وضع داكن
29-03-2024
Logo
موضوعات في التربية - الدرس : 013 - محاسبة النفس .
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، و زدنا علما، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
 أيها الإخوة الأكارم، في الدرس الماضي كان الموضوع الأدب مع الله عز وجل، و اليوم الموضوع محاسبة النفس، و قبل أن نبدأ في الموضوع أريد أن أضع بين أيديكم بعض الحقائق، أصحاب النبي عليهم رضوان الله سمعوا أقوال النبي و طبّقوها، بل إن بعض الأعراب سمع آية واحدة من كتاب الله من رسول الله صلى الله عليه و سلم، قال: قد كفيت، فقال عليه الصلاة و السلام: فقه الرجل، إذًا نحن أمام كتاب كريم يعد ستة مائة صفحة، ونحن أمام تراث نبوي عظيم يزيد عن مئات الألوف الأحاديث الشريفة، لو أن الإنسان قرأ آية و تدبرها و طبقها فقف ثمارها لكان خيرا له من آلاف المعلومات والحقائق التي سمعها و تبقى في حيز التفكير، فالعبرة في التدبر، العبرة في التحقق، و العبرة أن تكون في مستوى الآية أو الحديث، فربنا عز وجل هل ذكر آية في القرآن بمعنى أن يحاسب الإنسان نفسه ؟ سؤال، هل في القرآن آية تشير أو تأمر بمحاسبة النفس، الأستاذ عبد الرحمن،

﴿ بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (14)﴾

 

(سورة القيامة)

 هو بصير، هو يعلم حقيقة نفسه من دون شك، الإنسان لا يستطيع أن يجهل نفسه إطلاقا، لأن الله عز وجل يقول:

 

﴿ بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (14)﴾

 

(سورة القيامة)

 هذا شيء واقع، أما هل هناك توجيه من قِبل الله عز وجل لهذا الإنسان أن يحاسب نفسه، هذه في الآخرة:

 

﴿اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً (14)﴾

 

 

(سورة الإسراء)

 نعم: فمن يعمل، هذه قاعدة و قانون ينبئك أن كل عمل مهما دقّ سوف تحاسب عليه، تفضل، أيضا تقرير حقيقة ثابتة هذه، تفضل،

 

﴿فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ﴾

 

 

(سورة هود)

 هذا أمر بالاستقامة،

 

﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً (36﴾

 

 

[سورة الإسراء]

 هذا أمر ألاّ تروي شيئا لست متحققا منه، السيد هشام، هذا أمر متوجه إلى تزكية النفس، أما الإنسان أحيانا قبل نهاية الموسم إذا كان عنده متجر، عنده معمل، عنده مؤسسة منشأة، يا ترى ما عليه ديون، المحاسبة السنوية جرد الأرباح و الخسائر، كيف تعرف أرباحك من خسائرك، تجرد البضاعة، وما لك من ديون، و قيمة الموجودات ثابتة و تجرد ما عليك من التزامات، تعمل موازنة يطلع معك الربح، هذه عملية محاسبة، السيد سمير، بارك الله بك، هذه هي الآية التي تدعونا إلى أن نحاسب أنفسنا،

 

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ﴾

 

 

(سورة الحديد)

 أي أطيعوا الله، التقوى هي طاعة الله بمعناها البسيط، تطيعه إذا عرفت أمره، من لوازم التقوى أن تتعرف إلى أمر الله عز وجل، إذًا معرفة أمر الله فرض عين، لأن الله يأمرك أن تتقيه، يأمرك أن تتقي عذابه بطاعته، أن تتقي سخطه برضوانه، أن تتقي الكفر بالإيمان، أن تتقي الشرك بالتوحيد، أن تتقي إتلاف المال بكسبه من وجوه حلال، فالتقوى،

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18 ﴾

 

 

(سورة الحشر)

 يا ترى ما عملي ؟ هل لي عمل يصلح للعرض على الله عز وجل ؟ كل إنسان يحاسب نفسه، ـأكلنا و شربنا، و ذهبنا وعدنا، و تركنا وربحنا، وتاجرنا، وسافرنا و عدنا، الشكل الذي تلقى الله به ما هو ؟ العمل الذي تعده للقبر، القبر صندوق العمل، ما هو ؟ إذا أغمضت عينيك و تصورت أنك لاقيت الله عز وجل ما العمل الذي تعرضه على الله عز وجل؟ هذه المحاسبة،

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18 ﴾

 

 

 

 

(سورة الحشر)

 هناك أشياء ينتهي أثرها في الدنيا، هناك أشياء ينتهي أثرها عند الموت، وهناك أعمال تستمر إلى ما بعد الموت، فالإنسان،

 

﴿وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ﴾

 

 

(سورة الحشر)

 الحقيقة العلماء قالوا: إن المحاسبة تأتي قبل التوبة و تأتي بعدها، تأتي قبل التوبة لتحمل على التوبة، و تأتي بعد التوبة لتحافظ على التوبة، عندنا محاسبة تكون تقبل التوبة، و محاسبة تكون بعد التوبة، فالتي قبلها من أحل أن تحمل عليها، و التي بعدها من أجل أن تحافظ عليها.
سيدنا عمر له قول شهير يقوله عامة خطباء المساجد،

(( حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسبوا، زنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم، واعلموا أن ملك الموت قد تخطانا إلى غيرنا، و سيتخطى غيرنا إلينا، فلنتخذ حذرنا، الكيس من دان نفسه و عمل لما بعد الموت، و العاجز من أتبع نفسه هواها و تمنى على الله الأماني ))

 الآن موضوع المحاسبة ينقلنا بلطف إلى موضوع الاغترار، الإنسان أحيانا يغتر بالله عز وجل، و أحيانا يغتر بنفسه، و الذي يغره بالله، و يغره بنفسه هو الغرور، والغرور و هو الشيطان، وأخطر شيء في الإنسان أن يغتر بالله، أو أن يغتر بنفسه، يغتر بعمله، فما هو الاغترار بالله ؟ من يجيب على هذا السؤال ؟ الاغترار بالله، كيف يكون ؟ والله كنت مغرورا بك، كنت أظنك أحسن، طلعت أسوأ، هذا المعنى يستقيم مع حضرة الله عز وجل، أعوذ بالله لا يستقيم، أن يأمن مكر الله،

 

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (5 ﴾

 

 

(سورة فاطر)

 يغرنكم بالله، أنت منهي عن شيئين ؛ عن أن تغتر بالدنيا، و عن أن تغتر بالله عز وجل، فالاغترار بالله له معنى دقيق جدا، ما هو ؟ تفضل، أن يظن أن الله لا يحاسبه، و الحقيقة أن سيحاسبه، أن يظن أن الله عز وجل لن يؤاخذه، والحقيقة أن الله سيؤاخذه، أن يظن أن الله سيعفو عنه، و الحقيقة أن الله عز وجل لا يعفو عنه إلا بأسباب، لذلك من المهلكات أن يغتر الإنسان بالله عز وجل، أوضِّح هذا بمثل ؛ لو أن إنسانا مطلوب للقضاء بقضية لها عقاب كبير، هو اطمأن و قال: هذا القاضي سأقدم له هدية و سيحكم لي، و القضية بسيطة جدا، نقول: هذا الإنسان مغتر بالقاضي، القاضي لن يقبل هدية و لن يحكم إلا بالحق، فأن تظن أن القاضي يقبل هذه الهدية فهذا اغترار بالقاضي، والاغترار مهلك، أو أن طالبا عليه امتحان شفهي مصيري، يتوقف عليه نجاحه، يقول:هذا الأستاذ أقدم له هدية و يعطيني السؤال مسبقا، أحضِّره وأنجح، هذا اغترار بهذا المدرس النزيه، فالاغترار بالله عز وجل أن تظنه لن يعدل بين خلقه، أن تظنه سيحابيك لأنك مسلم، لأنك من أمة محمد،

 

((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ لَمَّا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُرَيْشًا فَاجْتَمَعُوا فَعَمَّ وَخَصَّ فَقَالَ يَا بَنِي كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنْ النَّارِ يَا بَنِي مُرَّةَ بنِ كَعْبٍ أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنْ النَّارِ يَا بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنْ النَّارِ يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنْ النَّارِ يَا بَنِي هَاشِمٍ أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنْ النَّارِ يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنْ النَّارِ يَا فَاطِمَةُ أَنْقِذِي نَفْسَكِ مِنْ النَّارِ فَإِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا غَيْرَ أَنَّ لَكُمْ رَحِمًا سَأَبُلُّهَا بِبَلَالِهَا ))

 

(رواه مسلم)

((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ وَذَكَرَهُمْ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ))

لا يأتيني الناس بأعمالهم و تأتوني بأنسابكم، فالاغترار بالله عز وجل أن تظنه على صفة هو منزه عنها، أن تظنه بظن، لذلك الله عز وجل قال:

﴿الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ ﴾

 

(سورة الفتح)

 حسن الظن بالله ثمن الجنة، فأول معنى من معاني الاغترار ما الذي يعيق المحاسبة ؟ أن تغتر بالله عز وجل، ما الذي يصرفك عن أن تحاسب نفسك الاغترار بالله، وأقول العوام دائما " أخي الله عز وجل غفور رحيم " ربنا عز وجل قال:

 

﴿ نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ (50)﴾

 

 

(سورة الحجر)

 الاغترار أن تقول:

 

﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53)﴾

 

 

(سورة الزمر)

 أكمل الآية:

 

﴿وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (54) وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (55)﴾

 

 

(سورة الزمر)

 إذًا الذي يصرفك عن أن تحاسب نفسك الاغترار بالله، والاغترار بالدنيا.
 مرة ضربت مثلا قلته سابقا، رجل توفي رحمه الله حدّثني عن شيء كان يفعله حينما كان شابا، كان في محل في سوق الحميدية يشتغل صانعا، فعنده هواية أن يجمع قمامة المحل، و يضعها في علبة فخمة، و يلفها بورق هدايا و يضع لها شريطا، ويضعها على الرصيف، و يراقب المارة، فيمر إنسان و يجد علبة أنيقة، في ورق هدايا وعليها شريط يلمع، يحملها و يمشي، فيلحقه هذا الرجل، بعد مائة متر يفك الشريط، يا رتى طقم غرافات، طقم جرابات، ساعة، لا تعرف ما في العلبة، بعد مائة ثانية يفك الورق، بعد ذلك يفتح فيجد زبالة، و القمامة، يصاب بخيبة أمل مرة، هذا المثل و إن كان صارخا، لكنه واللهِ ينطبق على الدنيا تماما، بمقتبل الحياة يظن أن المال كل شيء، وأن اللذة والمتعة والمباهج كل شيء، كلما اقترب من القبر ذوت هذه الدنيا و ظهرت حقيقة عظمى، وهي أن الله سبحانه و تعالى هو كل شيء، ليس في الكون إلا حقيقة واحدة هي الله، كل ما قربك إليه هو الحق، و كل ما أبعدك عنه هو الباطل، كل نشاطك إذا جمعك على الله عز وجل فهو النشاط الصحيح، وإذا صرفك عن الله عز وجل فهو الباطل، هذه حقيقة، لكن البطولة أن تعرف هذه الحقائق الخطيرة في مقتبل العمر، وأنت صحيح شحيح، في شبابك، وفي أوج حياتك، من هنا كان التعليم، الحقيقة فرعون الذي قال: أنا ربكم الأعلى، و الذي قال: ما أرى لكم من إله غيري، و الذي فعل، حينما جاءه الموت عرف الحقيقة، فمعرفة الحقيقة قضية لا بد منها، أما المشكلة متى تعرف الحقيقة، إذا عرفتها في خريف العمر فالوقت قليل، و الجسم أصبح مريضا، أما إذا عرفتها في شبابك، واللهِ هناك كلمات لرسول الله تُكتب بماء الذهب، اغتنم خمسا، اغتنم، إذًا الذي يصرف الإنسانَ عن محاسبة نفسه اغترارُه بالله عز وجل، أو أن يفهم الشفاعة فهما ساذجا، يا أخي نحن أمة محمد مرحومة، النبي عليه الصلاة و السلام يشفع لنا، هذه خطأ في الكنباية من رأس الماعون، ما هذه الشفاعة ؟ الشفاعة حق، و هذا ثابتة في الأحاديث الصحيحة، و لكن النبي عليه الصلاة و السلام لا يشفع إلا من غير مشرك، هذا في صحيح مسلم، فإذا مات الإنسان غير مشرك وصل إلى كل شيء، شفاعة النبي عطاء إضافي، إكرام إلهي عن طريق النبي، أما واحد غارق في المعاصي و الشهوات يستوي يوم القيامة مع مؤمن يعمل الصالحات، هذا شيء مستحيل،

 

﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (21)﴾

 

 

[سورة الجاثية]

 وقال تعالى:

 

﴿أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ﴾

 

 

(سورة الزمر)

 يا محمد

 

﴿ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ (19)﴾

 

 

(سورة الزمر)

 فلذلك مما يصرفك عن محاسبة النفس بعض العقائد الزائغة، بعض العقائد الزائفة، بعض العقائد الفاسدة، أن الله عز وجل، النبي سيشفع لنا، و قد قال النبي وقد رأى أمته

((عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ مَنْ مَرَّ عَلَيَّ شَرِبَ وَمَنْ شَرِبَ لَمْ يَظْمَأْ أَبَدًا لَيَرِدَنَّ عَلَيَّ أَقْوَامٌ أَعْرِفُهُمْ وَيَعْرِفُونِي ثُمَّ يُحَالُ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ قَالَ أَبُو حَازِمٍ فَسَمِعَنِي النُّعْمَانُ بْنُ أَبِي عَيَّاشٍ فَقَالَ هَكَذَا سَمِعْتَ مِنْ سَهْلٍ فَقُلْتُ نَعَمْ فَقَالَ أَشْهَدُ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ لَسَمِعْتُهُ وَهُوَ يَزِيدُ فِيهَا فَأَقُولُ إِنَّهُمْ مِنِّي فَيُقَالُ إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ فَأَقُولُ سُحْقًا سُحْقًا لِمَنْ غَيَّرَ بَعْدِي ))

(رواه البخاري)
 هذا كله في الأحاديث الصحيحة،

((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ لَمَّا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُرَيْشًا فَاجْتَمَعُوا فَعَمَّ وَخَصَّ فَقَالَ يَا بَنِي كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنْ النَّارِ يَا بَنِي مُرَّةَ بنِ كَعْبٍ أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنْ النَّارِ يَا بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنْ النَّارِ يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنْ النَّارِ يَا بَنِي هَاشِمٍ أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنْ النَّارِ يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنْ النَّارِ يَا فَاطِمَةُ أَنْقِذِي نَفْسَكِ مِنْ النَّارِ فَإِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا غَيْرَ أَنَّ لَكُمْ رَحِمًا سَأَبُلُّهَا بِبَلَالِهَا *))

(رواه مسلم)

 هذا الحديث يكتب بماء الذهب

(( فَاطِمَةُ أَنْقِذِي نَفْسَكِ مِنْ النَّارِ فَإِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا غَيْرَ أَنَّ لَكُمْ رَحِمًا سَأَبُلُّهَا بِبَلَالِهَا ))

 بالعكس عليه الصلاة و السلام قال: لا أمثل بهم فيمثل الله بي و لو كنت نبيا..." هذا الحق، الله عز وجل لا يحابي أحدا، قال تعالى:

 

﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ (8)﴾

 

 

(سورة الزلزلة)

 وقال تعالى:

 

﴿وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (46) فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ (47 ﴾

 

 

(سورة الحاقة)

 إذًا يصرفك عن أن تحاسب نفسك، أن تغتر بالله عز وجل، و أن تغتر بالحياة الدنيا، فتراها كل شيء، و أن تغتر بعملك غير الصالح، لك أعمال صالحة مع ركام من الأعمال السيئة، تقول: الله عز وجل هذه بتلك، أي يعمل حسنة فيقول: هذه في مقابلها هناك عشر حسنات، السيئة الواحدة على طول ميزان راجح، هذه كلها حسابات غير صحيحة، الآن إذا أردنا أن نحاسب أنفسنا ما المقياس، نريد أن نقيس هذا القماش هناك متر، نريد أن نقيس الحرارة هناك ميزان الحرارة، نريد أن نزن الذهب هناك ميزان ذهب، فالآن ما المقياس في محاسبة أنفسنا، العلماء قالوا: ثلاث مقاييس، أولا: العلم، يجب أن تعلم أن الطريق إلى الله طريق وحيدة، ذات اتجاه واحد، و طريق السير فيها إجباري، إنه العلم، طريق آخر غير العلم مستحيل، لماذا ؟ بالجهل تعصي، وبالجهل تغتر، و بالجهل تبالغ، بالجهل تقع في الموبقات، تترك الصالحات و أنت لا تدري، فيجب أن تعلم أن صلاح العمل بصلاح العلم، لا يصلح عملك إلا إذا صلح علمك، فأيُّ خلل في العلم يقابله خلل في السلوك، أي خلل في العقيد يقابله خلل في السلوك، الآية الكريمة التي قلتها يوم الجمعة:

 

﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾

 

 

(سورة الكهف)

 قال: لماذا ضل سعيهم ؟ لأنه ضل اعتقادهم، صح اعتقادك صح عملك، ساء اعتقادك، ساء عملك، إذًا مادام العلم هو مركز الثقل فالتعلم هو الموجب لهذا العمل الصالح، العلم له مراتب كثيرة، من مراتبه أن تعرف أن هذا أمر الله و هذا نهيه، وهذا حلا و هذا حرام، و هذا واجب وهذا منكر، وهذا مستحب وهذا مندوب، وهذا فرض وهذا سنة، هذا العلم، كل شيء تفعله في الدنيا لا بد أن ينطبق عليه حكم لشرع،فإذا عرفت الأحكام الشرعية فهذه مرحلة لا بد منها، و لكن المشكلة، أن أناسا كثيرين يقفون عند الأحكام الشرعية، ولا يتجاوزونها إلى التطبيق، لذلك بعض العارفين بالله يقول: الدعاة إلى الله ثلاثة ؛ عالم بالشريعة، و عالم بالطريقة، و عالم بالحقيقة، عالم الشريعة يعرف أحكام الله عز وجل، إذا بلّغها للناس انتهت مهمته، أما عالم الطريقة هو عالم يعرف كيف تقع هذه الأحكام على النحو الذي يرضي الله عز وجل، عالم الشريعة يقول لك: قم صلِّ، توضّأ و استقبل القبلة، وقف واقرأ الفاتحة وسورة، أو ثلاث آيات و اركع مطمئنا و اسجد، إلى آخره، هذا عالم الشريعة، عالم الشريعة يقول لك: صم، و دع الطعام و الشراب و سائر المفطرات من طلوع الفجر الصادق إلى غياب الشمس بنية، عالم الشريعة يقول لك: الحج أعمال مخصوصة في أماكن مخصوصة في أزمان مخصوصة، لكن عالم الطريقة يجب أن يعرِّفك كيف تصلي، كيف تتصل بالله، يقول لك: إن لم تستقم لم تصلِّ، إن لك تحرر دخلك لم تصلِّ، إن لم تغض بصرك عن محارم الله لم تصلِّ، إن لم تضبط لسانك لم تصلِّ، عالم الطريقة يبيِّن لك كيف تستطيع أن تصلي، أن تتصل بالله، وكيف يصح صيامك و كيف يصح حجك، وكيف تُقبل زكاتك، فلذلك العلم علم بالحكم و علم بالحكمة، و علم بالله عز وجل، فالعلم هو الطريق إلى محاسبة النفس، أنت تعرف هذه الطريقة في البيع حرام، وهذه حلال، هذه الكلمة نميمة، وهذه غيبة، هذه النظرة محاسب عليها، هذه الشهادة لست متأكدًا منها، هذه شهادة زور، هذا الدفاع عن إنسان تحبه بالباطل، تحاسب عليه، هذه القطيعة منهي عنها، هذه العلاقة الحميمة مع إنسان غير مؤمن منهي عنها، فكلما ازداد علمك ازدادت أحكامك، إذًا العلم، إذًا ثلاث أشياء ؛ العلم أولا، و العلم ثانيا، و العلم ثالثا، أي شيء واحد، لذلك

 

((عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَوَاضِعُ الْعِلْمِ عِنْدَ غَيْرِ أَهْلِهِ كَمُقَلِّدِ الْخَنَازِيرِ الْجَوْهَرَ وَاللُّؤْلُؤَ وَالذَّهَبَ ))

 

(رواه ابن ماجة)

 لذلك:

 

﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾

 

 

(سورة فاطر)

 أي العلماء وحدهم و ليس أحد سواهم هم الذين يخشون الله عز وجل، لذلك حضور مجلس علم، و فهم كتاب الله و فهم السنة حتم واجب على كل مسلم، القضية ليست إمضاء وقت، و ليست تزكية وقت، وليست " واللهِ الدرس ممتع" و ليست " أنا اليوم متفرغ ليس عندي شيء، أذهب لأحضر درسًا " لا الأمر أخطر بكثير، الأمر

(( دينك دينك، إنه لحمك و دمك، ابن عمر دينك دينك.......))

 قال: من موجبات المحاسبة فضلا عن العلم بفروعه الثلاثة، عن العلم بالأمر، وعن العلم بالطريقة، و عن العلم بالحقيقة، سوء الظن بالنفس، فكل إنسان راضٍ عن نفسه، هذا لا يحاسب نفسه، وأن ترضى عن نفسك مرض خطير، "ماذا نفعل ؟ أنت هذه سهرة مختلطة، ما أكلنا أحدا، النظر و سبّح الله على الجمال، ماذا فعلنا، فيكون مع الإنسان حينما يرضى عن نفسه يكف عن محاسبتها، فرضاؤك عن نفسك أحد أمراض النفس، لذلك قال تابعي جليل:

((التقيت بأربعين صحابيا، ما منهم واحد إلا و يظن أنه منافق ))

 ما كان يرضى عن نفسه، أصحاب النبي ما كانوا يرضون عن أنفسهم، ليت أم عمر لم تلد عمر، ليتها كانت عقيما، أرجو الله أن أقدم عليه لا لي و لا عليّ" كلام سيدنا عمر، فكلما أسأت الظن بنفسك كلما ارتقيت عند الله عز وجل، و كلما أحسنت الظن بها حبطت مرتبتك.
 الحقيقة متى تصغر نفسك ؟ إذا عرفت ربك، كلما عرفت الله عز وجل، و عرفت جلاله و عظمته صغرت نفسك أمامه، واستصغرتَ عملك، و استصغرت استقامتك وأعمالك الصالحة، و كلما غفلتَ عن الله عز وجل تضخمت نفسك، و رأيت لك أعمالا جليلة.
العلماء قالوا: لا يسيء الظن بنفسه إلا من عرفها، و مكن أحسن ظنه بنفسه فهو من أجهل الناس بنفسه، والحقيقة هذه قاعدة، لو التقيت مع أشخاص في غفلة شديدة يحدثك عن نفسه، أنا صاحب مبدأ، أنا كذا، وأنا كذا، حينما يرضى عن نفسه وهو يجهلها، لو أن الله عز وجل كرم الإنسان وجعله المخلوق الأول و سخر له ما في السماوات و الأرض من أجل أن يفعل شيئا يلقى اللهَ به، لذلك الشيء الثالث يجب أن تميز النعمة من الفتنة، هذه نقطة مهمة جدا، إنسان في بحبوحة، الله يحبني، من قال لك ذلك ؟

 

﴿إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ ﴾

 

 

(سورة القصص)

 وسيدنا ابن عوف كان من أغنى الصحابة، إذًا مادام الغنى يكون لشر العباد و لخير العباد إذًا ليس مقياسا، فنحن الآن أمام مشكلة إذا قدرت أن تفرق بين الفتنة و النعمة، إذا قدرت أن تفرق بدقة بالغة بين الفتنة و بين النعمة، طيب الدليل هناك آية قرآنية توضح هذه الحقيقة،

 

﴿ فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (15) وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (16)﴾

 

 

(سورة الفجر)

 الله قال كلمة:

 

﴿كَلَّا﴾

 

(سورة الفجر)

 كلا أداة نفي وردع، ليس هذا صحيحا، هذه مقولتكم، ليس عطائي إكراما، وليس منعي حرمانا، بل عطائي ابتلاء، و حرماني دواء، طيب ما المقياس ؟ كيف أفرق بين النعمة الفتنة ؟ نأخذ المال فرضا، في المثالب، في الصحة، في الجمال، في الذكاء، في القوة، قد تكون من أصحاب الأموال، و قد تكون من أصحاب السلطان، و قد تكون من أصحاب البيان، ومن أصحاب اللسان، و قد تكون وسيما، و قد تكون قويا، و قد يكون لك مركز قوي، هذه نعم أم فتن ؟ هل عندنا مقياس ؟ هناك مقياس، هذه الحظوظ إذا استخدمتها في طاعة الله و قربتك غلى الله فهي نعم كبيرة، أما إذا أبعدتك عن الله عز وجل فهي نقم و ليست نِعمًا، واحد الله عز وجل آتاه المال فأنفقه في طاعة الله، نعمة، المال من نعم الله الكبرى، أما إذا أنفقه في البُعد عن الله فهو من نِقم الله الكبرى، القوة إذا بذلتها من أجل الضعيف فهي من نعم الله الكبرى، فإذا بذلتها من أجل الحواشي و المقربين فهي من نقم الله الكبرى، وهكذا الذكاء المال و الجمال والنعمة و القوة و الصحة، هذه حد فاصل بين النعمة و بين النقمة، بين النعمة و بين الفتنة، أحيانا هنا تفريق آخر بين المنة و الحجة، أي القوة أحيانا تكون منذرة من الله إذا وظفها في طاعة الله، و إلاّ حجة عليه، المال منة و إلا حجة عليك، وهكذا، إذًا أول شيء يجب أن نتعلم حتى نمتلك المقياس في المحاسبة، الشيء الثاني يجب أن نسيء الظن بأنفسنا حتى نستطيع أن نحاسب أنفسنا، و الشيء الثالث يجب أن نفرق دائما بين المنّة وبين الحجة، وبين النعمة و بين الفتنة، أما إذا دفعه هذا الحالُ إلى الله، و كشف له بعض الكشوفات فهذا أصبحت نعمة.
عندنا نقطة ثانية في محاسبة النفس، الحقيقة الإنسان لا بدّ له أن يجلس مع نفسه جلسات، لا بد من أن ينطلق هذا الفكر في محاسبة نفسه، لو استُهلك استهلاكا رخيصا، لو طُحن بين عجلات الحياة، لو استهلكته الحياة استهلاكا رخيصا أمضى حياته سدى، و الحقيقة لما يأتي خريف العمر تظهر عللٌ في جسمه و متاعب و يصبح على شفير القبر، يندم و لا ساعة مندم.
عندنا ملاحظة و لها علاقة بمحاسبة النفس، أن الله سبحانه و تعالى يقول:

 

﴿ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ (198) ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (199) ﴾

 

 

(سورة البقرة)

 أشرف مكان هو عرفات، وأشرف زمان يوم عرفة، وكان هذا الإنسان في حج عظيم، لماذا يجب عليه أن يستغفر الله عز وجل ؟ هذه بالحج، طيب في الصلاة، أُثِر عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه بعد الصلاة يقول: أستغفر الله، ثلاثا، أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه، لماذا الاستغفار بعد الصلاة؟، و لماذا الاستغفار بعد الحج ؟ و لماذا الاستغفار عقب الطاعات ؟ هكذا سنّ النبي، و هكذا قال الله عز وجل، و هكذا سن النبي، هناك آية تقول:

 

﴿وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ (17) ﴾

 

 

(سورة آل عمران)

 صلى قيام الليل حتى جاء السحر، وصلى السحر، و بعدها جلس يستغفر، ماذا فعل حتى يستغفر ؟ قال: كلما رأيت الطاعة عظيمة قل شأنك عند الله، فإذا استقليت الطاعة في جنب الله و استغفرت الله عما فيها من خلل، عما بدر منك فيها من خلل، فأنت في المستوى المطلوب، فلذلك مما يدعوك إلى محاسبة النفس أنه حتى إذا فعلت الطاعات، وحتى إذا أقمت العبادات، وحتى إذا بذلت الخيرات لا بد من أنم تستغفر الله لعلك تنوي بها المباهاة بين الناس، لعلك تنوي بها أن يمتدح الناس سيرتك، لعلك ترجو غير الله، كنت أقول لكم دائما هذا الدعاء ؛ أربعة أدعية أدعوها و أشعر أننا جميعا بحاجة إليها، وجدتها في مقدمة كتاب، الأول: اللهم إني أعوذ بك أن أقول قولا فيه رضاك، ألتمس به أحدا سواك " ممكن تكلم كلاما أحلى من العسل، يُكتب بماء الذهب، و مع ذلك تبتغي به غير الله، ليمتدحك الناس، كي تصرف وجوه الناس إليك، و الدعاء الثاني: " اللهم إني أعوذ بك أن أتزيّن للناس بشيء يشينني عندك " و الدعاء الثالث: " اللهم إني أعوذ بك أن أكون عبرة لأحد من خلقك " أحيانا الإنسان يزور آثارا يرى، الله عز وجل قال: فجعلناهم أحاديث.." كان لهم شأن و عظم و صولة و دولة فصاروا أحاديث، الأهرامات مثلا، آثار الرومان، آثار شامخة الله عز وجل قال:

 

﴿فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ﴾

 

 

(سورة سبأ)

 فإذا الإنسان عصى الله عز وجل والله أدّبه انتهت حياته و صار قصة، هو نفسه صار قصة تُروى للموعظة، واللهِ هذه من المصائب أن تكون قصة سيئة للعبرة، فاللهم إني أعوذ بك أن أكون عبرة لأحد من خلقك " و آخر دعاء: " اللهم إني أعوذ بك أن يكون أحد أسعدَ بما علّمتني مني " واللهِ أكبر مصيبة، تتعلم آية و تشرحها للناس و يتأثر الناس بها ويطبِّقونها، يسعدون و أنت لستَ مطبقا لها، المشكلة كبيرة جدا، فإذا أردت أن تكون أسعد الناس احرص على أن تسبق الناس في الطاعة.
محور الدرس الأحكام الشرعية وحدها لا قيمة لها ما لم تطبَّق، بل إن من تعاريف الحقيقة تطبيق حكم الشريعة، الشريعة إذا بقيت في حيز الفكر، و قرأناها في الكتب، درسناها، ودرَّسناها، شريعة، أما إذا طبّقناها و قطفنا ثمارها أصبحت حقيقة.
ورد في الصحيح عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ

(( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا انْصَرَفَ مِنْ صَلَاتِهِ اسْتَغْفَرَ ثَلَاثًا وَقَالَ اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ تَبَارَكْتَ ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ))

(رواه مسلم)

 وأنت تصلي، لعلك أتاك خاطرٌ، لعل صار في غفلة، أو صار في سهو، فالاستغفار يرمِّم و يُشعِر بالتقصير، أما الذي يدل بعبادته و يختال بها و يفتخر بها فعبادته تحتاج إلى توبة، هناك توبة تحتاج إلى توبة، وهناك إخلاص يحتاج إلى إخلاص، لما عبَّرت عن إخلاصك لله فهذا الإخلاص يحتاج إلى إخلاص، وهناك توبة تحتاج إلى أن تتوب منها.
بعض العارفين قال: متى رضيت نفسك وعملك فاعلم أن الله غير راض عنك - قاعدة- ومن عرف نفسه مأوى كل عيب و شر، و عمله عرضة كل آفة و نقص رضي الله عنه " معناه هناك تقدم سريع، وهناك محاسبة سريعة.
الآن نختم هذا البحث بآخر موضوع في موضوع المحاسبة، هو الحقيقة يقولها الخطباء " حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسبوا، والدليل القرآني عليها:

 

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ﴾

 

 

(سورة الحشر)

 هذه المحاسبة، انظر إلى رأس مالك، والمطالب و الموجودات، حسابا، ديون، سندات، المقبوضات، البضاعة، الجرد، هذه المحاسبة.
قال: من لوازم المحاسبة أن تربأ بنفسك عن تعيير المقصِّرين، النبي عليه الصلاة و السلام يقول

 

((" الذنب شؤم على غير صاحبه...........))

 لك أخ فعل ذنب، فأنت عندك ثلاث منزلقات خطيرة ؛ إن ذكرت هذا الذنب للناس من دون حاجة فقد اغتبته، وإن عيّرته بذنبه ابتُليت به، وإن رضيت به شاركته في الإثم، فكي فاعل الذنب ؟ بربكم إذا كان الذي لم يفهم معرَّض لثلاث مزالق ؛ إن ذكر هذا الذنب من دون حاجة فقد اغتابه،وإن رضي به فقد شاركه في الإثم، وإن عيّره ابتلي به، لذلك من لوازم المحاسبة، طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس،

((َنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ ))

(رواه الترمذي)

 أن تربأ بنفسك عن تعيير المقصِّرين، فلعل تعيير ك لأخيك من ذنبه أعظم إثما من ذنبه، دققوا ؛ لعل تعيير ك لأخيك من ذنبه أعظم إثما من ذنبه، لذلك مرض الدعوة و الكبر و العجب هذا مرض خطير، لو لم تذنبوا لخفت عليكم ما هو أكبر، أي ما هو أكبر من الذنب، ألا وهو العجب العجب "
قال بعض العارفين: " فما أقرب العاصي من رحمة الله، وما أقرب المدِلَّ من مقت الله " المدل الذي يتباهى بطاعته، و يعتدّ بها و يتيه بها على خلق الله، لعل العاصي أقرب إلى الله عز وجل من هذا المدل بكاعته، لذلك الإمام ابن عطاء الله السكندري يقول: رُبَّ معصية أورثت ذلا و انكسارا خير من طاعة أورثت عزا و استكبارا "
قال: ذنب تذل به لديه أحب إليه من طاعة تدل بها " صليت قيام الليل، تشرفنا يا سيدي، أفضل من طاعة تدل بها، " لأن نائما و تصبح نادما خير من أن تبيت قائما و تصبح معجبا " حاسب نفسك، فيها تيه، فيها كبر، فيها اعتداد بالنفس، إن المعجب بنفسه لا يصعد له عمل " " أنين المذنبين أحب إلى الله من زجل المسبحين المدلِّين " هذه كلها من رعونات النفس، كما قلت لكم مرة: رقصت الفضيلة تيها بنفسها فانكشفت عورتها، الفضيلة من لوازمها أن تسكت عنها، و أن تتواضع، لذلك النبي عليه الصلاة و السلام حينما ذهب سيدنا عمر إلى العمرة قال

(( عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ اسْتَأْذَنَهُ فِي الْعُمْرَةِ فَأَذِنَ لَهُ فَقَالَ يَا أَخِي لَا تَنْسَنَا مِنْ دُعَائِكَ وَقَالَ بَعْدُ فِي الْمَدِينَةِ يَا أَخِي أَشْرِكْنَا فِي دُعَائِكَ فَقَالَ عُمَرُ مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِهَا مَا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ لِقَوْلِهِ يَا أَخِي ))

(رواه أحمد)

 دخل عليه رجل، النبي من صفاته من رآه بديهة هابه، و من عامله أحبه، قال

((، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ فَكَلَّمَهُ فَجَعَلَ تُرْعَدُ فَرَائِصُهُ فَقَالَ لَهُ هَوِّنْ عَلَيْكَ فَإِنِّي لَسْتُ بِمَلِكٍ إِنَّمَا أَنَا ابْنُ امْرَأَةٍ تَأْكُلُ الْقَدِيدَ))

(رواه ابن ماجة)

(( ورد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا زَنَتْ الْأَمَةُ فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا فَلْيَجْلِدْهَا وَلَا يُثَرِّبْ ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَلْيَجْلِدْهَا وَلَا يُثَرِّبْ ثُمَّ إِنْ زَنَتْ الثَّالِثَةَ فَلْيَبِعْهَا وَلَوْ بِحَبْلٍ مِنْ شَعَرٍ))

(رواه البخاري)

 لا يعيِّرها، صارت هناك معصية، فليُقِم عليه الحد و ليسكت، هناك أدب، إنسان وقع في مشكلة، أنت عاقبه حسب القوانين، لا تعيره، فإذا عيّرته و قسوت عليه لعلك تبتلى به، هكذا النبي وجّهنا قال:

 

((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا زَنَتْ الْأَمَةُ فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا فَلْيَجْلِدْهَا وَلَا يُثَرِّبْ ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَلْيَجْلِدْهَا وَلَا يُثَرِّبْ ثُمَّ إِنْ زَنَتْ الثَّالِثَةَ فَلْيَبِعْهَا وَلَوْ بِحَبْلٍ مِنْ شَعَرٍ ))

 

(رواه البخاري)

 أي لا يعيِّر، هذا مأخوذ من قول الله عز وجل:

 

﴿ قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ﴾

 

 

(سورة يوسف)

 و كلكم يعلم أدب سيدنا يوسف مع إخوته لما قال:

 

﴿وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ ﴾

 

 

(سورة يوسف)

 و لم يقل: إذ أخرجني من البئر، لو قال: إذ أخرجني من البئر لذكّرهم بجريمتهم، وربنا عز وجل هكذا علّم النبي الكريم قال:

 

﴿وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً (74)﴾

 

 

(سورة الإسراء)

 تحت ألطاف الله عز وجل،

 

﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)﴾

 

 

(سورة الفاتحة)

 الآية الثانية لسيدنا يوسف:

 

﴿ قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ﴾

 

 

(سورة يوسف)

 انظر إلى التواضع، و النبي الكريم أكثر أيمانه " لا و مقلب القلوب " و قال في حديث آخر

((عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ الْكِلَابِيِّ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَا مِنْ قَلْبٍ إِلَّا وَهُوَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ رَبِّ الْعَالَمِينَ إِنْ شَاءَ أَنْ يُقِيمَهُ أَقَامَهُ وَإِنْ شَاءَ أَنْ يُزِيغَهُ أَزَاغَهُ وَكَانَ يَقُولُ يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قُلُوبَنَا عَلَى دِينِكَ وَالْمِيزَانُ بِيَدِ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ يَخْفِضُهُ وَيَرْفَعُهُ ))

(رواه أحمد)

 لكن توضيحا للموضوع:

 

﴿فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ﴾

 

 

(سورة الصف)

 أي عندنا زيغ اختياري يعقبه زيغ جزائي،

 

﴿فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ﴾

 

(سورة الصف)

 و يُحمل على هذا: أضلهم الله، هذا الضلال جزائي أساسه ضلال اختياري، والدعاء الثاني

(( عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ آمَنَّا بِكَ وَبِمَا جِئْتَ بِهِ فَهَلْ تَخَافُ عَلَيْنَا قَالَ نَعَمْ إِنَّ الْقُلُوبَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ يُقَلِّبُهَا كَيْفَ يَشَاءُ))

(رواه الترمذي)

 إذًا المحاسبة أن تعرف ما لك وما عليك، و المحاسبة تسبق التوبة و تعقب التوبة، تسبق التوبة لتحملك على التوبة، و تعقب التوبة لتحافظ عليها، و آية اليوم:

 

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ﴾

 

(سورة الحشر)

 أنا أتمنى أن يكون أول سؤال و أخطر سؤال و أكبر سؤال " ماذا أعددت من العمل كي ألقى الله به " ممكن مهنتك، حرفتك، صنعتك، وظيفتك، تجارتك، صناعتك إذا ابتغيت به وجه الله، كانت في الأصل مشروعة، و مارستها بطريقة مشروعة، و لم تشغلك عن طاعة و لا عن مجلس علم، و لا عن أمر بالمعروف ولا عن نهي عن منكر، ونويت أن تكفي نفسك و أهلك، و أن تتقرب إلى ربك، و نويت بها أن تنفع المسلمين فهذا مما يُعدّ لقاء الله عز وجل، برُّ الوالدين عمل تلقى الله به، أن تكون أبا مثاليا عمل تلقى الله به، أن تكوني أيتها الأخت أما مثالية عمل تلقين الله به، إذًا ممكن للإنسان أن يختار عملا يلقى الله به، هذه المحاسبة، و الأعمال الصالحة لا تُفتح صحيفة تسجيلها قبل أن تُغلق صحيفة المعاصي، أما هذا التخليط، شيء يعدِّل شيئا، لا، شيء يغطي شيئا،

((ركعتان من ورع خير من ألف ركعة من مخلط.........))

 و من لم يكن له ورع يصدُّه عن معصية الله إذا خلا لم يعبأ الله بشيء من عمله، أغلق سجل المعاصي كي يُفتح سجل الطاعات، ابنِ علة نظافة، أنت تريد أن تستقيم، لا بد لك من عمل صالح تلقى الله به، هذا أكبر هدف في حياتك، و الكلام له مسؤولية، وإذا أردت أن تسعد فأسعد الآخرين، وإذا أردت أن يرحمك الله عز وجل فارحم من دونك، وإذا أردت أن تدعو إلى الله فاسلك سبيل المتقين و التزم بما تقول، أكبر وصية لمن يدعو إلى الله عز وجل أن يحرص أن يكون في مستوى دعوته.

تحميل النص

إخفاء الصور