وضع داكن
19-04-2024
Logo
الدرس : 7 - سورة الحشر - تفسير الآيات 22-24 ، أسماء الله الحسنى
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين:
أيها الأخوة الكرام:
الآيات الأخيرة من سورة الحشر وهي قوله تعالى:

﴿ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (22) هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23) هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (24)﴾

 هذه الآية الكريمة من أجمع الآيات في كتاب الله، التي انطوت على عدد كبير من أسماء الله الحسنى، ويا أيها الأخوة، أن تعرف أسماء الله الحسنى، كل أسم على حدا، ومدلول كل اسم، وأبعاد كل اسم، وتطويق كل اسم، والدليل على كل اسم، هذا جزء من إيمان المؤمن، لأنه لو اكتفى بأنه قال الله خالق السماوات والأرض، ولم يتعمق في معرفة أسماء الله الحسنى، وصفاته الفضلى تنطبق عليه الآية الكريمة:

 

﴿ خذوه فغلوه، ثم الجحيم صلوه، ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه، إنه كان لا يؤمن بالله العظيم ﴾

 

( سورة الحاقة: من 30 إلى 33 )

 آمن بالله، لكنه لم يؤمن بالله العظيم، كيف تعرف عظمة الله عز وجل ؟ كيف تعرف كماله وحدانيته قوته غناه رحمته لطفه ؟ إلا لم تقف عند أسمائه اسماً اسماً، فمعرفة أسماء الله الحسنى، وصفاته الفضلى، جزء من الدين وهناك دروس كثيرة في أسماء الله الحسنى هذه ينبغي أن تطلع عليها، أو أن تستمع إليها، أو أن تقف عند دقائقها لأنك إن عرفت الله، استقمت على أمره، حجم خشيتك كحجم معرفتك حجم طاعتك بحجم معرفتك، حجم خوفك من الله بحجم معرفتك له.
فلذلك أيها الأخوة:
 هذا الذي ينشأ في بيئة إسلامية، ويتلقى يعني شذرات من العلم بلا تركيز، يعني حضر عقد قرآن وألقى خطيب كلمة، حضر خطبة جمعة سمع كلمة هكذا من دون بحث ذاتي، من دون تركيز على معرفة أسماء الله الحسنى، هذا الإيمان الذي يأتي عفو الخاطر من طلب حفيف، ولا درس و بحث دقيقين، هذا لا يحملك على طاعة الله عز وجل، بالنتيجة أي إيمان لا يحملك على طاعة الله لا قيمة له، لا يكون الإيمان مجدياً إلا إذا حملك على طاعة الله، فمن كان في استقامته خللٌ، من كان في سلوكه انحرافٌ فهو قطعاً انطلق من هذا بسبب ضعف إيمانه، وضعف معرفته، وعدم إيمانه بالله العظيم.
والإنسان بالعادة يطيع العظيم، أما الشخص العادي لا يطيعه ولا يعبئ بأمره.
لذلك:

 

﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ﴾

 يعني من خلق السماوات والأرض ؟ هو الله، من أنزل من السماء ماءً فسالت أودية بقدرها ؟ هو الله، من خلق الإنسان من نطفة إذا تمنى ؟ هو الله، من أنبت النبات ؟ هو الله، من خلق الأسماك في البحار ؟ هو الله، من جعل الطيور يطرن بالسماء ؟

 

 

﴿ ما يمسكهن إلا الرحمن ﴾

 

( سورة الملك: 19 )

 هو الله ؛ معنى هو، يعني أنت أينما ما نظرت في الكون وتسألت من فعل هذا ؟ من خلق هذا ؟ من أبدع هذا ؟ من فطر هذا ؟ من سير هذا ؟ من قدر هذا، من وكل هذا ؟ الجواب هو الله، هو الله القوي، وفي الوقت نفسه كامل.

 

﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (22)﴾

 في بعض الأحاديث الشريفة ورد: أن الرحمن الرحيم هو اسم الله الأعظم، والله اسم الله الأعظم، والبر الرحيم اسم الله الأعظم وقال بعض العلماء: إنك في أي موطنٍ، الاسم الذي أنت في أمس الحاجة إليه هو اسم الله الأعظم، إذا كنت في محنة شديدة، أو في مرض شديد، فالله الشافي، فالشافي للمريض اسم الله الأعظم، وإن كنت في حاجة إلى رحمة من الله، الرحمن الرحيم، وأنت بحاجة ماسة إلى رحمته فهو اسم الله الأعظم، وإن كنت في أمس الحاجة إلى لطفه فهو اسم اللطيف اسم الله الأعظم، فأي حالة تعيشها، وأي حاجة أنت تحتاجها، الاسم الذي يناسبها هو اسم الله الأعظم الذي إذا دعوة به أجابك، وإذا سألت به أعطاك.
السيدة عائشة: إني أسألك بكل اسم سميته، ما علمته، وما لم أعلمه، أن ترحمني يا رب.

 

 

﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ﴾

 يعني الآية فيها دقة بالغة، الأمر كله بيد الرحمن، شي مريح الأمر كله بيد الرحيم، بيد العادل، بيد الخبير، بيد العليم، بيد القوي بيد الغني.

 

 

﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ﴾

 يعني الإنسان قد يملك ولا يحكم، وقد يحكم ولا يملك، وقد لا يملك ولا يحكم، لكن الله عز وجل يملك ويحكم، وهو ملك الملوك ومالك الملوك، وقلوب الملوك بيده، فإن العباد أطاعوه حول قلوب ملوكهم عليهم بالرأفة والرحمة، وإن هم عصوه حولها عليهم بالسخطة والنقمة، فلا تشغلوا أنفسكم بسب الملوك، وادعوا لهم بالصلاح فإن صلاحهم بصلاحكم.

 

 

﴿الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ﴾

 أي تنزهت ذاته عن كل نقص.

 

 

﴿السَّلَامُ﴾

إن كنت معه فأنت في سلام.

 

 

﴿ يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ﴾

 

( سورة المائدة: 16 )

سلام مع نفسك، سلام مع من حولك، سلام مع ربك.
 يعني أجمل شيء بالحياة، تكون الحياة هادئة، سليمة، فيها راحة بال فيها معافاة، فيها سرور، فيها طمأنينة، فيها نوم مريح فيها زوجة صالحة، فيها أولاد أبرار، فيها رزق كافي، فيها منزل واسع، فيها رزق ببلدك، الله عز وجل هو السلام، إن كنت معه فأنت في سلام، وإن ابتعدت عنه فأنت في خطر.

﴿الْمُؤْمِنُ﴾

 يعني مؤمن بذاته أنه يسعدك.

 

﴿الْمُهَيْمِنُ﴾

 هو المسيطر وحده.

 

 

﴿الْعَزِيزُ﴾

الذي يحتاجه كل شيء في كل شيء.

 

 

﴿الْجَبَّارُ﴾

 من الجبر ؛ يعني كل إنسان مكسور، الله عز وجل يجبره يعني يعطيه سؤله، لا ينسى من فضله أحداً.

 

 

﴿ الْمُتَكَبِّرُ﴾

 مهما تصورت من عظمته فهو أعظم، مهما تصورت من غناه فهو أغنى، لذلك قالوا بعض العلماء: إن معنى الذنب الذي ورد في حق النبي عليه الصلاة والسلام.

 

 

﴿ واستغفر لذنبك ﴾

 

( سورة محمد: 19 )

 إني أتوب إلى الله في اليوم سبعين مرة، بعض العلماء قالوا كلما رأى النبي رؤيةً، أو وصل إلى مرتبة في معرفة الله، ثم في اليوم التالي بلغ مرتبةً أعلى استحيّ بفهمه السابق، فكان هذا من الذنوب التي اختص بها النبي عليه الصلاة والسلام.
يعني أنا أعرفك غنياً بذهني أن مركزك المالي ألف مليون طلع عندك ألف ألف مليون، مثلً.
فكلما ظننت ربي بكمال معين، ثم اكتشفت أنه أكمل، وأرحم وأعظم وأقوى، وأرحم، وألطف، استحييت بفهمي السابق، فكان هذا من ذنب النبي عليه الصلاة والسلام.

 

﴿الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23)﴾

 يعني تنزه، تنزه اسمه عن هذا الذي يشركونه به، يعني صنعوا من تمر إله وعبدوه، فلما جاعوا أكلوه، هذا إله هذا ‍‍؟
أحد الأعراب رأى صنماً وقد بال الثعلبان برأسه، فقال:

 

 

أربٌ يبول الثعلبان برأسه  لقد ضل من بالت عليه الثعالب

 

﴿هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ﴾

 خلقك، وأعطاك صورة.

 

﴿لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾

 أسمائه كلها حسنى، وصفاته كلها فضلى، وحسن الظن بالله ثمن الجنة.

 

 

﴿يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾

 إلا هذا الإنسان التي سخرت له السماوات والأرض جميعاً منه هو وحده الغافلٌ عنه.

 

 

﴿يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (24)﴾

 بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، وأكرمن ولا تهنا وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وأرض عنا وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم..

 

إخفاء الصور