وضع داكن
29-03-2024
Logo
رياض الصالحين - الدرس : 044 -حديث كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته - درجات المسؤولية في الإسلام
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين, اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم, اللهم علمنا ما ينفعنا, وانفعنا بما علمتنا, وزدنا علماً, وأرنا الحق حقاً, وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً, وارزقنا اجتنابه, واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه, وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

 

تمهيد :


أيها الإخوة الكرام: 

(( عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْؤولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ ومَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، قَالَ: وَحَسِبْتُ أَنْ قَدْ قَالَ: وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ))

[ أخرجه البخاري ومسلم  ]

وأصح الأحاديث ما رواه الشيخان البخاري ومسلم.

أيها الإخوة؛ الله سبحانه وتعالى في سورة العصر حينما قال:

﴿ وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)﴾

[ سورة العصر ]

كلمة: (وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ) أن تؤمن بالله، وأن تعمل صالحاً لا يكفي، لأنك إن آمنت بالله وعملت صالحاً فالباطل ينمو، فإذا نما الباطل حاصر الإيمان، فلا بد أن ينمو الإيمان نمواً يكون معه قوياً. 

إذاً: التواصي بالحق ركن أساسي من أركان الدين: (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) لكن التواصي بالحق يحتاج إلى مؤهلات، من أبسط هذه المؤهلات: أن تكون أنت مثلاً أعلى، بمكانك أن تتحرك وأنت ثابت.

إذا كنت مثلاً أعلى الناس ينظرون, يراقبون, يلاحظون, يتأملون، فمن أوسع أنواع التواصي بالحق: أن تطبق الإسلام، أن تقيمه في بيتك، وأن تقيمه في عملك.

 

ما علاقة الحديث بالآية؟.


أما علاقة هذا الحديث بالآية الكريمة: فهو أن الإنسان يُسأل عما استرعاه الله بالدرجة الأولى، أنت مسؤول عن هؤلاء الذين استرعاك الله عليهم، أنت مسؤول عن هؤلاء الذين ولاك الله عليهم، أنت مسؤول عن زوجتك, وعن بناتك, وعن أولادك, الذين جعلهم الله تحت إمرتك، وجعلك قيماً عليهم، فحتى يتحرك الإنسان حركة صحيحة ضمن الأصول, عليه أن يعتني بمن أوكلهم الله إليه.

فالحديث يقول: ((كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ)) يمكن أن نستخدم مثلا لتوضيح الفكرة:

الإنسان كلما ارتفع في الجو, اتسعت دائرة رؤيته، بل إن رواد الفضاء الذين تخطوا جاذبية الأرض، وساروا باتجاه القمر, رأوا الأرض كلها بقاراتها وببحارها.

أنت إذا وقفت في الشارع, لا ترى إلا بضع بنايات، أما إذا صعدت إلى جبل قاسيون ترى دمشق بأكملها، أما إذا ركبت الطائرة، وارتفعت أربعين ألف قدم, ترى ما مسافته مئتا كيلو متر تقريباً، فكلما ارتفعت في الجو كلما اتسعت رقعة رؤيتك، هذا المثل ينطبق تماماً: على أن الإنسان كلما أعطي ميزة اتسعت دائرة مسؤوليته.

 

درجات المسؤولية في الإسلام.


معلم في صف محاسب عن طلاب هذا الصف، ثلاثين طالبًا، لكن مدير المدرسة محاسب عن سبعمئة طالب، فكلما كانت ولاية الإنسان أوسع، وأوكل الله سبحانه وتعالى إليه أناسًا أكثر, كانت مسؤوليته أوسع، فحتى يتحرك الإنسان حركة صحيحة، وحتى لا يهمل ما أوكله الله بهم, ويتحرك حركة غير صحيحة.

النبي عليه الصلاة والسلام يقول: ((كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْؤولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ ومَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، قَالَ: وَحَسِبْتُ أَنْ قَدْ قَالَ: وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ)) هذا الحديث أصل في تحمل المسؤولية التي سوف يحاسب عنها الإنسان يوم القيامة. 

1- مسؤولية الأب تجاه أبنائه :

كنت أقول هذه الكلمة: زيد من الناس أنت له وغيرك له، لكن ابنك الذي هو في بيتك من له غيرك؟ من غيرك يربيه؟ من غيرك يدله على الله؟ من غيرك يعنى بصحته؟ من غيرك يعنى بدراسته؟ من غيرك يعنى بأخلاقه؟ من غيرك يعنى بمستقبله؟ من غيرك يعنى بتزويجه؟.

فأنت مسؤول عن هذا الذي أوكله الله إليك، وجعلك قيماً عليه، جعلك أباً له، أو زوجاً لهذه المرأة، أو أخاً كبيراً لهؤلاء الإخوة وهكذا.

بالمناسبة: لكن هذه المسؤولية يفهمها بعض الناس على أنها مسؤولية مادية، فالأب يتوهم أنه بمجرد أن يجلب لأولاده طعاماً وشراباً، وأن يؤمن لهم كساء في الشتاء ووقوداً, وما يحتاجون من حاجات مادية، فقد أدى الذي عليه.

والحقيقة: أن المهمة الأكبر والأخطر، والتي سوف يكون السؤال عنها أشد هي: مسؤولية الأب عن دين أولاده, وعن أخلاقهم, وعن مستقبلهم الأخروي، لأنه ورد في الأثر: أن الابن إذا لم يعتن أبوه بدينه واستوجب النار، يقول: يا رب لا أدخل النار حتى أُدخِل أبي قبلي.

فالآباء الذين يعتنون بأبنائهم من حيث: طعامهم, وشرابهم, وكسائهم, وحاجاتهم المادية، ولا يلقون بالاً لدينهم, وأخلاقهم, وصلاتهم, ومستقبلهم الأخروي, ومصيرهم إلى الجنة أو إلى النار، هؤلاء الآباء قدموا شيئاً زائلاً, ينتهي بانتهاء الحياة، فالنبي عليه الصلاة والسلام حينما يقول: 

2- كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ...

الرعاية لا تتجزأ، الرعاية وحدة متكاملة، كما أنك ترعى صحته, عليك أن ترعى دينه، كما أنك ترعى حاجاته المادية, عليك أن ترعى حاجاته الروحية، كما أنك ترعى في ابنك ارتباطه في البيت, يجب أن ترعى ارتباطه بالله عز وجل.

حقيقة أذكرها لكم مستنبطة من آية كريمة، ولها علاقة وطيدة بهذا الموضوع، لا تقتضي الرعاية العنف ولا القسوة.

عن أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: علموا ولا تعنفوا، فإن المعلم خير من المعنف

أخرجه الحارث في مسنده

النبي عليه الصلاة والسلام يقول: ((علموا ولا تعنفوا، فإن المعلم خير من المعنف)) لأن المعلم خير من المعنّف، وأحاديث كثيرة تتحدث عن الرفق.

(( عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ الرِّفْقَ لا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلا زَانَهُ، وَلا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلا شَانَهُ ))

[ أخرجه مسلم وأبو داود ]

والله عز وجل رفيق يحب الرفق في الأمر كله، فكلما نما الإيمان في قلب الإنسان ازداد رفقاً بمن حوله، ازداد لطفاً بمن حوله، أحياناً يقرأ الإنسان الآية, ولا ينتبه إلى خطورة معانيها، حينما قال الله عز وجل:

﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159)﴾

[ سورة آل عمران ]

يخاطب الله من؟ يخاطب النبي عليه الصلاة والسلام، من النبي عليه الصلاة والسلام؟ نبي هذه الأمة، رسول هذه الأمة، سيد الأنبياء، سيد المرسلين، المعصوم الموحى إليه, هو الذي يقع في قمة البشر، إذا كان البشر هرماً فهو في القمة، ومع كل هذه الميزات والخصائص، ومع كل هذا النبي نفسه, سيد الأنبياء, سيد المرسلين, الموحى إليه, صانع المعجزات, المعصوم, سيد ولد آدم، الذي أسري به, وعرج به إلى السماء، هو نفسه لو كان فظاً غليظ القلب, لانفض الناس من حوله.

فإذا كنت مؤمناً ليست لك هذه الميزات، ولا تلك الخصائص، ولا هذا التفوق، مؤمن عادي، فإذا كنت فظاً غليظ القلب, فأن ينفض الناس من حولك من باب أولى، إذاً: 

أنت لا تستطيع أن تصل إلى قلوب الناس إلا بالكمال.

وكنت أقول لكم سابقاً: الأقوياء يملكون القوالب، لكن الأنبياء ملكوا القلوب، وشتان بين أن تملك قالباً وبين أن تملك قلباً، الأنبياء ملكوا القلوب، لكن الأقوياء ملكوا القوالب، فمن أجل أن تكون مسؤولاً عن رعيتك التي هي أسرتك, ينبغي أن تكون محسناً، ينبغي أن تكون كاملاً، ينبغي أن تكون رحيماً، ينبغي أن تكون منصفاً، أن تكون مضحياً، أن تؤثر مصالح من حولك على مصلحتك.

أيها الإخوة؛ أجد نفسي مدفوعاً إلى توضيح حقائق, نحن في أمس الحاجة إليها: الإنسان ينبغي أن يعرف حده، وينبغي أن يقف عنده، فهذه الأسرة التي جعلني الله سيدها أو رأسها أو قيمها أو رجلها، هي الأسرة التي أوكلني الله إياها، وسوف يسألني عنها، فإذا اعتنى الرجل بأسرته، والمجتمع مجموعة أسر، إذا اعتنى كل إنسان بأولاده، بأخلاقهم، ودينهم، وصلواتهم، ومستقبلهم، وعلمهم، وصحتهم، وحركاتهم، وسكناتهم، وإذا اعتنى كل أب ببناته، بصلاتهن، واستقامتهن، وبحشمتهن، بتربيتهن، فإذا اعتنى الأب ببناته وأولاده, وساعدته الأم على ذلك, صلحت هذه الأسرة، فإذا صلحت كل الأسر جنباً إلى جنب، صلح المجتمع، فهذا الذي يدعو إليه النبي عليه الصلاة والسلام، لا حاجة لأن يكون للإنسان طموحات عريضة جداً, واسعة جداً، تكفيه أسرته إذا اعتنى بها.

وكنت أقول لكم دائماً: 

إن الأبوّة الكاملة يمكن أن تكون سبباً كافياً لدخول الجنة.

إن الأمومة الكاملة يكفي أن تكون سبباً كافياً لدخول الجنة.

وإن البنوّة الكاملة يكفي أن تكون سبباً كافياً لدخول الجنة.

والأحاديث على هذا كثيرة جداً.

(( عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَأْذِنُهُ فِي الْجِهَادِ, فَقَالَ: أَلَكَ وَالِدَانِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ ))

[ أخرجه البخاري ومسلم ]

وفي حديث آخر: 

(( عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَجُلا مِنَ الْيَمَنِ هاجر إلى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: هَلْ لَكَ أَحَدٌ بِالْيَمَنِ؟ قَالَ: أَبَوَايَ، قَالَ: أَذِنَا لَكَ, قَالَ: لا، قَالَ: فارْجِعْ إِلَيْهِمَا فَاسْتَأْذِنْهُمَا، فَإِنْ أَذِنَا لَكَ فَجَاهِدْ، وَإِلا فَبِرَّهُمَ ))

[ أخرجه أبو داود في سننه ]

والإنسان أيها الإخوة؛ إن لم يكن ذا خير عميم لأقرب الناس إليه, فلن يكون خيره لأبعد الناس، لأن في الحديث: 

(( عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ, وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي، وَإِذَا مَاتَ صَاحِبُكُمْ فَدَعُوهُ ))

[ أخرجه الترمذي في سننه ]

وهناك مثل كنت أستخدمه كثيراً: إن فحص قيادة السيارة, يفحص الطالب في أصعب أعمال في القيادة، يفحص بأن يعود بالمركبة القهقرى، في طريق ملتو، وإشارات خفيفة، حيث لو تجاوز واحدة, وقع فكشف أمره، لماذا إذا أتقن العودة بالمركبة القهقرى بطريق ملتو, ضيق, محصور بعلامات خفيفة، ونجح في هذا؟ هنا فقط أصبح كل شيء سهلا عليه.

والنبي عليه الصلاة والسلام جعل مقياس فضل الإنسان لا انضباطه الخارجي، ولكن انضباطه في بيته، جعل المقياس للانضباط الداخلي، لأن داخل البيت لا يوجد رقابة، ولا يخشى الإنسان على سمعته, وهو في بيته، ولا يخشى وهو في بيته, أن يتحدث الناس عنه بما لا يرضى، وهو في البيت عليه أن يكون كاملاً, حتى يتحقق هذا الحديث الشريف: ((كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ))

بالمناسبة: لا تعتقد أبداً أنه يمكن أن تعفى من مسؤوليتك تجاه أولادك وزوجتك أمام الله عز وجل.

لو قلت: إن المجتمع فاسد.

لو قلت: هناك بلوى عامة.

لو قلت: المجتمع أصبح في فساد عريض.

هذا الكلام لا يعفيك من المسؤولية. 

لو قلت: المدارس لا يوجد فيها توجيه صحيح مثلاً، يوجد فساد عام، هذه الكلمات كلها لا تعفيك, من أن الله سبحانه وتعالى سيسألك عن أولادك يوم القيامة، وإن كان تربية الأولاد في زمن الفساد أصعب منه في زمن الصلاح ، هذا شيء ثابت، لكن الأجر على قدر المشقة.

 

أردت من هذا الحديث:


أننا عندما نقيم الإسلام في بيوتنا، ولدينا دائرة أخرى, أذكرها لكم دائماً: أعمالنا إذا أقمنا أمر الله عز وجل في بيوتنا, وفي أعمالنا، هنا تنتهي مسؤوليتنا، هذا الذي في قدرتنا, هذا الذي أوكله الله إلينا، هذا الذي سيحاسبنا الله عنه، هذا الذي نحن قادرون على أن نصلحه، عندئذٍ ننتظر من الله عز وجل العلي القدير, أن يغير هو الشيء الذي لا نستطيعه، لو أن السماء شحت في الأمطار، هل نستطيع إنزال الأمطار؟ لا, هذه فوق طاقتنا، فالحركة منطقية جداً, قال تعالى:

﴿ لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ (11)﴾

[ سورة الرعد ]

إذاً: ((كُلُّكُمْ رَاعٍ)) هل يوجد إنسان ممكن ألاّ يكون مسؤولا إلا بحالات نادرة؟ إذا أخذ ما أوهب أسقط ما أوجب، إذا سلب من إنسان عقله سقطت عنه المسؤولية، أما إذا أُودِع في الإنسان عقلٌ، لو كان الابن أمينًا على مال أبيه، هناك أولاد يتلفون أموال آبائهم.

أبسط مثل: حينما تستهلك الكهرباء استهلاكا غير منطقي, فالابن لا يشعر بالمسؤولية ، لا يشعر أن هذه طاقة, يجب أن يستهلكها استهلاكاً مع حكمة، فإذا أسرف في استهلاك هذه الطاقة، وجعل أباه يدفع مبلغًا فوق طاقته, فقد خان الأمانة، هذا الطفل الذي في البيت، فالابن مسؤول, والزوجة مسؤولة: ((أيما امرأة قعدت على بيت أولادها, فهي معي في الجنة)) لا يجب على الإنسان أن يهمل ما أوكله الله به، ويتطلع إلى آفاق هو معفى منها، المرأة أوكلها الله ببيت زوجها وبأولادها، وبتأمين حاجاتهم وطعامهم وشرابهم، وتهيئة البيت المريح لهم، وتهيئة الحاجات النظيفة لهم.

الله سبحانه وتعالى أوكل هذا إلى المرأة، فإذا قصّرت في واجبها, وتطلعت إلى عمل آخر، هذا يوقعها في التناقض، لأن درءَ المفاسد مقدم على جلب المنافع.

هذه الأفكار وإن بدت بسيطة, هي خطيرة جداً، لأن الإنسان إذا سعد في بيته أنتج في عمله، حينما تهيئ الزوجة لزوجها جواً مريحاً، وعلاقات طيبة، وحاجات موفورة, وبيتاً منظماً, هذا يدعو الزوج إلى أن يضاعف إنتاجه خارج البيت، وهذا الذي يقولونه دائماً: إن كل إنسان ناجح وراءه زوجة مخلصة، هذا كلام جزء منه صحيح، إلى حد ما مقبول. 

3- وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ, وَهُوَ مَسؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ...

طبعاً: كلمة الأهل هنا لا تعني الزوجة فقط، تعني الوالدين إذا كانا عند الابن، وربنا عز وجل قال:

﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً (23)﴾

[ سورة الإسراء ]

يكون الابن في أحد أطوار حياته عند أبيه مكاناً وإشرافاً وإنفاقاً، لكن في طور آخر: يكون الأب عند ابنه مكاناً وإشرافاً وإنفاقاً، فإذا أصبح الأب عندك، وأنت عنه مسؤول، فهذا من أهلك وحاسب عنه.

فالوالدان, والأولاد, والزوجة، أولاً ينبغي أن ينفق عليهم، وما من مرض أشد في إفساد ذات البين من الشح, وربنا عز وجل قال:

﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْراً لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (16)﴾

[ سورة  التغابن ]

فأولاً: ينبغي أن تنفق عليهم.

وثانياً: ينبغي أن تعلمهم أمر الدين.

أن تنفق عليهم حتى يشعروا بالامتنان, لأن الله سبحانه وتعالى في بعض الأحاديث القدسية يقول: ((يا داود ذكر عبادي بإحساني إليهم, فإن النفوس جُبِلت على حب من أحسن إليها، وبغض من أساء إليها)) فالابن إذا رأى أن أباه يغدق عليه من الحاجات التي هي في أمس الحاجة إليها, يميل قلبه، عندئذٍ يأتي تعليم الدين. 

إذاً: الإنفاق عليهم, وتعليمهم أمر دينهم, وترغيبهم في الخير.

هناك آباء يدرب أولاده في سن مبكر على الإنفاق على معاونة الضعيف, على إكرام اليتيم, على الإحسان, على التصدق, على بر الوالدين, على صلة الأرحام، فكلما كان الأب أكثر قرباً من الله عز وجل.

هناك آباء تجار يصطحبون معهم أولادهم في سفر التجارة، يقول لك: حتى أعلمه السفر، ونزول الفنادق، واللقاء مع مدير شركات، فإذا كان طموح الأب, أن يكون ابنه تاجراً كبيراً منذ نعومة أظفاره, يعلمه على بعض أساليب التجارة, وبعض خبراتها، أما الأب المؤمن, فعليه أن يعلم ابنه منذ نعومة أظفاره, على حفظ كتاب الله، وعلى التأدب بآداب الإسلام، وعلى حب النبي عليه الصلاة والسلام، وعلى طلب العلم، وعلى الأنس بأهل الله عز وجل, وعليه أن يحذرهم, أحياناً يسلك الآباء سلوك المنع.

أنا أرى أن التحصين الداخلي للابن أنجع من المنع الخارجي، الكبت ربما انتهى إلى انفجار، المنع الخارجي ربما أغرى الابن بالانحراف، أما إذا حصنته من الداخل بالعلم, بالإقناع, بالتعليم, بأن يعيش في بيئة راقية, هذا أرقى بكثير من أن تكون قامعاً له، القمع قد يؤدي إلى انحراف خطير، لكن التحصين الداخلي بالعلم, هذا يؤدي إلى تحصين خارجي.

لذلك سيدنا علي يقول: العلم خير من المال, لأن العلم يحرسك، وأنت تحرس المال، والمال تنقصه النفقة, والعلم يزكو على الإنفاق.

الحقيقة الآن: في الظروف الصعبة، ظروف المعيشة, وشراء البيوت وتأسيسها، قضايا الزواج, الآباء مسؤولون أمام الله عز وجل, عن تزويج أبنائهم, كل بقدر استطاعته, قال تعالى:

﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286)﴾

[ سورة البقرة ]

لكن الآباء الأبطال الذين يقلقون لضياع أبنائهم، ولمصيرهم السري, فهم يحرصون على تأمين زواجهم, وتأمين استقرارهم، هذا من الأعمال الطيبة, والراقية جداً.

والشباب الآن: في أمسِّ الحاجة إلى آباء, يجعلون نصب أعينهم, تزويج أولادهم, وتأمينهم، والآية الكريمة:

﴿ وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (32)﴾

[ سورة النور ]

الأيامى جمع أيم، ومعنى الأيم: الذي لا زوجة له, ذكراً كان أو أنثى.

فمعنى أنكحوا الأيامى: زوجوا الفتيات، وزوجوا الشباب، الفتاة والشاب بحاجة إلى الزواج، الشاب بحاجة إلى زواج بتيسير وسائل الزواج؛ المسكن ولو كان متواضعًا, ولو كان بمكان بعيدًا، ولو كان غرفة واحدة, تيسير المسكن, وتيسير الحاجات الأساسية، وتزويج الفتاة يكون بالتساهل مع الخاطب المؤمن, قال تعالى:

﴿ قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (27)﴾

[ سورة القصص ]

فالآباء إذا لم يشقوا على خاطبي فتياتهم، والأبناء إذا توافرت لهم سبل الزواج، نكون قد طبقنا هذه الآية: (وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ) من حقوق الأهل على الأب: أن يطعمهم مما يأكل، وأن يلبسهم مما يلبس، وأن يحسن أسماءهم، وعليه حق الدين أن يختار لهم الأم الصالحة.

أول حق للأولاد على أبيهم: أن يحسن اختيار أمهم, لأن علاقة الأولاد بأمهم, أشد بعشرات المرات من علاقتهم بأبيهم.

الآن: لدينا حالة نجدها في المجتمع، هناك آباء كثيرون يردون خطاب بناتهم؛ إما بداعي احتقارهم لفقر الخطاب، أو انتظاراً للخاطب الغني، أو رغبة في الحسب أو النسب، إلى أن يعضلها فتبقى عانساً, لذلك قال تعالى:

﴿ وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ (33)﴾

[ سورة النور ]

والآية دقيقة جداً: فالأب الذي يعضل بناته, يضع العقبات تلو العقبات أمام خطابها, ينتظر الغني، ينتظر صاحب الحسب والنسب، ينتظر الشاب الذي لا يتوافر مثله إلا في المئة ألف، هذا الأب قد ينتهي به المطاف إلى أن يلقي ابنته بلا زوج, وعندئذٍ يكون قد قوّى فيها دافع الشهوة، فإذا زلت قدمها, ففي رقبة الأب، لأنه هو السبب.

قرأت قبل أيام مقالة كتبتها كاتبة, تقول ملخصه: خذوا كل شهاداتي, وأعطوني زوجاً ، لأن حاجة الأمومة التي أودعها الله في قلب الأنثى, تفوق أية حاجة, حاجة الأمومة، فالمرأة لا شيء يملأ فراغها كابن تربيه، أو فتاة تربيها، فالآباء عليهم أن ينتبهوا كثيراً.

هناك آباء مسافرون, مقيمون في بلاد أجنبية، لا أحد يخطب فتياتهم, هؤلاء إذا بقوا هناك, فالانحراف متوقع من الفتيات، أو أن تبقى الفتاة بلا زوج أيضاً, هذا شيء متوقع.

أعرف أشخاصاً كثيرين, وهم في أوج نجاحهم في بلاد الغرب, جمعوا أمتعتهم، وعادوا إلى بلدهم، ضماناً لمستقبل فتياتهم.

فالإنسان يعيش ليؤدي رسالة، وأولاده وبناته أحد أكبر بنود هذه الرسالة، يقول النبي عليه الصلاة والسلام: 

4- وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْؤولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا...

نساء الصحابة رضوان الله عليهم كنا يخدمن أزواجهن، ويربين أولادهن، ويدبرن منازلهن، بل ويساعدن أزواجهن في أعمالهم، فهذا فضل كبير تكسبه المرأة إذا كانت مضحية معطاءة.

فلذلك كانت تقول الصحابية الجليلة لزوجها قبل أن يخرج من بيته: ((يا فلان نصبر على الجوع، ولا نصبر على الحرام)) فالمرأة التي لا تحمل زوجها فوق طاقته, تتلطف بطلباتها، مؤونتها قليلة، طلباتها يسيرة، لا تحرج زوجها، لا تدفعه إلى أن يكسب مالاً حراماً، لا تدفعه إلى أن يكون ابناً شقياً بعيداً عن أهله، المرأة الصالحة المؤمنة هي التي تقل طلباتها، ويعظم خيرها، لذلك إذا أدت المرأة ما عليها دخلت جنة ربها .

والمرأة كما تعلمون أيها الإخوة, ليس بينها وبين الجنة كما قيل إلا الموت، فالمرأة الصالحة ليس بينها وبين الجنة إلا أن تموت، فإذا ماتت فهي في الجنة، لأنها صلت خمسها، وصامت شهرها، وحفظت نفسها، وأطاعت زوجها، فدخلت جنة ربها.

والمرأة على دين خليلها، بالمناسبة: طبيعة المرأة طبيعة انقيادية منفعلة، ولولا هذه الطبيعة, لما رأيت زوجين تحت سقف واحد, لولا أن المرأة من طبيعتها, أنها انفعالية انقيادية ، تفتخر أن يقودها زوجها، وأن يحميها زوجها، لولا أنها بهذه الطبيعة, لما رأيت زوجين تحت سقف واحد، الرجل قيادي المرأة, تميل إلى أن تكون منقادة بزوجها, وهذه من نعم الله الكبرى، فهذه المرأة التي تترك القيادة لزوجها, هذه إذا أطاعت ربها, حينما تطيع زوجها, دخلت جنة ربها, لذلك الله سبحانه وتعالى يقول:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6)﴾

[ سورة التحريم ]

هذه آية أصل، القرآن الكريم دقيق جداً، فالإنسان أحياناً يقرأ، يقول الله لك: (قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ) أنت مسؤول عن أهلك, قال تعالى: (نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ) والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: ((المرأة على دين خليلها)) هكذا المرأة من طبيعتها الانفعال, بمعنى: أنها تابعة وليست متبوعة، ((وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْؤولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا)) تسره إذا حضر بمظهرها، وتحفظه إذا غاب في نفسها وماله وولده، ومن حفظت نفسها، وبرت زوجها، وأدت حق ربها, لن يكن بينها وبين الجنة إلا الموت، أي أصبحت على أبواب الجنة.

لكن لئلا يظن الزوج أن له كل شيء، وأنه ليس لها شيء، قال تعالى: 

﴿ وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحاً وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (228)﴾

[ سورة البقرة ]

لا يوجد إنسان يسعد في حياته الزوجية إلا إذا كان واقعيًا، وكان منطقيًا، كما أنه يحب أمه، كذلك هي تحب أمها، فإذا أردت أن تكون بارة لأمك، وأنت عاقاً لأمها, لا تستقيم حياة زوجية بهذه الطريقة, أردتها أن تكون بارة لأمك، لأنها أمك، واستخففت بأمها, فهذا موقف متناقض غير مقبول، لذلك هذا العش سرعان ما يتهدم، لأننا خالفنا طبيعة النفس البشرية، لذلك: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) وربنا عز وجل يقول:

﴿ فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَاباً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ (195)﴾

[ سورة آل عمران ]

أحياناً الإنسان يكون عنصريًا، يظن نفسه من طبيعة أخرى غير طبيعة المرأة، الله عز وجل يقول:

﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (189)﴾

[ سورة الأعراف ]

من طبيعة واحدة، مكلفة كما أنت مكلف، مكلفة بالإسلام كما أنت مكلف بالإسلام، مكلفة بأركان الإيمان كما أنت مكلف بأركان الإيمان، فأنت متساوٍ مع امرأتك في التكليف والتشريف، أنت مكلف كما هي مكلفة، وأنت مشرف كما هي مشرفة.

والحقيقة: حينما تكون المرأة فقيهة, تعرف واجباتها تجاه زوجها وأولادها، وتعرف واجباتها تجاه ربها، وحينما تكون فقيهة, تعرف أحكام العبادات وأحكام المعاملات، هذه تربي أسرة بأكملها، لذلك آمال كبيرة جداً معقودة على أن تكون المرأة المسلمة تعرف أمر دينها، وأمر الحياة التي تعيشها، لذلك الأولاد الذين تنجبهم امرأة تعرف الله عز وجل أولاد سعداء, لأنهم ينشؤون كما تعرفون في ظل رعايتها وعلمها.

وليس بعيداً عنكم قول المرأة التي اشتكت النبي عليه الصلاة والسلام قالت: ((إن زوجي تزوجني وأنا شابة, ذات أهل ومال, فلما كبرت سني, ونفر بطني, وتفرق أهلي, وذهب مالي، قال لي: أنت علي كظهر أمي، ولي منه أولاد, إن تركته إليه ضاعوا, وإن ضممتهم إلي جاعوا)) هو الذي يكسب الرزق.

أحياناً الأم الجاهلة، تعلم ابنها الكذب، لأنها تكذب أمامه على زوجها، تعلمه الإهمال, أحياناً تعلمه عدم الانضباط، تخيفه وتنشئ عنده عقد نفسية من أجل أن تسكته, تخيفه بكلمات لا معنى لها، هنا يوجد غول، هنا بعبع، هنا كذا، يوجد أشياء خطيرة جداً، هذه كلها عقد ينشأ عند الطفل عقد، بدل أن تعلمه أمر الله عز وجل, وأمر التوحيد, وأمر القرآن، فلذلك يجب أن تعتني عناية بالغة بتعليم فتياتنا, لأنهن أمهات المستقبل، تعليم الدين الحقيقي: الكتاب, السنّة, الواجبات.

آلاف الأسر تنهار لا لسبب وجيه بل بجهل المرأة, لتقصير أبيها في تعليمها أمر دينها، لتقصير أبيها وأمها في تعليمها حقوق الزوج وحقوق الأولاد، الآن: 

5- وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ...

تقريباً موظف، مؤسسة تجارية, فيها موظفين، الشيء المألوف الآن: أنت موظف بهذا المحل، هذا المال الذي تحت إشرافك, هذا المال أمانة في عنقك, فلذلك الخادم يُسأل عن مال سيده: هل رعاه أم ضيعه؟ أتلفه أم صانه؟.

كثير من الأشخاص في غياب صاحب المحل لا يبيع أو يكون قاسيًا مع الزبائن، ويمكن أن يصرف عشرات الزبائن حتى لا يتعب، الحياة لا تستقيم إذا لم يكن فيها أمانة، أما إذا كان هناك إنسان مخلص لصاحب المحل, فنشاطه في حضوره وفي غيبته واحد، هذا المؤمن.

والولد أيضاً مسؤول عن مال والده، أكثر مشاكل الأسر اليوم: الولد القوي يأكل حق الصغير، الكبير يأكل حظ الصغير، والذكر يأكل حق الأنثى، أكثر الأسر تجد أن الأبناء أكثر الإرث بيدهم، والفتيات محرومات من حقهن الشرعي في مال أبيهن.

فعندما يعتدي الأخ الذكر على حقوق أخوته الإناث، أو الأخ الأكبر يعتدي على حقوق أخواته الصغار, أصبح هناك اختلال في الميزان، هذه الأسرة تنتهي بعداوات لا حد لها.

أنا مطّلع على بعض القصص التي لا تصدق, يوجد عداوات بين الإخوة, بسبب هضم الحقوق, والعدل, والسوية في توزيع الإرث، عداوات لا حصر لها، فالابن مسؤول عن مال والده الذي تركه، يجب أن يعطي كل ذي حق حقه.

ودائماً هذه الآية الكريمة: يقع الناس في حيرة فيها:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوّاً لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (14)﴾

[ سورة التغابن ]

من تفسيرات هذه الآية: عندما يعصي الإنسان الله عز وجل, بضغط من زوجته, وبضغط من أولاده، ثم يلقى الله عز وجل ليحاسب عن عمله حساباً عسيراً, يرى أن هذا الابن الذي عصى الله من أجله, انتهت علاقته به إلى عداوة، ويرى هذه الزوجة التي عصى الله من أجلها, انتهت علاقته بها إلى عداوة، فهذا أحد معاني هذه الآية.

الإنسان أحياناً يخسر الجنة من أجل أهله المارقين من الدين، هو يعمل ليلاً نهاراً, وأهله من أجل إنفاق الأموال الطائلة على المباهج, وعلى المعاصي، هو يتحمل اسم الغش, والكذب, وكسب المال الحرام, لينفق على أهله, هذا المال على أمور لا ترضي الله عز وجل ، فعلى الإنسان أن ينتبه لهذه الناحية.

 

الخاتمة:


نعيد على مسامعكم هذا الحديث، والحقيقة: أن هذا الحديث الآن يحل مشكلات المسلمين: الفساد العام, هذا الفساد العام في الطرقات, في خروج الفتيات مثلاً، كل فتاة لها أب, لها بيت، كيف أطلقها أبوها؟ كيف سمح لها أبوها بأن تخرج بهذا الشكل؟ فلذلك:

(( كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا ومَسْؤولةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، قَالَ: وَحَسِبْتُ أَنْ قَدْ قَالَ: وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ وَ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ))

[ أخرجه البخاري ومسلم في صحيحهما عن ابن عمر ]

وبصراحة أيها الإخوة؛ نحن لم نألف أن نتكلم كلامًا، نستمع إلى كلام لا طائل منه، هذا كلام رسول الله، هذا كلام الذي لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، هذا كلام سماه علماء الحديث وحياً غير متلو، هذه حقائق، فأنتم لا تسعدون إلا إذا سعدتم بأهلكم، لا تسعدون إلا إذا انتظمت حياتكم في البيت، لا تسعدون إلا إذا كان بيتكم إسلامياً، وهذه مسؤولية كبيرة منوطة بكل مسلم، وحينما تصلح الأسر يصلح المجتمع.

شيء طبيعي جداً, صلاح المجتمع تحصيل حاصل, إذا أصلحنا الأسر صلح المجتمع ، لا حاجة لأن نطمح لأكثر من إصلاح أهلنا وأولادنا وبيتنا، أما إذا كان هناك منافذ للضلال, ومنافذ للهو, وهناك أشياء تفسد, وفي المنزل أشياء تفسد الأخلاق، فالأب مسؤول مسؤولية كبيرة جداً، ويأتي وقت يفقد السيطرة كلياً على من في البيت, وعندئذٍ والله كل يوم يشعر بطعنات في صدره كطعنات الخنجر, إذا كان أهمل أولاده أطلق لهم الحرية، نشؤوا على معاص, على أشياء لا ترضي الله عز وجل, فلما كبر سنهم, وشعروا بقوتهم, تمردوا على أبيهم وأمهم، واستعلوا عليهم، والأب عندئذٍ يكاد قلبه يعتصر ألماً، وتكاد نفسه تذوب هماً, حينما يرى أولاده على غير شاكلته، ويرى أولاده على غير المنهج الذي أراده الله عز وجل.

هذا الكلام أقوله لكم لا عن ثقافة ولا عن معلومات حصلتها؛ ولكن والله هي عن خبرات: لا تسعدون إلا إذا سعدتم بأهلكم, بزوجاتكم, وأولادكم, وبناتكم، لا تشعر بالتوازن إلا إذا كان هذا البيت إسلامياً، فالأمر يحتاج إلى تشمير، يحتاج إلى إكرام, يحتاج إلى صبر, يحتاج إلى تؤدةٍ، يحتاج إلى وعي، إلى تخطيط, من أجل أن تنقل هذه الأسرة إلى مصاف هذه الأسر الإسلامية، بيت القرآن، قد يكون الحديث كله ليس عن القرآن، وليس عن الصحابة, وليس عن القيم العليا، ولكن عن الساقطين والساقطات.

يمكن أن يكون الحديث في البيت عن أهل الانحراف, وأهل الفجور، عن أزيائهم, وحفلاتهم، وعن نزهاتهم، وعن طريقة نومهم, واستيقاظهم، وعن تمريناتهم، وعن لقاءاتهم، يكون البيت مشحونًا بأفكار ومعلومات لا تليق بالمسلم، إذا قطعت المنافذ السيئة، وفتحت المنافذ النظيفة, تجد أن هذا الابن سمت نفسه، وارتقت عزائمه, وأصبح في المستوى الذي يرضيك.

فنحن لا يعنينا أن إخواننا الكرام في المسجد سعداء بربهم، وسعداء بدينهم، وسعداء بهذا الهدى، يعنينا أن يسعدوا أيضاً بأهلهم، يعنينا أن تكون بيوتهم إسلامية، لكن بالحكمة والموعظة الحسنى.

دائماً تذكروا هذه الآية: يخاطب الله النبي عليه الصلاة والسلام, وهو سيد الخلق وحبيب الحق، وهو المعصوم، والذي أسري به، وعرج إلى السماء, صاحب المعجزات, يقول له: (وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ) .

 

كأس شاي تقدمه لإنسان بتواضع وأدب يغير عقيدته.


حدثني أخ بقصة, تأثرت لها كثيراً: هو كان في بلد من بلاد النفط, بلد عربي، فيوجد حاجب أو خادم أو فراش من بلاد شرقي آسيا, يعمل في هذه المدرسة, هو مدرس، قال لي: مرة مدرس قدم له كأس من الشاي، هو استغرب, فهؤلاء من قلة شأنهم, لا يبالي بهم أحد، ولا يسلم عليهم أحد، فراش يمسح الأرض ويكنس، فالمدرس مسلم، والمسلم ليس عنده عنصرية, قدم له كأس من الشاي لهذا الفراش، فتعجب هذا الفراش وسأله: لماذا قدمت لي هذا الكأس مع أن أحداً في هذه المدرسة لا يسلم علي؟ قال له: بدافع أنك أخ في الإنسانية وأراك تتعب، قال له: أريد أن أتعرف إلى دينك، طبعاً هو وثني، أعتقد أنه بوذي, على كلٍّ وثني.

هذا الإنسان معه لسانس بالعلوم الطبيعية, لكن من فقره الشديد, جاء من بلاده, ليعمل فراش بمبلغ زهيد، فهذا الكأس من الشاي الذي قدمه له لفت نظره، قال لي: جلسنا معه حوالي خمسة أيام متتاليات كل يوم حتى الساعة الثانية عشرة، حتى بينت له القرآن والعقيدة، قال: أسلم وأحسن الإيمان.

فالدعوة إلى الله, تحتاج إلى نعومة, إلى احترام للإنسان, إلى لطف, إلى حكمة بالغة, إلى قيم إنسانية، هذا المدعو إنسان له مشاعر وكرامة، هذا المدعو إنسان عنده أحاسيس، إذا راعيت الأحاسيس، وكنت محسنًا, متواضعًا, لطيفًا, لا يعلم إلا الله الخير الذي قد ينجم من أخ, يدعو إلى الله بالحكمة، وربنا عز وجل قال: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ) أحياناً خدمة تقدمها لإنسان أبلغ من محاضرة، أحياناً ابتسامة تبتسم بها أمام موظف خائف، أو يشعر أن بينك وبينه مسافة كبيرة جداً، ابتسامتك اللطيفة في وجهه تطمئنه، وتبث فيه الشعور بالولاء لك، أحياناً ابتسامة أو كلمة: الله يعطيك العافية، هذه تؤثر، فالمؤمن عنده حصافة وحكمة, فقد يملك قلوب الناس بحكمته, وتواضعه, وباهتمامه بالآخرين، أحياناً يكون الإنسان قد لفّ يده، قل له: خير إن شاء الله، حقيقة هذا أخوك، يقول لك: يدي مكسورة وضمدتها، تجيبه: عافاك الله، ماذا كلفتك هذه الكلمة؟ كلفتك اهتمامك به ومحبتك له، وبأننا بحاجة لأن نكون كتلة واحدة، المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً.

أنا لا شيء يسعدني كأن أرى المؤمنين عامة، وليس أخوان جامعنا فقط، هذه نظرة ضيقة جداً، المؤمنين عامة متحابون, متعاونون, متواصلون, متزاورون، هذا الذي يرضي الله عز وجل.

أيها الإخوة؛ قال تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ) من أمر بمعروف فليكن أمره بمعروف، الموقف الأخلاقي أبلغ من خمسين محاضرة، والإنسان يصل إلى أهدافه بالبر, والإحسان, والكلمة الطيبة, أضعاف مما يصل إلى أهدافه بالقسوة والعنف، والنبي الكريم يقول: ((علموا ولا تعنفوا, فإن المعلم خير من المعنف)) فكل درس أجعل له محور.

هذا الدرس إن شاء الله محوره: نحن مسؤولون أمام الله عن بيوتنا, وزوجاتنا, وأولادنا, وفتياتنا، فعلينا أن نعنى بهم، والأب عندما يعتني بأولاده وهم صغار, ينشؤون على طاعة الله، فإذا أهملهم صغاراً, لا يستطيع أن يقودهم كباراً، الأمر يخرج من يده وانتهى، والحسرة التي تملأ قلب الأب, الذي أهمل ولده صغيراً فانحرف، ولا يقوى على تربيته كبيراً، هذه الحسرة لا يعرفها إلا من ذاقها.

اسأل رجل أهمل ابنه صغيرًا، فلما شبّ ابنه عن الطوق, انحرف انحرافاً شديداً، أسرة بأكملها تشقى بهذا الابن.

فإخواننا الشباب الذين تزوجوا حديثاً, أولادهم أمانة في أعناقهم، لينشأ ابنك على محبة الله ورسوله, على تلاوة القرآن, على ارتياد المساجد، ليكن معك دائماً, من أجل أن تضبط سيره وحركته، فنحن مسؤولون عن أسر, إذا صلحت البيوت صلح المجتمع، فنحن نهمل أسرتنا, ونتطلع إلى آفاق واسعة جداً، ونسلك طريق غير صحيح, طريق العنف، هذا أسلوب ما أنزل الله به من سلطان, وأسلوب لا يرضي الله عز وجل، الأقربون أولى بالمعروف, وبالهداية, وبالعناية, وبالتوجيه, وهكذا.

و الحمد لله رب العالمين

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور