وضع داكن
25-04-2024
Logo
الدرس : 08 - سورة الشعراء - تفسير الآيات 192 - 195 ، الفساد.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علَّمْتنا إنك أنت العليم الحكيم اللهم علِّمنا ما ينْفعنا وانْفعنا بِما علَّمتنا وزِدْنا عِلما، وأَرِنا الحق حقاً وارْزقنا اتِّباعه وأرِنا الباطل باطِلاً وارزُقنا اجْتنابه، واجْعلنا ممن يسْتمعون القول فَيَتَّبِعون أحْسنه وأدْخِلنا برحْمتك في عبادك الصالحين.
 أيها الإخوة الكرام، قصةٌ أخرى من سورة الشعراء، قال تعالى:

﴿(140) كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ (141) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ (142) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (143) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (144) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (145) أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ (146) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (147) وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ (148) وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً فَارِهِينَ (149) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (150)﴾

﴿ وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ (151) الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ (152) قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ (153) مَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (154) قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (155) وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ (156) فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ (157) فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (158)﴾

[سورة الشعراء]

 هذه قصَّةٌ من قصَص الأنبياء التي ورَدَتْ في سورة الشعراء نقف عند كلمةٍ واحدة.
 قال تعالى:

 

﴿وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ (151) الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ (152)﴾

 

[سورة الشعراء]

 فما هو الفسادُ ؟ هذا الماءُ أيها الإخْوَةُ لا لونَ له و لا طعمَ له و لا رائحةَ له،هكذا خلقَه اللهُ، هذا وضعُه الكاملُ و الصحيحُ، فإذا تلوَّثَ الماءُ بالجراثيم أو اختلطَ بالشوائِبِ أفسدَ طبيعةَ الجسدِ بالأمراض لأن الماء مُلَوَّثٌ أو نقول: ماءٌ فاسدٌ، الهواءُ نقيٌّ ـأوكسجين و آزوت ـ إذا صار مع ذلك ثاني أوكسيد الكربون بنسَبٍ عاليةٍ جدًّا، أعلى نسبِ التلوُّث في المدن 400/100، نقول الهواء فاسد، و إذا العلاقةُ بينَ الزوجيْن غيرُ سليمةٍ نقول العلاقة فاسدة، و إذا الفتاةُ تذهبُ يمينًا و يسارًا نقول عنها أنها فاسدةٌ، و إذا التاجرُ يأكلُ الربا نقول عنه أنه فاسدٌ، فالفسادُ هو خروجُ الشيءِ عن طبيعته التي خلَقَه اللهُ عليها، الله عز وجل أتقنَ كلَّ شيء خلقه، قال تعالى:

 

﴿صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ﴾

 

[سورة النمل]

 والله عز وجل أحكمَ كلَّ شيء خلَقَه قال تعالى:

 

﴿الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَانِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعْ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ(3)ثُمَّ ارْجِعْ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ(4)﴾

 

[سورة الملك]

 والله عز وجل خلق كلّ شيءٍ بِكَمالٍ مُطْلق، قال تعالى:

﴿مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَانِ مِنْ تَفَاوُتٍ﴾

[سورة الملك]

 لا تجِدُ في خلق الله تعالى درجة أولى بالصَّنْعة، ودرجة ثانيَة، فلأنَّ الله تعالى كامِلٌ كمالاً مُطْلقًا، ولأنّ الله تعالى عليم علْمًا مُطْلقًا، ولأنَّهُ حكيمٌ حِكمةً مُطْلقةً، ولأنَّه قدير قُدْرةً كاملةً فَخَلْقُهُ كامِل، مِن أين جاء الفساد ؟ قال تعالى:

 

﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ(41)﴾

 

[سورة الروم]

 جاء الفساد مِن صُنْع البشَر.
 أيها الإخوة، قَضِيَّة في العقيدة أساسيَّة ؛ أنَّ أصْل الفساد يسْتَحيل أن يكون في أصْل الخلْق، فلو رأيْنا سيارة نزلَتْ بِوادٍ، وتلقَّتْ ألف ضَرْبة بالصُّخور حتَّى أصْبَحَتْ كالعجينة، فهل لك أن تقول: أيُّ مَصْنَعٍ صنَعَها بِهذه الشاكِلَة ؟‍‍! المصْنع صَنَعها بِشَكل مُمْتِع، وسُطوحها مُسْتَوِيَّة، وفيها أناقة، لكنَّ رُكوب السائق فيها وهو في حال الخَمْر جعَلَهُ يسقِطُها في الوادي، مِمَّا جعَلَ شَكْلها غير مألوف ولا معقول، فنحن لا نقول: هذه في أصْل صَنْعَتِها !! لا، وإنَّما هذا وضْعُ طارئ طرأ عليها، لذا هذه قَضِيَّة خطيرة في العقيدة، وهي أنَّه من اعْتَقَدَ أنَّ الفساد في أصْل الخَلْق فهو كافِر، فالخَلْق كامِلٌ كمال مُطْلق، قال تعالى:

 

﴿صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ﴾

 

(سورة النمل)

 اُنْظر إلى النَّحْل ؛ نِظامٌ اجْتِماعي كامِل، وكذا النَّحل، وأيُّ مَخلوقٍ من الإنس والجنّ، فهذه المَخلوقات ليْسَت مُخيَّرة، وكمالها مُطلق مِن أصْغر مخلوق إلى أكْبر مَخلوق، لذلك الفساد لا يُمْكِن أن يكون من أصل الخَلْق، ولكنَّه طارئ على الخلْق لِسَبَبَ ؛ وهو أنَّ هناك مَخلوق أُعْطِيَ حُرِيَّة الاخْتِيار، وأودِعَتْ فيه الشَّهوات لِيَرْقى بِها مرَّتَين ؛ مرَّة صابِرًا، ومرَّةً شاكِرًا إلى رب الأرض والسماوات، ووُضِعَ له منهَج يسير عليه الشَّهوات التي هي في الأصل وسائِل للرُّقَي جَعَلها أهْدافًا والحُرِيَّة التي مُنِحَها الإنسان لِيُثَمَّن بها عملُهُ جَعَلَها تَفَلُّتًا، والمنهَج الذي أنْزلَهُ الله على أنبيائِه لِيَكون مُرْشِدًا له جَعَلَهُ وراء ظَهْرِهِ، والواقِع أمامكم قال تعالى:

﴿أَرَأَيْتَ مَنْ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا(43)﴾

[سورة الفرقان]

 كان الهوى وسيلةً مِن أجْل أن تتزوَّج، وأن تُنجِبَ أولادًا وتُرَبِّيَهم، وتأخذَ بِيَدِهِم، وأن تسْعَدَ بِهِم إلى أبَدِ الآبدين، فهذه الشَّهْوة الجِنْسِيَّة جَعَلها هدفًا فَزَنى، والشيء الآخر أنَّ هذه الحُرِيَّة التي أعطاه الله إيَّاه لِيُثَمَّنَ عملُهُ جَعَلها تَفَلُّتًا، وهذا المنْهَج القويم الذي أنزلَهُ الله على أنبيائِهِ جَعَلهُ وراء ظَهره، قال تعالى:

 

﴿وَقَالَ الرَّسُولُ يَارَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا(30)﴾

 

[سورة الفرقان]

 لذلك لمَّا أساء الإنسان اسْتِخدام حُرِيَّتِهِ، وَجَعَلَ الشَّهْوة هدَفًا وهي وسيلة ولم يعْبأ بِمَنْهج الله، ظَهَر الفساد في البرّ والبَحْر، فهذا الفساد ليس في أصْل الخلْق بل هو طارئ قال تعالى:

 

﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ(41)﴾

 

[سورة الروم]

 فالفساد مِن اخْتِيارهم، ولكن لماذا شاءَتْ حِكمة الله جلَّ جلاله أن يكون مع الفساد المرض ؟‍ فقد وردَ في الصحيح، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ:

 

(( يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا إِلَّا فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ وَالْأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمِ الَّذِينَ مَضَوْا وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِلَّا أُخِذُوا بِالسِّنِينَ وَشِدَّةِ الْمَئُونَةِ وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ إِلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ وَلَوْلَا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللَّهِ وَعَهْدَ رَسُولِهِ إِلَّا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ))

 

[رواه ابن ماجه]

 وهذا الحديث الصحيح مِن دلائل نُبُوَّة النبي عليه الصلاة والسلام والله عز وجل كما تعلمون أوْدَعَ فينا أعْظم جِهاز يُسَمَّى جِهاز المناعة المُكْتَسَب هذا الجِهاز بِكُلّ مليمتر مكُعَّب تحْوي سبْعة آلاف كُرِيَّة بيْضاء فَكَم كُرَيَّة في الجِسْم ؟‍‍! هذا جِسم نِظامي، فَقِسْمٌ مِنه مُسْتَطْلِع يدْخل جرثوم يتَّجِهُ إليه فيأخُذ شِفْرتَهُ كيماوِيَّة، ويعود بها إلى مركز القيادة، ويُسَلِّمُها لِرُؤسائِه و رؤساء هذه المراكز تُعْطي هذه الشِّفْرة إلى خلايا كُرَيات بيْضاء مُصَنِّعة مُحَصِّنة، فَتَدْرُس الرَّمْز وتفُكُّ رُموزهُ، وتصْنعُ مَصْلاً مُضادًّا لِهذا الجرثوم، ومراكز القيادة تُرْسِل مُقاتِلين يَحْمِلون هذا السِّلاح لِيُقاتِلون هذا الجرثوم، ومراكز القيادة تُرْسِل مُنَظِّفين، خلايا لاقِمَة تُنَظِّف أرض المعركة مِمَّا جرى منها ومن الجُثث، قال تعالى:

 

﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ(4)﴾

 

[سورة التين]

 فلمَّا زنى، وشَرِبَ الخمْر وتناوَل المُخَدِّرات وشذَّ جِنْسِيًّا، قال تعالى:

 

﴿ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ(5)﴾

 

[سورة التين]

 الآن بالعالم هناك خمس وثلاثون مليون مُصاب بالإيدْز، وهذا الرقَّم فيه زِيادة لا هَنْدَسِيَّة ولكن تِجارِيَّة، بِمُعَدَّل كلّ نِصْف ساعة يموت إنسانٌ في العالم بالإيدْز والله تعالى حمى بلدنا بِسَبب الدِّين والإيمان بالله تعالى فَنَحن عندنا إصابات ولكن لا تُذكر مائة أو مائة وعشرة بِكُلّ القُطْر وأكثر هذه الإصابات جاءَت مِن خارِج القطْر وبلاد الغرْب، لذا أيُّ إنسانٍ يقْدُم إلى بلادِنا لِيُقيمَ بها يجب أن يفْحَصَ دَمَهُ.
 أيها الإخوة الكرام، الفساد لا يُمْكن أن يكون في أصْل الخلق بل هو مِن صُنْع الإنسان، قال تعالى:

 

﴿ الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِي(78)وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِي(79)وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِي(80)وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ(81)وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ(82)﴾

 

[سورة الشعراء]

 لم يُعْزَ المرضُ إلى الله، فالخَلْق والهِداية عُزِيَت إلى الله، ولكن المرض لم يُعْزَ إلى الله تعالى وإنَّما عُزِيَ إلى الإنسان لِمُخالفَتِهِ منْهج الله عز وجل.
 أيها الإخوة الكرام، ما مِن مُصيبة على الإطلاق تُصيبُ الإنسان أفرادًا ومُجْتَمَعات، ومِن آدم إلى يوم القيامة إلا بِسَبب خُروجهم عن منهَج الله فالفساد أن يجْعل الإنسان شَهْوته الهدَف، فالله تعالى رسَمَهَ له وسيلةً فكيف أنَّ بنزين مادَّة انْفِجارِيَّة تمْشي بها السيارة، فلا يُعْقل أن نضَعَ الماء أو اللَّبَن مكان البنزين في السيارة ! فهذا السائل الانْفِجاري لمَّا يوضَع في أنابيب مُحْكمة، ويسْري بِنِظامٍ دقيق، يُوَلِّد حركة نافِعَة فهكذا الشَّهْوة ؛ طاقةٌ وانْدِفاع، فإذا سار بها الواحِد على منهَج الله، لذلك قال تعالى:

 

﴿ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنْ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ(50)﴾

 

[سورة القصص]

 كلّ إنسان يتحرَّك بِشَهواتِهِ دون منْهَج يزْني ويسْرق ويقْتُل مِن أجل دُرَيْهِمات.
 أيها الإخوة، على الإنسان أن يسير منْهج الله، وأصْل الفساد مِن مخلوق أعطاه الله شَهْوَةً لِتَكون وسيلة يرْقى بها صابِرًا وشاكِرًا، فالنَّظر في الحرام يذلّك، أما غضّ البصر يرْفعُك، فهذه الشَّهوات ترقى بها أم تهْوي بها، فَحُرِيَّة الاخْتِيار هذه مِن أجل أن يُثَمَّن عملهُ، فهل يُعْقل أن يأخذ الإنسان حاسبَهُ إذا تعطَّل إلى اللَّحام أو الخضَّار ؟!! لذا لا تقل لي: قال فلان وفلان، فالذي يسْترشِد في حياتِهِ بأناس لا يفْهمون يكون أحْمَقًا وجاهِلاً، أما في قضايا حياتِك المصيريَّة لا تسأل إلا الشَّرْع، ولا تعتدي إلا برسول الله صلى الله عليه وسلَّم، لذا قال تعالى:

 

﴿وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ (151) الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ (152)﴾

 

[سورة الشعراء]

 أمراض سرطان الجلد بأوروبا وأمريكا يبعن بالمائة، والسَّبب أنَّ ثقْبًا بِطَبقة الأوزون، وهذا الثُّقب سببه ارْتِفاع غاز الفَحْم، وبعض الغازات المُعَيَّنة في الجوّ، فالبحار والأجواء والهواء كلّ هذا مُلَوَّث، فهذا التلوُّث فساد في البرّ والبحْر، ومرض الإيدْز من نتائِج الزنَا واللِّواط والمُخدِّرات قال تعالى:

 

﴿لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ(41)﴾

 

[سورة الروم]

 فالإيدز بعض العقاب، أما العقاب الأليم فهو في جهنَّم، فالذي أفلَسَ من أجل الرَّبا فهل هذا هو العقاب الكامل له ؟ لا، هذا بعض العقاب، قال تعالى:

 

﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنْ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ(185)﴾

 

[ٌسورة آل عمران]

 فهذه الأمراض هي بعض العقاب، وليس كلّ العِقاب، والله عز وجل يُعاقِب بعض المُسيئين عتبًا ردْعِيًّا لِبَقِيَّة المُسيئين، ويُجازي بعض المُحْسنين جزاءً تشْجيعيًّا لبعض المُحْسنين، أما الرَّصيد فَيَوْم القيامة فالفساد كلُّه نتيجة الخروج عن منْهَج الله.

 

تحميل النص

إخفاء الصور