وضع داكن
19-04-2024
Logo
الدرس : 47 - سورة النساء - تفسير الآيات 102-104 ، صلاة الخوف
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا بما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

الآية التالية من أبلغ الآيات التي تحض على صلاة الجماعة :

 أيها الأخوة الكرام، مع الدرس السابع والأربعين من دروس سورة النساء، ومع الآية الثانية بعد المئة، وهي قوله تعالى:

﴿ وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمْ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً ﴾

 أيها الأخوة، بادئ ذي بدء هل من حالة أصعب في حياة الإنسان من أن يكون في مواجهة عدو وجهاً لوجه، وفي ساحة المعركة، وبالسلاح الأبيض؟ ومع ذلك ينبغي ألا يغفل المؤمن عن الصلاة، وأن لا يغفل المؤمن عن صلاة الجماعة، المسلمون وهم في ساحة المعركة، ويشتبكون مع العدو وجه لوجه ينبغي أن لا تفوتهم صلاة الجماعة، ينبغي ألاّ يغفلوا عن الصلاة، وينبغي ألا تفوتهم صلاة الجماعة، فكيف في حالة السلم؟ لا يوجد قتال، ولا اشتباك، لا يصلي! لا يصلي في المسجد ولا يكون مع الجماعة!

 

ورود الآية السابقة في بيان كيفية صلاة الخوف :

 أيها الأخوة، هذه آية من أبلغ الآيات التي تحض على صلاة الجماعة، ما من حالة في حياة المسلمين أصعب من أن يكونوا في مواجهة العدو، وهم مشتبكون معه، والقتال دائرة رحاه، ومع ذلك ينبغي ألاّ تفوتهم الصلاة، ولا صلاة الجماعة، لأن الصلاة هي الفرض الوحيد الذي لا يسقط بحال، ولا في أثناء مواجهة العدو، وأركان الإسلام الخمسة النطق بالشهادتين، وأداء الصلاة، وصيام رمضان، وحج البيت، ودفع الزكاة، خمسة أركان، أربعة منها تسقط، الشهادة تؤدى مرة واحدة، الصيام يسقط عن المريض والمسافر، والحج يسقط عن الفقير والمريض، والزكاة تسقط عن الفقير، أما الفرض المتكرر الذي لا يسقط بحال هو فرض الصلاة. وقد قال بعض العلماء: في الصلاة من معاني الحج التوجه لبيت الله الحرام، وفي الصلاة من معاني الصيام أنك في الصيام تدع الطعام والشراب، وفي الصلاة تدع الطعام والشراب والحركة والكلام، ومن معاني الزكاة أن الوقت أصل في كسب المال وها أنت تقتطع من وقتك الثمين وقتاً لتصلي.
 أيها الأخوة:

﴿ وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمْ الصَّلَاةَ ﴾

 هذه صلاة الخوف! صلاة الخوف وردت هذه الآية في بيان كيفيتها، النبي عليه الصلاة والسلام وهو الصادق الصدوق، وهو الذي ينبغي أن نأخذ ما أمرنا وننتهي عما عنه نهانا، شرع لنا قصر الصلاة في السفر، القرآن شرع لنا قصر الصلاة في الخوف، والنبي عليه الصلاة والسلام شرع لنا قصر الصلاة في السفر، نحن في السفر نؤدي الرباعية ثنائية، صلاة الظهر والعصر والعشاء تؤدى ركعتين، بينما صلاة الفجر هي في الأصل ركعتان، والمغرب يبقى ثلاث ركعات، فالنبي عليه الصلاة والسلام شرع لنا صلاة السفر، والقرآن الكريم شرع لنا صلاة الخوف، والحقيقة قصر الصلاة في السفر قصر كمي، بينما صلاة الخوف قصر كيفي، الكيّف في صلاة السفر عنه في صلاة الخوف.

 

ثلاث كيفيات لصلاة الخوف :

 قال تعالى:

﴿ وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ ﴾

 الصلاة مع رسول الله شرف عظيم، من نال شرف الصلاة مع رسول الله فهذا في مكانة علية عند الله عز وجل، لذلك لا يمكن أن يصلي المسلمون في الحرب، والعدو ينتظر حتى هذه اللحظة في صلاتهم لينقض عليهم، وكما قال عليه الصلاة والسلام:

 

((المؤمن كيس فطن حذر.))

 

[القضاعي عن أنس]

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ ﴾

 الفرض فرض لا بد أن يؤدى، إذا نحن في ساحة المعركة ينبغي أن نؤدي هذا الفرض أداء خاص، أداء قصر نوعاً لا قصر كماً. كما أن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه، قال:

 

﴿ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ ﴾

 يقسم الجنود لقسمين، قسم يصلي خلف رسول الله ركعتين فقط في الصلاة الرباعية، ويسلم النبي في القعود الأول يسلم فينهض الذين صلوا خلفه لأخذ مواقع أخوانهم في حراسة هؤلاء المؤمنين، نصف يحرس ويتوجه نحو العدو ومعه أسلحته وهي ملقنة وجاهزة، ونصف يصلي، النبي يصلي أربع ركعات، وحده! نصف الجيش يصلي معه ركعتين، ونصف الجيش الآخر يصلي بعد قعوده الأول ركعتين، يتابع بهما الصلاة، هذه كيفية أولى.
 قد تؤدى صلاة الحرب أيضاً قصراً ركعتين، فرقة تصلي ركعة واحدة خلف النبي، وفرقة ثانية تصلي ركعة واحدة خلف النبي، والنبي يصلي ركعتين، فإما أن يصلي النبي ركعتين كل فرقة تصلي ركعة معه، وإما أن يصلي النبي أربع ركعات كل فرقة تصلي ركعتين معه، وإما أن يصلي الفريق الأول ركعة، والفريق الثاني ركعة، ثم يأتي الأولون فيصلون الركعة الثانية مع رسول الله في ركعته الثالثة، ويأتي الفريق الثاني ليصلي مع رسول الله ركعته الثانية في ركعة رسول الله الرابعة ثلاث كيفيات لصلاة الخوف!

 

في كل عصر يوجد نظام ووسائل يجب أن نأخذ بها :

 على كل هذا النظام رائع، نظام تفوق، نؤدي الصلاة لكن ونحن حذرين، ونقف مواجهين للعدو من أجل ألاّ يغدرنا، لذلك قال تعالى:

﴿ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ ﴾

[ سورة النور: 37]

 معنى ذلك أنهم يتاجرون، ويشترون، ويبيعون، ويكسبون المال، وينفقون المال ولكن كسبهم للمال لا يلهيهم عن عبادة ربهم، ومن السهل جداً أن تكون متطرفاً في باب واحد، من السهل أن تدع العمل وتصلي، أو تعمل ولا تصلي، أن تغرق في دنياك إلى قمة رأسك، أو أن تعتزل الحياة كلها فلا تصلح أن تكون أباً، ولا زوجاً، ولا منتجاً في المجتمع، لذلك ليس بخيركم من ترك دنياه لأخرته للأسف، ولا من ترك آخرته لدنياه إلا من يأخذ منهما معاً فإن الأولى مطية للثانية.

 

﴿ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ ﴾

 في كل عصر يوجد نظام ووسائل يجب أن نأخذ بها، على كل رأى بعض المفسرين أن هذا في عهد النبي عليه الصلاة والسلام، لأنه رسول الله، ولأن الصلاة معه شرف عظيم، ولكن لو كنا بعده في معركة ولكل مجموعة من الجنود إمام، فيمكن أن تصلي كل مجموعة مع الإمام صلاة الظهر والعصر مقصورتين صلاة كاملة، وتأتي مجموعة ثانية فتصلي مع إمامهم الظهر أو العصر قصراً.

 

﴿ وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ ﴾

 بعضهم استنبط، ما دامت الصلاة مع رسول الله شرفاً عظيماً، يقسم الجند قسمين، قسم يصلي مع رسول الله نصف الصلاة، والقسم الآخر يصلي معه القسم الثاني، إما تتابعاً أو تفرقاً، ركعة بركعة بركعة، أو ركعتان بركعتين، أما إن لم يكن رسول الله بين صفوفنا وجيش كبير، ولكل مجموعة إمام، يوجد ميمنة وميسرة ومقدمة ومؤخرة وقلب، الجيش خمس فرق، لكل فرقة إمام، ما الذي يمنع أن تصلي الفرقة الأولى وبقية الفرق تحرس، وتأتي الثانية فتصلي، والباقون يحرسون، على كل المؤمن كيس فطن حذر، وأروع ما قاله سيدنا عمر: "لست بالخبّ، ولا الخبّ يخدعني ".

 

الله عز وجل جعل الدنيا ثمن الآخرة :

 يقول: عدوان غادر! شيء مضحك، متى كان العدوان معه نصيحة، أنا سأضربك، إلا في حالات نادرة مع القوة العظمى التي لا تقابل فرضاً، يقول: أنا سأضرب، أما بأساس العدوان يوجد مفاجأة، والحرب خدعة، وإذا قلت: عدوان غادر، كلام لا معنى له، العدو من خصائصه أن يفاجئك بالحرب، ومن لوازم إعدادك للحرب حتى لا تفاجأ:

﴿ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ ﴾

 قد يقول قائل: أنت مكلف أن تكون حذراً، ألم يتولى الله حفظ المؤمنين، أن يجعلك الله خليفته في الأرض.

 

﴿ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ ﴾

[ سورة محمد: 4]

 وألغى كل الحروب، ولكن لتكسب شرف البذل في سبيل الله، فرق كبير بين أن تبذل من جهدك، ووقتك، وفكرك، وتخطيطك، لتنال عند الله القرب. مثلاً: ألا يستطيع المدرس، وهو يفحص طلابه أن يأخذ ورقة أحد الطلاب، ويكتب الإجابة الكاملة بخطه، ويأخذ الطالب مئة درجة؟ هل لهذا النجاح من قيمة بربكم، فرضاً مدرس رياضيات في الامتحان، وهو صعب، طالب يحبه أخذ ورقته، وكتب الإجابة الكاملة، والمسائل كلها صحيحة، وأخذ العلامة التامة، مئة بالمئة، هل لهذا النجاح قيمة؟ لا قيمة له إطلاقاً، متى نقيم احتفال لهذا الطالب ونقدم له الهدايا؟ إذا اجتاز امتحاناً صعباً، فالله عز وجل جعل الدنيا ثمن الآخرة، جعل الدنيا مطية الآخرة، جعل الحياة الدنيا مكان لدفع ثمن الآخرة.

 

﴿ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ ﴾

من حكمة الله عز وجل أنه جعل معركة الحق والباطل معركة أزلية أبدية :

 مثل آخر: أليس بالإمكان والله هو الخلاق العليم أن يخلق الكفار جميعاً في قارة واحدة، ولتكن أمريكا فرضاً؟ ويخلق المؤمنين في قارة آسيا؟ لا يوجد حروب، ولا منازعات، ولا مناوشات، ولا بدر، ولا أحد، ولا الخندق، ولا اليرموك، ولا القادسية، ولا شيء، أناس مؤمنون مع بعضهم بعضاً، عندها لا يوجد جنة، الجنة ليس لها ثمن، فقدنا ثمنها، فمن حكمة الله عز وجل أنه جعل معركة الحق والباطل معركة أزلية أبدية، حتى الأنبياء، فتروي بعض الكتب أن سيدنا موسى عليه السلام في أثناء المناجاة قال: يا رب لا تجعل لي عدواً، قال: يا موسى هذه ليست لي، الله عز وجل له أعداء، لا يوجد إنسان إلا له أعداء حتى الأنبياء، قال دخلت عليك، وما على وجه الأرض أبغض إلي منك! أحدهم دخل على النبي قمة الكمال، قمة الرحمة، قمة العدل، قمة الإنفاق، العداء بين الحق والباطل شيء طبيعي جداً، أنت حينما يكون ولاؤك للباطل تعادي أهل الحق بسبب وبلا سبب، مهما كانوا كاملين معك، تعاديهم لأنك في خندق آخر ومحور آخر وفي أنظمة أخرى، شيء طبيعي هذا الصراع بين الإيمان والكفر.
 الإنسان إذا كان مؤمناً وولاؤه للمؤمنين له طريقة في التفكير، وطريقة في القبول، وطريقة في التبرير، تختلف عن طريق ولائه للكفار، هذا لا يصدق كل تهمة للمسلمين، هذا يتألم أشد الألم لمصاب ألمَّ بالمسلمين، يفرح أشد الفرح لخير أصاب المسلمين، هذا لا يقبل تهم الطرف الآخر للمسلمين، يفند أدلتها، ويدحضها، ويقوي أدلة المؤمنين، هذا هو الولاء والبراء، نستنبط من هذه الآية أنه إذا كنت في حرب مواجهة في ساحة معركة لا بد من أن تصلي الصلاة في وقتها وتحرص على صلاة الجماعة، فكيف بالسلم؟! لا يوجد قتال، ولا طعن بالسكاكين، ولا إطلاق رصاص، ولا خوف! فكم هي الصلاة عظيمة عند الله عز وجل.

الفرق بين الاختصار والاقتصار :

 أيها الأخوة، يقول الله عز وجل:

﴿ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً ﴾

 هذا شأن الكافر، يتمنى أن يكون لك نقطة ضعف، يستغلها أبشع استغلال يبني مجده عليك، يشهّر بك، فلذلك المؤمن حينما يقصر، أو حينما يغفل، أو يتهاون يقوي كفر الكافر، وما من آية في هذا المجال أدق من قوله تعالى في دعاء القرآن الكريم:

 

﴿ رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا ﴾

[ سورة الممتحنة: 5]

 الكافر حينما يرى المؤمن مقصراً، وهو لا يقصر، يرى المؤمن لا يتكلم بالحقيقة، يرى المؤمن لا يتقن عمله، المؤمن المقصر الذي لا يتقن عمله يقنعه أن الكفر أولى من الإيمان، فالذي جعل هذا الكافر يتشبّث بعمله هو المؤمن المقصر.

 

﴿ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ ﴾

 أخواننا يوجد ملاحظة لطيفة: أن هناك فرقاً بين الاختصار وبين القصر، الاختصار أن تجمع كلمات الموضوع في كلمات قليلة، أما القصر فأن تأخذ بعض أفكار الموضوع وتدع بعضها الآخر، فرق بين الاختصار وبين الاقتصار.
 يروى أن أديباً كبيراً اعتذر عن إطالة رسالته لعدم وجود وقت يختصر فيه، معنى ذلك أن الكلام المختصر يحتاج لجهد كبير، وقد سئل أحدهم وهو في منصب كبير جداً: كم تعد لخطاب يستغرق خمس دقائق؟ قال: ثلاثة أيام؟ قال: خطاب يستغرق ساعة؟ قال أعد له: ساعتين! قال: خطاب مؤلف من خمس ساعات؟ قال: لا أعد له أبداً، فالشيء المختصر فيه دقة بالغة، والحقيقة أن الإنسان حينما يختصر، يعني أنه أتى بكل الأفكار في كلمات قليلة، أما الإطناب فكلام سهل جداً لا ينتهي، بلا تخطيط، أقسم لي أحد الأخوة أنه حضر خطبة الخطيب فتح ثمانية وعشرين موضوعاً لم يغلق واحداً! خواطر تأتيه تباعاً، فالكلام المركز يجلب الانتباه، هذا الفرق بين الاختصار والاقتصار، كتاب أريد اختصار فصل أو فصلين، أريد اختصاره لا بد من ذكر كل أفكار الكتاب في عشر صفحات! هذا عمل صعب جداً، على كل هذا هو الفرق بين الاقتصار والاختصار، الصلاة أربع ركعات أصبحت ركعتين.

 

الكافر يجب أن يعذب عذاباً مهيناً ليذوق وبال أمره :

 ثم يقول الله عز وجل:

﴿ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ﴾

 السلاح يجب أن يحمل في أثناء الصلاة، طبعاً السلاح الفردي، إلا إذا كان هناك مطر شديد، وإنسان مريض يؤذيه السلاح فرضاً فيوضع السلاح أمامك، أو فرضاً في حرز فتصلي.

 

﴿ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً ﴾

 الإنسان إذا تألّه:
 العزة ردائي والعظمة إزاري، فمن نازعني منهما شيئاً أذقته عذابي ولا أبالي، الإنسان إذا ادعى الفوقية، وتغطرس، وتأله هذا يحتاج لا إلى عذاب أليم، بل إلى عذاب مهين، الله عنده عذاب أليم، وعذاب عظيم، وعذاب مهين، المتكبر عذابه في إهانة، أما يوجد إنسان يعذب عذاباً أليماً، ومكانته علية، ألم داخلي، يوجد أمراض لها آلام لا تحتمل، هذا عذاب أليم، أما الكافر يجب أن يعذب عذاباً مهيناً ليذوق وبال أمره.

 

﴿ فَإِذَا قَضَيْتُمْ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِكُمْ ﴾

 أنتم في أشد حالات الخوف والقلق ومواجهة العدو لا بد من أن تصلوا، وتصلوا جماعة.

 

على المؤمن أن يبالغ في أداء الصلوات والصلوات النافلة عند انتهاء الحرب :

 قال تعالى:

﴿ فَإِذَا قَضَيْتُمْ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً ﴾

 هذا معنى قوله تعالى:

 

﴿ فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ ﴾

(سورة الشرح:7-8 )

 إنسان قد يكون مشغولاً بتأسيس محل، بأداء امتحان، بعمل مشروع، ينبغي أن يصلي، ولكن إذا انتهى هذا المشروع، وهذا الامتحان ينبغي أن يبالغ في أداء الصلوات، والصلوات النافلة.

 

﴿ فَإِذَا قَضَيْتُمْ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً*وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنْ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ ﴾

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور