وضع داكن
20-04-2024
Logo
الدرس : 1 - سورة الطور - تفسير الآية 21 ، نتائج العمل الصالح في الدنيا والآخرة
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين:
أيها الإخوة الكرام:
الآية الواحدة والعشرون من سورة الطور وهي قوله تعالى:

﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ (21)﴾

 أيها الأباء: هذه الآية خاصةٌ بالأباء المؤمنين فكل جهد يبذله الأب في تربية أولاده، التربية الإيمانية، والتربية الأخلاقية، والتربية الجسمية والتربية العلمية، والتربية النفسية، والتربية الاجتماعية، كل جهد يبذله الأب، في سبيل تربية أولاده، هذا الجهد محفوظ عند الله بشكل لا يصدق، بحيث أن كل أعمال الأولاد في صحيفة أبيهم.

 

﴿ والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم ﴾

 ألحقنا بهم أعمال ذرياتهم، إلحاق كامل، لو أنه إنسان أنجب ولد ورباه تربية إسلامية، وأصبح هذا الابن عالماً كبيراً، أو داعيةً كبيراً، أن كل هذا الحجم الكبير، في صفيحة الأب، لأن النبي عليه الصلاة والسلام يقول: خير كسب الرجل ولده.
طبعاً، والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء كل امرئ بما كسب رهين.
يعني أنت في النهاية، رهين عملك، رهين عملك، وعملك يعبر عنك وحجمك عند الله بحجم عملك الصالح.
أيها الأخوة:
 يجب أن نفرق بين الاستقامة والعمل الصالح، الاستقامة طابعها سلبي، طابعها سلبي، فلان لم يكذب، لم يغش، لم يطلق بصره في الحرام، جيد جداً وجميل ولكن ماذا فعل، ماذا قدم، يقول يا ربي زهت في الدنيا، يقول الله له يا عبدي أما زهدك فقد تعجلت فيه الراحة لقلبك، ولكن ماذا فعلت من أجلي ؟
 أيام الإنسان بيصدق يحترمه الناس، يعفوا عن أعراض الناس يأمنه الناس، يكونوا أميناً يغنيه الناس، كل هذه الأعمال مردها إلى الإنسان ولكن ماذا قدمت ؟ ماذا بذلت؟ بماذا ضحيت ؟ ما العمل الذي تتمنى أن يعرض على الله عز وجل يوم القيامة ؟ يا بشر لا صدقة ولا جهاد فبما تلقى الله إذاً.
إذاً أعظم الأعمال ولده، أعظم كسب الرجل ولده، لأن الإنسان إذا مات انقطع عمله إلا من ثلاث، صدقةٍ جاريةٍ، وعلمٍ ينتفع به، وولدٍ صالحٍ يدعوا له.
 فالجهود الجبارة التي تبذل في تربية الأبناء وتعليمهم وتعريفهم بالله عز وجل، وتعليمهم كتاب الله، وسنة رسول الله، وأخلاق نبيهم وشمائله، وهذا الجهد المبذول، يجعل أعمال ابنك كلها، في صحيفتك وما ألتناهم من عملهم من شيء، أي ما ضيعنا من عملهم شئ.
 الابن يحتاج إلى متابعة، إلى عناية، إلى عناية بصحته، عناية بعلمه عناية بعقله، عناية بنفسه، أن ترقب أصدقائه، أين يذهب، أين يعود مع من يصاحب مع من يجلس، هل صلى أم لم يصلي، هل أدى الفرائض أم لم يؤديها، هل المتابعة المستمرة، وأن تحيطه ببيئة صالحة، وأن تتابعه، وأن تنصحه، وأن تجلس معه ملياً، هذه الجهود كلها في النهاية تجعل أعمال ابنك كلها في صحيفتك.
ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء كل امرئ بما كسب رهين.
 يعني أنت عند الله بعملك، هذا الكلام لمين موجه ؟ للمؤمنين، يعني الاستقامة مفروغ منها، مفروغ منه أنك لا تأكل الحرام، ولا ترتكب الكبائر، ولا تطلق بصرك في الحرام، ولا تكسب الدرهم الحرام ولا تنم بين المؤمنين، ولا تغتب، كل شي لا، لا، لا، استقامة هي، وكل شيء، فعلت، قدمت، دفعت أنفقت.
فالإنسان يجب أن يبقي أثراً بعد موته.
 ذكرت لكم مرة أن أحد خطباء دمشق المرموقين، توفي رحمه الله فحضرت التعزية، فكانت في الأموي، فلما جاء أكثر علماء الشام وقدموا تعازيهم، قام الخطباء يثنون على هذا الخطيب، وعلى جرئته وعلى نزاهته، وعلى خطابته الرائعة، ثم قام ابنه فألقى كلمة، من أروع ما سمعت، ابنه، لغة، وعلم، تناسق، قوة شخصية، وكان حضر أنه وزير الأوقاف، فأراد أن يهنئ الحضور، فعين ابنه خطيباً مكانه، إذاً ما مات الأب، الأب ما مات.
فيا أيها الأخوة:
 أنا أعلم أنه في ألف حاجز يمنع أولادكم عن المسجد، فتن كثيرة جداً، رفقاء السوء كثيرون جداً، هناك سهرات حمراء، هناك سهرات خضراء، هناك صحون، هناك أفلام، هناك محطات إباحية، وهذا أشياء كله مفجرة، بتفجر الابن.
قديماً كان الفساد محصور في بئر محدودة، والإنسان طليق، الآن الفساد طليق، فإذا أنت ما حصنت نفسك وحصنت أولادك ففي خطر كبير جداً.
أيام شمة وحدة راح الابن، شمة وحدة، صار مدمن مخدرات، شمة وحدة، وفي شيء كثير جداً.
 فإذا كان عناية الآباء بالأبناء، قبل عشرين سنة، ثلاثين سنة، خمسة الآن مائة العناية، المراقبة، المتابعة، ويجب أن تحتوي ابنك، تكون صديق له، لأنه هو يحب الصديق، فإذا أنت بينك وبينه مساقة كبيرة بالعمر، وبالعقلية، وبالتفكير بحس حاله بغربة عنك، الأب العاقل هو الذي يقرب أولاده منه، ويحتويهم ويفكر بتفكيرهم ليكون بديلاً عن أصدقائهم، أصدقاء السوء، هو الأب.
 محور الدرس اليوم هو تربية الأولاد، أعمال أولادك كلها في صفيحتك نرجو الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا في تربية أولادنا، من جاءه بنتان فأحسن تربيتهما فأنا كفيله في الجنة، في بيت ما في بنات، قالوا واحدة قال واحدة، إذا عندك بنت واحدة أحسنت تربيتها، تربية صحيحة علمتها كتاب الله، علمتها سنة رسول الله، علمتها أن تكون محشومة جعلت خروجها وفق منهج الله، ثم جاءها خاطب مؤمناً، زوجته إياها ولم تعبى بماله بل عبئت بأخلاقه، هذه البنت ضمانة لك إلى الجنة أبداً قالوا واحدة قال واحدة، والابن إذا علمته علم شرعي، جعلته داعية، جعلته عالم، تبنيته عاونته، فأنا أدعوكم وسط بيتكم في أعمال صالحة لا يعلمها إلا الله، وسط البيت، داخل البيت، زوجتك وأن تضع اللقمة في فم زوجتك هي لك صدقة، وتراها يوم القيامة كجبل أحد، وابنك إذا ربيته تربية صحيحة، هو لك صدقة، وبنتك إذا ربيتها تربية صحيحة هي لك صدقة، كل هؤلاء ضمانة لدخول الجنة، والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء كل امرئ بما كسب رهين،
أنت رهين عملك، كل واحد له عمل، يا قويس إن لك رهينة يدفن معك وأنت حي وتدفن معه وأنت ميت، فإن كان كريماً أكرمك وإن كان لئيماً أسلمك ألا وهو عملك
 بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، وأكرمنا ولا تهنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وأرض عنا، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم..

 

تحميل النص

إخفاء الصور