وضع داكن
20-04-2024
Logo
موضوعات فقهية متفرقة - الدرس : 39 - الأطعمة .
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين ، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علماً ، و أرنا الحق حقاً و ارزقنا اتباعه ، و أرنا الباطل باطلاً و ارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، و أدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

الأطعمة :

 أيها الأخوة الأكارم : كما تعودنا منذ حين أننا بحاجة ماسة إلى بعض الموضوعات الفقهية ، فالحديث في الدرس الماضي عن الهبة ، وقبلها عن النذر ، وقبلها عن الوصية ، واليوم فيما أعتقد أن موضوع الأطعمة التي نأكلها من أخطر الموضوعات الفقهية ، لماذا ؟ لكثرة ما تجد في الأسواق من كثرة الأطعمة المستوردة ، يصنعها أناس لا يعرفون الله عز جل .
 في كتب الفقه لابد أن تجد باباً اسمه الأطعمة ، هناك أطعمة جامدة ، وهناك أطعمة نباتية ، وهناك أطعمة حيوانية ، وكل باب من أبواب هذه الأطعمة منه ما هو حلال ، ومنه ما هو حرام ، منه ما هو حلال في أصل الإباحة ، ومنه ما هو حلال في النص الشرعي، منه ما هو حرام عيناً ، ومنه ما هو حرام وصفاً ، هذا كله إن شاء الله سنأتي عليه في درس أو درسين ليستطيع المؤمن أن يعرف ماذا ينبغي أن يأكل ، لأنه يوجد كلمة لطيفة : يجب أن تعرف ما ينبغي أن يخرج من هذا الفم من كلام وما يدخل إليه من طعام ، الكلام الذي تنطق به له أحكام كثيرة .

(( إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لا يُلْقِي لَهَا بَالاً يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لا يُلْقِي لَهَا بَالاً يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ ))

[ الترمذي عن أبي هريرة ]

 كلمة ، فينبغي أن تعلم ماذا ينبغي أن يخرج من فمك من كلام وماذا ينبغي أن يدخل إلى فمك من طعام ، ولا تنسوا دعاء النبي عليه الصلاة والسلام : " يا سعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة " كلمة أطب مطعمك لا تعني فقط أن يكون حلالاً تعني أيضاً أن يكون طيباً ، لأن الله عز وجل أحلّ لنا الطيبات وحرم علينا الخبائث ، ما تطيب به النفوس وما تتوق إليه .

الجماد حلال كله ما عدا النجس والمتنجس والضار و المسكر :

 بادئ ذي بدء قال الله عز وجل في القرآن الكريم :

﴿ قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾

[ سورة الأنعام : 145]

 أي على أكل يأكله ، الآية الثانية :

﴿ يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾

[ سورة المائدة : 4]

 شيء طيب تشتهيه ، تحبه ، شيء طيب تطيب نفسك به ، شيء طيب يطيب الجسم به ، تطيب النفس ويطيب المذاق ، والآية الثالثة :

﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾

[سورة الأعراف : 157]

 العلماء قالوا : الطعام منه ما هو جماد ، ومنه ما هو حيوان ، ومنه ما هو نبات، قال : فالجماد حلال كله ما عدا النجس والمتنجس والضار والمسكر وما تعلق به حق الغير .
 يوجد كلمة ما ذكرتها وهي النجس ، النَجَس شيء ، والنَجِس والمتنجس شيء وسوف نرى بعد قليل ، النَجَس عين النجاسة أما النَجِس فالدم ، لكن إعجاز القرآن العلمي يأخذ بالألباب ، الدم لا ينجس إلا إذا سفح ، مادام الدم في الأوعية فهو طاهر ، لماذا هو طاهر ؟ لأن هناك أجهزةً عديدةً تصفيه ، فالرئتان تصفيه غازياً كلما تجمع في الدم غاز الفحم عن طريق الشهيق والزفير والتبادل الغازي يصبح الدم طاهراً يتخلى عن غاز الفحم ويتزود بالأوكسجين ، الكليتان تصفيه ، الغدد العرقية تصفيه ، هذه مصاف مستمرة ، دمك أنت أيها الإنسان طاهر مطهر ، لكن ربنا عز وجل ما وصفه بالنجاسة إلا إذا سفح ، إذا سفح تعطلت أجهزة التصفية فالطعام النجس كالدم ، و الطعام المتنجس كالسمن إذا وقعت فيه فأرة و ماتت ، فالنبي عليه الصلاة و السلام فيما رواه الإمام البخاري :

((عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنْ مَيْمُونَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ فَأْرَةٍ سَقَطَتْ فِي سَمْنٍ فَقَالَ : أَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا فَاطْرَحُوهُ وَكُلُوا سَمْنَكُمْ ))

[مسند الموطأ للجوهري عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ]

 صار عندنا قاعدة : إذا كان هناك مادة غذائية جامدة وقعت فيها حشرة ميتة تأخذ الحشرة و تأخذ ما حولها لدرجة أن تطمئن إلى أن ما حولها كاف ، و بعدئذ تأكل السمنة حلالاً طيباً ، أما إذا عندك زيت وقعت فيه فأرة فالزيت كله نجس ، لذلك سمان عنده تنكة من الزيت وجد فيها فأرة ميتة يقول : لا أحد يدري و تبيعها و الله هذا عمل حرام ، و عندما يصبح معه مشكلة كبيرة يدفع حوالي خمسمئة ألف مصادرة ، أو مخالفة ، و يأتيه موظف قاس يسحقه سحقاً لا يراها ظلماً ، هذا عقاب إلهي لأنك استهنت بصحة المسلمين ، أطعمتهم زيتاً نجساً ، لكن أنا لا أقول لك : هذا الزيت النجس ألقه في الطريق ، اصنعه صابوناً ، يمكن أن يستخدم استخدامات غير غذائية ، فإذا وجد عندك مادة غذائية وقعت فيها حشرة و ماتت و لاسيما فأرة فهذه المادة تنجست كلها لأنها سائلة ، أما إذا كانت جامدة لا شيء عليك ، انزع الحشرة و ما حولها قال عليه الصلاة و السلام :

((.....وَكُلُوا سَمْنَكُمْ ))

 قال : أما المائع فيتنجس بملاقاة النجاسة ، إذاً النجس هو الدم ، طبعاً النجاسة بديهية ، النجس شيء ، النجس عين النجاسة ، الله عز وجل لم يقل أن الكفار نجسون ، إنما قال :

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾

[ سورة التوبة : 28]

 هذه بليغة ، أي ليس شيئاً كان في الأصل طاهراً ثم أصبح نجساً ، لا ، إنه عين النجاسة ، المشرك إن شاركته أو جاورته أو سافرت معه أو تعاملت معه ، كتلة نجس ، كلامه بذيء ، معاملته قاسية ، يأكل ما ليس له ، فنجس إن زَوَجته له مشكلة مع ابنتك ، فصار النجس هو الدم و المتنجس طعام في الأصل طيب لكن أصابته نجاسة ، إن كان جامداً تنزع الفأرة و ما حولها ، و إن كان سائلاً فالسائل كله نجس .

 

تحريم السموم :

 قال : و أما الضار من السموم - المواد السامة - فالسموم مثل السموم المستخرجة من العقارب و النحل و الحيات السامة و ما يستخرج من النبات السام و الجماد كالزرنيخ ، كل أنواع السموم لقول الله عز وجل :

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً ﴾

[ سورة النساء : 29]

 و قوله جلّ جلاله :

﴿وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾

[ سورة البقرة : 185]

 قال عليه الصلاة و السلام فيما رواه الإمام البخاري :

(( مَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ يَتَرَدَّى فِيهِ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا ))

[البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ]

 من حوالي سنة صعد بناء المحافظة إنسان في أبهى حلة ، حالق ذقنه ، يرتدي ثياباً جميلة ، ألقى بنفسه من الطابق الخامس نزل ميتاً ، فليس شرطاً أن يكون جبلاً ، يمكن من بناء ، إذا إنسان تردى من بناء قال عليه الصلاة و السلام :

(( مَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ يَتَرَدَّى فِيهِ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا ، وَمَنْ تَحَسَّى سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَسُمُّهُ فِي يَدِهِ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَجَأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا))

[البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ]

 هذه موضة جديدة ينرفذ يأخذ ثلاثين حبة أسبرين إما أن يلحقوه أو لا ،
 هذا حديث صحيح رواه الإمام البخاري عن أبي هريرة ، تناول أنواع السموم حرام قولاً واحداً ، السم ضار ، لكن أحياناً تعطى السموم بدرجات مخففة جداً للوقاية ، قال : المحرم من السموم هو القدر الذي يؤذي ، هناك كثير من الأدوية مثلاً التلقيح مادة مؤذية ، أنت تأخذ جرثوماً لكن بنسب مخففة حتى تتشكل مناعة لديك ، حتى نعمل معركة وهمية صغيرة نعلم الجنود أن يهيئوا أسلحة مضادة لهذا الجرثوم هذه مناعة .

تحريم الأشياء غير السامة كالطين و الحجر :

 و قد يحرم الشيء غير السام مثل الطين و التراب و الحجر ، من غير المعقول أن يأكل أحدهم طيناً ، ماهذه الأحكام الشرعية ؟ من أكل التراب فقد أعان على قتل نفسه ، أي إذا أكلت فواكه و لم تغسلها هذه تراب ، فاكهة عليها آثار تراب ، يوجد كثير من الحالات إما أن يكون عليها مواد سامة ، أو تراب ، كلمة التراب تعني اغسل الفاكهة ، التراب غير السموم كالطين والتراب والحجر والفحم بالنسبة لمن يضره تناولها لعموم القاعدة :

(( لا ضرر ولا ضرار ))

[ مسلم عن أبي سعيد الخدري]

 يدخل في هذا الباب الدخان ، أنا أتمنى من كل رجل الله عز وجل امتحنه بهذا الموضوع أن يقرأ ، كل إنسان يحب وجوده ، ويحب ذاته ، ويحب سلامة وجوده ، واستمرار وجوده ، ويحب كمال وجوده ، الشيء الثابت أن النيكوتين في الدخان يسبب التصاق كريات الدم الحمراء أي يسبب الجلطة ، أول ما يصير مع الإنسان جلطة يشاهد الطبيب بوادر الجلطة يسأل المريض : أتدخن ؟ النيكوتين يسبب ضيق الأوعية ، يسبب إفراز كميات كبيرة من مفرزات الكظر - الأدرينالين - هذه المادة تعمل ضيق أوعية ، ومواداً سكرية زائدة بالدم ، وتعمل ضربات قلب سريعة ، وتعمل وجيب رئتين ، الشيء الثابت أن الإنسان عندما يشاهد حية وعقرباً، الله جهز الإنسان بجاهزية عالية جداً ، أنت عندما تلمح حشرة مؤذية كالعقرب والحية تنطبع صورتها على الشبكية ، والشبكية تنقلها إلى الدماغ ، يدرك الدماغ ذلك ويعرف أنه يوجد خطأ فيبلغ الغدة النخامية وهي ملك الجهاز الهرموني ، كما أن الدماغ ملك الجهاز العصبي الغدة النخامية ملكة الجهاز الهرموني ، وهذه الملكة لها جنود وأتباع تبلغ الكظر أنه يوجد خطر، الكظر يرسل أربعة أوامر ، أمر إلى القلب لتزداد ضربات القلب ، ترى إذا إنسان شاهد شيئاً مخيفاً وقسنا نبضه نرى أن نبضه صار مئة وأربعين ، كان ثمانين ، هذا الكظر أعطى أمراً إلى القلب ليرفع ضربات القلب حتى الدم يسير بسرعة ، الأمر الثاني للرئتين تراه يخاف ويلهث ، وترى وجهه اصفر ، نحن نريد دماً ولا نريد وجهاً مورداً ، يأتي أمر لكل الأوعية بأن تضيق حتى نوفر الأمر للعضلات لا للجلد ، أي إنسان خائف ترى وجهه أصفر ، وافحص دمه فتجد فيه كميات سكر إضافية ، من أجل الحرق والطاقة ، هذا إذا الإنسان شاهد أفعى أو عدوه ، أو تلقى نبأ مؤلماً جداً .
أيها الأخوة الأكارم : اسألوا أطباء تثقون بهم ، النيكوتين في الدخان يجعل الإنسان دائماً في حالة توتر ، دائماً أوعيته ضيقة ، أصفر اللون ، ودائماً ضربات قلبه سريعة ، ودائماً عنده زلة تنفسية ، ودائماً عنده كميات سكر بدمه لا تحرق وهذه تترسب على الجدران ، هذا أثر الدخان وعندما الإنسان يقرأ يعرف ذلك ، هذا غير سرطان الرئة والبلعوم ، أخطر شيء يسببه الدخان أمراض القلب والأوعية والسرطان والأورام الخبيثة ، أخطر شيء في الدخان غير أنه يتلف المادة ، أمراض القلب والأوعية وأمراض الأورام الخبيثة هذه أصبحت ثابتة ، فإذا كان هناك علماء قدماء أجازوا الدخان لأنهم ما تحققوا من مضاره وعندما أصبحت المضار محققة فهذا الحكم ، ويدخل الدخان في هذا الباب لأنه ضار في الصحة ، وفيه تبذير وضياع للمال ، وفيه إضرار بالصحة ، والمسكر مثل الخمر وغيرها من المخدرات .

تحريم المسروق و المغصوب :

 الآن الحرام أيضاً ما تعلق به حق الغير كالمسروق والمغصوب ، صار عندنا النجس والمتنجس ، والضار ، والمسكر ، وما تعلق به حق الغير كالمال المسروق والمغصوب .
 لكن أقول لكم نقطة لو فرضنا أن رجلاً اغتصب شيئاً أمامك وقال لك : تفضل و كُلْ ، لا تأكل هذا شيء مغصوب مسروق ، أما إذا دخلت إلى بيت قريب لك وأنت تعرف أن له راتباً ، وله دخلاً آخر لا يرضي الله و وضع لك فنجان من القهوة أو أطعمك هل تأكل ؟ يا ترى هذا الصحن من الزيتون هل ثمنه من الرشوة أم من معاشه ؟ هذه الزيتونة من أين جاءت ؟ هذا أمر صعب ، والعلماء أجازوا إذا صار شيء متداخل أن تأكل ، أما إذا كان مسروقاً أو مغصوباً صرفاً لا يجوز أن تأكل عنده ، في حالة التمييز .

بعض أحكام الحيوانات البحرية :

 يوجد نقطة مهمة ، هذه المواد الجامدة أما المواد التي فيها حياة مثل الحيوان البحري فله حكم ، وهو حلال كله ولا يحرم منه إلا ما فيه سم للضرر ، يوجد أسماك سامة الصيادون يعرفونها ، فإذا كان فيه سم أو ضرر ، كان سمك أم غير سمك وجد ميتاً ، صاده مسلم أو كتابي أو وثني بأي حالة إذا ثبت عند أهل الاختصاص أن هذا الحيوان سام ومؤذ لا يجوز أكله ولو كان من البحر ، والحيوان البحري يا أيها الأخوة وهذا من الإعجاز العلمي ، أي النبي الكريم من الذي أخبره عندما سئل :

(( عن أبي هُرَيْرَةَ يَقُولُ : سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَرْكَبُ الْبَحْرَ وَنَحْمِلُ مَعَنَا الْقَلِيلَ مِنَ الْمَاءِ فَإِنْ تَوَضَّأْنَا بِهِ عَطِشْنَا أَفَنَتَوَضَّأُ مِنْ مَاءِ الْبَحْرِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ ))

[ مالك عن أبي هُرَيْرَةَ]

 يوجد سؤال علمي لابد من ذبح الحيوان ليخرج منه الدم ، السمك لماذا نأكله دون أن نزكيه أي نذبحه ؟ أثبت العلماء أن السمكة حينما تصطاد أو تموت يندفع دمها كله إلى غلاصمها وكأنها ذبحت ، افتح الغلاصم تراها متوردة ، كأنها ذبحت ، من أخبر النبي هذا ؟ الله جل جلاله وما ينطق عن الهوى ، كلما تقدم العلم اكتشف أن كل الذي قاله النبي من عند خالق الكون ، من عند المصمم ، من عند الصانع . فالنبي قال :

(( هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ ))

[ مالك عن أبي هُرَيْرَةَ]

 وهذا الحديث رواه الخمسة ، وقال الترمذي : هذا الحديث حسن صحيح .
 الآن يوجد عندنا حالة ، يوجد حيوان برمائي مثل التمساح ، الضفدعة ، السلطعان، السلحفاة ، ما حكمها ؟ العلماء قالوا : هناك دليلان تعارضا نأخذ بالأحوط وهو الحرمة ، فالحيوان البرمائي ألا نأكله ، ولكن الضفدعة هناك نهي ثابت ألا نقتلها وبالتالي ألا نأكلها ، ولعل العلم يكشف في المستقبل لماذا حرم النبي أكل الضفدع ، يوجد عندما ملخص دقيق لأحكام الحيوان البحري سأقرأه عليكم لفائدته ، أولاً : إذا كان الحيوان البحري سمكاً ومات بسبب ظاهر ، ما هو السبب الظاهر ؟ هو الصيد ، فهذا حلال باتفاق جميع العلماء ، السمك الذي تأكله صيداً ، أما إذا مات السمك حتف أنفه وجدت سمكة طفت على وجه الماء فهذه حلال أكلها عند الجمهور ، وحرام عند أبي حنيفة ، مادامت أنها ماتت لسبب لا تعلمه أنت ، لسبب غير ظاهر فهذه السمكة الطافية التي ماتت لسبب لا تعلمه حرام عند أبي حنيفة وحلال عند بقية الجمهور .
 الآن غير السمك ، إن كنت حنفياً وعندك رغبة أن تكون ورعاً أو حنفياً متشدداً و وجدت سمكة طافية فلا تأكلها ، أما إذا كنت شافعياً أو مالكياً أي سمكة تأكلها ، أما عند الأحناف فيجب أن يموت السمك بسبب موت ظاهر وهو الصيد ، وإن كان غير سمك في البحر حية مائية لا يؤكل عند الأحناف ويؤكل عند الجمهور سوى ما خرج بنص مثل الضفدع ، وما خرج بالطبع ، فالتمساح لا يؤكل لعدوانه ، والثعبان لسميته ، والسلحفاة لخبثيتها ، عند الشافعية والحنابلة هذه ليست أسماكاً ، ملخص الملخص سمك وما شابهه حلال يؤكل شرط أن يكون موته مبنياً على سبب ، أما عند الأحناف إن كان طافياً فلا يؤكل وعند الجمهور يؤكل ، يوجد فقهاء ورعون جداً قالوا : خنزير البحر حرام أكله لأن اسمه يشبه خنزير البر ، هذا الورع الشديد، ما كان من طبعه العداء كالتمساح والسلحفاة والثعبان ، هو حرام عند الأحناف حلال عند بقية المذاهب ، هذه بعض أحكام الحيوانات البحرية ، أي الإنسان يكفيه السمك ، والسمك الذي اصطاده الصيادون وهذا أكمل شيء ، والآن السمك غال وهذا الحكم لا يلزمنا كثيراً .

 

أي غذاء مستورد مكتوب عليه إحدى الكلمات التالية على الإنسان أن يحترز منه :

 يوجد شيء لطيف ، أحياناً الفقه يكون واقعياً ، أي لا أحد يأكل تمساحاً ، من منكم أكل تمساحاً بحياته ؟ أحد الصحابة سأل سؤالاً فقالوا : أوقع هذا ؟ قال : لا ، فقالوا :
 حينما يقع نجيبك ، شيء لا يلزمنا وقتنا غال ، لكن يوجد نقطة أحد أخواننا الكرام أنا قبل عشر سنوات فيما أذكر ذكرت موضوعاً خطيراً جداً في الأطعمة فرجاني الأخ الكريم من سنة ولم أجد الموضوع في أوراقي ، واليوم عثرت عليه ، الموضع أن أحد الأطباء المؤمنين الذين عاشوا في بلد غربي أصدر كتاباً لخص في ثلاث صفحات ، هذا الكتاب يقول : أي غذاء مستورد كتب عليه كلمة - لارد - تعني دهن الخنزير ، يقول لك : هذا المرتديلا لحم بقري صافي ومعه - لارد - أي معجون بدهن الخنزير فكلمة لارد على أي غذاء مستورد يعني فيه دهن الخنزير ، يعني هذا يجب أن نحترز منه .
 أي غذاء مستورد يوجد عليه كلمة - شورت تينينك - أي دهن حيواني ومعنى دهن حيواني أن هذه البلاد تستخدم الخنزير ، فالدهون في هذه البلاد في الأعم الأغلب دهون خنزير فإذا مكتوب على العلبة - شورت تينينك - أي دهن حيواني وليس خنزيراً، لارد تعني دهن خنزير حصراً ، أما شورت تينينك فتعني دهناً حيوانياً ويوجد عندنا عبارة - فيجيتابل شورت تينينك- وتعني دهناً نباتياً ، إذا لم تكن هناك كلمة بلور أي صاف يكون ثمانون بالمئة نباتياً وعشرون بالمائة حيوانياً ولا يوجد فيه شبهة ، كلمة بلور تعني صافياً .
 الآن زيت الذرة والقطن حلال ، أما إذا كان الأغلب دهناً نباتياً فمعنى ذلك أنه يوجد في قسم منه دهن حيواني ، والحيواني أغلبه دهن خنزير ، أما كلمة بورك فتعني لحم خنزير ، وكلمة هان تعني لحم خنزير ، وكلمة بيكن لحم خنزير ، وكلمة سواين لحم خنزير ، ولو كتب عليه : ذبح على الطريقة الإسلامية باللغة العربية ، أحدهم شاهد علبة سمك كتب عليها ذبحت على الطريقة الإسلامية ، معنى هذا أنها سحبة .
 يقول هذا الطبيب : معلبات الفول يأتي معها أحياناً لحم خنزير ـ بين أند بورك ـ أي لحم معه لحم خنزير ، الفول المسوس أشرف من فول معه لحم خنزير ، رجل شاهد مع الفول سوساً كثيراً فقال : هذا سوس مفول ، وقال : جميع أنواع البسكويت والمعجنات فيها دهن حيواني ، أنا أقول لكم هذه النصيحة وهي لوجه الله : استخدموا الأغذية المصنعة في بلدكم وتنام وأنت مطمئن .

الأخطار التي يجب على الإنسان تجنبها :

 الآن يوجد قضية أخطر وطرحت في مجلس الشعب منذ سنتين ، اكتشفوا أنه يوجد معامل تصنع مواداً غذائية فيها مواد معقمة للرجال ، تأتينا تهريباً من بعض الدول المجاورة ومصدرها من العدو الصهيوني ، الأخطر من ذلك أن هناك مواداً غذائية تأتي طبعاً صانعو هذه المواد لا يعنيهم إلا الربح فقط لا يعرفون الله أبداً ، يضعون كميات مخففة جداً من المخدرات من أجل أن تكون عند الشاري حالة اسمها الإدمان ، وحدثني أخ من أخواننا الكرام نقلاً عن قريبة له من بلد غربي أن بعض أنواع السكاكر تدخل فيها بعض أنواع المخدرات بنسب قليلة جداً فترى الطفل يندفع اندفاعاً غير طبيعي لشرائها ، يطالب مطالبة عنيفة ويضغط على أهله ضغطاً عنيفاً حتى يشتري ، لا ندري وقد أدمن عليها ، بعض أنواع المرطبات الأجنبة ، أنا أتمنى على كل أخ مسلم أن ينتبه على هذه العادات أنه يجب أن نشتري كل شيء أجنبي ، والأجانب لا يهمهم مصلحة أولادنا ولا صحتنا يهمهم الربح فقط .
 لذلك أيها الأخوة يوجد عندنا ثلاثة أخطار ، خطر المواد المعقمة وهذه كشفت وعولجت في مجلس الشعب ، وطرحت منذ سنة ، وطرحت في الصحف ، وخطر أنواع دهون الخنزير وأنواع المعجنات والبسكويت ، والأطعمة الغذائية للصغار ، وأخطر ما في ذلك موضوع المواد المخدرة بنسب مخففة ترى اندفاع الصغار إليها عجيب لا يستطيع أن يبقى بدونها ، تراه سكرة وراء سكرة ، مما يؤكد وجود مادة تدعو إلى الإدمان .
 شيء آخر هذا الجيلاتي وأنا لا أعرف تحتاج إلى تحقق منكم إذا كان مستورداً من بلاد عامة لحمها الخنزير ، أغلب الظن مصنوع من عظم الخنزير ومن قوائمه وجلده ، هذه المادة الرجراجة الحمراء يقول لك : جيلي ، إلا إذا كان مصنوعاً من عظم الأغنام لا شيء فيه ويحتاج إلى تحقق ، ويوجد عندنا معامل في الشام يصنعون هذه المادة إذا كنتم تعرفون أصحاب المعامل وتأكدتم تكونوا قدمتم لنا خدمة ، وإذا كانت مستوردة فتكون من الخنزير ، ويقول : إن هذه المادة الجيلاتي أساسها جلود وعظام وحوافر الحيوانات ، فلنترك هذه الأكلة لأننا نستطيع أن نعيش من دونها ، فلابد من الاحتراس وعدم تعاطي هذه المواد إلا إذا كانت مستوردة من بلاد إسلامية أو مصنعة محلياً من عظام الحيوانات ، هذا أتركه لكم للتحقق ، يجب أن نعلم أنه يجب أن تأكل مما تصنعه بلدك لأنه لا يوجد شيء ، يوجد أخطاء ولكن ليست مواداً محرمة ، صاحب المعمل مسلم يوجد عنده بعض الأخطاء لكن لا يوجد شيء محرم .
 قلنا في بداية الدرس : إنه يجب أن تعلم ماذا يدخل إلى الفم وماذا يخرج ، أكثر الأجبان - وأنا لا أستطيع أن أذكر أسماء لأنه لا يجوز هذا - إلا إذا كنت واثقاً من كلامهم أن المنفحة المستخدمة في تجبينها منفحة البقر أو الغنم ، أما منفحة الخنزير فيوجد أجبان مكتوب عليها نصاً : هذه المنفحة مأخوذة من معدة الخنزير ، طبعاً يوجد منفحة كيميائية وهذه لا شيء عليها ، ومنفحة طبيعية إذا أخذناها من معدة الخنزير هذه أيضاً محرمة . وما قولكم بمعجون الأسنان ، بعض أنواع المعاجين المستوردة يدخل في صناعتها دهن الخنزير ، وبعض أنواع الصابون يدخل فيها دهن الخنزير ، مرة أستاذ في جامعة دمشق أستاذ الكيمياء العضوية ذكر ذلك وأحد طلابه ذكر لي هذا الكلام وهو أحد أخواننا الكرام وهو طبيب قال لي : قال لنا الدكتور الفلاني : إن هذا الصابون صناعة الشام يؤكل أكلاً لأنه يوجد صابون يأتينا مستورداً من الفضلات الغذائية ، من نجس الإنسان يحلل وفيه مواد دهنية لم تهضم يصنعونه صابوناً ، ويوجد منه من دهن الخنزير ، الحقيقة الآن يوجد تقدم في الصناعة الغذائية متقدم جداً .
 أنا مرة حدثني شخص قصة معروفة وصارت فضيحة ، معمل يصنع أغذية للحيوانات للكلاب ، ما معنى أغذية كلاب ؟ أنهم يجدون حيواناً ميتاً ، كلباً ميتاً ، حماراً ميتاً ، شيئاً ميتاً . . يدخلونه إلى مرجل يغلي بجلده وعظمه وأحشائه الممتلئة نجساً على الحرارة العالية يذوب ويصبح مثل العجينة ثم يضعون له مواداً معينة ويعلب ، جاء تاجر من دولة عربية استورد كمية ضخمة وغيّر اللصاقة وباعها إلى بني البشر .
 قبل أن تشتري علبة يا أخي تتعلق ببلد أجنبي اسأل ، الإنسان يجب أن يتحقق مما يأكل ، وأقول لكم مرة ثانية : والله قطعة جبنة صناعة بلدنا تساوي مليون علبة جبنة من بلد أجنبي ، قطعة لحم مذبوح في بلدنا وفق التزكية الشرعية تساوي ألف علبة مستوردة إلا إذا كانت معلبات صناعة بلدنا وأغلب الظن لا يوجد فيها شيء ، فهذا الذي أردت أن أقوله لكم في هذا الموضوع ، وهو موضوع الصابون ، معجون الأسنان ، والمعجنات ، والبسكويت الأجنبي إذا فيه هذه الكلمات الذي ذكرتها لكم بشكل دقيق جداً ، إن شاء الله هذا الدرس له تتمة في درس قادم، وعندنا الحيوانات البرية وأنواعها ، والمباح منها ، ونأخذ هذا بالتفصيل في درس قادم إن شاء الله.

* * *

الحوار الذي جرى بين هرقل ملك الروم وبين أبي سفيان قبل أن يسلم :

 الآن أختم الدرس بفقرة من السيرة وجدتها مناسبة جداً ، وفيها دقة بالغة ، هي أن النبي عليه الصلاة والسلام فيما روى البخاري من حديث طويل روى نص الكتاب الذي كتبه النبي عليه الصلاة والسلام إلى ملك الروم هرقل .

((عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ : أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ هِرَقْلَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ فِي رَكْبٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَكَانُوا تِجَارًا بِالشَّأْمِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَادَّ فِيهَا أَبَا سُفْيَانَ وَكُفَّارَ قُرَيْشٍ فَأَتَوْهُ وَهُمْ بِإِيلِيَاءَ فَدَعَاهُمْ فِي مَجْلِسِهِ وَحَوْلَهُ عُظَمَاءُ الرُّومِ ثُمَّ دَعَاهُمْ وَدَعَا بِتَرْجُمَانِهِ ، فَقَالَ ))

[البخاري عَنِ الزُّهْرِيِّ]

 سأل القرشيين وفيهم أبو سفيان .

((فَقَالَ : أَيُّكُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا بِهَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ ؟ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ : فَقُلْتُ أَنَا أَقْرَبُهُمْ نَسَبًا ، فَقَالَ : أَدْنُوهُ مِنِّي وَقَرِّبُوا أَصْحَابَهُ فَاجْعَلُوهُمْ عِنْدَ ظَهْرِهِ ثُمَّ ، قَالَ : لِتَرْجُمَانِهِ قُلْ لَهُمْ إِنِّي سَائِلٌ هَذَا عَنْ هَذَا الرَّجُلِ فَإِنْ كَذَبَنِي فَكَذِّبُوهُ))

[البخاري عَنِ الزُّهْرِيِّ]

 هو لم يكن مؤمناً في ذلك الوقت وكان كافراً .

(( فَوَاللَّهِ لَوْلا الْحَيَاءُ مِنْ أَنْ يَأْثِرُوا عَلَيَّ كَذِبًا لَكَذَبْتُ عَنْهُ ))

[البخاري عَنِ الزُّهْرِيِّ]

 ولكني لا أستطيع أن أكذب ، هو كان في تلك الفترة عدو النبي صلى الله عليه وسلم .

(( ثُمَّ كَانَ أَوَّلَ مَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَنْ قَالَ : كَيْفَ نَسَبُهُ فِيكُمْ ؟ قُلْتُ : هُوَ فِينَا ذُو نَسَبٍ))

[البخاري عَنِ الزُّهْرِيِّ]

 هذه واحدة ، والآن هرقل بعد قليل سيوضح لماذا سأل هذه الأسئلة سؤالاً سؤالاً ؟ أول سؤال كيف نسبه فيكم ؟

((قَالَ : فَهَلْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ مِنْكُمْ أَحَدٌ قَطُّ قَبْلَهُ ؟ قُلْتُ : لا ، قَالَ : فَهَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ ؟ قُلْتُ : لا ، قَالَ : فَأَشْرَافُ النَّاسِ يَتَّبِعُونَهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ ؟ فَقُلْتُ : بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ، قَالَ : أَيَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ ؟))

[البخاري عَنِ الزُّهْرِيِّ]

 انظروا إلى هذا السؤال الذكي .

((قُلْتُ بَلْ يَزِيدُونَ ، قَالَ : فَهَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ ؟ قُلْتُ : لا))

[البخاري عَنِ الزُّهْرِيِّ]

 الآن سوف يجيبنا هرقل لماذا سأل هذه الأسئلة .

(( قَالَ : فَهَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ ؟ قُلْتُ : لا ، قَالَ : فَهَلْ يَغْدِرُ ؟ قُلْتُ : لا ))

 لكن الآن نفسه قال لهرقل :

(( وَنَحْنُ مِنْهُ فِي مُدَّةٍ لا نَدْرِي مَا هُوَ فَاعِلٌ فِيهَا ))

 أي هذه قالها :

(( قَالَ : وَلَمْ تُمْكِنِّي كَلِمَةٌ أُدْخِلُ فِيهَا شَيْئًا غَيْرُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ ))

 لم يستطع أن ينال من رسول الله إلا بهذه الكلمة فقال له هل يغدر ؟

(( قُلْتُ : لا وَنَحْنُ مِنْهُ فِي مُدَّةٍ لا نَدْرِي مَا هُوَ فَاعِلٌ فِيهَا))

 أنا منذ شهرين وأنا غائب عن مكة ماذا حدث في هذه الفترة لا أعرف ، وهذه التي دخل فيها دخولاً غير صحيح .

(( قَالَ فَهَلْ قَاتَلْتُمُوهُ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ : فَكَيْفَ كَانَ قِتَالُكُمْ إِيَّاهُ ؟ قُلْتُ : الْحَرْبُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ سِجَالٌ يَنَالُ مِنَّا وَنَنَالُ مِنْهُ ))

 أي بأحد وبدر والخندق يوم لنا ويوم له .

(( قَالَ : مَاذَا يَأْمُرُكُمْ ؟ قُلْتُ : يَقُولُ : اعْبُدُوا اللَّهَ وَحْدَهُ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ، وَاتْرُكُوا مَا يَقُولُ آبَاؤُكُمْ ، وَيَأْمُرُنَا بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّدْقِ وَالْعَفَافِ وَالصِّلَةِ ، فَقَالَ لِلتَّرْجُمَانِ قُلْ لَهُ ))

[البخاري عَنِ الزُّهْرِيِّ]

 الآن اسمعوا لماذا سأل هرقل هذه الأسئلة .

(( قُلْ لَهُ : سَأَلْتُكَ عَنْ نَسَبِهِ فَذَكَرْتَ أَنَّهُ فِيكُمْ ذُو نَسَبٍ فَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْعَثُ فِي نَسَبِ قَوْمِهَا ))

[البخاري عَنِ الزُّهْرِيِّ]

 قال تعالى :

﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾

[ سورة التوبة : 128]

(( وَسَأَلْتُكَ هَلْ قَالَ أَحَدٌ مِنْكُمْ هَذَا الْقَوْلَ ؟ فَذَكَرْتَ أَنْ لا ، فَقُلْتُ لَوْ كَانَ أَحَدٌ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ قَبْلَهُ لَقُلْتُ رَجُلٌ يَأْتَسِي بِقَوْلٍ قِيلَ قَبْلَهُ ))

[البخاري عَنِ الزُّهْرِيِّ]

 معنى هذا أنه يقلد ، معنى هذا أنه نبي ، وهذا السبب الثاني ، ذو نسب ولم يقلد قولاً قاله من سبقه .

(( وَسَأَلْتُكَ هَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ ؟ فَذَكَرْتَ أَنْ لا ، قُلْتُ فَلَوْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ قُلْتُ رَجُلٌ يَطْلُبُ مُلْكَ أَبِيهِ ))

[البخاري عَنِ الزُّهْرِيِّ]

 وهذا السبب الثالث .

(( وَسَأَلْتُكَ هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ ؟ فَذَكَرْتَ أَنْ لا ، فَقَدْ أَعْرِفُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَذَرَ الْكَذِبَ عَلَى النَّاسِ وَيَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ))

[البخاري عَنِ الزُّهْرِيِّ]

 يدع الكذب على الناس ويكذب على الله هذا مستحيل .

(( وَسَأَلْتُكَ أَشْرَافُ النَّاسِ اتَّبَعُوهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ ؟ فَذَكَرْتَ أَنَّ ضُعَفَاءَهُمِ اتَّبَعُوهُ وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ ))

[البخاري عَنِ الزُّهْرِيِّ]

 هذا مما يشرف الضعفاء ، الأغنياء لهم انحرافات والأقوياء لهم مكاسب ، فالشرع يقيد حركتهم ، أما الضعفاء فلا شيء عندهم يخافون عليه ، وهم ضعفاء فجاء الدين ورفعهم ، وهم أتباع الرسل .

(( وَسَأَلْتُكَ أَيَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ فَذَكَرْتَ أَنَّهُمْ يَزِيدُونَ وَكَذَلِكَ أَمْرُ الإيمَانِ حَتَّى يَتِمَّ وَسَأَلْتُكَ أَيَرْتَدُّ أَحَدٌ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ فَذَكَرْتَ أَنْ لا وَكَذَلِكَ الإيمَانُ حِينَ تُخَالِطُ بَشَاشَتُهُ الْقُلُوبَ وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَغْدِرُ فَذَكَرْتَ أَنْ لا وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ لا تَغْدِرُ وَسَأَلْتُكَ بِمَا يَأْمُرُكُمْ فَذَكَرْتَ أَنَّهُ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَيَنْهَاكُمْ عَنْ عِبَادَةِ الأوْثَانِ وَيَأْمُرُكُمْ بِالصَّلاةِ وَالصِّدْقِ وَالْعَفَافِ فَإِنْ كَانَ مَا تَقُولُ حَقًّا ))

[البخاري عَنِ الزُّهْرِيِّ]

 اسمعوا هذا الإنسان الذكي هرقل .

(( فَإِنْ كَانَ مَا تَقُولُ حَقًّا فَسَيَمْلِكُ مَوْضِعَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ وَقَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ خَارِجٌ لَمْ أَكُنْ أَظُنُّ أَنَّهُ مِنْكُمْ فَلَوْ أَنِّي أَعْلَمُ أَنِّي أَخْلُصُ إِلَيْهِ لَتَجَشَّمْتُ لِقَاءَهُ وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ عَنْ قَدَمِهِ ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي بَعَثَ بِهِ دِحْيَةُ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى فَدَفَعَهُ إِلَى هِرَقْلَ فَقَرَأَهُ ))

[البخاري عَنِ الزُّهْرِيِّ]

 والله يجب أن نحفظها أو نعييها ، أصحابه يزيدون ، وهم ضعفاء ، ولم يرتد منهم أحد ، ولا يغدر ، يأمر بالتوحيد ، يأمر بمكارم الأخلاق ، لم يدعِ هذا أحد قبله ، ليس له ملك قبل ذلك لأبيه حتى يسترده منهم ، هذا بعض الحوار الذي جرى بين هرقل ملك الروم وبين أبي سفيان قبل أن يسلم .

ملاحظات هامة :

 قبل أن ننهي الدرس هناك ملاحظتان ؛ الأولى أن بعض الشركات التي تصنع المواد الغذائية ، ظن الناس أن فيها شيئاً من المواد المحرمة فاستخدمت لجان من الأزهر للمعامل وأطلعتهم على دقائق الصناعة ، أي يوجد شركات قدمت براهين قطعية على أن المواد المصنعة لا يوجد بها شيء محرم ، وأنا لا أحب أن أسيء إلى شيء نقي لا يوجد به مشكلة .
 النقطة الثانية أنه أحياناً يكون هناك مواد غذائية انتهى مفعولها ، فصار يوجد معامل فيها مستوى فني عال جداً تغير التاريخ بشكل لا أحد يعرفه ، وتأتي بشكل غير نظامي للبلد وهي مهربة ورخيصة وتشتريها ، إذاً يوجد مواد منته مفعولها ولا تشعر بذلك ، كلامي كله مفاده أنه يجب أن تعتمد على الصناعة الغذائية المصنعة في بلدنا ، وهذا واجب ديني ، وواجب وطني ، وواجب قومي ، وهذا المال إذا انتفع به إنسان مسلم يعيش في بلدك أفضل من أن تنفع به شركة أجنبية أموالها تذهب من أجل قهر العالم الثالث .

تحميل النص

إخفاء الصور