وضع داكن
23-04-2024
Logo
الدرس : 05 - سورة الزمر - تفسير الآيات 9 - 13 المؤمن قلبه متعلق بالله.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علَّمْتنا إنك أنت العليم الحكيم اللهم علِّمنا ما ينْفعنا وانْفعنا بِما علَّمتنا وزِدْنا عِلما، وأَرِنا الحق حقاً وارْزقنا اتِّباعه وأرِنا الباطل باطِلاً وارزُقنا اجْتنابه، واجْعلنا ممن يسْتمعون القول فَيَتَّبِعون أحْسنه وأدْخِلنا برحْمتك في عبادك الصالحين.
 أيُّها الإخوة الكرام، آيةُ البارحةِ هي قوله تعالى:

﴿وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَاداً لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ (8)﴾

[سورة الزمر]

 ثم قال تعالى:

 

﴿أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (9)﴾

 

[سورة الزمر]

 و معنى قانت ؛ أي منقطِعٌ هذا الذي يعبد اللهَ و يصلي له في الليل و يرجوه و يتهجَّد له، و يبتهل إليه و يتوكَّل عليه، و يتلو كتابَه و يُذكِّر عبادَه به، هذا الذي شُغلُه الشاغِلُ معرفةُ اللهِ و تعريفُ الناس به هذا الذي انقطع إلى اللهِ ليس معنى هذا أنه ترك الدنيا، و لكنَّ قلبَه متعلِّقٌ بالله، و الدنيا بين يديه، فرقٌ كبيرٌ أن تكون الدنيا في القلب و ليس في اليدِ شيءٌ، هذا كفقراءِ اليهودِ، خسر الدنيا و الآخرةِ، قلبُه متعلِّقٌ بالدنيا و يدُه صِفرٌ من كلِّ شيءٍ، وبي من تكون الدنيا في يديه و قلبُه متعلِّقٌ بالآخرةِ، العلامة و الضابطُ ؛ ما الذي يميِّز إنسانا تعلَّق بالدنيا و إنسانا تعلَّق بالآخرة و هذا شيءٌ في القلب لا يُرَى ؟ الدليلُ ؛ من كان مقيما على شعائر الله مؤدِّيا للصلوات الخمس و يضبط مشاعرَه و غرائزَه و أهواءه وفق منهج الله نقول لهذا الإنسانِ إن الدنيا بين يديك و ليست في قلبك، ولو أنها في قلبك لتركْتَ بعض العبادات لأجلها، و لآثرْتَها على طاعة الله و لآثرت هواك على التقرُّب إلى الله، فالضابط الفاصلُ بين من الدنيا في قلبه و بين من الدنيا في يديه إقامتُه لشعائر الله وورعُه و تقرُّبُه إلى الله، فمن كان مقيما على أمر الله و الدنيا بين يديه هذه قوةٌ له، و قال عليه الصلاة و السلام،

 

(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجَزْ وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ * ))

 

[رواه مسلم]

 ما إذا كان القلبُ متعلِّقًا بالدنيا أصبحتْ الدنيا عِبئًا عليه و حجابا بينه و بين الله، و لا أحدَ يعرف الحقيقةَ إلا صاحبُها، فإذا آثرتَ الآخرةَ على الدنيا لا تفعلُ معصيةً من أجل الدنيا.
قال تعالى:

 

﴿أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ﴾

 

[سورة الزمر]

 هناك إنسانٌ يرجو المالَ و يرجو فلانةً أن يتزوَّجها و يرجو البيتَ و السُّمعةَ و المكانةَ، أما المؤمنُ يرجو رحمةَ الله، قال تعالى:

 

﴿ وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ(32)﴾

 

[سورة الزخرف]

 الإنسانُ أحيانا بكسبه المالَ يتجاوز مرحلةَ الرزقِ، و يتناطح مع الآخرين لتجميع أكبرِ ثروةٍ، هذا اسمُه جامعٌ، و الله عز وجل قال:

 

﴿وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ(32)﴾

 

[سورة الزخرف]

 و لو كان حجمُه سبعمائة مليون، و رحمة ربك إلى أبدين، و كلُ يوم فيه زيادةٌ وكلاُّ يوم في أعلى علِّيين، و ربُّنا عز وجل يريدنا أن نقيمَ موازنةً، قال تعالى

 

﴿أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ﴾

 

[سورة الزمر]

 الآنَ العلاقةُ الدقيقة و الموضوعيةُ و المتلاحمةُ بين شطرِ الآية الأول و الثاني، قال تعالى:

 

﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾

 

[سورة الزمر]

 طبعًا يستوون، لكنْ ما علاقتُها بأول الآية ؟ الذين يعلمون يحذرون الآخرةَ و يرجون رحمةَ الله، و الذين لا يعلمون يؤثرون الدنيا على الآخرة، إذًا علامة العلم أم نرجوَ رحمةَ الله و علامة الجهل أن تغترَّ بالدنيا، طيِّب ؛ الواحد معه دكتوراه و يرجو الدنيا ؛ هو عند الله جاهلٌ و الإنسانُ معه ابتدائية ويرجو رحمة الله هو عند الله عالم، وهناك دليل آخرُ، كفى بالمرء جهلا أن يعصِيَ اللهَ، أكبر شخصٍ على الأرض إذا كان يعصي اللهَ فهو عند الله و رسوله جاهلٌ، كفى بالمرء جهلا أن يعصِيَ اللهَ، و كفى بالمرءِ علما أن يطيع اللهَ.
الآيةُ دقيقة جدًّا، قال تعالى:

 

﴿أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (9)﴾

 

[سورة الزمر]

 أدركتُم العلاقةَ بين أول الآية و آخرها، إن كنتَ تعلم تحذر الآخرة و ترجو رحمة الله، وإن كنت لا تعلم تغتر بالدنيا و تؤثرها على رحمة الله، فالعلم إذا قادك إلى أن تؤثر الآخرةَ على الدنيا و أن ترجو رحمة الله فأنت عالم و ربِّ الكعبةِ، أما إذا قادتْك ثقافتُك الرفيعةُ و اطِّلاعُك الواسعُ و مكانتُك الضخمةُ إلى معصيةٍ فأنت وربِّ الكعبةِ جاهلٌ، و ليس في الإنسان صفةٌ أبشع من الجهل، و لا يُوجد عدوٌّ أشدُّ على الإنسان عداوةً من الجهل، و الجاهل عدوُّ نفسه، و يفعل بنفسه ما لا يفعل العدوُّ بعدوِّه، مزارعٌ عنده بيتين بلاستيك غلَّتهما تُقدَّر بأربعمائة ألف ليرة فاشترى سمادًا من أجل أن يضاعف المحصولَ ضاعف كمِّيةَ السمادِ استيقظ صباحا فوجد كل َّشيءٍ أسودَ، ما الذي ضرَّه ؟ هل أحدٌ اقتحم مزرعتَه و أحرقها له ؟ لا ؛ جهلُه وحدَه الذي دمَّره، و يفعل الجاهلُ بنفسه ما لا يفعل العدوُّ بعدوِّه، يقول الله عز وجل:

 

﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾

 

[سورة الزمر]

 بالمناسبة هناكُ مقاييسُ ماديَّة منتزَعةٌ من الحياة اليومية، فالناسُ يعظِّمون الغنيَّ و صاحبَ المنصب الرفيع و الوسيم الجميل و الذكيَّ العاقل، هذه مقاييس وضعها البشرُ استنبطوها من واقع الحياة، و لكنَّ اللهَ سبحانه و تعالى لم يعتمدْها و لم يعبأ بها و لم يقِرَّها، أقرَّ اللهُ تعالى قيمتين اثنتين ؛ القيمةُ الأولى قيمة العلم و القيمة الثانية قيمة العمل الدليل قال تعالى:

 

﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾

 

[سورة الزمر]

 هذه قيمة العلم، قال تعالى:

 

﴿وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ(132)﴾

 

[سورة الأنعام]

هذه قيمة العمل، فأنت ترقى عند الله بعلمك و بعملك، و أيُّ علم هذا ؟ هناك علومٌ لا علاقة لها بالدين إطلاقا، فَنُّ الرقص يُدرَّس في المدارس و لا علاقة له بالدين، بل يتناقض مع الدين، العلمُ بالله ؛ العلم بأمره و العلمُ برسول الله ؛ العلم بشرعه، هذ هو العلمُ الذي أراده القرآنُ الكريم.
قال تعالى:

﴿إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (9)﴾

[سورة الزمر]

 وهذا مقياسٌ ثانٍ، أحيانا البرتقالةُ لو نزعتَ قشرَتها ثم صفَفْتَ القشرةَ بلا لُبٍّ ؛ ما قيمتُها ؟ لا شيء، أولوا الألباب، أي أولوا العقول، أصحاب العقول وحدهم هم الذين يتذكرون، و الذين لا عقل لهم هم الغافلون، و إنما الدينُ هو العقل و من لا عقل له لا دينَ له
الآنَ توجيهٌ إلهيٌّ و لكنْ في رِقَّة بالغةٍ، قال تعالى

 

﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53)﴾

 

[سورة الزمر]

 نسبَ اللهُ هؤلاء المؤمنين إلى ذاته، وهذه النسبةُ هي نسبةُ تشريفٍ، شرَّفنا اللهُ حينما قال:

 

﴿قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (10)﴾

 

[سورة الزمر]

أي أطيعوا ربكم، و اتقوا عذابَه، و اتقوا سخطَه و عقابَه في الدنيا، و اتقوا نارَه في الآخرة، قال تعالى:

﴿ِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ﴾

[سورة الزمر]

 في الدنيا قبل الآخرة، قال تعالى:

 

﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ﴾

 

[سورة الزمر]

 أخطرُ شيء في حياتك أن تعبد اللهَ، فإذا كنتَ في أرضٍ و بيئةٍ حالتْ بينك و بين طاعة الله فاركلْ هذه البيئةَ بقدمك و انتقل إلى مكان آخرَ، لأن الأصلَ أن تعبد اللهَ، فإذا حالتْ جهةٌ ما في الأرض بينك و بين عبادة الله لا عذرَ لك عند الله، قال تعالى:

 

﴿يَاعِبَادِي الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِي(56)﴾

 

[سورة العنكبوت]

 لذلك الإنسانُ حينما لا يستطيع أن يقيم شعائرَ الله عليه أن ينتقل إلى بلد آخرَ يقيم شعائرَ الله، فكيف إذا كان في بلد تُقام فيه شعائرُ الله على نحوٍ لا يُوصَف، كبلدنا، وبين أهله، و دروس العلم و المساجد،كلُّ شيء يدعو إلى الله، فانتقل إلى بلدٍ تُرتكب فيه فاحشةُ الزنا على قارعة الطريق، هذه الهجرةُ التي أرادها من أجل الشيطان، أنت مكلَّفٌ أن تترك بيتَك و متجرَك و مزرعتك، و بيئتَك و كلَّ معطياتِ حياتك و تنتقل إلى بلدٍ لا تعرف فيه أحدًا من أجل أن تعبد اللهَ، فكيف بمن يقيم مع المشركين قد برِئَتْ منه ذِمَّةُ الله و كيف بمن يقيم ببلدِ فإذا كبرتْ بناتُه انحرفنَ أخلاقيًّا وهو يرى بأمِّ عينيه وهو لا يستطيع أن يفعل شيئًا قال تعالى:

 

﴿قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (10)﴾

 

[سورة الزمر]

قال تعالى:

﴿قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ (11)﴾

[سورة الزمر]

 من الظاهر عبادةٌ و من الباطن إخلاصٌ، و الجوارحُ طائعةٌ و القلبُ إخلاصٌ، قال تعالى

 

﴿وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ (12)﴾

 

[سورة الزمر]

 فإذا كان مقام النبوَّة، بل إذا كان مقامُ سيِّد الأنبياء بل إذا كان مقام الرسلِ بل إذا كان مقام سيِّد الرسل هو هذا ؛ قال تعالى:

 

﴿قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (15)﴾

 

[سورة الزمر]

 فمن أنت حتى لا تخاف ؟ و إذا لم يخف الإنسانُ فلا عقلَ له، قال لي مرَّةً أحدُهم: أنا لا أخاف اللهَ، فقلتُ له: أنت بالذات معك الحقُّ أن لا تخاف الله، قال: لماذا ؟ قلت: أحيانا الفلاح يأخذ ابنَه الصغيرَ على الحصيدة و يمرُّ عليه ثعبانٌ كبيرٌ فلا يخاف منه، بل يداعبه، لأنه لا إدراك له فلا خوفَ له، فإذا لم يخف الإنسانُ من الله، فليس له إدراكٌ إطلاقا، و لو عنده إدراكٌ لارتعدتْ مفاصلُه خوفا من الله عز وجل، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: و اللهِ لو تعثَّرتْ بغلاةٌ في العراق لحاسبني الله عنها، لِمَ لَمْ تصلح لها الطريقَ يا عمرُ ؟ قال: و اللهِ لا أمثِّل بهم فيمثِّل اللهُ بي و لو كنتُ نبِيًّا، فكلما ازداد حجمُ معرفتك بالله ازداد خوفك منه، لذلك المؤمن الصادقُ قبل أن يفكِّر في ظلم إنسان أو يدوس نملةً يعُدُّ للمليون فما قولك فيما فوق النملةِ ؟ قال عليه الصلاة و السلام

 

((عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِي اللَّه عَنْهمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ دَخَلَتِ امْرَأَةٌ النَّارَ فِي هِرَّةٍ رَبَطَتْهَا فَلَمْ تُطْعِمْهَا وَلَمْ تَدَعْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ * ))

 

[رواه البخاري]

 فإذا كان حبسُ الهرَّة و عدمُ إطعامها يستوجب دخولَ النار فما قولك فيما فوق الهرة ؟
قال تعالى:

 

﴿قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (15)﴾

 

 

[سورة الزمر]

 هذا مقام النبيِّ وهو القدوةُ

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور