وضع داكن
26-04-2024
Logo
الدرس : 14 - سورة التوبة - تفسير الآية 119 ، علامات الصادقين.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين وبعد:
 ففي آواخر سورة التوبة قوله تعالى:

﴿لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (117) وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾

 أيها الأخوة: لهذه الآيات قصة مثيرة جداً، ثلاثة من أصحابه رسول الله تخلفوا عن الجهاد، وحينما وقفوا أمام النبي صلى الله عليه وسلم، ليعتذروا أرادوا أن يكونوا صادقين، فلم يقدموا عذراً واهياً بل كانوا صادقين مع الله ورسوله وأنفسهم.
 لذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يقاطعوهم قرابته خمسين يوماً ‍‍‍‍‍‍ ثم تاب الله عليهم، وسوف أتلو عليكم هذه القصة إن شاء الله تعالى، بداً من يوم السبت، السبت والأحد نتلوا عليكم قصة هؤلاء الصحابة الثلاث الذين خلفوا وضاقت عليهم الأرض بما رحبت.
 لكن الآية التي تليها، وهي موضوع اليوم وهي قوله تعالى:

 

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (119) ﴾

 أمر ألهي، وكل أمر ألهي يقتضي الوجوب، كونوا معهم.

 

 

﴿ اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (119) ﴾

 وهناك من يرى أنكم عليكم أن تتقوا الله، أي عليكم أن تطيعوا، والذي يعينكم على طاعته، أن تكونوا مع الصادقين، لو كنتم مع الكاذبين، أو المنافقين، أو الكافرين، أو مجتمع أهل الدنيا، لا تستطيعون أن تطيعوا الله عز وجل، من أجل أن تطيعوا الله عز وجل، كونوا مع الصادقين، العلم يطلب في الجامعات، لا في الأسواق، فإذا أراد الإنسان أن ينال أعلى شهادة علمية، عليه أن يلتحق بالجامعة، لا بالسوق، سوق ينمي الأموال أما الجامعات تعطي العلوم، لكن قد يسأل سائل، من هم الصادقين ؟ الأمر الإلهي.

 

 

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (119) ﴾

 

 طيب من هم الصادقون ؟ كل يدعي أنه صادق، هل هناك في الأرض يقول لك أنا كاذب ؟ لا، طيب هل هناك علامات في القرآن الكريم تعرفنا بالصادقين ؟ نعم، علاماتٌ كثيرة.
 من هذه العلامات:

﴿قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20) اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْراً﴾

( سورة يس: 20 ـ 21 )

 ما في إنسان بتحرك حركة إلا بهدف فإذا كانت حركته منزهةً عن الأهداف الأرضية، فيغلب على الظن والله أعلم أنه مخلص، لا يبتغي لا درهماً، ولا ديناراً، ولا شيئاً أدبياً ولا معنوياً، ولا مادياً، ولا مديحاً، ولا ثناءً، ولا يبتغي شيئاً، إذاً هو يبتغي وجه الله.
 فأول علامةٍ من علامات الصادقين:

 

﴿لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْراً﴾

 

﴿قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20) اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ (21) ﴾

 هي علامة.
 العلامة الثانية: مستنبطة من قوله تعالى:

 

﴿وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً﴾

 

( سورة البقرة: 124 )

 ما استحق هذا النبي العظيم، أن يكون إماماً إلا بعد أن طبق أمر الله مائة في المائة، فالإنسان المستقيم هو الذي يتبع، ابن عمر دينك دينك، إنه لحمك ودمك، خذ عن الذين استقاموا ولا تأخذ عن الذين مالوا، هذه علامة ثانية.

 

﴿وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً﴾

 

 العلامة الثالثة:

﴿ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا﴾

( سورة السجدة: 24)

 إذا إنسان ابتلي وصبر معناها يعرف الله، يرى حكمته، يرى عدالته، فالذي يأتمر بما أمر الله، والذي يصبر على حكم الله، والذي لا يبتغي أي مكسبٍ دنوي، ثلاثة.
 العلامة الرابعة:

 

﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ﴾

 

( سورة يوسف: 108 )

 دعوة منهجية، دعوة معللة، دعوة مدعمة بالبراهين والأدلة، شيء منطقي، بتوافق الفطرة، بتوافق الواقع، بتوافق العقل بتوافق النقل، في انسجام، ما في تناقض، ما في خلل، ما في ضعف ما في تناقض، هي علامة رابعة.

 

﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي﴾

 

 في عنا علامة خامسة:

﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ﴾

( سورة آل عمران: 18 )

 فإذا إنسان بين لك عدالته الله عز وجل، هذا يعرف الله، أما إذا قال لك أنت بملكه، إذا حب يحطك بالنار ولو كنت طائعاً مالك عنده شيء، لأنه أنت بملكه، هذا ليس ظلم هذا، إنسان يفني حياته في طاعة الله ويحطه في جهنم، لأنه بملكه، هي ليست عداله هي، الله قال:

 

﴿إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (56)﴾

 

( سورة هود: 56 )

 الله عز وجل ألزم نفسه بالكمال، وين.

 

﴿وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً (77)﴾

 

( سورة النساء: 77 )

 وين.

 

﴿لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ﴾

 

( سورة غافر: 17 )

 وين.

 

﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (7)﴾

 

( سورة الزلزلة: 7 )

 الله خلقه كافر، منذ أن خلقه كافراً، وقدر عليه الكفر، قدر عليه شرب الخمر، والزنى ثم يجعله في جهنم إلى أبد الآبدين، وما له أي خيار، ألقاه في اليم مكتوفاً، وقال له: إياك، إياك أن تبتل في الماء، هي دعوة مبنية على الظلم ليس على العدالة، فلذلك:

 

﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ﴾

 هي علامة خامسة.
 العلامة السادسة:

 

 

﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ﴾

 

( سورة الأحزاب: 39 )

 هذا الذي يبلغ رسالة الله عز وجل لو خشي غير الله، فسكت عن الحق إرضاء لهذا القوي، أو تكلم بالباطل إرضاء له أيضاً، إذا تكلم بالباطل وسكت عن الحق، ماذا بقي من تأدية رسالة الله عز وجل انتهت الرسالة هي علامة سادسة، فلما ربنا عز وجل قال:

 

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ﴾

 ومن أجل أن تتقوا الله.

 

 

﴿وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (119) ﴾

 من هم الصادقين هؤلاء ؟ لا يسألونكم أجراً..

 

 

 يصبرون على حكم الله.. يطيعون أمر الله يبينون عدالته الله وأسمائه الحسنه.. لا يخشون في الله لومة لائم ترفعوا على كل مكاسب الدنيا.. هؤلاء يدعون على بينة بدليل بحجة ببرهان، دعوتهم منطقية، مع الواقع والدليل والفطرة والعقل.. هي علامات الصادقين، لأن الإنسان ضمن الجماعة، والجماعة رحمة والفرقة عذاب.
 إن الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد، وإنما يأكل الذئب من الغنم القاسية، عليكم بالجماعة، وإياكم والفرقة، فإن الشيطان مع الواحد. والجماعة رحمة، والفرقة عذاب، ويده الله مع الجماعة، ومن شذ، شذ في النار، ولا تجتمع أمتي على ضلالة. النبي عليه الصلاة والسلام، معصوم بمفرده، وأمته معصومةٌ بمجموعها، هي المشكلة، فهذه الآية أيها الأخوة، مهمة جداً الإنسان يكون له مشرب ديني، مرجع ديني، يبحث إلى أن يثق بعلم إنسان، وإخلاصه، وصدقه، إذا كان وثق، يطلب العلم، يلتحق بمسجد، يكن له جماعة مؤمنة، على كتاب الله وسنة رسوله، في رحمة، بالجماعة في تنافس يصير، التنافس الله بحب التنافس، هذا صلى قيام الليل، أنا ما عما اصلي قيام الليل، هذا حفظ القرآن أنا ما حفظت القرآن، ضمن المجتمع المؤمن يتنافسوا المؤمنين، يتعاونوا يتناصحوا، يتكاتفوا، واحد متضايق والثاني مسرور، يعدي بالسرور تسري هذه المشاعر، الإيجابية، لكل.
 ما قال سيدنا حنظلة: نكون مع رسول الله ونحن والجنة كهاتين فإذا عافسنا الأهل ننسى، وكل إنسان مؤمن صادق دخل بيت الله عز وجل مخلصاً، إذا كان جلس بمجلس علم، إكرام الله ليس بس المعلومات يلي نسمعها، بحس براحة بحس بانشراح، بحس كأنه غسل، هل الهموم كلها تبدلت، هل المخاوف زالت عنه، شعور القلق خلص منه، هي لما ربنا يتجلى على إنسان في المسجد.
 إن بيوت في الأرض المساجد وإن زوارها هم عمارها فطوبى لعبد تطهرا في بيته ثم زارني، وحق على المزوري أن يكرم الزائ.

 أنت الآن في ضيافة الرحمان، الله ما راح يضيفك كأس شاي حي ضيفك طمأنينة، حي ضيفك سلامة صدر، حي ضيفك ثقة بعدالة الله، حي ضيفك شعور بالراحة، سعادة.
 إذاً هي الآية أخوانا الكرام:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ﴾

 ومن أجل أن تتقوا الله.

 

﴿وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (119)﴾

 

 من هم الصادقون ؟ ذكرهم الله عز وجل، ذكرهم أنهم يترفعون عن مكاسب الدنيا، ذكرهم يطيعون الله ورسوله، يصبرون على بلاء الله عز وجل، لا تأخذهم في الله لومة لائم، يبينون كمال الله وعدالته، يدعون على بصيرة بالدليل المنطقي العقلي الجيد، والحجة النيرة، والواقع والفطرة والعقل، والنقل، هؤلاء الذين ينبغي أن نكون معهم، فالإنسان من دون مسجد ضائع، يكلك مسجد، والله عز وجل بحب الجماعة والنبي الكريم وأصحابه، لازم نقلدهم نحنا، بتعاونهم، بتآزرهم بتكاتفهم، بمحبتهم، بمأثرتهم، من يساويها منا، بتلاقي ثمانية بيوت مسكرة، سبعة مقفولة، وبيت ساكن في، وهؤلاء الشباب عما يتلووا على غرفة براس الجبل ما في، بقلك أنا مؤمن، مسلم، ما في تعاون، لو في تعاون، لو في تآزر، لو في مساعدة، حتى يحس المسلم أنه يعيش مع مجتمع مسلم، أنا ما عما قول أنه عطوا بيتكم لأحد، لا، لكن تعاون ما في، بس في مشاعر إسلامية، بس تعاون حقيقي.
 واحد مثلاً بزوج بناته، لو أنه أمن بيت لصهره شو في مانع بنته هي، ما قلت لكم مرة من جمعة سمعت كلمة والله بكتني، وحدة بتقول لأبوها على فراش الموت، الله يحرمك الجنة، لأنه حرمتني نعمة الأولاد، ما زوجتني، كل ما جاء خاطب بدك واحد غني، ما يصلحنا، بعدين أنا أصبحت عانس، وطبعاً عمرها خمسين سنة عمرها، بين واحد يجبر خاطر بناته مثلاً أولاده، يعاون إخوانه يبذل، بدو عمل يلقى الله به قال له يا بشر: لا صدقة ولا جهاد فبما تلقى الله إذاً.
 بدنا عمل، كل واحد بمهنته يخدم المسلمين، ببيته يساوي إسلامي بعمله يساوي إسلامي، إذا معه فائض يعاون إخوانه المؤمنين الصادقين، حتى تلقى الله والله راضٍ عنك.

والحمد لله رب العالمين

 بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أعطنا ولا تحرمنا وأكرمنا ولا تهنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا وأرضنا وأرض عنا، وصلى على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.

تحميل النص

إخفاء الصور