وضع داكن
19-04-2024
Logo
الدرس : 03 - سورة طه - تفسير الآيات 14 - 23 ، قيام الساعة
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ،

اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين . . .

 

ضرورة عبادة الله لأن الأمر كله بيده :


أيها الإخوة المؤمنون ؛ ذكرت لكم البارحة أن الله سبحانه وتعالى لخص الدين كله بكلمات قال :

﴿  إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي  (14)﴾

[ سورة طه ]

لا يوجد غيره ، لا يوجد إلا الله .( إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي ) توحد ثم تعبد ، وما أمرك أن تعبده إلا بعد أن طمأنك أن الأمر كله بيده ، قال :

﴿  وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ  (123)﴾

[ سورة هود ]

ما أمرك أن تعبده إلا بعد طمأنك أن أمرك كله ، صغيره وكبيره ، جليله وحقيره ، قريبه وبعيده ، ما بدا لك وما لم يبدُ لك كله بيد الله ، فإذا يئست مما سوى الله ، اتجهت إلى الله عز وجل ، ما دام أنه لا إله إلا أنا فاعبدني إذاً لا تعبد أحداً معي ( وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14)) إن عبدتني أمكنك أن تصلي لأن العبادة ثمن الاتصال بالله عز وجل ( فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14)) العبادة هي الثمن ، والصلاة فيها الجزاء ، فيها الاتصال ، فيها النور ، فيها السداد ، فيها الطمأنينة ، فيها ذكر الله عز وجل .

 

لكل شيء حساب :


الآن اليوم الآخر .

﴿ إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (15)﴾

[ سورة طه ]

 قولاً واحداً ، لكن ( أَكَادُ أُخْفِيهَا ) كيف ؟ لحكمة بالغة أرادها الله عز وجل جعل الشهوات في متناول الإنسان ، لكن الجزاء والعقاب بعد حين ، كلمة بعد حين من هنا نرقى ، لو أن المعصية أمامك ، وأن جزاءها أمامك ، لا تفعلها ، لو أن الطاعة أمامك وجزاءها أمامك تطيعه لا حباً بالله ، ولا طلباً لمرضاته ، ولكن بحثاً عن المكاسب ، فلذلك الله عز وجل أمرك بالطاعة ونهاك عن المعصية ، وقال بعد حين أنا أكافئك ، وكلمة بعد حين أي الحبل أرخاه لك ، لك أن تطيعه ولك أن تعصيه ، لك أن تحسن ولك أن تسيء ، لا يوجد شيء ، تحسن إلى أمد طويل ، لا ترى شيئاً غير طبيعي ، تسيء لا أحد يعاقبك ، لك أن تستقيم ، لك أن تنحرف ، لك أن تخلص ، لك أن تخون ، لك أن تنصف ، لك أن تجحد ، لك أن تعطي ، لك أن تمنع ، لك أن تسمو ، لك أن تكفر ، لك أن تتبع العقل ، لك أن تتبع الشهوة ، لكن كل شيء له حساب ( إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ ) .

 

الحكمة من إخفاء الساعة :


 لكن : ( أَكَادُ أُخْفِيهَا) تجد شارعاً فيه أبنية ، هذا البيت فيه دين ، هذا البيت لا يوجد فيه دين ، هذا البيت فيه صلاة ، هذا البيت لا يوجد فيه صلاة ، هذا البيت نساؤه متحجبات ، هذا البيت نساؤه متفلتات ، هذا البيت صاحبه يتعامل بالربا ، هذا البيت لا يتعامل بالربا ، لكنهم كلهم يعيشون ، يأكلون ، ويشربون ، وينامون ، ويستيقظون ، ويشربون الماء العذب الفرات ، ويأكلون الطعام الطيب ، ويتنزهون ، وينجبون الأولاد ، كلهم مثل بعضهم ، هي . ( أَكَادُ أُخْفِيهَا) لكن في لحظة واحدة .

﴿ وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ (59) أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (60)﴾

[ سورة يس ]

انظر الطلاب أثناء العام الدراسي كلهم مثل بعض ، لكن هناك طالب يرسب ، وطالب ينجح الأول ، طالب قوي بالرياضيات ، وآخر ضعيف ، كلهم مثل بعض ، يلبس البذلة النظامية ويأتي إلى المدرسة متى يصير في الخزي والافتخار ؟ بعد الامتحان . ( أَكَادُ أُخْفِيهَا) لولا أن الله أخفاها لما ارتقينا ، ولما كان للجنة معنى ، ولما كان للنار مبدأ . ( إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا ) فعل أكاد من الأفعال النادرة في اللغة العربية ، هذا الفعل ، إذا سبقه حرف نفيٍ معناه الإثبات ، وإذا أثبته معناه النفي ، كيف ؟ إذا قلت : ما كدت أن أقع حتى وقفت أي وقعت . ما كدت أقع حتى وقفت أي كدت أقع . . حتى وقفت . الفعل وقع ما كدت ، نفيته ، فجاء مثبتاً 

 قلت : كدت أقع . معناها ما وقعت . إذا قلت : كدت أقع ؛ أي أنك لم تقع . أما إذا قلت : لم أكد أقع حتى وقفت ، أي وقعت ( إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا ) أي الله أخفاها ، ( أَكَادُ أُخْفِيهَا ) ما أخفاها ، أي كلمة أكاد أخفيها ، بين الظل والنور ، ممكن إذا الإنسان في غفلة قول لك : أين الله عز وجل ؟ لا يوجد غير الدنيا ، الذي معه دراهم في جنة ، الدراهم مراهم ، لا يرى المال إلا كل شيء ، أما :(أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى ) .

﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93)﴾

[ سورة الحجر ]

 يوجد أدق من ذلك . 

﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ (8)﴾

[  سورة الزلزلة ]

﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93)﴾

[ سورة الحجر ]

﴿ وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ(47)﴾

[ سورة الأنبياء ]

﴿ يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ  (16)﴾

[ سورة لقمان ]

﴿  وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيراً (124)﴾

[ سورة النساء ]

رأس النواة المدبب .

﴿  يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً (77)﴾

[ سورة النساء ]

خيط بين الفلقتين ( وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيراً ) الغلاف الرقيق . 

﴿   الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (17)﴾

[  سورة غافر ]

﴿  فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (40)﴾  

[  سورة العنكبوت ]

﴿  وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً   (49)﴾

[  سورة الكهف ]

﴿  وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (118)﴾

[  سورة النحل ]

( إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى ) نحن في زمن هدنة ، نحن في زمن العمل ، أما الآخرة فزمن الجزاء ، نحن في زمن التكليف ، أما الآخرة فزمن التشريف ، نحن في زمن السعي ، أما الآخرة فزمن العطاء .

 

حاجة كل إنسان إلى حاضنة إيمانية :


الآن دققوا أيها الإخوة ؛ الله عز وجل ينصحنا ، قال : 

﴿ فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى (16)﴾

[  سورة طه ]

لا تجلس مع أناس كفروا بالآخرة ، وعاشوا للدنيا ، إن جلست معهم تزهد بالآخرة وتحب الدنيا ، تزهد بالطاعة وتتمنى المال ، فأنت قل لي من تصاحب أقل لك من أنت ، لا تصاحب إلا مؤمناً ، لا تصاحب إلا من ينهض بك إلى الله حاله ، ويدلك على الله مقاله ، تكلمت بهذا من يومين ، لا يمكن للإنسان أن يستقيم إذا كان له أصدقاء متفلتون ، له أصدقاء من أهل الدنيا ، له أصدقاء لا يصلون ، له أصدقاء غير ملتزمين بالدين ، هؤلاء الأصدقاء حجاب بينك وبين الله . 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (119) ﴾

[ سورة التوبة ]

أمر إلهي . ( اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) .

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ (13)﴾  

[ سورة الممتحنة ]

﴿  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ  (51)﴾

[   سورة المائدة ]

﴿  لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (28)﴾

[   سورة آل عمران ]

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ (13)﴾

[   سورة الممتحنة ]

 في آية ، ولو كان آباؤهم . 

﴿  لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ  (22)﴾

[ سورة المجادلة ]

حتى تستقيم تحتاج إلى مجلس علم ، حتى تستقيم تحتاج إلى أصدقاء مؤمنين ، وحتى تستقيم تحتاج إلى صديق إذا نسيت يذكرك ، قم لنصلِّ ، أمش معي لنحضر الدرس ، تحتاج إلى صديق إذا غفلت يصحيك ، إذا نسيت يذكرك ، لذلك العلاج يجب أن تبحث عن طقم جديد من المؤمنين ، تقيم علاقات طيبة معهم ، المؤمن يذكرك بالله عز وجل ، هكذا قال النبي قال :

(( أولياء أمتي إذا رؤوا ذكر الله بهم  ))

إن رأيته تذكر الله عز وجل ، هو مع الله عز وجل ، فنحن نحتاج أن نصاحب أهل الإيمان ، لا تصاحب من لا يرى لك من الفضل مثل ما ترى له . 

﴿  وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً  (28)﴾

[    سورة الكهف ]

حليبه غير جيد ، هو شرق ، وامرأته غرب ، وأولاده شمال ، وبناته جنوب ، شيء فيه دين ، وشيء لا يوجد فيه دين ، شيء جاء الساعة الثانية عشرة ، جاء الساعة الواحدة ، هكذا أسرة لا تصاحبها ، أي أسرة متفلتة لا تصاحبها ، لا تقم علاقة معها ، لا بد من حمية اجتماعية ، هذا الجواب الذي أقترحه ، وأنا والله أكبرت صراحته وجرأته ، أحياناً إنسان يتكلم مضطراً يعرف الجواب ( إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى ( 15 ) فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى (16)) انظر هل الربط : ( فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى ) يوجد آية ثانية تؤكد هذا المعنى . 

﴿ أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1) فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2)  ﴾

[ سورة الماعون ]

آية ثالثة . 

﴿ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (50)﴾

[ سورة القصص ]

أي كل إنسان يكذب بالدين انظر إلى سلوكه . 

﴿ أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) ﴾

[ سورة العلق ]

انتهت الآية .

 

الفرق بين المؤمن والكافر :


إذاً أين الجواب ؟ هذا الذي ينهاك عن الصلاة ، دعك من كلامه انظر إلى أخلاقه ، انظر إلى أنانيته ، انظر إلى قذارته ، انظر إلى استعلائه ، انظر إلى جشعه ، انظر إلى كذبه ، انظر إلى إخلاف موعده ، انظر إلى خيانته ( أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى ) آية ثانية : 

﴿ أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى (11) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى (12)﴾

[ سورة العلق ]

انظر إلى أخلاقه ، انظر إلى طاعته لله ، انظر إلى وفائه ، انظر إلى إنصافه ، انظر إلى رحمته بقلبه ، انظر إلى صدقه ، أحياناً لا تحتاج إلى دليل ، أخلاق المؤمن دليل ، ولا تحتاج إلى دليل على الكفر ، أخلاق الكافر دليل ، حدث ولا حرج حاوية ، كل شيء يقرف ، لا يوجد أخلاق راقية إطلاقاً ( فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى ) أي تسقط ، تشقى . 

 

سعادة سيدنا موسى لا توصف أثناء مناجاته لربه :


﴿ وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى (17)  ﴾

[ سورة طه ]

سيدنا موسى يناجي الله عز وجل ، أي هو في سعادة لا توصف ، لا توصف ، أنت مع مؤمن موصول بالله إذا قعدت معه تسعد ، إذا قعدت معه تأنس أشد الإيناس ، ينطلق قلبك بمعرفة الله ، كيف إذا جلست مع صديق ؟ كيف إذا جلست مع نبي ؟ كان النبي الكريم ينام على عتبة الباب من شدة تعلقه به ، من شدة حبه له ، فكيف إذا ناجاك الله عز وجل ؟ شيء لا يوصف ( وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى ) سيدنا موسى يريد أن يطيل النقاش إلى أطول الوقت، قال: 

﴿ قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى (18)﴾

[    سورة طه ]

ثم قال : ( أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي ) فاستحى لأنه شعر أنه زاد في الكلام ، قال : ( وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى ) إذا الله أحب يقول له : أكمل ، ما هذه المآرب يا موسى ؟ انظر إلى دقة الكلام : ( قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي ) شعر أنه زودها ؛ أي أطال ، قال يا ربي : ( وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى ) أي إذا أردت أن أقول لك هذه المآرب أقولها لك ، الله ما أراد ذلك ، أراد أن يقلبها بعد حين إلى حية ، قال له : انظر إلى هذا ، هذا الذي بيدك عصا من خشب ، تأملها ، دقق فيها .

﴿ وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى (17) قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى (18) قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى (19) فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى (20) قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى (21)﴾

[    سورة طه ]

إنسان يقول لك : أنا رسول الله ، تقول له أنت : أين الدليل ؟ فهذه المعجزة ، المعجزات التي يأتي بها الأنبياء هي الدليل على أنهم رسل الله عز وجل ، والمعجزات ينبغي أن تكون مما تفوق به القوم ، لو كان سيدنا موسى مختصاً بالإلكترون ، وبعصره يوجد سحر ، لا يصدقونه ، لكن بعصره يوجد سحر ، وجاءهم بشيء يفوق السحر ، يجب أن تكون المعجزة مما تفوق به قوم النبي ، سيدنا رسول الله قومه تفوقوا بالبلاغة ، فجاء القرآن بليغاً ، سيدنا عيسى قومه تفوقوا بالطب أحيا الميت ، دائماً النبي يأتي بمعجزة مما تفوق بها القوم ، ويزيد على أعلى من تفوق فيه ، قال : ( وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى (17) قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى (18) قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى (19) فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى (20) قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى (21)) قال له :

﴿ وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى (22)﴾

[ سورة طه ]

 يده كالكوكب الدري ، معه عصا إذا ألقاها تصبح أفعى ويده بيضاء للناظرين . 

﴿ لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى (23)﴾

[ سورة طه ]

وكل مؤمن يرى من آيات ربه الشيء الكثير .


  الكون من دون خرق للعادات هو أكبر معجزة على الإطلاق :


لكن أقول لكم : الكون من دون خرق للعادات هو أكبر معجزة على الإطلاق ، بكأس الماء هذا ، العذب الفرات ، سمعك ، بصرك ، طلاقة لسانك ، كل حرف تنطق به تسهم في صنعه سبع عشرة عضلة ، إذا كلمة من خمسة حروف ، وإذا كان جملة من خمس كلمات ، وإذا خطبة خمس ساعات ، كم عضلة تحركت ؟ الإنسان في وضعه الراهن هو معجزة ، لكن لضعف عقول الأقوام السابقة كانت المعجزات خرقاً للعادات والنواميس ، أما أنت فمعك مليون معجزة ، أليس ابنك معجزة ؟ باللقاء الزوجي يوجد خمسمئة مليون حوين ، حوين واحد تختاره البويضة ليلقحها ، وهذا الحوين بعد حين يغدو طفلاً ، فيه دماغ ، مئة وأربعون مليار خلية استنادية ، وأربعة عشر مليار خلية قشرية ، وتسعمئة ألف عصب بصري ، ومئة وثلاثون مليون مخروط عصبي بالعين في شبكية العين ، وثلاثمئة ألف شعرة ، لكل شعرة وريد وشريان وعصب وعضلة وغدة دهنية وغدد صبغية ، والقلب بضخ ثمانية أمتار مكعبة كل يوم دماً ، ثمانية أمتار ، أنت تستخدم وقوداً سائلاً بالسنة كلها عبارة عن مترين مكعبة ، كل السنة ، القلب كل يوم يضخ لك ثمانية أمتار مكعبة ، المعجزات بين أيديكم وفي أنفسكم وما تشعرون ، وقد ورد في الأثر : حسبكم الكون معجزة .

شي لا يصدق ، لا تقل : أنا لم أر العصا الخاصة بسيدنا موسى ، يوجد مليون شيء  أهم منها ، كله بين يديك ، ميناء الأسنان ثاني أقسى مادة بالكون بعد الألماس ، وأصل الإنسان من ماء مهين ، عظم عنق الفخذ ، الفخذ هكذا ، عظم الفخذ هكذا من أجل أن يكون شكل الإنسان جميلاً ، له توسع بالوسط ، ثم هكذا ، يكون هناك عظم له عنق ، هذا العنق يحمل مئتين وخمسين كيلو ، الإنسان القوي الشديد يحمل نصف طن على ظهره ولا ينكسر عظمه ، ألم يكن هذا ماء ؟ ألم يكن ماء مهيناً أنى له هذه القسوة ؟ في جسم الإنسان آيات لا يعلمها إلا الله ، المعجزات موجودة وقائمة ، وابنك الذي أمامك تعرف ما أصله ، صار طفلاً يتكلم ، يتحرك ، يضحك ، يعطس ، يأكل ، يشرب ، ويمشي ، ثم يتعلم القرآن ، هذا كان نقطة ماء كيف صار هكذا ؟! الآيات بين أيديكم ، وطعامك انظر إلى الحليب ، الحليب ، واللبن ، والقشدة ، والزبدة كل من : 

﴿ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً خَالِصاً سَائِغاً لِلشَّارِبِينَ (66)  ﴾

[     سورة النحل ]

انظر إلى الدجاج ماذا يأكل ، تأكل وسخاً تعطيك بيضة ، كلما كان بلدياً كلما كان أغلى ، معنى هذا تأكل أشياء لا تأكلها أنت ، والبيضة غذاء كامل لأنها ستصير دجاجة بعد حين ، موضوع الآيات حدث ولا حرج . لذلك ( إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (15) فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى(16) .

والحمد لله رب العالمين

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور