وضع داكن
28-03-2024
Logo
الدرس : 7 - سورة مريم - تفسير الآيتان 59 - 60‏ ، وعود الله لا تتحقق إلا إذا كنت مستقيما
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين .

 

وعود الله غير محققة لأننا لم نغير ما بأنفسنا :


 أيها الأخوة المؤمنون ؛ في سورة مريم آية هي التاسعة والخمسون ، هذه الآية تجيب عن تساؤلات كثيرة ، فالإنسان أحياناً يقول : ألم يقل الله عز وجل :

﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55)﴾

[ سورة النور ]

أين الاستخلاف ؟ شكل واقعي . 

﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55) ﴾

[ سورة النور ]

 أين التمكين ؟ 

﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55) ﴾

[ سورة النور ]

أين الأمن ؟ على مستوى العالم الإسلامي ، هذا تساؤل أليس هذا وعد الله عز وجل ؟ ألسنا مسلمين ؟ مسلمون ، وهذا وعد ثابت .

تساؤل آخر : 

﴿ إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (38)﴾

[ سورة الحج ]

أين هذا الدفاع ؟ 

تساؤل ثالث : 

﴿ الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً (141)﴾

[ سورة النساء ]

هذا غير واقع ، لهم علينا ألف سبيل وسبيل ، هذا الواقع .

 تساؤل رابع ، وخامس ، وسادس ، استعرض الآيات التي فيها وعد الله للمؤمنين ، لا تجد هذه الوعود محققة ، أي الله عز وجل غيّر ؟ جلّ وعلا سبحانه وتعالى عن أن يغير ، أي إلههم غير إلهنا ؟ إله واحد ، القوانين اختلفت ؟ لا ما اختلفت ، القرآن تغير ؟ لا لم يتغير ، في الإجابة عن هذه التساؤلات التي تحير العقول ، قال تعالى بعد أن حدثنا عن سيدنا زكريا ، وعن السيدة مريم ، وعن سيدنا إبراهيم ، وعن سيدنا موسى ، وعن سيدنا إدريس ، يقول الله عز وجل: 

﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً (59)﴾

[  سورة مريم ]

 ولقد لقينا ذلك الغي .

 

إضاعة الصلاة بتفريغها من مضمونها :

 

أما دقة الآية : 

﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً (59)﴾

[ سورة مريم ]

أخواننا الكرام ؛ من الثابت أن تضييع الصلاة ليس ألا نصلي ، لا ، نصلي والجوامع ممتلئة ، لكن اذهب إلى بيوت هؤلاء المصلين ، هل ترى الإسلام فيه قائماً ؟ لا والله ، اذهب دكاكينهم ، إلى أسواقهم ، إلى احتفالاتهم ، إلى علاقاتهم ، إلى التزامهم بمبادئ الشريعة ، تجد هم في واد والدين في واد آخر ، وجد صلاة ، لكن لا يوجد التزام ، شخص مرة استوقفني في الطريق ، قال لي : خطب ابنتي شاب غني ، له معمل ، وبيت ، ومركبة ، وأنا في حيرة من أمري ، أعطيه ؟ سألته عن دينه ، قال : لا وجد فيه دين ، ثم بلغني أنه زوجه ، لما ربنا عز وجل قال لك في القرآن الكريم :

﴿ وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (221) ﴾

[ سورة البقرة ]

إذا الإنسان قرأ القرآن ، وبعدما انتهى قال : صدق الله العظيم ، ثم ذهب وزوج ابنته لشخص غني لا يوجد فيه دين ، معنى هذا ما صدق الله عز وجل ، هذا كلام فارغ ، لو صدقه لاختار لابنته الزوج المؤمن لا الغني ، إذا قدر أن يجمع بين الإيمان والغنى لا يوجد مانع ، أما إذا الغنى مع عدم الدين لا والله لا نقبل ، فهذه الآية تحل كل التساؤلات . 

﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً (59) ﴾

[ سورة مريم ]

ليس تضييع الصلاة بتركها بل بتفريغها من مضمونها ، وكيف تفرغ الصلاة من مضمونها ؟ بعدم الاستقامة على أمر الله ، حينما لا تستقيم ينشأ حجاب بينك وبين الله ، قال له قم فصلِّ فإنك لم تصلِّ .

﴿ اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ (45)﴾

[ سورة العنكبوت ]

لكن العلماء قالوا عن هذه الآية كلمة رائعة ، قالوا : يا ترى أضاعوا الصلاة لأنهم اتبعوا الشهوات أم اتبعوا الشهوات فأضاعوا الصلاة ؟ هل هو اتباع الشهوات سبب أم نتيجة ؟ هناك في القرآن بعض الآيات تحتمل المعنيين ، أ اتباع الشهوات سبب ، ونتيجة ، حينما أضاعوا الصلاة اتبعوا الشهوات ، وحينما اتبعوا الشهوات أضاعوا الصلاة ، يسمونها علاقة مترابطة ، ترابط عكسي ، إنك إن اتبعت الشهوات أقمت بينك وبين الله حجاباً ، أضعت الصلاة ، لو صليت ، لكن لن تقع الصلة بينك وبين الله ، وإنك إن أضعت الصلاة من لوازم إضاعة الصلاة اتباع الشهوات . 

﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً (59)﴾

[ سورة مريم ]

كلمة :

﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً (59)﴾

[ سورة مريم ]

هذه للاستقبال ، أي هذا لم يقع عند نزول القرآن ، لكن بعلم الله عز وجل سيقع ، وقد وقع ، وهذا من إعجاز القرآن ، هو إعجاز متعلق بغيب المستقبل ، هذا هو غيب المستقبل . 

﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً (59) ﴾

[ سورة مريم ]

الغي قهر ، الغي فقر ، الغي إذلال ، تفرق ، بأسنا فيما بيننا ، هذا الغي ، لكن الإنسان ييئس ؟ ماذا نفعل ؟

 

الدين فردي وجماعي :


اسمعوا الجواب قال :

﴿ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئاً (60) ﴾

[ سورة مريم ]

أي إذا المجموع اتبع الشهوات ، وأضاع الصلوات ، ولقي الغي ، هذا لا يعني أن كل فرد يتحمل هذه التبعة ، لو شخص وحده استقام ، وعرف الله ، ووقف عند حدوده ، له معاملة خاصة ، أنت تتمنى ، وتسعى من كل قلبك أن يكون المجموع على اتصال بالله ، وأن يكون المجموع ملتزماً بأمر الله ، إذا كان هذا لم يكن ماذا نفعل ؟ 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (105) ﴾

[ سورة المائدة ]

القرآن الكريم واضح جداً ، ومريح ، القوم بمجموعهم اتبعوا الشهوات ، وأضاعوا الصلوات ، وقد لقوا ذلك الغي ، إذاً أنا كفرد ماذا أفعل ؟ في العالم الإسلامي مليار ومئتا مليون مسلم ، يقول واحد : أنا وحدي ماذا أفعل ؟ أنت وحدك لو اتبعت المنهج فأنت مستثنى من هذا الحكم ، لأن الله عدالته مطلقة ، لو المجموع أساء أنت عليك من نفسك ، والآية واضحة . 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (105)﴾

[ سورة المائدة ]

إذا بالإمكان تصلح أصلح ، إذا لم تقدر . 

﴿ فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَاراً (6) وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَاراً (7)﴾

[ سورة نوح ]

 معناها الإنسان لما يعجز ، يقول : 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (105)﴾

[ سورة المائدة ]

(( عَنْ أَبُي أُمَيَّةَ الشَّعْبَانِيُّ قَالَ : سَأَلْتُ أَبَا ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيَّ ، فَقُلْتُ : يَا أَبَا ثَعْلَبَةَ ، كَيْفَ تَقُولُ فِي هَذِهِ الآية ﴿ عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ ﴾ قَالَ : أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ سَأَلْتَ عَنْهَا خَبِيرًا ، سَأَلْتُ عَنْهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : بَلِ ائْتَمِرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَتَنَاهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ ، حَتَّى إِذَا رَأَيْتَ شُحًّا مُطَاعًا ، وَهَوًى مُتَّبَعًا ، وَدُنْيَا مُؤْثَرَةً ، وَإِعْجَابَ كُلِّ ذِي رَأْيٍ بِرَأْيِهِ فَعَلَيْكَ يَعْنِي بِنَفْسِكَ ، وَدَعْ عَنْكَ الْعَوَامَّ ، فَإِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامَ الصَّبْرِ الصَّبْرُ ، فِيهِ مِثْلُ قَبْضٍ عَلَى الْجَمْرِ ، لِلْعَامِلِ فِيهِمْ مِثْلُ أَجْرِ خَمْسِينَ رَجُلا ، يَعْمَلُونَ مِثْلَ عَمَلِهِ ، وَزَادَنِي غَيْرُهُ ، قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَجْرُ خَمْسِينَ مِنْهُمْ ، قَالَ : أَجْرُ خَمْسِينَ مِنْكُمْ  ))

[ أبو داود ]

نسعى بكل جهدنا وطاقتنا لإرساء الحق بين الناس ، فإذا رفض الناس الحق علينا أنفسنا ، الواحد لا يتألم ، الله عز وجل عدالته مطلقة ، فهذا الغي لن يصيب المؤمن ، المستقيم ، يصيب المجموع إذا أساؤوا ، وانحرفوا ، وتركوا الصلاة ، واتبعوا الشهوات ، أما الفرد إذا استقام ، والتزم له معاملة خاصة ، وهناك دليل قوي . 

﴿ قَالُوا كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (30) قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ (31) قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ (32) لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ (33) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ (34) فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (35) فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (36)﴾

[ سورة الذاريات ]

الله عز وجل قبل أن يبدأ يقول لك : أنت لا علاقة لك ، طبعاً هذه الآية تبشر ، يقول لك : الناس فسدوا ، وإذا فسدوا ؟ أنت عليك من نفسك ، أخي الناس لم يعد فيهم دين ، الناس فلتوا ، ما عليك من الناس ، إذا أنت اغتسلت بحمام من الدرجة الأولى ، ولبست ملابس نظيفة ، ولقيت حفرة ماء سوداء ، وأناس يلعبون فيها ، ويسبحون بها ، أخي مضطر كلهم قاعدون فيها ، أنت لا تنزل ، ابق خارجها ، مادمت أنت نظيفاً ، ونقياً ، وطاهراً ، ثيابك نظيفة ، والناس غرقى بهذه الوحول ، المياه المالحة السوداء ، وهم فرحون بأنفسهم ، يسبحون ويتراشقون الماء ، هل أنت مجبر أن تكون معهم ؟ هل هذا الوضع المؤلم يغريك أن تكون معهم؟ لا ، فالإنسان عندما يقول : أنا مع الناس ؟ هذا إمعة ، النبي الكريم قال :

(( لا يكن أحدكم إمعة  ))

 ماذا نفعل بلوى عامة ، أصلحهم الله ، الأهل هكذا يريدون ماذا أفعل ، أحضرنا لهم صحناً فضائياً أصلحهم الله ، أنا لا أريد هذا والله ، ما هذا الأب ؟ قال هو لا يرد ذلك ولكنه أحضره لهم .

 

الإسلام نظام متكامل :


﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً (59) ﴾

[ سورة مريم ]

فكلما لقيت وعداً إلهياً ليس محققاً اقرأ هذه الآية ، هذه الآية هي الجواب ، كلما لقيت وعداً إلهياً ، لا يوجد تمكين ، ولا تطمين ، ولا نصر ، ولا تأييد ، ولهم علينا ألف سلطان وسلطان ، وسبيل وسبيل ، معنى هذا أن الإسلام شكلي ، الإسلام بقي صلاة ، أما الإسلام فليس صلاة فقط ، الإسلام استقامة ، الإسلام أمانة ، وصدق ، والتزام ، الإسلام تعاون ، وبناء ، الإسلام حركة إيجابية ، الإسلام نظام متكامل ، الإسلام أسرة مسلمة ، عمل مسلم ، الدين تقلص ، انضغط ، انضغط أصبح صلاة ، وشعائر ، وطقوساً ، وحركات لا معنى لها ، تؤدى ، ثم يقول : أنا صليت والحمد لله ، مسبح مختلط عمل فيه مولداً ، ودعا عدداً من الأشخاص ليلقوا فيه كلمات ، عرس بالشيراتون قدمت فيه الخمور ، وجيء بالراقصات ، والعرس مختلط ، وعلى البطاقة : الطيبون للطيبات ، هكذا أصبح الإسلام فولكلوراً ، القرآن الكريم قرئ في باريس هل تصدقون على أنه فولكلور شرقي ؟ أقيمت حفلة في باريس ، ذهب المنشدون إلى هناك ، والقراء ، وقرئ القرآن هناك على أنه فولكلور شرقي ، تراث شرقي ، كألف ليلة وليلة .

﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً (59)﴾

[ سورة مريم ]

إذا شخص عنده مأساة ، وعنده وفاة ، وذهب إلى دفن الموتى ، يلحقه خمسون قارئاً ، يتنافسون ، يتقاتلون ، أنت قارئ قرآن ؟ أنت حافظ قرآن ؟ تعرض بضاعتك بهذا الابتذال ؟ هذا الإسلام ؟! يوجد فرق كبير جداً ، أي بين الصحابة الذين أكرمهم الله بالنصر ، ورفع ذكرهم ، وأعلى قدرهم ، وأيدهم ، وأكرمهم ، وبين المسلمين الذين ترونهم ، لا يوجد اتزان ، يوجد صلوات ، لكن لا يوجد استقامة ، لا يوجد انضباط ، يوجد خمور ، وربا ، واختلاط ، وتسيب ، وتساهل ، التربية غير إسلامية ، البيت غير إسلامي ، العمل غير إسلامي ، البيع غير إسلامي كله قول لك : لا تدقق ، عندما لا أدقق لا يوجد وعد ، وعود الله تتعطل كلها ، لأن الله عز وجل قال :

﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55) ﴾

[ سورة النور ]

 ثلاثة ، وعلى الفريق الثاني . 

﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55) ﴾

[ سورة النور ]

فإذا أخلّ الفريق الثاني بما عليه ، الفريق الأول في حلّ من وعوده الثلاث ، فكلما رأيت وعداً لله عز وجل للمؤمنين غير محقق اقرأ هذه الآية :

﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً (59) ﴾

[ سورة مريم ]

والحمد لله رب العالمين

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور