وضع داكن
28-03-2024
Logo
الدرس : 1 - سورة الواقعة - تفسير الآيات 1 - 6 ، إذا لتحقيق الوقوع
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين:
أيها الأخوة الكرام:
 سورة الواقعة تبدأ بقوله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم:

﴿ إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (1)﴾

 كلمة إذا في اللغة تفيد تحقق الوقوع،

 

﴿إذا جاء نصر الله والفتح ﴾

 

( سورة النصر: 1 )

﴿ إذا وقعت الواقعة، إذا الشمس كورت ﴾

( سورة التكوير: 1 )

﴿ إذا السماء انفطرت ﴾

( سورة الإنفطار: 1 )

 حينما تأتي أداة إذا في اللغة تعني تحقق الوقوع، أما حينما تأتي كلمة إن، تأتي بمعنى احتمال الوقوع،

 

﴿ يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا ﴾

 

(سورة الحجرات: 6 )

 يعني قد يأتي، وقد لا يأتي، إن جاءت كلمة إن قد يأتي، وقد لا يأتي، أما إذا جاءت كلمة إذا، لا بد من أن يأتي.

 

﴿ إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (1) لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ (2)﴾

 الشيء الذي يخبر الله به، يجب أن تعد وقع، هو لم يقع بعد، يجب أن تعد قد وقع، والدليل:

 

 

﴿ أتى أمر الله فلا تستعجلوه ﴾

 

( سورة النحل: 1 )

 معناها ما أجى،

 

﴿ أتى أمر الله فلا تستعجلوه ﴾

 الدليل

 

﴿ ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل﴾

( سورة الفيل: 1 )

 من منكم رأى، ولا واحد، وأنا لم أرى، بس الله يقول: ألم تر، أي أن إخبار الله للإنسان، يجب أن تأخذ وكأنك تراه، لشدة مصداقيته.
الآن يعني دولة محترمة، إذا أعطت آمان لا تنقضه، إنسان محترم إذا وعد لا يخلف، إذا تحدث لا يكذب، فكيف خالق الكون، قال:

 

﴿ إذا وقعت الواقعة ﴾

سميت واقعة لأنه لا بد من أن تقع.
 الآن مثلاً مرض، مرض فشل كلوي، هذا المرض يقع أو لا يقع، أما الموت لا بد من أن يقع، الفشل الكلوي، تشمع الكبد، سكة دماغيه، شلل، يقع أو لا يقع، أما الموت، مصير كل حي، لا بد من أن يقع، فلأن هذه الواقعة، لابد، واقعة، سميت واقعة، وقوعها محقق.

 

 

﴿ إذا وقعت الواقعة، ليس لوقعتها كاذبة ﴾

لو أن أناس حضروا مسرحية بالفصل الأول، إنسان قتل إنسان، ثم أرخي الستار، لا أحد يقوم من مقعده، لماذا ؟ لم تنتهي المسرحية، نريد أن نرى هذا القاتل ماذا حل به ‍‍‍‍؟ وهذا المقتول ماذا فعل أهله ؟ تشعر بالفطرة أن المسرحية ما انتهت.
 طيب في الدنيا، إنسان قوي، طاغي، جبار، إنسان ضعيف، مسحوق إنسان معه هذا ميكروسوفت، ثلاثين مليار دولار شاب، بالأربعينات، يملك وحدة ثلاثين مليار دولار، وواحد ينقب في القمامة، ليأكل، إنسان بعمر تسعين سنة بكامل صحته، إنسان بثمانية وثلاثين يموت، معه مجموعة أمراض، طيب أعمار مختلفة، والصحة مختلفة، والمال مختلف، والوسامة مختلفة، والقوة مختلفة، بتكون فتاة جميلة بتلاقي ألف خاطب، وأغنى الناس، الجمال قليل كاسدة، طيب شو ذنبها هي والله خلقها، مالها ذنب، في بالدنيا غنى وفقر، وقوة وضعف، ووسامة ودمامة، وصحة ومرض، وعمر مديد، وعمر قصير، طيب هذه الحظوظ كيف وزعت ؟ هل هناك تسوية حسابات
 يعني مثلاً: جامعة، فيها كلية، الصف سنة رابعة، خمسين طالب، طالب درس، طالب ما درس، طالب كتب، طالب نقل، معقول يستوي الذي غش والذي لم يغش، والذي درس والذي لم يدرس، إذا أستو معناها عبثية، كل ما في الكون يبين أنه لا بد من يومٍ آخر، تسوى فيه الحسابات،

 

 

﴿ إنه يبدأ الخلق ثم يعيده ﴾

 

( سورة يونس: 4 )

﴿ لتجزى كل نفس بما تسعى ﴾

( سورة طه: 15 )

لا بد من يوم تسوى به الحسابات، هذا ملخص الملخص.
 فهذه الواقعة، المنطق يؤكدها، والفطرة تؤكدها، يعني أيام الإنسان شوف إنسان ظالم، آكل مال أيتام، ما برتاح حتى الله يدمره، خمس أولاد أيتام أخذ مالٌ، أخوهم الأكبر، وخلاهن فقراء، وعاش بحبوحة، الإنسان ما برتاح لحتى يرى عدالة الله في هذا المغتصب للمال، فما دام في ظلم ظاهري، في غنى وفقر، وصحة ومرض، حظوظ موزعة توزيع ليس كما ينبغي كما نتوهم، لابد من يوم آخر تسوى به الحسابات،

﴿ ليس لوقعتها كاذبة ﴾

 أما في هذا اليوم،

 

﴿ خافضة رافعة ﴾

 يعني مدرسة، في آذن، في حاجب، في معلم وكيل، وفي معلم أصيل، وفي معلم مقرر، في آمين سر، في معاون مدير، في مدير، هي مراتب الدنيا، بالآخرة، قد يكون هذا الآذن هو الأول، هون بقى، كيف في قلابة، الذين كانوا في الأسفل، بعد حين في الأعلى، والذين كانوا في الأعلى بعد حين في الأسفل،

 

﴿ خافضة رافعة ﴾

رب غنيٍ حشر فقيراً، ورب قويٍ حشر ضعيفاً، ورب متجبرٍ حشر ذليلاً، ورب مستضعفٍ حشر ملكاً، هي الآخرة لها ترتيب آخر.
 في مقياس آخر، نحنا في حياتنا الدنيا، في عنا مقاييس نتمايز فيما بيننا، عنا مقياس المال، مقياس العلم، هذا دكتور، هذا بورد، هذا أمي، عنا مقياس الوسامة، عنا مقياس النسب، عنا مقياس القرب من الأقوياء، في عنا مقاييس كثيرة نقيم بها أنفسنا، نقيم بها بعضنا بعض، أما في الآخرة مقياس واحد ، مدى طاعتك لله، من هنا قال عليه الصلاة والسلام: رب أشعث أغبر ذي طمرين مدفوع بالأبواب، لو أقسم على الله لأبره.
دخل على النبي رجل، فرحب به النبي أشد الترحيب، قال أهلاً بمن أخبرني جبرائيل بقدومه، قال أو مثلي، قال نعم يا أخي، أنت خاملٌ في الأرض علمٌ في السماء.
 يعني مثل طريف، لو في مصر، أعلى مقام ديني الشيخ الأزهر، لو عنده حاجب، أمي لا يقرأ ولا يكتب، أما الشيخ الأزهر، معه ابتدائي، و إعدادي، وثانوي، وجامعة، وعالمية، وله مائتين مؤلف بالسوق، ومن فلتات الزمان، فريد عصره، ووحيد زمانه، لو أن فتاة دخلت لتأخذ منه حديث صحفي، الآذن الأمي غض بصره عنها خوفاً من الله، وهذا فرضاً، أضرب مثل افتراضي فقط، ملئ عيناه من محاسنها، وهو على علو مقامه، العالم عند الله هو الآذن والجاهل عند الله الثاني، في عند الله مقاييس غير مقايسنا، مقاييس الطاعة، مقاييس الإخلاص، مقاييس الحب، مقاييس الإتقان، المتقن، والمحب، والمطيع والمخلص، يعلو عند الله.

﴿ خافضة رافعة ﴾

 يعني الآن حتى في الدين في مقامات، قد يكون طالب علم مغمور لا أحد يعرفه، هو عند الله هو المقبول، بحسب الإخلاص.

 

﴿ خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ (3) إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجّاً (4) وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسّاً (5) فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثّاً (6) وَكُنْتُمْ أَزْوَاجاً ثَلَاثَةً (7)﴾

فنحنا درسنا اليوم: إذا تفيد تحقق الوقوع، وسميت الواقعة واقعة، لأن وقوعها حتمي.
 والشيء الثالث كل العقل، والنقل، والفطرة، والواقع تؤكد أنه لابد من يوم آخر، تسوى به الحسابات، خافضة رافعة، تقيم أنت في الدنيا بمقياس، وتقيم في الآخرة بمقياس آخر، وهذا المقياس الآخر هو الأساس، فإذا الإنسان في الدنيا مرتبته متدنية، لكنه مصطلح مع الله، له في الآخرة مرتبة عالية جداً، وإذا مرتبة الدنيوية عالية، لأسباب مادية، أسباب اجتماعية، مادية، أسباب تاريخه فبالآخرة له حساب آخر.

 

 

 بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، وأكرمن ولا تهنا وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وأرض عنا وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم..

تحميل النص

إخفاء الصور