وضع داكن
25-04-2024
Logo
الدرس : 4 - سورة الرحمن - تفسير الآية 29 ، شأن الله مع العباد
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين:
أيها الأخوة الكرام:
الآية الكريمة التاسعة والعشرون، من سورة الرحمن، وهي قوله تعالى:

﴿ يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ (29)﴾

 هذه الآية تتصل اتصالاً وثيقاً بكل مؤمن، شأن الله مع المستقيم الإكرام، وشأن الله مع المنحرف التأديب، وشأن الله مع من جمع المال من حلال حفظ هذا المال، وشأن الله من جمع مال من حرام إتلاف هذا المال، شأن الله مع من غض بصره عن محارم الله إسعاده في بيته، وشأن الله مع من أطلق بصره، وملئ عينيه من محارم الله شقائه في بيته، شأن الذي بر والديه، شأن الله معه أن يبره أبناءه، وشأن الذي عق والديه شأن الله معه أن يعقه أبناءه، كل يوم هو في شأن.
في أي أحال أنت ؟ شأنه معك شأن الإكرام، أو التأديب، فإن كنت على ما يريد شأنه شأن الإكرام، وإن لم تكن على ما يريد، شأنه شأن التأديب.
من هنا ورد في الحديث الصحيح القدسي

(( لو أن أولكم وأخركم وأنسكم وجنكم، وقفوا على صعيد واحد، وسألني كل واحد منك مسألته، ما نقص ذلك في ملكي إلا كما ينقص المخيط إذا غمس في مياه البحر، ذلك بأن عطائي كلام وأخذي كلام، فمن وجد خيراً فليحمد الله، إن وجد من الله الخير وهو على منهجه وطاعته، فشأن الله معه شأن الإكرام، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه ))

لذلك تكاد تكون سعادتك أو شقاءك بيدك، شأن الله شأن المربي والمربي بين إكرامٍ وبين تأديب، وليس هناك شأن آخر.
 لذلك يسأله من في السماوات والأرض، السؤال نوعان سؤال بلسان القال، وسؤال بلسان الحال، البهيمة العطشى تبحث عن ماء، وكأنها تسأل الله الماء، فكل إنسان قد يسأل بلسانه، وقد يسأل بحاله، وقد يسأل بسلوكه

﴿ يسأله من في السماوات والأرض ﴾

 كل الخلائق، النبات حينما لا يسقى يسأل الله الماء، تذبل أوراقه، يسأل الله الماء فإذا جاء المطر، أو جاء من سقى، انتعش، فكل مخلوق على وجه الأرض مفتقر في وجوده، وفي استمرار وجوده، وفي كمال وجوده إلى الله عز و جل،

 

﴿ يسأله من في السماوات والأرض ﴾

 يسألونه سؤال بلسان القال يا رب أعطنا، أو بلسان الحال، الإنسان حينما يبحث عن شيء، أو بلسان السلوك، رد الله لهم،

 

 

﴿ كل يوم هو في شأن ﴾

 السيدة خديجة رضي الله عنها، حينما رأت من النبي صدقه وأمانته، وعفافه، وعطفه، ورأت إكرام ضيفه، ورأته يحمل الكل ويعين على نوائب الدهر، ماذا قالت للنبي الكريم حينما جاءه جبريل ؟ والله لن يخزك الله أبداً.
أقول لكم هذه الكلمة تعنينا جميعاً، كن كما يريد، يكن الله لك كما تريد، أنت تريد وأنا أتريد، عبدي، فإذا سلمت لي بما أريد كفيتك ما تريد، وإن لم تسلملي فيما أريد، أتعبتك فيما تريد، ثم لا يكون إلا ما أريد.
فا الله عز وجل كريم، لكن رحيم، لكن مربي، لكن عليم فعلمه، ورحمته، وتربيته، وحكمته، تقتضي أن يسوق الشدائد لمن يستحقها.
فهذه الآية من أصول الآيات،

 

 

﴿ يسأله من في السماوات والأرض ﴾

 اسأل بلسان قالك، أو بلسان حالك، أو بلسان حركتك والله عز وجل يعطيك بقدر ما تستحق، وبقدر ما يناسبك،

 

 

﴿ كل يوم هو في شأن ﴾

 مثل، إنسان يشكو من ضعف في كليتيه، ذهب إلى الطبيب صورت كليتاه فإذا بإحداهما واقفة، وقوف تام، لابد من استئصالها فشأن الطبيب الجراح مع هذه الكلية المتوقفة الاستئصال، وإن لم يستأصلها انتقلت العدوى إلى أختها، فشأن الطبيب العالم، المخلص الرحيم، الناصح، إجراء عملية جراحية لاستئصال الكلية، لو أنه فرضاً، وجدلاً، بقدرة قادر، هذه الكلية عادت إلى العمل، وفي يوم إجراء العملية، طلب الطبيب صورة احتياطية، صورت فإذا بها تعمل بتم شأنه استئصال الكلية، لما بغير شأنه، معقول يقلك نحنا اتخذنا قرار لأنه خلص ما في مجال، طيب يا أخي اشتغلت، اتخذنا قرار ما دام عملت صار للطبيب شأن آخر
يعني إنسان منحرف يستحق التأديب أم راح تاب، وأصلح من شأنه، هو حينما تاب غير شأن الله معه، تاب،

 

 

﴿ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ ﴾

 

( سورة النساء: 147 )

 بالمناسبة أخوانا، موضوع ما له علاقة بالآية، زارني طبيب جراح، يعني أنا أحسبه مؤمناً، وأحسبه نصوحا، فرجاني رجاءً حاراً أن لا أسمح لأحد أخواني بعملية استئصال مهما كان السبب وجيهاً، إلا باستشارة عدة أطباء، عدة، والله أنا قدرة له هذه النصيحة، قلت جزاك الله خيراً، من غرائب الصدف بعد أسبوع أحد أخوانا الكرام مهندس، عنده فتاة صغيرة عمرها سنتين توقفت إحدى كليتيها، فقال له الطبيب لا بد من استئصالها فوراً وإلا تنتقل العدوى إلى أختها، فأنا بحسب كلام الطبيب الناصح، قلت له أنا لا أقبل إلا برأي طبيب آخر ودللته على طبيب أحسبه مؤمناً ونصوحاً قال له: لا يا أبني ! البنت بسنتين يمكن أن ننتظر ستة أشهر، لأنه في طور البناء، يمكن أن تعمل، والله بعد ثمانية عشر يوم جاءني الساعة الثانية عشر ليلاً من شدة فرحه، عملت الثانية، عملت، الأول كي يحقق أجر العملية قال له يجب أن نستأصلها فوراً، وإلا انتقلت العدوى إلى الثانية، الطبيب المؤمن قال له لا: ما دام سنتين عمرها في معنا ستة أشهر، ننتظرها بعد ثمانية عشر يوماً عملت بأحسن ما يكون .
مستحيل ينفعك إنسان ما في دين، مستحيل، ينفع نفسه فقط لا طبيب ولا مهندس، ولا محامي، ولا تاجر، ولا بائع، مستحيل.
 لذلك لا تصاحب إلا مؤمناً، إياك أن تتعامل مع غير المؤمن هو المؤمن له مشكلات، لكن ليس بالخيانة، ليس بالكذب، يطبع المؤمن على الخلال كلها، بتلاقي مؤمن لطيف، مؤمن كلامه قاسي قليلاً، مؤمن أنيق جداً، مؤمن أقل أناقة، مؤمن منفتح، مؤمن منعزل مؤمن اجتماعي، مؤمن انعزالي، كل هذه الصفات على العين والرأس مؤمن لأنه، يطبع المؤمن على الخلال كلها، إلا الكذب والخيانة، فإذا كذب وخان فليس مؤمناً، فإذا أنت صاحبت مؤمن يغلط معك كثير ماله معصوم لأنه، لكن يغلب على ظني أنه لن يكذب عليك، ولن يخونك، وهاتان الصفتان كافيتان للتعامل مع الناس.
لما جاء النبي الوحي، سئل النجاشي سيدنا جعفر، قال كنا قوم أهل جاهلية بعث الله فينا رجلاً، ماذا نقى من الصفات ؟ قال نعرف أمانته، وصدقه، وعفافه، ونسبه، فقط، ثلاث كسبيات، واحدة وهبيه، النسب وهبه، لكن النسب يتوج الكسبيات، نعرف أمانته وصدقه، وعفافه، ونسبه.
فإذا تريد ثلاث صفات أساسية بحياتنا، أن لا يكذب، وأن لا يخون، و يلي عنده موظف لا يكذبه، ولا يخونه، مهما أكرمه يستحق أكثر، لا يكذبه، ولا يخونه، أما ما في إنسان ما بيغلط الأخطاء كثيرة جداً.
فأخوانا الكرام، كل يوم هو في شأن، مثل الكلية، شأن الطبيب استئصال هذه الكلية، أنه الصورة واقفة، حينما عملت هذا الطبيب نفسه، بعلمه، بحكمته، برحمته، بفهمه، اتخذ قرار آخر معاكس اشتغلت لأن الكلية ، خلص،

 

﴿ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ (29) ﴾

 هل تصدق أن دعائك وحده يرد القضاء ؟ دعائك، قال عليه الصلاة والسلام

 

(( لا يرد القضاء إلا الدعاء ))

 يعني أنت مقصر لا سمح الله، أدركت تقصيرك، فاستغفرت الله ودعوته أن يعفو عنك، دعائك وحده يوقف القضاء والقدر، يوقفه، فاسعادتك بيدك، وشقائك بيدك توفيقك بيدك، وتعسيرك بيدك.
سألني أحد الأخوة في قانون التيسير والتعسير، قلت له: نعم

 

﴿فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى ﴾

 

( سورة الليل: من 5 ـ إلى 10)

 التعسير بيدك، والتيسير بيدك، والرزق بيدك كمان بيدك،

 

﴿ وألو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا لنفتنهم فيه ﴾

 

( سورة الجن: 16 )

 الرزق بيدك، والتعسير بيدك، والتيسير بيدك، وسعادتك الزوجية بيدك، وشقائك الزوجي بيدك، وموقف أولادك منك بيدك، عامل أباك يعاملك أولادك.
فيا أيها الأخوة الكرام: الحجة قائمة علينا، والإنسان لا يتهم الشيطان،

﴿وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتموني من قبل ﴾

( سورة إبراهيم 22)

 بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، وأكرمن ولا تهنا وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وأرض عنا وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم.

تحميل النص

إخفاء الصور