وضع داكن
19-04-2024
Logo
موضوعات في التربية - الدرس : 086 - الذكر 1 أي عمل يقرب إلى الله هو ذكر لله.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علماً و أرنا الحق حقاً و ارزقنا إتباعه، و أرنا الباطل باطلاً و ارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، و أدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
 أيها الأخوة الكرام: الدرس اليوم مستقى من كتاب شهير وقيم هو كتاب الترغيب والترهيب، فالإمام المنذري رحمه الله تعالى جمع بين دفتي هذا الكتاب من الأحاديث الصحيحة التي ترغب في أفعال معينة وترهب من أفعال معينة.
 وقد اخترت لكم في هذا الدرس موضوع الترهيب من أن يجلس الإنسان مجلساً لا يذكر الله فيه، وما أكثر مجالسنا، وما أكثر لقاءاتنا، وما أكثر ولائمنا، وما أكثر نزهاتنا، هذه اللقاءات بينك وبين أولادك، بينك وبين أهلك، بينك وبين جيرانك، بينك وبين أصدقائك، بينك وبين زملائك، في البيت، في العمل، في النزهة، هذه اللقاءات تتخللها أحاديث هذه الأحاديث إما أن تبعدنا عن الله عز وجل وإما أن تقربنا منه إما أن تفرق وإما أن تجمع، إما أن تيأس وإما أن تبث التفاؤل في النفس إما أن نتألق في هذا المجلس وإما أن نخبو.
 أيها الأخوة الكرام: المؤمن حينما يعد كلامه جزءاً من عمله ينجو ويسعد، النبي عليه الصلاة والسلام فيما رواه أبو داود والترمزي والحديث حسن صحيح:

(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَا جَلَسَ قَوْمٌ مَجْلِسًا لَمْ يَذْكُرُوا اللَّهَ فِيهِ وَلَمْ يُصَلُّوا عَلَى نَبِيِّهِمْ إِلا كَانَ عَلَيْهِمْ تِرَةً فَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُمْ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُمْ قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعْنَى قَوْلِهِ تِرَةً يَعْنِي حَسْرَةً وَنَدَامَةً و قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْعَرَبِيَّةِ التِّرَةُ هُوَ الثَّأْرُ ))

قوم، أي قوم نكرة، مجلس، أي مجلس نكرة، لقاء عابر، لقاء معد له، لقاء أسري، لقاء تجاري، أي لقاء شئت وأي مجلس شئت وأي جماعة كانت وفي أي مناسبة، وفي أي مكان وفي أي زمان، صيغة تعميم.

((... مَا جَلَسَ قَوْمٌ مَجْلِسًا لَمْ يَذْكُرُوا اللَّهَ فِيهِ... ))

 ليس شرطاً أن تقول الله الله والسبحة في يدك، مجلس تجاري هل ذكرت أمر الله في هذا الموضوع، هل ذكرت ما يرضي الله في التجارة، هل نويت من هذه التجارة خدمة المسلمين، هل قلت لو الله أكرمني في هذه الصفقة لأزوجن شاباً، هل قلت لو أن الله أكرمني في هذه الصفقة لأساهم في بناء مسجد، في حل مشكلة.
 ذكر الله واسع جداً أي كلمة تقربك من الله ذكر لله، نصيحة أمر بالمعروف نهي عن منكر، ذكر آية، شرح آية، ذكر حديث، شرح حديث، ذكر قصة، حكم فقهي، أية معلومة تقرب هي ذكر لله، أية مقولة تبعد هي لهو وانحراف.

 

(( مَا جَلَسَ قَوْمٌ مَجْلِسًا لَمْ يَذْكُرُوا اللَّهَ فِيهِ وَلَمْ يُصَلُّوا عَلَى نَبِيِّهِمْ.))

لأن الله سبحانه وتعالى رفع ذكر النبي، قال تعالى:

 

 

 

 

﴿أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1) وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (2) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (3) وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ (4)﴾

( سورة الشرح )

 أينما، متى، ذكر الله عز وجل ذكر النبي معه، وأنا أقول لكم لا ينبغي أن نفهم هذا الحديث فهماً ضيقاً، يعني اللهم صلي عليه قضية حلت، هذه الصلوات الشكلية أما إذا بينت سنة النبي بيان النبي، دلالة النبي، حرص النبي على صالحنا، بينت صفاته، كمالاته.
لم يذكروا الله فيه، لم يذكروا عظمته، لم يذكروا أسماءه، لم يذكروا عدالته، لم يذكروا رحمته، لم يذكروا حلمه، لم يذكروا جنته وناره.
ولم يصلوا على نبيهم، لم يذكروا سنة النبي، أعمال النبي، أخلاق النبي، شمائل النبي، ولا سيما في هذا الموضع، أنا أقول لكم الاجتماع تجاري جيد، ما توجيه النبي بالتجارة ؟

 

(( عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: التَّاجِرُ الصَّدُوقُ الأمِينُ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ ))

 إن أطيب الكسب كسب التجار الذين إذا حدثوا لم يكذبوا وإذا وعدوا لم يخلفوا، وإذا ائتمنوا لم يخونوا، وإذا اشتروا لم يذموا، وإذا باعوا لم يطروا، وإذا كان لهم لم يعسروا، وإذا كان عليهم لم يمطلوا.
إن شئت أن تكون واقعياً بأي موضوع تلتقي من أجله، موضوع دراسي موضوع تربوي، موضوع تجاري، موضوع تعاوني، أي موضوع لله عز وجل توجيهات من خلال كتاب الله، للنبي عليه الصلاة والسلام توجيهات من خلال سنة رسول الله فإذا جلست مجلساً وطرح موضوع ما لا يكون هذا الموضوع بعيداً عن آيات الله، عن توجيه الله، عن سنة رسول الله.

 

 

((مَا جَلَسَ قَوْمٌ مَجْلِسًا لَمْ يَذْكُرُوا اللَّهَ فِيهِ وَلَمْ يُصَلُّوا عَلَى نَبِيِّهِمْ إِلا كَانَ عَلَيْهِمْ تِرَةً فَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُمْ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُمْ ))

 ما معنى ترة ؟ قال: نقص وخسارة أو تبعة ومسؤولية، لو أنك تكلمت في الطقس في أسعار الحاجيات، لا اغتبت ولا نممت، ولا استحقرت ولا أذريت، لم ترتكب أي معصية في اللسان، لمجرد أنك أمضيت الوقت في كلام لا طائل منه لقد خسرت، كلمة ترة خسارة، نقص، ترة، مسؤولية وتبعة.
فإذا كان هذا الحديث الذي هو بعيد عن ذكر الله إذا كان في المباحات ولم يرتكب فيه معصية كان خسارةً أمضيت وقت بلا طائل، أيامك أنت معدودة، ساعاتك معدودة، الإنسان بضعة أيام كلما انقضى يوم انقضى بضع منه، حتى المؤمن وهو في الجنة لا يندم إلا على ساعة مضت لم يذكر الله بها.

 

 

(( مَا جَلَسَ قَوْمٌ مَجْلِسًا..))

 أي مجلس، أي قوم مطلق نكرة، بأي موضوع على الإطلاق، أنا ذكرت قبل يومين ما معنى البسملة، أتيت بمثل إنسان جاهل لا يقرأ ولا يكتب عنده مكيف وضع يده على المفتاح فأعطاه هواء بارد، يعني هذه الضغطة وحدها صنعت هذا الهواء ؟ لا شركات كبيرة، عريقة، خبرات متراكمة، مهندسون، تجارب، تصحيحات وتحسينات إلى أن أعطوك هذا المكيف الذي لمجرد أن تضغط عليه يأتيك الهواء البارد، أنت باسم هذه الشركة الصانعة، باسم خبرتها، باسم علمها، باسم كفاءتها، باسم ذوقها، باسم خبراتها المتراكمة تلقيت هذا الهواء.
 دقق في هذا المعنى أنت إذا تناولت الطعام قلت بسم الله من خلق لك جهاز الهضم، الفم، اللعاب، اللسان، لسان المزمار، المري، حلقات المري، الحلقات الدائرية، العضلات التي تتقلص تباعاً، الفؤاد، البواب، المعدة خمسة وثلاثين مليون عصارة هاضمة، الكبد خمسة آلاف وظيفة، البنكرياس، الصفراء الأثني عشر، الأمعاء الدقيقة التي تتجدد خلاياها كل ثمانية وأربعين ساعة، أقصر عمر للخلية عمر خلايا بطانة الأمعاء، كل ثمانية وأربعين ساعة تتجدد وأنت لا تدري، هذه تأخذ الكيلوس خلاصة الطعام تمتصها إلى داخل الجسم ليصبح دماً وغذاءً وطاقةً وحرارةً، ثم الأمعاء الغليظة، ثم خروج فضلات الطعام هذا جهاز الهضم، أنت أكلت ونمت.
لو أن الله سبحانه وتعالى كلفك بالهضم، ماذا تقول لمن يأتيك ؟ اعذرني أنا عندي ثلاث ساعات هضم، تأكل ربع ساعة عندك أربع ساعات هضم، ربنا عز وجل قال لك كل و دع الباقي علي، كل وانتهى الأمر، ما قولك لو أن الله سبحانه وتعالى كلفك بالتنفس هل تستطيع أن تنام ؟ ما معنى بسم الله ؟ يعني باسم قدرة الله، باسم حكمة الله، باسم رحمة الله، باسم جمال الله، باسم إبداع الله، أيام إنسان يكون أجهل الجهلاء يقتني أرقى آلة وينتفع بها انتفاع كبير، يعني هذا علمه ؟ لا خبرته ليس له خبرة هو أعطى أمر وانتفع، فالبسملة لا تعني أنك فعلت أنت، أنك باسم الله أكلت، باسم الله شربت، باسم الله تحركت، باسم الله وضعت خدك على الوسادة واستغرقت في نوم عميق باسم الله استيقظت، باسم الله تحركت، باسم الله عملت، من أعطاك هذا الفكر ؟ لو أن الله سبحانه وتعالى كما قال في سورة يس:

 

 

 

 

﴿وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيّاً وَلَا يَرْجِعُونَ (67)﴾

( سورة يس )

 الذاكرة لا يزيد حجمها في الدماغ على حبة العدس، فيها سبعين مليار صورة، لو أنها اضطربت لا تعرف بيتك، بذهن كل إنسان مئات ألوف الحاجات، أنا أعجب أحياناً من بائع قطع التبديل، عندك هذه القطعة، يقول لك نعم، يا بني اصعد إلى هذا الرف باقي قطعة هنا أعطه إياها، معنى ذلك أن كل بضاعة المحل في ذهنه ما هذه الذاكرة.
 البسملة، أنت تأكل باسم الله تمشي باسم الله، ترى باسم الله، تسمه باسم الله، تنطق باسم الله، لا بقدرتك ولا بعلمك ولا بخبرتك ولا بحولك، كل هذا باسم الله، المعنى الثاني هذه الحركة التي بدأتها بسم الله ينبغي أن تتحرك فيها وفق منهج الله، هذا أهم هذه الآية التي يقولها الناس في اليوم آلاف المرات أو مئات المرات ولا يفقهون معناها، كأن البسملة تذكرك بنعمة الله وبأمر الله، لذلك أن تجلس مجلس إذا في نعمة أعزو هذه النعمة إلى الله، قل الله وفقنا في هذه الصفقة، الله ألهمنا الصواب الله أخذ بيدنا، الله أكرمنا، أعزو هذا إلى الله بين منهج الله، هذا العمل حلال أو حرام، أعزو النعمة إلى الله وبين منهج الله، ذكرت الله.

 

((... مَا جَلَسَ قَوْمٌ مَجْلِسًا..))

 أي مجلس، مجلس تجاري، مجلس تربوي، مجلس تعليمي، مجلس ترفيهي، لولا أن الله سبحانه وتعالى سمح لك أن تضحك لا تضحك، لولا أن حياتك قد خلت من هموم كثير لا تضحك، الضحك معنى ذلك أنه لا يوجد عندك مشكلة كبيرة جداً، إذا الإنسان عمل فحوصات وتلقى خبر مؤلم جداً لا يضحك أبداً ينتهي الضحك من حياته، حتى إذا ضحكت الله سمح لك أن تضحك، فهذا ذكر الله عز وجل.

 

 

((.. مَا جَلَسَ قَوْمٌ مَجْلِسًا لَمْ يَذْكُرُوا اللَّهَ فِيهِ وَلَمْ يُصَلُّوا عَلَى نَبِيِّهِمْ إِلا كَانَ عَلَيْهِمْ تِرَةً... ))

 ترة يعني خسارةً أو نقصاً إذا كان الكلام مباح، يوجد موضوعات غير محرمة لكنها لا تعني شيئاً لا تقدم ولا تؤخر، أحياناً تجلس مجلس كلام لايفيد، كلام فارغ، مجمل هذا الكلام لا ينفعنا.
هكذا تروي كتب السيرة مرة رأى رجلاً تحلق الناس حوله، فسأل سؤال العارف من هذا ؟ قالوا: هذا نسابة، قال: وما نسابة، أيضاً سؤال العارف، قالوا: يعرف أنساب العرب، فقال عليه الصلاة والسلام ذلك علم لا ينفع من تعلمه ولا يضر من جهل به.
 أنت كمؤمن يجب أن تصطفي من الكتب الكتاب المفيد، من القصص القصة المفيدة، من الأصدقاء الصديق النصوح القريب من الله، الذي يزيدك علماً وحالاً وقرباً من الله، الوقت محدود والعمر قصير واللقاءات معدودة، لا ينبغي أن تستهلك الوقت استهلاكاً رخيصاً، فإذا الموضوع مباح لا يوجد مشكلة، خسارة.
 طالب في امتحان لو فرضنا ثلاث ساعات وامتحان مصيري، يمكن أن يرسم خمسات على المسودة، لم يفعل شيء لا أذى إنسان، ولا سب صديق، لا اقترف معصية، ولم يدخن، رسم خمسات فقط، يعني رسم خطوط لا معنى لها والوقت امتحان، نقول خطأه الجسيم أنه استهلك وقته فيما لا طائل منه، هذه خسارة.
فإذا كان موضوع مباح كان عليهم ترةً، خسارةً ونقصاً، وإذا الموضوع محرم كان عليهم تبعةً ومسؤوليةً.

 

 

((.مَا جَلَسَ قَوْمٌ مَجْلِسًا لَمْ يَذْكُرُوا اللَّهَ فِيهِ وَلَمْ يُصَلُّوا عَلَى نَبِيِّهِمْ إِلا كَانَ عَلَيْهِمْ تِرَةً فَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُمْ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ))

حديث آخر:

 

 

(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ قَعَدَ مَقْعَدًا لَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ فِيهِ كَانَتْ عَلَيْهِ مِنَ اللَّهِ تِرَةٌ وَمَنِ اضْطَجَعَ مَضْجَعًا لا يَذْكُرُ اللَّهَ فِيهِ كَانَتْ عَلَيْهِ مِنَ اللَّهِ تِرَةٌ ))

 رواه أحمد و ابن الدنيا والنسائي وابن حبان في صحيحه، من قعد مقعداً ومن اضطجع مضجعاً ومن مشى ممشىً لا يذكر الله إلا كان عليه ترة، يجب أن تذكر الله وأنت قاعد، وأنت قائم، وأنت مضجع، وأنت متحرك، قال تعالى:

 

 

 

 

﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191)﴾

( سورة آل عمران )

يعني يذكرون الله دائماً.
 أخوانا الكرام: الأمر أوله يحتاج إلى جهد لكن بعد حين يغدو ذكر الله محبباً، يقول لك فلان هاوي، إذا الإنسان مارس هواياته يمارسها وهو في متعة بالغة، أنت اجهد أول الأمر إلى أن تصل إلى درجة تذكر الله وأنت منغمس بالسعادة، الأمر أوله يحتاج إلى مجاهدة لكن بعد حين تتوافق النفس معه يصبح جزءاً من سعادتها.
 سأذكر لكم وصية لسيدنا عمر دقيقة جداً، المسلمون بأمس الحاجة إليها يقول سيدنا عمر رضي الله عنه لبعض قواده: أوصيك ومن معك من الأجناد بتقوى الله على كل حال، فإن تقوى الله أفضل العدة على العدو يقول لك الحياة معركة الآن، الحياة حرب، الإنسان يرغب أن يوسع المفهومات، الحرب معروفة اصطدام بين جيشين، يقول لك التجارة معركة الآن، كثير من النشاطات البشرية تأخذ طابع المعركة فأنت إذا وسعت هذه الوصية التجارة معركة، كسب المال معركة، الدعوة إلى الله معركة، يوجد خصوم، أي نشاط إنساني لابد له من طرف آخر يناوئك ويناهضك.
سيدنا عمر يقول: إن تقوى الله أفضل العدة على العدو وأفضل المكيدة في الحرب وأن تكون أنت ومن معك أشد احتراساً من المعاصي منكم من عدوكم.
 يوجد عدو يتربص بنا الدوائر، يتمنى أن يهلكنا، الأمة لها أعداء، يقول لك الصهيونية العالمية، صح أعداء أشداء أقوياء يتمنون هلاكنا، يتمنون فقرنا، يتمنون تفرقنا، يتمنون أن نسحق، ما قولكم إن ذنوب المسلمين أكثر خطراً عليهم من عدوهم، كلام دقيق جداً.
يقول سيدنا عمر: وأن تكون أنت ومن معك أشد احتراساً من المعاصي منكم من عدوكم، فإن ذنوب الجيش أخوف عليهم من عدوهم.
كنت أقول لكم دائماً المعركة بين حقين لا تكون أبداً مستحيل، لأن الحق لا يتعدد، الحق واحد، وبين حق وباطل لا تدوم لأن الله مع الحق، وبين باطلين لا تنتهي.
ولولا ذلك يقول سيدنا عمر: فإن ذنوب الجيش أخوف عليهم من عدوهم ولولا ذلك لم تكن لنا بهم قوة لأن عددنا ليس كعددهم ولا عدتنا كعدتهم.
 المشكلة يقول الناس يوجد فرق حضاري، في هوة كبيرة جداً بين الدول المتخلفة والدول المتقدمة، هذه ليس لها حل ؟ يقول لك بعضهم إن هذه الهوة تزداد عمقاً واتساعاً مع مضي الزمن، لا يوجد أمل ؟ الله جل جلاله لم يأمرنا أن نعد لأعدائنا القوة المكافئة، أمرنا أن نعد لأعدائنا القوة المتاحة وعلى الله الباقي، قد يكون هناك فرق كبير بين دولة تمتلك السلاح الذري والنووي والأرض كلها مغطاة بالأقمار الصناعية ترقب حركة كل شيء وتملك أسلحةً مدمرةً تدمر كل شيء في الأرض خمس مرات، وبين أمة نشيطة لكنها لم تستكمل أسباب قوتها.
إذا قلنا بمنطق أهل القوة إنكم لم تنتصروا إلا إذا أعددتم لعدوكم القوة المكافئة، نقول له لا هذا مستحيل، ولكننا ننتصر على أعدائنا مهما بدوا أقوياء، إن أعددنا العدة المتاحة وعلى الله الباقي.
يقول سيدنا عمر: فإن ذنوب الجيش أخوف عليهم من عدوهم ولولا ذلك لم تكن لنا بهم قوة لأن عددنا ليس كعددهم ولا عدتنا كعدتهم، فإن استوينا في المعصية كان لهم الفضل علينا في القوة.
الطرفين عصاة لله، الطرفين لا يقيمون وزناً لدين الله، الطرفان لا يعبأن بمنهج الله، الطرفان لا يبتغون وجه الله، عندئذ تحدث عن العدد وعن القوة وعن الأسلحة وعن المدى المجدي، هذا يقول لك قنبلة ذكية وهذا قنبلة تتحرك على أشعة الليزر، وهذه شبح، وهذه قنبلة تركب خط معين، حدث عن الأسلحة وعن مفعولها وعن خصائصها الشيء الكثير.
 فإن استوينا في المعصية كان لهم الفضل علينا في القوة، أنا لا أنسى هذا القول كفاك على عدوك نصراً أنه في معصية الله، أكبر سبب أن تنتصر على عدوك أنه في معصية الله وأنت في طاعة الله، وسع مفهوم المواجهة، أية مواجهة في أي مجال، أكبر سلاح تملكه أن تكون في طاعة الله، وأكبر نقطة ضعف تنزل في عدوك أن يكون في معصية الله، لأن الله مع الطائعين، الله عز وجل سمعتم قبل أيام مائة وخمسين إنسان من نخبة جيش العدو ماتوا بحادث طائرتين، هذا العدد لم يخسروه في حروب.
 الله عز وجل قوي وكبير، ما عليك إلا أن تكون معه، يعني من أجل ستين قتيل، اجتمعت الدنيا كلها، أما الآن مائة وخمسين إنسان من نخبة مقاتليهم ذهبوا بحادث معنى ذلك أن الله عز وجل كبير وينتقم، وهو مع الطائعين وهو على العصاة.
فإن استوينا في المعصية كان لهم الفضل علينا في القوة وإلا ننصر عليهم بطاعتنا ولن نغلبهم بقوتنا.
والحقيقة إذا أردتم موضوع علمي لا بد من شيئين كل منهما شرط لازم غير كافي، الشيئان الاستعداد والإيمان، الإيمان وحده لا يكفي والاستعداد وحده لا يكفي، أما إذا توافر شرط الإيمان وشرط الاستعداد قال تعالى:

 

﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (60)﴾

(سورة الأنفال )

 فصار النصر محققاً، الإيمان شرط لازم غير كافي وإعداد القوة المتاحة شرط لازم غير كافي، إن اجتمعا كان النصر حليف المؤمنين.
واعلموا أن عليكم في سيركم حفظة من الله يعلمون ما تفعلون، فاستحيوا منهم واسألوا الله العون على أنفسكم كما تسألونه النصر على عدوكم.
أنا من فضل الله علي في أدعية النصر، أقول اللهم أنصرنا على أنفسنا حتى نستحق أن تنصرنا على أعدائنا، النبي عليه الصلاة والسلام مؤدب جداً مع الله، كان يقول: اللهم إني أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك.
لا تطلب رحمة الله بلا ثمن لأنك لن تأخذها، لا تطلب نصر الله بلا حركة، بلا التزام بلا طاعة، طبعاً هذا من ذكر الله، أنا أردت أن أوسع مفهوم هذا الحديث، في أي مجال، في مجال المواجهة مع العدو أذكر أن الله هو القوي وهو الذي ينصر، في مجال العمل وكسب الرزق الاستقامة هي سبب الرزق لا الذكاء والاحتيال.
يعني أذكر الله عز وجل في أي مجال، اذكر الله الذكر الذي ينفعك في هذا المجال، ليس شرط أن تمسك في السبحة وتقول الله الله وأنت في اجتماع مثلاً، اذكر نعمة الله عليك واذكر أمر الله في هذا الموضوع، واذكر طموحك فيما لو نجحت ماذا تفعل، هذا الذي يريده رسول الله صلى الله عليه وسلم.
يوجد مجلس ليس له موضوع، يوجد لقاء ليس له موضوع، إذا كنا في عقد قران كيف نذكر الله نذكر منهج الله في الزواج، نذكر ما يطلب منا في تزويج الشباب ألم يقل الله تعالى:

 

 

 

﴿وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (﴾

( سورة النور )

 نذكر أمر الله في هذا ونذكر منهج الله في هذا، والحقيقة الإنسان لا يعدم أن يختار من حقائق الدين، من نصوص الدين القرآنية والنبوية والصحيحة، لا يعدم أن يختار من الدين ما له علاقة بهذا الاجتماع، أيام اجتماع زواج، إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، اجتماع تجاري قال تعالى:

 

 

 

﴿فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (112)﴾

( سورة هود )

(( عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: التَّاجِرُ الصَّدُوقُ الأمِينُ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ ))

 اجتماع لقضاء نزهة، هذه النزهة يجب أن تكون في مرضاة الله لا يوجد فيها اختلاط، لا يوجد فيها إسراف، تبذير، فيها ذكر لله، فيها أداء للصلوات، فيها مسابقات تنمي عقل الإنسان، اختر من الدين ماله علاقة بهذا الاجتماع، هذا حديث دقيق جداً.

 

((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَا جَلَسَ قَوْمٌ مَجْلِسًا لَمْ يَذْكُرُوا اللَّهَ فِيهِ وَلَمْ يُصَلُّوا عَلَى نَبِيِّهِمْ إِلا كَانَ عَلَيْهِمْ تِرَةً فَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُمْ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُمْ ))

حديث آخر:

 

 

(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ قَعَدَ مَقْعَدًا لَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ فِيهِ كَانَتْ عَلَيْهِ مِنَ اللَّهِ تِرَةٌ وَمَنِ اضْطَجَعَ مَضْجَعًا لا يَذْكُرُ اللَّهَ فِيهِ كَانَتْ عَلَيْهِ مِنَ اللَّهِ تِرَةٌ )
حديث ثالث:

 

(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَا قَعَدَ قَوْمٌ مَقْعَدًا لا يَذْكُرُونَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَيُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلا كَانَ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَإِنْ دَخَلُوا الْجَنَّةَ لِلثَّوَابِ ))

 بأي مجلس، والإنسان عندما يتعلم يعلم، طالب علم أخوانا الكرام أنتم محسوبون على الدين عند من ؟ عند من حولكم فلان أين هو في الجامع معنى أنت شئت أم أبيت محسوب على أهل الدين محسوب على المؤمنين، معنى ذلك أنك مظنة صلاح، معنى ذلك أنك مظنة علم، معنى ذلك أنك مظنة ورع، الآن الذين حولك كلما سألوا عنك في الجامع، ماذا ينتظرون منك ؟ أن تعلمهم أن تنقل لهم بعض ما سمعت،

(( عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مِنَّا شَيْئًا فَبَلَّغَهُ كَمَا سَمِعَ فَرُبَّ مُبَلِّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ ))

حالات كثيرة مرت علي إنسان بلغ إنسان شيء الذي بلغ كان أفقه بكثير من الذي بلغ، والذي بلغ تألق تألقاً كبيراً جداً والذي بلغ خبى، أنت بلغ

(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا مِنْ قَوْمٍ يَقُومُونَ مِنْ مَجْلِسٍ لا يَذْكُرُونَ اللَّهَ فِيهِ إِلا قَامُوا عَنْ مِثْلِ جِيفَةِ حِمَارٍ وَكَانَ لَهُمْ حَسْرَةً ))

 يقولون في البلاغة يوجد تشبيه، والتشبيه هدفه التحديد أو التنفير ورد عن رسول الله أن العائد من هبته كالعائد من قيئه، شيء لا يحتمل لا يستطيع أحد أن يأكل قيئه أبداً، وليس من رائحةٍ أشد على النفس من رائحة دابة متفسخة وكلكم له تجربة، خمسة كيلو متر أحياناً تشعر برائحة لا تطلق وإلا بعد خمسة كيلو متر.
فالمجلس الذي فيه غيبة، ونميمة، وتباهي أنا أنفقت، وأنا سافرت، واشتريت، وأنا كذا، وفلانة وفلان، حديث عن النساء وعن الترف وعن البذخ، ينتهي المجلس وكأن دابة متفسخة في هذا المكان.

 

((.. قَامُوا عَنْ مِثْلِ جِيفَةِ حِمَارٍ وَكَانَ لَهُمْ حَسْرَةً ))

 أرأيتم إلى مثل هذا التشبيه أيها الأخوة الكرام، لذلك في بيتك تكلم عن الله عز وجل ترى الحاضرين تألقوا، لأن أنت تخاطب الفطرة، تخاطب العقل، تألف القلوب، الآخرة تجمع والدنيا تفرق، يوجد في الدنيا غني وفقير إن تكلمت عن حياتك وعن بيتك، وعن راحة بيتك، وعن سفراتك، وعن إنفاقك، مقتنياتك، والذين لا يوجد عندهم إمكانية يجاروك انكمشوا، وإذا عرفتهم بالله كلهم كبرتهم، وبشرتهم كلهم وقربتهم من الله كلهم فلذلك أيها الأخوة هذا درس عملي يجب أن نجعل جهدنا الجهيد أن نذكر الله.
 يوجد شيء ثاني أحب أن أنقله لكم أرجو الله ان أوضح لكم هذه الحقيقة يعني إذا أنت أغفلت نفسك وتحدثت عن الله ترى شخص شخصه محور الجلسة أنا فعلت تركت، وعظت، هديت، إذا كان التركيز على شخصك الحاضرين يتألمون يضيقون ذرعاً بك، أما إن حدثتهم عن الله وعن رسول الله، وعن أصحاب رسول الله وأغفلت نفسك لم تسلط عليها الأضواء ما الذي يحصل ؟ الذي يحصل أنه كما ذكرت الله بملأ من خلقه يذكرك الله في ملأ خير منه، تجد لك سمعة عطرة الناس جميعاً يحبونك، الناس جميعاً يميلون إليك، قلوب الجميع تهفو إليك أنت ما تحدثت عن نفسك أبداً تحدثت عن الله، من أنا كي أتحدث.
كلمة والله أبكتني مرة، أحد كبار القواد الذين ردوا الأعاجم، ردوهم بقوة ضعيفة جداً، وهو يواجه قوى الشر والبغي والعدوان، الفرنجة، سجد لله وقال يا رب من نور الدين حتى تنصره انصر دينك.
أنت كلما تواضعت لله رفعك، كلما وضعت نفسك في التعتيم أظهرك، وكلما أردت أن تظهر مقتك الناس فلذلك أنت حينما تذكر الله وتنسى نفسك، حينما تسلط الأضواء على كمالات الله، على آيات الله وعلى عباد الله الصالحين ولا تتحدث عن نفسك أبدا، الله عز وجل وفي يذكرك في ملأ خير منه، ما ذكرني عبدي في نفسه إلا ذكرته في نفسي ما ذكرني عبدي في نفسه إلا ذكرته في ملائكتي، ما ذكرني عبدي في ملأ من خلقه إلا ذكرته في ملأ خير منهم.
أنت لا تزكي نفسك دع هذا لله، قال تعالى:

 

 

 

 

﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (49)﴾

 

( سورة النساء )

 أنت دع تزكية نفسك للآخرين، والله أيها الأخوة آية كريمة نحن قد لا نقف عندها طويلاً قال تعالى:

 

 

 

 

﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (49)﴾

( سورة النساء )

 الله في هذه الآية يمدحهم أم يذمهم ؟ الله يذمهم، إنسان يزكي نفسه، إنسان يزكي جماعته، يوجد جماعات كثيرة تذكر هذا الموضوع، دع هذا لله، أوكل إظهار الحق لله عز وجل، فأنت إذا ذكرت الله في كل جلساتك، في كل لقاءاتك، في كل حركاتك وسكناتك أنت الرابح الأول لأن الله وَفي، أنت ذكرته وهو يذكرك، بل إن الله عز وجل حينما قال:

 

 

 

﴿اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ (45)﴾

( سورة العنكبوت )

 من ألطف المعاني التي مرت بي في هذه الآية أنك تذكر الله والله يذكرك، ذكر الله لك خير ألف مرة ومليار مرة من ذكرك له، تذكره أنت لكن الله عز وجل عظيم ذكرته أم لم تذكره، سبحته أم لم تسبحه، أما إذا ذكرك هو ملأ قلبك غنىً، ملأ قلبك طمأنينة، ملأ قلبك سعادةً وفقك، صوب كلامك، سدد خطاك، أنعشك، قربك، رفع ذكرك، رفع شأنك ذكر الله لك أعظم ألف مرة ومليار مرة من ذكرك له، قال تعالى

 

 

 

﴿اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ (45)﴾

 

 

( سورة العنكبوت )

 ذكر الله لكم أكبر من ذكركم لله عز وجل آخر حديث:

 

(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي مَجْلِسٍ فَتَفَرَّقُوا وَلَمْ يَذْكُرُوا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَيُصَلُّوا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلا كَانَ مَجْلِسُهُمْ تِرَةً عَلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ))

 خمسة أحاديث تبين أن الذي يجلس مجلساً لا يذكر الله فيه ندم، وحسرة ونقص، وخسارة، وتبعة، ومسؤولية، ورائحة كرائحة جيفة الحمار، أما إذا ذكرت الله عز وجل فالله يذكرك ويعلي قدرك ويرفع شأنك، ويحفظك، أحياناً الله يسخر لك أناساً يدافعون عنك وأنت لا تدري، يذكرونك بأحسن أفعالك، يرفعونك إلى أعلى عليين وأنت لا تدري دعك من تزكية نفسك دعها إلى الله، قال تعالى:

 

 

 

 

﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (49)﴾

( سورة النساء )

 لعلك تقول الذم في هذه الآية غير واضح، اسمع إلى النهي الصريح، قال تعالى:

 

 

 

﴿فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى (32)﴾

( سورة النجم )

 لا تزكي نفسك ولا تزكي على الله أحداً، إنك إن فعلت هذا تأليت على الله من أنت ؟ وصي، إله أنت، أنت بشر ضعيف، قل كما قال سيدنا الصديق قال: والله أنا وليت عليهم أرحمهم فإن بدل وغير فلا علم لي بالغيب، عن سيدنا عمر.
 عود نفسك أن لا تمدح مدحاً مطلقاً، فلان تقي ورع، نقي، قل أعلمه تقياً ولا أزكي على الله أحداً، انظر إلى هذا الأدب أعلمه تقياً ولا أزكي على الله أحداً.
هنيئاً لك أبا السائب فقد أكرمك الله، قال: ومن أدراكِ أن الله أكرمه قولي أرجو الله أن يكرمه.
 يوجد كلمة ترفع شأنك إلى الأوج وكلمة تصغرك عند الله، وكلمة تجعلك جاهل، أنت تزكي على الله، تتألى على الله، هذا الدرس أخوانا الكرام اغفل نفسك الأضواء سلطها على كمالات الله عز وجل، كمالات الأنبياء، على كمالات أصحاب رسول الله ودع نفسك لا تزكيها ولا تزكي أحداً إلا هؤلاء الذي شهد الله لهم، قال تعالى:

 

 

 

﴿لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً (18)﴾

( سورة الفتح )

 رضي عنهم تقريراً لا دعاءً، هذا منهجنا، تلغى كل العداوات، والمنافسات، والحسد، والضغينة، والكبر، والانكماش، والتنافس البغيض، كله ينتهي لا تضع نفسك موضعاً تفرضه على الناس، هم يرفعونك، أنت كن مع الناس.
قلت لكم مرة إنسان قدم كتاباً عن رسول الله قال: لقد هيأك تفوقك لتكون واحداً فوق الجميع فعشت واحداً بين الجميع.
 سيرة النبي طافحة بتواضعه، طافحة بأنه جعل نفسه مع أقل جندي في جيشه، وأنا وعلي وأبو لبابة على راحلة، قائد الجيش رسول الله نبي هذه الأمة أكبر إنسان في الأرض قال: وأنا وعلي وأبو لبابة على راحلة، وعندما جاء دوره في المشي توسلا إليه أن يبقى راكباً، فقال:
ما أنتم بأقوى مني على السير، كان رياضي صلى الله عليه وسلم، وما أنا بأغنى منكم عن الأجر.
وقت السفر قال: وعلي جمع الحطب، قالوا نكفيك، قال: لا أعلم أنكم تكفونني ولكن الله يكره أن يرى عبده متميز على أقرانه.
هذه سنة النبي من استبدل بهذه السنة شيئاً آخر ضل سواء السبيل.
أيها الأخوة الكرام: محور درسنا هذا في كل مجالسك، في كل لقاءاتك في النزهات، في الولائم، في الحفلات، في عقود القران، في التعزية في عملك التجاري، اذكر الله، اذكر فضل الله ونهج الله.

 

إخفاء الصور