وضع داكن
19-04-2024
Logo
الدرس : 6 - سورة الإسراء - تفسير الآيات 67 -68 -69‏ ، تعرف إلى الله في الرخاء .
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين .

 

قوة الإيمان تبدو في الرخاء لا في الشّدة :


أيها الأخوة المؤمنون ؛ الآية السابعة والستون وما بعدها في سورة الإسراء وهي قوله تعالى :

﴿ وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُوراً (67) أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلاً (68) أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفاً مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعاً (69) ﴾

[ سورة الإسراء ]

هذه الآيات الثلاثة تعني أنه لا ضمانة لإنسان إلا بطاعة الله مهما يكن قوياً ، مهما يكن ذكياً ، مهما يأخذ الحيطة .

﴿ وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُوراً (67) ﴾

[ سورة الإسراء ]

المس ؛ أحياناً الإنسان يريد أن يفحص حرارة المكواة ، يضع طرف إصبعه على لسانه ويمس المكواة مساً سريعاً بأقل مساحة من إصبعه ، وبأقل وقت ، وهناك لعاب ليمتص الحرارة ، ومع ذلك لا يحتمل ، هذا هو المس ، أي الله عز وجل يمس الإنسان ، نخز في الكلية يخرج الإنسان من جلده ، تأتي دقائق ، لو كان العذاب مستمراً الإنسان لا يتحمل ، إذا مس الإنسان عذاباً من الله عز وجل ، قد يكون عذاباً نفسياً ، قد يكون عذاباً مادياً ، قد يكون عذاباً قهراً ، شيء لا يحتمل ، قال :

﴿ وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُوراً (67) ﴾

[ سورة الإسراء ]

الإنسان يراقب نفسه ، في الأزمات يدعو من ؟ لا يدعو إلا الله إذاً الأولى في الرخاء قال لك أن تدعو الله عز وجل ، مادام في الأزمات لا تدعو إلا الله فالعقل يأمرك ألا تدعو في الرخاء إلا الله ، لذلك : 

(( عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ : كُنْتُ رَدِيفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا غُلامُ، أَوْ يَا غُلَيِّمُ ، أَلا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهِنَّ ، فَقُلْتُ بَلَى فَقَالَ : احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ أَمَامَكَ ، تَعَرَّفْ إِلَيْهِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ ))

[  أحمد  ]

الإنسان صدقه وقوة إيمانه لا تبدو في طلب العون من الله في الشدة ، ما من مخلوق على وجه الأرض مهما يكن إيمانه ضعيفاً حتى لو كان ملحداً في ساعات الشدة إلا ويقول : الله، حدثني رجل يركب طائرة ، فيها خبراء من بلاد لا تؤمن بوجود الله ، فلما هبطت الطائرة مرتين أو ثلاث ، يوجد جيوب هوائية ، ظن هؤلاء الخبراء أن هذه الطائرة سوف تحترق ، وسوف تسقط ، بدؤوا يرفعون أيديهم إلى السماء ويدعون وهم ملحدون ، الإنسان مهما كان ملحداً الإلحاد عملية تزوير . 

﴿ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ (23) انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ(24) ﴾

 

[ سورة الأنعام ]

ما من مخلوق في الشدة إلا ويدعو الله عز وجل ، لكن هذا الدعاء في الشدة لا يرفعك عند الله ، أنت الآن مضطر ، أنت الآن كونك عبداً مقهوراً تدعو الله عز وجل ، لكن إيمانك العظيم يأمرك أن تدعوه وأنت في الرخاء ، وأنت معافى ، وأنت صحيح ، وأنت شحيح ، تأمل الغنى ، وتخشى الفقر ، لك زوجة وأولاد ، ولك بيت ، عقلك برأسك ، وملكاتك جيدة . 

﴿ وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُوراً (67) ﴾

[ سورة الإسراء ]

لا تظنوا الآية متعلقة بالبر والبحر ، يكون مع الابن شبه التهاب سحايا ، يا رب ، قيام ليل ، وصلاة ، وقراءة قرآن ، وصدقة ، أجرى التحليل كان كل شيء على ما يرام ، رجعنا إلى السهرات ، ولعب الشدة ، أي ليس شرطاً أن تدخل للبحر ، وتخرج من البحر ، تدخل بشدة وتخرج منها ، الوفاء يقتضي إذا طلبته في الشدة ، إذا دعوته في الشدة ، إذا التجأت إليه في الشدة ، الوفاء يقتضي أن تلتجئ إليه وأنت صحيح معافى ، الحقيقة قوة إيمانك لا تبدو في الشدة ، تبدو في الرخاء ، قوة إيمانك تبدو وأنت بصحة ، لا يوجد عندك مشكلة ، لا يوجد عندك قضية مالية ، ولا صحية ، ولا أسرية .

﴿ وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُوراً (67) ﴾

[ [ سورة الإسراء ] ]

الموقف سيئ جداً ، وأنت تحت سيف الشدة تقول : يا الله ، فإذا أزيح عنك هذا السيف تعود إلى ما أنت عليه . 

﴿  أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلاً (68) ﴾

[ سورة الإسراء  ]

وأنت على البر ، وأنت في بيت عتيد ، بيت من الإسمنت المسلح ، هل تضمن ألا ينهار هذا البيت ؟ مدن شاهقة من ثلاثين طابقاً تحت الأرض باليابان ، ومع ذلك سبعة ريختر أصبحت أنقاضاً ، مدينة كوكي أصبحت أنقاضاً .

﴿ أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلاً (68) ﴾

[ سورة الإسراء ]

أشياء من السماء ، صواعق ، أو براكين . 

﴿ أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلاً (68) أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفاً مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعاً (69) ﴾

[ سورة الإسراء ]

أحياناً الله يستدرج ، يخلق لك حاجة في بلد بعيد ، ولا يوجد حجز طيران ، فتركب البحر ، أنت عندما كنت راكباً بالبحر سابقاً والتجأت إلى الله فلما أتيت إلى البر نسيت الله عز وجل ، الله قادر أن يستدرجك مرة ثانية إلى البحر ، مع الله لا يوجد ذكي ، لا يوجد ذكي أبداً ، لا ينفع ذا الجد منك الجد ؛ العقل والذكاء ، الله عز وجل قادر أن يستدرج الإنسان إلى البحر مرة ثانية ، ويعيده في الظرف نفسه .

 

من كان مع الله كان الله معه :


الآيات لها روح ، روح الآيات ، لا ضمانة للإنسان إطلاقاً إلا أن يكون مع الله ، لا ملجأ من الله إلا إليه ، شخص مرة قال كلمة : الدراهم مراهم ينحل بها كل شيء ، هكذا اعتقاده ، الله عز وجل ابتلاه بمصيبة لا يحلها ولا ألف مليون دولار ، بقي في المنفردة ستة أشهر ، تفضل حلها بالمال ، هل الدراهم مراهم ؟ مع الله لا يوجد ذكي أبداً ، مع الله لا يوجد قوي ، مع الله لا يوجد إنسان عنده خبرة ، إنسان آخذ احتياطاته ، يؤتى الحذر من مأمنه ، لا ينفع حذر من قدر ، ولكن ينفع الدعاء مما نزل ومما لم ينزل ، فادعوا الله عباد الرحمن ، لا ملجأ منك إلا إليك ، أي لا يوجد طريقة لتهرب من قضاء الله إلا أن تلتجئ إلا الله .

 كان سيدنا علي رضي الله عنه يقول بالسفر : " اللهم أنت الرفيق في السفر ، والخليفة في الأهل ، والمال ، والولد " ، هل من الممكن أن تكون موجوداً في السفر ومع أهلك في الحضر ؟ مستحيل ، إلا الله ، فإذا إنسان دعا بهذا الدعاء يشعر بطمأنينة ، وأنت في السفر الله معك ، وأهلك بالبيت الله معهم .

لذلك الآيات الثلاثة على خلاف أن يكون البحر والبر ، أي وأنت في الشدة تدعو الله، هذا الدعاء أنا أقول لك جيد لكن لا ينفعك عند الله ، لأن كل إنسان مقهور وخائف يدعو الله عز وجل بحكم الفطرة ، لكن متى يبدو إيمانك ؟ متى يبدو ورعك ؟ متى يبدو حبك لله عز وجل ؟ متى يبدو اتصالك به ؟ وأنت في الرخاء ، لذلك الإنسان يجب أن يدعو الله في الرخاء كما يدعو في الشدة ، تَعَرَّفْ إِلَيْهِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ .

﴿  أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلاً (68) ﴾

[ سورة الإسراء ]

الإنسان أحياناً إذا معه مال يطمئن ، هذه طمأنينة فارغة .

أنا مرة كنت عند طبيب قلبية ، جاءه اتصال هاتفي ، قال له : دكتور ندفع لك قدر ما تريد ، قال لي : سرطان من الدرجة الخامسة ، قال له : أي مكان في العالم ندفع بالملايين ؟ أنا سمعت التلفون بأذني يريدون أن يدفعوا ملايين ، وأي مكان في العالم . 

﴿ لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ (11) ﴾

[  سورة الرعد ]

أي الإنسان لا يصل مع الله لطريق مسدود ، تصور شخصاً ارتكب جريمة قتل ، وحكم عليه بالإعدام ، والحكم صدق من رئيس الجمهورية ، وسيق للمشنقة ، الآن قبل أن يشنق إن أراد أن يبكي فليبك ، إن أراد أن يضحك فليضحك ، إن أراد أن يدخن فليدخن ، إن أراد أن يطلب أهله فليطلب أهله ، لكن لابد من أن يُعدم ، يكون الإنسان ماشياً بطريق مسدود مع الله عز وجل ، يرتكب عملاً كبيراً يستحق العقاب ، أما المؤمن فمذنب توّاب ، لا يصر على ذنب ، لذلك :

﴿  أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلاً (68) ﴾

[ سورة الإسراء ]

لا يوجد مع الله ضمانة إلا أن تكون معه ، تضع مصحفاً على السيارة ، تضع حدوة حصان ، تكتب : الحسود لا يسود ، لا يوجد ضمانة إلا أن تكون مستقيماً على أمر الله ، إلا أن تكون مع الله ، كن مع الله ولا تبالي :

               

   كن مع الله تر الله معك            واتـــــــرك الكل وحاذر طمعك

 

  وإذا أعطاك من يمنعه؟            ثم من يعطي إذا ما منعك ؟

***

 

معية الله عامة وخاصة :


أنا أردت من هذه الآيات الثلاثة أن ينطلق الإنسان إلى الله وهو في الرخاء ، يصبح موقفه شريفاً ، وهو في الرخاء يدعو الله ، وهو في الرخاء يصلي ، وهو في الرخاء يذكر الله عز وجل ، إذا جاءت الشدة ودعا الله فموقفه سليم ، هو عرفه في الرخاء ، وهذه هي الشدة ، أما لا يعرف الله إلا تحت الشدة ، هذا موقف عبد جمعه عبيد ، أما العبد الذي جمعه العباد فيعرف الله في الرخاء قبل أن يعرفه في الشدة ، والله عز وجل قادر ، وإذا أراد ربك إنفاذ أمر أخذ من كل ذي لبّ لبه .

شخص عنده كمية قماش كبيرة جداً ، متطابقة مطابقة كاملة مع بيان صحيح ، وهو أخذها غير نظامية ، فلما جاءه من يسأله عن أصل هذه البضاعة ، قال له : يوجد عندي منها عشرون ألف يرداً ، قال له : أرنا إياهم ؟ في المستودع يوجد فرق بسيط جداً في البيان الصحيح  وهذه البضاعة ، دفعوه كل ما يملك ، الله عز وجل عندما يريد أن يؤدب إنساناً يأخذ لبه ، يرتكب حماقات عجيبة ، بأي مهنة ، بأي حرفة الضمانة أن تكون مع الله ، أن تكون مستعيناً به ، أن تكون على منهجه ، عندئذٍ يدافع عنك ويحفظك ، لأن الله عز وجل قال : 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153) ﴾

[  سورة البقرة ]

والعلماء لهم في هذه الآية وقفة دقيقة جداً ، قال : هذه معية خاصة معية التوفيق ، والتأييد ، والنصر ، والحفظ ، أما إذا قال الله هو معكم أينما كنتم فهذه معية عامة ، الله مع الكافر بعلمه ، لكن مع المؤمن بتأييده ، ونصره ، وتوفيقه ، والقانون معروف . 

﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (10) ﴾

[  سورة الليل ]

لا تقل لي : أنا ذكي ، وأنا خبير ، وآخذ احتياطي ، يؤتى الحذر من مأمنه ، لا ينفع ذا الجد منك الجد ، وإذا أراد الله بقوم سوء فلا مرد له ، وإذا أراد ربك إنفاذ أمر أخذ من كل ذي لبّ لبه ، مع الله لا يوجد ذكي ، لا يوجد خبير ، لا يوجد قوي ، الله عز وجل قادر أن يستدرجك إلى حيث الخطر وأنت لا تدري .

قلت لكم : إنسان اغتصب بيتاً وسيارة اغتصاباً ، يوجد قصة سابقة أن شخصاً معه مرض خبيث ، أمرته أمه أن يكتب البيت والسيارة لأخيه ، خافت أن تتزوج زوجته شخصاً غريباً ويذهب المال ، وهذا خلاف الشرع ، توفيت الأم ، وتوفي الأخ المريض بالسرطان ، خلّف زوجة وخمسة أولاد ، خلّف لهم بيتاً وسيارة ، لكن البيت كتب باسم أخيه ، والسيارة باسم أخيه ، وهذا الأخ الثاني جاهل ، اغتصب البيت ، وطرد امرأة أخيه ، وطرد أولاد أخيه ، وأصبح له سنة بأعلى درجة من البحبوحة ، بيت احتياط ، وسيارة ، باص بالمهاجرين عطلت الفرامل فيه ، وهو راكب في نفس السيارة ، أين ذكاؤه أصبح ؟ ذهبوا كلهم ، الزوجة والأولاد ، مع الله لا يوجد مزح ، كلما كبر عقلك يزداد خشوعك ، يزداد خوفك من الله ، يزداد ورعك ، تزداد استقامتك ، الله ضربته قاصمة . 

﴿ إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (12) ﴾

[   سورة البروج ]

كلمة قاسية ، تحدّ ، اغتصاب ، عدوان ، ظلم ، عقوق والدين ، الله عز وجل ينتقم .

 

إذا أراد ربك إنفاذ أمر أخذ من كل ذي لبّ لبه :


أردت من هذه الآيات مع الله لا يوجد ذكي ، ولا قوي ، ولا خبير ، ولا إنسان آخذ احتياطات كافية ، أحياناً المختص بأمراض القلب يصاب بجلطة ، وآخذ كل الاحتياطات لأن هذا اختصاصه ، يصاب ليؤدب ، وإذا أراد ربك إنفاذ أمر أخذ من كل ذي لبّ لبه ، الله قال : 

﴿ أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلاً (68) أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفاً مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعاً (69) ﴾

[ سورة الإسراء ]

أي إذا شخص غني ومستغن عن الله ، الله يستدرجه ، يعقد صفقة يخسر منها ، يستدرجه هو وخبرته وذكاؤه ، يفلس من صفقة .

﴿ أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفاً مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعاً (69) ﴾

[ سورة الإسراء ]

الإنسان يأخذ احتياطات ، ويتعرف إلى الله في الرخاء ، أما إذا جاءت الشدة وتعرف إليه فلا يوجد مانع .

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور