وضع داكن
20-04-2024
Logo
موضوعات علمية من الخطب - الموضوع : 052 - الجمل.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين, اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم, اللهم علمنا ما ينفعنا, وانفعنا بما علمتنا, وزدنا علماً, وأرنا الحق حقاً, وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً, وارزقنا اجتنابه, واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه, وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .

إليكم الحديث عن الجمل :


أيها الأخوة المؤمنون, لو أمعن المرء النظر إلى الجمل، لرآه من أبدع المخلوقات، إنه أعجوبةٌ في الهندسة التشريحية، فالجمل يعدُّ وسيلةٌ لا تقدر بثمن، في المناطق القاحلة المنبسطة، التي تغطي سدس مساحة اليابسة، والتي تستعصي حتى على أقوى المركبات، وفي العالم ما يزيد عن خمسة عشر مليوناً من الجمال، تزداد باستمرار، فكل ما في الجمل متقن التصميم للتكيُّف مع بيئته القاسية، فعينه لها رموشٌ كثيفةٌ مزدوجة، تحجب عنها رمال الصحراء المتطايرة, وتتميز بقدرتها على التكبير والتقريب، فهي تريه البعيد قريباً، والصغير كبيراً، وهذا سرُّ انقياده لطفلٍ صغير، أو لدابةٍ قميئة, قال تعالى:

﴿وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ﴾

[سورة يس الآية: 72]

وفي إمكان الجمل إغلاق أذنيه ومنخريه للغاية نفسها, أما أخفافه الضخمة فهي تسهِّل له الحركة على الرمال من دون أن يغرز فيه، وشفتا الجمل مطاطيتان قاسيتان تلتهمان الأشواك الحادة، وهما فعالتان في تجميع الطعام والأشواك، بحيث لا يفقد الجمل أي رطوبةٍ بمد لسانه إلى الخارج, قال تعالى:

﴿أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ﴾

[سورة الغاشية الآية: 17]

ومن أبرز مزايا الجمل: قلة حاجته إلى الماء، ومع أنه يمكنه أن يشرب ما يملأ حوض استحمام، لكنه يستطيع أن يستغني عن الماء كلياً عشرات الأيام، بل بضعة أشهر، حيث يستطيع في حالاتٍ طارئة، أن يأخذ ما يحتاج إليه من الماء, من أنسجة جسمه، فيخسر ربع وزنه، من غير أن يضعف عن الحركة، وفي السنام يخزن الجمل من الشحم، ما يعادل خمس وزنه، ومنه يسحب الجمل ما يحتاج إليه من غذاء، إن لم يجد طعاماً, قال تعالى:

﴿أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ﴾

[سورة الغاشية الآية: 17]

أيها الأخوة, متوسط عمر الجمل، يزيد عن أربعين عاماً، ولا يسلس قياد الجمل إلا إذا عومل باحترامٍ، ومودةٍ، وعطفٍ، وفي هذا عبرةٌ لبني البشر، قال تعالى: 

﴿أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ﴾

[سورة الغاشية الآية: 17]

كلمة فيها عبرة :

عرفتك يا رب, ببحثٍ وفطرةٍ، فجئتك صباً، طاهر القلب خاليا، لك في الآفاق آياتٌ، لعل أقلها هو ما إليه هداك، فإذ رأيت النبت في الصحراء يربو وحده، فاسأله: من أرباك؟ وإذا رأيت البدر، يسري ناشراً أنواره، من أسراك؟ وإذا رأيت النهر بالعذب الفرات جرى، فاسأله: من الذي أجراك؟ وإذا رأيت البحر في الملح الأجاج طغى, فاسأله: من الذي أطغاك؟ وإذا رأيت الليل يغشى داجياً، فاسأله: من ياليل حاك دجاك؟ وإذا رأيت الصبح يُسفر ضاحياً، فاسأله : من يا صبح حاك ضحاك؟ . 

تحميل النص

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور