وضع داكن
16-04-2024
Logo
الدرس : 07 - سورة النجم - تفسير الآية 32 ، الذنوب الصغيرة
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين:
أيها الإخوة الكرام:
 الآية الواحدة والثلاثون من سورة النجم وهي متصلةٌ بالآية السابقة.

﴿وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى (31)﴾

 من هم الذين أحسنوا:

 

﴿ الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى (32)﴾

أيها الأخوة الكرام:
 يقول عليه الصلاة والسلام: وقوله هذا يلقي ضوءاً على هذه الآية:

 

 

﴿ لا صغيرة مع الإصرار ولا كبيرة مع الاستغفار ﴾

ويقول عليه الصلاة والسلام، إن الشيطان يئس أن يعبد في أرضكم، ولكن رضي فيما دون ذلك مما تحقرون من أعمالكم.
 هناك أعمال يفعلها المسلم، لا يلقي لها بالاً ؛ هي التي تحجبه عن الله يعني بيت فيه براد، في مروحة، في مكيف، في مكواة، في مسجلة في فرن، وفي أجهزة كثيرة جداً تعمل على الكهرباء، لو أنك قطعت التيار الأساسي، ميلليمتر، أم متر، مثل بعضها، الأجهزة كلها معطلة، لو أنك باعدت بين وصلتي تيارٍ أساسي، ميلليمتر، أو عشرة سانتي، أو مائة سانتي، المهم أن التيار انقطع.
 فهناك مسلم تحجبه صغيرة، وهناك مسلم تحجبه كبيرة، فهل يعقل أن يحجب الإنسان عن الله وقد ترك الكبائر، وحجبته الصغائر، إنه عندئذ خاسرٌ أشد الخسارة، لو أن الإنسان قاتل، أو شارب خمر، أو زاني أو سارق، ومحجوب له أعمال تساوي حجبه، أما مصافحة، وإطلاق بصر، وحفلة مختلطة، عما يعدها صغائر هذه،
إن الشيطان يئس أن يعبد في أرضكم، ولكن رضي فيما دون ذلك مما تحقرون من أعمالكم
يعني لن يقوم بالعالم الإسلامي، وثنية بعد الإسلام، مستحيل ! أما في آلاف الصغائر التي يفعلها المسلمون، وهم محجوبون.
 أضرب لكم مثلاً يوضح لكم الحقيقة، طريق عريض، مستقيم على يمينه وادي سحيق، وأنت تقود مركبةً على هذا الطريق ؛ الصغيرة حرفت المقود درجة واحدة، سانتي واحد، أنت في منتصف الطريق على اليمين عشرة أمتار، وعلى اليسار عشرة أمتار، وعلى اليمين وادي، وعلى اليسار وادي، حرفت المقود سانتي واحد ! هذه صغيرة لماذا هي صغيرة ؟ لأن تعديلها يسيرٌ جداً، حركة أخرى تعيد المركبة إلى وسط الطريق، أما هذا السانتي لو ثبته، على الوادي، كالكبيرة الكبيرة حرف تسعين درجة فجأةً، سلت بالوادي، الصغيرة سانتي واحد، بس ثابت، هذا السانتي الثبت في النهاية على الوادي،
لا صغيرة مع الإصرار، ولا كبيرة مع الاستغفار.
فيا أيها الأخوة الكرام:
 يعني من الغبن الفاحش، من الغباء الشديد، أن تضحي بتصالك بالله عز وجل من أجل صغيرة، أنت الكبائر تركتها، هذه الصغائر دعك منها، هي التي تحكم الصلة بالله عز وجل، يعني بقل لك أنا ما بسرق بقل لك ما أحلاك تسرق، أنا ما بزني، ما بشرب خمر، شي بديهي واحد من رواد المسجد يحضر مجلس علم، الله أنعم عليه بالإسلام وهداه بالإيمان، بيسرق مستحيل ! بيزني مستحيل ! بيشرب خمر مستحيل ! بيقتل مستحيل ! ما الذي يحجب الناس عن ربهم ؟ هذه الصغائر، لا صغيرة مع الإصرار، لا كبيرة مع الاستغفار.
 أنا أسألكم بربكم ؟ لو إنسان أطلق عينه إلى هذه الشاشة التي في كل بيت، واستمتع بما يراه، وأذن العشاء، وقام ليصلي، هل يستطيع أن يتصل بالله ؟ إذا بيقدر ! أنا غلطان بكون، وإذا ما بيقدر معنى هذه النظرة، إلى امرأةٍ في الشاشة، ملئ عينية من محاسنها، لن يستطيع بعدها أن يحكم اتصاله بالله، هذه صغيرة، فيما يبدو له صغيرة، هي حجبته كالكبيرة، تذكروا هذا المثل، فصل طرفين التيار، ميلي، أو سانتي، أو عشرة سانتي، أو متر، مادام انفصل كل الأجهزة واقفة، تعطلة.
لذلك هذا الدين، لا يفلح به الإنسان إلا إذا أحاطه من كل جوانبه، أحاطه، قال:

 

﴿ الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ ﴾

 ما اللمم هنا ؟ اللمم خاطر ألم بذهنك، لم تفعله، ما في مشكلة، هذه لا تحاسب عليها، أي خاطر، لو شبح معصية، واحد تصور نفسه يفعل معصية، بس ما فعلها، ألمت به خاطرة، لا ترضي الله، استعاذ بالله منها وانتهى الأمر، هي اللمم، أو أنه فعل خطيئةً ولم يعلم أنها خطيئة، توبته سهلةٌ جداً، إما أن خاطراً ألم بذهنه، واستعاذ بالله منه أو أن ذنباً صغيراً فعله وهو لا يدري، فلما علم أنه ذنب، استغفر الله عز وجل، العبرة شيءٌ ألم بذهنك ولم تفعله، أو شيءٌ فعلته، ولم تكن تدري أنه معصية، الاستغفار سريع جداً، وسهل جداً، والصلحة بلمحة، أما حينما تعرف أن هذه مخالفة وتفعلها أنشأت حجاباً بينك وبين الله، والأشقياء هم الذين يكثرون الحجب بينهم وبين الله، كل معصية حجاب، فإذا كثرت هذا الحجب، كان الران، الران ظلام يغلف القلب

﴿ كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14) ﴾

( سورة المطففين:14)

 من ترك الجمعة ثلاث مراتٍ من غير عذرٍ نكتت نكتتٌ سوداء في قلبه، نكتت نكتتٌ سوداء في قلبه، هذا الدرس المتواضع شحنة، شحنة روحية، الإنسان عليه أن يشحن روحياً باستمرار، بقلك أخي أنت اشتريت سيارة، كل أسبوع بدك تعبيها بنزين، حاجة مرة وحدة يا أخي، شو مرة وحدة، كل أسبوع بدك تعبيها، وإلا بتوقف، تصبح عبئ عليك، إن أردتها أن تمشي بدها تعباية، هذا الشحن.
 مرة أهديّ لي بيل، بيل ينشحن بالكهرباء، حينما أنساه ولا أشحنه وأطر إلى استعماله، نايص، قلت وكذلك المؤمن الذي يضعف شحنه ولما أنساه بالشحن، وأستخدمه كالشمس، قلت وكذلك المؤمن الذي يكثر شحن نفسه، فدرس علم يعطيك شحنة، يقربك من الله، يحملك على طاعة الله، يذكرك بالآخرة، يذكرك بالموت، يذكرك بالعمل الصالح، يذكرك بالصدقة، يذكرك بغض البصر، يذكرك بضبط اللسان، نحن، وأنا معكم والله، أنا أحتاج إلى شحنات كما أنتم محتاجون، نتعاون نحن،

 

﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾

 

( سورة المائدة:2)

والتقوى صلاح الآخرة.
إذاً:

﴿ الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ﴾

 خاطرٌ ألم بك أما بعض إخوانا الكرام، المتساهلون، بقلك النظرة لمم، أعوذ بالله والقبلة لمم، شو بقى لكن، فإذا كل المعاصي لمم، ما هذا الفهم للمم ؟ فهم مضحك هذا الفهم، خاطر ألم بذهنك واستعذت بالله منه، لا تحاسب عليه،

 

﴿ وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (54)﴾

 

سورة الأنعام:54 )

 ما في مشكلة، مالك عرفان، ثم علمت أنه معصية، استغفرت الله، اللمم يعني خاطر ألم أو ذنب لا تعلمه ذنباً، أما تعلم أنها معصية، وأنها تخالف السنة وتفعلها عن تصميمٍ وقصدٍ وإرادة، وتقول هذه من اللمم، لا والله هذه صغيرةٌ أصررت عليها، إن وافقناك على رأيك، إن سميناها صغيرة كما تريد، هذه صغيرةٌ أصررت عليها، ولا صغيرة ومع الإصرار ولا كبيرة مع الاستغفار.

 

﴿ الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ ﴾

لا تحاول تظهر بمظهر أكبر من حجمك، لأن الله يعلم الحقيقة، لأن الله كاشفك، لأنك مكشوفٌ عند الله.
 الإنسان لا يحاول يظهر بمظهر أكبر من حجمه، إيام بتلاقي لابس كلابية بيضة ومسبحة بيده، ومسواك حاطه، رايح عالجمعة يصلي وين كنت مبارح سهران الخميس حتى الساعة الواحدة بلليل الله أعلم لاتظهر بمظهر التقي والورع، وأنت لست كذلك، لا توهم الناس أنك محسن كبير.
قال لي والله يا أستاذ الله أكرمنا وزوجناها وحدة أمريكية وعمرها ستين سنة، لعلي أن أهديها إلى الله عز وجل، قلت له: قول ميشان كرين كارت أخذتها، ميشان الإقامة أخذتها، مو ميشان تهديها إلى الله عز وجل، لا تعمل تلبسة وزعبرة،

 

 

﴿ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ﴾

الله كاشفك الله يعلم الحقيقة تمام، أنت تواضع أنت قول يا رب أقبل عملي، يا رب استرني، يا ربي خذ بيدي إليك يا ربي دلني بك عليك، دلني على من يدلني عليك، خليك بالحجم الطبيعي.
 قال: سيدنا عمر عملاق الإسلام، عملاق الإسلام، لو كان نبي بعدي لكان عمر، عمر محدث حدثه الله عز وجل، لأن آيات كثيرة جاءت مطابقة لما يقول، وسيدنا رسول الله أعطى سيدنا حذيفة أسماء المنافقين، قال له يا حذيفة بربك اسمي معهم، شفلي اسمي معهم، هذا هو الخوف من الله.
قال والله لو تعثرت بغلة في العراق لحاسبني الله عنها، لما لم تصلح لها الطريق يا عمر، لو أن الله أنزل أنه معزب واحداً لخفت أن أكون أنا، ولو أنه أنزل أنه راحمٌ واحداً لرجوت أن أكون أنا، أنت بين الأمل والرجاء،

 

﴿ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُم﴾

 لاتعمل مظاهر، لاتعمل مظاهر دينية، بحط مصحف بالسيارة، ما في مانع حطه، بس لا تعمل مخالفات وواضع المصحف، تكتب:

 

﴿ إنا فتحنا لك فتحا مبينا ﴾

 

( سورة الفتح: 1 )

 بالمحل التجاري، ودجل، وغش، وكذب واحتيال، وتغير مواصفات، وأيمان كاذبة، لا تعمل مظهر ديني، آية الكرسي بالصدر، بنعمل عرس مختلط، ونرتكب كل الفواحش وعلى الكرت الطيبون للطيبات، أين الطيبون للطيبات، هؤلاء الخبيثون للخبيثات، والفاسقون للفاسقات ,

 

﴿ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى (32) ﴾

 

﴿ الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى (32) ﴾

لو عملت عملاً صالحاً في صخرة، لطلع عليه الناس، الناس ليسوا أغبياء يعرفون الحقائق، يعرفون الحقائق بفطرتهم، بدون دجل.
 بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، وأكرمنا ولا تهنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وأرض عنا، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم..

 

تحميل النص

إخفاء الصور