وضع داكن
28-03-2024
Logo
خطب الأعياد - الخطبة : 11 - خطبة عيد الأضحى المبارك لعام2006م- الوحدة الوطنية ليست شعاراً يرفع ولكنها برنامج عمل جاد ومكلف بحضور السيد رئيس الجمهورية.
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الخطبة الأولى:
 الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر . . الله أكبر كبيراً ، والحمد لله كثيراً ، وسبحان الله وبحمده بكرة وأصيلاً ، الحمد لله رب العالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله ، اللهم صلّ وسلم وبارك على سيدنا محمد ، وعلى آله أصحابه الطيبين الطاهرين، أمناء دعوته، وقادة ألويته ، وارض عنا وعنهم يارب العالمين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .

الإنسانيّة في الإسلام :

 أيها الأخوة الكرام في دنيا العروبة والإسلام ؛ هناك موضوع تقتضيه المناسبة الدينية، وموضوعات تقتضيها الظروف الصعبة التي تمر بها الأمة العربية والإسلامية ، ولنبحث في الموضوع الثاني .
 أيها الأخوة ؛ الإسلام وسطي لا يعرف التطرف ، فالإسلام وسط بين المادية المقيتة والروحية الحالمة ، بين الواقعية المرة والمثالية التخيلية ، بين الفردية الطاغية والجماعية الساحقة ، بين الثبات الرتيب والتغير المضطرب ، بين الحاجات الملحة والقيم البعيدة ، بين العقلانية الباردة والعاطفية المتقدة ، بين نوازع الجسد ومتطلبات الروح .
 والإسلام إنساني لا يعرف العنصرية . . . فالإنسانية إحدى خصائص الإسلام الكبرى ، إنها تشغل حيزاً كبيراً في منطلقاته النظرية ، وفي تطبيقاته العملية ، وقد ربطت بعقائده وشعائره ومناهجه وآدابه ربطاً محكماً ؛ فالإنسانية في الإسلام ليست مجرد أُمْنية شاعرية ، تهفو إليها بعضُ النفوس ، وليست فكرة مثاليةً تتخيَّلها بعضُ الرؤوس ، وليست حِبراً على ورق سطّرتها بعضُ الأقلام ، كوثيقة حقوق الإنسان ، التي تنتهك كل زمان ومكان ، إنها ركنٌ عقدي ، وواقع تطبيقي ، وثمار يانعة .

سقوط الإنسان بتحوله عن عبادة ربه إلى عبادة شهواته :

 أيها الأخوة الكرام حضوراً ومستمعين ومشاهدين ؛ ولكن حينما يسقط الإنسان ، يتحول عن عبادة ربه إلى عبادة شهواته ، وتعتمد علاقته بالآخرين على القوة لا على الرحمة ، وعلى العنف لا على التفاهم ، وينصرف الإنسان عن العناية بالنفس وتزكيتها إلى العناية بالجسد وإمتاعه ، وعن الاهتمام بالمبدأ إلى الاهتمام بالمصلحة ، ويتحول المجتمع كله إلى غابة ، يحسّ كل واحد فيها أن من حقه افتراس الآخرين ، كما أنه من الممكن أن يكون فريسة وضحية لأي واحد منهم ! . هذا هو مجتمع الغاب ، أو النظام العالمي الجديد
 وحينئذ تظهر العنصرية ، أناس أقوياء توهموا أنهم فوق البشر ، وأن لهم ما ليس لبقية البشر ، ويحق لهم ما لا يحق للبشر ، وأنهم مستثنون مما يجب على بقية البشر ، وأنهم بنوا مجدهم على أنقاض البشر ، بنوا قوتهم على إضعاف البشر ، بنوا عزهم على إذلال البشر ، بنوا غناهم على إفقار البشر ، بنوا أمنهم على إخافة البشر ، هؤلاء عنصريون ، يكيلون بألف مكيال ومكيـال ، هؤلاء يتهمون المسلمين بما يروق لهم لإحكام السيطرة عليهم ، تمهيداً لنهب ثرواتهم .

 

الحاجة الملحة إلى الوحدة الوطنية :

 أيتها الأخوات الفضليات ، أيها الأخوة الأفاضل ؛ الوحدة الوطنية التي تشتد الحاجة إليها في الظروف الصعبة والتي يخطط فيها الأعداء لتجزئتنا ، ولإفقارنا ، ولإضلالنا ، ولإفسادنا ، ولإذلالنا ، ثم لإبادتنا ، والوسيلة الفعالة عندهم ، والورقة الرابحة التي في أيديهم هي إثارة الفتن الطائفية في الأمة الواحدة ، وهذا مبدأ ثابت لكل الطغاة بدءاً من فرعون موسى حيث وصفه القرآن فقال : " إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً " وانتهاء بفرعون العصر حيث قال وزير خارجيته : أنا لا يعجبني أن يكون العالم مئتي دولة بل أتمناه خمسة آلاف دولة،
 ومشروع إثارة الفتن الطائفية تمهيد لتقسيم الأمة ، وإضعافها لإحكام السيطرة عليها ، ونهب ثرواتها يسميه المخططون لهذا المشروع : " الشرق الأوسط الجديد " ، ونحن بعودتنا إلى الله ، وباستقامتنا على أمره ، وبوعينا ، وبتعاوننا ، وبحلّ مشكلاتنا الداخلية ، نسقط من يده هذه الورقة الرابحة وهي الفتن الطائفية ، ونقيم مشروع شرق أوسط جديد من صنعنا ، ووفق مبادئنا ، وقيمنا، ويؤكد وحدتنا ، وتماسكنا ، ولأن الأعداء وضعونا جميعاً في سلة واحدة ، فينبغي أن نكون جميعاً في خندق واحد ، لقد كانوا من قبل يجبروننا بالقوة العسكرية على أن نفعل ما يريدون ، لكنهم اليوم يجبروننا بالقوة الناعمة - وهي المرأة - على أن نريد ما يريدون ، عن طريق الغزو الإعلامي والثقافي والفني الذي من شأنه أن يشل الأمة ، واعتمدوا على تقويض دعائم الأسرة ، ببرامج تتبناها المنظمات الدولية لتفريغ المبادئ والقيم من رؤوس الشباب والشابات ، وعندها يقل ماء الحياء ، ويقل بعدها ماء السماء ، لذلك يجب أن نقابل القنبلة الذرية بقنبلة الذُّرية ، أي بتربية جيل واع ملتزم ينهض بأمته ، ويعيد لها دورها القيادي بين الأمم ، كما فعل البطل صلاح الدين ، يقول أحد فلاسفة الشرق : أنا أفتح نوافذ بيتي لأجدد الهواء فيه ، ولكنني لا أسمح للرياح العاتية أن تقتلعني من جذوري .

 

المواطنة أصل في ديننا :

 أيها الأخوة الأحباب ؛ الوحدة الوطنية ليست شعاراً يرفع ، ولكنها برنامج عمل ، جاد ومكلف ، يقوم على عدم إثارة أي قضية خلافية بين أطياف المجتمع ، فالأعداء يتعاونون وبينهم من القواسم المشتركة خمسة بالمئة ، وهم يبحثون في كل يوم عن عوامل تزيد من تقاربهم ، والذين حولنا يتقاتلون وبينهم من القواسم المشتركة تسعون بالمئة ، وهم يبحثون في كل يوم عن عوامل تزيد من تباعدهم ، أليس هذا وصمة عار بحق الأمة الواحدة ؟
 فالمواطنة أصل في ديننا ، فقد كانت يثرب عشية وصول رسول الله صلى الله عليه وسلم إليها تشكل مزيجاً متنوعاً من حيث الدين والعقيدة ، ومن حيث الانتماء القبلي والعشائري ، ومن حيث نمط المعيشة ، ففيهم المهاجرون من قريش ، والمسلمون من الأوس والخزرج ، وغير المؤمنين من الأوس والخزرج ، وأهل الكتاب من الأوس والخزرج ، والأعراب والموالي والأحلاف ، وأعظم مهمة نفذها رسول الله إقامة نظام عام ، ودستور شامل لجميع ساكني المدينة ، جاء في مقدمته أن سكان يثرب أمة واحدة من دون الناس ، وهذا مفهوم المواطنة ، وأنَّ سِلْمَ الْمُؤْمِنِينَ وَاحِدَةٌ ، وحربهم واحدة ، بل لقد حرص رسول الله صلى الله عليه وسلم على وحدة أمته من بعده ، فقال :

(( لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض ))

[ البخاري عَنْ جَرِيرٍ]

 لقد وصف الاختلاف الذي يمزق الأمة بالكفر الذي يوجب النار .

 

المبدأ الذي تقوم عليه الوحدة الوطنية :

 وتقوم الوحدة الوطنية على مبدأ قرره رسول الله عليه الصلاة والسلام حينما قال :

(( فإنما تُرزقُونَ وتُنصرون بضعفائكم ))

[أبو داود والترمذي والنسائي عن أبي الدرداء]

 وفي الحديث الشريف ملمحان دقيقان . . . الأول ملمح توحيدي : فنحن إذا نصرنا الضعيف ، أطعمناه إن كان جائعاً ، وكسوناه إن كان عارياً ، وآويناه إن كان مشرداً ، ووفرنا له عملاً إن كان عاطلاً ، وعالجناه إن كان مريضاً ، وهيأنا له سبل المعرفة إن كان جاهلاً ، ونصرناه إن كان مظلوماً ، عندئذ يكافئنا الله مكافأة من جنس عملنا ، فينصرنا على من هو أقوى منا .
 والملمح الثاني اجتماعي وهو أن الأمة بنصرة الضعيف تتماسك وتجتمع وتصبح سداً منيعاً ، فلا يستطيع العدو الخارجي أن يخرقها ، ولا أن يفتت وحدتها ، ولا أن يشق صفوفها، أعط الإنسان رغيف خبزه وكرامته وخذ منه كل شيء ، ولا تغلق بابك دونه حتى لا يأكل القوي الضعيف ، وقد قال الإمام علي رضي الله عنه : " كاد الفقر أن يكون كفراً " ويمكن أن نستعير هذه المقولة الرائعة من الإمام الجليل فنقول : وكاد الفقر أن يكون جريمة ، وكاد الفقر أن يكون إرهاباً ، وكاد الفقر أن يكون تخريباً ، وكاد الفقر أن يكون سرقة ، وقد علمنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نعالج المشكلات من أسبابها ، لا من نتائجها ، فقد دخل رجل بستان أنصاري ، وأكل من شجره من دون إذنه ، فساقه إلى النبي صلى الله عليه وسلم على أنه سارق ، فقال له عليه الصلاة والسلام : " هلا علمته إن كان جاهلاً ، وهلا أطعمته إن كان جائعاً ".

 

الأنبياء قمم النماذج التي نحترمها :

 أيها الأخوة المؤمنون ؛ في ضوء ما تقدم : إن الذين نكَّن لهم عظيم الاحترام ، ليسوا أولئك الذين يملكون كثيراً من المال ، أو الدهاء ، أوالمكر ، أو القوة العسكرية الخارقة ، وإنما نكن عظيم الاحترام لأولئك الذين انتصروا على التحديات داخل نفوسهم ، وأولئك الذين يملكون فضيلة الانتظار ، والتضحية بالعاجل في سبيل الآجل ، هؤلاء يرون ما لا يراه الآخرون، ويشعرون بما لا يشعر به الآخرون ، يتمتعون بوعي عميق ، وإدراك دقيق ، لهم قلب كبير ، وعزم متين ، وإرادة صُلبة ، وهدفهم أكبر من حاجاتهم ، ورسالتهم أسمى من رغباتهم ، يملكون أنفسهم ولا تملكهم ، ويقودون أهواءهم ولا ينقادون لها ، وتحكمهم القيم ويحتكمون إليها ، من دون أن يسخِّروها ، أو يسخَرون منها .
 والأنبياء قمم لهذه النماذج التي نحترمها ، ولولا أن الأنبياء بشر تجري عليهم كل خصائص البشر ، وانتصروا على بشريتهم لما كانوا سادة البشر .

الناس رجلان لا ثالث لهما :

 لذلك يقع في رأس الهرم البشري زمرتان ؛ زمرة الأقوياء ، وزمرة الأنبياء ؛ فالأقوياء ملكوا الرقاب ، والأنبياء ملكوا القلوب، وشتان بين أن تملك رقبة الإنسان وأن تملك قلبه ، والأقوياء أخذوا ولم يعطوا ، والأنبياء أعطوا ولم يأخذوا ، والأقوياء عاش الناس لهم ، والأنبياء عاشوا للناس ، والناس جميعاً تبع لقوي أو نبي، لذلك بحسب الفطرة الإنسانية أحبّ الناس الأنبياء ، وخافوا من الأقوياء ، وبطولة الأقوياء في التخلق بأخلاق الأنبياء ، عندئذ يهابهم الناس ويحبونهم ، وهذا درس بليغ للأقوياء .
 إذاً فالناس على اختلاف مللهم ونحلهم نموذجان ؛ إنسان عرف الله ، فانضبط بمنهجه ، وأحسن إلى خلقه ، فسلم وسعد في الدنيا والآخرة ، وإنسان غفل عن الله ، وتفلت من منهجه ، وأساء إلى خلقه ، فشقي في الدنيا والآخرة ، ولن تجد نموذجاً ثالثاً.

 

ضرورة إيجاد مدخل جديد للتنمية الأخلاقية :

 وما دام الحديث عن الأخلاق فنحن في أمس الحاجة إلى إيجاد مدخل جديد للتنمية الأخلاقية ، يقوم على منح بعض الثوابت الأخلاقية الإسلامية معاني جديدة ، أو اهتمامات خاصة ببعض مدلولاتها ، بغية التخفيف من وطأة التخلُّف الذي يجتاح حياة المسلمين ، فالتقوى في حياتنا المعاصرة بحاجة إلى إثراء مفرداتها كي تتناول بعض الفروض الحضارية ، مثل الإسراع إلى العمل ، وإتقان العمل ، وتطوير العمل ، والمحافظة على الوقت ، وحسـن إدارة الوقت ، والعمل المؤسساتي ، وترسيخ مفهوم فريق العمل ، والالتزام بالمواعيد ، وحسن التصرّف بالإمكانات المتاحة ، وترشيد الاستهلاك ، والتعاون ، والانتماء للمجموع . . . وكل هذه القيم المعاصرة لها أصول ثابتة في القرآن والسنة .
 ويمكن من خلال التربية المركزة أن نجعل المواطن يشعر بحلاوة الإيمان ، وحلاوة الالتزام من خلال القيام بهذه الأعمال التي تقتضيها طبيعة العصر ، كما يشعر تماماً عندما يضع صَدَقة في يد فقير ، أو عندما يقوم الليل والناس نيام ! . وإن رَفْع المعاناة عن الأمة يتطلب عدداً كبيراً من المؤمنين الواعين المخلصين المضحين في جميع الميادين ، وهذا ما يجب السَّعْي إليه ، ولأن ينجح فرد في إعداد مجموعة من المواطنين إعدادًا إيمانياً وعلمياً وخلقياً ونفسياً واجتماعياً وجسدياً أحب وأنفع من أن يلقي بنفسه في أُتون نار تقول : هل من مزيد ، وكما أن الأمة بحاجة إلى من يموت في سبيل الله ، هي في أمس الحاجة إلى من يعيش في سبيل الله ، إن النجاح يكمن في أن يستخدم المرء عقله قبل يده ، كما يفعل أعداؤنا .

مقتضيات الإيمان بالله ومسلماته :

 أيها السيد الرئيس . . . يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشام البلد المؤمن الذي أنت تحكمه ، وتقوده إلى مناهضة مخططات المشاريع التقسيمية ، وإحباط طموحات أصحابها في تحقيق أهدافهم ، وخط بيانهم بدأ بالانحدار والحمد لله ، يقول عليه الصلاة والسلام :

(( بينا أنا نائم رأيت عمود الكتاب احتمل من تحت رأسي ، فأتبعته بصري ، فإذا هو قد عمد به إلى الشام ، إلا وإن الإيمان إذا كانت الفتن بالشام))

[ أخرجه البزار عن أبي الدرداء ]

 وإذا وقعت الفتن فالأمن بالشام . والحديث حسن ورجال سنده رجال الصحاح ،
 من مقتضيات الإيمان بالله ومسلماته أن زوال الكون أهون على الله من ألا يحقق وعوده للمؤمنين ، قال تعالى :

﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً ﴾

[ سورة النور: 55 ]

 والشرط يعبدونني . . . وإن تعودوا نعد ، وإن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ، فالكرة في ملعبنا ، ومن مقتضيات الإيمان بالله ومسلماته أن قوى الأرض مجتمعة لا تستطيع أن تفسد على الله هدايته لخلقه ، قال تعالى : " إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ " لذلك لاينبغي أن نقلق على هذ الدين، لأنه دين الله ، ولكن ينبغي أن نقلق على أنفسنا إذا لم يسمح لنا أن نكون جنوداً له والباطل قديم قدم الإنسان ، ولكن بطولتنا ألا نسمح له أن ينفرد بالساحة .
 ومن مقتضيات الإيمان بالله ومسلماته أن أمة في الأرض مهما تكن قوية إذا خططت لتبني مجدها ورخاءها على أنقاض الشعوب ، وحريات الشعوب ، وثقافات الشعوب ، نجاح خططها على المدى البعيد لا يتناقض مع عدل الله فحسب ، بل يتناقض مع وجوده . . . قال تعالى :

﴿ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾

[ سورة يوسف : 21]

 يَقُولُ اللَّهُ تعالى في الحديث القدسي :

(( الْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي وَالْعَظَمَةُ إِزَارِي فَمَنْ نَازَعَنِي وَاحِداً مِنْهُمَا أَلْقَيْتُهُ فِي النَّارِ))

[أحمد عن أبي هريرة]

 فالإيمان إذا كانت الفتن بالشام ، وإذا وقعت الفتن فالأمن بالشام ، كما قال عليه الصلاة والسلام .

 

مرور الأمة الإسلامية بمحنة عظيمة :

 الأمة العربية والإسلامية تمر بمحنة عظيمة ، نرجو أن تكون وراءها منحة ربانية لا شرقية ولا غربية ، ولكن علوية سماوية ، وتعاني هذه الأمة من شدة لم تشهد مثلها في التاريخ الحديث ، نرجو أن يعقب هذه الشدة شدَّة إلى الله عز وجل تستحق بعدها أن تستخلف ، وأن تمكن في الأرض ، وأن تستعيد دورها القيادي بين الأمم ، فهي متحضرة بهذا الدين العظيم، ونرجو أن تكون متطورة ، بينما العالم القوي متطور ولكنه ليس متحضراً وهذه مقولتك قلتها قبل أيام في لقاء يؤكد وحدة هذا البلد الطيب ، الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد .

* * *

الخطبة الثانية :

 الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله ، والله أكبر ولله الحمد . الحمد لله رب العالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، اللهم صلّ على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .

الدّين قوام حياتنا :

 وأنت أيها السيد الرئيس ولي الأمر في هذا البلد الطيب ، وأنت ممكن فيه ، وأنت بجرة قلم تحق حقاً وتبطل باطلاً ، وتقر معروفاً وتزيل منكراً ، وتقرب ناصحاً مخلصاً ، وتبعد فاجراً منافقاً ، وأنت بهذا أثقلنا حملاً ، وأكثرنا مسؤولية ، ولا ينسى لك العلماء بعامة والقائمون على التعليم الشرعي بخاصة موقفاً مبدئياً أكدته بكلام واضح وجلي وحاسم لا لبس فيه ، في مأدبة الإفطار في رمضان المنصرم التي كرمت بها علماء الدين الإسلامي ، قلت : إن الدين هو قوام حياتنا ، وأننا ندعم التعليم الشرعي بكل ما نملك ، وليس في القيادة من يفكر بالنيل منه، فجزاك الله خيراً ، وعشية هذا العيد صدر قانون بالعفو عن بعض المحكومين فجزاك الله خيرأ ثانية ، لهذا ندعو لك من أعماق قلوبنا أن يوفقك الله لقيادة السفينة وسط الأمواج المتلاطمة والمتعاظمة إلى شاطئ السلامة ، وأن يجري الله الخير على يديك ، وأن ينفع الله بك البلاد والعباد ، وأن تكون ناصراً لدينه ، قويا على أعداء الله وخصومه وما أكثرهم في كل مكان، وأن يمتعك الله بالصحة والقوة ، أنت وأهلك ، وجميع من يعينك على أداء رسالاتك ، وتحقيق طموحاتك ، اللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين ، وانصر عبادك المؤمنين في كل مكان ، واسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، والحمد لله رب العالمين ، وكل عام وأنتم بخير .

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور