وضع داكن
20-04-2024
Logo
ندوات مختلفة لقناة الرحمة - الندوة : 2 - مجلس الرحمة ـ وقفات مع نخبة من علماء العالم الإسلامي : د.محمد راتب النابلسي , د.عمر عبد الكافي , د.سعد الدين الهلالي , د.العربي كشاط , د.صلاح سلطان ,
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

الأستاذ ملهم :

﴿ الحمد لله رب العالمين(2)الرحمان الرحيم(3)مالك يوم الدين(4)إياك نعبد وإياك نستعين(5)اهدنا الصراط المستقيم(6)صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين(7)﴾

 إذا ضاق بك الأمر فبالأسحار صلِّ على محمد ، يصلي الله رب العرش عشراً على عبد يصلي على محمد ، في مئة يصلي الله ألفاً فعجل بالصلاة على محمد ، ولا تترك رسول الله يوماً فما أحلى الصلاة على محمد ، صلى الله على محمد .
 مشاهدينا الكرام في كل مكان أحييكم بتحية الأمن والأمان ، أحييكم بتحية الإسلام وتحية الإسلام السلام ، فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته ، أهلاً بكم ، وهذا اللقاء الخاص من حلقات برنامجكم مجلس الرحمة ، الذي نسأل الله تعالى أن يجعله رحمة ، وأن يجعله في ميزان حسناتنا يوم نلقاه ، وأن يرزقنا الصدق والإخلاص والقبول ، إنه نعم المولى ونعم النصير .
 مشاهدينا الكرام قال الله عز وجل :

﴿ وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ (68)﴾

( سورة القصص )

 لقد خلق الله السماوات سبعاً والأرض سبعاً ، واختار السابعة من السماوات فاختطها لعرشه ، وخلق الله الجنان ، واختار منها جنة الفردوس وجعل عرشه فوقها ، وخلق الله خلقاً واصطفى من الخلق الأنبياء ، واصطفى من الأنبياء الرسل ، واصطفى من الرسل أولي العزم الخمسة ، نوحاً وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمداً صلوات الله عليهم أجمعين ، ثم اصطفى من أولي العزم الخمسة الحبيبين إبراهيم ومحمداً ، ثم اصطفى محمداً صلى الله عليه وسلم ففضله على سائر خلقه ، فرفع ذكره ، وشرح صدره ، وأعلى قدره ، وخلق الله الأمم ، خلق سبعين أمة اصطفى من هذه الأمم أمة الحبيب المحبوب ، فجعلها خير أمة ، قال تعالى :

 

﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ (110)﴾

( سورة الحشر)

 وخلق الله الشهور والأيام واصطفى شهر رمضان على سائر الشهور والأزمان فكرمه تكريماً عظيماً ، فأنزل فيه القرآن ، قال الرحيم الرحمن :

 

﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ (185)﴾

( سورة البقرة )

ترحيب حار بالضيوف الأجلاء :

 مشاهدينا الكرام في كل مكان أهلاً بكم في هذا اللقاء الخاص ، هذا اللقاء القرآني ، هذا اللقاء النبوي ، هذا اللقاء المحمدي ، نسأل الله عز وجل أن يرزقنا التوفيق، في البداية مشاهدينا الكرام يسعدنا ويشرفنا أن يكون معنا في حلقة اليوم فضيلة العالم الجليل الدكتور عمر عبد الكافي ، أيضاً يسعدنا ويشرفنا أن يكون فضيلة العالم الجليل الدكتور عربي الكشاط ، أيضاً يسعدنا ويشرفنا أن يكون معنا في هذا العام ولأول مرة في هذا اللقاء الخاص الذي يتجدد فضيلة الأستاذ صلاح سلطان ، أيضاً يسعدنا ويشرفنا أن يكون معنا فضيلة الأستاذ محمد حسان ، أيضاً يسعدنا ويشرفنا أن يكون معنا فضيلة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي ، أيضاً يسعدنا ويشرفنا أن يكون معنا في هذا العام ولأول مرة الأستاذ الدكتور سعد الدين هلال ، أيضاً يسعدنا ويشرفنا أن يكون معنا في هذا العام ولأول مرة أيضاً فضيلة الشيخ الجليل أمين الأنصاري .
 في البداية نبدأ بعالمنا الجليل الدكتور عمر عبد الكافي ، أقول دكتور عمر جميل أن تذكر الله ولكن الأجمل منه أن تُذكر الناس بالله أليس كذلك ؟

على المسلم أن يكون إيجابياً لأن المسلم الإيجابي هو إنسان مقدام في صناعة الخير :

الدكتور عمر عبد الكافي :
 أذكر الله رب العالمين ، وأصلي وأسلم على نبينا صلى الله عليه وسلم ، أولاً مرحباً بأخوتي الفضلاء الذين أستمد من إخلاصهم الكثير حينما أوجد بينهم ، أستشعر أنني أستنشق عبير الخير ، و رحمات الأنس بالله ، فهم الذين نستمد بعد فضل الله تعالى من أفضالهم ، ومن تواجدهم معنا ، ومن تواضعهم الجم ، أن نتحدث بينهم جزاهم الله عن الإسلام خيراً ، وبعد :
 كان يعقوب عليه السلام له اثنا عشر ولداً ، يوسف وأخوته ، إذا قسمنا المسألة نجد الأحد عشر فيهم صفات عديدة ، تربوا على أربع وثلاثين صفة سيئة ، من حقد ، وحسد ، وضغينة ، وترتيب مكائد ، وترتيب الصلاح على القتل ، وعدم محبة الخير ، والتعدي على حقوق الوالد ، تالله إنك لفي ضلالك القديم ، أمام هذا الخلق ، كان خلق يوسف في الجانب الآخر الحلم ، والتواضع ، والتسامح ، وإيثار الغير ، إلى غير ذلك ، وما أشبه رمضان والشهور التي تسبقه بيوسف وأخوته ، عاش يعقوب ينظر بعد أن فقد بصره إلى أبنائه الأحد عشر فما ردّ له بصره ، ولكن ردّ بصره إلا فضل الله عز وجل ، و أن ألقي على وجهه قميص يوسف رد البصر إليه مرة أخرى ، وكأن شهر رمضان حينما يأتي إلينا ونحن عشنا أحد عشر شهراً قبله ننسى ، وقد نحقد ، وقد ننسى ، وقد ندبر المكائد ، وقد نغتاب ، ونخوض في الأعراض ، تأتي ريح رمضان فيرتد قلب المؤمن الصائم بصيراً فيبصر الحقائق ، فكشفنا عنك غطاءك ، الإنسان جميل أن يذكر ولا يستطيع أن يعيش دون ذكر ، لكن هذا مسلم سلبي، يجب أن يكون المسلم إيجابياً ، والمسلم الإيجابي هو إنسان مقدام في صناعة الخير ، فهو ليس مسلماً لازماً ، لأن الفعل في اللغة العربية فعل لازم و فعل متعدي ، المسلم يختصر الفعل المتعدي لكن ليس متعدياً على الغير وإنما متعدي بالخير للغير ، هذا المسلم الذي يذكر الله تعالى تصيبه أو تهبط على قلبه نفحات الرحمة ، نفحات الرحمة تجعل لسانه ذاكراً ، تجعل عينه مبصرة إلى حقائق الأمور ، تجعل قلبه يقظاً مع الله عز وجل ، وهو إنسان لأن لسانه يذكر وجوارحه تذكر ، فيده لا تمتد إلى شبهة ، ولا تمتد إلى حرام ، وقال علماؤنا : "من أكل الشبهة أربعين يوماً عصت جواره شاء أم أبى " .
 فإذا أكل الحلال استجيبت دعوته ، وإذا أكل الحلال لانت جواره بطاعة الله ، إذا أكل الحلال أصبح مذكراً غيره بالله سبحانه وتعالى ، وهذه طبيعة المؤمن أن نذكر غيرنا ، والإنسان الذي يفقد الشيء لا يستطيع أن يعطيه ، أذكر أولاً ونذكر أنفسنا ونذكر الناس ولكن باللين والرفق ، وسبحان الله اشترط العلماء بالصديق الذي أصاحب أن تذكرني بالله رؤيته ، وأن يدلني على الله حاله ، وأن يزيد في علم المنطق مآله .
الأستاذ ملهم :
 دكتور عمر أنا سوف ألتقط الخيط دكتور عربي من كلام الأستاذ الجليل عمر ، من خلال وذكرهم بآيات الله ، أنا أريد أن أنتقل إلى جزئية مهمة يوم عيد الفطر ، السؤال ما سر يوم عيد الفطر ؟

سرّ يوم عيد الفطر :

الدكتور عربي القشاط :
 بسم الله الرحمن الرحيم ، تحية لكم وللأساتذة الأجلاء الذين يعتبر الاجتماع بهم عيداً ، كلمة العيد تعني ما يعود ، والعيد ظرف لا دخل للإنسان فيه ، يوم العيد لا دخل للإنسان فيه ، يوم العيد لوصفه ظرفاً هو عطاء رباني ، هذه أولاً .
 ثانياً : ما موقع العيد بالنسبة لما يسبقه ولما يأتي بعده ؟
 ثالثاً : مدلول العيد ، كسبي أم وهبي ؟ أي من مكاسب الإنسان أم هبة للإنسان ؟
 السؤال الأول : العيد يعود مرة بعد مرة ، وعيد الفطر الذي تفضلت بالإشارة إليه يعود مرة كل سنة ، إذا اعتبرنا العيد ظرفاً ، لسنا صانعي هذا الظرف إنما هو تَفضٌّل من الله عز وجل ، ولقد ذكرت في مقدمتك الجميلة وألححت على معاني الاختيار والاصطفاء ، العيد جزء من الزمان ، فما الذي جعل العيد يمتاز عن غيره من الأزمنة ؟ ليس هذا الامتياز لذات الظرف وإنما هو للمظروف ، وإذا كان الله عز وجل قد تكرم على عباده بهذا الظرف ، فكل تكرم رباني يقتضي استجابة تمثل أو تعبر عن عبودية الإنسان ، هذه الاستجابة تسمى الشكر ، والشكر هنا ليست كلمة يقولها اللسان ، وإنما هو عبارة عن حال تنتعش به الأفئدة ، وألفاظ تتعطر بها الألسنة ، وأعمال تتزين بها وقائع الأيام .
النقطة الثالثة : اختيار زمان العيد ، زمان عيد الفطر جاء بعد دورة زمنية خاصة، هذه الدورة الزمنية تمتاز أيامها بعملية سلبية تتمثل في الإمساك عن المفطرات ، وتتميز لياليها بعملية إيجابية تتمثل في تفتح منافذ الإنسان التي منها تدخل أشعة النور ، التي تنبثق من التلاوة المباركة في صلاة التراويح يستمع إليها المسلمون .
 هذه هي الملاحظات الأولى ولعل فيما يلي نستكمل .
الأستاذ ملهم :
 دكتور صلاح ونحن نتكلم عن رمضان ، والمنح التي أعطانا إياها الله عز وجل لأمة الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم ، والفضائل التي منّ الله على هذه الأمة من خلال الأحاديث الصحيحة كما جاء في الصحيحين :

(( من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ))

[ متفق عليه عن أبي هريرة ]

(( من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ))

[ متفق عليه عن أبي هريرة ]

(( من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ))

[ متفق عليه عن أبي هريرة ]

 أريد أن أنوه والتركيز على مسألة المداومة على العمل الصالح .

 

المستويات الثلاثة للعبادة :

دكتور صلاح :
 بسم الله الرحمن الرحيم ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وبعد :
 في الحقيقة في غاية السعادة أن ألتقي بهذه الكوكبة من أخواننا وأساتذتنا العلماء الأجلاء في هذه الليلة ، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يظلنا في الحب فيه في ظله يوم لا ظل إلا ظله .
 في الحقيقة هناك شكل ومضمون ، إذا صام المسلمون صوماً شكلياً وهو الجانب السلبي كما أشار أخي الدكتور عربي الكشاط وهو الامتناع ، الصيام لغة الامتناع :

خيل صيام وخيل غير صائمة   تحت العجاج وأخرى تعلك اللجما
***

 فهذا الامتناع إذا كان امتناعاً شكلياً فإنه لا يفرز تذوقاً للعبادة ، نحن أمام ثلاثة مستويات ، المستوى الأول : الإنسان الذي يعرض عن ذكر الله ولا يصوم أي نوع من الصيام لا شكلاً ولا مضموناً ، هناك نوع من الناس يمارس العبادة ممارسة تقف عند شكل الأحكام الفقهية ، لكن هناك من يتذوق حلاوة هذه العبادة ، والإمام مسلم لعله أشار بقوة إلى هذا الذي انتقل من الممارسة إلى هذا المضمون ، حينما أورد باباً في كتاب الصيام ، باب وجوب صيام شهر رمضان ، واستحباب ألا يُخلي شهراً عن صوم ، إذاً هو ذاق في رمضان ولم يعد يستطيع أبداً أن ينسى الصيام في بقية العام ، ذاق حلاوة القيام ثم جاهدت نفسي لأقوم، ثم جاهدت نفسي لأنام ، جاهدت نفسي في قيام الليل عاماً فذق حلاوته عشرين عاماً ، ذاق حلاوة الإنفاق في رمضان :

(( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس ، وكان أجود ما يكون في رمضان ، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة ))

[ رواه البخاري عن بن عباس]

 فإذا تذوق حلاوة الإنفاق صار كما قال الشاعر :

تعلم بسط الكف حتى لو أنه  ثناها لقبض لم تجبه أنامله
ولو لم يكن في كفه غير روحه  لجاد بها فليتقِ الله سائله
***

 لم يعد يستطيع أن يقول لا ، فلا تسألوه روحه فإنه لن يبخل بها .

 

على الإنسان أن ينتقل من الشكل إلى المضمون ومن الجانب العام إلى الجوهر :

 إذاً هذه المستويات الثلاثة أصحاب الشمال ، أصحاب اليمين المقربون ، نحن يجب أن ننتقل ، نعوذ بالله أن نكون من أصحاب الشمال الذين يقصرون في أركان وواجبات الصيام ، أو الصلاة ، أو الزكاة ، أو الحج ، أو غيره ، أو أن نقف فقط ، لا نحب أن نقف عند أصحاب اليمين ، وإنما يجب أن نتحرك إلى أن نكون من المقربين ، فإن الإنسان إذا جلس على مائدة الطعام ينتقي أطايبه ، كان سيدنا عمر لماحاً لهذا المعنى عندما قال : " لولا ثلاث ما أحببت المقام في هذه الدنيا ، أول شيء مكابدة الساعات ـ أي قيام الليل عندما يكون مجهداً ، شديداً في التعب ثم يقوم بين يدي الله ـ وصوم الهواجر ـ ليس الصوم العادي الطبيعي ـ ومخالطة أقوام ينتقون أطايب الكلام كما ينتقي الآكل أطايب الثمر " .
 إذاً الإنسان ينتقل من الشكل إلى المضمون ، من الجانب العام إلى الجوهر فيتذوق، فتجد من يقول له :
 صم يوماً كل أسبوع ، أو صم ثلاثة أيام ، مثل عبد الله بن عمرو بن العاص لما ذاق حلاوة القيام والصيام نذر أن يصوم كل يوم ، وأن يقوم كل ليلة حتى تزوج ، وفي صحيح البخاري أن :

(( قال : أنكحني أبي امرأة ذات حسب فكان يتعاهد كنته فيسألها عن بعلها فتقول: نعم الرجل من رجل لم يطأ لنا فراشا ، ولم يفتش لنا كنفا ))

[البخاري عن عبد الله بن عمرو ]

 إذاً يحتاج إلى علاج لإعادته إلى التوازن ، فلما ذهب إلى النبي صار يخفض حتى يصل إلى التوازن ، قال له :

(( صم كل شهر ثلاثة واقرأ القرآن في كل شهر ، قال : قلت أطيق أكثر من ذلك قال : صم ثلاثة أيام في الجمعة ، قلت : أطيق أكثر من ذلك ، قال : أفطر يومين وصم يوماً، قال : قلت : أطيق أكثر من ذلك ، قال : صم أفضل الصوم صوم داود ، صيام يوم وإفطار يوم ، واقرأ في كل سبع ليال مرة ))

[البخاري عن عبد الله بن عمرو ]

 الروايات الأخرى تقول استمر إلى آخر دهره على هذا النحو ، نحن نريد عباداً ونساكاً على هذا المستوى الرفيع من التعبد لله تعالى .
الأستاذ ملهم :
 نقول عن رب رمضان هو رب الشهور ، والمداومة على العمل الصالح شعار المؤمنين ، نتكلم على ثمار المداومة على العمل الصالح ؟

 

ثمار المداومة على العمل الصالح :

الأستاذ محمد حسان:
 الحمد لله ، وصلِّ الله وبارك على سيدنا ونبينا محمد ، وعلى آله وأصحابه أجمعين ، وبعد :
 حياكم الله جميعاً أيها الأخوة الفضلاء الأعزاء ، طاب سعيكم وممشاكم وتبوأتم من الجنة منزلاًَ ، أود أن أقول أيها الأفاضل بأن الاستقامة ليست كلمة ترددها الألسنة لا في مثل هذه اللقاءات المباركة ، ولا في خطب الجمعة والمحاضرات ، الاستقامة على الطاعة لغة هي الاستواء والاعتدال ، الاستقامة اصطلاحاً هي الاستقامة على الصراط المستقيم ، بامتثال الأمر، واجتناب النهي ، والوقوف عند الحد بعلم وإخلاص واتباع ، فهي دائرة على الأقوال والأعمال والأحوال ، بمعنى أن تستقيم الأقوال على الصدق ، وأن تستقيم الأعمال على الاتباع ، وأن تستقيم الأحوال على الإخلاص ، هذا هو حال المستقيم على طاعة الله عز وجل، الذي يعبد الله عز وجل فوق أي أرض وتحت أي سماء ، فهو عبد لله سبحانه وتعالى ليس عبد لشهر من الشهور ، ولا لزمن من الأزمنة ، ولذلك فهو مداوم على العمل الصالح ، قد لا يجد العبد الصالح المستقيم على طاعة الله زيادة على العمل بعد رمضان باستثناء الصيام اليومي لهذا الشهر العظيم ، وإلا فسترى المؤمن صائماً في بعض الأيام ، ستراه قائماً بفضل الله عز وجل قلّما تفوته ليلة ، فالليل أنس المحبين وروضة المشتاقين ، وإن لله عباداً يراعون الظلال بالنهار كما يراعي الراعي غنمه ، ويحنون على غروب الشمس كما تحن الطير إلى أوكارها ، حتى إذا ما جناهم الليل أي ليل ؟ واختلط الظلام ، ونصبت الفرش ، وخلا كل حبيب بحبيبه ، قاموا نصبوا على الله أقدامهم ، ورفعوا إلى الله أيديهم ، وقلبوا إليه أفئدتهم ، ووضعوا على التراب جباههم ، ومرغوا في الوحل أنوفهم ، وعجلت إليك ربي لترضى ، فالمؤمن يتعجل بالطاعة ، ولا يسوف ، ولا يتكاسل ، وإنما هو سابق دائماً إلى الخيرات والطاعات .

1ـ المداومة على العمل الصالح أعظم ثمرة للاستقامة :

 أما ثمار المداومة على العمل الصالح فيكفي فقط أن أضع رؤوس أقلام ، وأقول إن أعظم ثمرة للاستقامة المداومة على العمل الصالح ، الذي يرضي الله عز وجل ، لأن العبد بذلك ينال محبة الرب سبحانه وتعالى ، وأي شرف :

(( من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب ، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه ، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ، وإن سألني أعطينه ، وإن استعاذ بي أعذته ، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس عبدي المؤمن ، يكره الموت وأنا أكره مَساءته ))

[ البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ]

 أو مُساءته وكلاهما صحيح لغة لكن الفتح أبلغ ، هذا فضل الله على العبد الصالح المداوم على طاعة الله .

 

2 ـ المداومة على طاعة الله سبب لتفريج الهم والضيق :

 ثم من أعظم ثمرات المداومة على طاعة الله ، لأنها سبب لتفريج الهم والضيق ، وما أكثر الهم والضيق الذي يملأ صدوراً كثيرة ، وكلنا يحفظ حديث الصحيحين ، حديث الثلاثة الذي أغلق عليهم باب الغار حين سقطت صخرة من فوق الجبل ، كل واحد منهم ما توسل إلى الله إلا بعمل صالح ، يرجو أن يقربه هذا العمل من الله ، ويرجو أن يكون هذا العمل مقبولاً من عند الله عز وجل ، الأول توسل إلى الله ببره لوالديه ، والثاني توسل إلى الله بتعففه عن الزنا ، وتوسل الثالث إلى الله بأمانته واستثماره للأجير .

 

 

3 ـ العمل الصالح والمداومة عليه سبب لنور القلب ومحو أثر الذنب :

 أيضاً من أعظم ثمرات المداومة على العمل الصالح أيها الأخوة الأفاضل ، أن العمل الصالح والمداومة عليه سبب لنور القلب ومحو أثر الذنب ، يا لها والله من ثمرة :

 

(( إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَخْطَأَ خَطِيئَةً نُكِتَتْ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ فَإِذَا هُوَ نَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ وَتَابَ سُقِلَ قَلْبُهُ ، أي أصبح كالمرآة الصافية ، وَإِنْ عَادَ زِيدَ فِيهَا حَتَّى تَعْلُوَ قَلْبَهُ وَهُوَ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ قَالَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ))

[ الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ]

4 ـ حسن الخاتمة :

 وأختم بثمرة الخير من ثمرات المداومة على العمل الصالح ، ويا لها والله من ثمرة ألا وهي حسن الخاتمة ، اللهم ارزقنا حسن الخاتمة ، وثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ، ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء ، قال تعالى :

 

﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا ﴾

( سورة فصلت الآية : 20 )

 وفي وقت تنزل الملائكة على أهل الإيمان والاستقامة على العمل الصالح قولان ، الأول : أنهم يتنزلون عليهم وهم على فراش الموت ، والثانية : أنهم يتنزلون عليهم وهم يخرجون من القبور يوم القيامة ، يوم الفضيحة الكبرى ، أسأل الله أن يسترنا في الدنيا والآخرة ، ومن جميل ما قاله الحافظ بن كثير ـ رحمه الله ـ قال : " قد أجرى الله الكريم عادته بكرمه أن من عاش على شيء مات عليه ، ومن مات على شيء بعث عليه "
وأختم بهذا الحديث الجميل :

(( إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا اسْتَعْمَلَهُ فَقِيلَ كَيْفَ يَسْتَعْمِلُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ يُوَفِّقُهُ لِعَمَلٍ صَالِحٍ قَبْلَ الْمَوْتِ قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ))

[ الترمذي عَنْ أَنَسٍ ]

 ثم يقبضه عليه .
الأستاذ ملهم :
 دكتور راتب الشيخ الجليل حينما تكلم عن المصارعة في الخيرات هنا نتذكر الأحاديث ، سيدنا أبو هريرة كما جاء في صحيح مسلم أن النبي عليه الصلاة والسلام قال :

(( من أصبح اليوم منكم صائماً ؟ قال أبو بكر : أنا يا رسول الله ، من تبع منكم اليوم جنازة ؟ قال أبو بكر : أنا يا رسول الله ، فمن أطعم منكم اليوم مسكيناً ؟ قال أبو بكر : أنا يا رسول الله ، قال : فمن عاد منكم اليوم مريضاً ؟ قال أبو بكر : أنا يا رسول الله ، فقال النبي عليه الصلاة والسلام : ما اجتمعت في رجل إلا ودخل الجنة ))

 مسألة أننا نحث الناس على المصارعة في الخيرات .

 

العبادة أن تلبى حاجات العقل و الجسد و القلب معاً لنتفوق و نبتعد عن التطرف :

دكتور راتب النابلسي :
 بسم الله الرحمن الرحيم ، أولاً إنها لمضنية مؤلمة تلك الجهود التي تبذلها النجوم لتضيء في حضرة الشموس ، هذه واحدة ، الشيء الثاني الإنسان إذا عرف سرّ وجوده وغاية وجوده ، صحت حركته ، علة وجود الإنسان عبادة الله ، و العبادة في أدق تعاريفها طاعة طوعية وليست قسرية ، لأن الله ما أراد أن تكون العلاقة فيه إلا علاقة حب ، قال تعالى :

 

﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾

( سورة البقرة الآية : 256 )

﴿ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ﴾

( سورة المائدة الآية : 54 )

 هي طاعة طوعية ، الأقوياء يطاعون قسراً ، أما الله عز وجل يريد من عباده أن يطيعوه بمبادرة منهم ، وعن حب ، فالحب أساس في الدين ، ممزوجة بمحبة قلبية ، فما عبد الله من أطاعه ولم يحبه ، وما عبد الله من أحبه ولم يطعه ، ثم أساسها معرفة يقينية ، تفضي إلى سعادة أبدية .
 إذاً في هذا التعريف الدقيق كتلة سلوكية ، وكما تفضل أستاذنا الجليل ما لم نستقم على أمر الله ـ لن لتأبيد النفي ـ لن نقطف من ثمار الدين شيئاً ، من دون استقامة الدين ثقافة، الدين فلكلور ، الدين خلفية إسلامية ، أرضية إسلامية ، الدين تصور إسلامي ، زخرفة إسلامية ، أقواس إسلامية ، أما الدين الحقيقي منهج لذلك العبادة طاعة طوعية ، ممزوجة بمحبة قلبية ، أساسها معرفة يقينية ، تفضي إلى سعادة أبدية ، ذلك أن الإنسان عقل يدرك وقلب يحب وجسم يتحرك ، غذاء العقل العلم ، وغذاء القلب الحب ، وغذاء الجسم الطعام والشراب ، ما لم تلبَ حاجات العقل والقلب والجسم معاً نتطرف ، أما إذا لُبيت معاً نتفوق ، هذه العبادة .

 

الإنسان ما لم تصح عبادته التعاملية لن يقطف من العبادة الشعائرية ثمارها :

 والصيام عبادة والحديث عن الصيام ، هناك عبادة شعائرية وهناك عبادة تعاملية، والحقيقة الخطيرة أنه ما لم تصح العبادة التعاملية لن نقطف من العبادة الشعائرية ثمارها ، الدليل :

(( لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا ، فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا ، قَالَ ثَوْبَانُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، صِفْهُمْ لَنَا ، جَلِّهِمْ لَنَا ، أَنْ لَا نَكُونَ مِنْهُمْ ، وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ ، قَالَ : أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ ، وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ ، وَيَأْخُذُونَ مِنْ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ ، وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا ))

[ ابن ماجه عن ثوبان ]

(( من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه ))

[البخاري وأبو داود والترمذي وابن ماجة عن أبي هريرة ]

﴿ أَنفِقُواْ طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَّن يُتَقَبَّلَ مِنكُمْ إِنَّكُمْ كُنتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ {53} ﴾

 

( سورة التوبة الآية : 53 )

 وإذا وضع الحاج رجله في الركاب وقال :

(( من حج بمال حرام فقال : لبيك اللهم لبيك ؛ قال الله عز وجل : لا لبيك ولا سعديك وحجك مردود عليك ))

[ رواه الشيرازي وأبو مطيع عن عمر ]

 أخطر شيء أتمنى أن يكون واضحاً أمام الأخوة المشاهدين أن الإنسان ما لم تصح عبادته التعاملية من صدق وأمانة لن يقطف من العبادة الشعائرية ثمارها ، لذلك حينما التقى سيدنا جعفر بالنجاشي حدثه عن الإسلام قال :

(( أيها الملك كنا قوماً أهل جاهلية نعبد الأصنام ، ونأكل الميتة ، ونأتي الفواحش ، ونقطع الأرحام ، ونسيء الجوار ، ويأكل القوي منا الضعيف ، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولاً منا نعرف نسبه ، وصدقة ، وأمانته ، وعفافه ، فدعانا إلى الله عز وجل لنوحده ، ونعبده ، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دون الله من الحجارة والأوثان ، وأمرنا بصدق الحديث ، وأداء الأمانة ، وصلة الرحم ، وحسن الجوار ، والكف عن المحارم والدماء ))

[ أخرجه الإمام أحمد عن أم سلمة أم المؤمنين ]

من عرف علة وجوده صحت حركته و حقق من الدنيا هدفها :

 إذاً :

(( بُنِي الإسلامُ على خَمْسٍ ))

[ البخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن عبد الله بن عمر ]

 هذه الأعمدة ، أما الإسلام بناء أخلاقي ، قال ابن القيم رحمه الله تعالى : " الإيمان هو الخلق ، فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك في الإيمان ".
 لكن هناك عبادة شعائرية وهناك عبادة تعاملية تحدثت عنها قبل قليل ، هناك عبادة الهوية أنت من ؟ أنت قوي العبادة الأولى إحقاق الحق ، أنت غني العبادة الأولى إنفاق المال ، أنت عالم العبادة الأولى أن تلقي العلم وألا تأخذك في الله لومة لائم ، أنت امرأة العبادة الأولى رعاية الزوج والأولاد ، هذه عبادة الهوية ، هناك عبادة العصر إذا أراد الطرف الآخر إفقارنا فاستخراج الثروات ، و تصنيع الطاقات أحد أنواع العبادة ، وإذا أرادوا إذلالنا أن نضحي بالغالي والرخيص ، والنفيس والنفيس ، العبادة علة وجودنا ، فحينما نعرف علة وجودنا تصح حركتنا وإن صحت حركتنا حققنا من الدنيا هدفها .
الأستاذ ملهم :
 بارك الله فيك دكتور راتب ، إذاً نقول : علق قلبك بالله ولا تعلقه بالمخلوقين ، فمن توكل عليه كفاه ، ومن اعتصم به نجاه ، ومن فوض الأمر إليه هداه .
دكتور راتب النابلسي :
 من أحبنا أحببناه ، ومن طلب منا أعطيناه ، ومن اكتفى بنا عما لنا ، كنا له ومالنا.
الأستاذ ملهم :
 دكتور سعد في كلام شيخنا الجليل دكتور راتب السؤال لماذا نعبد الله ؟

 

العبادات ينطلق المسلم من خلالها إلى إعمار الأرض و إحياء الأنفس و حماية العقول :

دكتور سعد :
 بسم الله الرحمن الرحيم ، في البداية تحية إلى أساتذتي ، ومشايخي ، وزملائي ، كما أحيي الأستاذ ملهم على إدارة هذه الجلسة الجميلة في هذه الأمسية الجميلة ، وفي هذه الليلة المباركة ، وتحية عطرة للأخوة والأخوات ، المشاهدين والمشاهدات ، أما عن هذا السؤال فهو في جملته فلسفة حياة الإنسان :

﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾

( سورة الذاريات )

﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ﴾

( سورة المؤمنون )

 العبادة يظن البعض أنها طقوس ، أو شعائر ، أو مناسك ، والحقيقة أن عبادة الإنسان لربه تشمل إعمار الكون ، كما تشمل طاعة الله عز وجل في المناسك والطاعات والشعائر المعروفة ، لعل المقاصد الشرعية التي نجح الإمام الشاطبي في تأسيسها ، وبيان أن الشريعة الإسلامية جاءت ترعى تلك المقاصد ، وهي مقاصد كل شريعة سماوية ، الدين ، والنفس ، والعقل ، والعرض ، والمال ، يعلمنا بأن كلية الدين ومقصد الدين الذي يعرفه عامة الناس بالعبادة ، إذا سألت أحداً من المسلمين ما المقصود بكلية الدين ؟ يقول : العبادات ، ونسي أربعة أخماس الإسلام الذي جاء الإسلام في تأسيسه ، وحمايته ، وحفظه من النفس والعقل والعرض والمال ، المتأمل في العبادات من المناسك من صلاة ، وصيام ، وحج ، وزكاة ، والشهادتين ، أو الطهارة ، يرى أن هذه العبادات الخمس هي خمس الإسلام ، هذه العبادات التي هي خمس الإسلام وهي خمس أركان الطهارة ، والصلاة ، والصيام ، والزكاة ، والحج ، هذه العبادات خمس الإسلام ، هذه العبادات ينطلق من خلالها المسلم إلى إعمار الأرض ، إلى إحياء الأرض ، إحياء الأنفس ، حماية العقول ، حماية الأعراض ، حماية الأموال ، تنمية الحياة التي يعيشها الإنسان ، ويدل على ذلك قول الله عز وجل :

 

﴿ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا (61)﴾

( سورة هود)

لن تقوم القيامة إلا بعد إعمار الأرض و رواجها :

 وأزعم أن القيامة لن تقوم حتى تعمر الأرض ، وتخضر الأرض الصحراوية ، ونجد عماراً لكل بقعة في الأرض ، مصداق ذلك قول الله عز وجل :

 

﴿ حَتَّى إِذَا أَخَذَتْ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ ﴾

( سورة يونس الآية : 24 )

 إذاً لن تقوم القيامة إلا بعد إعمار الأرض ، وإعمار الأرض كما قال تعالى :

 

﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (30)﴾

( سورة البقرة )

 والخليفة في اللغة هو المصلح ، خليفة أي جاعل في الأرض مصلح ، مصلح في الحياة ، مصلح مع النفس ، مصلح مع المال ، مصلح مع مقاصد الشريعة كلها ، نرى بأن العبادات من الطهارة ، والصلاة ، والزكاة ، والحج ، ينطلق من خلالها المسلم إلى هذا البناء الهرمي الحضاري الكبير .

 

التتابع في العبادات :

 نجد في هذه العبادات تتابعاً ، فالصلاة المفروضة خمس كما ورد في حديث الأعرابي كم فرض ربك علينا ؟ قال : أن تصلوا الخمس ، قال : هل هناك من زيادة ؟ قال : لا إلا أن تطوع ، وأن تصوم الشهر ، هل هناك من زيادة ؟ قال : لا إلا أن تطوع ، وعلمه الزكاة والحج إلا أن تطوع ، إذاً هذه هي الفرائض الأساسية إلا أن لها تتابعات من مثلها ، فمن ذاق طعم الصلاة من الصلوات الخمس انطلق ذاتياً إلى البحث عن النوافل والسنن لأنه استطعم معنى العبادة ، أما الذي صلى وكانت صلاته جوفاء بعيدةً عن الجوهر والمعنى فإنه سيكتفي بهذه الصلوات الخمس ، ويدعي بأنه مسلم بهذه الشكليات والعبادات التي ذكرها الفقهاء دون تتابعاتها ، كذلك أيضاً من صام الشهر واستطعم معنى الصوم وذاق التقوى التي أشار إليها القرآن الكريم :

﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183)﴾

( سورة البقرة)

 فمن مارس هذه التقوى وذاقها فإنه سينطلق تلقائياً من نفسه للبحث عن النوافل من الصيام ، سواء بصيام الاثنين والخميس ، أو بصيام ثلاثة أيام من كل شهر ، أو صيام يوم ويوم كما ورد في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص في الصحيح .
 كذلك أيضاً من ذاق معنى الزكاة المفروضة التي تقدر باثنين ونصف بالمئة إذا أخرجها للفقراء ، واستطعم معناها ، فإنه سينطلق تلقائياً لإخراج ما هو أكثر ، والعطايا لأصحاب الحوائج .
 كذلك من ذاق طعم الحج أو العمرة وتعرف على تلك الروحانيات فإنه قد أدى الفريضة ، وسقط عنه الفرض لمرة واحدة إلا أنه سينطلق من هوى قلبه الإيماني ، ومن انسيابية نفسه الإيمانية ، بعد أن ذاق طعم المناسك ينطلق إلى الحج مرة ثانية وإلى العمرة مرة ثانية .
 هذه العبادات لها تتابعات تأخذ الإنسان منها إلى مثلها ونظائرها إن عاشها ، وإن ذاق حلاوتها ، وإن مارسها بطاعة وإخلاص لله :

(( إِنما الأعمال بالنيات ))

[البخاري عن عمر بن الخطاب ]

لن يكون الإنسان نافعاً إلا إذا استقام على أمر الله عز وجل :

 الإنسان لا يقوم بالوظيفة لأنه يؤدي أركاناً ، فالصلاة عبء دعني أخبط هذه الركعات ، دعني أؤدي هذا الصوم ، دعني أمرر هذا اليوم فإنه حار ، كم بقي من الزمن حتى المغرب حتى أفطر ؟ لم يتذوق بعد طعم العبادة ، نريد منه أن يعيش العبادة يستطعمها ، فإن استطعمها فإننا سنأمن عليه في حال الاستقامة بعد ذلك ، ثم سيكون إنساناً نافعاً في حياته ، سيكون مجتهداً في دراسته ، لا يقبل إلا المركز الأول ، سيكون مجتهداً في عمله لا يقبل إلا أن يكون أول المقدمين على العمل وليس متباطئاً ، وآخر من يخرج من عمله ، كذلك في رعايته لأسرته ، رعايته لإخوانه ، في رعايته لجيرانه ، في تعامله مع الطريق ، في تعامله مع المواصلات العامة ، في تعامله في كل نواحي الحياة ، سنجد إنساناً نافعاً لأنه يؤمن من إعمار الأرض طاعة لله ، أربعة أخماس الإسلام في إعمار الأرض ، وخمس الإسلام في طاعة الإنسان لله في هذه العبادات .
الأستاذ ملهم :
 شكراً أستاذ سعد ، لماذا نعبد الله إلى غير ذلك ؟ ننطلق من قول الله عز وجل :

﴿ قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾

( سورة الأنعام )

 الشيخ أمين في مسألة العبادة أيضاً نريد أن نؤكد على مسألة حلاوة القرب من الله عز وجل .

 

أعظم أسباب الراحة والهدوء أن الله هو الذي يذكر الذاكر ويكافئ الطائع :

الأستاذ أمين :
 الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، لله الحمد كله ، ولله الشكر كله ، ولله المجد كله ، سبحانه وتعالى وجلّ جلاله ، حلاوة الإيمان قال الله عز وجل :

﴿ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾

( سورة الرعد )

 وقال النبي عليه الصلاة والسلام :

(( ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ : أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ، أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ ))

[ متفق عليه عن أنس بن مالك ]

 الإنسان يمكن أن يحب أشياء كثيرة جداً ، ولكن كل ما يحبه متعب ، يحب أبناءه يتعبوه ، يحب المال يتعبه ، يحب امرأة تعذبه ، لماذا ؟ لأنها متغيرة ، متقلبة ، فانية ، أما حب الله عز وجل باق ، وحب الله عز وجل جميل ، وحب الله عز وجل يعطيك ولا يأخذ منك ، لذلك هناك جزئية لطيفة في قوله تعالى :

 

﴿ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾

( سورة الرعد )

 لماذا الإنسان يطمئن قلبه مع ذكر الله أو أي عبادة يفعلها وهذا أمر معروف ؟ الإنسان يصوم يبقى سعيداً بالصيام أكثر من غيره ، يتصدق يبقى سعيداً أكثر من غيره ، بار لأمه ، محسن لأطفاله ، يشعر بسعادة لماذا وبالذات بذكر الله عز وجل ؟ قالوا : لأنها تطرد الشياطين ، والشياطين سبب النكد في الدنيا ، أعظم أسباب الراحة والهدوء أن الله هو الذي يذكر هذا الذاكر ، وأن الله هو الذي يكافئ هذا الطائع .

 

ذكر الله وعبادته تصفي الأجواء وتبعد الشياطين وتأتي بالملائكة :

 أذكر لك ثلاثة أمثلة في أقل من دقيقتين ، المثل الأول وهو عجيب أن الشجر إذا ذكر الله يحب السجود ، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : رأيت يا رسول الله شجرة تقرأ سورة (ص)فعند جاءت عند موضع السجود سجدت قالت : اللهم أعطني بسجدتي هذه أجراً ، وحط عني بها وزراً ، وتقبلها مني كما تقبلت من عبدك داود سجدته ، النبي عليه الصلاة والسلام قال أسجدت أبا سعيد ؟ قال : لا ، قال : أنت أحق بالسجود من الشجرة ، قال: فرأيت رسول الله سارع وقرأ سورة صاد حتى إذا أتى على موضع السجود سجد صلى الله عليه وسلم وقال مثلما قالت الشجرة .
 هذا الهواء من حولنا بذكر الله يحلو ، يبقى أفضل ، ذكر الله وعبادة الله تصفي الأجواء وتبعد الشياطين ، تأتي بالملائكة ، يذكرك الله فيمن عنده ، حتى الجبال ، الحجارة ، جدران المنزل ، قال تعالى :

 

﴿ لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا (21)﴾

( سورة الحشر )

 أي القرآن عندما يقرأ في بيتٍ النفس تخشع ، حتى الهواء والجدران ، لأنها كلها تذكر الله ، والحجر كان يسلم على النبي عليه الصلاة والسلام .

 

المخلوقات أيضاً تخشع وتخضع وتذكر الله عز وجل :

 المثل الثاني يرويه أبو هريرة : قال كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم نكتب سورة النجم ، فلما أتى عند موضع السجود سجد رسول الله وسجد أصحابه بسجوده ، قال: فرأيت الدواة والقلم قد سجد بسجود رسول الله صلى الله عليه وسلم .
 حتى المخلوقات تخشع وتخضع وتذكر :

﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (44)﴾

( سورة الإسراء)

 الواحد عندما يعمل عبادة يمشي في صف واحد بنفس الاتجاه الذي يمشي به الكون كله ، ويبقى سعيداً وكل شيء يكون متناسقاً ، أما عندما يكون عاصياً يبقى عكس هذا كله فيتعس ، أقول قولي هذا وأستغفر الله .
الأستاذ ملهم :
 أنا أقول من وجد الله فماذا فقد ؟ ومن فقد الله فماذا وجد ؟ ننتقل إلى محور آخر دكتور عمر في مسألة المرأة ونحن الآن في المسابقة النسائية ، وأرجو الله أن يديم على هذه البلدة أمنها وأمانها وسائر بلاد المسلمين .
 إن أعداء الإسلام قد علموا مكانة المرأة ، وعلموا أنها من أعظم أسباب القوة في المجتمع الإسلامي ، راحوا يخططون لها ، ويضعون المؤامرات الخبيثة ، والحقيرة لماذا ؟ لإنزالها من على عرش حيائها التي يوم أن استوت عليه هزت المهد بيمينها ، وزلزلت عروش الطواغيت والكفر ، وأنجبت للأمة الأبطال والعلماء ، فعز على الأعداء أن تجود المسلمة من جديد على أمتها بالعلماء العاملين إلى غير ذلك ، نريد وقفة عن مكانة المرأة قبل الإسلام وبعد الإسلام ؟

 

مكانة المرأة قبل الإسلام وبعده :

الدكتور عمر عبد الكافي :
 هذا منحى آخر ، ما شاء الله ولا قوة إلا بالله ، عندما عقمت أو انتهى تاريخ رفع علم الرسالة عن بني إسرائيل ، كأن ما وجد بينهم رجل صالح ينجب صالحاً ، فأنجبت مريم بقدر الله ، وبمعجزة إلهية روح الله عيسى ، جاء من غير أب ، لأن بني إسرائيل لم يكن عندهم إنسان صالح ينجب صالحاً ، هذا أمر ومريم ومكانتها في الإسلام وفي دين الله عز وجل كبقية ، هي مثل من الأمثلة ، تجد أيضاً هاجر ، وهي نأخذ عنها بعض المناسك في العمرة والحج ، عندما صارت تسعى بين الصفا والمروة ، وتهرول بين الميلين الأخضرين ، وتنوب على مرّ التاريخ كله عن بناتها بنات حواء ألا يهرولن ، وإنما الذي يهرول هو الرجل، وهذا منسك أيضاً من المناسك التي نأخذها عن امرأة ، طبعاً من كبريات صانعي التاريخ آمنة بنت وهب التي أنجبت لنا حبيبنا صلى الله عليه وسلم ، القرآن الكريم عندما بدأ بذكر منة الله على الإنسان قال :

﴿ لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (49)﴾

( سورة الشورى)

 قدم الإناث ، لم يقل النبي عليه الصلاة والسلام من كان عنده ثلاثة أولاد يدخلونه الجنة ، لا ، إنما ثلاث بنيات واثنتان وواحدة ، وأنا أقول لبناتي في البيت أو في أي مكان ، للمريدات الفضليات أقول : لو أن كل أب يريد أن يقبل يد إنسان أو رأسه فليقبل يد ابنته الصالحة ، لأنها سبب في دخوله الجنة ، فهي من أسباب منة الله عليه ، ومن ليس عنده بنت ربما ـ سبحان الله ـ الحنان عنده يكون غير طاغ لأن البنت تمثل الحنو ، ما كان النبي عليه الصلاة والسلام يقف لأحد إلا لفاطمة رضي الله عنها ، ويقبلها بين عينيها ، وكانت تشبه أباها صلى الله عليه وسلم في صغير الأمر وكبيره ، حتى إنها يوم خرجت تقابل أبا بكر مشيتها كمشيته ، ومنطقها كمنطقه ، إن أشارت أشارت بكفها كله ، وإن كلمت تضع سبابتها على كتفها كما كان يصنع أبوها صلى الله عليه وسلم ، وكانت أم أبيها كما رويت كتب السيرة .

 

الاختلاف و التماثل :

 المرأة عندما ننظر إليها في الإسلام ، ولا ننظر إليها كمخلوق آخر ، المرأة زوج، والرجل زوج ، وكلاهما زوجان ، والزوج هو الذي يحتاج إلى مثيله ، ولذلك لم يقل رب العباد سبحانه وتعالى في مسألة الزوجية إلا مسألة التماثل ، قال :

﴿ يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ ﴾

( سورة البقرة الآية : 35 )

﴿ هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ (56)﴾

( سورة يس )

﴿ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ (90)﴾

( سورة الأنبياء )

 أما في أصناف أخرى قال تعالى :

 

﴿ اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ (10)﴾

( سورة التحريم )

 لماذا ؟ امرأة نوح ، آدم وزوجه صالحان ، فصارت الزوجية تماثلية ، و زكريا وزوجه صالحان ، فأصبحت هناك الزوجية تماثلية ، المؤمنون الصادقون الذين سوف يهبهم ربهم جنة الرضوان من الصالحين هم وأزواجهم ، أما امرأة نوح ولوط لم يقل زوج نوح وزوجه ، لأن نوح ولوط كلاهما صالح ، فهنا لم تكن هناك زوجية التماثل ، امرأة نوح وامرأة لوط ، آسيا امرأة فرعون كانت امرأة صالحة وزوجها جبار من الجبابرة ، فلم يقل وزوج فرعون بل قال : وامرأة فرعون .
 أنا أدعو الله عز وجل أن يكون كل المشاهدين والمشاهدات من الزوجية ، وليس من باب الاختلاف وإنما من باب التماثلية .
الأستاذ ملهم :
 مسألة المرأة دكتور عربي ، المرأة في الإسلام جوهرة غالية ، ودرة ثمينة ، ولؤلؤة مكنونة ، فهي الأم ، والبنت ، والأخت ، والزوجة ، والخالة ، والعمة ، أنا أريد من حضرتك أن تركز على مسألة المرأة كأم وكزوجة .

 

التركيز على مسألة المرأة كأم و كزوجة :

الدكتور عربي :
 أما التركيز على المرأة كأم وكزوجة ينبغي أن نتذكر هذه الحقيقة ، أولاً : يستحيل أن نجد في كتاب الله عز وجل حديثاً عن المرأة منفصلاً عن حديث عن الرجل ، الله جل جلاله يأمرنا باتخاذ الموقف الأسلم من كتابين ، من كتاب الوحي يقول لنا :

 

﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (29)﴾

( سورة ص )

 السلف الصالح طبق هذا الأمر ، تدبر ففهم ، وتذكر فعمل ، امتاز سلفنا الصالح بالعبقرية في إصلاح النظر وإصلاح العمل ، وامتازت أجيالنا المتأخرة ببلادة الأذهان وعطالة العمران ، هذه الحقيقة ، امتاز السلف الصالح بتفجير طاقات الأذهان ، وتكميل وتزيين عالم العمران ، وامتزنا بالعكس ، هذه أولاً .
 ثانياً : في كتاب الله عز وجل دعوة إلى النظر :

 

﴿ قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾

( سورة يونس الآية : 101 )

 الكتاب الأول تدبروا ، تذكروا ، تفكروا ، اعقلوا ، والكتا

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور