وضع داكن
24-04-2024
Logo
الدرس : 1 - سورة الرعد - تفسير الآيات 1 - 4 التفكر أسمى العبادات.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيّدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علَّمْتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علِّمنا ما ينْفعنا وانْفعنا بِما علَّمتنا وزِدْنا عِلماً ، وأَرِنا الحق حقاً وارْزقنا اتِّباعه ، وأرِنا الباطل باطِلاً وارزُقنا اجْتنابه ، واجْعلنا ممن يسْتمعون القول فَيَتَّبِعون أحْسنه ، وأدْخِلنا برحْمتك في عبادك الصالحين .

دوران الكون بانتظام :

 أيها الأخوة الكرام ؛ يقول الله تعالى في سورة الرعد :

﴿اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ (2)﴾

[سورة الرعد]

 الحقيقة أنَّ الكون كما تعلمون أيها الأخوة مُؤلَّف من ملايين المَجَرَّات ، بل الرَّقم قد يقترب مِن مليون مليون مجرَّة في حُدود معلومات علماء الفلك ، وكل مجرَّة تقترب من مليون مليون نَجم ، وهذا الكون كلّه في فلكٍ يسْبح ، وكلّ كوْكَبٍ يَجري في مسارٍ مُغْلَق ، وإذا أردْنا أن نصِفَ السماء بِوَصْف جامِعٍ مانِعٍ شامِلٍ مطلق : والسماء ذات الرَّجع ، فَكُلّ كوكَبٍ ينطلق ويدور ويعود بعد آلاف السِّنين مِن نقطة انْطِلاقه ، أي أنَّ المَسَار مُغْلَق ، فالأفلاك التي تدور فيها النُّجوم أشْكال بَيْضَوِيَّة مُغْلَقَة وهذا معنى قول الله عز وجل :

﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ(11)﴾

[سورة الطارق]

 أما قول الله عز وجل :

﴿ اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ (2) ﴾

[سورة الرعد]

 المعنى المُتبادَر أنَّها بِغَير عمَد ، أما المعنى اللُّغوي الدقيق أنَّها بِعَمَد ولكن لا تَرَوْنها، هيَ بِغَير عَمَدٍ مَرْئِيَّة ، إذًا هي بِعَمَدٍ غير مَرْئِيَّة ، فما هي الأعمدة ؟ وما هو العَمَد غير المرئي ؟ قال علماء الفلَك : هي قِوى التَّجاذب ، وقانون التجاذب الذي كشَفَهُ نيوتن هو أنَّ كلّ كتلة تَجْذب أو تنجذب إلى كتلة أخرى وهو معروف عند طلاب العلم الكوني ؛ جداء المسافة مضروبة بمُربع الكتلتين ، فالكتلة الأكبر تجذب الأصغر ، والجذب مُتَعَلِّق بالمسافة وبالكتلة .
 أيها الأخوة ؛ لولا حركة الكواكب لأصْبَحَ هذا الكون وِفْق هذا القانون كتلةً واحِدَة ؛ لأنَّ الأكبر يَجْذب الأصغَر ، فما الذي يَمْنَعُ مِن تجمُّع الكَون ؟ كلّ كوكب يدور ، ومع دَوْرَتِهِ تنشأ قِوى نابِذة ، هذه القِوى النابِذة تكافئ القِوى الجاذبة ، فالكون يدور بانتِظام دون أن يتجمَّع في كتلة واحِدَة .

آيات الله الباهرة :

 الآن هناك نقطة دقيقة جدًا أُريد أن أضَعها بين أيديكم ؛ الأرض تدور حول الشَّمس في مسار مُغلق ، والدَّوْرَة تستغرق ثلاثمئة وخمسة وستين يوماً وربع ، وهي السنة الشَّمْسِيَّة ، فلو فرَضْنا أنَّ الأرض تفلَّتَتْ مِن مسارِها حول الشَّمْس ، وسارَت في الفضاء الكوني ، وأرَدْنا أن نُعيدها إلى مسارِها فَكَم نحْتاج إلى قوَّة ؟ قال العلماء : نحتاج إلى مليون مليون كَبْل فولاذي مضفور ، وقُطر كلّ كَبْل خمسة أمتار ، والكَبل الذي قطره خمسة أمتار يُقاوِم مليوني طن ، فهذه القوَّة التي تربط الأرض بالشَّمس مِن أجل أن تبقى الأرض تدور حول الشَّمس ثلاثة ميلي في الثانية ، إذًا الأرض مربوطة بالشَّمس بِأَعمِدَة أو حِبال لكنّ هذه الحِبال غير مَرْئِيَّة ، والله عز وجل قال : إنّ هذا الكون يتحرَّك بِنِظام مُبْدِع ومُعْجِز ومن دون حِبال وأعمِدة ودعائم ، ثمّ لو أرادنا زرْع هذه الكبلات في الأرض لأعاقَت السَّيْر والزَّرْع وضوء الشمس نفسه ، فَكَم هي آيات الله باهرة ؟! كُلُّكم يعلم أنَّ ما بين الأرض والشمس مئة وستة وخمسين مليون كيلومتر ، ومع ذلك الأرض مَرْبوطة بالشَّمس بِقِوى الجذب ، قال تعالى :

﴿ اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ (2) ﴾

[سورة الرعد]

 والضوء يقطع هذه المسافة في ثماني دقائق ، وكلُّكم يعلم أنَّ في بُرج العَقْرب نَجمًا صغيرًا اسمه نجم العقرب يتَّسِع للأرض والشمس مع المسافة بينهما ، لذلك الله عز وجل قال :

﴿قُلْ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ(101)﴾

[سورة يونس]

 وقال تعالى :

﴿ وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا وَأَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ(48)﴾

[سورة الزخرف]

 هذا الكون خُلِق مِن أجل أن نعرف الله عز وجل ، فربُّنا عز وجل يقول لك :

﴿ اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ (2) ﴾

[سورة الرعد]

 فهل عَرَفْتَهُ ؟ ثمَّ قال تعالى :

﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ (2)﴾

[سورة الرعد]

 يُقَدِّر علماء الفلك أنَّ الشمس مضى على تألُّقها خمسة آلاف مليون سنة ، ويُقَدِّر العلماء أنَّها تعيش خمسة آلاف مليون سنة ، فهل عندك أنت مِدفأة تشْتعل دون وَقود ؟ أين وَقودُها ؟ الحديث عن الشمس حديث يَطول ، مليارات الأطنان لا تكفي كي تشتعِلَ بهذه الطريقَة ، ستَّة آلاف درجة على سَطْحِها ، عشرون مليون درجة في نواتها ، ألسِنَة اللَّهَب طولها مِن نِصف إلى مليون كيلومتر ، ولو أنَّ الأرض أُلْقِيَت في الشمس لتَبَخَّرَت في ثانِيَة واحِدَة ، قال تعالى :

﴿هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلْ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (11)﴾

[سورة لقمان]

 قال تعالى :

﴿اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى﴾

[سورة الرعد]

 والدليل قوله تعالى :

﴿إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ(1)وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ(2)وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ(3)وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ(4)وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ(5)وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ(6)وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ(7)وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ(8)بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ(9)﴾

[سورة التكوير]

 فكل يمشي لأجل مُسَمّى .

التفكر في آيات الله عز وجل :

 ثمَّ قال تعالى :

﴿ اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ (2) ﴾

[سورة الرعد]

 أي لعلَّكم تؤمنون أنَّ بعد هذه الحياة حياة ، وبعد هذه الحياة يوم يُحاسَب الإنسان فيه على أعْمالِهِ ، قال تعالى :

﴿ وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (3) ﴾

[سورة الرعد]

 تَمشي بِطُرق سهلة ومُمْتَدَّة ، وهناك بالهندسة شَكل واحِد الخُطوط عليه مُمْتَدَّة ، فالمُكعَّب الحرف ينتهي عند حدِّه ، والمَوْشور ينتهي عند حَرْفِهِ ، وكذا متوازي المستطيلات ، وكل شَكْل هندسي إلا الكرة فليس لها حُروف ، فالخُطوط على الكُرة تَمْتدُّ إلى ما لا نِهايَة ، وهذه إشارة في كتاب الله على أنّ الأرض كُرَة . قال تعالى :

﴿ وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَاراً وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (3) ﴾

[سورة الرعد]

 معنى رواسي ؛ كلُّ مَن عنده مَرْكَبَة يقول لك : عدَّلْت الدولاب ، وذلك مِن أجل إذا مشى بِسُرعة فوق المئة لا تضطرب المركبة ، والأرض في سرعتها الشديدة حول نفسها ومع سَيْرِها حول الشمس قد تضطرب ، فما الذي يَجْعلها لا تضطرب ؟ هذه الرَّواسي والجبال ، قال تعالى :

﴿وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَاراً وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (3)﴾

[سورة الرعد]

 وعلاقة الرواسي بالأنهار أنَّ مُستَوْدعات الأنهار بالجبال .
 إندونيسيا بها أربعة آلاف جزيرة ، ولكل جزيرة نَبْع ماء ، وينابيع الماء بالجُزر مُستَودَعاتُها في القارات ، فكلَّما جاءتْ كلمة رواسي جاءَت معها كلمة أنهار ، قال تعالى :

﴿وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَاراً وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ(3)﴾

[سورة الرعد]

 أربعة آلاف وخمسمئة نوْع بالعالم ، وثلاثمئة نوعٍ من العِنَب والبندورة ، فيها نوع للعصير ، ونوع للسَّلطة ، ونوع كبير ، وآخر مُضَلَّع ، ونوع ماؤُهُ كثيف ، كل نوعٍ من أنواع الفاكهة مُنوَّع ، الزَّيتون والتفاح والعنب . قال تعالى :

﴿وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَاراً وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (3)﴾

[سورة الرعد]

 معنى ذلك أنَّ الله يَحُضُّنا على التفكّر في هذا الكون ، قال تعالى :

﴿وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (4)﴾

[سورة الرعد]

 مَن أعطى هذه الفاكِهَة هذا الطَّعم ؟ يقول لك : فيها فوسفور وكالسيوم ومغنيزيوم وفيتامينات ، من صَمَّم هذا الغِذاء ؟ قال تعالى :

﴿ وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (4) ﴾

[سورة يوسف]

الكَوْن هو أوْسَع باب لِمَعرفَةِ الله :

 هنا لي سؤال : كُلْ حبَّة توت وكُلْ حبَّة خوخ ، وحبَّة مشمش وأجاص ودراق ، وحبَّة عِنَب ، هل لك أن تصف واحدة من هذه الفواكه دون أن تلجأ لاسمِها ؟ لا يُمكِن وَصْف الطَّعم من دون ذِكْر الفاكِهَة ، كلّ فاكِهَةٍ لها طَعْم ، قال تعالى :

﴿ وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (4)﴾

[سورة الرعد]

 لذلك أيها الأخوة الكرام ؛ أعلى عِبادة على الإطلاق التَّفكُّر في السماوات والأرض ، أوْسَع باب لِمَعرفَةِ الله هو الكَوْن ، وأقْصَر طريق لِمَعرفَة الله هو الكون ، وهو أعلى عِبادة ، لذلك قال تعالى :

﴿ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ(1)وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ(2)لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْر(3)﴾

[سورة القدر]

 إذا قدَّرْت الله حقّ القدر يكون هذا أحسن مِن أن تَعْبُدَه ألف شهر أي ثمانين سنة ، قال تعالى :

﴿ وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ(28)﴾

[سورة فاطر]

 فالتفكّر عبادة ، وهذا الكون خُلِقَ من أجل أن تعرفه ، فالإنسان لابد أن يأكل كما تأكل البهائِم ، قال تعالى :

﴿إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ(12)﴾

[سورة محمد]

 واشكر الله على نِعَم الله ، ولا شرْط أن تكون غَنِيًّا ، فالعَين نِعْمة كبيرة ، وكذا الكِليَة ، مَن يبيعُ كِلْيَتَهُ ؟ أنت غنِيٌّ بِصِحَّتِك وإيمانِك وإخوانك ، والله عز وجل قال :

﴿ وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (4)﴾

[سورة الرعد]

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور