وضع داكن
26-04-2024
Logo
الدرس : 3 - سورة الصف - تفسير الايات 10-12 ، الربح مع الله
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين:
أيها الأخوة الكرام:
الآية العاشرة والتي بعدها من سورة الصف وهي قوله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (11) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12)﴾

 أولاً: ربنا عز وجل خاطبنا بمصطلحات التجارة، التجارة أن يكون لك رأس مال، تشتري به بضاعة وتبيعها بسعر أعلى، فتربح أصل التجارة أن تربح.
لو أن إنساناً أسس عمل تجارياً مكاتب، ومستودعات ومستوردات، ودعاية، وموظفين، ولم يربح شيئاً، هذه التجارة لا قيمة لها، لأن أصل التجارة أن تربح.
فربنا عز وجل يدعوننا إلى أن نتاجر معه، تجار أهل الأرض إذا ربح 30% ، 40% ، 50، يعني في حالات نادرة جداً بالمائة مائة حالات بالحروب بالمائة ألف، هي حالات نادرة، كأن الله جل جلاله يدعوك إلى أن تتاجر معه بربح مليار بالمائة، مليار مليار بالمائة.

 

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ﴾

 أخوانا التجار يعلمون الربح مسعد، والخسارة مؤلمة جداً الربح مسعد، والخسارة مؤلمة جداً، فربنا عز وجل يقول تاجروا معي.

 

 

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ﴾

 طيب، هذه التجارة مع الله ما رأس مالها ؟ رأس مالها عمرك العمر رأس مالك، ورأس مالها فراغك، ورأس مالها صحتك، ورأس مالها أمنك.

 

 

﴿ ثم لتسألن يومئذ عن النعيم ﴾

 

( سورة التكاثر: 8 )

 العلماء قالوا النعيم الصحة، والنعيم الفراغ، والنعيم الأمن والنعيم الكفاية، يلي ربنا عز وجل أتم عليه نعمة الصحة، أتم عليه نعمة الفراغ، أتم عليه نعمة الأمن، ليس ملاحقاً، ليس في حقه مذكرة بحث، أتم عليه نعمة الأمن، ونعمة الفراغ، ونعمة الصحة، ونعمة الوقت، هذا رأس مالك، إذا وظفته في الحق كان الربح جنة عرضها السماوات والأرض، رأس مالك عمرك، العمر هو رأس المال، طبعاً مع العمر الصحة، مع الصحة الفراغ، مع الفراغ الأمن، مع الأمن الكفاية، العمر بما فيه من صحة، وفراغ، وأمن، وكفاية، هذا رأس مالك، إذا وظفته في الحق، يعني إذا أطعت الله في جوارحك وطلبت العلم، وعلمت العلم، وعملت الأعمال الصالحة، وجلست في مجالس العلم، وتليت القرآن، وفهمت القرآن، وعلمت القرآن، وكان لك باع في الدعوة إلى الله بشكل أو بآخر، أنت وظفت عمرك وصحتك، و فراغك، وكفايتك، وأمنك في العمل الصالح، الجنة هي الربح، لكن الجنة أبد، رأس مال محدود، رأس مال محدود جداً سنوات معدودة نقضيها في الدنيا، ثم يعقبها جنة إلى أبد الآبدين، فهذا هو الربح مع الله عز وجل.

 

﴿ لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد ﴾

 

( سورة ق: 35 )

﴿ إن المتقين في جنات ونهر، في مقعد صدق عند مليك مقتدر ﴾

( سورة القمر: 54 ـ 55 )

 الربح:

 

﴿ فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرءوا كتابيه، إني ظننت أني ملاق حسابيه، فهو في عيشة راضية، في جنة عالية قطوفها دانية، كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية ﴾

 

( سورة الحاقة: من 19 إلى 24 )

 هذا هو الربح.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ﴾

 فهذه التجارة لها شقين، شق سلبي وشق إيجابي، الشق السلبي أن تنجو من عذاب أليم، والشق الإيجابي أن تكون في جنات النعيم تنجو من عذاب أليم وتكون في جنات النعيم.

 

 

﴿ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ﴾

 يعني إيمان، واستقامة، وعمل صالح:

 

 

﴿ ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، الذين آمنوا وكانوا يتقون ﴾

 

( سورة يونس: 62 ـ 63 )

﴿ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (11)﴾

 طيب أي إنسان عزف عن الإيمان لضيق الوقت، ما لي فاضي وعزف عن العمل الصالح لتعلقه بالدنيا، خبي قرش الأبيض ليومك الأسود، عزف عن الإيمان لضيق الوقت، ما طلب العلم، وعزف عن العمل الصالح لحصره على الدنيا، وفر ماله، وفر وقته، هذا الإنسان في هذه الآية جاهل، من هو الذي يعلم هو الذي آمن بالله ورسوله وجاهد بأمواله وأنفسه في سبيل الله، هذا هو الذي يعلم.

 

﴿ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (11)﴾

 فإن لم تروا هذا خيراً، أنتم لا تعلمون معنى ذلك، إن كنتم ترون أن هذا ليس بخير، وليس هو العقل، والنجاح، والفلاح والتفوق، والفوز، فأنتم لا تعلمون، فأنت متى تعلم ؟ إذا تطابقت مقاييسك مع مقاييس القرآن، إذا تطابقت مقاييسي الفوز عندك مع مقاييس الفوز في القرآن، فأنت تعلم إذا رأيت أن التجارة مع الله رابحة، وأنت لا تعلم إذا رأيت أن إنفاق المال خسارة، وتهور وضياع للمال، إن رأيت طلب العلم مضيعة للوقت، يا أخي كل شيء حكوه نعرفه، حاجة بقى، ألتف لشغلك، والتفت لبيت، اعمل لك مشروع ترفه به، روح سافر، عمر فيلة، أعمل مسبح، شو بدك بوجع الراس، فإذا الإنسان عزف عن طلب العلم لضيق الوقت وعزف عن العمل الصالح لحرصه على الدنيا، فهو عند الله لا يعلم جاهل، لو معه دكتورا.

 

 

﴿ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (11)﴾

 إن كنتم تعلمون ترون هذا خير لكم، فإن رأيتم عكسه هو الخير فأنت لا تعلمون، فالعبرة أن تكون عالماً عند الله، لا أن تكون عالماً عند أهل الدنيا، أي إنسان درس، وجمع كتب، وألف صار دكتور، هذا عند الدنيا عالم، أما عند الله عز وجل ليس بعالم، هو جاهل.
الآن الشق الإيجابي:

 

 

﴿ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12)﴾

يا الله، الإله العظيم يقول لك ذلك الفوز العظيم، كلمة عظيم من العظيم شي عظيم.
 قال لك طفل أنا معي مبلغ كبير، عمره ثلاث سنوات، قال لك معي مبلغ كبير، شو تقدره ؟ خمس ليرات، عشر ليرات، خمسة وعشرين، مائة، أما إذا قال لك أحد أكبر أغنياء العالم أنا معي مبلغ ضخم جداً تقدره بأربع وعشرين ألف مليون، هذا صاحب ميكروسوفت، معه الآن ثلاثين مليون دولار، ثلاثين مليار شب عمره أربعين سنة، مو كبير كثير، فإذا قال لك أنا معي مبلغ ضخم، هو غني.
شوف العظيم، يقول لك:

 

 

﴿ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12)﴾

 خالق الكون العظيم يقول لك يا عبدي، هذا هو الفوز العظيم أن تؤمن بالله ورسوله، وأن تجاهد في سبيل الله، بمالك ونفسك.

 

 

﴿ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (11)﴾

 هذا أولاً:

 

 

﴿ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10)﴾

 السلبي.
الإيجابي:

 

 

﴿ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12)﴾

 هذه بالآخرة، بدنا شي على النار، على المقلاية، بدنا شي الآن، نحنا بالدنيا قاعدين.
قال:

 

 

﴿ وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ﴾

 وبالدنيا نصر، مو ذل، نصر، نصر في الدنيا، وجنة في الآخرة ومغفرة، ونجاة من عذاب أليم في الدنيا والآخرة، الثمن أن تؤمن بالله ورسوله وأن وتجاهد بمالك ونفسك، والثمن بمتناول كل واحد منا، ما بيقدر يأمن بالله؟ يقرأ القرآن ؟ يفكر بالأكوان ؟ يطلب العلم ؟ يقرأ السنة ؟ يحضر مجلس فقه ؟ ما بيقدر ؟ ما بيقدر يغض بصره ؟ يضبط لسانه ؟ ما يكذب ؟ ما يغتاب ؟ ينفق جزء من ماله صدقة ؟ ما بيقدر ؟ جنة إلى الأبد بثمن محدود.
إذا واحد قال لك بيت بالمالكي ثمنه مائة خمسين مليون بس ادفع ثمن مفتاحه 16 ليرة، لا ما بدي، بكون بده قصير، مائة وخمسين مليون، بس ثمن مفتاح ادفع، 16 ليرة، ما لي فاضي، ما عندي وقت.
هذه تجارة مع الله، الله عز وجل يردنا أن نربح عليه والثمن بمتناول أيديكم.

 

 

﴿ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (13)﴾

 السؤال الآن ماذا ننتظر ؟ ما الذي يمنعنا أن نتاجر مع الله ؟ ما الذي يمنعنا أن نطلب الجنة ؟ ما الذي يمنعنا أن نكون في مرضاة الله ؟ ما الذي يمنعنا أن نكون أصفياء الله عز وجل ؟ والثمن بين أيدينا، والواحد من الناس إذا كان له صلة مع مساعد في جهة قوية مساعد يمشي بالعرض، بقلك معي تلفونه، يمكن ما يلاقيه أحياناً و الله يطلب منك تكون معه، خالق الأكوان قال لك:

 

 

﴿ إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا﴾

 

( سورة مريم: 96 )

 مودة مع الله:

 

﴿ إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا ﴾

 قال:

 

 

﴿ يحبهم ويحبونه ﴾

 

( سورة المائدة: 45 )

 قال:

 

﴿ فإنك بأعيننا ﴾

 

( سورة الطور: 48 )

 ولك مؤمن من هذه الآية نصيب، أن تكون في عين الله، أن تكون في حفظ الله، في رعاية الله، في توفيق الله، يدافع الله عنك ينصرك على عدوك لن يجعل لكافر عليك سبيل، كل هذه العطاءات في الدنيا، والآخرة جنة، والثمن أن تعرفه، وأن تستقيم على أمره وأن تجاهد نفسك وهواك في سبيله.
 هذه آية اليوم تجارة، هي تجارة، يا ما تجار يشتغل ثمان سنوات في صفقة بعدين يخسر مائة ألف، ثماني سنوات، مراسلات وجلب بضاعة، وشحنها، وبيعها، ولم ثمنها، بقلك ما ربحنا منها معروض عليك تجارة بالمائة مليار، بالمائة مليار مليار، بالمائة رقم واحد والصفار للشمس، هذه تجارتك مع الله عز وجل، بس بدها أن تقيم الإسلام في بيتك، وفي عملك، يعني مجلس علم تلاوة قرآن عمل صالح، إنفاق المال، ضبط الجوارح، ضبط اللسان، إقامة الإسلام في البيت، في العمل، الشيء بمتناول بيد كل واحد منك.
 بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، وأكرمن ولا تهنا وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وأرض عنا، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم..

تحميل النص

إخفاء الصور