وضع داكن
28-03-2024
Logo
الدرس : 5 - سورة الرحمن - تفسير الآية 31 ، الوهم في الدين
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين:
أيها الأخوة الكرام:
الآية الواحدة والثلاثون من سورة الرحمن، وهي قوله تعالى:

﴿ سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ (31)﴾

 قالوا علماء التفسير: سنفرغ لكم أي نقصد إلى محاسبتكم وفي حياتنا الدنيا، الإنسان يتحرك حركة، يتصل، يدفع، يقبض يتكلم، يصرح، ينتقد، وهو في غفلة، عن أن كل حركاته، وسكناته وتصريحاته، وأقواله، في جهره، وفي سره، ولقاءاته، مسجلٌ عليه حينما يعلم ذلك ينخلع قلبه.
وربنا عز وجل ولله المثل الأعلى يقول

 

﴿ سنفرغ لكم﴾

أي سنقصد إلى محاسبتكم
 فالإنسان يبدو بسذاجة أنه حر طليق، يتكلم ما يشاء، يتصل مع من يشاء يملئ بصره من الحرام كما يشاء، يستمتع في الليل كما يشاء، يرى كل شيء يعجبه، وقد يغفل عن على أن الله عز وجل سيقصد إلى محاسبته حساباً دقيقاً.
معنى

 

﴿ سنفرغ لكم ﴾

 أي سنقصد إلى محاسبتكم، طيب لما لا يحاسبنا في الدنيا ؟ هو يحاسبنا، ولكن في الدنيا ربنا عز وجل يكافئ بعض المحسنين، تشجيعاً لبقية المحسنين، ويعاقب بعض المسيئين ردعاً لبقية المسيئين، ولكن الحساب الإجمالي، ولكن الرصيد يحاسب به الإنسان يوم القيامة وفي قوله تعالى:

 

﴿ وإنما توفون أجوركم يوم القيامة ﴾

 

( سورة آل عمران: 185 )

﴿إنه يبدأ الخلق ثم يعيده ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالقسط والذين كفروا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون ﴾

(سورة يونس:4)

فإذا المؤمن واعي، أنه أعطى، منع، طلق، نظر، تكلم أوقع بين اثنين، بث العداوة والبغضاء، كسب مالاً حرام، استغل ثقة الناس به، استغل الحرف العالية، جنى ثروةً طائلة، ولا أحد يشعر عليه.
 إذا الطبيب اتفق مع مخبر، قال له ابعث لك ثمان تحاليل بتساوي الأول والسبعة مناصفة بيني وبينك، بيقدر مريض يكشفها هذه الطبيب موثوق لأنه إذا محامي يعلم علم اليقين أنه الدعوة خاسرة وأوهم الموكل أن الدعوة رابحة، وبدأ يأخذ منه أتعابه وقد مدد الدعوة إلى سنتين أو ثلاثة، هل الموكل يكشف ذلك ؟ أبداً ! هذه مهن راقية أساسها الثقة، من الذي سيحاسب عن هؤلاء ؟ رب هؤلاء، هو الإيمان كله خوف من الله، الإيمان كله أن تعلم أن هؤلاء عبيده، وأن الذي يدافع عنهم هو ربهم.
 قال: سيدنا عمر بن عبيد العزيز، كان جالساً في مصلاه يبكي دخلت عليه زوجته فاطمة، قالت ما لي أراك تبكي، قال دعيني وشأني فلما ألحت عليه قال نظرت في الفقير الجائع، والشيخ الكبير، والأسير وابن السبيل، والمرأة الأرملة، والطفل اليتيم، والذي لا يجد طعاماً والمريض، فعلمت أن الله سيحاسبني عنهم جميعاً، وأن حجيجي دونهم رسول الله، فلهذا أبكي فدعيني وشأني

﴿ سنفرغ لكم أيها الثقلان ﴾

 بالمناسبة أخوانا: في وهم مريح، وفي حقيقة مرة، الأحمق هو الذي يرتاح للوهم المريح، بقلك النبي يتشفع لنا اللهم صلي عليه بقلك أنا هيك سمعت من بعض المشايخ، أنه يسجد يقول له ربه ارفع رأسك يا محمد، يقول يا ربي لا أرفع رأسي حتى أشفع لأمتي، فيقول الله له اشفع تشفع، يلا فوتوا وخلصونا هي هي الشغلة كلها، هي الفكرة ساذجة، مريحة، مريحة جداً افعل ما تشاء، قالها اليهود

 

﴿ وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى ﴾

 

( سورة البقرة: 111 )

﴿ قالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودات ﴾

( سورة آل عمران: 24 )

 لن يعذبنا الله،

 

﴿ نحن أبناء الله وأحباؤه ﴾

 

( سورة: المائدة 18)

 فكل إنسان مقصر له أعمال سيئة يتعلق بأوهام، أوهام مريحة، وفي ألف فكرة بالإسلام غير صحيحة لكنها مريحة، غير صحيحة لكنها مريحة، الآن ما أكثر الكتب التي تألف، والتي يدعي مؤلفوها، أنهم يفهمون كلام الله فهماً عصرياً، وأن هذا الفهم الذي ما فهمه الصحابة الكرام يبيح لهم كل شيء، وأن من تخطيط اليهود في العالم أن تألف كتب تربط السلوك الإباحي بالدين، يعني شيء مريح جداً، أنه تفعل كل الشهوات المحرمة، وأنت مغطى بالقرآن، والله شي مريح.
فتلاقي في كتاب في ضلالات يطبع أربع طبعات، ويوزع بمئات ألوف النسخ، مريح لأنه، وهم مريح.
 الآن واحد معه شك مزور، بمائة ألف دولار، مريح إذا قلت له مزور يتألم، إذا قلت له ممتاز بتريحه، يا ترى الإنسان العاقل هل يقبل الوهم المريح ؟ أم الحقيقة المرة ؟ الحقيقة المرة، ابحث عن الحقيقة المرة، التي لا تجاملك، التي لا تغطي تصرفاتك، ابحث عن رجل لا يستحي منك، يجابهك بالحقيقة.
لذلك نحن ما مرضنا، تركنا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وجاملنا بعضنا، فكل واحد يطلب السلامة، فلو أخوه ارتكب خطأ كبير يقره عليه، بالعكس ويثني عليه به، حتى يخلص من شره حينما يلغى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، تنتهي خيرية هذه الأمة، قال تعالى:

 

﴿ كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر﴾

 

( سورة آل عمران: 110 )

خيريتنا علتها، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإذا فقدنا هذه الميزة، فقدنا الخيرية نحن إذاً كغيرنا من بقية الأمم.
 لذلك أقول لكم هذه الكلمة أيها الأخوة: إن رأيت أن المجتمعات الإسلامية تعاني ما تعاني، تتألم أشد الألم، كلمتها في الوحول، إن رأيت هذا فقل هؤلاء الذين يدعون أنهم مسلمون، هان أمر الله عليهم فهانوا على الله، ولو عظمت أمر الله لكنت كريماً على الله ، لو عظمت أمر الله لكنت كريماً، ولكانت حياتك مقدسة، وكرامتك مقدسة ولك عزة لا تعدلها عزة.
 لذلك محور هذا اللقاء السريع لا تقبل وهماً مريحاً، بكل دين في أوهام مريحة إلى ما شاء الله، ثلث ثلثين العالم يؤمن أنك إذا أمنت بالمسيح خلصك من كل الذنوب، فما عنده مشكلة أبداً، يأكلون المال الحرام، يشربون الخمر، يقعون في الفواحش، لأنه إن أمنت به سيخلصك، والله فكره مريحة، إن أمنت به فسيخلصك، وإن أمنت بشفاعة النبي فسيخلصك، وإن كنت من أهل الكتاب لن تدخل النار إلا أيام معدودات، ربنا قال:

﴿ تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ﴾

( سورة البقرة: 111 )

 أجيب لك مثل أوضح، طالب كسول، سمع كلمة طائرة أن الأستاذ إذا إنسان قدم له هدية ثمينة يعطيه الأسئلة، قام ارتاح ما عد درس أبداً، قضى تسعة أشهر براحة التامة، وسهرات، وزيارات وسينمات، ولقاء مع أصدقائه، مرتاح الأسئلة جاهزة لأنه، عاش هذا الطالب بوهم مريح تسعة أشهر، فلما ذهب إلى بيت الأستاذ قبل الفحص بيومين ليعطيه الهدية ويأخذ الأسئلة، فصفعه على وجهه وطرده، هذه الحقيقة المرة، لو عرف الحقيقة المرة أول العام الدراسي كان درس، أما لأنه تعلق بوهم مريح انتهى، هذه حقيقة مهمة جداً .
 إياك أن تستمع إلى درس من الدرجة الخامسة، أنه النبي يشفع لنا نحن مسلمين، والنصارى أمن بالمسيح فسيخلصك، واليهود لن ندخل النار، إلا أيام معدودات، فليهود اعتقدوا أنهم لن يبقوا في النار إلا أيام معدودات دون العشرة أيام، والنصارى أمنا بالمسيح فسيخلصنا ونحن أمنا برسول الله فسيشفع لنا هي أوهام مريحة، ما في التزام.
أما لو عرفت أن الله سيسألنا جميعاً،

 

﴿ فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون ﴾

 

( سورة الحجر: 92 )

 لو علمت أن الله يقول:

 

﴿ فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ﴾

 

( سورة الزلزلة: 7 )

 ولو علمت أن الله،

 

﴿ يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور﴾

 

( سورة غافر: 19 )

 إذا طبيب أمامه امرأة يفحصها، تشكو له مكان في بطنها فنظر إلى مكان آخر، أي جهة في الأرض تكشفه، مسموح له أن يعالجها، وهي أمامه، ومكان الوجع يراقبه، فنظر نظرةً إلى مكان آخر لا تدعي أنه يؤلمها، اختلس نظرةً من يعلم هذه النظرة ؟ الله وحده الله قال:

 

﴿ يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور﴾

هو يلي عما يحاسب.
 فيا أيها الأخوة الكرام: لا تقبلوا وهماً مريحاً، بل ابحثوا عن حقيقة مؤلمة مرة، مرة قرأت كلمة عن بعض الكتاب، قال في كاتب قصة، تقرأ قصته تتثاءب وتنام، قصة تثير الشهوات السفلية، في كاتب كبير جداً تقرأ قصته فتبدأ متاعبك لا تنام أبداً، وضعك أمام مسئوليات، أيقظ فيك الشعور الإنساني، وضعك أمام الرسالة التي أناطك الله بها.
 فالإنسان لا يقبل كلام فيه دغدغة للمشاعر، ما في دين إلا فيه أفكار تريح العصاة، وما في معصية إلا ولها فتوى، لها فتوى من الدرجة الخامسة، الآن هات لي أي معصية على الإطلاق، بقلك في فتوى للعالم الفلاني بالكتاب الفلاني تجيز ذلك، ما بقي شيء بالدين يعني ممكن تفعل أي شيء وأنت مغطى بالفتاوى، وممكن تفعل أي شيء وأنت مغطى بعقائد زائغة، لكن البطولة هو الذي يتحر العقائد الصحيحة ويتحر الحقيقة المرة، التي تدفعه إلى العمل، لا تثنه وأوضح مثل الطالب لما توهم أن الأستاذ يعطي الأسئلة ما عد درس فلما طلب من السؤال صفعه الأستاذ وطرده ورسب، أما لو عرفان الطالب من أول العام، أن الأستاذ نزيه، سيكون هناك امتحان نزيه وقوي، كان درس.
هذا معنى،

 

 

﴿ سنفرغ لكم أيها الثقلان ﴾

 يعني الله عز وجل سوف يقصد إلى محاسبتنا عن كل حركةٍ، وسكنةٍ، ونفسٍ، وكلمةٍ وصلةٍ، وقطيعةٍ، وغضبٍ ، ورضاً، وطلاقٍ، وزواجٍ، وأكل مالٍ حرام، وأكل مال حلال، إلى أن يحاسبنا عن مثقال ذرة.
إذا الإنسان عنده غرفة قبلية بالشتاء، ومفتوح النافذة القبلية وفايتة الشمس وكنس يطلع هباب، شايف هالبابة مالها وزن أبداً، بتم عالقة بالجو، تكشفها أشعة الشمس، مثل هذه من مثقال ذرة،

 

 

﴿ يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ﴾

 الآن في موازين تضع بورقة بيضاء وتزينها، وتكتب عليها كلمة محمد تطبش الكفة وزن الحبرات بكلمة محمد، ترجح الكفة هيك ميزان ربنا عز وجل، أما في موازين للسيارات حط عليه مائة كيلو ما يتحرك، هو مصمم للشحن، يزين عشرين ثلثين طن فحساسيته دون خمسمائة كيلو، أما في موازين، كلمة اكتبها على ورقة ترجح الكفة.
فميزان ربنا دقيق جداً وسيحاسب، وإذا أمنت أن الله يعلم وسيحاسب، وسيعاقب تستقيم على أمره.

 

 

 بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، وأكرمن ولا تهنا وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وأرض عنا وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم..

تحميل النص

إخفاء الصور