وضع داكن
29-03-2024
Logo
أحاديث متفرقة - الدرس : 091 - اتقوا اللاعنين
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا إتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
 أيها الأخوة المؤمنون:
 حديثٌ شريفٌ سيكون إن شاء الله محور هذا الدرس، ولكن يحتاج إلى تمهيد، التمهيد هو أن النبي عليه الصلاة والسلام حينما قال

(( عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ إِنَّمَا سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزَّكَاةَ فِي هَذِهِ الْخَمْسَةِ فِي الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَالذُّرَةِ))

(سنن ابن ماجه)

  هذا الذي كان في عهد النبي قمح وشعير وتمر وزبيب، انتشر الإسلام في الخافقين، تذهب إلى بلاد المحصول الأول الذي يخزن والذي هو قوت العباد الرز، ويوجد أيضاً العدس، والحمص، فماذا قال العلماء ؟
 قـال العلماء: مـع النص

 

(( إِنَّمَا سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزَّكَاةَ فِي هَذِهِ الْخَمْسَةِ فِي الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَالذُّرَةِ))

 

  ولكن لم يرد الرز أو العدس أو الحمص، ومحاصيل أخرى لا يعلمها إلا الله، التمر والزبيب فإذا قلت أن التمر فاكهة، والزبيب عنب ولكن لا يوجد تفاح، لم يرد تفاح ولا أجاص ولا... أنواع منوعة من الفواكه، يقولون أن بعض البلاد ولعلها قبرص تعدل ميزانها التجاري من تصدير الأفوكادو إلى أوربا، أيضاً لم يرد في الحديث الأفوكادو، فماذا يفعل الفقهاء ؟
 قال الفقهاء قاعدة رائعة وهي: تجب في علتها لا في عينها.
 ما علة القمح ؟ محصول أساسي يخزن ويعد قوت العباد، فأي محصول زراعي يشبه القمح والشعير والتمر والزبيب تجب فيه الزكاة، إنطلاقاً من هذه القاعدة:

((تجب في علتها لا في عينها))

((حَدَّثَنَا عَبْدُالْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: كَتَبَ أَبُو بَكْرَةَ إِلَى ابْنِهِ وَكَانَ بِسِجِسْتَانَ، بِأَنْ لا تَقْضِيَ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَأَنْتَ غَضْبَانُ فَإِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: لا يَقْضِيَنَّ حَكَمٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ))

(أخرجه البخاري)

  لأن غضبه يجعل حكمه مضطرباً، فلئلا يأتي حكمه ظالماً أو مضطرباً ينبغي أن لا يقضي وهو غضبان، العلماء أيضاً حملوا على هذا الحديث فيما أذكر ثلاثاً وثلاثين حالة، مثل قاضٍ ابنه مريض ومرضه مخيف ويحتمل أن يكون مصاباً بالتهاب السحايا، وهذا المرض مميت، فتشوش والده وعنده في المنزل قضية، أيحق له وهو في هذه الأزمة الطاحنة (أي أزمة مرض ابنه ) أن يقضي في هذا الموضوع ؟
 يقاس على الغضب مرض ابنه، وأي شيء يدعو إلى الاضطراب يقاس على الغضب، معنى ذلك أن الله عز وجل حين قال:

 

﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1) فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2)﴾

 

(سورة الماعون)

  فقط الذي يدع اليتيم ؟ اليتيم يجب أن يكرم فإن لم تكرمه فقد أسأت إليه فكيف إذا ضربته ؟ ذكر الله لنا حالة حادة وقس عليها آلاف الحالات، وهذا معنى البلاغة في الإيجاز، أي كلام موجز يحتمل معاني واسعة.

 

﴿فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا﴾

 

(سورة الإسراء)

  فقط لا تقل لهما أف، رجل ضرب أباه ! يقول لك: أنا لم أقل له أف.
 فلأنه لا يوجد أقل من أف فهذه محرمة، فما قولك فيما فوقها ؟ فهي محرمة من باب أولى.
 فحينما تملك هذا الفكر الفقهي أن أف محرمة إذاً ما بر أباه من شدَّ نظره إليه، فهذه مثل أف، أو من أغلق الباب بعنف، قال له أبوه كلمة فأغلق الباب بعنف ! هذه أشد من أف، إذاً المؤمن يحمل على كلمة أف ألف حالة، محرمة عنده، ويحمل على

 

((لا يَقْضِيَنَّ حَكَمٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ))

 ألف حالة.
 ويحمل على

 

((إِنَّمَا سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزَّكَاةَ فِي هَذِهِ الْخَمْسَةِ فِي الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَالذُّرَةِ))

  ألف محصول، المنطلق القياس.
 حسناً حرم الله الخمر، يوجد الآن للخمر أسماء جديدة مثل (الويسكي) والعياذ بالله هل هي محرمة ؟ هذه لم ترد بالقرآن !.. شيء مضحك!

 

((عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ ))

 

(صحيح مسلم)

  يقول لك: مشروبات روحية، وقيم روحية. وكلها روحية بروحية، تصور أن الخمر اسمها مشروبات روحية ! وتصور أن العلمانيين إذا أحبوا أن يعبروا عن الدين يخجلون أن يقولوا إسلام بل يقولون: قيم روحية. يستحي أن ينطق بكلمة إسلام أو قرآن أو إيمان. ويقول لك: قيم روحية. ومشروبات روحية.
 حسناً عندنا كل

 

((كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ))

  وهذا هو القياس أنا أعطيكم تمهيد لأن الحديث دقيق جداً. فـ ( كل مسكر حرام ) كل أنواع الخمر، فالمخدرات أشد حرمة.
 حسناً أن لا يكون القاضي غضبان، وهناك حالات كثيرة تشبه الغضب تنسحب عليها.

 

 

﴿فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ﴾

  ويوجد مائة حالة تشبه أف

 

 

((إِنَّمَا سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزَّكَاةَ فِي هَذِهِ الْخَمْسَةِ فِي الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ))

  وفي الرز، والبطاطا فهو محصول أساسي جداً ويخزن، ( التمر والزبيب) والتفاح فهو محصول أساسي جداً، فالعلماء قالوا:

 

((تجب في علتها لا في عينها))

  الحديث الذي بين يدي:

 

((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: اتَّقُوا اللاعِنَيْنِ. قَالُوا: وَمَا اللاعِنَانِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ: الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ ظِلِّهِمْ))

 

(سنن أبي داوود)

  قالوا: معنى اللاعنين أي الأمرين الجالبين للعن، أي عمل عملته فلعن الناس من فعلوه (لعنه الله )، النبي جاء بحالتين بسيطتين

 

((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: اتَّقُوا اللاعِنَيْنِ. قَالُوا: وَمَا اللاعِنَانِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ: الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ ظِلِّهِمْ))

  أي يقضي حاجته في الطريق، طريق عام ملك للناس جميعاً وإنسان وقح، في هذه الأيام مثل مدخل بناء، أو في درج، مدخل عمارة، مدخل معمل، يقضي حاجته في الليل الساعة الثانية عشرة ليلاً لم يره أحد، فإن رآه أحدهم فهذا القذر، ولو بقي مضبوط اللسان ماذا يقول في قلبه ؟ يقول: لعن الله من فعلها، قليل حياء، لا أصل له، عديم التربية.
 إن كنت مهذباً وضبطت لسانك فلا تملك قلبك، بل تلعنه في قلبك، لأنه أساء إساءة بالغة، اسمحوا لي أن أقول لكم طبقوا قاعدة.

 

 

(( عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: إِنَّمَا سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزَّكَاةَ فِي هَذِهِ الْخَمْسَةِ فِي الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَالذُّرَةِ))

 

(سنن ابن ماجه)

  وينطبق على هذا الحديث أكثر من محصول، وأقول لكم:

 

((لا يَقْضِيَنَّ حَكَمٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ))

  وينطبق على هذا الحديث ثلاثٌ وثلاثين حالة.

 

 

﴿فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ﴾

 

(سورة الإسراء)

 وهناك مائة موقف يشبه أف

 

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ﴾

 

(سورة المائدة)

  ولو سميت الخمر بألف اسم فكله محرم، ومعه المخدرات، هل ترون القياس ؟ الآن

 

((اتقوا اللاعنين))

  الشيئين اللذين يجلبان اللعن لمن فعلهما، وهذا مثل، فهل نبقى بالمثل فقط؟ هذه الحالة فقط؟ كرجل تخلى في الطريق، حسناً إن تخلى في مدخل بناء؟ أليس بحرام ؟ الأمر ذاته، حسناً رجل عنده كلب عقور، ووضعه في مدخل بناء من دون أن يربطه، ويوجد في هذا البناء أطفال صغار يجب أن يذهبوا إلى مدرستهم الساعة السابعة صباحاً، وصاحب الكلب نائم، والكلب من دون قيد، ألم تخف أنت أهل البناء؟ ألا يستحق من فعل هذا اللعن ؟
 الآن درسنا: أي عمل يلعن الناس صاحبه أو من فعله يجب أن تحمله على هاتين الحالتين أي عملٍ يسبب أن يلعنه الناس أو أن يلعنوا من فعله يجب أن يحمل على هذين الفعلين، الذي يتخلى في طريق الناس أو في ظلهم، الوقت صيف والحر شديد والطريق إلى سفر، ويوجد شجرة كالدوحة كأنها مظلة كبيرة، الناس يرتاحون تحتها في الصيف، فقضى رجل حاجته تحت هذه الشجرة، وجاء آخر ليستريح فرآى هذا الشيء المقزز، ماذا يقول في نفسه؟ يقول: لعن الله من فعلها، قليل الأصل، قليل التربية، قليل الذوق إنسان همجي.
 الآن حياتنا معقدة جداً، أي إذا فتح الإنسان فتحة مياه مالحة ولم يغلقها، فكم حادث سير يقع؟ فإن حدث حادث مع أحدهم دون أن يشعر ينهال بالسباب على من أبقى هذه الفتحة مفتوحة، رجل وضع حجر كبير وراء عجلات سيارته وهو يصلح سيارته، ثم مشي وتركه، والطريق سفر، آخر يمشي بسرعة مائة وعشرون في الليل ولم ينتبه له، فتحطمت سيارته وانقلبت رأساً على عقب، ألا يستحق اللعن؟ رجل ركَّب صحن ويبدو أن السوق حامٍ على الصحون، وثبته ببرغيين بدلاً من أربعة، في أيام عاصفة طار هذا الصحن وسقط فوق بنت مثل الوردة فقتلها، ألا يستحق هذا الإنسان اللعن ؟ إنسان ركَّب بلور ووضع له مسمارين فقط، والمعجونة طرية، جاء آخر فاصطدم به فجاء فوق طفل فقتله، ألا يستحق اللعن ؟ بكل حرفة، بكل مهنة، يوجد أشياء مزعجة جداً.
 رجل زرع شجرة أمام منزله، وصنع لها قفصاً عند حداد غير متقن، وهذا القفص له نتوءات حادة، فكم من إنسان تمزقت ثيابه من هذه النتوءات ؟ رجل يمشي دون أن ينتبه علق معطفه بهذا النتوء الحاد فشرطه، بدلة جديدة يلبسها، ألا يستحق اللعن ؟ والله لو كان هناك مجال لتفاصيل لوجدت مائة ألف حالة، وكل حالة يستحق صاحبها اللعن، مثلاً أنت لديك بستان فيه عنب، وتخاف عليه من الدبابير، فجئت بدواء ورششته به، مكتوب على هذا الدواء أنه إن بقي على العنب أقل من شهرين فهو مسرطن، أنت لم تهتم قطفت الثمار وبعتها، وجاء إنسان بريء واشترى منك العنب، وأخذت حقك، قبضت ثمن الكيلو خمسٌ وعشرون ليرة سورية، أكله الأولاد فحدث معهم ورم خبيث، والشيء الذي لا يصدق أن الأورام الخبيثة أصبحت بنسب مخيفة، عشرة أضعاف الأورام الخبيثة، دواء مسرطن، فواكه مهرمنة، فمن أجل أن يكبر حجم الخضراوات نأتي بهرمون محرم دولياً ممنوع استيراده، وأي صيدلية تبيعه تغلق، نأتي به عن طريق التهريب، ونرش هذه الطماطم أو البندورة
أو الخيار فتظهر بحجم كبير، ونبيعها بسعر عالٍ، أما من أكله وأصيب بمرض خبيث فهذا لا يهم، المهم أنني قد بعت بضاعتي بسعرٍ عالٍ، فلو فرم الله هذا الإنسان فرماً، ما قضية أن يبتال إنسان في الطريق أمامها ؟ ولكن هذا ما كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، أما هذا الحديث فيجب أن يفهم فهماً واسعاً جداً.
 والله هذه القصة لولا أنها واقعية، والذي حدثني بها أثق بعلمه وصدقه، ما أرويها على الإطلاق، رجل شك بسلوك ابنته، وابنته بريئة، جاءه خبر من حاسد أو ماكر من رفيقة حاقدة مثلاً، أحياناً إن تفوق الإنسان في المدرسة ينشأ حسد من زملاءه، بالمناسبة الحسد: أنت ممكن أن تتمنى أن ينتقل هذا الخير من فلان إليك هذا حسد واضح، ولكن هناك حسد أشد من هذا تمنى فقط أن يذهب عنه الخير، دون أن يصل إليك، فهذا حسد أشد، الأول تمنى له الخير، أما الثاني فتمنى له أن يذهب عنه دون أن يصل إليه، أما الثالث فكتم واتصل بالهاتف، وعمل وشاية، عمل شكوى باطلة حتى يصاب الآخر بالضرر، فيبدو أن البنت متفوقة بالمدرسة، ولها رفيقة لا تعرف الله أبداً اتصلت بوالدها وقالت له: ابنتك لها صلة مع شاب، وربما أن تكون حامل مثلاً. ألا يمكن أن يكون مثل هذا الأمر ؟ ممكن..
 الأب سيخرج من جلده، فوراً أخذ عينة إلى المخبر للتحليل، موظف المخبر سقطت من يده العينه وضاعت، ولم يجد عينة غيرها، وخاف من صاحب المخبر فكتب أن النتيجة إيجابية أي يوجد حمل، جاء الأب عشية فقال له: مبروك حامل.
 عشية ذبح الأب ابنته، ألا يمكن أن تحدث مثل هذه القصة ؟ لقد حدثت في الشام، يا أخوان

 

 

(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،عـَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لا يُلْقِي لَهَا بَالاً يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ بل، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لا يُلْقِي لَهَا بَالا يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ))

 

(صحيح البخاري )

  والله أقول لكم كلمة أخرى ليس القذف اللفظي وحسب، بل لو ذكر اسم فلانة أمامك وقلت: لا أعلم، الله أعلم.
 أنت لم تقل شيئاً، أنت قذفتها بهذه الحركة، قذفتها دون أن تشعر، السيدة عائشة قالت عن ضرتها صفية: إنها قصيرة.

 

((عَنْ أَبِي حُذَيْفَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: حَسْبُكَ مِنْ صَفِيَّةَ كَذَا وَكَذَا، قَالَ غَيْرُ مُسَدَّدٍ تَعْنِي قَصِيرَةً، فَقَالَ، لَقَدْ قُلْتِ كَلِمَةً لَوْ مُزِجَتْ بِمَاءِ الْبَحْرِ لَمَزَجَتْهُ ))

 

(سنن أبي داوود)

  فأنت خذ هذا المقياس، أي كلمة أو أي ابتسامة أو أي نظرة ساخرة أو أي عمل، أحياناً يصنع الإنسان شيء غير متقن، يكبر نتوءات فأثناء تنظيفه تجرح اليد، وإن كان الوعاء غير نظيف أصيب بمرض الكزاز، ما قولكم؟ لفت نظري ببعض البلاد التي زرتها أن أعمدة الكهرباء لها أوتاد من أجل تثبيتها، على ارتفاع مترين إلى الأسفل هذه الأسطوانة محاطة بأسطوانة من الإسفنج قطرها عشرة سنتيمترات، حتى لا يتأثر طفل مسرع دخل بها خطأً، أليس هذا بعمل إنساني ؟ بلى هو عمل إنساني، دخلت إلى بعض الحدائق فوجدت بعض الأجهزة الرياضية، ولكن الأرضية سوداء لمستها فإذا هي مكعبات كوشوكية صغيرة، وهي عبارة عن العجلات القديمة المهترئة التي تفرم وتصبح مكعبات توضع تحت الأدوات الرياضية وتحت ألعاب الأطفال، فلو سقط الطفل لا يتأذى، كلما أجرينا إجراءات وقاية للأطفال والكبار كان أفضل، كم إنسان مات بتماس كهربائي في بيته، كم إنسان مات بانفجار أسطوانة غاز ؟ كم إنسان مات؟ وما شابه، من حين لآخر يوجد انفجار اسطوانة، السبب هو أنها غير محكمة، ويجب أن تنسق لكنها لم تنسق، فإذا مشيت بهذا الباب تجد أنه ما من مصلحة، ما من حرفة إلا وجدت عمل يسبب لعن من عمله، فإذا كان عندك فكر فقهي، وكان عندك أفق واسع جداً
(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: اتَّقُوا اللاعِنَيْنِ. قَالُوا: وَمَا اللاعِنَانِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ: الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ ظِلِّهِمْ))

  إن هذا يستحق اللعن ولكن أي عمل وأي صنعة، يوجد صنعات فيها إهمال شديد جداً، كم من بناء بيت المصعد فيها غير محصن ؟ كم طفل مات بهذه الحفر ؟ كم طفل مات باختناق الغاز؟ يوجد الآن أجهزة لها إجراءات وقائية، فلو نسي الأهل الغاز مشتعلاً فإنه ينطفيء من تلقاء نفسه، هذا كله من الدين، الإنسان هو هدف هذه الحياة كلها، مهما فعلت من إجراءات وقائية فأنت تفعل شيء من صلب الدين، هذا هو الدين ! يوجد مواد مسرطنة، مواد قد انتهى مفعولها، هناك غش لا يعلمه إلا الله، سمعت مرة أن الألبسة البالية تؤخذ إلى مكان في بعض البلاد ثم تفرم، ثم يعاد غزلها إلى خيوط تسمى براتو، هذا الخيط ضعيف جداً لأنه مستهلك، فيصنعوا منها كنزات، وجوارب وألبسة منظرها جميل جداً، تلبس لبستين وتنتهي، فأنت تبيع موظفاً كنزة ثمنها ثمانمائة ليرة سورية، ومعاشه أربعة آلاف ليرة سورية، أي ما يعادل خمس معاشه، يلبسها مرتين فتهترئ وتصبح لا تحتمل، ألا يسب من صنعها ؟ بلى يسبه، والله يكاد يكون اللعن قلبي باستمرار، فيوجد صناعات سيئة جداً، وصناعات مفعولها منتهٍ، وصناعات مسرطنة، وصناعات غير متقنة، نتوءاتها عالية جداً، قد تسبب جروح، قد تسبب حوادث سير، مرة متعهد طرقات لم يضع إضاءة كافية ولوحات جيدة، قال لي أحدهم أنه خلال عام أربعة عشر شخص توفوا بحوادث في نفس المنطقة، أي قصَّر في وضع اللافتات المضيئة والمشتعلة، ويوجد تحويلة تحتاج لإضاءة من قبل خمسة كيلو مترات، في أحد البلاد التي زرتها رأيت لوحة من دون مبالغة ثلاثة أمتار بثلاثة أمتار، تقول: انتبه هناك مطب، أي ارتفاع، قبل ثلاثة آلاف، قبل ألفين، قبل خمسمائة، ربما لو كان الشخص لا يرى بعيونه لانتبه، أي خمسة لوحات جاءت بتسلسل، مثلاً لاحظت مرة في جسور لها ارتفاع محدد خمسة أمتار ونصف، ويوجد شاحنات محملة ارتفاع أعلى من خمسة أمتار ونصف، فلو دخل هذا الرجل بالجسر أتلف بضاعته أو كسر الجسر، قبل كل جسر قوس وله أجراس من ألفي متر، فإذا مشى تحت هذا القوس وحمولته أعلى يسمع أجراس غير طبيعية، فينتبه أن هنالك جسراً عليه أن لا يخترقه، الأمثلة لا تعد ولا تحصى كلما ارتقى إيمانك عملت عملاً متقناً تمنع الناس أن يلعنوك، كلما ارتقى إيمانك ! وهذا الشيء واسع جداً، بالصناعات أحياناً تجد صناعة زجاجية غير متقنة، القالب غير متقن، لها نتوءات، مع التنظيف تجرح اليد، يوجد أباريق وطنية لها نتوءات حادة ناجمة عن ضعف القالب، تراها مثل الشفرة، وطفلة صغيرة غير منتبهة تنظف الإبريق، تضع يدها عليه فتجرح يدها، لا يوجد عندهم أدوية، والإبريق غير نظيف فتنجم عنها مشكلة، فانظر فهمنا للحديث:

(( اتَّقُوا اللاعِنَيْنِ. قَالُوا: وَمَا اللاعِنَانِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ: الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ ظِلِّهِمْ))

  هذا الحديث يبدو بسيط يتعلق بمن قضى حاجة في الطريق، أو قضى حاجة في ظل الناس لكن أي عمل على الإطلاق يسبب لعن الناس عندما سألوا النبي عليه الصلاة والسلام وما اللاعنان قال كذا وكذا.
 شرح الحديث للإمام النووي يقول: اللاعنين: الأمرين الجالبين للعن.
 الآن انتقل لمعنى اللعن، اللعن: أن تكون بعيداً عن الله، ان يبعدك الله عن ذاته العلية، أي أن يطردك من رحمته.
 قال العلماء: أي حديث فيه كلمة لعن فهذا المضمون من الكبائر.
 أحد تعريفات الكبائر: أن تفعل شيئاً تسبب اللعن لمن فعله. هكذا أحد الكبائر، لذلك إتقان العمل جزء من الدين، هل تصدق أن إنسان لم يتقن إغلاق الزيت بعلبة السرعة فتسبب بالقتل ؟ رجل قادم من الحجاز إلى الشام ومعه زوجته وخمسة أولاد، توقف في محطة وغيَّر زيت علبة السرعة، يوجد في المحطة موظفين صغار بالسن أطفال، قال له معلمه غير له الزيت، هذا الطفل شده شداً خفيفاً، طلبه معلمه فتركه كما هو وذهب، قال له: ماذا حدث ؟ قال له: لقد انتهى تفضل.
 بعد المشي سال الزيت من مكانه، فرغ الزيت مما أدى لمشكلة في علبة السرعة، توقفت السيارة نزل صاحبها وفتح غطاء المحرك، درجة حرارة أشعة الشمس ست وخمسون درجة، أصيب بضربة فمات في الصحراء، ومعه زوجة وخمسة أولاد، ما سبب موته ؟ أن الولد لم يحكم إغلاق علبة السرعة، ملعون صاحبه ؟، صدقوا أن الإنسان يلعن في اليوم الواحد مائة شخص دون أن يشعر، مهمل، مقصر، غير متقن، أحياناً بئر يحفر بشكل غير فني فيسبب متاعب لا تنتهي، يكلف أحياناً الملايين لأنه حفر بشكل غير مستقيم،

 

((إتقوا اللاعنين))

  كل عمل يسبب لك اللعن، كما أننا قسنا على التمر والزبيب والقمح والشعير مئات المحاصي، وكما أننا قسنا على غضب القاضي ثلاثٌ وثلاثون حالة، ممنوع أن يصدر قرار وهو في هذه الحالة، وكما أننا قسنا مائة موقف على

 

 

﴿فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ﴾

 

(سورة الإسراء.)

  كما أننا قسنا أشياء كثيرة، وكل أنواع الخمر كلها محرمة مهما اختلفت أسماءها لعلة الإسكار، كل عمل يسبب اللعن فهو محرم بنص هذا الحديث، هذا هو الدين، الدين هو الحياة، الدين حرفتك، وظيفتك، إن أنت قابلت موظفاً وقضيتك تحل بدقيقة، وقال لك: تعال غداً.
 هو يتكلم مع صديقه ويشرب القهوة وأمامه جرائد، وهذا الرجل عكر لهما مزاجهما، تعال غداً، هذا الرجل قد يكون أتى من حلب، غداً تعني ألف ليرة أجرة الفندق، ويريد أن يتناول طعام الغداء والعشاء، من أجل أن تقول له تعال غداً، حسناً أبرة غير معقمة، أخ من أخوتنا ظهر في جسده بعض الحبوب غير المعقولة من حلاق أدواته غير معقمة، هل تصدق الآن أن مرض الأيدز ممكن أن ينتقل عن طريق حلاق ؟ إن حلق لشخص يحمل هذا المرض، وحلق لشخص آخر ولم يعقمه انتقل إليه، وهذا شيء مخيف.
 حدثني أخ عن ولاَّدة ولدت، العادة أن هذه الإنسان أثناء الولادة لها إضبارة تصف زمر دمها وكل أوضاعها، فمع كل ولاَّدة إضبارتها، ولاَّدة ولدت ولادة سليمة وأخذت من غرفة العمليات نسوا الإضبارة بسبب الإهمال، أتوا بولاَّدة أخرى ونسوا أن يأتوا بإضبارتها، المولِّد وجد إنسانة على الطاولة ووجد إضبارة، فالشيء المألوف أن هذه الإضبارة لهذه الإنسانة، لزم لها دم فتح المصنف فوجد الزمرة (O+) أي أو إيجابي، أتوا بدم من هذه الزمرة التي هي مختلفة عن زمرتها مما أدى لانحلال في دمها فماتت، هل تصدق أن نسيان أخذ إضبارة تسبب بموت إنسان؟ وقعت !
 فلو أردت أن تتوسع بالدين فالطبيب محاسب حساب لا يعلمه إلا الله، والمحامي كذلك، والمهندس كذلك، والمعلم كذلك، إذا لم يتقن المعلم عمله يرسب الطالب، وأبوه ظالم فقتله قتلة روحه بها، عندما يغضب الرجل يصبح وحشاً، المعلم لم يعلمه ولم يعتني به، فهذه هي، كل شيء غير متقن "كحِّل " هل هي آية أم حديث "كحِّل " هذا شعار الناس "كحِّل "، مرة كنت أدرِّس كان هناك متعهد تعهد تجديد البناء كله، في ثانوية التجهيز الأولى المشهورة، وهي قديمة جداً، المتعهد بدَّل النوافذ والأبواب، وأنا في الدرس كان يضع غالات الأبواب، وأنا أنظر يضع البرغي وبثلاث دقات يدخل إلى الداخل، البرغي يجب أن يدور، وهذا أفضل من الضرب أفضل بكثير، هذا الغال عياره يومان، فوراً سينفك البرغي إذا لم يثبت، قلت له هل هذا معقول ؟ قال لي: لا تدقق أستاذ عافاك الله، لاتدقق!
 لا تدقق وكحِّل أصبحت شعارات، لأنها صنعتنا، يوجد مواد مؤذية، ومواد كيماوية، يكفي أن تكون الكهرباء غير متقنة تميت طفلاً في الحمام، مائتان وعشرون من الفولطات هذا التيار قاتل، إن لمست بيدك تيار مائتان وعشرون في الحمام ولم تلبس شيئاً بقدمك، ويوجد ماء فهذا شيء مميت، عم سأتكلم ؟  عن أخطار الغاز أم التمديدات، كم من حريقة حدثت في محلات تجارية سببها وجود وصلة داخل التيب، انحلت فأحدثت شرارة، فاحترق المحل كله، أحياناً توفر مبلغ بسيط فتسبب هبوط بناء بأكمله، كم من بناء هبط، بسبب عدم الإتقان، أو أسمنت قليل، أو أسمنت منتهٍ مفعوله، قتلت خمسة أشخاص، والبناء تهدم، والبناء مكلف الملايين، لأنك استخدمت أسمنت أقل ثمناً ومنتهي المفعول، أحياناً طبيب، طيلة عمري أعلم أن الدواء المنتهي المفعول لا ينفع لكن لا يؤذي، لكن ثبت العكس، يتفكك ويصبح مؤذياً، يمكن أن يكون لديك دواء لم يبع معك، تمحو مكان الصلاحية وتبيعه لإنسان جاهل، هذا الدين؟ الدين أن لا تبيع الدواء، والله يا أخوان هذا الدرس موضوعه لو أتيت بمائة ألف مثال لم يكفي، هذا هو حال المسلمين، غش وعدم إتقان، مريض تعالج بسرعة غير معقولة، أعطاه الطبيب أبر أحدثت معه تحسساً أصابته بصدمة مات بها، ممكن! عندما نعطي المريض دماً نجري ما يسمى بالتصالب، لو تأكدنا من الزمرة الدموية، علينا أن نضع نقطة من الدم مع نقطة من الدم الذي أخذه، فإن تنافرا يظهر، وهذا أسمه التصالب، صدقوني أيها الأخوة أن عشرات المرضى ماتوا لأن الموظف استكسل أن يجري التصالب، استكسل مأخوذة الزمرة خطأً، أعطوه دم إنحل دمه ومات فوراً، وكل بالنهاية قضاءً وقدراً، كله

عمل سيدك، هل ترى الجهل ؟ كله سبحان الله منتهٍ أجله، هذا الكلام غير صحيح، أنا أعتقد أن الطبيب يحاسب كقاتل، النبي عليه الصلاة والسلام قال:

((من طبب ولم يعلم منه طب فهو ضامن))

  أي يجب أن يدفع الدية، في بلاد أخرى قد يصل التعويض إلى خمسين مليون، دخلت إلى طبيب قلب في أمريكا يريني عيادته، أراني أضابير والله دون مبالغة من الجدار للجدار، قال لي: هؤلاء جميعاً مرضاي، وجميعهم قد ماتوا.
 هو طبيب قلب، ليس هو من قتلهم ولكن أجلهم قد انتهى، يحتفظ بالأضابير خمس سنوات حسب القانون، لعل أن يخطر ببال ابن أن يقيم دعوى على الطبيب بعد أربع أو خمس سنوات عليه أن يحتفظ بالوثائق كيف عالجه، الإنسان غالٍ على الله كثيراً، وكلما كان الإنسان له مكانة وله حقوق، وله واجبات كلما كان المجتمع راقٍ أكثر، وكلما كنت في مجتمع الإنسان ليس له قيمة، وليس له حقوق، وليس له واجبات، والوقت رخيص جداً يكون الإنسان متخلف، بالمفهوم الحضاري أو الديني الأخلاقي أو الوطني، بكل المفاهيم المجتمع متخلف، فأنا أتمنى أن تفهم دينك ليس بالجامع وحسب بل بالمحل والعمل، إتقان عملك جزء أساسي جداً جداً من الدين، يوجد مخابر، يوجد مصانع، كم إنسان مثلاً فقد يده في مصنع لسبب بسيط جداً وهو عدم وجود تعليمات واضحة، لا يوجد تعليمات واضحة، مرة دعي أحد أهل الغنى إلى حفل عشاء كي يتبرعوا لصندوق العافية، فعرضوا مناظر للمرضى، إحداهن قد احترقت بكاملها، لأن زوجها اشترى مادة التنر ولم ينبهها، وضعته على الرف فوق الغاز، ولما ارتفعت درجة الحرارة التهب التنر وأحرقها كلها، سقطت الزجاجة فوقها، حروق مخيفة، ترى أن أكثر الأمراض الوبيلة سببها سوء استعمال، عدم وجود تعليمات، أنا ألاحظ في بعض البلاد تحذير، المرآة التي على طرف السيارة عليها تحذير أن المسافة فيها غير حقيقية، يوجد مرايا بنورامية تعطيك الأشكال كبيرة جداً ولكن لها مشكلة، المسافة التي تظهر على المرآة مختلفة عن الواقع، يوجد تحذير إذاً انتهى الأمر، لكن ماذا يفعلون بتحذير الدخان ؟ يضعونه بحرف لا يقرأ، لا تلاحظه أنت، لا تلمحه، فوراً كلمة بحرف صغير هنا التحذير، يغريك بالإعلان ويغفل التحذير بخط صغير أو لا يقرأ، أو بوقت زمني لا يقرأ، هذا أيضاً من الغش، فكلما كان إيمانك قوياً وجدت نفسك منضبط انضباط عجيب، أنت تخاف من الله، لأن جميع الخلق عباده هؤلاء عباد الله، ترى طفل معه عاهة دائمة سببها خطأ من الوالدين، والطفل الذي معه عاهة يحدث شقاء في الأسرة لا ينتهي، الآن والحمد لله يوجد قليلاً من الوعي، يوجد غازات لها منصب وقاية، وإن نسيها الأهل ينطفئ من تلقاء نفسه، هذه الأشياء أعدها أنا حضارية، الرجل يجب أن ينتبه في بيته، إن كان عنده شرفة أو غيرها، فالغلطة تسبب آلام لا تنتهي، أنا أقول لكم ما علاقة هذا الكلام بهذا الحديث اللطيف الذي هو كلمتان، والله قناعتي أن كل الذي قلته جزء بسيط من معنى هذا الحديث، كل شيء يسبب اللعن أتركه، في صناعتك، أحد إخواننا عنده معمل بدلات رياضية، صدَّر إلى ألمانيا صفقة كبيرة جداً، ولما فحصوا وجدوا أن السحاب له قفل، عبارة عن شريط أبيض يوضع عندما ينتهي السحاب ليقفلوه، قطعة معدن، لما فحصوا هذه القطعة وجدوا أن هذه القطعة هي معدن مشع، فأعادوا البضاعة بكاملها، وثمنها الملايين، أو أن يخصم مليونان، وسماكة هذا القفل تساوي ما يعادل ربع ميلي، ربع ميلي بالبدلة فحصوه فإذا به معدن مشع وهذا مؤذي، ينتبهون للناس لهذه الدرجة.
 نحن لدينا أدوية مسرطنة، كيف يبيع الفلاح العنب ولم يمضي ستون يوماً على الرش ؟ بل مضى خمسون يوماً وباع العنب، أكلوا فتسرطن الدم، الحديث عن هذه الموضوعات لا ينتهي، حدث ولا حرج، أحياناً يكون في الطحين أشياء مقززة، وأنت لا تعلم، فإن وجد الإيمان بالله عز وجل لا يمكن أن تعمل عملاً يسبب الأذى للمسلمين، لا يمكن، فإتقان عملك، ضبط أمورك إجراءات وقائية لمصلحتك هذا الشيء جزء من الدين، هذا هو الدين، الدين هو الحياة، الدين هو العمل المتقن، الدين هو السلامة، الدين هو السعادة، الدين هو الصدق، الدين هو الأمانة، الدين هو الخير، لا تفهموا الدين على أنه صوم وصلاة فقط، أو عبادات شعائرية، هذا فهم سقيم للدين، الدين هو الحياة، ان تكون في أعلى مستوى في عملك، وفي حرفتك، أنا أقول لكم بعض المشاهد، أنا لا أمدح هؤلاء، لا والله، والله هم بعيدون عن الله بعد الأرض عن السماء، لكن مثلاً مرة كنت مسافراً وجدت أن للطفل طريق خاص، يوجد طريق معبد، ورصيف للمشاة وطريق خاص عرضه متر خاص لدراجات الأطفال وهم في ذهابهم إلى المدرسة، شيء جميل الطفل له طريق خاص، وصل الطفل لتقاطع، يوجد شرطة خاصة للمدارس، هذا الطفل يمسك بيد الشرطي ومعه لوحة مكتوب عليها "ستوب"، إذا حمل اللوحة لا يمكن لإنسان أن يمشي، وإذا مشى فإنه يدفع مبلغ فلكي، إذا رفع كلمة "ستوب" توقف الطريق، يمسك هذا الطفل ويوصله إلى الطرف الثاني، يوجد على كل تقاطع طريق شرطي، حتى يعبر الطفل الطريق عن طريقه، وكلمة "ستوب" كلمة مقدسة، الآن كم من طفل مات عندما كان ينزل من باص المدرسة، ومشى في الطريق المعاكس دون انتباه فصدمته سيارة ؟ عندما يقف الباص يرفع لوحة "ستوب " فيقف الطريق بالاتجاهين، يجب أن يكون بعدك عن باص المدرسة ثلاثون متراً وإلا تدفع غرامة كبيرة جداً، ثلاثون متراً بعيد عن الباص وواقف، لأن الباص قد وقف وعمل "ستوب"، من أجل أن يمرر الطلاب، فالطفل حر بيته على اليمين أو اليسار لايهم، أليس هذا العمل طيباً ؟ هؤلاء أولادنا والولد غالٍ جداً، والله الأخ الصديق الذي ماتت ابنته بهذا الصحن كانت ابنته مثل الوردة، ماذا حدث بالأسرة من أجل برغيين، بدلاً من أربعة وضع برغيين، يوم عاصف طار الصحن وجاء فوقها فقتلها، فمن أجل برغيين قتل طفلة، لاتقل لي هذا قضاءاً وقدراً، انتهى أجلها ! نعم إنتهى أجلها، ولكن على يد هذا الإنسان ولسوف يحاسب، تريدون دليلاً قوياً

﴿إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾

(سورة النور)

  معنى هذا أن الذي مشي بالإفك، وتكلم عن السيدة عائشة واتهمها بالزنى وهي زوجة النبي عليه الصلاة والسلام والمدينة كلها عرفت، والنبي قد انزعج، وأربعون يوماً والوحي منقطع، ولا يستطيع أن يثبت أو أن ينفي، وأهل بيته، والله يا أخوان هذا شيء لا يحتمل، قال

 

﴿لَا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾

 أي أن الله أراده، وكل شيء أراده الله هو خير، قال:

 

 

﴿وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (11)﴾

 

(سورة النور)

  دققتم ! التوحيد لا يعفي من المسؤولية، تقول لي شغل سيدك، وهكذا أراد الله، وانتهى أجله، لا إله إلا الله اتنهى أجله، ولكن أنت مقصر، ولو كان قد انتهى أجله على يد الفضيل المؤمن فسوف يحاسب، كأنه قاتل.

 

﴿إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ﴾

 

(سورة يس)

  فيا أيها الأخوة: أرجو الله سبحانه وتعالى أن ينقلب هذا الدرس إلى واقع، إلى ممارسة، كل إنسان بحرفته، يعتبر أن كل الناس عباد الله، وأحبهم إلى الله أنفعهم لعباده، كلهم عيال الله أحبهم إلى الله أنفعهم لعياله، سمعت مرة من شخص صالح كان عنده معمل صابون، الصابون ينشر في الشمس، كان ينشر هو الصابون أربعة أمثال المدة، لماذا؟ قال: لأن الصابون لو نشر لمدة قليلة (قصة قديمة والعمل بدائي ) يذوب بسرعة بيد السيدة. حتى لا يدعو عليه أحد، لدينا الكثير من الأخوان الذين عمروا الأبنية، قال لي: والله آتي بأحسن أنواع المصاعد، حتى لا يلعنني أحد.
 رجل باع طقم كنبات، والذي اشتراه فرح به فدعا أصدقاءه، من اليوم الأول فسد الطقم، ركض إليه فقال له: هل جلستم عليه في النهار.
 ركب مصعد، كل يوم يتعطل، كل يوم يقف، اثني عشر طابقاً وإحداهن لديها مرض بالقلب وهي في الطريق ماتت، يحاسب من ركَّب المصعد من نوع رخيص كقاتل، فأخ من إخواننا جزاه الله عنا خيراً قال لي: والله أركِّب أغلى نوع حتى لا يلعنني أحد.
 هل ترون كيف كان فهمه للدين ؟ بأي مصلحة، بأي شيء، والله أتيت بأمثلة واحد من مليار، بقدر ما أسمع من قصص، بقدر ما أرى بعيني إهمال المسلمين، يبلط فيضع الأسمنت في الطرف، بعد يومين تجد البلاطة قد خفست، هطل المطر ومشيت عليها فرششت أحدهم من الأعلى إلى الأسفل، ألا يمكن لهذا أن يحدث، ممكن، وهذا كله إهمال، لأنه لا يوجد دين، حدثني أخ طبيب والله كبر بعيني كثيراً، قال لي: الجنة قلت له أين؟ قال: في المشفى العام.
 مريض فقير ما معه مال، يأتي هذا الأخ الطبيب يعتني بالمرضى، ويحكمهم ولو كأنهم في أرقى مشفى، كأن هذا المريض أعطاه مليون ليرة، يسأله عن التحاليل، ويقعد معه ساعة، يخرج الساعة الواحدة من المشفى، قال لي: أعيش في جنة، فهؤلاء ليس لديهم واسطة، ولا أحد يعرفهم. قال لي: الجنة العمل في مستشفى عام.
 لأنه فيه قربى لله، وهؤلاء عيال الله عز وجل، عندما تفهم الحياة بهذا الشكل تصبح إنساناً آخر، كل هؤلاء عيال الله، حتى الحيوانات، هل تستطيع أنت أن تعذب حيوان ؟ قال له:
 هلا حجبتها عن أختها أتريد أن تميتها مرتين ؟
 ممنوع أن تذبح شاة أمام أختها ممنوع، بائعي الدجاج أحياناً يذبح الدجاجة ويضعها في ماء يغلي حتى ينتفها بسرعة، ولكنها لم تمت، قال الله سبحانه وتعالى:

 

﴿فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا﴾

 

(سورة الحج)

  لم تمت، بائعي السمك الذين يبيعونه طازج، مازال السمك يتحرك يفتحون قلبه ويخرجون أحشاءه، ما تزال السمكة حية، تمهل قليلاً، فإن لم يكن لديك رحمة بالسمكة، لماذا النبي عليه الصلاة والسلام قال بأن الحيتان في البحار تصلي على معلمي الناس الخير
 يعلمون الناس أن لا يفتحوا بطن السمكة قبل أن تموت، أن لا يعذب الدجاجة بعد أن يذبحها لا يذبح الشاة أمام أختها، لا يمثل بالحيوان، هكذا، فأرجو من الله سبحانه وتعالى أن ينقلب هذا الدرس إلى واقع، أنا مهدت ثلاثة تمهيدات، قضية القمح والشعير والتمر والزبيب، وقضية لا تقل لهما أف، وقضية الخمر مائة أسم للخمر، هذا كله محرم

 

(( رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: اتَّقُوا اللاعِنَيْنِ. قَالُوا: وَمَا اللاعِنَانِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ: الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ ظِلِّهِمْ))

  الآن قس كل شيء ممكن أن يسبب اللعن قسه على هذا الحديث، تجد نفسك منضبط في عملك إلى أقصى درجة
 والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، أكرمنا ولا تهنا، آثرنا ولا تؤثر علينا، أرضنا وارضى عنا، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم

 

تحميل النص

إخفاء الصور