخوة، ما من مخلوق يعتصم بي من دون خلقي أعرف ذلك من نيته، فتكيده أهل السماوات والأرض إلا جعلت له من بين ذلك مخرجا، وما من مخلوق يعتصم بمخلوق دوني، أعرف ذلك من نيته إلا جعلت الأرض هوياً تحت قدميه، وقطعت أسباب السماء بين يديه.
 أيها الأخوة الكرام: أنت إذا دعوت الله كنت أقوى الناس على الإطلاق لأنه إذا كان الله معك فمن عليك من يجرؤ بالكون أن ينالك بسوء، وإذا كان الله عليك فمن معك، والله أقرب الناس إليك يتطاول عليك، كم من ابن تطاول على أبيه، وكم من زوجة أساءت معاملة زوجها، وكم من شريك خان شريكه، إذا كان الله معك الكل في خدمتك وفي مقدمتهم أعداؤك وإذا تخلى الله عنك الكل يكيدوا لك وفي مقدمتهم أقرباؤك حديث دقيق.
قال: يا موسى إنك إن ذكرتني شكرتني وإذا ما نسيتني كفرتني، يعني السماء فيها غيوم قالوا: يوجد منخفض جوي، أنت قل كلاماً آخر، قل إن الله عز وجل تفضل علينا بمطر أحيا به الأرض بعد موتها، هذا كلام آخر، كلام طيب، كلام التوحيد، أديت فحص ونجحت أنا تعبت كثيراً، ما نمت الليل، قل الله أكرمني وأعانني على النجاح هذه أكمل وأصح، التوحيد هو علم، إنك إن ذكرتني شكرتني، عندك زوجة صالحة، والله أنا اخترتها زوجة صالحة من أسرة صالحة، قد تختارها من أعرق الأسر وقد تسيء إليك لا تعزي الأمور إلى جهدك ولا إلى ذكائك ولا إلى نفسك، هذا كلام فيه شرك، الفضل الذي تنعم فيه هو من فضل الله.
إنك إن ذكرتني شكرتني، وإذا ما نسيتني كفرتني، إذا الإنسان شرب كأس ماء والطريق سالك، هذه نعمة لا يعرفها إلا من فقدها، إذا تناول الطعام وجهاز الهضم جيد، هناك من يتناول السيرون مكان الطعام، إذا كنت في بيتك آمناً، هناك من عليه مذكرة بحث، إن دخلت بيتك فهذه نعمة وإن تحركت ومشيت على قدميك فهذه نعمة، وإن كان الناس يحبونك فهذه نعمة، إنك إن ذكرتني شكرتني، اذكر فضلي عليك، إن ذكرت فضلي عليك شكرتني وإذا ما نسيتني كفرتني.

 

 

((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلإ ذَكَرْتُهُ فِي مَلإ خَيْرٍ مِنْهُمْ وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً ))

 أيام تجلس مع أناس همك أن تمجد نفسك وتركت، وربحت، سافرت، وأنفقت، وعملت، يأتي المؤمن إن جلس مع جماعة همه أن يثني على الله وأن يذكرهم بآيات الله، همه أن يحملهم على طاعة الله، همه أن يوصلهم بالله.

 

 

(( عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلإ ذَكَرْتُهُ فِي مَلإ خَيْرٍ مِنْهُمْ... ))

تجد بعد حين سمعة هذا الرجل معطرة، اسمه متألق نجمه ساطع، الكل تهفو قلوبهم إليه، ما أخلص عبد لله إلا جعل قلوب المؤمنين تهفو إليه بالمودة والرحمة.

 

 

((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إِذَا هُوَ نَامَ ثَلاثَ عُقَدٍ يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ مَكَانَهَا عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقَدُهُ كُلُّهَا فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ وَإِلا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ ))

 إنسان نام الساعة الثانية بعد منتصف الليل، يستيقظ الساعة الرابعة يقول يا الله قام من الفراش توضأ جاء إلى المسجد، صار نشيطاص حل عقد الشيطان عنه.

 

 

(( عَنِ الأغَرِّ أَبِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ قَالَ: أَشْهَدُ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُمَا شَهِدَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: لا يَقْعُدُ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِلا حَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَنَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ ))

 المتكلم ذاكر والمستمع ذاكر، لماذا أتيت أنت ؟ أنت أتيت لوجه الله لا يوجد عطاء مادي ولا عطاء معنوي، إلا أنك في ضيافة الله وتتناول من مأدبة الله، كتاب الله مأدبته، فإذا دعاكم الله إلى مأدبته فلبوا، فأنت إذا جئت إلى بيت من بيوت الله فأنت ذاكر، استماعك ذكر، ألم أقل لكم قبل قليل الإصغاء ذكر.

 

 

(( لا يَقْعُدُ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِلا حَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ...))

 الملك للمؤمن يلهمه الخير، صدقوني أيها الأخوة أنه أناس كثيرون حدثوني حديثاً متشابهاً، يعني أدى زكاة ماله وله أعمال بر كثيرة صفقة متألقة أمامه قال لي: شعرت بانقباض شديد عزفت عنها، لو أنه عقدها لكان إفلاسه فيها، ما الذي صرفه عنها ؟ الله جل جلاله، المؤمن مسدد رشيد له من الله حافظ، لما أطاع ربه الله عز وجل أرسل ملك يلهمه الخير، عدة أخوة كرام أنفقوا من أموالهم في سبيل الله بغير حساب أدوا زكاة أموالهم عطفوا على الفقراء والمساكين، زوجوا بعض الشباب، أحياناً تلوح لهم صفقات رابحة جداً، يقول عجيب العقل والمنطق، والخبرة تقول اشتري هذه الصفقة أما انقباض عجيب في القلب، هذا الانقباض حملهم على أن يعزفوا عنها، فلما عزفوا عنها كان الذي اشتراها قد دمر نفسه وهو لا يشعر، الله يذهب عنك السوء، هذا معنى حفتهم الملائكة تلهمهم رشدهم، تلهمهم سواء السبيل، تلهمهم الخير

 

((... وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ... ))

هذه السعادة التي في قلوبهم، يوجد توفيق في أعمالهم وسعادة في قلوبهم.

(( وَنَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ " هذا التجلي، هذا إكرام الله عز وجل.
"... لا يَقْعُدُ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِلا حَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَنَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ ))

(( عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ مُعَاوِيَةُ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَلَى حَلْقَةٍ يَعْنِي مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ: مَا أَجْلَسَكُمْ قَالُوا جَلَسْنَا نَدْعُو اللَّهَ وَنَحْمَدُهُ عَلَى مَا هَدَانَا لِدِينِهِ وَمَنَّ عَلَيْنَا بِكَ، قَالَ: آللَّهُ مَا أَجْلَسَكُمْ إِلا ذَلِكَ، قَالُوا: آللَّهُ مَا أَجْلَسَنَا إِلا ذَلِكَ، قَالَ: أَمَا إِنِّي لَمْ أَسْتَحْلِفْكُمْ تُهَمَةً لَكُمْ وَإِنَّمَا أَتَانِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلام فَأَخْبَرَنِي أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُبَاهِي بِكُمُ الْمَلائِكَةَ ))

 كل رجل في بيته يوجد جلسة مريحة، غرفة جلوس، له أصدقاء لو أنه زارهم أدار معهم حديثاً ممتعاً، قدموا له الضيافة، لعلهم تفقهوا بحديث معين، كانوا مريحين، فالإنسان جاء إلى بيت الله ليتلقى رحمة الله.
أجمل شيء أنه لا ينبغي إلا أن تكون في حالين، إما في بيت من بيوت الله ترجو رحمة الله، وإما خارج بيت الله ترجو فضل الله، فكان عليه الصلاة والسلام إذا دخل المسجد قال:

 

(( عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلْيَقُلِ اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ وَإِذَا خَرَجَ فَلْيَقُلِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ ))

بالمسجد رحمة خارجه فضل، وقد قال عليه الصلاة والسلام:

 

 

(( عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَحَبُّ الْكَلامِ إِلَى اللَّهِ أَرْبَعٌ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ لا يَضُرُّكَ بِأَيِّهِنَّ بَدَأْتَ ))

 يوجد ملاحظة مع مضي الأيام والسنوات هذه الكلمات مألوفة في العالم الإسلامي، إذا إنسان غضب منك يقول لا إله إلا الله، يعني هذه الكلمات مألوفة إلى درجة أنه يقولها الإنسان وهو لا يدري ماذا يقول فهذه الكلمات حينما كثر استعمالها فقدت عند العامة مدلولها، أما لو أعدنا إليها مضمونها، أحييناها، معنى لا إله إلا الله يعني لا معطي ولا مانع، ولا خافض، ولا رافع، ولا معز، ولا مذل، ولا باسط ولا قاض إلا الله، لا تخف من أحد كن مع الله ولا تبالي.
 الله أكبر مهما كان خصمك كبيراً، مهما كان المرض عضالاً الله أكبر منه، يشفيك، مهما كان الوضع حرجاً الله هو القدير، الله أكبر، الله أكبر وسبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله، هذه كلمات نحي مدلولها لا أن نرددها ترداداً أجوفاً كما فعل بعض الناس.

 

 

(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لأنْ أَقُولَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ ))

 النبي قدم تشبيه رائع قال: أمركم أن تذكروا الله، والله ماذا قال ؟ من يذكر آية تناسب هذا الحديث

 

 

﴿مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (7)﴾

 

( سورة الحشر )

(( عن الْحَارِثَ الأشْعَرِيَّ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَمَرَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ يَعْمَلَ بِهَا وَيَأْمُرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُوا بِهَا وَإِنَّهُ كَادَ أَنْ يُبْطِئَ بِهَا فَقَالَ: عِيسَى إِنَّ اللَّهَ أَمَرَكَ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ لِتَعْمَلَ بِهَا وَتَأْمُرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُوا بِهَا فَإِمَّا أَنْ تَأْمُرَهُمْ وَإِمَّا أَنْ آمُرَهُمْ فَقَالَ: يَحْيَى أَخْشَى إِنْ سَبَقْتَنِي بِهَا أَنْ يُخْسَفَ بِي أَوْ أُعَذَّبَ فَجَمَعَ النَّاسَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَامْتَلأ الْمَسْجِدُ وَتَعَدَّوْا عَلَى الشُّرَفِ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ أَعْمَلَ بِهِنَّ وَآمُرَكُمْ أَنْ تَعْمَلُوا بِهِنَّ أَوَّلُهُنَّ أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَإِنَّ مَثَلَ مَنْ أَشْرَكَ بِاللَّهِ كَمَثَلِ رَجُلٍ اشْتَرَى عَبْدًا مِنْ خَالِصِ مَالِهِ بِذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ فَقَالَ: هَذِهِ دَارِي، وَهَذَا عَمَلِي فَاعْمَلْ وَأَدِّ إِلَيَّ فَكَانَ يَعْمَلُ وَيُؤَدِّي إِلَى غَيْرِ سَيِّدِهِ فَأَيُّكُمْ يَرْضَى أَنْ يَكُونَ عَبْدُهُ كَذَلِكَ وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَكُمْ بِالصَّلاةِ فَإِذَا صَلَّيْتُمْ فَلا تَلْتَفِتُوا فَإِنَّ اللَّهَ يَنْصِبُ وَجْهَهُ لِوَجْهِ عَبْدِهِ فِي صَلاتِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ وَآمُرُكُمْ بِالصِّيَامِ فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ فِي عِصَابَةٍ مَعَهُ صُرَّةٌ فِيهَا مِسْكٌ فَكُلُّهُمْ يَعْجَبُ أَوْ يُعْجِبُهُ رِيحُهَا وَإِنَّ رِيحَ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ وَآمُرُكُمْ بِالصَّدَقَةِ فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَسَرَهُ الْعَدُوُّ فَأَوْثَقُوا يَدَهُ إِلَى عُنُقِهِ وَقَدَّمُوهُ لِيَضْرِبُوا عُنُقَهُ فَقَالَ أَنَا أَفْدِيهِ مِنْكُمْ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ فَفَدَى نَفْسَهُ مِنْهُمْ وَآمُرُكُمْ أَنْ تَذْكُرُوا اللَّهَ فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ خَرَجَ الْعَدُوُّ فِي أَثَرِهِ سِرَاعًا حَتَّى إِذَا أَتَى عَلَى حِصْنٍ حَصِينٍ فَأَحْرَزَ نَفْسَهُ مِنْهُمْ كَذَلِكَ الْعَبْدُ لا يُحْرِزُ نَفْسَهُ مِنَ الشَّيْطَانِ إِلا بِذِكْرِ اللَّهِ... ))

 يعني إذا ذكرت الله كنت في حص حصين، لا إله إلا الله حصني، من دخلها أمن من عذابي، أنت استعذت بعظيم ودخلت إلى حصن حصين وإلى حرز حريز هذا هو الذكر.

 

((عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلاً قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ شَرَائِعَ الإسْلامِ قَدْ كَثُرَتْ عَلَيَّ فَأَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ أَتَشَبَّثُ بِهِ، قَالَ: لا يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ ))

 إذا كثرت عليك شرائع الإسلام فعليك بذكر الله، يقول عليه الصلاة و السلام:

 

 

((عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِذَا مَرَرْتُمْ بِرِيَاضِ الْجَنَّةِ فَارْتَعُوا، قَالُوا: وَمَا رِيَاضُ الْجَنَّةِ قَالَ: حِلَقُ الذِّكْرِ))

 هذه روضة من رياض الجنة و كلكم يقول هذا الكلام، والله انشرحنا بالمسجد شعرنا بالسرور، هكذا قال سيدنا حنظلة مر على سيدنا الصديق قال نافق حنظلة، لما يا أخي قال له: نكون مع رسول الله ونحن كهاتين فإذا عافسنا الأهل ننسى، سيدنا الصديق كان متواضعاً وحكيماً، قال له: أنا كذلك يا أخي، انطلق بنا إلى النبي، النبي قال: أما أنتم يا أخي فساعة وساعة، لو بقيتم على الحال الذي أنتم عليها عندي لصافحتكم الملائكة، فكلنا في ضيافة الله في سعادة هذه رحمة الله الهموم تضاءلت، الرجاء ينمو، الهمة تشحن، لذلك نحن في الدروس كالبطارية تشحن فالمؤمن إذا لازم دروس العلم متألق دائماً، إذا لازم دروس العلم متألق دائماً، لما ينقطع تضعف البطارية.

 

 

(( إِذَا مَرَرْتُمْ بِرِيَاضِ الْجَنَّةِ فَارْتَعُوا، قَالُوا: وَمَا رِيَاضُ الْجَنَّةِ قَالَ: حِلَقُ الذِّكْرِ ))

 أما الحديث الدقيق الدقيق في موضوع الذكر يقول عليه الصلاة والسلام:

 

 

(( عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلا أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ إِنْفَاقِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ، قَالُوا: بَلَى قَالَ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ مَا شَيْءٌ أَنْجَى مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ ))

 قال العلماء: ما دام النبي عليه الصلاة والسلام جعل ذكر الله فوق كل شيء فلابد من أن يكون هذا الذكر مشتمل على أربع عناصر، ذكر باللسان، وذكر بالقلب، وطاعة بالجوارح، وتوجه إلى الله، نفس متوجهة إلى الله، أعضاءه وجوارحه في طاعة الله، قلب يذكر الله لسان ينطق باسم الله.
لسان وقلب وأعضاء ونفس، نفس مقبلة أعضاء مطيعة قلب ذاكر لسان ذاكر هذا هو الذكر الذي يرقى بالإنسان فيكون أعظم أعماله على الإطلاق.

 

 

((أَلا أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ إِنْفَاقِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ، قَالُوا: بَلَى قَالَ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى ))

 ما من عمل صالح إلا والذكر شرط في تصحيحه، رجل دفع زكاة ماله وأنت تدفع ينبغي أن تذكر الله، كي تصح هذه الزكاة، إنسان صام لابد من الذكر مع الصوم، لابد من الذكر مع الزكاة، لابد من الذكر في الحج، لابد من الذكر في الصلاة، أي عمل، وأية عبادة لا يرافقها ذكر الله فهي غير صحيحة، شيء خطير، ما من عمل صالح إلا والذكر مشترط في تصحيحه.
من لم يذكر الله بقلبه عند صدقته وصيامه فليس عمله كاملاً ولا صحيحاً يعني مثلاً الآية الكريمة معروفة:

 

 

﴿وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200)﴾

 

 

( سورة الأعراف )

 ما أكثر من قال لي أنا استعذت وما ذهب الشيطان بماذا أجيبه ؟ يجب أن تستعيذ به وأنت حاضر القلب، يجب أن تستعيذ بالشيطان بلسانك وبقلبك، أي استعاذه، أي عبادة صلاة، حج، صوم، زكاة، إنفاق، إذا ما رافقها ذكر الله بقلبك فهذه الطاعة ليست كاملة بل مشكوك في صحتها، يوجد حديث دقيق جداً، يقول عليه الصلاة والسلام:

 

((نية المؤمن خير من عمله، ونية الكافر شر من عمله ))

 المؤمن لأن قلبه موصول بالله عز وجل أنفق مائة ليرة ويتمنى أن ينفق ألف ليرة، أنفق ألف يتمنى أن ينفق عشرة آلاف، وعثرت على قول لسيدنا علي رضي الله عنه يقول: فاعل الخير خير من الخير، وفاعل الشر شر من الشر، رجل أنشأ مستشفى شيء جميل لكل المرضى سنة وسنتين وعشرة ألف سنة، يوم القيامة انتهت المستشفى ماذا بقي ؟ ينعم بالجنة إلى أبد الآبدين بهذا العمل الخير انتهى وبقي فاعل الخير، إنسان ألقى قنبلة على هيروشيما قتل ثلاث مائة ألف إنسان بثلاث ثوان الآن مضى عليها مائة سنة وانتهت لو فرضنا أنه ما ألقي عليهم قنبلة يموتون كلهم الآن، انتهت آجالهم ولكن ماذا بقي ؟ هذا العمل الإجرامي الذي يشقى به إلى أبد الآبدين، فاعل الخير خير من الخير، وفاعل الشر شر من الشر، الخير ينتهي مع يوم القيامة والشر ينتهي، الذي انشأ ملهى جاء يوم القيامة ماذا يبقى الذي أفسد الناس في هذا الملهى وحملهم على المعصية وأبعدهم عن طاعة الله، الشر انتهى مع مجيء يوم القيامة لكن هذا العمل المنحرف الفاسد يشقى به إلى أبد الآبدين.
في صحيح مسلم جاء هذا الحديث مضاف إليه كلمة، ورد عن الإمام مسلم في صحيحه:

 

 

(( عَنْ أَبِي مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَثَلُ الْبَيْتِ الَّذِي يُذْكَرُ اللَّهُ فِيهِ وَالْبَيْتِ الَّذِي لا يُذْكَرُ اللَّهُ فِيهِ مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ ))

 أضيفت كلمة بيت ولها معنى، أنت بيتك مطعم، فندق، أو مسجد، يوجد بيت فيه قرآن، فيه ذكر، فيه سهرة فيها ذكر لله عز وجل، كثير من الزيارات في البيوت كلها كلام باطل، غيبة ونميمة، أما بيوت المؤمنين، إذا صار فيها سهرة وليمة، كل ما في البيت ذكر الله عز وجل، بيتك فيه صلاة، فيه علم، فيه ذكر لله عز وجل، بيت فيه حياة، وبيت فيه موت، قبر معنى هذا، أكل وشرب ونوم، مطعم وفندق، أما يوجد بيوت فيها رحمة، وسرور، وذكر لله عز وجل، فيها دعوة إلى الله عز وجل.
محور هذا الدرس أنه إما أن تكون حياً بذكر الله، ولا سمح الله ولا قدر وإما أن يكون بعض الناس ميتين بعدم ذكر الله وأكبر مرض يصيب الإنسان في الدنيا مرض الغفلة عن الله، وقد قال الله عز وجل:

 

 

﴿وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ (205)﴾

 

 

(سورة الأعراف )

 أيها الأخوة الكرام: ما أروع أن نفهم حديث رسول الله الصحيح، ما أروع أن نقف عند دقائقه، عند تفاصيله، عند ملابساته، فهذا من ذكر الله صدقوني إن جئت المسجد واستمعت في درس لتفسير كلام الله فأنت ذاكر لله، إذا استمعت لدرس فيه حديث رسول الله فأنت ذاكر لله لأن عين معرفة رسول الله عين معرفة الله، إن استمعت لدرس فقه فأنت ذاكر لله، إن استمعت لدرس سيرة فأنت ذاكر لله كله من الذكر والحقيقة لما قال النبي عليه الصلاة والسلام:

 

(( عن جَابِرُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ وَجُعِلَتْ لِيَ الأرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلاةُ فَلْيُصَلِّ وَأُحِلَّتْ لِيَ الْمَغَانِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لأحَدٍ قَبْلِي وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً ))

 في أي مكان يمكن أن تصلي فيه، لذلك لماذا بنيت المساجد ؟ من أجل تعليم العلم، من أجل الذكر، أما الصلاة يمكن أن تؤدى في أي مكان أما بيت من بيوت الله من أجل أن نجتمع وأن نتعاون، ومن أجل أن نذكر الله عز وجل، كلمة الذكر يعني التعلم، التعليم.
 كعودة سريعة أن تذكر الله بلسانك سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، وأن تحوقل لا حول ولا قوة إلا بالله، وأن تبسمل، وأن تكبر، وأن تهلل، وأن تقول حسبي الله ونعم الوكيل وأن تدعو الله عز وجل بخيري الدنيا والآخرة، وأن تصلي، وأن تتلو القرآن، وأن تتلو دروس العلم، وأن يتجه قلبك في استحضار هذه المعاني ذكر القلب، وأن تنطلق جوارحك وأعضاءك إلى الطاعات، وأن تتوجه نفسك إلى الله، إن فعلت هذا:

 

 

((أَلا أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ إِنْفَاقِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ، قَالُوا: بَلَى قَالَ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ مَا شَيْءٌ أَنْجَى مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ ))

 

إخفاء الصور