وضع داكن
26-04-2024
Logo
الدرس : 12 - سورة النجم - تفسير الآيات 56-62 ، العبرة في النهاية
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين:
أيها الأخوة الكرام:
 الآيات الأخيرة من سورة النجم، وهي قوله تعالى:

﴿ أَزِفَتِ الْآزِفَةُ (57) لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ (58) أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (59) وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ (60) وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ (61) فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا (62)﴾

 أولاً: الإنسان العاقل يجب أن يرتب القضايا التي يفكر فيها ترتيباً بحسب أهميتها، ففي قضايا مصيرية، في قضايا ثانوية، في قضايا متعلقة بالدنيا، في قضايا متعلقة بالآخرة، فالعاقل هو الذي يرتب أموره ترتيباً بحسب أهميتها، فربنا عز وجل يقول،

 

﴿ أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (59) وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ (60)﴾

 كل إنسان يتلقى أمور الدين بروحٍ غير مسؤولة، بروحٍ متساهلة ، بشكلٍ غير مكترث، هذا إنسان أحمق، لأنه يتناول أخطر قضيةٍ في حياته، قضية الدين قضيةٌ مصيرية، يعني فهو الذي نفس محمدٍ بيده، ما بعد الدنيا، من دار إلا الجنة أو النار، يعني بعد الموت إما في جنةٍ يدوم نعيمها، أو نارٍ لا ينفذ عذابها .
الإنسان وهو في الدنيا كما قال عليه الصلاة والسلام: الناس نيام إذا ماتوا انتبهوا .

 

 

﴿ فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22)﴾

 

(سورة ق: 22 )

الإنسان في الدنيا منصرف إلى طعامه، وشرابه، وبيته، وأولاده ونزهاته، وإقامته، وسفره، وأرباحه، وحفلاته، ومناسباته.
 هذه أحداث تدور، وتتكرر، أما حينما يفاجئ الإنسان، أنه على وشك مغادرة الدنيا، قد يبدو في جسمه بعض الأعراض المخيفة حينما يفاجئ أنه على وشك مغادرة الدنيا، عندئذٍ يأخذ هذا الأمر مأخذاً جدياً، عندئذٍ يبكي ولا يضحك، ما من بيتٍ إلا وملك الموت يقف فيه في اليوم خمس مرات، فإذا رأى أن العبد قد انقضى أجله وانقطع رزقه، ألقى عليه غم الموت فغشيته سكراته، فمن أهل البيت الضاربة وجهها، والممزقة ثوبها والصارخة بويلها، يقول: مما الفزع، وفيما الجزع، ما أذهبت لواحد منكم رزقاً، ولا قربت له أجل وإنني فيكم لعودة، ثم عودة، حتى لا أبقي منكم أحداً، فهو الذي نفس محمداً بيده، لو يرونا مكانه، ويسمعون كلامه، لذهبوا عن ميتهم ولبكوا على أنفسهم .
ويقول عليه الصلاة والسلام: لو تعلون ما أنتم عليه بعد الموت ما أكلتم طعاماً عن شهوةٍ، ولا دخلتم بيتاً تستظلون فيه، ولذهبتم إلى الصعدات تبكون على أنفسكم، لو تعلمون ما أعلم، لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً.
 أكثر الناس قضية الدين بقلك والله مالي فاضي، ما في عندي وقت، والله الله يهنيك، بس أنا مالي فاضي، كأنه يرى الدين قضية ثانوية، أما لو جاءه تبليغ، قابلنا يوم الخميس، لا ينام الليل ماذا فعلت ؟ ماذا تكلمت ؟ ماذا سأجيب ؟ إنسان عادي إذا دعاك إلى مقابلته، ولست متهماً بشيء، بدليل تعال إلينا، على اختيارك، لا تنام الليل، فكيف إذا دعاك خالق الأكوان، من بيده كل شيء،

﴿ أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (59) وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ (60) وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ (61)﴾

أي تغنون أينما ركبت، في طائرةٍ، أو سيارةٍ، أو باصٍ كبيرٍ، ما في غير الغناء، أبداً، والغناء ينبت النفاق، غير الغناء ما في، ومن استمع إلى صوت قينةٍ صب في أذنيه الآنك يوم القيامة، قيل وما الآنك قيل الرصاص المذاب، طبعاً، ليس منا من لم يتغنى بالقرآن .
فالناس نيام، الناس في غفلة، الناس تستهلكهم الحياة يستهلكون، نأكل، ونشرب، وننام، ونستيقظ، ونسهر، ونذهب ونسافر، ونقيم، ونأكل، ونشرب، إلى أن، بقلك في وجع بصدري يومين، ثلاثة عالمستشفى، شهرين ثلاثة تعلقت نعوته، وكلنا على هذا الطريق، أبداً، الموت لا ينسى أحداً، كل مخلوقٍ يموت، أنا أقول هذا الكلام، لا من أجل التخويف، ولكن ما في حدث أشدُ واقعيةً في حياة كل إنسان من الموت، ملوك تموت، أنبياء تموت، أغنياء تموت، فقراء يموتون، الموت ينهي كل شيء، ينهي قوة القوي وضعف الضعيف، وفقر الفقير، وغنى الغني، ووسامة الوسيم ودمامة الذميم، وصحة الصحيح، وسقم السقيم، ينهي كل شيء وياما ذهبت لبيوت لأعزي، ساكنيها بوفاة قريبهم، البيت حقه ثمانين مليون، وصاحب البيت في قبرٍ نصف متر بمترين، تحت الأرض تراب، بلاط ما في، إضاءة ما في، هذا مصير كل حي.
أيها الأخوة: مركز الثقل في هذه الآيات

﴿ أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (59) وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ (60) ﴾

هناك من يضحك من أمور الدين هناك من يسخر، هناك من يبتسم، هناك من يلقي طرفاً على أمور الدين، يلقي طرفة، يضحك، ولو عرف الحقيقة لبكى، وفي أشياء كثيرة.
 واحد ساكن ببيت مثلاً، ساكن ببيت اشتراه خلال ثلاثين سنة ورتبه، وأسسه، بتجي ورقة صغيرة، البناء في خطر، عليك أن تخلي البيت خلال أربع وعشرين ساعة، بضحك بعد منها، ما بيضحك قاعد بمكان جميل بيجي هاتف، المستودع احترق، في ثمانية عشرة مليون، كله احترق، بيضحك ؟ شوف خسارة مستودع، خسارة بيت خسارة وكالة، كنت وكيل شركة مبيعاتك كبيرة جداً، بهاتف أنه راجع فلان إن أردت أن تشتري بضاعتك، راجع فلان سحبنا الوكالة منك بيضحك ؟ انتهى، انتهى الضحك، خسارة مؤقته، خسارة جزئية خسارة تعوض، ينتهي الضحك كلياً .
أما أن تخسر الآخرة، الحياة الأبدية، وتضحك ! والله أيها الأخوة: في شيء واحد لا أفهمه أبداً بالحياة، إنسان بالستين، بالخمس وخمسين، بالخمسين، لا يصلي، إنسان بالستين، بالخمس وخمسين بالخمسين، يأكل المال الحرام، إنسان بالستين، بالخمس وخمسين يتابع كل المعاصي في بيته، جايب صحن مائتين محطة، وللساعة الخامسة بالليل، الخامسة الصبح، هذا كيف يتوازن مع ربه ؟ كيف ينام الليل ؟ لو أن ملك الموت جاءه فجأةً، يعني قبض، الصورة شوشة، صعد إلى السطح، رأى لص، يصرق الإبر، فتعارك معه فأرداه قتيلاً، صاحب البيت مات، شهيد هذا، أليس شهيد ؟ شهيد الآبرة،

﴿ أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (59) وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ (60) وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ (61)﴾

 يعني ماذا أعدت للقاء الله عز وجل ؟ هل أعدت صلاةً، صياماً صدقةً، غض بصرٍ، ضبط لسانٍ، بيتاً إسلامياً، دعوةً إلى الله عملاً صالحاً، تبنيت طالب علمٍ، أنفقت من مالك على الفقراء والمساكين، يا بشر لا صدقة ولا جهاد فبما تلقى الله إذاً، بما تلقى الله الذي أنعم عليك بنعمة الإيجاد، ونعمة الإمداد، ونعمة الهدى والرشاد يعني ملخص الدرس، قضية الدين، قضيةٌ خطيرةٌ، خطيرةٌ جداً، جداً، قضيةٌ مصيرية، يعني الإنسان أحياناً بكون في عنده قوائم أعمال، جدول بتنشأ مشكلة مفاجئة، بينسى كل هذه المشاغل، ويواجه هذه المشكلة، فإذا مشكلة في الدنيا تهدد صحتك لا سمح الله، ما بتنام الليل، إذا مشكلة تهدد مالك، ما بتنام الليل، إذا مشكلة تهدد بيتك أساسه غلط، يجب أن تخليه ما بتنام الليل، إذا شاري بيت بعقد وطلع عقد البيت مزور، ويلي باعك البيت مو له، كثير صارت دافع له ثلاثين مليون، وعامل عقود موثقة، طلع يلي بايعك البيت لا يملك البيت، لما الخبر بيصلك شو بتساوي ؟ هي عما أضرب أمثلة جزئية، أما حينما يكتشف الإنسان أنه خسر الآخرة، خسر الأبد

 

﴿الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾

 

(سورة الشورى: 45 )

﴿ أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (59) وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ (60) وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ (61)﴾

 تغنون تضحكون، تمرحون، هي حفلة، وهي أغنية، وهي أمسية، وهي ملهى، وهذا مسبح،

 

﴿ وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ (61) فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا (62)﴾

 الرد العملي، اسجد لله، واصطلح مع الله واعبده حتى يأتيك اليقين.

 

 

 بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، وأكرمنا ولا تهنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وأرض عنا، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم ..

تحميل النص

إخفاء الصور