وضع داكن
19-04-2024
Logo
محاضرة في جامع عبد الغني النابلسي أمام طلاب معهد الأسد لتحفيظ القرآن: على أبواب رمضان
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد و على آل بيته الطيبين الطاهرين، أمناء دعوته، وقادة ألويته و ارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم، إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .

الإنسان هو المخلوق الأول رتبة عند الله عز وجل :

 أبنائي الأعزاء: الإنسان هو المخلوق الأول رتبة عند الله، والدليل:

﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ﴾

[ سورة الأحزاب: 72 ]

 الإنسان قَبِل حمل الأمانة، والأمانة نفسه التي بين جنبيه، يفلح ويسعد إذا زكاها، ويشقى ويهلك إذا دساها، وقد قال تعالى:

﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا *وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾

[ سورة الشمس: 9-10]

الإنسان يزكي نفسه حينما يتعرف على الله من خلال آياته الكونية والتكوينية و القرآنية :

 السؤال الآن، الإنسان كيف يزكي نفسه؟ الإنسان حينما يتعرف على الله عز وجل من خلال آياته الكونية، الكون مظهر لآيات الله الحسنى، وحينما يتعرف على الله من خلال آياته التكوينية، آياته الكونية خلقه، آياته التكوينية أفعاله، والإنسان حينما يتعرف على الله من خلال آياته القرآنية، آياته القرآنية كلامه، الله عز وجل له آيات كونية، وله آيات تكوينية، وله آيات قرآنية، إذا فكرنا في الكونيات، ونظرنا في التكوينيات، وتدبرنا في الآيات القرآنية عرفنا الله، هذا الدين العظيم أساسه معرفة الله:

((ابن آدم اطلبني تجدني، فإذا وجدتني وجدت كل شيء، وإن فتك فاتك كل شيء، وأنا أحبّ إليك من كل شيء))

[تفسير ابن كثير]

 إذاً أنت أيها الإنسان لأنك قَبِلت حمل الأمانة كنت عند الله المخلوق الأول رتبة، الملائكة:" رُكِّب الملَك من عقلٍ بلا شهوة، وركب الحيوان من شهوة بلا عقل، وركب الإنسان من كليهما ـ أعطاه الله عقلاً، وأودع فيه شهوة ـ فإن سما عقله على شهوته أصبح فوق الملائكة، وإن سمت شهوته على عقله أصبح دون الحيوان".
 لذلك:" رُكِّب الملَك من عقلٍ بلا شهوة، وركب الحيوان من شهوة بلا عقل، وركب الإنسان من كليهما، فإن سما عقله على شهوته أصبح فوق الملائكة، وإن سمت شهوته على عقله أصبح دون الحيوان".
 هذا الإنسان هو المخلوق الأول، وهذا الإنسان هو المخلوق المكرم، المكرم لقوله تعالى:

﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ﴾

[ سورة الإسراء: 70 ]

تكليف كل إنسان بعبادة الله عز وجل :

 أي أنت أيها الطالب العزيز لأنك من بني البشر أنت المخلوق الأول عند الله، ولأن الله عز وجل كرمك بالوالدين، كرمك بالأساتذة الكرام، كرمك بمن يحبك، كرمك بمن يعطف عليك، كرمك بمن يتابع أمرك، أنت مكرم عند الله، محبة الله لك كيف تبدو؟ ألقى محبتك في قلوب أمك وأبيك، محبة أمك وأبيك هي بالحقيقة محبة الله عز وجل، ألقى محبتك في قلوب أمك وأبيك ومن حولك، بماذا أنت مكلف؟ أنت مكلف أن تعبد الله:

﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾

[ سورة الذاريات : 56]

 أنت مكلف أن تعبد الله، ما هي العبادة؟ الإنسان أحياناً يسأل ما العبادة؟ العبادة أن تصلي، الصلاة من العبادة، العبادة أن تصوم، ونحن على أبواب شهر رمضان، الصوم من العبادة، العبادة أن تحج، الحج من العبادة، العبادة أن تزكي، الزكاة من العبادة، لكن العبادة التي خلقنا من أجلها هي علة وجودنا، العبادة خضوع لمنهج الله ومحبة له، كامل الخضوع وكامل المحبة، فالذي يعبد الله يخضع لمنهجه، والذي يعبد الله يحبه، ما عبد الله من أطاعه ولم يحبه وما عبد الله من أحبه ولم يطعه، إذاً العبادة طاعة وحب، لها تعريفات دقيقة من بعض تعريفاتها أنها: طاعة طوعية، ممزوجة بمحبة قلبية، أساسها معرفة يقينية، تفضي إلى سعادة أبدية.

الإنسان كائن متحرك تحركه حاجات ثلاثة :

 أساس العبادة استقامة، التزام، أي بحياة المؤمن هناك حرام يبتعد عنه، وهناك حلال يأخذ به، هناك فرض، وواجب، وسنة مؤكدة، وسنة، ومستحب، ومباح، ومكروه تحريماً، و مكروه تنزيهاً، ومحرم، المؤمن أمامه منظومة قيم، منظومة مبادئ، منظومة أحكام شرعية، المؤمن يتحرك وفق منهج الله، لأنه مؤمن يتحرك وفق منهج الله، هذا هو المؤمن، والذي يتحرك وفق هوى نفسه هو غير المؤمن، كائن يتحرك وفق شهوته، هذا غير مؤمن، أما المؤمن فكائن يتحرك وفق منهج ربه، لكن لو أن إنساناً سأل لماذا الإنسان يتحرك؟ لأن الله عز وجل أودع فيه حاجات ثلاثة، الحاجة الأولى هي الحاجة إلى الطعام، هذه الحاجة دفعته إلى العمل، لولا أننا نأكل ونشرب ما رأيت جامعة، ولا مدرسة، ولا جسراً، ولا طريقاً، ولا معملاً، أودع فينا حاجة إلى الطعام والشراب حفاظاً على وجودنا، هذه الحاجة الأولى، أودع فينا حاجة أن نؤسس أسرة حفاظاً على بقاء النوع، أودع فينا حاجة أن نتفوق حفاظاً على بقاء الذكر، فهذه الطاولة كائن لكنه غير متحرك، لكن الإنسان كائن متحرك، ما الذي حركه؟ حاجته إلى الطعام والشراب، حاجته إلى أسرة، حاجته إلى تأكيد ذاته، الآن ما دام يتحرك، إما أن تأتي الحركة وفق منهج الله، أي إما أن تأتي حركة المركبة وفق الطرق التي شقتها الدولة، والتزام السائق بالإشارات، والمعابر، والتوجيهات، وإما أن يقع هذا السائق في واد سحيق، إما أن يلتزم بالطريق، وبقواعد القيادة، وبآداب القيادة، وبالخضوع للتعليمات، فيسلم وينتقل من مكان إلى مكان، وإما ألا يعبأ بهذه القواعد، ولا يعبأ بهذا الطريق، فمصيره إلى الوادي مع الهلاك والدمار.

حركة الإنسان لا تصح إلا إذا كانت وفق منهج الخالق سبحانه :

 أنت كائن متحرك، الحركة إما أن تصح وإما ألا تصح، متى تصح؟ إذا جاءت وفق تعليمات الخالق، وفق منهج الله، منهج الله أين نجده؟ في القرآن الكريم، أين نجد شرحه؟ في سنة النبي عليه الصلاة والسلام، فأنت حينما تتحرك تنطلق من البيت، تأكل، تشرب، ترتدي ثيابك، تزور فلاناً، تذهب إلى المدرسة، تجلس مع أمك وأبيك، هذه الحركة إذا جاءت وفق منهج الله فأنت مؤمن، إذا جاءت وفق منهج الله فأنت في طريق السلامة والسعادة، إن جاءت وفق منهج الله فأنت في الطريق إلى الجنة، التي فيها:

(( ما لا عين رأتْ ولا أذن سمعتْ، ولا خطَر على قلبِ بَشَرْ ))

[أخرجه البخاري ومسلم والترمذي عن أبي هريرة ]

العبادة نوعان؛ عبادة شعائرية و عبادة تعاملية :

 لكن الله عز وجل من أجل أن نتقرب منه أعطانا منهجاً، بالمنهج هناك عبادات، العبادة نوعان، عبادة شعائرية، كالصلاة، والصيام، ونحن على وشك أن ندخل في شهر الصيام، عبادة شعائرية كالحج، والصلاة، والصيام، وعبادة تعاملية كالصدق، والأمانة، النجاشي ملك الحبشة لما التقى بسيدنا جعفر ـ رضي الله عنه ـ سأله عن الإسلام، قال: "أيها الملك كنا قوماً أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار ـ هذه أخلاق من؟ أخلاق الجاهلية ـ حتى بعث الله فينا رسولاً منا نعرف نسبه، وصدقه، وأمانته، وعفافه ـ أي إن حدثنا فهو صادق، وإن عاملنا فهو أمين، وإن استثيرت شهوته فهو عفيف، وهو سيد الخلق وحبيب الحق ـ حتى بعث الله فينا رسولاً منا نعرف نسبه، وصدقه، وأمانته، وعفافه، فدعانا إلى الله لنعبده، ونوحده، ونخلع ما كان يعبد آباؤنا من الحجارة والأوثان، وأمرنا بالصوم، والصلاة، والحج ـ عبادة شعائرية ـ وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء ـ هذه عبادة تعاملية ـ".
 صار في حياتنا كطلاب علم طلاب في هذا المعهد، عندنا عبادتان؛ عبادة شعائرية كالصلاة، والصوم، والحج، والزكاة، وعبادة تعاملية كالصدق، والأمانة، والإنصاف، والعدل، والرحمة، وما على ذلك.

العبادة الشعائرية لا نقطف ثمارها إلا إذا أتقنا العبادة التعاملية :

 النقطة الدقيقة جداً وهذه أهم نقطة في هذا اللقاء الطيب، أننا في هذا المعهد نتعلم العبادتين معاً، كيف نصلي، وكيف نصوم، وكيف نحج بيت الله الحرام، ونتعلم أن نكون صادقين، أمناء، مستقيمين، منصفين، محسنين، أهم شيء في هذا اللقاء الطيب أن الإسلام كلٌّ لا يتجزأ، هناك عبادات تعاملية وشعائرية، نحن الآن مقبلون على ثاني أكبر عبادة شعائرية، أول عبادة شعائرية ما هي؟ الصلاة، لا خير في دين لا صلاة فيه، الصلاة عماد الدين، وعصام اليقين، وسيدة القربات، ومعراج المؤمن إلى رب الأرض والسماوات، الصلاة الفرض المتكرر الذي لا يسقط بحال من الأحوال، الصلاة عماد الدين، وعصام اليقين، وسيدة القربات، ومعراج المؤمن إلى رب الأرض والسماوات.
لكن الصلاة لا تقبل ولا تصح إلا إذا سبقتها استقامة على أمر الله، فالصادق يصلي، والإنسان الكاذب كذبه حجاب بينه وبين الله، الأمين يصلي أما ضعيف الأمانة فضعف الأمانة حجاب بينه وبين الله، إذاً العبادة الشعائرية كالصلاة، والصيام، والحج، والزكاة، لا نقطف ثمارها إلا إذا أتقنا العبادة التعاملية، أي حديثك يجب أن يكون صادقاً، حساباتك يجب أن تكون دقيقة، المبلغ ليس لك، أعطاك والدك مبلغاً اشترِ هذه الحاجة ورد لي الباقي، إن لم ترد له الباقي فهناك خطأ عندك، فالأمانة، والصدق، والإحسان، والتواضع، والصبر، والخدمة، هذه كلها عبادات تعاملية.

استعراض العبادات الشعائرية و علاقة الاستقامة بها :

 الآن سوف أستعرض معكم العبادات الشعائرية عبادة عبادة، وأبين علاقة الاستقامة بها، نبدأ بالصلاة:

(( لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا، فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا، قَالَ ثَوْبَانُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، صِفْهُمْ لَنَا، جَلِّهِمْ لَنَا أَنْ لَا نَكُونَ مِنْهُمْ، وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ، قَالَ : أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ، وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ، وَيَأْخُذُونَ مِنْ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ، وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا ))

[ سنن ابن ماجه عن ثوبان ]

 أي يصلي لكن لا يصدق، يصلي لكن ليس أميناً،

(( إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا ))

 إذاً لا قيمة للصلاة بل لا نستطيع قطف ثمار الصلاة إلا بالاستقامة على أمر الله.
 الصيام و نحن على أبواب الصيام:

(( مَن لم يَدَعْ قولَ الزُّورِ والعمَلَ بِهِ، فَليسَ للهِ حاجة فِي أَن يَدَعَ طَعَامَهُ وشَرَابَهُ ))

[أخرجه البخاري وأبو داود والترمذي عن أبي هريرة ]

 الصيام ترك المباحات فلأن نترك المحرمات من باب أولى، معقول صائم يكذب؟ مستحيل، صائم يحتال؟ مستحيل، صائم يأخذ ما ليس له؟ مستحيل، فالحد الأدنى الأدنى في الصيام الاستقامة على أمر الله.
 الآن الحج:

(( من حج بمال حرام فقال : لبيك اللهم لبيك، قال الله له : لا لبيك ولا سعديك حجك مردود عليك ))

[الأصبهاني في الترغيب عن أسلم مولى عمر بن الخطاب ]

 الزكاة:

﴿ قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْماً فَاسِقِينَ ﴾

[ سورة التوبة: 53 ]

رمضان شهر العبادات و شحنة سنوية للإنسان :

 ماذا أريد أن أقول لكم ونحن على وشك أن ندخل في ثاني أكبر عبادة في الإسلام وهي الصيام؟ الصوم ترك الطعام والشراب من طلوع الفجر الصادق إلى غياب الشمس، لكن يجب أن نترك مع ترك الطعام والشراب كل المخالفات الشرعية، وكل الآثام، إن تركنا الطعام والشراب، وكل المخالفات الشرعية، صحّ صيامنا وقَبِل الله عز وجل صيامنا، وجعل هذا الصيام عتقاً لنا من كل ذنب، ومن كل خطيئة.
 إذاً نحن قادمون على ما يسمى بدورة مكثفة لثلاثين يوماً، الهاتف الذي في أيدي بعض أخوتنا الطلاب، الخليوي يحتاج إلى ماذا؟ إلى شحن، تشحنه يحكي، لا تشحنه يسكت، تشحنه تتألق الشاشة، لا تشحنه تنطفئ الشاشة، وأنت كهذا الهاتف كيف يتم الشحن؟ في الصلاة، الصلاة شحن، عندنا في الصلاة شحن خمس مرات في اليوم، شحنت هاتفك خمس مرات في اليوم لا ينطفئ أبداً، عندنا شحنة أسبوعية ما هي؟ صلاة الجمعة، شحنة يومية الصلوات الخمس، شحنة أسبوعية صلاة الجمعة، عندنا شحنة سنوية الصيام، صلاة الفجر في المسجد طوال النهار صائم بعد المغرب تفطر، تصلي المغرب والعشاء والتراويح، لذلك الحديث الشريف الصحيح:

(( من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ))

[ متفق عليه عن أبي هريرة ]

 صام رمضان، فرمضان شهر العبادات أم شهر المسلسلات؟ العبادات، ترك الطعام والشراب، الصلاة في المسجد؛ الصبح، الظهر، العصر، المغرب، العشاء، التراويح، عشرون ركعة نحن مع الله فيها، هذه الفريضة التي أرادها الله كي يشحننا شحنة سنوية، يجب أن تكفي هذه الشحنة للعام القادم.
 نشحن كل يوم خمس مرات بالصلوات الخمس، شحنة أسبوعية صلاة الجمعة مع الخطبة، في كل عام شحنة سنوية الصيام، ثلاثون يوم في رمضان هذه شحنة روحية، شحنة صلة بالله عز وجل:

(( من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ))

[ متفق عليه عن أبي هريرة ]

(( من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ))

[ متفق عليه عن أبي هريرة ]

رمضان شهر العبادات والطاعات والإنفاق والتوبة :

 الآن عندما نهانا الله عز وجل عن أن نأكل في نهار رمضان، هل يعقل أن الذي لم نأكله في النهار نأكله في الليل؟ لا، كأن الله عز وجل أراد من هذا الشهر أن يكون صيانة لأجسامنا، فتخفيف الطعام في رمضان صيانة كاملة لجهاز الهضم، وهذا معنى:" صوموا تصحوا"، عندنا صيانة للجسم، وصيانة للقلب، وصيانة للنفس، إذاً رمضان شهر العبادات، شهر الطاعات، شهر الإنفاق، كان النبي عليه الصلاة والسلام جواداً وكان أجود ما يكون في رمضان، فهو كالريح المرسلة، يعطي كل شيء.
 رمضان شهر التوبة، فالإنسان إذا تاب في مطلع هذا الشهر عن كل خطأ ارتكبه، رمضان شهر التوبة، رمضان شهر المغفرة، رمضان شهر القرآن، لأن القرآن الكريم أنزل في رمضان، لذلك المفضل أن تقرأ في كل يوم جزءاً، وهناك شباب عندهم حماس أكثر يقرؤون جزأين، إما أن تختمه في رمضان ختمة واحدة، أو أن تختمه مرتين، لذلك أنصح أولاً كل واحد منكم أن يصلي الفجر في جماعة، لأنه من صلى الفجر في جماعة فهو في ذمة الله حتى يمسي، ومن صلى العشاء في جماعة فهو في ذمة الله حتى يصبح، نتعود برمضان أن نؤدي صلاة العشاء في المسجد، مع التراويح، وصلاة الفجر في المسجد، مع البقاء قليلاً للذكر والقرآن، قال تعالى:

﴿ أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً * وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً ﴾

[ سورة الإسراء:78-79]

الحرص على غض البصر و ضبط اللسان لنرقى إلى الله و نسلم و نسعد :

 إذاً نصلي ونحرص على صلاة التراويح، ونحرص على صلاة الفجر في المسجد، ونغض البصر، قال تعالى:

﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ﴾

[سورة النور : 30]

 نضبط اللسان، ليس هناك كذب، ولا غيبة، ولا نميمة، ولا بهتان، كل معاصي اللسان ينبغي أن تنضبط انضباطاً تاماً في رمضان، وكل معاصي العين ينبغي أن تنضبط انضباطاً تاماً في رمضان، إذاً نقوم بالعبادات الشعائرية ومعها العبادات التعاملية من صدق، وأمانة، وعفة، وإحسان، وتواضع، و إلى ما هناك من فضائل خلقية، فنحن إذا صمنا رمضان بهذه الطريقة إن شاء الله يكون هذا الصيام قفزة نوعية تعيننا على أن نرقى إلى الله عز وجل، وأن نسلم، ونسعد، وكل إنسان في حياته حاجة أساسية أن يسلم، وأن يسعد، ونرجو الله عز وجل لكم التوفيق والنجاح، وأن تكونوا قرة عين لأهلكم، ولمن حولكم، ولأساتذتكم الكرام، فلعل الله عز وجل يجعل منكم أعلاماً، وقادة، وعلماء كبار في المستقبل، ورمضان شهر التوبة، وشهر الغفران، وشهر قيام الليل، وشهر صلاة الفجر، وشهر العطاء، والكرم.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور