وضع داكن
29-03-2024
Logo
موضوعات في التربية - الدرس : 020 - الابتلاء 1 الله يبتلي العبد فيما أعطاه.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتبعاه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا مما يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
أيها الأخوة الأكارم:
محور الأحاديث في هذا اليوم حول البلاء، وكللكم يعلم أن الله سبحانه وتعالى في نص القرآن الكريم وفي آية محكمة، قطعية الدلالة يقول:

 

﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً﴾

 

( سورة الملك: 2 )

 الإنسان متى يتألم ؟ أو متى يشقى ؟ إذا لم يعرف حقيقة الدنيا، ولم يعرف حقيقة نفسه، فإن ظن أن الدنيا دار استقرار، دار قرار، دار نعيم دار جزاء، يفاجئ، يصاب بخيبة أمل، وما من شعورٍ أمض في النفس من خيبة الأمل، المؤمن في ضوء القرآن والسنة يملك السنن التي سنها الله في القرآن، ففي ضوء السنن يفهم الحوادث، الحادث وقع البطولة لا في أنه وقع أو لم يقع لا وقع، ولكن البطولة في تفسير ما وقع، فأحياناً ينصب التفكير كله، وينصب الاهتمام كله على هذه الدنيا فإذا فجع فيها المؤمن بماله، أو بأهله، أو بمكانته، يتألم ألماً شديداً، فكلما اقترب المؤمن من روح القرآن، كلما اقترب المؤمن من فهم حكمة الوجود وحقيقة الحياة الدنيا، وحقيقة الإنسان أمكنه أن يواجه الأحداث المؤلمة بتفسير صحيح، هو أقرب إلى الرضا والاستسلام.
 أولاً قبل أن نقرأ بعض الأحاديث المتعلقة بالابتلاء، في بالإسلام مفهوم إن شئت أن تسميه مفهوماً، أو في بالإسلام مقام إن أن تسميه مقاماً أو في بالإسلام مركز خطير جداً ألا وهو العبودية، ما العبودية ؟ أي أنك عبدٌ لله عز وجل، فقير، جاهل، ضعيف، وأن الله سبحانه وتعالى هو الغني، وهو القوي، وهو العليم، فكلما تحققت بعبوديتك لله عز وجل كلما عرفة الله أكثر، وكلما أمكن أن تلقي على الأحداث ضوء كاشفاً، هذه مقدمة.
 أولاً: الإنسان إذا كان شريكاً يناقش شريكه، إذا كان نداً يناقش نده أما إذا كان عبداً ضعيفاً وقد ائتمر بما أمر وانتهى عما عنه نهي ورب العالمين اختار هذا، الشيء قبل أن يقع لك أن تتلاف وقوعه، لك أن تحرص على ألا يقع، لك أن تسهم في دفعه، لك أن تقف، لك أن تعمل لك أن تسعى، ولكن الشيء لمجرد أنه قد وقع ففي علم التوحيد أراده الله عز وجل، أن لعبد ضعيف، أن لعبد جاهل، أن لعبد قاصر الإدراك أن لعبد حادث، أن لعبد مفتقر أن يكشف حقائق الأشياء، الله عز وجل في قرآن كريم ذكر آية واحدة، قال:

 

﴿وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (216)﴾

 

( سورة البقرة: 216 )

 لا أعتقد في أخ من الأخوان الحاضرين إلا بحياته مجموعة حوادث حينما وقع الحادث كان مؤلماً جداً، حينما وقع الحادث كان مدعاة للحزن والألم، وبعد أن انجلى الحدث، وبعد أن مضى عليه ردح من الزمن تكشف الخير الكامن في هذا الشر، الشيء الذي أتمناه من كل قلبي أن يكون واضحاً عندكم هو أنه لا شر في الكون بمعنى الشر المطلق المراد بذاته، مادام هناك إله موجود واجب الوجود، واحد في ذاته، وفي أفعاله وفي صفاته، مادام هذا الإله له أسماء حسنة وصفات فضلى، إذاً ليس في كونه شر مطلق إطلاقاً، أبداً، هذه حقيقة سماعها سهل، وألقاها سهل لكن التحقق منها يحتاج إلى جهد كبير، يحتاج إلى سعي حثيث، إلى بحث دقيق، إلى إيمان مكين، قد ترى الشرور بعضها فوق بعض، قد ترى الظلمات بعضها فوق بعض، قد ترى أن هذا الأمر، أن هذا الزلازل أطاح بخمسين ألف إنسان، أصبحوا تحت الأنقاض، تحت الأنقاض أطفال ونساء، أن هذا الفيضان أتلف المحاصيل، أن هذه الجائحة أذهبت نفوساً بريئة، يجب أن تؤمن من خلال تأملاتك العميقة والدقيقة في الكون، من خلال رؤيتك للأسماء الله الحسنة، أن الشر المطلق لا وجود له في الكون إطلاقاً، الشر بالنفوس موجود، نية المؤمن خير من عمله، ونية الكافر شر من عمله، لو شققت على صدر كافر لرأيت فيه من الشر وحب الأذى وحب أن يعيش وحده، وأن يعيش على أنقاض الناس كلهم، وأن يبني مجده على حطامهم، وأن يبني غناه على فقرهم، لرأيت الشيء الكثير ولكن ما دام الله موجوداً فبيده كل أمر.
 النبي عليه الصلاة والسلام في صلح الحديبية وقع صلحاً مع مشركي مكة هذا الصلح في ظاهره مهين، هذا الصلح ما رضي به سيدنا عمر قال علامَ نعطي الدنيا في دينينا، سيدنا الصديق قال ألم تؤمن أنه رسول الله، قال بلا، قال الزم حرزه.
يعني مر في التاريخ الإسلامي، طبعاً مع فارق كبير جداً مر أشياء في ظاهرها مزعج مؤلم، ولكن في حقيقتها مسعدة، إذاً

((" وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون ))

 " العبودية لله عز وجل أن تستلم له، أن تستسلم لمشيئته، أن ترضى بقضائه، أو تفوض له، أن تعطي الرضى لحكمه هذه هي المشيئة، أساس هذا التسليم وذاك الرضى أن تعرف أن هذه الحياة الدنيا حياة قصيرة جداً أعدت لحياة أبدية، فمن السهل على الله عز وجل أن يضحي بها من أجل حياة أبدية، من السهل على الله عز وجل أن هذه يجعل الحياة الدنيا مشحونة بالمتاعب، والمصائب من أجل أن تزكو النفس.
 فأنت إن لم تستلم ففي العبودية ضعف.
 النبي عليه الصلاة والسلام في الإسراء والمعراج بلغ أعلى مكانة ومقام يبلغه إنسان في الكون، إنه مقام العبودية أن ترى أنك لا شيء، وأن الله كل شيء، أن ترى حكمته ورحمته وعدله وإنصافه، وأن ترى قدرته أن ترى أسمائه في أفعاله، فإذا رأيت في أفعاله شيئاً يناقض أسمائه إذاً لا بد من جهد جهيد، ومن بحث دقيق حتى نبلغ هذا المستوى الرفيع.
 الآن إلى بعض الأحاديث الشريفة المتعقلة بالبلاء يقول النبي عليه الصلاة والسلام فيما رواه الإمام أحمد في مسنده: إن الله عز وجل يبتلي عبده بما أعطاه، انظر إلى دقت البلاء، أنت ماذا أعطاك الله، أعطى فلان أمناً مالك ملاحق، في بحبوحة، نعمة الأمن هذه كيف تستهلكها ؟ في لعب النرد ؟ في الاسترخاء ؟ في التمطي ؟ في الحديث عن الناس، أم تستهلك نعمة الأمن في معرفة الله وفي العمل الصالح، أعطاك المال هذا المال شيء نفيس جداً، هو قوام الحياة، كيف تنفقه ؟ تنفقه في الترف والبذخ أم تنفقه في إسعاد الآخرين، في مواساتهم، في مسح جراحهم إن الله عز وجل يبتلي عبده بما أعطاه، أعطاك صحةً، أعطاك مالاً سلبك شيئاً أعطاك دخلاً محدوداً قليلاً، أعطاك زوجة دون المستوى المطلوب أعطاك حرفة متعبة، أسكنك في بيت صغير، إن الله عز وجل يبتلي عبده فيما أعطاه، فمن رضي بما قسم الله له بارك الله فيه ووسعه، ومن لم يرض لم يبارك له، من رضي، أنت متى ترضى ؟ إذا رأيت أن يد الله هي المتصرفة، الذي يرضى بقضاء الله، الذي يرضى بنصيبه من الله عز وجل، لك شكل معين، لك قوام معين، لك صحة معينة، لك أعضاء معينة، لك أجهزة معينة، لك بيت، لك أهل، لك أولاد، لك عمل، لك دخل، هذه سميت حظوظ، حظوظك من الدنيا هل أنت راضٍ عنها راضي عن أنه أنت ابن فلان، جئت في هذا العصر، في هذه البلدة، في مدينة، في قرية، من أبوين غنيين، من أبوين فقيرين، في بالجسم بعض العلل الولادية، في ضعف عام، في نشاط، جئت بقدر عال من الذكاء بذكاء متوسط، هل أنت راضٍ بما قسمه الله لك، من الذي يرضى ؟ الذي يعرف أسماء الله الحسنى، يعرف أن كل ما وقع أراده الله، وأن حكمةً وعلماً وقدرةً وغنىً ورحمةً ولطفاً دخل في هذا التقدير.
 إذاً أول حديث: إن الله عز وجل يبتلي عبده بما أعطاه، فمن رضي بما قسم الله له بارك الله فيه ووسعه، يعني زوجة حينما خطبتها رأيتها دون المستوى المطلوب لكن قلت الحمد لله هذا نصيبي أنا راضٍ به يا ربي هذه هديتك إلي، هذه الزوجة التي تصورها الزوج أنها دون المستوى المطلوب سوف تسعده، سوف تسعده بأخلاقها ووفائها وإخلاصها ودينها وعفافها وورعها، تنجب له أولاداً أبراراً، هذه الزوجة التي لم ترض بها من قبل كل الخير كان كامناً فيها، وقد يكون لك دخل محدود ولكن الله عز وجل متعك أنت وأهلك وأولادك إلى عمر مديد بصحتك، مادام ما في أمراض وبيلة وألهمك الحكمة في إنفاق هذا الدخل، في آية كريمة قرأت عنها كتاباً ألف كتاب في تفسير آية واحدة، هذه الآية:

 

﴿ يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً﴾

 

( سورة البقرة: 269 )

 أنت بالحكمة تجعل من الزوجة السيئة زوجةً صالحة، وبالحمق تجعل أرقى زوجة أسوء زوجة، بالقسوة والفظاظة والسخرية والتهكم والأنانية، تبتعد عنك شيئاً فشيئاً حتى تقف مواقف قاسية، مواقف لا تبالي بك ولا بمكانتك، ولا بحقوقك عليها، إذاً "ومن يؤت الحكمة" انتبه دقق أن الأنبياء العظام الذين اصطفاهم الله عز وجل من كل الخلق.

 

﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (33)﴾

 

( ورة آل عمران: 33)

 ماذا أعطاهم الله عز وجل، العلم والحكمة، فإذا كان نصيبك من العلم والحكمة وافراً فأنت الغني، بالحكمة تسعد في بيتك، تسعد في عملك تسعد في متجرك، بالحكمة تمضي وقتك بشكل غني فرٍ، بالحكمة تعرف سر وجودك في الدنيا، بالحكمة تعمل الأعمال الصالحة، إذاً: إن الله عز وجل يبتلي عبده بما أعطاه، فمن رضي بما قسم الله له بارك الله فيه ووسعه.
 تجد هذه الزوجة التي كان تردد بقبولها، الذي كان في ضيق كيف تم الأمر ؟ لا حول الله تورطنا مثلاً، أصبحت هذه الزوجة مصدر سعادته وهنائه، هذا البيت، هذا الدخل، هذه الوظيفة، اختار الفرع في الجامعة فإذا بهذا الفرع يعني جعل له أداة طيعة مثلاً للدعوة إلى الله.
 إذاً هذا الحديث الأول، فكل واحد له شكل، في طويل وفي قصير في أبيض وفي أسمر، في قوي وفي ضعيف، في وسيم وفي دميم، له دخل، له حرفة، له أهل، هذا حظك من الله، يجب أن تعلم أنه ليس بالإمكان أبدع مما كان، هذا كلام الإمام الغزالي، ليس في الإمكان أبدع مما كان، أقول كلمة دائماً أنه إذا كشف الغطاء قبل الأوان لذاب الإنسان شكراً على أن خصه الله بهذه الحظوظ، يا ربي ليس في الإمكان أبدع مما أعطيتني، مو ليس في إمكانك ؟ لا، حاشا لله، ليس في إمكاني أنا أبدع مما أعطاني ، الواحد يا أخي علامة واحدة كنت سأطلع إلى بعثة راحت مني، علامة واحدة، لكل شيء حقيقة، وما بلغ عبدٌ حقيقة الإيمان حتى يعلم، أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطائه لم يكن ليصيبه، ارضَ إن رضيت يعني أمنت بوجوده، وأمنت بوحدانيته وأمنت بألوهيته وبربوبيته، أمنت بحكمته، أمنت بعلمه، أمنت بقدرته، أمنت بغناه أمنت بكماله، إذا رضيت وإن لم ترضى فكأنك شاك في قضائه وقدره كأنك شاك في حكمته.
الحديث الثاني الذي رواه الإمام البخاري:

 

((من يرد الله به خيراً يصب منه))

 يعني عندك ولد فتح باللغة الدارجة ذكي، في متابعة، بل في قسوة بل في محاسبة، بل في حساب عسير، لأنك حينما رأيته نبيهاً ذكياً رسمت له في ذهنك له مستقبلاً عالياً، في ضوء هذا المستقبل تحاسبه أنت حساباً عسيراً، في إنسان يفعل كل المعاصي، يرتكب كل الموبقات، لسانه في الغيبة والنميمة، أعضاءه في المعصية، أشجانه في الفسق والفجور قوته يستعلي بها على الناس، ماله يبدده على ملذاته الرخيصة، ومع لك تراه قوياً، رفيع الشأن، هذا سماه النبي عفريت نفريت، لا يمرض أموره كلها جيدة، مثل الأجانب، ينزلون واقفين دائماً، يا رب ما القصة ؟ القصة سهلة جداً.

 

﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ﴾

( سورة الأنعام: 44 )

 متى تشكر المولى على أن جعلك مع أناس مستضعفين، حياتهم كلها مآسي، حينما تأتي يوم القيامة وترى مصير هؤلاء الأذكياء، الأقوياء الذين يوقعون الناس في شباكهم، ويتفوقون عليهم، ترى أنهم في أسفل سافلين.
إذاً: من يرد الله به خيراً يصب منه، وأنا لي مثل مشهور ثلاث أولاد، ولد ذكي ومتفوق، وولد ذكي ومقصر، وولد أبله، فأنت بشكل لا شعوري تدع الأبله وتهمله لا عن عجزٍ ولكن استجابته ضعيفة، وتعتني بهذا الذكي المقصر، وهذا الذكي المتفوق هو وشأنه، صار في معنا قاعدة إذا عصاني من يعرفني صلت عليه من لا يعرفني.

 

﴿ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (4) وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (5) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ (6)﴾

 

( سورة القصص: 4 ـ 5 ـ 6)

 هذا قانون إلهي، بالأرض هناك فئتان، فئة لا تعرف الله أبداً وفئة تعرفه لكنها تعصيه، سنة الله في خلقه أن هذه التي لا تعرفه يصلطها على من تعرفه، من أجل أن تعود هذه التي تعرفه إلى رشدها فإن عادت مكنها من التي لا تعرفه، وهكذا.
 إذاً: من يريد الله به خيراً يصب منه، في نقطة دقيقة جداً أتمنى على الله عز وجل أن تكون واضحة عندكم، يعني إذا واحد منكم ماله مستقيم أموره ميسرة وفي بحبوحة كل شيء يأتي كما يريد، له أفعال لا ترضي الله، له أقوال لا ترضي الله، له علاقات، له شبهات، له معاصي وفي إنسان يحاسب نفسه على نظرة، وعلى كلمة، وعلى خاطر، وكل ما غلط تأتيه مصيبة، الذي أراه أن هذا الذي يحاسب حساباً يسيراً هو المحبوب عند الله عز وجل، والدليل إذا أحب الله عبداً ابتلاه، فإن صبر اجتباه، فإن شكر اقتناه، إذا أحب الله عبداً عجل له بالعقوبة، غلطة جاء القضيب بسرعة، كان الكتاب في القديم كنا طلاب في معهد تعليمي قديمة القصة، في لوحة زيتية ببهو المعهد لوحة لرسام يصور التعليم القديم شيخ جالس على الأرض، وأمامه الطلاب الصغار يقرؤون عليه العلم ومعه قصبة، هذه القصبة تطول آخر طالب، فلما الطالب يغلط تأتي فوق رأسه رأساً، ما في تعال إلى عندي وما اسمك، ودفترك، رأساً تأتي الضربة، في إنسان تلاقيه ما شي بشكل جيد مستقيم غلط غلطة رأساً مشكلة، إذا كنت تعرف حقيقةً افرح لأنك غالٍ على الله عز وجل، لأن الله يعدك لمرتبة راقية، لأن الله يؤهلك لأن تكون من أحبابه، هذه المحاسبة الشديدة، الآن إذا كان أب مسيب أولاده نشئوا بلا علم، نشئوا أولاد أزقة، نشئوا بحالة اجتماعية ذرية، لا مهنة، ولا صنعة، ولا شهادة، ولا حرفة، ومركزهم الاجتماعي متدني، لهم عمل متعب يحتاج 12 ساعة، وأب ثاني ربى الأولاد تربية عالية جداً، حاسبهم على الدقيقة، أنت خرجت الساعة الرابعة الآن الرابعة والثلث، الطريق فقط عشرة دقائق، بابا ما في تعال لهون، على التمام أين وظيفتك، أين دراستك، لماذا لم تأخذ عشرة، كل يوم يجلس معه ساعتين ثلاث يحاسبه على العشرة والتسعة، وليش تأخرت، وأحسنت، وكم عشرة عندك لحتى صار هذا الابن بمركز اجتماعي مرموق، ومكانة كبيرة، ودخل كبير، هذا الابن لما نظر إلى زملاءه المقصرين مصيرهن، وهو بفضل شدة والده متابعته، وقسوة والده، بلغ هذه المرتبة تلاقيه ذاب حباً بوالده إذا واحد يحب الله عز وجل بدو يتحمل شوي، طالبان واحد بمدرسة وواحد من أبناء الأزقة، أحياناً يفتخر ابن الشارع على ابن المدرسة، أنا لا أحد يتكلم معي، أنا لا أحد يضربني، أنا لا أحد يقول لي أين وظيفتك أنا مكيف، أنا أستيقظ الساعة 12 إذا أردت، أن أغيب وآتي الساعة 12 بالليل، لا في مدير جيب وليك، هذا افتخار باطل، أنت خارج المدرسة كلها، أنت خارج العناية المشددة، كلمة عناية مشددة مزعجة ناس يفهمونها لأمراض القلب فقط، أما نحن والله جميعاً في عناية مشددة بالمعنى اللغوي، فأنت لما أمنت بالله عز وجل وطلبت مرضاته، وقف لأقول لك، خمسين علة في بنفسك، هذه أول علة، يضعه ربنا في ظرف معين هالمرض يظهر، يكشف العبد نفسه، أنا أناني لهذه الدرجة، أنا عندي هذه العصبية السريعة، عندي هذا التسرع، ما لي منضبط، يأتي العقاب الإلهي، تلاقي تشطيب، أول مرض خلص، يريحه جمعتين ثلاث لا بعدين تأتيه مشكلة ثانية، يظهر عنده شيء من اللؤم أنت مؤمن ! يبعث له عقاب يتوب منه يريحه جمعتين ثلاث، فكلما المرتبة نزلت يرتاح أكثر كل ما عليت تصبح أوقات الراحة ضيقة شوي، النبي الكريم عليه الصلاة والسلام، سيد الخلق ومع ذلك قال أوذيت بالله، طبعاً من نوع ثاني وما أوذي أحد مثلي، وخفت وما خاف أحد مثلي، ومضى علي ثلاثون يوماً لم يدخل جوفي إلا ما يوارى إبط بلال، هذا الحديث مريح جداً من يريد الله به خيراً يصب منه.
 ما في أيام الإنسان سبب عودته إلا الله مشكلة كبيرة، كان شارد كان بعيد عن الله، كان مقصر، كان يأكل حقوق الناس، الله بعث له مشكلة كبيرة جداً، هذه المشكلة جعلته على أبواب الله، على أعتاب الله دفعته إلى التوبة، حملته على الطاعة، الله عودك الجميل فقس على ما قد مضى، هذه أيام الله، لذلك ربنا عز وجل قال:

 

﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ﴾

 

( سورة النحل: 126 )

 الآية في لها معناً دقيق، أنت حينما عاقبك الله عز وجل ما عاقبك انتقاماً، وما عاقبك تشفاً، إنما عاقبك ليردك إليه، إنما عاقبك ليسعدك إنما عاقبك ليهديك، إنما عاقبك ليجعلك تتوب، فأنت إن عاقبت الآخرين لا تنطبق في عقابك من حقد عليهم، لا، عاقبهم من قلب رحيم، عابهم من حرص عليهم، عاقبهم بهدف نبيل

(( "وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم"))

 الحديث الذي رواه الإمام الترمذي يقول النبي عليه الصلاة والسلام:

 

 

 

((إن عظم الجزء مع عظم البلاء.))

 لو أن جسمه قرض بالمقاريض في سبيل الله، لأن يوم القيامة يرم العطاء، يوم الجزاء، فالذي قاسى في سبيل الله، الذي صبر، الذي قدم الذي تلقى الضربات في سبيل الله، هذا كله عند الله، فلذلك عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله عز وجل إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن صبر فله صبره ومن سخط فله السخط، يعني فرق المؤمن الناجي عن غير المؤمن فرق زمني، تأتي المصيبة، المؤمن يقول لا إله إلا الله لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا العليم الحكيم، لا إله إلا الله الرحمن الرحيم الكلام الدقيق، يعني هذا ليس بفعل فلان، ولا علان، ولا زيد ولا عبيد ولا هذه أفعال لا........ الفاعل الحقيقي هو الله عز وجل، والله أسمائه حسنى، لا إله إلا الله الرحمن الرحيم، لا إله إلا العليم الحكيم، لا إله إلا الغني القدير هذا من دعاء النبي إذا نزلت مصيبة، إن عظم الجزاء مع عظم البلاء وإن الله عز وجل إذا أحب قوماً ابتلاهم فمن صبر فله صبره، ومن سخط فله السخط ما معنى إذا أحب الله قوماً ؟ الله عز وجل كما قال العلماء محبته صفة زائدة على رحمته، الأب يرحم كل أولاده، الطائعين والعصاة، إلا أن الابن المتفوق الأخلاقي البار يرحمه بطعام وشراب وكسوة ومصروف ويحبه فالمؤمن لورعه واستقامته وحرصه وخدمة الناس وطاعته لربه عز وجل الله عز وجل يرحمه ويحبه، وحب الله له صفة زائدة على رحمته به.
 الآن بقي إما أن تصبر، معنى هذا أنك قد نجحت، وإما أن تسخط معنى ذلك أنك قد غضرسة، ما معنى السخط ؟ يعني يا رب قضائك لم يعجبني يا رب هذه ليست حكمة، لماذا لم تفعل هكذا، معناها أنت شريك له، ما عدت عبداً له، لماذا لم تفعل هكذا، لماذا لم تؤيد هؤلاء على هؤلاء، لماذا هذا ؟ لماذا هذا ؟ لماذا هذا ؟ أنت خرجت من مقام العبودية إلى مقام الألوهية وأنت لا تدري، أنت عبد يجب أن تحترم مشيئة الله عز وجل، ويجب أن تنتظر كيف أن الله يكشف لك عن حكمته، من أدراك أن الذي حدث وراءه خير كبير، بالمدى المنظور غير مرئي بالمدى البعيد قد يكون مرئي.

((ما من مسلم يشاك بشوكة فما فوقها إلا كتب الله له بها حسنة وحط بها عنه خطيئة))

[ رواه البخاري ]

 الواحد كل شيء بقدر ما دام ، وما تسقط من ورقة إلا هو يعلمها إذاً: لا من عثرة ولا اختلاج عرق ولا خدش عود إلا بما قدمت أيديكم وما يعف الله أكثر، عثرة واحد وقع بسمار طالع من باب خدش يدك لا من عثرة ولا اختلاج عرق، اضرب، ولا خدش عود إلا بما قدمت أيديكم وما يعف الله أكثر، فإذا كانت شكة دبوس، ما من مسلم يشاك بشوكة فما فوقها خسر ماله كله، فلس، جاء التقرير مرض عضال، يقول لك انهرت، لا ما من مسلم يشاك بشوكة فما فوقها إلا كتب الله له بها حسنة وحط بها عنه خطيئة.
 لي صديق طبيب قال لي أعجب ما رأيت مريض يبدو أنه مؤمن إيمان عالي، دخل إلى المستشفى وفي أمعائه ورم خبيث، وآلام هذا الورم في الأمعاء لا تحتمل، يعني قد ما كان مريض وأعصابه قوية يصرخ ويصيح، قال هذا المريض نراه متألماً ألماً شديداً كلما دخلنا عليه يقول للداخل اشهد أنني راضٍ عن الله، الحمد لله يا ربي على ما أنا فيه، أقسم لي هذا الطبيب وهو صادق، قال والله كلما دخلنا طبعاً المرض بالأمعاء وصار في فتح للأمعاء، وأصبح الخروج من جانب البطن يعني أصبح الغائط يخرج من طرف البطن، قال لي لا أحس بهذه الغرفة إلا وفيها ملائكة، فيها روائح طيبة، إذا طلب هذا المريض ممرض أو ممرضة قال لي يتهافتوا على خدمته، يتخانقوا، الأطباء عندهم دائماً قال ثلاث أيام توفي، أما توفي بأحلى حال، قلت سبحان الله واحد مرض خبيث، وهو شاب في ريعان الشباب، لكن إيمانه قوي، قال يا ربي اشهد أنني راضٍ عنك، وراضٍ بقضائك وقدرك، من غرائب الصدف، في المستشفى نفسها، وفي الغرفة نفسها دخل مريض بالمرض نفسه بعد فترة، لكن من أهل الدنيا والإعراض، قال لي ما في نبي ما سبه، سب الدين، صراخ الرائحة الكريهة، قال لي يا لطف كأن أصبحوا هاذين المريضين آية لأهل المستشفى، انظر إلى المؤمن ملائكة، قال النبي الكريم الصبر عند الصدمة الأولى، لكن بعد جمعة ما نفعل ؟ يستوي المؤمن والفاجر بعد جمعة، أما البطولة عند الصدمة الأولى.
إذاً: ما من مسلم يشاك بشوكة فما فوقها إلا كتب الله له بها حسنة وحط بها عنه خطيئة.
 يعني أنت غالي على الله، يعني كرامتك غالية عليه، وصحتك غالية، لكن لما يأخذ منك بعض الصحة فليرفعك، أنا ما في كلمة تؤثر في نفسي كهذا الحديث، إن هذه الدنيا دار التواء لا دار استواء، حينما تنطلق إلى أن تصفو لك الحياة فأنت واهم، هذه الحياة ركبت على المشكلات لأنها دار ابتلاء، تتوهم أن مثلاً قاعة الصف ستجد فيها مقعد مثل الكرنك مريح على ثلاث حركات، ويصبح تخت مثلاً، وأمامك أنواع المشروبات السندويش والمجلات، والمذياع، هذه قاعة صف ؟ هذه قاعة فندق مكان بفندق هذا، الصف مقعد خشب، والحرارة 12، 18، وما في أي شيء يدعو للرفاه، لو كان مقعد مريح كنت تنام والطلاب كلهم يناموا، إذاً أساس التدريس يكون في نشاط وفي يقظة، وفي خشونة، حتى أرقى الجامعات فيها خشونة، أما الراحة التامة في الجامعة مدعاة للنوم، مدعاة للهو، إن هذه الدنيا دار التواء أساسها، تلاقي دخله كبير ما عنده أولاد عنده عر أولاد كما يقول العوام ما معه شيء، طيب دخله جيد وعنده أولاد الزوجة سيئة جداً، الزوجة جيدة الدخل قليل، الدخل جيد في علتين ثلاث بجسده، بعمله مزعوج، إن هذه الدنيا دار التواء، لا دار استواء ومنزل ترح تلاقيه تزوج فرح بحاله، جاءه ولد حرارته أربعين ركض خمسة أيام ما نام الليل التهاب سحايا معه، تلاقي الأب بوضع مضطرب جداً، هكذا الحياة في أمراض، وفي سؤال، وفي جواب، وفي تعال لعندنا، كل شيء في بالحياة، وفي فقر، وفي أحياناً مواقف صعبة ومنزل ترح لا منزل فرح، فمن عرفها: هنا الآن البطولة، من عرفه دار ابتلاء، ممر دار امتحان، دار عمل، وقت محدود، فمن عرفها فلم يفرح لرخاء لأنه موقت، فمن عرفها لم يحزن لشقاء كمان موقت، لا الرخاء دائم ولا الشقاء دائم، قد جعلها الله دار بلوى، جعلها في أساسها دار ابتلاء وجعل الآخرة دار عقبة، فجعل دار الدنيا لعطاء الآخرة سببا وجعل عطاء الآخرة من بلوى الدنيا عوضا، فيأخذ ليعطي، ويبتلي ليجزي.
حديث قدسي كنت أقوله للناس آلاف المرات، في مرة سبحان الله انتبهت لنقطة فيه كانت غابت عني، قال له يا داوود مرضت فلم تعدني قال كيف أعودك وأنت رب العالمين، قال مرض عبدي فلان فلم تعوده أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده، فلما ربنا سحب منك شيء من الصحة هو تجلى عليك برحمته، تلاقي المريض المؤمن قريب من الله كثير، إن زرته ترتاح، لأنه ريب من هذا المرض، الله سلبه شيء من الصحة لكن أعطاه مزيد من التجلي، والطمأنينة، والراحة، أفلا تحب أن يكون الله معك، وأخذ منك شيء، مثل ما تكلم رسول الله.
 أما ترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير وترجعوا أنتم برسول الله، هذه كلمة عميقة كثير قسها على نفسك، أما ترضى أن يكون الله راضياً عنك، والناس الأموال والسيارات والبيوت والمزارع والعز والسلطان، أما ترضى أن يكون الله راضياً عنك وللناس الدنيا كلها سيدنا عمر ألم يرى النبي نائم على الحصير، رسول الله،على حصير وقد أثر الحصير على خده الشريف، وبكى، لم تبكي يا عمر ؟ قال رسول الله ينام على الحصير ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍، ما تحملها، وكسرى ملك الفرس هذا المجوسي ينام على الحرير، قال يا عمر أما ترضى أن تكون الدنيا لهم والآخرة لنا، هذا في رواية، الرواية الثانية يا عمر إنما هي نبوة وليست ملكاً أنا لست ملك، هذه نبوة، فالنبي متواضع، النبي متقشف، النبي مخلص، النبي محب، فأنت أما ترضى أن يكون الله راضياً عنك أن تكون على الحق، أن تكون مستنيراً، أم تكون طائعاً، أن تكون في رضوان الله، دخلك حلال، أهلك مستقيمين، بيتك إسلامي، أنت ورع حريص على طاعة الله، هذه المشاعر، أن خالق الكون يحبك، وعلى الدنيا السلام، لو أن الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى الكافر منها شربة ماء.
 في أحاديث نرويها كثيراً، يقولوا شدة القرب حجاب، يقال في علم اللغة الكلمة التي كثر استعمالها فقدت مدلولها، مثلاً يقول قتلته كلمة قتل يعني ذبحه، من كثر ما استعملنها يقول قتلني أستاذ، ما معنى أتلني باللغة الفصحى قتلني، يعني أزهق روحي، هي ليست هكذا من شدة استعمال هذه الكلمة فقدت مدلولها الحقيقي، أحاديث يسمعونها المسلمون كثيراً لكنهم لم يقفوا عندها وقفة متأنية، لو أن الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة يعني إذا واحد على يده بعوضة وقتلها ينظر إلى نفسه أنه مجرم قاتل يتحاسب أحد يحاسب، ينظر نفسه فعل غلطة كبيرة ؟ أبداً بأعلى درجات التألق والورع يقتل بعوضة، ما لها قيمة أبداً البعوضة لا على أحد، ولا على مجتمع، ولا على إنسان، وقتلها عمل لا يعني شيء، فما قولك في جناحها، لو أن الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى الكافر منها شربة ماء فالمقياس مو مقياس مال وغنى وصحة ومناطق، لا، المقياس أن تعرف الله، وأن تكون في طاعته هذه البطولة.

 

((قال سعد بن أبي وقاس رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ‏: سألت رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أي الناس أشد بلاء، فقال: الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل فيبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان رقيق الدين ابتلي على حسب ذاك، وإن كان صلب الدين ابتلي على حسب ذاك، فما تزال البلايا بالرجل حتى يمشي على الأرض وما عليه خطيئة ))

 

[ رواه الإمام البخاري ]

معناها البلايا عملية تطهير.

﴿ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى (7)﴾

( سورة طه: 7)

 في أمراض نفسية تخفى عنك أنت، فربنا يضعك في ظرف صعب هذا المرض يظهر، يأتي العقاب وبعده التوبة بعده الإقبال معناها طهرت أنت، طيب كل جمعة مشكلة، بقلك نضج فلان، صار كلامه فيه أدب ما عاد كلامه فيه تنطع، فيه تجبر، في تعالي، في شرك، قد ما أكل قتل عرف نفسه، كل كلمة يحكيها زيادة يقول لك أنا، من أنت ؟ تأتي الضربة مثل القصبة، قال أنا أتت الضربة، فأنا ونحن ولي وعندي مهلكات هذه، فكلما شعر أنه أزيحت عنه مشكلة ارتقى عند الله عز وجل أي الناس أشد بلاء، فقال: الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل فيبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان رقيق الدين ابتلي على حسب ذاك، وإن كان صلب الدين ابتلي على حسب ذاك، فما تزال البلايا بالرجل حتى يمشي على الأرض وما عليه خطيئة.
 الدليل: أنت قضيت بالجامع ثلاث سنوات أربع سنوا سنتين خمسة سبعة أثنى عشر، لك مدة أمضيتها، راقب نفسك أول يوم أتيت والآن من تعرف حالك، اجلس مع أناس كانوا أصدقاءك، بتلاقي في فرق كبير جداً، في الحديث، في المنطق، في الأخلاق، في الورع، في الطهارة بتلاقي في له نظرات خبيثة للنساء، عنده مزاح جنسي عندما يتكلم، في عنده أساليب احتيالية، كان رفيقك، وكنت مثله، لكن بعد ما تعرفت إلى الله عز وجل واستقمت على أمره الله رقاك من درجة إلى درجة، كنت تطرب للغناء، كنت ذائب في هذا المغني أو ذاك، الآن تطرب لكتاب الله أصبح لسانك مهذب، نقي طاهر، فأنت تعرف نفسك من أصدقاءك الذين كانوا معك من قبل، و بقوا على اتجاههم، فهذه المتاعب والمشكلات والمصائب والبلايا هذه محصلتها طهارة نفسية محصلتها استقامة محصلتها ورع، محصلتها خوف، فإن كان رقيق الدين ابتلي على حسب ذاك وإن كان صلب الدين ابتلي على حسب ذاك فما تزال البلايا بالرجل حتى يمشي على الأرض وما عليه خطيئة.
وفيما رواه الإمام الطبراني: إن العبد لتكون له الدرجة في الجنة فما يبلغها بشيء من عمله فيبتليه الله في البلاء ليبلغ تلك الدرجة.
 يعني أحياناً يكون عملك أقل من مرتبتك، لك إمكانيات، عند صدق لك مرتبة عند الله، عملك لا يكفي، أيام الإنسان يقصر بالعمل الصالح هذه يعتذر منها، هذه ما لي فاضي، هذه غيري يعملها، هذه فلان يعملها، كل ما جاءه عمل صالح تنصل منه، هو جيد، قف، تأتيه مشكلة يصبر عليها، إما أن ترقى بالعمل، وإما بالصبر، فأنت اختر أحد الموقفين، قد ترقى بالعمل الصالح، وقد ترقى بالصبر، إن العبد لتكون له الدرجة في الجنة فما يبلغها بشيء من عمله فيبتليه الله بالبلاء ليبلغ تلك الدرجة لذلك البلاء له فلسفة في الدين، جزء أساسي من إيمانك أن تعرف فلسفة البلاء إذا عرفت فلسفة البلاء تلقيته بالصبر بل شكرت الله عليه، بل كان البلاء طريقاً إلى الله عز وجل، أنا لا أبلغ إذا أخذنا ألف مؤمن، تسعة مائة وخمسين مؤمن منهم عرفوا الله عن طريق البلاء، كل أخ له قصة بالمائة عشرة أو خمسة الذين يأتون الله عز وجل طواعية، بمبادرة شخصية، أما الأكثرية يأتون إلى باب الله عز وجل على أثر مشكلة على أثر دفع، على أثر بلاء، على أثر مصيبة، على أثر نازلة، على كل حال جيد جداً هذا موقف أكرم بكثير من الذي تأتيه المصائب ويقول أخي طلب لي الدهر ظهر المجن، ينسبها للدهر، تأتي المصيبة يقول أنا ما لي حظ بالدنيا، حظي قليل، تأتيه مصيبة يقول لك الدهر يومان يوم لك ويوم عليك، فكل ما تأتيه مصيبة يعزيها للدهر وللقدر، حس متبلد، فهم سقيم، لا تزيده المصائب إلا بعداً عن الله عز وجل، أما المؤمن كلما جاءته مصيبة فكر فيها لعل الله عز وجل يريد مني شيئاً، لعلي منحرف لعلي مقصر، لعلي، يعالج نفسه.
النبي عليه الصلاة والسلام وصف بعض أصحابه قال:
لأحدهم أشد فرحاً بالبلاء من أحدكم بالعطاء.
 شيء ليس بالسهل، الرضا بمكروه القضاء أرفع درجات اليقين معناها الله عز وجل يحبني، معنى جاءت الوسيلة إلي، جاء الباب إلي لأحدهم أشد فرحاً بالبلاء من أحدكم بالعطاء، لكن إياكم أيها الأخوة إياكم ثم إياكم ثم إياكم أن تطلبوا البلاء، لا، هذا سوء أدب مع الله، النبي عليه الصلاة والسلام في الطائف قال له يا ربي إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي، يعني إذا كان في خط بياني للدعوة، بلغ الخط البياني لرسول الله في الطائف النهاية الصغرى، توفيت زوجته خديجة، توفي عمه أبو طالب ائتمر عليه كفار قريش، خرج إلى الطائف على قدميه، عرض عليهم الدين ردوه وسخروا منه، وبالغوا في إيذائه، هذه النهاية الصغرى، إلا أن قال ربي إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي ولك العتبة حتى ترضى لكن عافيتك أوسع لي، العافي أوسع، البحبوحة أوسع، الصحة أوسع، يكون لك زوجة أوسع، إذا طلب أحد البلاء فهو لا يعرف الله عز وجل.
إذاً: لأحدهم أشد فرحاً بالبلاء من أحدكم بالعطاء.
 بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أعطنا ولا تحرمنا وأكرمنا ولا تهنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وارضى عنا، واجعل جمعنا هذا جمعاً مباركاً مرحوما، واجعل تفرقنا من بعده تفرقاً معصوما، ولا تجعل فينا ولا منا ولا معنا شقيا ولا محروما وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.
 

تحميل النص

إخفاء الصور