وضع داكن
28-03-2024
Logo
موضوعات في التربية - الدرس : 106 - الأخلاق التي يحبها الناس من الداعية 3 اهتمام الداعية بالناس.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علماً و أرنا الحق حقاً و ارزقنا إتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
أيها الأخوة الكرام: لازلنا مع دروس تفيد الدعاة، في الدرسين الماضيين بينت في مقدمتين أن أعظم عمل في الأرض أن تكون سبباً في هداية إنسان.

(( عَنْ سَهْلٍ يَعْنِي ابْنَ سَعْدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: وَاللَّهِ لأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِهُدَاكَ رَجلاً وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ ))

 وأن الناس جميعاً لا يفرقون بين الدعوة والدعاة، وبين الدين ورجال الدين، ولا بين الإسلام والمسلمين، فإذا كرهوا داعيةً كرهوا دعوته، وإذا كره رجل دين كره الدين، وإذا كره مسلماً كره الإسلام، هذا شأن عوام الناس، فالذي يحرص على أن ينشر الحق يجب أن ينتبه إلى أن هناك صفات يكرهها الناس تحدثت عنها في درسين.
 واليوم ننتقل إلى صفات يحبها الناس فإذا أردت أن تدخل إلى القلوب، أن تفتح القلوب قبل أن تفتح العقول فعليك بهذه الصفات، هذه الصفات تجعلك قريباً من الناس، هذه الصفات تجعلك محبوباً، إذا دخلت إلى قلب الإنسان أصغى إليك السمع، فتح لك عقله، أما إذا لم تستطع أن تدخل إلى قلبه كان عقله موصداً أمامك.
أيها الأخوة: هذه الحقائق التي سوف أذكرها في هذا الدرس مبنية على حقائق علم النفس، والعلوم إن جاءتنا عن طريق الوحيين، أو جاءتنا عن طريق العلوم التجريبية، فالحقيقة واحدة.
الناس يحبون من يهتمون بهم، يجب أن تهتم بالناس، أن تهتم بقضايا الناس، بالمشكلات التي يعانون منها الناس، بالمسائل التي تشغل بالهم كان عليه الصلاة والسلام مع أصحابه في مشكلاتهم.
 ذكرت يوم الجمعة أن الأنبياء يعيشون في برج عاجي أخلاقي، ولا يعيشون في برج عاجي فكري، هم مع الناس، مع مشكلاتهم دون أن يسقطوا في وحولهم، هم في برج عاجي أخلاقي لكنهم مع الناس في كل قضاياهم، فالذي يتصدى للدعوة إلى الله ولو بشكل مبسط، ولو بشكل فردي، ولو على مستوى أصدقائه وجيرانه، ومن حوله، الذي يتصدى للدعوة إلى الله عليه أن يهتم بمشكلات الآخرين، وإن لم تكن مشكلاتهم مشكلاتك لن يصغوا إليك السمع، جلست مع إنسان أسأله عن عمله، عن بيته، عن أهله، هل يعاني من مشكلات هذا السؤال يجعل قلبه يميل إليك، إنك مهتم به تقدر شعوره، تقدر ما يعانيه من مشكلات يضربون على ذلك مثال: أن الفقراء حينما بلغت زوجة أحد الأباطرة في فرنسا، أن هناك أناساً لا يجدون الخبز، أجابت بسذاجة ليأكلوا الكاتو، ألا يوجد كاتو، كم هي بعيدة عن أحوال الفقراء ؟
 فإن لم تشعر بما يشعر به هؤلاء، جاء سفير رسول من أذربيجان لسيدنا عمر فجاءه بهدية، قال: ما هذا الذي معك ؟ قال: هدية بعثها إليك عاملك على أذربيجان، قال: ما هي ؟ قال: حلوى، أكل قطعة من هذه الحلوى فرآها طيبة المذاق، فقال له: يا هذا هل يأكل عندكم عامة المسلمين هذا الطعام ؟ قال: لا هذا طعام الخاصة، فلفظها من فمه وكتب إلى عامله يوبخه ويقول له: كل مما يأكل عامة المسلمين كيف يعنيك أمرهم إن لم تأكل مما يأكلون وإن لم تشرب مما يشربون.
 لابد من أن تعاني مما يعانيه الناس، لا بد أن تشعر ما يشعر به الآخرون، لا بد من أن تتفاعل مع مشكلاتهم، لا بد أن تكون صدىً لآلامهم وأحزانهم، ولطموحاتهم، الناس يحبون من يهتم بهم وهذه أول حقيقة، ما الذي يشغل بالهم، ما الذي يصغون إليه، إلى ماذا يطمحون إذا جلست إلى إنسان وأردت أن يميل إليك وأن يصغي إليك، اهتم به اهتم بمشكلته، اهتم بأولاده، بمستقبله، بدخله هذا يحدث مشاركة وجدانية، والمشاركة الوجدانية تحدث ميل في القلب.
 الحقيقة الثانية: الناس ميالون جداً إلى من يقضي حاجاتهم، أول درجة الاهتمام، الدرجة الثانية أن تقضي إليهم الحاجات، لابد أن تحسن إليهم قبل أن تبين لهم، لا بد أن تحسن إليهم وأن تقضي حاجاتهم قبل أن تكون خطيباً أو متكلماً أو محدثاً، لذلك خدمة الخلق من أجل الأعمال لأنها سبيل إلى أن تفتح عقولهم إلى كلامك، أحاديث كثيرة جداً:

 

(( من كان في عون أخيه كان الله في عونه ))

 

(( عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لا يَظْلِمُهُ ولا يُسْلِمُهُ وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ))

((من أطعم طعاماً أكرمه الله ))

 أفضل الإسلام إطعام الطعام، أن تقضي حاجاتهم، أنت لا تقدر لو أنك خدمت ابن لأحد الأخوة، علمته درس رياضيات، اهتميت بشؤونه، قدمت له كتاب ثمين، الحقيقة الأولى أن تهتم بهم والاهتمام إكرام، الحقيقة الثانية أن تقضي حاجاتهم طبعاً ضمن الإمكان، ضمن إمكانك واستطاعتك.
النقطة الثالثة: أن تقدم لهم بعض الهدايا، لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال:

 

(( تهادوا تحاببوا ))

 إحدى أكبر وسائل الحب تقديم الهدية، أخوك مقدم على زواج، الهدية شيء ثمين جداً، كنت في بلد مجاور، هناك عادة رائعة جداً، الذي يزمع أن يتزوج يعتمد محل تجاري ويضع في هذا المحل كل حاجاته فكل إنسان يريد أن يقدم له هدية يذهب إلى هذا المحل ويطلع على القائمة، ضمن طاقته، قد يجتمع اثنان أو أكثر يغطون هذه الحاجة، براد، ثريا، غسالة، سجادة، إما أن تكتفي بواحدة وإما أن تشترك مع بعض الأخوة بواحدة، لا يوجد أجمل من تقديم الهدية في هذه المناسبات أيام يوجد مناسبات افتتاح المدارس، فصل الشتاء، الناس إذا احتاجوا بعضهم بعضاً نشأت بينهم صلات طيبة جداً.

 

 

(( عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مُسْلِمٍ عَبْدِ اللَّهِ الْخُرَاسَانِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تَصَافَحُوا يَذْهَبِ الْغِلُّ وَتَهَادَوْا تَحَابُّوا وَتَذْهَبِ الشَّحْنَاءُ ))

تهادوا يوجد معنى المشاركة، يعني تهديه ويهديك، الهدية دين، إنسان في ضائقة جاءته هذه الهدية بعد أن أصبح في بحبوحة رد هذه الهداية، عملياً دفعت بقدر ما أخذت، لكن صار هناك تعاون، فالذي يريد أن تميل الناس إليه فليقدم بعض الهدايا.
 وهذه لها أجر كبير جداً، هدية تأليف القلب، هدية كسب الود، والنبي عليه الصلاة والسلام يأمرنا بذلك، أهتم به أقضي حاجته، ليس له حاجة أقدم له هديةً، الهدية تذهب بوحر الصدر، والهدية أسلوب حضاري جداً، بين الأصدقاء، بين الشريكين، بين الزوجين، بين الجارين، بين الابن وأبيه، الابن يقدم لأمه هدية، الأم تقدم لابنها هدية هذا يزيد العلاقات متانةً.
لا تستطيع أن تجعله يصغي إليك إلا إذا فتح قلبه إليك، بطولتك أن تفتح قلبه إليك بإحسانك ليفتح لك عقله لبيانك، فالإحسان قبل البيان.
حدثني أخ راكب دراجة فقير، يركب هذه الدراجة بين قريتين، انقطع الجنزير، مرت سيارة فخمة جداً رأت دراجة مقطوع جنزيرها وصاحبها واقف إلى جانبها، فهذه السيارة يبدو أن صاحبها فيما مضى عنده خبرة فنزل وأصلح له الدراجة وقال له: أي خدمة.
هذه الحادثة سبب هداية راكب الدراجة، رجل له دعوة إلى الله فنزل وأصلح لهذا الإنسان دراجته بلطف جم، قصص كثيرة جداً، أحياناً عمل صالح.
 حدثني أخ وقال لي: كنت في بلاد الحجاز في ثانوية يوجد أذان يخدمون، المدير شديد جداً يحب إذا قرع الجرس أن ينطلق المدرسون جميعاً إلى صفوفهم، قال لي: صببت كأس شاي فقرع الجرس، والشاي ساخن، فرأيت أمامي فرّاش فقلت له خذ واشرب هذه، وانطلقت إلى الصف، الفراش سألني بعد حين لماذا قدمت إلي هذا الكأس من الشاي، فقال لي: فاجأني بهذا السؤال، فقلت له: نحن أسرة واحدة، اشتهيت لك هذا الكأس، فقال له: والله أنا هنا من سنتين ما سلم أحد علي سلام، أنا فوجئت بهذا الكأس من الشاي تقدمه لي، وقال له: أنا أحمل ماجستير، وهو من بلاد آسيا وهو فقير جداً، عندما قال لي ماجستير ما صدقت فدعوته إلى بيتي، وافتعلت أن ابنتي سألتني سؤال معقد جداً في الفيزياء والكيمياء وقدم له موسوعة علمية في اللغة الإنكليزية، وقال له: سؤال ابنتي يوجد في هذه الموسوعة؟ فقال لي: قرأ بطلاقة عجيبة وأجاب إجابة دقيقة جداً، فتأكدت أنه يحمل ماجستير وهو ليس مسلماً بوذياً، جلست أحدثه عن الإسلام، فتمنى علي أن يدعو أخوانه ممن يعملون معه، فقال لي: بعد يومين دعوت أخوانه ممن كانوا يعملون معه وهم ستة إلى طعام العشاء وتناقشنا في الإسلام وبعد شهر أو شهرين المحصلة أن هؤلاء الستة أعلنوا إسلامهم من أين بدأنا من كأس شاي، لا تزهد بالمعروف، ابتسامة رقيقة.
 مرة حدثني أخ فقال لي: لي ابن خالة دعوته إلى المسجد كثيراً كان يتأبى علي فمن شدة ما ألححت عليه جاء مرةً واحدة ليستريح مني، فأنا أذكر بعد صلاة الجمعة جاء الأخ وقال لي: ابن خالتي، فأنا على عادتي سهلت ورحبت به وقلت له: إن شاء الله كنت مسروراً، فقال: نعم، فقلت له: عينك على ابن خالتك، وأنا فعلت شيء طبيعي، هذا الأخ فقير جداً ومن أطراف المدينة ولم يتوقع أن يلقى ترحاب مني، فقال له: والله لن أدع درس في هذا المسجد بعد هذا الترحيب.
ماذا كلفتني أنا ؟ ابتسامة ومصافحة بحرارة، الاهتمام والترحاب، والعلاقة الحارة، مالت، فإذا أنت أردت أن تكون داعيةً، سبب في هداية الخلق يجب:
أولاً أن تهتم بالناس، ثانياً يجب أن تقضي حوائجهم، ثالثاً أن تقدم لهم هدية تزيد العلاقة متانةً، ملخص هذا الإحسان قبل البيان.
 قصة مشهورة جداً بمصر، رجل يعمل في القضاء ويشعر أنه إنسان متفوق، يركب مركبته فتعطلت في الطريق، مرت مركبة ثانية وتوقفت أي خدمة تحب أن تركب معنا أو أن نصلح لك مركبتك بكل بساطة، فقال لهم: أتمنى أن تصلح، فصلحوا له المركبة وسر كثيراً وصار هناك تعريف هذا الشخص القاضي صار من أتباع ذلك العالم وتألق تألقاً شديداً وعلا اسمه في الدعوة إلى الله من هذا العمل الطيب، لا تزهد في فعل الخير.
كن لي ما لا ترجو، أرجى منك لما ترجو، سيدنا موسى ذهب ليأتيهم بقبس فكلمه الله عز وجل قال تعالى:

 

 

﴿إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14)﴾

 

( سورة طه )

هل يعقل أن لهذا السبب المادي المحض كلمه الله عز وجل ؟
 أخوانا الكرام: أخوة لنا كثر يسلكون هذا السبيل، يلتقي مع صديق بالعمل، إذا كان موظف جاره، إذا كان موظف آخر، ركب إلى حلب وله جار في السيارة سأله عن صحته، ماذا يعمل، عن أحواله أولاً والخدمة ثانياً، وتقديم الهدية ثالثاً، فتحت قلبه بإحسانك ففتح لك عقله لبيانك، الإحسان قبل البيان.
 يا داود ذكر عبادي بإحساني إليهم فإن النفوس جبلت على حب من أحسن إليها، يوجد رجل كان ملحداً، ليس ملحداً بل كان مكلفاً، إذا كان إنسان أعلن إلحاده وعنده رواسب إيمان ضعيفة، أن يقضي عليها كلياً، يجهز على إيمانه، مهمته شريرة، أصيب بمرض عضال لا يملك مال ويحتاج إلى مبلغ ضخم ليجري عملية في بلد بعيد، هناك أناس دلوه على بعض مساجد دمشق أن هذا الشيخ يجمع لك، قصة قديمة جداً قبل تنظيم الأمور، الآن مستحيل إلا عن طرق رسمية، فذهب إلى هذا الشيخ وعرض عليه ولم يقل لهذا الشيخ لست على إيمان أخفى إلحاده، فهذا الشيخ جمع له مبلغاً من المال، كان هو يلزمه ستين جمعوا له ثمانين، ذهب إلى بلد بعيد وأجرى العملية، بعد أن نجحت العملية أصبح من إخوان الشيخ، ولزم دروسه كلها وانقلب مائة وثمانين درجة من الإلحاد إلى الإيمان، لأن الإنسان عبد الإحسان.
يقول عليه الصلاة والسلام:

((أحب الناس إلى الله عز وجل أنفعهم للناس ))

 أحياناً يكون الإنسان مدير عمل، مدير مستشفى، مدير مدرسة، يوجد أعمال قيادية، ويوجد عنده أشخاص كثيرون هؤلاء الأشخاص الذين تحت يده إذا عدهم أرقاماً أخفق في إدارتهم أما إذا عدهم بشراً أناساً لهم شعور، إذا سألت إنسان يعمل حاجب عندك كيف حالك، كيف أمورك هل أنت مرتاح، هل أنت بحاجة إلى شيء، تريد مني شيء، نزلت إلى مستواه وتفقدت أمره.
يروون ولا أتخذهم مثلاً نابليون خرج وجد الحارس نائم والبندقية على الأرض، هذا يجب أن يسحقه، يعدمه، حارسه الشخصي نائم وبندقيته على الأرض فأخذ عنه البندقية ووقف مكانه إلى أن استيقظ.
لا يوجد أجمل من إنسان يقدر شعور الآخرين، جوعان، تعبان، يقول عليه الصلاة والسلام:

 

(( أحب الناس إلى الله عز وجل أنفعهم للناس ))

أعرف رجل وصل إلى مرتبة عالية جداً في السلك العسكري، جنوده يحبونه حباً فوق الخيال، هو لواء، قال لي: أتفقدهم في الليل في أيام الشتاء يغطي هذا الجند، والثاني يرعاه، كأنهم أولاده، العلاقات الشخصية تؤدي نجاحات تفوق حد الخيال.
إنسان بمرتبة عالية، له غرفته المكيفة والمدفأة في الشتاء، وله مركبته يدخل إلى المهجع ليلاً ليتفقد الجنود وأحوالهم وغطاءهم وفرشهم، يدخل إلى مطعمهم هل هناك مشكلة، إذا أنت لم تقدم شيء لم يقدم لك شيء، الحياة أخذ وعطاء.
كلمة أحب، ما اشتقاقها اللغوي، أحب، اسم تفضيل يعني أحب العمل على الإطلاق سرور تدخله على المسلم، تكشف عنه كربة، أو أن تقضي عنه ديناً، أو تطرد عنه جوعاً، ولو أن تمشي مع أخيك في حاجته أحب إليه من أن تعتكف في المسجد شهراً.
سيدنا ابن عباس كان معتكفاً في مسجد رسول الله، رأى رجلاً كئيباً، قال له: ما لي أراك كئيباً، فقال: ديون لزمتني لا أطيق سدادها، قال: لمن، قال: لفلان، قال له: أتحب أن أكلمه لك، فخرج من معتكفه، فقال له إنسان، يا بن عباس أنسيت أنك معتكف، قال: لا والله ما نسيت ولكنني سمعت صاحب هذا القبر وأشار بيده إلى قبر النبي عليه الصلاة والسلام والعهد به قريب ودمعت عيناه، والله لأمشي مع أخ لي في حاجته خير لي من قيام شهر واعتكافه في مسجدي هذا.
أنت نجار من الطراز الأول قال لك أتذهب معي لنشتري غرفة نوم، والله لا يوجد لدي وقت اذهب بمفردك.
قال له حباً وكرامة، امضي ساعتين معه وأعطه خبرتك في غرف النوم، أنت إنسان تتقن اللغة الإنكليزية، تقول له نعم.
كلما كان إيمانك أكبر كلما كان عطاؤك أكبر، قال تعالى:

 

 

﴿وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3)﴾

 

( سورة البقرة )

والله لأن أمشي مع أخ في حاجته خير لي من صيام شهر واعتكافه في مسجدي هذا.
قال يوجد في فرنسا، احتل بعض العمال المصانع لكن بعض العمال لم يضربوا عن العمل إطلاقاً إكراماً لأصحاب المعامل لأن لهم علاقات طيبة معهم.
 العلاقات الشخصية التي أساسها الود، وأساسها الحب، وأساسها الإكرام، والاحترام المتبادل، قال لي أحدهم: شخص جاء إلى المطار شامخ أنفه بشكل غير معقول والناس كأنهم ذباب أمامه، فكلم الموظف الذي على بطاقة الصعود باستعلاء شديد، فأراد هذا الموظف أن يغيظه وهو وجهته إلى فرنسا، أرسل كل حقائبه إلى الصين، هذا الاستعلاء دفع ثمنه باهظاً، سيصل إلى فرنسا لا يوجد حقائب.
الإنسان لا يعامل الناس باستعلاء، أضعف إنسان يمكنه أن يغيظك، والتواضع من صفات المؤمن.
أحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مؤمن تكشف عنه كربةً، أو تقضي عنه ديناً، أو تطرد عنه جوعاً ولو أن تمشي مع أخيك في حاجته أحب إليه من أن تعتكف في المسجد شهراً.
 يوجد نقطة مهمة جداً تفيدنا الآن، صناعة السيارات في أمريكا تراجعت أمام صناعة السيارات في اليابان، فحدثني بعض الأخوة رفيع المستوى ليتقصى ما الأسباب لماذا السيارات اليابانية تباع بكثرة مع أن أمريكا فيها معامل سيارات مشهورة جداً ؟ فوجئوا بأن السبب ليس مادياً ولا سبباً علمياً، ولا تكنولوجياً، السبب اجتماعي.
 أصحاب المعامل والمدراء علاقتهم بالعمال جيدة جداً، المدراء هناك يأكلون مع عمالهم لا يوجد تكلفة، فالعامل يشعر بقيمته، ويسألني وأسأله، ويمزح معي وأمزح معه، وكأن المعمل معملي، إتقان العمل سمعت بعض المعامل، العامل مكرم جداً وجبة صباحية ووجبة غداء ويوجد مسجد ومطعم، دار حضانة لأولاده، فهذه الخدمات عندما تقدم للعمال صار هناك علاقات متينة انعكست إتقاناً.
شيء لفت نظري آلة تطريز مصنوعة في سويسرا عندنا مثلها تماماً، الثوب الذي صناعة هذه الآلة التي في سوريا ثمنه مائتان وخمسين ليرة توب ثلاثة عشر متراً، والمتر الواحد على آلة نفسها ولكن الصناعة في سويسرا ثمنه سبع مائة ليرة، وهذه القصة قديمة منذ عشر سنوات، الفرق  إطلاق مطلق، يوجد أخطاء كثيرة عندنا، خيط مقطوع، وردة ناقصة، زفت وشحار، إذا كان هكذا التوب طبعاً ثمنه مائتان وخمسين ليرة، أما إذا يوجد إتقان تام سبع مائة المتر، ومائتان وخمسون الثلاثة عشر متراً، والآلة واحدة نفس الآلة، عندما يكون العامل مرتاح ومحترم يكون له سهم في المعمل، يعمل عمل عجيب وينعكس إتقان والإتقان رواج.
ففوجئ أن هؤلاء الذين يصنعون السيارات في اليابان، السبب هو سبب اجتماعي، تواضع رب العمل هو الذي يسبب هذا الإتقان.
دائماً الناس يحبون إلى من يستمع إليهم لا إلى من يحدثهم، يوجد شخص يأتي إلى مجلس يستلم الحديث ولا يدع الكلام لغيره من الستة وحتى الأثنا عشر وهم ساكتون، اجعل الحديث مناوبة وليس مناهبة اسمع له واسمع وجهة نظره، إذا جلست مع أخ لا تستأثر بالحديث واصغي إليه،  اسمح له أن يتكلم وأن يعبر عن رأيه وعن عواطفه عن مشاعره، اشعره بأنه إنسان يُستمع إليه، اشعره بأهميته، فلذلك الناس يحبون من يستمع إلى حديثهم، لا إلى من يحدثهم عن نفسه، أنا سافرت، وأنفقت،... وأخرتها شيء ممل، الجلسة تحتاج إلى حوار، ومشاركة، مناوبة في الحديث، فهذا مما يعجب الناس، كثير من الجلسات يقولون صار تجلي، صار سرور، لا لأنه واحد تكلم بمفرده لا، الحديث كان مشترك، كان فيه تناوب، سمح هذا المتحدث اللبق أن يتحدثوا.
لذلك قالوا إذا أردت أن تكون متحدثاً لبقاً فكن مستمعاً لبقاً.
وتراه يصغي للحديث بسمعه وبقلبه ولعله أدرى بها
كان عليه الصلاة والسلام لا يقطع على أحد حديثه، هذه كلها حقائق إن أردت الناس أن يميلوا إليك، وأن يحبوا حديثك وأن ينتفعوا بك فكن هكذا معهم.
 أتمنى لو أني حضرت لكم حديث رسول الله مع جابر في أحد المعارك ذات الرقاع سأذكر لكم ما بقي من ذهني من هذه القصة، النبي كان يسير آخر الركب رحمةً بالضعاف، فوجد سيدنا جابر يركب على جمل ضعيف فسأله، فقال له: هذا الجمل ضعيف، فالنبي عليه الصلاة والسلام أعانه على ضعفه وسارا معاً، فسأله عن حاله، هل تزوجت يا جابر ؟ قال له: نعم، قال له: بكراً أم ثيباً، فقال له: ثيباً، قال: هلا بكراً تزوجتها، قال له: عندي أخوة أردت أن أتزوج امرأة تلمهم وتجمعهم، قال له: حسن فعلت.
 حوار لطيف بشأن زواجه، فسأله وقال له: أتبيعني هذا الجمل ؟ قال له أبيعك إياه، قال له: بكم، قال: سم، قال له: بدرهم، فقال: درهم قليل يا رسول الله، بخستني ثمن هذا الجمل، يداعبه، فقال له: أزيدك الدرهمين ثلاثة، إلى أن رضي فقال: بعتك، فاشتراه، فقال له: ابقى عليه إلى أن نصل إلى المدينة.
 لا أذكر القصة تماماً، إن شاء الله في درس قادم أتيكم بتفاصيلها الجميلة، سيد الخلق، وسيدنا جابر كان شاباً صغيراً، وكان في المعركة معه، فسأله عن بيته وعن أخوته، وعن زواجه، وعن جمله وقال له لا يوجد عندي في البيت شيء فقال له: سيكون عندك إن شاء الله، وأعطاه أمل.
الناس يحبون الذي يحدثهم ويهتم بشؤونهم، يصغي إلى حديثهم، ويعالج مشكلاتهم.
كل واحد له حوادث شخصية، قد ينجب ولد، يجب أن تهنئه، قد يفقد عزيز يجب أن تعزيه، قد يرقى إلى منصب يجب أن تهنئه، لفته جميلة جداً أن تهنئ إنسان بنجاح ابنه، لفته أن تهنئ إنسان بشراء بيت، بزواج، التهنئة والتعزية تفعل صلات كثيرة جداً.
 رجل التقى مع صديق له في الحرم فسأله عن أحواله، فقال له: أنا والحمد لله تبت إلى الله ولكن زوجتي تتعبني كثيراً، فقال له: يا أخي هناك أناس يلتزمون بالإسلام يجدون صعوبات بالتعامل مع زوجاتهم بعد فترة وقد يكون الخطأ منهم، فقال له: كيف، قال: لأنهم يتعجلون الأمور، يريدون من الزوجة أن تتغير بسرعة، الإنسان ليس آلة، أنت الله هداك شيء جميل ولكن هذه الزوجة تحتاج إلى قناعة، غداً كما أريد، البارحة شيء وغداً شيء بهذه البساطة، فكل إنسان يطلب من الآخرين أن يتغيروا تغيراً حاداً يكون بعيد عن فهم الإنسان، الإنسان يحتاج إلى إقناع، إلى تربية، إلى رفق، إلى أن تأخذ بيده قليلاً.
الناس يحبون البعد عن الجدل، بالتعبير العامي العي، الناس يكرهون الجدل، ابن جاء من فرنسا دارس فلسفة، جالس مع أبوه وأمه على مائدة فيها فروجين، الابن عنده قدرة إقناع كبيرة جداً، فقال لأبيه: أنا أستطيع أن أقنعك أن هذين الفروجين ثلاثة وبالدليل، فقال له: لا تقنع أنا سأكل واحداً، ولتأكل أمك واحداً ولتأكل أنت الثالث.
ابتعد عن الجدل الصفصطائي، الفارغ الذي لا جدوى منه، يقول لك فلان كلامه مليء.

(( عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا وَبِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحًا وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ ))

دائماً تكلم كلام حاسم، من دون جدل، الجدل يربي عداوات، يربي اعتزاز بالفكرة، الإنسان عندما تجادله ربط فكرته بكرامته لا يتراجع، لا قضية إفحام ولا قضية تحطيم، ولا قضية انتصار، قضية هداية، الجدل أبعد طريق عن هداية الناس.
 أحياناً الأمر يصل بجلسة إلى التصادم، المفروض أن يكون شخص لبق يحل المشكلة، هذه طرفة وهي أن جحا استلم القضاء مرة فجاءه خصمان، تكلم الأول كلام مقنع فقال له معك الحق، وتكلم الثاني كلام مقنع فقال له معك الحق، زوجته سمعت هذا الكلام من وراء الستار فقالت له ما هذا الحكم، فقال لها معك الحق.
 أيام يكون هناك تصادم، وتكون خصومة على درجة حرارة، على سعر عملة من دون قيمة، إذا كان هناك خطأ بالعقيدة لا نسكت، خطأ بفهم القرآن لا نسكت، أما قضية بسعر سلعة ما، لا تستهلك وقتك وطاقاتك وأعصابك بأشياء سخيفة لا تقدم ولا تؤخر وهناك مثل:
دابة واقفة بأشهر الصيف الحارة ولها ظل وإنسان جالس بهذا الظل قام ليشرب فجلس إنسان مكانه، فقال له هذا المكان لي، فقال له الآخر أنت تملكه الطابو باسمك تماسكوا وتضاربوا، مشت الدابة، وانتهت المشكلة.
هؤلاء الذين يتقاتلون على ظل الحمار، هذا معظم أهل الدنيا، اسألوا أخوانا القضاة كم دعوى تشطب لموت أحد الطرفين، دعوى عشرون سنة، خصومات وتوترات، سيدنا علي يقول لا أدخل معركةً المنتصر فيها شر من المنهزم.
 الناس يحبون من يقدرهم ويحترمهم، فلان طبيب تقول له الدكتور فلان لا تستهين بالناس، واحد له مرتبة علمية ناداه بها، وآخر له مرتبة اجتماعية ناداه بها، واحد يحب أن تقول له أبو فلان ناداه بكنيته، الناس يحبون من يحترمهم ويقدرهم، إنسان مختص بشيء لا تهمله، نأخذ رأي أخونا فلان هو مختص، يشعر بكيانه، تتكلم بالطب وجالس طبيب أمامك هذا اسمه تجاوز، تتكل بأمور عسكرية وأمامك ضابط أركان، تتكلم بأمور مالية ويوجد أمامك رجل مال كبير.
إذا وجد شخص أعلى منه باختصاص المفروض أن لا يتجاهله، المشاورة ما هي ؟ غير الفائدة العملية منها قضية احترام قال تعالى:

﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159)﴾

( سورة آل عمران )

 الإنسان عندما تشاوره ترفع قدره، وحينما تستشيره تعترف به، وحينما تستشيره تقدر علمه، المشاورة ضرورية جداً، والإنسان إذا استشار الناس استعار عقولهم، تستعير أكبر عقل بسؤال أديب، وفن السؤال فن دقيق جداً، ممكن أن تسأل أي اختصاصي وأي إنسان متفوق بأدب جم تأخذ كل المعلومات منه، والحقيقة أنت بحاجة إلى معلومات.
 أهم شيء في الحياة، إذا عندك إنسان متفوق أن تقدّر فيه التفوق، عندك موظف أمين يجب أن تذكره أنني أقدر فيك أمانتك، أما ما فرق الصندوق ولا قرش ولا تتكلم كلمة ثناء عادي، يمل منك لأنه أمين إلى أقصى درجة يجب أن يسمعها منك ألف مرة، أنا مقدر أمانتك، أنا مقدر حرصك، يجب أن تشعره أن هذا بعلمك.
 اللهم صلي عليه: أبو عبيدة أمين هذه الأمة، خالد سيف الله، يا معاذ إني لأحبك، سعد هذا خالي أروني خال مثل خالي، لا يوجد صحابي إلا أعطاه قدره، لو كان نبي بعدي لكان عمر، أبو بكر وعمر مني بمثابة السمع والبصر، ما ساءني قط فاعرفوا له ذلك، ألا أستحي من عثمان فإن الملائكة تستحي من عثمان، سيدنا علي، سيدنا الصديق لا يوجد صحابي... هكذا كان النبي يقدر أصحابه.
يا فلان فيك خصلتان يحبهما الله ورسوله، قال: ما هما يا رسول الله قال: الصمت وحسن الخلق، قال: الحمد لله الذي جعلني على خلق يحبه الله ورسوله.
إنسان أمامك أديب أثني على أدبه، إنسان أمامك أمين أثني على أمانته أديب أثني على أدبه، متقن أثني على إتقانه، تعطيه دفع.
نقطة مهمة جداً الأب لأولاده، والزوج لزوجته، المدير لمرءوسيه، فيهم ميزات أبرزها.
يوجد امرأة بريطانية، طبخها متقن جداً ثلاثون سنة تطبخ أطيب الطعام زوجها وأولادها يأكلون ويسكتون، فمرة جلسوا إلى المائدة والطبق الكبير مغطى فتحوا فوجدوا تبن، فقالت ما سمعت كلمة ثناء في هذا العمر كله كلوا.
إنسان رأى شيء لطيف طبخها جيد، بيتها مرتب، الملابس مكوية، لا بد من الثناء حتى يصير تشجيع.
في كلمة لإنسان له كتاب عن فن القيادة، الإنسان يرفض الذل، لكنه لا يكره الخدمة والعمل، بل يجد فيهما إرضاء لغريزة الإخلاص شريطة أن يكون متأكداً من احترام رئيسه له وتقديره.
 عندي قصة دقيقة ونموذجية، أخ كريم مدرس متفوق باللغة الأجنبية ويوجد مكتب استيراد فطلب مترجم، فكان هذا الأخ مناسب لهذا المنصب ويوجد في هذا المكتب شاب وهذا الرجل الوقور المدرس، يأتي ضيف إلى المكتب مهم، وكيل شركة يوجد مدير المكتب وهذا المترجم وهذا الأخ المترجم أخلاقه دمسة جداً، أخلاقه عالية، مدعوك بالمعنى الدارج يعمل قهوة نحن أسرة ويضيفه، بعد حين أحب المدير أن يعمل تنظيمات إدارية وكل شيء يجعله مكتوب، فكتب مهمة الأخ الترجمة وصنع القهوة والشاي، ثاني يوم ترك العمل.
هو يخدمك من باب المودة والإكرام، هو عمله الترجمة وليس القهوة والشاي، اعتبر المكتب أسرة، أنت مشغول مع الضيف وهو فاضي فلما كتب بالمهمات صنع القهوة والشاي ثاني يوم ترك العمل، قال له أنا مترجم وليس فراش بالتعبير.
فلذلك الإنسان عندما يخطئ مع الناس يدفع الثمن، وكل إنسان له مقام، وكل إنسان له عمل يليق به، إذا إنسان خدمك من عنده طوعاً لا تعتبر خادم لك هذا ليس خادم لك، ولكن لكرم أخلاقه قدم لك خدمة فقط، يجب أن تخدمه بالمقابل.
هل تصدقون أن النبي عليه الصلاة والسلام خدم وفد النجاشي بنفسه قال إنهم كانوا لأخواني مكرمين، أحب أن أكافئهم بنفسي.
 النجاشي قدم بلاده كبلاد فيها أمن لأصحاب رسول الله وقدم لهم خدمات كبيرة، فالنبي كافأه على ذلك، بأنه خدم وفده بنفسه، سأقول لكم نقطة دقيقة، عندما تفكر أنه يوجد إنسان يجب أن يخدمك أنت اسمك عنصري وليس إنسان، لا يوجد إنسان في الأرض مكلف أن يخدمك أبداً، لما أنت تطلب من الناس أن يخدموك لميزة أنت تملكها لمال تملكه، لسلطان تملكه، فأنت صنفت معك مع العنصريين، أصبحت طبقي وعنصري، أما المسلم يخدم نفسه.
 برأ من الكبر من حمل حاجته بيده، كان عليه الصلاة والسلام يخدم نفسه، ويخصف نعله، يعقل بعيره، ويحلب شاته، يرف ثوبه، وكان يصغي الإناء للهرة، وكان يأكل مع الخادم ويقول صاحب الحاجة أولى بحملها، هكذا كان النبي، حينما تتواضع يرفعك الناس فإذا تكبرت عليهم خفضوك، وعلى جمع الحطب، ما أنتما بأقدر مني على السير وما أنا بأغنى منكم على الأجر، دخلوا عليه فقالوا أيكم محمد، ليس له ولا ميزة ولا كرسي، هكذا كان النبي.
 فيا أيها الأخوة: هذا الدرس له تتمة وهم أربع دروس درسين في الصفات التي يكرهها الناس، ودرسين في الصفات التي يحبها الناس فكل إنسان أراد أن يكون محبوباً أراد أن يكون داعية، أن يكون سبباً في هداية إنسان عليه أن يستمع إلى هذه الدروس الأربعة، إن شاء الله ويسمعها بعناية فائقة، ومبنية على قواعد علمية، والدعوة إلى الله صنعة الأنبياء وهي أعلى عمل على الإطلاق، ووسائل هذه الدعوة هذه الصفات، والدعوة ليست معلومات خلق، قال تعالى:

 

﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4)﴾

 

( سورة القلم )

 وفي درس قادم إن شاء الله نتابع هذا الموضوع ونكمل الصفات التي يحبها الناس في الداعية.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور