وضع داكن
29-03-2024
Logo
موضوعات في التربية - الدرس : 062 - هل أنا مؤمن وما هي علامة إيمانك ؟؟؟
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علماً و أرنا الحق حقاً و ارزقنا إتباعه، و أرنا الباطل باطلاً و ارزقنا اجتنابه واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، و أدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
أيها الأخوة الكرام:
 من الموضوعات الحساسة إن صح التعبير أن الإنسان دائماً يتساءل هل أنا مؤمن ؟ أو هل أنا كامل الإيمان ؟ أو هل إيماني بالمستوى الذي ينجيني من عذاب الدنيا وعذاب الآخرة ؟ أو هل الله راض عني الإنسان أحياناً يتساءل هذا السؤال فإذا شعر أنه مؤمن اطمأن قلبه وإذا شعر أنه أقرب إلى النفاق اضطربت نفسه وانهارت قواه ومعنوياته فالحقيقة النبي عليه الصلاة والسلام في أحاديث كثيرة يعطينا وصفاً دقيقاً للمؤمن هذا الوصف يصلح أن يكون في وقت واحد هدفاً ومقياس حينما يصف النبي عليه الصلاة والسلام المؤمن هذا الوصف يصلح في الوقت نفسه هدفاً كي نسعى إليه ومقياساً نقيس به إيماننا من هذه الأحاديث الشريفة التي تصلح أن تكون هدفاً ومقياساً والتي تبصرنا بحقيقةً، والتي تعرفنا بدرجتنا عند الله، والتي تضعنا في موقعنا الحقيقي.
أيها الأخوة:
 أخطر شيء في حياة الإنسان أن يعيش الوهم، ومن الأدعية المأثورة

(( اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل و الوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، من وحول الشهوات إلى أنوار القربات))

 مرة قلت كلمة أنه من هو الجاهل ؟ كلكم تظنون أن الجاهل إنسان لا يعلم، لا بالتعبير العامي الجاهل إنسان ممتلئ معلومات ولكن كلها غلط، الجاهل هو الذي يعلم ولكن كل معلوماته غير صحيحة، كلها أوهام تخرصات فنحن حينما نقيس إيماننا ونعرف درجتنا عند الله عز وجل هذا منطلق، مثلاً أنت في طريق إذا عرفت أنك قطعت أربع أخماسه معنى هذا أنه بقي الخمس، إذا قطعت الخمس معنى هذا أنه بقي أربع أخماس، فأنت ليس من الممكن تحقق الهدف إلا إذا عرفت موقعك بالضبط، فالإنسان يكون جريء لا تغالط اعرف هل أنت مؤمن فعلاً كما أراد الله ؟ هل هناك صفات تقربك من النفاق ؟ هل هناك صفات ترسخ فيك الإيمان ؟
الآن يوجد عندنا حديث شريف هذا الحديث الشريف يصلح أن يكون هدفاً نسعى إليه ومقياساً نقيس به إيماننا:

 

(( عن أبي محمد عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال عليه الصلاة والسلام: لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به ))

 حديث حسن صحيح رويناه في كتاب الحجة بإسناد صحيح، كلمة لا يؤمن أحدكم حتى، أي إنك إن لم تصل إلى هذا المستوى فأنت غير مؤمن، هل هناك أوضح من هذه العبارة إن لم تصل إلى هذه المرتبة فأنت لست مؤمناً،

 

(( لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه ))

 الهوى هنا الميل، الحقيقة بعد قليل أوضح لكم معنى الهوى، الهوى أحياناً إذا أطلق صرف إلى الميل المخالف إلى الحق، لا تستدعي الهوى فيضلك عن سبيل الله، الميل المخالف للحق هو الهوى وأحياناً الهوى مطلق الميل للحق أو للباطل، للخير أو للشر، على كلٍ الإنسان مركب من الهوى أودع فيه الله غرائز ميول، شهوات إذا كان هواه ميله تبعاً لما جاء به النبي عليه الصلاة والسلام فهو مؤمن ورب الكعبة، أما إذا ميوله على خلاف ما جاء به النبي فهذا لا أقول ضعيف الإيمان لكن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ليس مؤمناً.
الآن هذا الحديث نريد أن نغنيه بالنصوص القرآنية والنبوية المشابهة له فالله سبحانه وتعالى يقول:

 

﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً (65)﴾

 

 

[ سورة النساء ]

 ممكن تعرف حقيقة إيمانك إذا احتكمت إلى الله في أمر وعرفت أن حكم الله في ذلك كذا، إذا ارتاحت نفسك إلى هذا الحكم ولم تجد حرجاً فيه فأنت مؤمن ورب الكعبة، أما إذا رأيت أن هناك حرجاً وضيقاً ونفوراً من حكم الله وحكم رسوله فهذه علامة خطيرة.
 أيام في حياتنا اليومية يوجد إشارات خطر، بالأجهزة أحياناً بالمركبات في ضوء أحمر معنى أنه يوجد خطر على المحرك بالطرقات منعطف خطر، تقاطع خطر، بأجهزة الحواسب في مستطيل أحمر يوجد خطر.
فإذا الإنسان شعر أن ميله خلاف ما جاء به القرآن وما جاء به النبي فهذا مؤشر خطير، علامة خطر الإنسان لا يكون ساذجاً يقعد على أمراضه النفسية، وعلى ضعف إيمانه، وعلى أوهام كلها ليست منتمية إلى الحق بصلة ويرتاح، النبي عليه الصلاة والسلام قال:
" عجبت لثلاث، عجبت لغافل وليس بمغفول عنه، وعجبت لمؤمل والموت يطلبه، وعجبت لضاحك ملء فيه ولا يدري أساخط عنه الله أم راض "
أخطر ما في حياتنا أن نبنيها على حقائق، قال تعالى:

 

﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً (65)﴾

 

[ سورة النساء ]

 يوجد استسلام للحق، هل يوجد استسلام لغض البصر ؟ هل هناك استسلام لترك الربا ؟ هل هناك استسلام لعدم الاختلاط ؟ لكن ميلك مع الاختلاط يقول يا أخي الدين كله قيود، إذا كان الميل مع الاختلاط وترى تعنتاً وعنتاً شديداً في البعد عن النساء اللواتي لا يحللن لك فهذه علامة خطر كبير، الآية الثانية التي تغني حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم:

 

﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾

 

 

(سورة الأحزاب)

 أنت تختار هذه الزوجة أو تلك، هذا المحل أو ذاك، هذا البيت أو هذا البيت، تسافر إلى هذا البلد أو لهذا البلد هنا مجال اختيارك، أما إذا في حكم شرعي، في حكم قرآني في هذا الموضوع انتهى الاختيار، فعلامة المؤمن لا يمكن أن يدلي برأي مع أمر الله عز وجل لذلك جاءت الآية الكريمة:

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (1)﴾

 

 

[ سورة الحجرات ]

 يعني معقول ممرض صغير حديث العهد بالتمريض بعد أن داوم أسبوع يقترح على أعلى طبيب بالمستشفى يحمل بورد دكتور هذه لا تليق هذه أصح، يقول له من أنت ؟ ما حجمك أنت، مجند خدمة إلزامية التحق أول يوم غر يقترح على قائد جيش خطة عسكرية ليس معقول، بائع متجول يقترح على غرفة التجارة أن هذا القانون غير صحيح، من أنت ما معلوماتك ؟ قال تعالى:

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (1)﴾

 

 

[ سورة الحجرات ]

 فعلامة إيمانك أنك مستسلم لأمر الله، قال تعالى:

 

﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾

 

 

 

[ سورة الأحزاب ]

 لا تظن أن هناك كلمات يقولها عوام الناس ليست فلتات لسان دليل ضعف الإيمان، يا أخي فلان متزمت، يعني إذا أقام شرع الله متزمت، يا أخي دينه يحله قليلاً قاسي جداً، لا يوجد قسوة هنا استمساك بدين الله، يعني كل إنسان يتذمر من أمر الله عز وجل من توجيهات الله، العوام يقولون متعصب، كلمة ليس لها معنى متمسك، المؤمن متمسك بدينه، لأنه التعصب معنى ذميم، التعصب انحياز أعمى، الأم الجاهلة مع ابنها ولو كان مخطئاً، يكون ابنها معتدي، وابنها سبب المشكلة، وابنها هو الظالم مع ابنها ضد خصومه، هذا هو التعصب، الانحياز الأعمى هو التعصب، العوام يقولوا عن الشاب المؤمن متعصب، الجواب متمسك، والتمسك بالدين بطولة.
الآن يوجد عندنا آية ثالثة قال تعالى:

 

﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (9)﴾

 

 

[ سورة محمد ]

 يعني مصيبة المصائب أن تكره حكم الله، أن تكره ما أنزل الله أن تكره شرع الله، تتضايق منه، سوف تشدد علينا، لا يوجد تشديد تنفيذ أمر الله عز وجل أين التشديد ؟ خالق الأمر هذا أمره، هو الحكيم، هو الرحيم.

 

﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (9)﴾

 

 

 

[ سورة محد ]

 لا يوجد لعلمه قيمة، حبط عمله وفقد ثوابه، حبط عمله لم يفلح في عمله، آية رابعة قال تعالى:

 

﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (28)﴾

 

 

[ سورة محمد ]

 إذاً أهدافنا أو علامة من علامات إيماننا أن تكون ميولنا ورغباتنا متوافقة مع كتاب الله وسنة رسوله إذا في توافق أي كأنك تسبح مع اتجاه النهر، يوجد راحة، وانطلاق، وسرعة، أما إذا كنت تسبح على عكس اتجاه النهر يوجد مشقة، فلذلك الإنسان من أجمل ساعات إيمانه حينما يرى نفسه متوافقة مع أمر الله، أنا أطمئنكم أن المؤمن يصل إلى درجة لا يوجد عنده مشكلة بالإيمان ميوله ورغباته كلها مع الإيمان، سعادته في المسجد، سعادته في غض البصر، سعادته في قول الحق، سعادته في قول الصدق، سعادته في الحلال، لا يوجد عنده رغبة بالحرام، لو قطعته إرباً إرباً لا يأخذ درهماً حراماً.
أربع آيات تغني حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم:

 

((لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به ))

 بل الأصح أن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هو إلا استنباط نبوي من هذه الآيات الأربعة، العلماء قالوا: من خصائص المؤمن أن يحب ما أحبه الله، محبةً توجب له الإتيان بما وجب عليه منه، لأن الإدعاء سهل يجب أن تحب الله محبةً تحملك على طاعته فإذا كانت محبتك التي تدعيها لا تحملك على طاعته فهذه ليست محبة يجب أن تحب الله محبةً تحملك على طاعته، قال: فإذا زادت هذه المحبة حملتك على ما ندبك إليه، إذا أحببته نفذت ما عليك من واجبات فإذا زادت محبتك له قمت بالمندوبات، ويجب أن تكره ما كرهه الله، ويجب أن يحملك كره ما كرهه الله أن تدع ما كرهه الله فإذا زادت هذه الكراهية بما كرهه الله عز وجل تكره ما نهى عنه تنزيهاً عليه الصلاة والسلام.
 كل ما زادت المحبة تنتقل من الواجب إلى المندوب، إلى المستحب إلى السنة، إلى النفل، وكلما كراهية المعصية اشتدت تنتقل من كراهية المحرمات إلى كراهية المكروهات تحريماً، إلى كراهية المكروهات تنزيهاً، إلى كراهية غير الله، فالكراهية تنتقل والمحبة تنتقل.
ثبت في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:

 

 

(( عَنْ زُهْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ عَنْ جَدِّهِ قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِي اللَّهم عَنْهم فَقَالَ وَاللَّهِ لأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلا نَفْسِي فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ عِنْدَهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ نَفْسِهِ قَالَ عُمَرُ فَلأَنْتَ الآنَ وَاللَّهِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الآنَ يَا عُمَرُ ))

 

[ البخاري ]

 كلام، لكن ما أحوجنا إلى أن نكون في مستواه، أن يكون الله ورسوله أحب إليك من نفسه، وولده، وأهله، والناس أجمعين سيدنا عمر قال: والله يا رسول الله أحبك أكثر من أهلي وولدي ومالي والناس أجمعين إلا نفسي التي بين جنبي، قال: لم يكمل إيمانك يا عمر، إلى أن قال له: الآن أصبحت أحبك أكثر من نفسي وولدي ومالي والناس أجمعين، قال: الآن يا عمر، هذا كلام النبي صلى الله عليه وسلم.
العلماء قالوا المحبة الصحيحة تقتضي متابعة المحبوب فيما أمر واجتناب ما نهى عنه وزجر، لذلك الله عز وجل قال:

 

﴿قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (24)﴾

 

[ سورة التوبة ]

 يعني إذا كان بيت أحب إليك من طاعة الله، قد يكون هذا البيت ليس لك، فإذا تمسك به اغتصاباً، معنى ذلك أنك آثرته على طاعة الله، زوجة دعتك إلى معصية الله فاستجبت لها معنى ذلك أنك آثرتها على طاعة الله، هذا كلام صريح، إذا قلت لإنسان أتحب زوجتك أكثر من الله، يقول أعوذ بالله، هذا كلام حينما تطيع زوجتك وتعصي ربك فأنت آثرت زوجتك على الله عز وجل ولابد من أنك تحبها أكثر من الله، أما إذا كنت مع الله دائماً في أمره ونهيه.
 ماذا تريد يا محمد ؟ إذا أردت المال جعلناك أغنى رجل فينا لو أردت العز أمرناك علينا، لو أردت النساء زوجناك أجمل فتياتنا قال: والله يا عم لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه
 لذلك العلماء قالوا: لما كثر مدّعو المحبة طولبوا بالدليل، فأيام الإنسان يطلب منه إثبات حسن نيته، والمؤمن دائماً يقول أنا أحب الله والله كلام لطيف، ولكن ربنا عز وجل لابد من أن يضعه في ظرف تظهر هذه المحبة.
يعني أنا أعرف رجل سافر إلى بلد أجنبي وتزوج امرأة من بلاد الغرب وهو رجل دخله كبير، وسيم الطلعة، طويل القامة، بيته فخم مركبته فخمة، فهذه المرأة الأجنبية أسلمت وأمرها بالحجاب فتحجبت وحينما كانت تزور بيوتات المسلمين حجابها أدق من حجاب المسلمات في الأصل، تصلي الأوقات في أوقاتها يعني شيء جميل جداً امرأة من أصل أجنبي من ألمانيا الغربية مسلمة محجبة حجاب كامل وجهها مستور، الصلوات في أوقاتها، حصل خلاف بينها وبين زوجها، فنزعت الحجاب وقالت أنا لست مسلمة أنا كاثوليكية معنى ذلك هذه المسايرة لزوجها كان ملئ سمعها وبصرها، وكان في مستوى طموحها، فلما تناقضت مصالحها مع زوجها نزعت عنها الحجاب وأعلنت أنها ليست مسلمة، فربنا عز وجل دائماً وأبداً يضع الإنسان في ظرف يكشف به حقيقة إيمانه، من أسر سريرةً ألبسه الله إياها، شيء مخيف، طبعاً الآن بعدت عن الدين بعداً شديداً وعادت إلى بلدها وأخذت معها بناتها وانتهى الأمر، معنى هذا الإسلام ليس إسلاماً حقيقياً إسلام مسايرة، تحب زوجها وكل مصالحها مع زوجها إذاً سايرته فلما تناقضت المصالح تركته وعادت إلى دينها وإلى تفلتها وإلى إظهار مفاتنها للناس.
إذاً هذه النقطة دقيقة الله عز وجل بإمكانك أن تضلل الناس جميعاً لبعض الوقت، وبإمكانك أن تضلل واحداً لطول الوقت، أما أن تضلل الناس جميعاً لطول الوقت فهذا مستحيل، مستحيل أن تضلل الناس جميعاً لطول الوقت لابد من أن تكشف وربنا عز وجل يتولى كشف كل إنسان وهذا معنى قوله تعالى:

 

﴿وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ (30)﴾

 

 

(سورة المؤمنون )

 الآن مثلاً صحابي مع رسول الله هل يوجد أعظم من هذا ؟ جاءت معركة الخندق، جاء عشرة آلاف مقاتل، وما اجتمع هذا العدد في تاريخ الجزيرة، ما جاءوا ليحاربوا محمداً، لا، جاءوا ليبيدوا المسلمين، جاءوا ليستأصلوا شأفة المسلمين، جاءوا لينهوا الإسلام نهائياً، واتفقوا مع اليهود ونقض اليهود عهدهم، وأصبح المسلمون بين فكي كماشة، بين العرب جميعاً من جهة واليهود من جهة ثانية الله عز وجل قال:

 

﴿هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً (11) وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً (12)﴾

 

 

[ سورة المؤمنون ]

 هذه الآية نقلت قول أحدهم: أيعدنا صاحبكم أن تفتح علينا بلاد قيصر وكسرى وأحدنا لا يأمن أن يقضي حاجته، هذا إيمانه، ولكن قال تعالى في آية ثانية:

 

﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً (23)

 

 

[ سورة الأحزاب ]

 أنا أريد أن أهمس بأذن كل واحد منكم، أنت تتغير على الزواج ؟ معنى هذا أنت إيمانك ضعيف، وأنت شاب وليس متزوج في الجامع ليل نهار شيء جميل، تزوج من هنا ولم نشاهده انتهى، معنى هذا أنك فتنت بالزواج، مادام دخلك محدود ممتاز، كثر دخلك، قال له: أين زكاة مالك ؟ قال: وهل في الإسلام، قل لصاحبك ليس في الإسلام زكاة، إن صحت هذه القصة، الموضوع من أسر سريرةً ألبسه الله إياها، الله عز وجل يضعك في ظرف ما كان يخطر على بالك، لابد من أن تفتن، لابد من أن تمتحن، لابد من أن تبتلى بربكم هل في العالم كله جامعة واحدة تعطي الشهادات على تصريح الطلاب، اكتب تصريحاً أنك أنت بمستوى الدكتوراه وهذه دكتوراه هذه ليست جامعة، الجامعة يوجد عندها امتحانات، أطروحات لجان مناقشة، وأعرف أنا بعض الجامعات الفرنسية إذا ارتكب الطالب الدكتوراه غلطة واحدة في النحو في أثناء المناقشة لا ينجح في الدكتوراه، نحن كنا في الجامعة الآن لا يوجد صعوبة أبداً، كان عندنا فحص شفهي يعطونا كتاب الأغاني طبعة بولاق ستة وثلاثين لا يوجد نقطة ولا فاصلة ولا حرف وكله أخطاء وتصحيفات فإذا أخطأ الطالب الأولى والثانية يقول له الدكتور: أوصيك بالصيف الطويل فإنه خير الوصية، يعني أنك رسبت ويجب أن تقرأ وتعرب وتشرح وتوزن الأبيات، لأنه يوجد امتحان صعب، في أحد الأعوام لم ينجح أحد، مادة من المواد الأدب العربي لوحة الإعلانات لم ينجح أحد تقدموا مائتان وعشرون الذي نجح ثلاثة، هذه الامتحانات اسمعوا الآية:

 

﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2)﴾

 

 

[ سورة العنكبوت ]

 بهذه البساطة تلعب على حضرة الحق وتجعل نفسك مؤمن والشهوات تغلي بداخلك، ربنا يضعك في ظرف تنكشف كل الشهوات فلذلك انتبهوا، والله أنا كنت أعتقد أن المؤمن يبتلى أو لا يبتلى لفترة بعيدة، الآن أشعر والله بكل خلية من خلايا جسمي، بكل نقطة من دمي أن المؤمن لابد من أن يبتلى، قال تعالى:

 

﴿وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ (30)﴾

 

 

 

[ سورة المؤمنين ]

﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2)﴾

 

 

[ سورة العنكبوت ]

 تفتن بالزوجة، بالمال، بالتجارة، بالبيع الشديد تصبح لا يتكلم معك، يقول لي رجل السوق كاسد، أقول له نعمة، يصبح التاجر يتكلم معه، تراه نسي واجباته، نسي أصدقاؤه، يقول لك: سوق مثل النار ويقول كلمة ثانية لا يوجد فيها أدب إطلاقاً، فلذلك قال تعالى:

 

﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3)﴾

 

 

 

 

[ سورة العنبوت ]

 أصحاب النبي قالوا: يا رسول الله إنا نحب ربنا حباً شديداً، كلام طيب، قال: فأراد الله أن يجعل لحبه علامة فأنزل هذه الآية:

 

﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31)﴾

 

 

[ سورة آل عمران ]

 أنت تحب الله أين طاعتك لرسوله ؟ هذه سنته، في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:

 

(( عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِي اللَّهم عَنْهم عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ثَلاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاوَةَ الإِيمَانِ...))

 يعني ممكن أن تقول لإنسان كيف صحتك ؟ أنا أقول لكم سلفاً المؤمن يقول الحمد لله، والله يقول الحمد لله وتخرج هذه الكلمة من أعماق أعماقه وتشعر فعلاً سعيد ولا يملك شيء، لا بيت ولا زوجة. علامة المؤمن سعيد، لأنه عرف الله، علامة البعيد عن الله شقي يوجد عنده قوائم يتكلم عن السوق، عن أسعار العملات، مستقبل التجارة، مستقبل الصناعة، عن الأمراض المتفشية، يتكلم عن انحسار مطامحه، دائماً في شكوى.

 

 

((ثَلاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاوَةَ الإِيمَانِ))

 الإيمان حلو، والله مرة أخ ذهب إلى الحج، فلما عاد من الحج زرناه حسب السنة، أخ متقدم بالسن عمره ستين سبعين سنة الآن يمضي بعد الحج أسبوعين أو شهر زيادة على أيام الحج يحب أن يكون إلى جوار الكعبة، فسألته مرة فقال: والله يا أستاذ ـ وهذه الكلمة أعجبتني ـ ليس في الدنيا من هو أسعد مني، وجدتها مبالغة فقال: إلا أن يكون أتقى مني، الآن صح هذا الكلام.
 إن لم تقل هذا الكلام فأنت لم تذق حلاوة الإيمان، خالق الكون راض عنك، خالق الكون يحبك، تمشي على الطريق الصحيح هدفك واضح، خطك البياني صاعد، لو جاء الموت إلى جنةٍ عرضها السماوات والأرض تتألم، المؤمن متفائل، المؤمن لا يرى مع الله أحداً، يوجد معلومات وأخبار وساعات تبرك الإنسان، من ضعف إيمان الإنسان يصدقها.
 مرة زارنا أخ على الجامع هنا، والله من كثرة ما حدثني عن جفاف حوض دمشق، وهو عضو في لجنة حوض دمشق ومعلوماته دقيقة وعلمية أن انتهت دمشق بعد سنوات لم تسكن، لابد من أن نرحل عنها، جفاف استمر اثني عشرة سنة، نسب الأمطار قليلة جداً مياه الأحواض كلها جفت، أنا بعد أن ذهب أين الله ؟ الله عز وجل هو الكريم، العام الذي بعده ثلاث مائة وخمسين ملم، الذي بعده ثلاث مائة وخمسين ملم، في أنهار في الغوطة جافة منذ ثلاثين سنة الآن تفجرت، مياه عين منين إلى الشام وصلت للقابون، عين الصاحب تفجرت، سبحان الله أين هذه المعلومات الميئسة ؟ ذهبت، رجل أيضاً عنده معمل سمع تصريح أن عام خمسة وثمانين ينتهي القطاع الخاص، باع الآلات بثمن بخس، ومن ثم تغير الوضع وصار تشجيع، الله عز وجل هو الرزاق، صحابية جليلة زوجها ذهب ليجاهد فخوفوها لا تدعيه أن يذهب تموتي من الجوع، قالت: أنا أعرف زوجي أكالاً لا أعرفه رزاقاً فإذا ذهب الأكال بقي الرزاق.
 علامة إيمانك التفاؤل لا يوجد بيت الله ييسر لي اسأل الذين تزوجوا كيف تزوجوا ؟ بقدرة قادر من الصفر، كنا في الحج التقيت مع شخص قال لي: أنا أصلي حمال في سوق الخضرة ـ عتال ـ الآن أكبر تاجر خضرة في المملكة، أقسم بالله وقال: بحياتي ما فاتني فرض صلاة ولا أكلت قرش حرام، قال له الله خذ.
 سمعت البارحة قصة شاب عمره ثمانية عشر عاماً، هذا الشاب صائم مصلي وحافظ القرآن كله، أصيب بمرض خبيث، والمرض تفاقم وتفاقم وتدهورت صحته وأخذ أدوية من آثار هذه الأدوية ذهب شعره كله، قال مرة قام ليصلي قيام الليل والده سمعه في الغرفة الثانية وقلق عليه، قال: يا رب أنا أصلي لك طول حياتي ولم أؤذي أحداً من خلقك ألا تشفيني، ألا يحق لي أن أطالبك بالشفاء ؟ أقسم بالله أهله ثاني ليلة الميزان تغير، بدأ ينمو شعره لمدة شهرين رجع شعره كما كان وانحسر المرض، والآن يتمتع في أعلى صحة، أنا قلت اليوم كلمة في درس الفجر، يجب أن يكون لك صلة بالله حوار مع الله دعاء، سؤال، رجاء، استعطاف، ترجي، تمني، ما لك مع الله صلة بقيام الليل، بالسجود، اطلب منه، اذكره، كن عزيز النفس على الخلق، أنت على قدر ما تستطيع ارفع رأسك وكن عزيزاً أمام الخلق أما عند الله عز وجل على قد ما تستطيع تذلل.
كنت أضرب مثلاً البرميل إذا فيه فتحات شاقولية كلما نزلت درجة تأخذ كمية أكبر، إذا نزلت إلى أقل فتحة تأخذ البرميل كله، باب الانكسار باب رائع جداً، فلذلك الإنسان:

 

 

(( ثَلاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاوَةَ الإِيمَانِ، أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لا يُحِبُّهُ إِلا لِلَّهِ وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ ))

 

[ مسلم ـ الترمذي ـ النسائي ـ ابن ماجة ]

 أعرف رجل بعيد عن الدين بعد الأرض عن السماء مختص باختصاص في الجامعة أقرب اختصاص للكفر، نظريات إلحادية اختصاصه فلسفة فهو يسخر ليل نهار من الأفكار الدينية، يسخر دائماً وهو وسيم الصورة، وماله جدي، وزوجته، وسيارته، وبيته من نادي لنادي، ومن سهرة إلى سهرة وأنا والله لا أسلم عليه لأنه لا يوجد أي شيء يجمعني معه، مرة يعني وجدته بمنتهى المودة أنا استغربت فقال لي: أستاذ أنا منذ زمان أحضر عندك، والله شيء جميل وهذا الحدث عندي كبير جداً، فاستفهمت منه عن سر هذه العودة إلى الله، أخبرني أنه له فتاة ـ ابنته ـ يحبها حباً جما أصيبت بمرض عضال يعني كاد عقله يضطرب، وكانت نفسه تزيغ ألماً على هذه الفتاة، ثم أنه باع بيته وأخذها إلى بلد أجنبي لا يوجد فائدة المرض مستفحل والمرض عضال، قال لي: مرة خطر في بالي أنه يمكن الله أن يشفيها إذا تبنا إليه أنا وزوجتي، عقدت العزم أنا وزوجتي على توبةٍ نصوح، وبدأ يصلوا، وحجبت زوجته، يئسوا من العلاج الطبي، المرض انحسر شيئاً فشيئاً، بعد عدد من السنين دعيت إلى عقد قران وألقيت كلمة فلما خرجت قلت له: هي هي قال: هي هي، هي الفتاة نفسها، انظروا هذا المرض رد أباها وأمها إلى الله عز وجل، هكذا أفعال الله عز وجل، لا ترى مرض عضال، هذا المرض العضال الهدف منه رد الإنسان إلى الله عز وجل، والإنسان إذا عرف الله عرف كل شيء، وإذا الإنسان بالتعبير العامي فهم على الله حل كل مشكلته، فقط أن يفهم عليه، يا ربي لماذا هذه ؟ قال تعالى:

 

﴿وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ﴾

 

 

[ سورة التغابن ]

 قال: كل من ادعى محبة الله تعالى ولم يوافق الله في أمره فدعواه باطلة، كلام فارغ، وكل محب لا يخاف الله فهو مغرور.
وقال أحد العلماء: ليس لصادق من ادعى محبة الله ولم يحفظ حدوده، وسئل أحدهم عن المحبة فقال: الموافقة في جميع الأحوال قال أحدهم:

 

لو قلت لي مت مت سمعاً وطاعةً  وقلت لداعي الموت أهلاً ومرحبا
لو قال فيها قف على جمر الغضى لوقفت  ممتثلاً ولم أتــــــــــوقف
أو كان من يرضى بخدي موطئاً لوضعته  أرضاً ولم أستنكـــــــــف

معاني الحب، معاني محبة الله عز وجل، والإنسان يا أخوان لا يستحق أن يحب غير الله، لا يليق به أن يعطي قلبه لغير الله عز وجل، أن يكون لحساب غير الله عز وجل.
العلماء قالوا: جميع المعاصي إنما تنشأ من تقديم هوى النفوس على محبة الله ورسوله، المعاصي كلها أسبابها مؤاثرة هوى النفس على محبة الله ورسوله، ماذا وصف المشركون ؟ باتباع الهوى قال تعالى:

 

 

﴿فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ﴾

 

 

[ سورة القصص ]

إن اتباع الهوى هوان.

وا خجلتي من عتاب ربي إذا قيل  لي أسرفت يا فـــــلان
إلى متى أنت في المعاصي  تسير مرخى لك العنــــان
عندي لك الصلح وهو بري  وعندك السيف والـــسنان
ترضى بأن تنقضي الليالي وما  انقضت حربك العــوان
فاستحي من كتاب كريــــــم  يحصي به العقل واللســان
واستحي من شيبة تراها في النار  مسجونة تهــــــان

 البدع في الدين ما أسبابها ؟ تخترع شيء في العقيدة الإسلامية ما له أصل، تخترع شيء بالعبادة ليس له أصل، ما أسبابها ؟ اتباع الهوى، المعاصي زائد البدع أسبابها اتباع الهوى، لذلك ماذا يسمى أهل البدع ؟ يسمون عند العلماء أهل الأهواء، يعني هواه دعاه إلى اتباع هذه الفكرة، هواه دعاه إلى اتباع هذه العقيدة أو إلى إحداث هذا الشيء الذي لم يكن في أصل الدين، النبي عليه الصلاة والسلام يقول

 

((عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ أَحَبَّ لِلَّهِ وَأَبْغَضَ لِلَّهِ وَأَعْطَى لِلَّهِ وَمَنَعَ لِلَّهِ فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الإِيمَانَ ))

 

[ أبي داود ]

 ومن كان حبه وبغضه، وعطاؤه، ومنعه، لهوى نفسه كان ذلك نقصاً في إيمانه الواجب، أيام يكون إنسان وكيل شركة، يأتي مندوب الشركة يرحب به يقدم له المشروب إرضاءً له، يعني نحن وكلاء يقول لك فيها ربح كثير، آثر هوى نفسه، قدم ما يحرم أن يقدمه اتباعاً لهوى نفسه، يوجد ميزان دقيق يجب أن تدع تحت قدمك كل مصالحك إذا تعارضت مع الحق، لا تكن من أهل الإيمان إلا إذا استوى عندك التبر والتراب، لمن هذا الوادي ـ وادي من غنم ـ قال النبي الكريم: هو لك، قال: أتهزأ بي، قال: هو لك، قال: أشهد أنك رسول الله تعطي عطاء من لا يخشى الفقر.
 ورد أن موسى عليه السلام قال: يا ربي أوصني، فقال الله عز وجل: أوصيك بي قالها ثلاثاً حتى قال في الأخرى أوصيك بي أن لا يعرض لك أمراً إلا آثرت فيه محبتي على من سواها، فمن لم يفعل ذلك لم أزكه ولم أرحمه.
 الآن الأزواج يدخل إلى البيت يوجد عنده مشكلة بين والدته وبين زوجته، قلبه مع زوجته والدته عبء عليه، ماذا يرضي الله ؟ افعل ما يرضي الله، بكل تصرف، في بيعك، في بيتك،، في علاقاتك في نزهاتك، في أفراحك، في أحزانك، في وصيتك، في سفرك ماذا يرضي الله ؟ الذي يرضي الله افعله، قال: أوصيك أن لا يعرض لك أمر إلا آثرت به محبتي على ما سواها فلم من يفعل ذلك لم أزكه ولم أرحمه، والآية الكريمة

 

﴿وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾

 

 

[ سورة ص ]

 والآية الكريمة الثانية:

 

﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41)﴾

 

 

[ سورة النازعات ]

 لكن أيضاً يوجد تطمين من رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن الإنسان إذا أحب قوم على حق، إذا أحبهم حبه لهم دليل أنه منهم فالنبي سئل عليه الصلاة والسلام:

 

(( عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ قِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلُ يُحِبُّ الْقَوْمَ وَلَمَّا يَلْحَقْ بِهِمْ قَالَ الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ تَابَعَهُ أَبُو مُعَاوِيَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ ))

 

[ مسلم ـ أحمد ]

 قلبك مع من ؟ مع أهل الحق أم مع أهل الباطل، مع أهل الدين أم مع أهل الأهواء، مع أهل الدنيا أم مع أهل الآخرة، قلبك في المساجد أم في الأسواق، هذه من علامات الإيمان.
أيها الأخوة الكرام:
 موضوع أن نكتشف حقيقة إيماننا أو أن نمتحن إيماننا كل حين أو أن نجدد إيماننا هذا شغل المؤمن الشاغل، لا تكون كالنعامة غمست رأسها في الرمال وظنت أنها في منجاة من عدوها كن يقظاً لا تحابي نفسك، على قدر ما تستطع اتهم نفسك، قال أحد التابعين: التقيت مع أربعين من أصحاب رسول الله ما منهم واحد إلا يظن نفسه منافقاً على قدر ما تستطيع اتهم نفسك، واتهم نفسك بالنفاق، واتهم نفسك بعدم محبة الله حتى تصبح جيداً، أما إذا رضيت عن نفسك رضاءً موهوماً أجوفاً وأنت لست في المستوى التي تظنه هذه مصيبة المصائب، طالب ظن نفسه أن أقوى طالب بالرياضيات وهو صفر يأخذ، متى اكتشف الحقيقة ؟ اكتشف الحقيقة بعد فوات الأوان، فأنت دائماً اتهم نفسك.
 سيدنا عمر هل كلامه غير صحيح لما قال: أتمنى أن ألقى الله لا لي ولا علي، ليت أم عمر لم تلد عمراً ليتها كانت عقيمة، لو أن الله أنزل أنه معذب واحداً لظننت أني ذلك الواحد، لو أن الله أنزل أنه راحم واحداً لرجوت أن أكون ذلك الواحد.
 الطريق إلى الله يحتاج إلى جهد، ويحتاج إلى تضحية، ويحتاج إلى صبر، ويحتاج إلى بذل، ويحتاج إلى تعاون، وهذا الطريق طريق الآخرة، طريق جنة عرضها السماوات والأرض، طريق الحياة السعيدة في الدنيا والآخرة، طريق الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، ألا تقرءوا الفاتحة كل يوم:

 

﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)﴾

 

 

(سورة الفاتحة )

 يا بني ما خير بعده النار بخير، وما شر بعده الجنة بشر، وكل نعيم دون الجنة محقور، وكل بلاء دون النار عافية، والنبي الكريم يقول شمروا، أيام يكون الإنسان يرتدي ثياب ويكون في قضية كبيرة جداً أول شيء يخلع جاكيت ويشمر ويقول انغمسنا في العمل، النبي قال:

 

((شمروا فإن الأمر جد، وتأهبوا فإن السفر قريب، وتزودوا فإن السفر بعيد، خففوا أثقالكم فإن في الطريق عقبةً كؤود لا يجتازها إلا المخلصون، يا أبا ذر جدد السفينة فإن البحر عميق وأخلص النية فإن الناقد بصير ))

يوجد كلام للنبي صلى الله عليه وسلم هذا من خطبه الشهيرة شيء بدائع، روائع، كلام جامع مانع هذه الخطب النبوية لو قرأناها وحفظناها واقتدينا بها، طريق الحق، المؤمن كما قال الله عز وجل:

 

 

﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة﴾

 

[ سورة إبراهيم ]

 

 

فهذا القول الثابت ، أنت باني حياتك على ثوابت ولم تفاجأ أكثر أهل المذاهب الوضعية أصيبوا بخيبة أمل حينما أمضوا عمراً مديداً يعتنقون هذه المذاهب ثم اكتشفوا أنها ليست صحيحة، أنها مبنية على سراب وعلى وهم، هذا خطأ كبير أن الإنسان يعتنق مذهب ثم يكتشف أن هذا المذهب لا أصل له وليس صحيحاً، أما المؤمن لم يفاجأ في حياته كلها ولا بعد مماته بأن الذي كان يعتقده ليس صحيحاً هذه من نعم الله الكبرى علينا، أنت مع الحق المبين، قال تعالى:

﴿فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ (79)﴾

 

[ سورة النمل ]

تحميل النص

إخفاء الصور