وضع داكن
28-03-2024
Logo
موضوعات علمية من الخطب - الموضوع : 098 - الذي جعل من الشجر الأخضر ناراً - معامل الأوراق الخضر
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين, اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم 
اللهم علمنا ما ينفعنا, وانفعنا بما علمتنا, وزدنا علماً, وأرنا الحق حقاً, وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً, وارزقنا اجتنابه, واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه, وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .

من آيات الله في الأرض :

أيها الأخوة المؤمنون, نحن في فصل الربيع، وما من واحدٍ إلا ورأى بأمِّ عينه الأرض وقد ازدانت، وارتدت حلّةً قشيبة، الأشجار مزدهرة، وبعضها قد أورق، والأرض بساطٌ أخضر جميل، فهل تفكَّرنا في هذه الآية الكريمة التي أشار الله إليها؟ يقول سبحانه وتعالى:

﴿وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِراً نُخْرِجُ مِنْهُ حَبّاً مُتَرَاكِباً وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾

[سورة الأنعام الآية: 99]

أن تصبح الأرض مخضرَّة، هذه من آيات الله، أن تصبح هذه الشجرة، وقد ارتدت هذه الحُلَّة القشيبة، هذه من آيات الله، أن تنبت أنواع الأزاهير، هذه من آيات الله .

 

خطيئة الإنسان :

يقول الله سبحانه وتعالى أيضاً:

﴿فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ * أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبّاً * ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقّاً * فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبّاً * وَعِنَباً وَقَضْباً * وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً * وَحَدَائِقَ غُلْباً * وَفَاكِهَةً وَأَبّاً * مَتَاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ﴾

[سورة عبس الآية: 24-32]

فهذا الذي يذهب إلى نزهةٍ في هذه الأيام، ولا يعنيه إلا أن يستمتع بالمناظر الجميلة، من دون أن يسبِّح الله سبحانه وتعالى، ومن دون أن يرى في هذا الفصل، آيةً كبرى دالَّةً على عظمة الله عزَّ وجل، فهو إنسانٌ غافل .

 

إليكم هذه الإشارة من القرآن من أجل أن تلفت نظر الإنسان إلى العلة الغائية :


في القرآن الكريم آيةٌ تلفت النظر، يقول الله سبحانه وتعالى:

﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَاراً فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ﴾

[ سورة يس الآية: 80]

قد يسأل سائل: هذا الشجر الأخضر لا يحترق، لا يحترق الشجر إلا إذا كان يابساً، فكيف يقول الله سبحانه وتعالى:

﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَاراً فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ﴾

[سورة يس الآية: 80]

اكتشف العلماء، أن الخلية الخضراء الواحدة، تقوم ببناء عشرين مركب عضوي في دقيقةً واحدة، إذا عُرضت لأشعة الشمس، فالنبات يتغذَّى بالماء، وبعض المواد المعدنية، وبعض المواد العضويةوأكثر ما يأخذ من الهواء غاز الفحم، الذي يسهم في تكوين بنية النبات، إن بنية النبات لا كما يتوهَّم الإنسان، تتأتّى من التراب، بل إنما تتأتَّى من المعمل العظيم الذي أودعه الله في الأوراق الخضر، لولا الورق الأخضر، لما كان النبات، لولا أن هناك عمليّاتٍ بالغة التعقيد، تجري في الخلية الخضراء، لما كان النبات، فكأنَّ الله سبحانه وتعالى، حينما قال:

﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَاراً﴾

[سورة يس الآية: 80]

أشار إلى أنَّه لولا الأوراق الخضراء في النبات لما كان الشجر، هذه الصفة مترابطةٌ مع الموصوف ترابطاً وجودياً، لولا عمليات البناء التي تجري في الورقة الخضراء، إذا تعرَّضت لأشعَّة الشمس والهواء لما كان النبات، لو زرعنا نباتاً في ظلامٍ لما نبت، لو لم يتعرَّض النبات لأشعة الشمس لا ينمو، فهذه الأشجار الباسقة، وهذه الجذوع الكبيرة التي تزن بالأطنان، إنما هي نتيجةٌ لتفاعلٌ دقيقٍ دقيق، يجري في أوراق الأشجار، هذا السؤال يرد: كيف يقول الله سبحانه وتعالى: 

﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَاراً﴾

[سورة يس الآية: 80]

الشجر الأخضر لا يحترق، ولكن الشجر اليابس هو الذي يحترق، لكنَّ هذا إشارةٌ إلى أن هذا الشجر، ما كان له أن يكون شجراً

لولا أن الله سبحانه وتعالى زوَّده بهذه المعامل التي لا تعدُّ ولا تُحصى، إن كلَّ خليةٍ في كلِّ ورقةٍ معملٌ، ينتج المواد العضوية التي تسهم في نمو النبات، وفي ازدياد حجمه، هذه آيةٌ من آيات الله .

 

اقتد بنبيك أيها المسلم :

يقول النبي عليه الصلاة والسلام:

((أمرت أن يكون صمتي فكراً، ونطقي ذكراً، ونظري عبرةً))

إذا تنزَّه الإنسان في هذه الأيام، لا ينبغي أن يكون غافلاً عن آيات الله عزَّ وجل:

﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ﴾

[سورة يوسف الآية: 105]

﴿فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ﴾

[سورة عبس الآية: 24]

هذه الشجرة، تراها في الشتاء حطباً، يأتي الربيع، من أين جاءها الزهر؟ بعد الزهر، تأتي البراعم، بعد البراعم، تأتي الأوراق، فعل من؟ يد من؟ وإذا رأيت النبت في الصحراء يربو وحده، فاسأله: من أرباك؟ .

تحميل النص

إخفاء الصور